القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : السَّرِي الرَّفّاء الكل
المجموع : 8
أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا
أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا / وأعتِبُ كي تُنازِعنَي العِتابا
وأبعُدُ خِيفَةَ الواشين عنها / لكي أزدادَ في الحبِّ اقترابا
وتأبى عبرتي إلا انسكابا / وتأبى لوعتي إلا التهابا
مرَرْنا بالعقيقِ فكم عقيقٍ / ترقرقَ في محاجرِنا فذابا
ومن مغنىً جعلنا الشوقَ فيه / سؤالاً والدموعَ له جوابا
وفي الكِلَلِ التي غابتْ شموسٌ / إذا شَهِدَتْ ظلامَ الليلِ غابا
حملْتُ لهنَّ أعباءَ التصابي / ولم أَحمِلْ من السُّلوانِ عابا
ولو بَعُدَتْ قِبابُكَ قابَ قوسٍ / من الواشينَ حَيَّينا القِبابا
نَصُدُّ عن العُذَيب وقد رأينا / على ظَمإ ثناياكَ العِذابا
تثِّني البرقِ يُذكِرُني الثَّنايا / على أثناءِ دجلةَ والشِّعابا
فأياماً عَهِدْتُ بها التَّصابي / وأوطاناً صَحِبْتُ بها الشَّبابا
ولستُ أرى الإقامةَ في مَقامٍ / يضُمُّ غرائبَ الحَمْدِ اغترابا
وقد شغلَ النَّدى الألبابَ فيه / فباتتْ تَنظِمُ الكَلِمَ اللُّبابا
رياضٌ كلما سُقِيَتْ سَحاباً / بسَيفِ الدولةِ انتظرَت سَحابا
رحيبُ الصَّدرِ يُنزِلُ آمليهِ / من الأملاكِ أوسعَها رِحابا
ومنشئُ عارضٍ يُذكي التهاباً / على الآماقِ أو يَهمي انسكابا
يُلاقي الرَّاغبين ندَى يديه / برَغبَتِه وإن كانوا رِغابا
إذا انتهبَتْ صوارمُه بلاداً / أعادَتْه مكارمُه نِهابا
ربيبُ الحربِ إن جرَّ العوالي / إلى الهيجاءِ راعَ بها ورابا
تودَّدَها حديثَ السِّنِّ حتى / أشابَ شَواتَها طعناً وشابا
يَعُدُّ حياضَ غَمْرتها عِذاباً / إذا ما عدَّها قومٌ عَذابا
أأبناءَ الصليبِ تواعَدَتْكم / قواضبُ تَنثُرُ الهامَ اقتضابا
إذا طارَتْ مُرفرفةً عليه / عِقابُ الجيش فانتظروا العِقابا
وإن حسرَ الضريبُ مُلاءتَيْه / عن الدَّربين فارتقبوا الضِّرابا
فقد عاق الشتاءُ الحَيْنَ عنكم / وعنه الحربَ فيه والحِرابا
سيُرضي اللهَ ذو سخَطٍ عليكم / يقودُ إليكم الأُسْدَ الغِضابا
تقلَّبَ في بلادِ الرومِ حتى / أمالَ عروشَهم فيها انقلابا
كأنَّ الجوَّ لما انقضَّ فيها / أطالَ عليهم منه شِهابا
فلم يَثْنِ القَنا الخَطِّيَّ حتى / أقادَ بكل ما كَعَبَ كَعَابا
ويومَ البَرقَموشِ كأنّ برقاً / تألَّقَ بالحُتوفِ له فصَابا
سموتَ له وبحرُ الموتِ سامٍ / فلما عبَّ فَرَّجْتَ العُبابا
بِذَبٍّ عن حريمِ الله أربَى / فلم تُتركْ لذي شُطَبٍ ذُبابا
سَلِمْتَ لبيضةِ الإسلامِ ترمي / مراميَها انصلاتاً وانتدابا
وعادَ عليكَ عيدُك ما توارى / جبينُ الشمسِ أو خَرَقَ الحِجابا
وخُذْها كالتهابِ الحَلْيِ تُغْنِي / عن المِصباحِ في اللَّيلِ التِهابا
مُشَعْشَعَةً كأنَّ الطَّبعَ أَجرى / على صَفَحاتِها الذَّهبَ المُذابا
