القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 7
تَأَمَّلْ هيئةَ الهَرَمَيْن وانظُرْ
تَأَمَّلْ هيئةَ الهَرَمَيْن وانظُرْ / وبينهما أبو الهولِ العجيبُ
كعُمّارَّيتَيْن على رحيلٍ / بمحبوبين بينهما رقيب
وماءُ النيلِ تحتَهما دموعٌ / وصوتُ الريحِ عندهما نَحيب
وظاهِرُ سجنِ يوسفَ مثلُ صَبٍّ / تَخلَّف فَهو محزونٌ كئيب
وبيضاء العَوارِض قابلتْها
وبيضاء العَوارِض قابلتْها / شَبيهتُها السَّميةُ من مَشيِبي
فظَلَّت لا تَرُدّ الطَّرْفَ عنْها / تلاحظُها ملاحظةَ المُريب
وقالتْ لي أَشِبتَ فقلتُ كلا / ولكنْ هذِه زَبَدُ الخُطوب
وهَجْرُك آكَدُ الأسبابِ فيها / فمُوجِبها ذنُوبك لا ذنوبِي
فقالت لي هجرتُك لا لعيبٍ / فكيف على الكثير منَ العيوب
عَسى يُدْنيكَ يا بلدي إيابُ
عَسى يُدْنيكَ يا بلدي إيابُ / وهَبْ ذا تَمَّ لي أين الشبابُ
لَحَا اللهُ النَّوَى فأخفُّ شيءٍ / يُكابِده الفتى منها عَذاب
أُحادِثُ فيك أحداثَ الليالي / حديثاً طالَ أكثُره عِتاب
وقد كانتْ إذا اعتذرتْ أَجابتْ / فزال العذرُ وانقطع الجواب
وبي أسفٌ له في كل عضوٍ / وأَخْفَى شَعْرةٍ مني شِهاب
عَدِمتُك والشبابَ فلو دَهَتْني / مُصيبةُ واحدٍ سَهُل المُصاب
فمالي منكما أبدا بَديلٌ / ولا بلدٌ يَنوبُ ولا خِضاب
ولكنْ بالشّباب الغضِّ شَيْبٌ / أُكابِدُه وبالوطنِ اغْتِراب
ومن صَحِب الليالي ذاقَ منها / ضُروبا ضِمنْها ضَرَبٌ وصاب
وشَرْقيَّ المَحجَّةِ لي غَزالٌ / تُحجِّبه الصَّوارمُ والحِراب
بذلتُ له دمي من بعد مالي / وقَصْدي منه في العِوض الرُّضاب
وحولَ القُبَّة العَلْياء قومي / جُذامُ وحَسْبُك الأُسْد الغِضاب
بَراثُنها الأَسِنَّةُ والمَواضِي / ولكنْ حولَها للسُّمْرِ غَاب
إذا طَلبتْ دمي لم تَرْضَ فيه / إذا اخْتصرَتْ بمن حَمَل التراب
فلو فَزِع الحمامُ لَهوْلِ شيءٍ / لأَفْزَعه لها ظُفُر وناب
وحسبك بالنَّوَى مني بعادا / فهَلاّ في الكَرَى منكِ اقْتراب
وهَبْكِ فررتِ خوفَ العَيْبِ يَقْظَى / فهل في زَوْرةٍ للطيفِ عاب
وفي الإسكندرية لي فُؤادٌ / له في مِصْرَ جُثْمانٌ خراب
يَدِيُنك طاعةً سرا وجهرا / وليس له على عملٍ ثَواب
بذاك الثغرِ أَضْحَكني زمانٌ / بُكاىَ عليه نَوْحٌ وانْتِحاب
سَقى تلك المعاهدَ كلُّ عهدٍ / تَفيض على الهِضاب له هِضاب
مَضتْ لي في جَزيرتها لَيالٍ / لآَلٍ هنّ لو قِيل الصَّواب
فلو نُظِمت قَلائدَ للغواني / لَماَ رَضِيتْ عن الدُّرِّ الرقاب
