المجموع : 3
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ / وتَنْهَزِمُ الكتائِبُ بالكتابِ
وتخشى نارَ حربِكَ وَهْيَ تَخْبُو / فكيف إِذا ارْتَمَتْ شَرَرُ الحِرابِ
ومذ جَرَّدْتَ عَزْمَكَ وَهْوَ سَيْفٌ / رَقَبْنَا ما يكونُ من الرقابِ
فما وَجَّهْتَهُ حتى حَكَمْنَا / هُنَالك بالغنيمةِ والإِيابِ
وَكَزْتَ حَشَا اللَّعِينِ بمُنْكِصَاتٍ / على الأَعقابِ من جِهَةِ العُقَاب
قطائِعُ تستهلُّ بها المنايا / فتحسَبُ أَنها قِطَعُ السَّحابِ
يصارِعُها العُبابُ فيعتليهِ / بأَهْوَلَ في العُبابِ من العُبابِ
إِذا انْعَطَفَتْ عليه أَو اسْتَقَامَتْ / فقُلْ لَعِبَ الحُبابُ على الحُبابِ
وعُرْبٌ ماجَ منها البَرُّ بحراً / أَليس البحرُ من صِفَةِ العِرابِ
إِذا أُهَبُ القتال تناقَلُوها / أَقَلُّوها أَخَفَّ من الإِهابِ
أَغِرْبَانَ الشّآمِ حَذَارِ شُؤْمًا / لكم مُسْتَوْطَنًا في الاغْتِرابِ
هَفَتْ بكمُ المُنَى فأَطَعْتُمُوهَا / على الأَمْواهِ من عَدَدِ التُّرابِ
فكان لكُمْ من التَّضْعِيفِ فَأْلٌ / على مقدارِ تضعيفِ الحِسابِ
وعند الطَّيْرِ في الرّاياتِ رأْيٌ / فما يخلو عُقابٌ من عِقابِ
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا / وكان سناه قد ولّى فآبا
وهزّ الملكُ عطفَيهِ بمَلْك / تقلّد أمره وكفى ونابا
ومذْ لبِسَتْ به الدنيا حِلاها / جلاها حُسنُها خَوْداً كَعابا
وما عطُلَتْ رِقابُ الدهرِ إلا / وحلاّها عقوداً لا سِخابا
فلو أنّ اللياليَ عُدْنَ غيداً / شجَتْ ليلى وتيّمتِ الرّبابا
وأحسبُ أن أنجُمَها كؤوسٌ / تكونُ لها مجرّتُها شرابا
ومَنْ للشمس أن تُكسى سَناه / فتُغشي الناظرينَ لها التهابا
ولو حيّا محيّاها بنورٍ / لما كان الظلامُ لها حِجابا
صباحٌ يملأُ الآفاقَ نوراً / يقيم إذا سنا الإصباحِ غابا
وغيثٌ بات يُردي المحلَ طوعاً / وليثٌ ينزِعُ المهجَ اغتصابا
وسعدٌ من بني سعدٍ تجلّى / وقد جعل الدروعَ لها سَحابا
ولم يُرَ قبلَهُ بحرٌ خضمٌّ / أفاضَ على معاطِفِه سَرابا
رسا طَوْداً وأسفرَ بدرَ تِمٍّ / وجادَ غمامةً وسَطا شِهابا
مَروضُ الحِلمِ طمّاح المواضي / إذا ساموهُ عفواً أو عقابا
وما صابَتْ سماءُ الحربِ إلا / سقى أبطالَها شرْياً وصابا
وكم زهِرَتْ رياضُ دمٍ تغنّى / ذُبابُ حُسامه فيها ذُبابا
يواصلُ شُرْبَ كأسِ البأسِ صِرْفاً / ويجتنبُ المُدامةَ والرّضابا