يَكُرُّ لها العَيِيُّ الفكرِ حَوْلاً / ويكبو دونَ غايتِها انكبابا
كذاكَ العَيرُ إمَّا احُتثَّ يوماً / ليدخُلَ في غُبار الطِّرْفِ خابا
أكانَ لقلبِه عنكَ انقلابُ
أكانَ لقلبِه عنكَ انقلابُ / أمالَ به إلى الغَيِّ العتابُ
أشأنُ دموعِهِ إلا انسكابٌ / أذابَ ضلوعَه إلا التهابُ
يُجابُ الشَّوقُ فيك إذا دعاه / ويُمتَهَنُ العذولُ فلا يُجابُ
ورفَّعْتَ القِبابَ ضُحىً فقُلنا / أَزُهْرٌ ما تضمَّنَتِ القِبابُ
ظعائنُ أشرقَتْ بالدمعِ عيني / وقد شَرِقَتْ بها تلك الشِّعابُ
محاسنُها لأعيُننا نِهابٌ / وأنفسُنا لأعيُنِها نِهابُ
نَشيمُ لها بوارِقَ جاوزَتْنا / كما يجتازُ شائمَه السَّحابُ
أَآنسةَ الدُّمى لولا التثِّني / ونافرةَ المَهى لولا السِّخابُ
صفا لك وُدُّنا من كلِّ شَوبٍ / وأحلى الودِّ ودٌّ لا يُشابُ
ومن عَجبٍ ثَناي على رُضابٍ / تَضِنُّ به ثناياكِ العِذابُ
أجَدَّ وقوفُنا بالدارِ شوقاً / إليكِ وجِدَّةُ الشَّوقِ اكتئابُ
وحنَّت في رُباكِ العِيسُ حتى / كأنَّ طُلولَهُنَّ لَها سِقابُ
سأُبرزُها سَوافرَ لا يُواري / محاسِنَها إذا برزَتْ نِقابُ
مُكرَّرَةً على راووقِ فِكرٍ / مُروَّقَةً كما راقَ الشَّرابُ
محبَّبةً لها في كلِّ قلبٍ / وإن بُعدَتْ مناسبُها اقترابُ
هي الكَلِمُ اللُّبابُ صَفاً وحُسْنَاً / وسيفُ الدَّولةِ الملكُ اللُّبابُ
َلأُدني من غرائِبها إليه / وكان لهنّ في الأرضِ اغتِرابُ
فها هي لا تَزَحْزَحُ عن ذَراه / ولا ترجو سواه ولا تَهابُ
هو الليثُ الذي إن يَحْمِ أرضاً / فكلُّ فِجاجِ تلك الأَرضِ غابُ
مُهنَّدُه إذا ما زارَ ظِفرٌ / وعاملُه إذا ما صاب نابُ
وأينَ الليثُ من طَلْقِ المُحيَّا / يجُدُّ ثوابُه ويَني العقابُ
وسَهْلٍ حينَ يسألُ غيرِ صَعْبٍ / وقد ذلَّتْ له العُربُ الصِّعابُ
له في كلِّ أُنمُلَةٍ سَحابٌ / يَسُحُّ وكلِّ جارحةٍ شِهابُ
وحظُّ عُداتِه ومُؤَمِّليه / حَرائبُه النفائسُ والحِرابُ
وقد خضعتْ له كَعْبٌ وخافَت / سَطاه حينَ خوَّفَها كِلابُ
وريعَتْ مصرُ إذ وثب العِفَرْنى / بحَدِّ السَّيفِ وانسابَ الحُباب
وآفاقُ البلادِ له جميعاً / تراخَى العزمُ أو جدَّ الطِّلابُ
خلالٌ يحرُسُ العلياءَ منها / سَماحٌ أو طِعانٌ أو ضِرابُ
إذا دعَتِ الملوكُ إليه يوماً / فإذعانُ الملوكِ له جَوابُ
مقامُكَ حيثُ تتَّصلُ المعالي / وذِكرُكَ حيثُ ينقطعُ التُّرابُ
فداؤُكَ يا ابنَ عبدِ اللهِ قَومٌ / يمينُكَ لُجَّةٌ وهم سَرابُ
إذا عُدَّتْ جبالُكَ من عديٍّ / تطأطأَتِ الرُّبا لك والهِضابُ
ملوكٌ ذُلَّلَت بهمُ رقابٌ / كما عزَّت بعزِّهِمُ رقابُ
عِذابُ القَولِ إن قالوا أصابوا / غِزارُ الجودِ إن جادوا أطابوا
إذا نَزَلوا فأقمارٌ بليلٍ / وإن ركبوا فآسادٌ غِضابُ
هو الحسبُ الذي لا رَيبَ فيه / وهل في الصُّبحِ ما وضحَ ارتيابُ
لئن سارَ الرّشكابُ بحُرِّ مَدحي / فقد سارت بجَدواك الرِّكابُ