كأنّ البدرَ فيها عينُ ماءٍ / لها من فائض النورِ انْسِكاب
تُضىء بها المساجدُ فهي تَزْهُو / بياضا مثل ما تزهو الكَعاب
تُجاورها مَنارتُها وفيها / وفي فانوسِها عَجَبَ عُجاب
فتاةٌ غادةٌ بإزاءِ شيخٍ / قصيرٍ طالَ بينهما العتاب
سَقى اللهُ السَّوارىَ بالسَّوارى / ودَرَّت في مَذاهِبِها الذِّهاب
فكم عيدٍ بها أَهْدَى وأَدْنَى / حبيباً كانَ أَبْعَده اجْتِناب
وفي البابِ القديمِ قديمُ عهدٍ / يُذَكِّرنيِه للنُّزَهِ الذّهاب
وسيفُ خليجِها كالسيفِ حَدّاً / وفي أَرجِ الرياحِ له اضطراب
يَمُدُ مُدىً تُلَّقب بالمجَارِي / وليس لمُدْيَةٍ منْها قِراب
وإيقاعُ الضفادعِ فيه عالٍ / وللدولاب زَمْرٌ وَاصْطِخاب
وَتكسوه الرّياحُ دروعَ حرْبٍ / ولا طعنٌ هناك ولا ضِراب
وترقُص في جوانِبه غصونٌ / كرقصٍ الغِيد مادَ بها الشّراب
وتشدو بينَها الأطيارُ شَدْوا / رَخيما للقلوبِ به انْجِذاب
وكم لي بالكنيسة من كِناسٍ / به رَشَأُ جَلَتْه لنا القِباب
وكم لي بالمجاَلسِ من جلوسٍ / تحفُّ به الأَحبةُ والصِّحاب
وبحرُ المِلحْ مثل الفحلِ يَرْغُو / ويُزْبِد حين يُقْلِقه الهِباب
وتحسب سفنه صفةً ولونا / فُيولا حينَ يرفعُها العُباب
وأذكُر قصرَ فارسَ والمعلَّى / ففيِه لكلِّ موعظةٍ مَناب
وَهي من بعد قوته فأضْحَى / كما بَركتْ على الغبراءِ نابُ
وأفَنتْ مُلْكَ ساكِنه الليالي / وكم فاضتْ بعسكرِه الشِّعاب
فأصبحَ دِمْنةً تَغْدُو السَّوافى / عليه وقَصْرُه قَفرٌ يَباب
تَنوح الهاتفاتُ على ذُراه / وتُعْشِبُ في أسافِله الرِّحاب
ففي تلك الشَّقائقِ منه شاقتْ / شَقائقُ شُقِّقَتْ منها الثياب
تراءتْ من كَمائِمِه فكانتْ / كحُمْر اللاّذِ أَبْدَتْها العِياب
تُحَرّكها الصَّبا فتَخالُ فيها / بحارَ دمٍ يُموِّجها انْصِبابُ
كأنّ الْخَمْرةَ الحَمْراء رَاقتْ / وأوراقُ الشَّقيقِ لها قِعاب
وتحسَب فحمةً في كل ساقٍ / أحاط سِوَى اليسيرِ بها الْتهاب
كأنَّ الأقحوانَ به ثغور / مُفلَّجةٌ مُؤشَّرةٌ عِذاب
وقد بَهَرتْ دنانيرٌ دَعَوْها / بَهارا كَنْزُها ذاكَ الحَباب
فظهْرُ الظاهِريِة لي مُقام / تَخُبُّ بنا إلى دَدِه الرِّكاب
ولا سِيَمَا إذا كُسِيت رُباها / ملابسَ كان يَرْقُمها السحاب
وكم يومٍ لنا بالرملِ فيه / حديثٌ مثل ما نثُر السحاب
حديثٌ كاسمِه فينا حديثٌ / كما يَسْقِى أَخا ظمأٍ ثِغاب
جلسْنا والرمالُ لنا َحشايا / وأوراقُ الكُرومِ لنا حِجاب
على الكُثْبان أضكْثِبة سِمانٌ / وفي الأغْصان أغصانٌ رِطاب
