بَناتِ الشِعرِ بِالنَفَحاتِ جودي
بَناتِ الشِعرِ بِالنَفَحاتِ جودي / فَهَذا يَومُ شاعِرِكِ المُجيدِ
أَطِلّي وَاِسفِري وَدَعيهِ يُحيي / بِما توحينَ أَيّامَ الرَشيدِ
إِذا ما جَلَّ قَدرُكِ عَن هُبوطٍ / مُريهِ إِلى سَمائِكِ بِالصُعودِ
وَأَولي ذَلِكَ الفاني بَياناً / يَتيهُ بِهِ عَلى أَهلِ الخُلودِ
وَحُلّي عُقدَةً مِن أَصغَرَيهِ / يَلِن لِهُتافِهِ قاسي الحَديدِ
فَما أَنا واقِفٌ بِرُسومِ دارٍ / أُسائِلُها وَلا كَلِفٌ بِرودِ
وَلا مُستَنزِلٌ هِبَةً بِمَدحٍ / وَلا مُستَنجِزٌ حُرَّ الوُعودِ
وَلَكِنّي وَقَفتُ أَنوحُ نَوحاً / عَلى قَومي وَأَهتِفُ بِالنَشيدِ
وَأَدفَعُ عَنهُمُ بِشَبا يَراعٍ / يَصولُ بِكُلِّ قافِيَةٍ شَرودِ
بَناتُ الشِعرِ إِن هِيَ أَسعَدَتني / شَكَوتُ مِنَ العَميدِ إِلى العَميدِ
وَلَم أَجحَد عَوارِفَهُ وَلَكِن / رَأَيتُ المَنَّ داعِيَةَ الجُحودِ
أَذيقونا الرَجاءَ فَقَد ظَمِئنا / بِعَهدِ المُصلِحينَ إِلى الوُرودِ
وَمُنّوا بِالوُجودِ فَقَد جَهِلنا / بِفَضلِ وُجودِكُم مَعنى الوُجودِ
إِذا اِعلَولى الصِياحُ فَلا تَلُمنا / فَإِنَّ الناسَ في جُهدٍ جَهيدِ
عَلى قَدرِ الأَذى وَالظُلمِ يَعلو / صِياحُ المُشفِقينَ مِنَ المَزيدِ
جِراحٌ في النُفوسِ نَغَرنَ نَغراً / وَكُنَّ قَدِ اِندَمَلنَ عَلى صَديدِ
إِذا ما هاجَهُنَّ أَسىً جَديدٌ / هَتَكنَ سَرائِرَ القَلبِ الجَليدِ
إِلى مَن نَشتَكي عَنَتَ اللَيالي / إِلى العَبّاسِ أَم عَبدِ الحَميدِ
وَدونَ حِماهُما قامَت رِجالٌ / تُرَوِّعُنا بِأَصنافِ الوَعيدِ
فَما جِئنا نُطاوِلُكُم بِجاهٍ / يُطولُكُمُ وَلا رُكنٍ شَديدِ
وَلا بِتنا نُعاجِزُكُم بِعِلمٍ / يَبينُ بِهِ الغَوِيُّ مِنَ الرَشيدِ
وَلَكِنّا نُطالِبُكُم بِحَقٍّ / أَضَرَّ بِأَهلِهِ نَقضُ العُهودِ
رَمانا صاحِبُ التَقريرِ ظُلماً / بِكُفرانِ العَوارِفِ وَالكُنودِ
وَأَقسَمَ لا يُجيبُ لَنا نِداءً / وَلَو جِئنا بِقُرآنٍ مَجيدِ
وَبَشَّرَ أَهلَ مِصرٍ بِاِحتِلالٍ / يَدومُ عَلَيهِمُ أَبَدَ الأَبيدِ
وَأَنبَتَ في النُفوسِ لَكُم جَفاءً / تَعَهَّدَهُ بِمُنهَلِّ الصُدودِ
فَأَثمَرَ وَحشَةً بَلَغَت مَداها / وَزَكّاها بِأَربَعَةٍ شُهودِ
قَتيلُ الشَمسِ أَورَثَنا حَياةً / وَأَيقَظَ هاجِعَ القَومِ الرُقودِ
فَلَيتَ كُرومَراً قَد دامَ فينا / يُطَوِّقُ بِالسَلاسِلِ كُلَّ جَيدِ
وَيُتحِفُ مِصرَ آناً بَعدَ آنٍ / بِمَجلودٍ وَمَقتولٍ شَهيدِ
لِنَنزِعَ هَذِهِ الأَكفانَ عَنّا / وَنُبعَثَ في العَوالِمِ مِن جَديدِ
رَمى دارَ المَعارِفِ بِالرَزايا / وَجاءَ بِكُلِّ جَبّارٍ عَنيدِ
يُدِلُّ بِحَولِهِ وَيَتيهُ تيهاً / وَيَعبَثُ بِالنُهى عَبَثَ الوَليدِ