ولي في ساحَتْيكَ غديرُ نُعمى / صفا مَتناه واطَّرَدَ الحُبابُ
وظِلٌّ لا يُمازِجُه هَجيرٌ / وشَمسٌ لا يُكدِّرُها ضَبابُ
وأيامٌ حَسُنَّ لديَّ حتى / تساوى الشِّيبُ فيها والشَّبابُ
فإن تُلحِقْ ثوابَك بي ثياباً / فأيسرُ ما تجودُ به الثِّيابُ
إذا احتفلَ النَّدِيُّ فأنتَ أَرْيٌ / وإن حَمِيَ الحديدُ فأنتَ صابُ
وإن خفي الصوابُ على ملوكٍ / فإنَّ جميعَ ما تأتي الصَّوابُ
يُريكَ قوامَها الغصنُ الرطيبُ
يُريكَ قوامَها الغصنُ الرطيبُ / ولحظَ جفونِها الرشأُ الربيبُ
غَداةَ بَدا لها خدٌّ أسيلٌ / يُنَمنِمُ وشيَه كفٌّ خَضيبُ
وأدناها من الصبِّ التنائي / كذاكَ الشمسُ يُدنيها الغروبُ
فمن خدٍّ تخدِّدُه دموعٌ / ومن قلبٍ يُقلِّبُهُ حبيبُ
بظبيٍ في الخيامِ له مُرادٌ / وبدرٍ في الخدورِ له مَغيبُ
فكم بَعُدَ الرقيبُ فأسعفَتْني / صروفُ الدهرِ إذ بَعُدَ الرقيبُ
بصبحٍ من محاسِنِه تجلَّى / وليلٍ من ذوائِبه يذوبُ
رويدَك أيُّها القلبُ المُعَّنى / وقَصركَ أيُّها الدمعُ السّكوبُ
تناءى الجودُ حتى ليس يدنو / وغابَ البِشرُ حتى ما يَؤوبُ
وأُخِّرَ حاذقٌ في الشِّعرِ طِبٌّ / وقُدِّمَ سارقٌ فيه مُرِيبُ
كبعضِ الصيَّدِ يُرزَقُ منه مُخطٍ / ويُحرَمُ خيرَه الرامي المصيبُ
سأُغرِبُ في الثناءِ على ابنِ فهدٍ / فما هو في الورى إلا غريبُ
تألَّقَ والخطوبُ لها ظَلامٌ / فأسفرَ والظَّلامُ له قُطوبُ
وقد قَرِحَتْ على الجُودِ المآقي / وقد شُقَّتْ على الشِّعْرِ الجُيوبُ
حُلِيٌّ من حِلَى الآدابِ يُغْني / بحِليَتهِ وشيمَتهِ الأديبُ
إذا شيمَتْ بوارقُه استهلَّت / سماءٌ من مواهبِه تصوَّبُ
سَمَتْ بأبي الفوارس في المعالي / ضرائبُ ما له فيها ضريبُ
فَمِنْ حَزمٍ تَدينُ له الليالي / وَمِنْ رأيٍ تَدِينُ به الغُيوبُ
وزادَ الأَزْدَ مأثَرةً فأمسَى / لها من كلِّ مكرُمَةٍ نَصيبُ
مَنحْتَ وليَّكَ النِّعَمَ اللواتي / كفَتْه كلَّ نائبةٍ تنوبُ
وبُيِّنَ رَحْبُ صدرِكَ من خلالٍ / يَضيقُ بوسْعِها الصَّدرُ الرَّحيبُ
فلما راقَ ناظِرَةَ الليالي / شبابُ الأُنسِ عاجلَه المَشيبُ
متى يَثني إليه عِنانَ بِشْرٍ / فتَثْني عنه أوجُهَها الخطوبُ
فقد نشرَ الثَّناءَ عليك منه / خطيبٌ ليس يُشْبِهُه خَطيبُ
فسيَّرَ منه وَشْياً ليسَ يَبْلى / وأطلعَ منه شَمْساً لا تَغيبُ
وقد غرسَتْ يمينُك منه غَرْساً / فصُنْهُ أن يُلِمَّ به شُحوبُ
أَيقرُبُ منك ذو نَسَبٍ بعيدٍ / ويبعُدُ مَنْ له نَسَبٌ قريبُ
ومَدْحٍ فوَّقَتْه لك المعالي / فجاء كأنه بُردٌ قَشيبُ
إذا ما صافحَ الأسماعَ يوماً / تبسَّمَتِ الضَّمائرُ والقلوبُ
فمن حُسْنِ الصنائعِ فيه حُسْنٌ / ومن طيبِ المحامدِ فيه طيبُ
وليسَ يَفوحُ زَهرُ الرَّوضٍ حتى / تفتِّحَهُ شَمالٌ أو حَنوبُ
تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ
تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ / وأحسنَ للعواذلِ في الخِطابِ