به القَصْران كالرِّجْلين لاحا / على بُعْدٍ يُقِلُّهما السَّراب
أقاما صاحبَين مع الليالي / ولم يَنْعَب ببيْنِهما الغراب
ولكنْ سوف يفترقان قسْرا / وهل يبقَى مع الدهرِ اصطحاب
أَإخواني بذاك الثَّغْرِ عندي / لكم وُدٌّ يَروق فلا يُشاب
رسَا تحتَ الثَّرَى وعلى الثُّرَيّا / فدُونَ ثَباتِه الشُّمُّ الصِّلاب
أُؤمِّلُ أن تُقرِّبنا الليالي / وآيَسُ حين يُعجِزني الطِّلاب
وكم سببٍ تَوجَّه ثم تأتِي / عوائقُ ما ألمَّ بها الحساب
وكم سلمتُ للأٌقدارِ لكنْ / جِبِلَّةُ كلِّ مَنْ نُكِب اكتئاب
سأَدعو الله معْ سَرَف المَعاصِي / فقد تدعو العُصاة وقد تُجاب
على تلك الدِّيارِ ومَنْ حَوَتّها / سلامٌ كالسلامةِ يُسْتَطاب
يُكرِّره لساني بل كتابي / بلِ الأيامُ إنْ دَرَس الكتاب
هلالٌ في قضيبٍ في كَثيبِ
هلالٌ في قضيبٍ في كَثيبِ / لواحِظُ طَرْفِه شَرَكُ القلوبِ
أعفُّ عن الكبائر فيه جُهدي / وأسمح بالصغير من الذنوب
وأرشُفُ منه ثَغْرا كالأَقاحِي / وأَلزَم منه قَدّا كالقَضيب
وأُبصر شمس غُرَّته إذا ما / تَراءتْ بين أَفْلاكِ الجُيوب
فآمَنُ باللقاءِ من التَّنائي / وأظفرَ بالحديث بلا رقيب
كما أمِن الأَنامُ بأرض مصرٍ / بشاهِنْشاهَ من أَلمِ الخُطوب
هو الملكُ الذي لولا نَداهُ / لَمَا رَقَّ الزمانُ على أديب
أروضٌ جاءني لك أم كتابُ
أروضٌ جاءني لك أم كتابُ / أدُرٌّ ما تَضمَّن أم عِتاب
مَعانٍ تُطرِب الفُصَحاءَ حُسْنا / وألفاظ مهذَّبة عِذاب
حروفٌ لو تأمَّلَهن شيخٌ / كبيرُ السِّنِّ عاد له الشَّباب
بياضٌ من وجوهِ البِيضِ فيه / سوادٌ من شعورِهُم يُذاب
وتَرْتشِف المَسامعُ منه لفظا / شَهِيًّا مثلَ ما رُشِف الرُّضاب
كزَهْرِ الروضِ باكرَه نسيمٌ / يُفتِّح منه ما سَقَتِ السَّحاب
طَربتُ لعلم مُودَعِه سُرورا / كما فعلَتْ بنَشْوانٍ شَراب
أُحاول أنْ أجاوِبَه ولكنْ / قُصورِي عن إجابِته جَواب
وكيف ولم يُبَقِّ الشوقُ مني / سوى قلبٍ يُقلِّبه اكتئاب
يُهمّ بأنْ يَذودَ الهمَّ عنه / وقد ظَفِرت به ظُفُر وناب
ورُوحٌ لا يُروِّحها نِزاعٌ / ونفسٌ لا يُنفِّسها عَذاب
ولم تَنْعَم بقُرْبِك غيرُ عيني / وحلَّ بسائرِ الجسم العَذاب
كقولِ أخيِ مُمارسةٍ وفَهْمٍ / يروقك في مقالته الصواب
وجرم جرة سفهاء قومٍ / فحَلَّ بغير جانِيه العذاب
عسى يُبْلَى العذولُ ببعضِ ما بي
عسى يُبْلَى العذولُ ببعضِ ما بي / فيَعْذُرَ أو يُقَصِّرَ عن عِتابي
