القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 3
لهذا اليوم في التأريخ ذكر
لهذا اليوم في التأريخ ذكر / به الآناف يفغمهنّ طيب
ويحسن في المسامع منه صوت / له تهتز بالطرب القلوب
ففي ذا اليوم نحن قدِ أحْتفَيْنا / بريحانيّنا وهو الأديب
فتىً كثُرت مناقبه فأضحى / له في كل مَكرُمة نصيب
نُجالس منه ذا خُلُق كريم / له بجليسه أثر عجيب
وأقسم لو يجالسه سفيهٌ / فواقاً لأغتدى وهو الأريب
كذاك يكون زهر الروض لمّا / تمرّ عليه ناسمةٌ تطيب
ولم يُنسب إلى الريحان إلاّ / وريحان الرياض له نسيب
له قلم به تحيا المعاني / كما يحيا من المطر الجديب
وتُشرق في سماء الشعر منه / كواكب ليس يدركها مغيب
لقد طارت بشهرته شَمال / كما طارت بشهرته جَنوب
وطبّق ِصيته الآفاق حتى / تعرفه القبائل والشعوب
فَدَيتك هل تُصيخُ فإن عندي / شَكاةً لا تصيخ لها الخطوب
إلى كم أستغيث ولا مغيث / وأدعو من أراه فلا يجيب
أقمت ببلدة مُلئت حُقوداً / عليّ فكل ما فيها مُريب
أمُرّ فتنظر الأبصار شَزراً / إليّ كأنما قد مرّ ذيب
وكم من أوجُه تُبدي ابتساماً / وفي طَيّ ابتسامتها قُطوب
سكنت الخان في بلدن كأني / أخو سفر تَقاذَفُه الدروب
وعشت معيشة الغرباء فيه / لأني اليوم في وطني غريب
وما هذا وأن آذى بدائي / ولا هو أمره أمرٌ عَصيب
ولكني أرى أبناء قومي / يدبّر أمرهم مَنِ لا يُصيب
يقدَّم فيهم الشِرّير دفعاً / لشِرَّته ويُحتقَر الأديب
فهذا الداء مُنتشِب بقلبيِ / وفي قلب العُلا منه وجيب
فكيف شفاؤه ومتى يُرجّى / وأين دواؤه ومَن الطبيب
وأن أكُ قد شكوت فما شَكاتي / إلى ذي خلّة شيء مَعيب
سأنصِب للهواجر حُرّ وجه / يعود إلى الشروق به الغروب
وأضرِب في البلاد بغير مكث / أجوب من المهامِهِ ما أجوب
إلى أن أستظلّ بظلّ قوم / حياة الحرّ عندهم تطيب
وإلاّ فالحياة أمَرّ شيء / وخير من مرارتها شَعوب
لعمرك أن قصر البحر قصرٌ
لعمرك أن قصر البحر قصرٌ / به يسلو مواطنه الغريب
وتمتلئ العيون به ابتهاجاً / إذا نظرت وتنشرح القلوب
تروق الناظرين بجانبيه / مناظر دونها العجب العجيب
فمن شمس يصافحها طلوع / ومن شمس يعانقها غروب
ومن سفن تجئ بها شمال / ومن سفن تروح بها جنوب
وأخرى حوله خمدت لظاها / وأخرى في الفؤاد بها لهيب
أطلّ على المياه فقابلته / بوجهٍ لا يمازده شحوب
يقبّل جانبيه البحر حتى / كأن البحر مشغوف كئيب
أحاط به فكان له رقيباً / ومغناه الأنيق له حبيب
وما هذا التموّج من هواءٍ / ولكن من هوىً فهو الوجيب
كأن الموج في الدأما رجال / وهذا القصر بينهم خطيب
تخاطبهم مبانيه فيعلو / من الأمواج تصفيق مهيب
قلمّ به المسرّات ازدياراً / فتعرفه وتجهله الكروب
وما انفردت به بيروت حسناً / ولكنّ القصور بها ضروب
تبسّمت البلاد بكلّ أرض / وما زال العراق به قطوب
فها هو من تكاسل قاطنيه / تجرّ عليه كلكلها الخطوب
إذا تدعو الرجال به لخيرٍ / يجيبك من تخاذلهم مجيب
