ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ
ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ / وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي
وللدّنيا تماطلُ بالرّزايا / مِطالَ الجُربِ للإبلِ الصِّحاحِ
تُسالمنِي ولِي فيها خَبِئ / أَغَضُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ
ويا لِمُلِمَّةٍ نَزَعتْ يميني / وَحَصَّتْ بالقوادِمِ مِنْ جَناحي
فُتِنْتَ بها ومنظرُها قبيحٌ / كما فُتِنَ المُتَيَّمُ بالملاحِ
أَلا قُلْ للأَخايرِ من قريشٍ / وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ
هَوى مِن بَينِكمْ جبلُ المعالِي / وعِرْنينُ والمكارِمِ والسَّماحِ
وَجبَّ اللَّهُ غارِبَكمْ فَكونوا / كَظالعةٍ تحيد عن المَراحِ
يُدَفِّعُها مُسوّقها المُعَنّى / وقَد شَحَطَ الكَلالُ عن البُرَاحِ
وَغضّوا اللّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ / فما لكُمُ العَشيَّة مِنْ طَماحِ
غُلِبْناهُ كَما غُلِبَ ابنُ ليلٍ / وقد سَئِمَ السُّهادَ على الصَّباحِ
فَقُلْ لِمَعاشرٍ رهبوا شَباتِي / وما تجني رماحِي أو صفاحِي
رِدُوا من حيثُما شِئتم جِمامِي / فإنّي اليومَ للأعداءِ ضاحِ
ورُومونِي وَلا تخشَوْا قِراعِي / فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ
وقودونِي فما أَنَا في يديكمْ / عَلى ما تَعهَدون من الجِماحِ
وَلا تَتنظَّروا منِّي اِرتِياحاً / فَقَد ذَهَب ابنُ موسى بِاِرتياحِي
فَللسّببِ الّذي يُشجِي اِلتِزامِي / وَلِلسّببِ الّذي يُسلِي اِطّراحي
لَوانِي ما لَوانِي عن مُرادِي / وحالَ الدّهرُ دونَ مَدَى اِقتراحِي
فلا دَوٌّ تَخُبُّ به رِكابي / ولا جَوٌّ تَهُبُّ به رِياحي
فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذّاً / يُنازعْنَ الأعنّةَ كالقِداحِ
ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نجيعاً / مِنَ الأعداءِ في يَومِ الكفاحِ
ومَنْ للحربِ يُوقِد في لَظاها / إِذا اِحتدَمَتْ أنابيبَ الرّماحِ
ومَنْ لِمُسَرْبَلٍ في القِدِّ عانٍ / على وَجَلٍ يُذادُ عن السَّراحِ
وَمَن للمالِ يَعْصِي فيه بَذْلاً / أساطيرَ العواذلِ واللّواحي
وَمَن لِمُسَوَّفٍ بالوعدِ يُلوى / وَمَطروحٍ عَنِ الجَدوى مُزاحِ
هِيَ الدّنيا تُجَمْجِمُ ثُمَّ تَأْتي / مِنَ الأمرِ المبرّحِ بالصِّراحِ
تُنيلُ عَطيّةً وتردُّ أخرى / وتَطوِي الجِدَّ في عينِ المزاحِ
فمنْ يُعدِي على أُمِّ الرّزايا / إذا جاءتْ بقاسيةِ الجِراحِ
سَلامُ اللّه تنقلُهُ اللّيالِي / ويُهديهِ الغُدوُّ إلى الرّواحِ
على جَدَثٍ تشبّث من لُؤَيٍّ / بِيَنبوعِ العِبادَةِ والصَّلاحِ
فَتىً لم يَرْوَ إلّا مِن حَلالٍ / وَلَم يكُ زادُهُ غير المُباحِ
وَلا دَنِسَتْ لَهُ أُزُرٌ بعارٍ / ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ
خَفيفُ الظّهرِ مِن حَمْلِ الخَطايا / وَعُريانُ الصّحيفةِ من جُناحِ
مَسوقٌ في الأمورِ إِلى هُداها / وَمَدْلولٌ على بابِ النّجاحِ
مِنَ القومِ الّذين لَهُمْ قلوبٌ / بِذِكرِ اللَّهِ عامرةُ النّواحي
بِأَجسامٍ منَ التّقوى مِراضٍ / لِمبصرها وأديانٍ صِحاحِ
بَنِي الآباءِ قوموا فَاِنْدُبوهُ / بِأَلِسنَةٍ بِما تُثْنِي فِصاحِ
وَإِنْ شِئتمْ لَه عَقْراً فشُلُّوا / نفوسَ ذوِي اللِّقاحِ عن اللِّقاحِ
أَصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ / وحاملُ كلِّ مُثقَلَةٍ رَداحِ
وَروّاكَ الغمامُ الجَونُ يسرِي / بطيءَ الخَطْوِ كالإبلِ الرِّزاحِ
تُرابٌ طابَ ساكنُهُ فباتتْ / تأرّجُ فيه أنفاسُ الرّياحِ
غَنِيٌّ أنْ تجاورَهُ الخُزامى / وتُوقد حوله سُرجُ الأقاحِي