فَبَدَّدَ شَملَها وَأَدالَ مِنها / وَصاحَ بِها سَبيلُكِ أَن تَبيدي
هَبوا دَنلوبَ أَرحَبَكُم جَناناً / وَأَقدَرَكُم عَلى نَزعِ الحُقودِ
وَأَعلى مِن غِلادَستونَ رَأياً / وَأَحكَمَ مِن فَلاسِفَةِ الهُنودِ
فَإِنّا لا نُطيقُ لَهُ جِواراً / وَقَد أَودى بِنا أَو كادَ يودي
مَلِلنا طولَ صُحبَتِهُ وَمَلَّت / سَوابِقُنا مِنَ المَشيِ الوَئيدِ
بِحَمدِ اللَهِ مُلكُكُمُ كَبيرٌ / وَأَنتُم أَهلُ مَرحَمَةٍ وَجودِ
خُذوهُ فَأَمتِعوا شَعباً سِوانا / بِهَذا الفَضلِ وَالعِلمِ المُفيدِ
إِذا اِستَوزَرتَ فَاِستَوزِر عَلَينا / فَتىً كَالفَضلِ أَو كَاِبنِ العَميدِ
وَلا تُثقِل مَطاهُ بِمُستَشارٍ / يَحيدُ بِهِ عَنِ القَصدِ الحَميدِ
وَفي الشورى بِنا داءٌ عَهيدٌ / قَدِ اِستَعصى عَلى الطِبِّ العَهيدِ
شُيوخٌ كُلَّما هَمَّت بِأَمرٍ / زَأَرتُم دونَهُ زَأرَ الأُسودِ
لِحىً بَيضاءُ يَومَ الرَأيِ هانَت / عَلى حُمرِ المَلابِسِ وَالخُدودِ
أَتَرضى أَن يُقالَ وَأَنتَ حُرٌّ / بِأَنَّكَ قَينُ هاتيكَ القُيودِ
وَهَل في دارِ نَدوَتِكُم أُناسٌ / بِهَذا المَوتِ أَو هَذا الجُمودِ
فَنَحِّ غَضاضَةَ التاميزِ عَنّا / كَفانا سائِغُ النيلِ السَعيدِ
أَرى أَحداثَكُم مَلَكوا عَلَينا / بِمِصرَ مَوارِدَ العَيشِ الرَغيدِ
وَقَد ضِقنا بِهِم وَأَبيكَ ذَرعاً / وَضاقَ بِحَملِهِم ذَرعُ البَريدِ
أَكُلُّ مُوَظَّفٍ مِنكُم قَديرٌ / عَلى التَشريعِ في ظِلِّ العَميدِ
فَضَع حَدّاً لَهُم وَاُنظُر إِلَينا / إِذا أَنصَفتَنا نَظَرَ الوَدودِ
وَخَبِّرهُم وَأَنتَ بنا خَبيرٌ / بِأَنَّ الذُلَّ شِنشِنَةُ العَبيدِ
وَأَنَّ نُفوسَ هَذا الخَلقِ تَأبى / لِغَيرِ إِلَهِهاً ذُلَّ السُجودِ
وَوَلِّ أُمورَنا الأَخيارَ مِنّا / نَثِب بِهِمُ إِلى الشَأوِ البَعيدِ
وَأَشرِكنا مَعَ الأَخيارِ مِنكُم / إِذا جَلَسوا لِإيقامِ الحُدودِ
وَأَسعِدنا بِجامِعَةٍ وَشَيِّد / لَنا مِن مَجدِ دَولَتِكَ المَشيدِ
وَإِن أَنعَمتَ بِالإِصلاحِ فَاِبدَأ / بِتِلكَ فَإِنَّها بَيتُ القَصيدِ
وَفَرِّج أَزمَةَ الأَموالِ عَنّا / بِما أوتيتَ مِن رَأيٍ سَديدِ
وَسَل عَنها اليَهودَ وَلا تَسَلنا / فَقَد ضاقَت بِها حِيَلُ اليَهودِ
إِذا ما ناحَ في أَسوانَ باكٍ / سَمِعتَ أَنينَ شاكٍ في رَشيدِ
جَميعُ الناسِ في البَلوى سَواءٌ / بِأَدنى الثَغرِ أَو أَعلى الصَعيدِ
تَدارَك أُمَّةً بِالشَرقِ أَمسَت / عَلى الأَيّامِ عاثِرَةَ الجُدودِ
وَأَيِّد مِصرَ وَالسودانَ وَاِغنَم / ثَناءَ القَومِ مِن بيضٍ وَسودِ
وَما أَدري وَقَد زَوَّدتُ شِعري / وَظَنّي فيكَ بِالأَمَلِ الوَطيدِ
أَجِئتَ تَحوطُنا وَتَرُدُّ عَنّا / وَتَرفَعُنا إِلى أَوجِ السُعودِ
أَمِ اللُردُ الَّذي أَنحى عَلَينا / أَتى في ثَوبِ مُعتَمَدٍ جَديدِ