ويَعْلَقَ قلبَه طمعٌ ويأسٌ / على حالَىْ بِعادٍ واقْتراب
ويَعدوُ الشوقُ منه على التَّسلِّى / كما يعدو النُّصولُ على الخِضاب
نعم وأبيه لو ماسَتْ لديه / غصونُ الأيْكِ في وَرَق الشَّباب
وصار خَفىُّ سِرِّ الوَعْد غَمْزا / إليه بالجفون من النِّقاب
وأَبْصَرَ كيف تُتْحِفه الليالي / بأوقاتِ الخَلاعة والتَّصابي
ومختِلس الوصال بغير وعدٍ / لصَبٍّ بعدَ صَدٍّ واجْتناب
وألفاظَ التنصُّلِ حين تبدو / بلطفٍ في مُذاكرِة العتاب
وَرَشْفَ أَقاحِيِ الثَّغْرِ المُنَدَّى / مُنَوَّرُه بمعسولِ الرُّضاب
وَضَمّا بات يَلْثَمه التزاما / وَتَأباه النهودُ من الكَعاب
لَكانَ مُساعِدى ورأى مَلامى / من الخطأ البعيدِ من الصواب
وَأَيْقَنَ أَنّ لَوْمَ الصَّبِّ لُؤْمٌ / وعذب العيشِ في ذاك العذاب
سأُركِض في الهوى خيلَ التَّصابِي / وَأُعمِل في غَوايَتِه رِكابي
وَأرشُفُ سُؤْرَ حَظِّى من شبابٍ / يَجِلُّ عن التَّعوُّضِ والإياب
فعَشْرُ الأربعين إذا بَدا لي / تأهبَتِ الشَّبيبةُ للذهاب
ولو ذهبتْ لنِلْتُ أجَلَّ منها / لكَوْني تحتَ ظِلِّ أبى تُراب
فتىً جَمع الفضائلَ فهْى فيه / كما كانت فذلك في الحساب
شَرَى طِيبَ الثَّناء بكل سعرٍ / وسار إلى العُلَى من كل باب
فقد نال المحاَمد والمعالى / بِجِد واجْتهادٍ واكتساب
له بالسيف والقلم افتخارٌ / تَعاظمَ في الكَتيبة وَالكِتاب
فيُغِنى خَطُّه يوم العَطايا / ويُفنى سيفُه يومَ الضِّراب
له كفٌ تُعيد ندىً وتُبدى / فتُزْرِى بالبحار وبالسحاب
يُفِيض بها النُّضار لكل عافٍ / كَفَيْضِ البحر يَزْخَر بالعُباب
لقد جَلَّت أياديه وجالتْ / مُقلِّدةَ الصَّنائعِ في الرِّقاب
إذا يَممت حَيْدرةً لفضلٍ / فدُونَك ما تُريد بلا حجاب
يُفيدك جودُه مالا وجاها / ويَشْرُف عن مِطال وارتقاب
تكاد تنال ما تبغيه منه / من المطلوب من قبلِ الطِّلاب
تُباهي فضلُه في كل فعلٍ / شريفٍ للجميل وللثواب
لقد عَظَمَت لآلِ أبى شجاع / محاسنُ في العِيانِ وفي الخِطاب
وجوهٌ للجمال على عَفافٍ / وفعلٌ للجَميل بلا اعْتِجاب
عَلاكم مُلْكُ شاهِنْشاهَ حتى / لكم من فضله شرفُ انْتِساب
فلا زالت منائحه عليكم / تَوالَى بين سَحٍّ وانسكاب
فأنتم بين ذي شكرٍ ومدحٍ / يذِيعُ وذي دعاءٍ مستجاب
هي الدنيا فلا يَحْزُنْك منها
هي الدنيا فلا يَحْزُنْك منها / ولا من أهلها سَفَهٌ وعابُ
أتطلبُ جيفةً وتنال منها / وتنكرُ أنْ تُهارشَك الكلاب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025