فيا لهفي على بغداد أمست / من العمران ليس لها نصيب
سأبكي ثم استبكى عليها / إذا نضبت من العين الغروب
أيا بغداد لا جازتك سحبٌ / ولا حلّت بساحتك الجدوب
تطاول ساكنوك عليّ ظلماً / فضاق علي مغناك الرحيب
وكم نطقوا بألسنةٍ حدادٍ / يسيل لها من الأشداق حوب
رماني القوم بالالحاد جهلاً / وقالوا عنده شك مري
ألا يا قوم سوف يجد جدّي / وسوف يخيب منكم من يخيب
فمن ذا منكم قد شقّ قلبي / وهل كشفت لكم فيّ الغيوب
فعند اللّه لي معكم وقوف / إذا بلغت حناجرها القلوب
يقيني شرّ فريتكم يقيني / بأنّ الله مطّلع رقيب
ولم تخفر لكم عندي ذمام / ولكن عادة الريح الهبوب
أتى من مصر طلعتها بن حرب
أتى من مصر طلعتها بن حرب / فأهلاً بالمذلَل كل صعب
وأهلاً بالذي اتخذته مصر / لدفع ملمّة ولقرع خطب
هو الرجل الذي في مصر قامت / له همم تنفّس كل كَرب
تعهّد بالمساعي الغر مصراً / فبدّل جدب تربتها بخصب
أحبّ بلاده فسمعت منها / له شكر الحبيبة للمحبّ
لقد شاهدت مبتهجاً بعيني / له في مصر آثاراً كبارا
ففي الكُبرىَ له متحرّكات / تخلّد في البلاد له الفخارا
معامل مارست غزلاً ونسجاً / فأغنت في صناعتها الديارا
وفي الأسكندرية باخرات / له في البحر تبتدر السفارا
وأما بنك مصر فذاك أمر / به قد جلّ طلعة أن يباري
إذا ما مصر في المال استقلّت / فلا تخشى التأخّر في السياسه
فإن المال أكبر ما يرجى / به نيل السيادة والرياسه
إذا ما الشعب كان أسير فقر / فما تجدي السياسة والحماسة
أيصبح في سياسته طليقاً / أسير أوجب الفقر احتباسه
ولكن من سعى سعيَ ابن حرب / فقد نال السيادة بالكياسة
رجال النيل حُيّيتم رجالاً / بما للعرب فيكم من سمات
بكم طرب الفرات وقال جهراً / لوادي النيل إنك من لداتي
كلانا جاريان على سهول / بأبناء العروبة آهلات
كلانا في الأخاء لنا مواضٍ / ضّمِنّ لنا النجاح بكل آت
وتجمعنا جوامع كبريات / وأكبرهنّ سيّدة اللغات
لقد زرناكم قبلاً فكنُا / على نشز التجلّة والكرامه
فمن بيت يمدّ به سماط / ومن وجه تضيء به ابتسامه
وما هذا لعمر الحق منكم / ببدع بل لكم فيه استقامه
وما زرناكم لكبير ملك / ولكن للأخوّة والشهامه
ألا فلتحي مصر فنحن نرجو / لكم فيها السعادة والسلامه
وكم في مصر من بطل همام / يسير بها على خطوات سعد
وكم راقٍ بها في جوّ علم / ليستهدي بأنجمه ويهدي
وكم ساع لها بخطا ابن حرب / ليسعدها بما يغني ويجدي
ولكن ابن حرب في دجاها / كبدر الأفق حلّ ببرح سعد
فكيف تكون مصر في اِسار / وفيها اليوم من يحمي ويفدي
متى تنقاد للعرب الليالي / فتفتر عن نوازلها النوازي
وترجعهم إلى ما كان قبلاً / لهم من دولة ومن اعتزاز
فيمسوا في العراق على أتحاد / ومصر والشآم وفي الحجاز
هنالك يضحك المجد ابتهاجاً / ويمسي الحق منصلت الجراز
ألا فلتسعدن بفؤاد مصرٌ / كما بغداد قد سعدت بغازي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025