تمنّى الرّكب وجهك و الصباحا
تمنّى الرّكب وجهك و الصباحا / فجنّ اللّيل من فجرين لاحا
وحنّ إلى ظلالك عبد شمس / يريح شجونه ظمأى طلاحا
حمى الله الكواكب من معدّ / وصانك بينها قمرا لياحا
و طمأن للجواري كلّ بحر / و بلّغها السعادة و النجاحا
بطاح القدس دنّسها مغير / فهل صانت كتائبنا البطاحا
و هل جبهت بحدّ السيف دعوى / كعرض القوم فاجرة وقاحا
و لم نغضب لها أيّام كانت / حمى نهبا و شعبا مستباحا
و لا صدّت سرايانا عدوا / و لا هاجت حمّيتنا كفاحا
و لا اهتزّت صوارمنا انتخاء / و لا صهلت صوافننا مراحا
نجابه باليهود دما و نارا / فنغضي لا إباء و لا طماحا
جلونا الفاتحين فلا غدوّا / نرى للفاتحين و لا رواحا
إذا انفصفت أسنّتنا وصلنا / بأيدينا الأسنّة الصفاحا
إذا خرس الفصيح فقد لقينا / من النيران ألسنة فصاحا
زماجر دكّت الطّغيان دكّا / و أخرست الزلازل و الرّياحا
و تعرف هذه الحصباء منّا / دما سكبا و هامات وراحا
و أشلاء مبعثرة تمنّت / على البيد الشقائق و الأقاحا
تتيه بها الرّمال و تصطفيها / من الفردوس ريحانا و راحا
يرفّ على خمائل غوطتيها / هوى بطل على الغمرات طاحا
فألمح في السّراب منى شهيد / تخيّل في الوغى الماء القراحا
فلا حرم الشهيد بروض عدن / على بردى غبوقا و اصطباحا
حمى دنيا أميّة أريحيّ / متين الأسر قد فرع الرّماحا
أبو حسّان إن طغت الرزايا / تحدّى الدّهر و القدر المتاحا
أشمّ الأنف أبلج سمهريّ / كأنّ على محيّاه صباحا
تمرّس بالخطوب فما شكاها / و لولا كبره لشكا وباحا
تذكّرت الشام أخاك سعدا / و من ذكر الحبيب فلا جناحا
أرقّ النّاس عاطفة و طبعا / و أعنفهم على الطّاغي جماحا
ينافح لا تروّعه المنايا / فإن شتم اللئيم فلا نفاحا
إذا بكت الشام أخاك سعدا / فقد بكت المروءة و السّماحا
زحمنا النجم منه على جناح / و فيّأنا مروءته و هوى صراحا
جراح في سريرتك اطمأنّت / لقد أكرمت بالصبر الجراحا
كأنّ الهمّ ضيفك فهو يلقى / على القسمات بشرا و ارتياحا
و قبلك ما رأت عيني هموما / مدلّلة و أحزانا ملاحا
و قد ترد الهموم على كريم / فترجع من صباحته صباحا
و يا دنيا أميّة لا تراعي / شبابك يغمر الرحب الفساحا
طلعت على العصور هدى و خيرا / غداة طلعت غزوا و اقتتاحا
و ما نبل الصّلاح على ضعيف / فبعض الذلّ تحسبه صلاحا
و علّمت الحضارة فهي فجر / على الأكوان ينساح انسياحا
و ربّ حضارة طهّرت و طابت / و ربّ حضارة ولدت سفاحا
و علّمت المروءة فهي عطر / من الفردوس يسكرنا نفاحا
و علّمت العروبة فهي عرض / لربك لن يهان و لن يباحا
أساح المجد حسبك لن تكوني / لغير شبابك المأمول ساحا
خذي ما شئت و اقترحي علينا / كرائم هذه الدنيا اقتراحا
أبا حسّان رفّ كريم ودّي / على نعماك فخرا و امتداحا
بلائي ما شهدت و ليس منّا / إذ عدّدتها غررا و ضاحا
إذا زحمتني الجلّى بروع / جمعت لها الإباء فلا براحا
و لو زحمت ثبيرا حين شدّت / عليّ لضجّ غاربه و زاحا
و أوجع من مصائبها خليل / أغار على المروءة و استباحا
يكتّم بغضه حقدا و جمرا / و يسمعني حنينا و التياحا
و يزعم كيده سرّا خفيّا / لقد جهر الزّمان به افتضاحا
تنكر و هو لو كشّفت عنه / أسفّ مجانة و هوى مزاحا
و ذلّ فلا نسمّيه عداء / و هان فلا نسمّيه نطاحا
و لو شئنا جزيناه و نرضي / شمائلنا فنوسعه سماحا
أتنكرني الشام و في فؤادي / تلقّيت الصوارم و الرماحا
إذا نسيت على الجلّى وفائي / فقد عذروا على الغدر الملاحا
و غنّيت الشام دما و ثأرا / فلا شكوى عرفت و لا نواحا
و أكرم عهدك الميمون شعري / فقلّده جواهري الصحاحا