ويبتعدُ الأعارِب ناعماتٍ / ويستَدْني المُضمّرةَ العِرابا
وقالوا أطولُ الأبطالِ باعاً / فقلت نعمْ وأعلاهُم رِكابا
وأفصَحُهُم إذا نطقوا لساناً / وأفسَحُهُم إذا طُرِقوا جَنابا
وقد سمعوا رُقاهُ وجرّبوها / فلا ينسابُ كيدُهُمُ حُبابا
ولا يغْرُرْهُمُ عفوٌ لديه / فربّ عذوبةٍ نتِجَتْ عَذابا
سَلوا عنه بَني رُزّيكَ لما / أفادَ الحربَ منهم والحِرابا
وأقدَمَ نحوهُم أسَداً مُشيحاً / فولّوا بين أيديه ذئابا
فإن عمرَتْ جموعُهُمُ الفيافي / فقد تركوا رُبوعَهمُ خرابا
أهابَ بهم لسانُ الخوفِ حتى / أقامَهُمُ لراحتِه نهابا
ومنّتْهُم ظنونُهُم نجاةً / ورُبّ حجًى رأيَ خطأَ صوابا
فإن جعلوا الظلام لهم مطايا / فقد جعلَ النجومَ له رِكابا
فلا يهْنِ الذين نجوا هروبٌ / فلو آبوا لكان الملك يابى
ولو شاءَتْ صوارِمُهُ المواضي / أقامَتْ دونَهُم سوراً وبابا
ولم يُرسِلْ شفارَ ظُباه إلا / غدَتْ قُلَلُ الملوكِ لها جوابا
إذاً لأزارَهُم تيّارَ حربٍ / تكون له جماجِمُهُمْ حَبابا
وساقَ إليهمُ غرْباً ورُعْباً / يسمّيها الكتيبةَ والكتابا
وصدّعَ شعبَهُمْ بوميضِ عزمٍ / يروّي من دمائِهمُ الشِّعابا
وكم فتحٍ أبو الفتحِ اجتناهُ / بقُبٍّ في العُلى رفعَتْ قِبابا
ولما لم يجدْ رُزّيكُ عنه / الى غير الملاذِ به ذَهابا
أتاهُ ورهطُه في الهَوْنِ سعياً / وقد سُلِبوا الحميّةَ والثيابا
وقد قادوا الصواهلَ مُقرَباتٍ / فقُلْنَ لهم الى الذُلِّ اقترابا
وكم ملؤوا الدروعَ وليس تُغني / وقد مُلئَتْ قلوبُهُمُ ارتِعابا
وكم شاموا ظُباً بأكُفِّ غُلْبٍ / قضَتْ شؤماً عليهم أو غِلابا
وكم ركَزوا رماحَهُمُ كِناساً / وسمّوها وما صدَقوا غيابا
وخالوا أنّ راحَهمُ غمامٌ / فغادرَها مؤمِّلُهُم ضَبابا
فجازَهُمُ إليه المُلْكُ طوعاً / ومَنْ وصلَ الرؤوسَ جَفا الذُنابى
فحسّن رُتبةً قبُحَتْ لديهمْ / وكان التاجُ في الأرساغِ غابا
ليَهْنِ المُلكَ أن أمسى مَصوناً / عشيةَ راحَ عزُّهُمُ مُصابا
بأنّ الله أكرمَهُ بمَلْكٍ / أذلّ له الغطارفةَ الصِّعابا
جرى في عودِه ماءُ الشبابِ
جرى في عودِه ماءُ الشبابِ / وأسكرهُ الصِّبا قبل التّصابي
ويخطُر كالقضيبِ اهتزّ رِيّا / وجُرّ عليه ذيلٌ من سَحابِ
هتفْتُ به وبُرْدُ الليلِ بالٍ / ونجمُ الصُبحِ ورديُّ النِّقابِ
ومرّ بنا النسيمُ فرقّ حتى / كأني قد شكوْتُ إليه ما بي
ولفّ الليلُ شملتَهُ بحاءٍ / وبلّ الصُبْحُ أذيالَ الرّوابي