وسارَ جَنِيبَ غُصْنٍ غيرِ رَطْبٍ / وكان جنيبَ أغصانٍ رِطابِ
خَلَتْ منه ميادينُ التَّصابي / وعُرِّيَ منه أفراسُ الشَّبابِ
وزهَّدَه خِضابُ الناسِ لمَّا / تولَّى عنه في زُورِ الخِضابِ
وردَّ كؤوسَه في الحَلْي تُجلَى / وكان يَردُّها عُطْلَ الرِّقابِ
وأيقنَ أنه ظِفرُ اللَّيالي / تبيَّنَ في شَبا ظفْرٍ ونابِ
وإن غادرْتَ مِصباحاً ضئيلاً / فقد ساوَرْنَ أثقبَ من شِهابِ
رأيتُ رِداءَه عِبثاً عليه / وسهلَ طريقِه حَزْنَ الشِّعابِ
كأن لم يُغْنِ فتيانَ العوالي / بنَجدَتِه وفتيانَ التَّصابي
ولم يَعْدِلْ صفاءَ العيشِ فيهم / وبعضُهُمُ قَذاةٌ في شَرابِ
ورُبَّ مُعصْفراتِ القُمْصِ طافَتْ / عليه بها مُعَصفرةُ النِّقابِ
وألفاظٍ له عَذُبَتْ فأغَنتْ / غِناءَ الرَّاحِ بالنُّطَفِ العِذابِ
يكرِّرُها على راووقِ فِكْرٍ / فيبعُثها كرَقراقِ السّرابِ
وخَرْقٍ طال فيه السَّيرُ حتى / حَسِبناه يسيرُ مع الرِّكابِ
صَحِبْنا فيه تَرْحاتِ التَّنائي / على ثِقَةٍ بِفَرْحاتِ الإيابِ
إلى الخِرقِ الذي يَلْقى الأماني / رحيبَ الصَّدْرِ منه والرِّحابِ
لقد أضحَتْ خِلالُ أبي حُصَيْنٍ / حصوناً في المُلِمَّاتِ الصِّعابِ
كساني ظِلَّ نائِلِه وآوى / غرائبَ مَنطِقي بعدَ اغترابِ
فكنتُ كروضَةٍ سُقِيت سَحاباً / فأَثنتْ بالنَّسيمِ على السَّحابِ
عطاءٌ يَستَهِلُّ البِشرُ فيه / فيبعثُه انسكاباً في التهابِ
كما ساَرتْ مؤلَّفَةُ الهَوادي / بلَمْعِ البرقِ مُذهَبَةَ الرَّبابِ
تَجرَّدَ للجِهادِ فكان عَضباً / حديدَ الحَدِّ فيه غيرَ نابِي
ينازلُ مُصلَتاً من كلِّ أوبٍ / ويدخُلُ مُعلَماً من كلِّ بابِ
وأشيبَ عاينَ العلياءَ طِفْلاً / فقارعَ قبل تقريعِ العِتابِ
وحرَّمَ مِسْمَعَيْهِ على المَلاهي / وهُدَّابَ الإزارِ على التُّرابِ
يروعُكَ وهو مصقولُ السَّجايا / إذا ما هَزَّ مصقولَ الذُّبابِ
وقد شَغَلتْ كعوبُ الرمحِ منه / يَديهِ عن مُلامَسَةِ الكِعابِ
وخفَّ عليه ثِقْلُ الدِّرعِ حتى / كأنَّ دروعَه سَرَقُ الثِّيابِ
وكم خرَقَ الحِجابَ إلى مَقامٍ / توارَى الشَّمسُ فيه بالحِجابِ
إذا شُنَّتْ به الغاراتُ كانت / نفوسُ المُعلَمينَ من النِّهابِ
كأنَّ سيوفَه بينَ العوالي / جداولُ يطَّرِدْنَ خِلالَ غابِ
وخَيْلٍ قادَها في جنْح ليلٍ / تَطيرُ بِوَطْئِها نارَ الضِّرابِ
إذا مرَقَتْ من الظَّلماءِ أذكَتْ / على المُرَّاقِ ثائرةَ العَذابِ
وقِرْنٍ شامَ صفحتَه فعادَى / صفيحةَ سيفِه عندَ الضِّرابِ
وقد وضحَتْ سطورُ البيضِ فيه / كما وَضَحتْ سطورٌ في كِتابِ
مناقبُ تملأُ الحُسَّادَ غَيْظاً / وتُغْني الطَّالبينَ عن الطِّلابِ
وحُكمٌ يَفْرُقُ الأعداءُ منه / كأنك فيه فاروقُ الصَّحَابي
يَوَدُّكَ فيه مَنْ تَقضي عليه / لشافي الحُكمِ أو كافي الصَّوابِ
إليكَ زَففتُها عذراءَ تأوي / حِجابَ القلبِ لا حُجُبَ النِّقابِ
أذَبْتُ لِصَوْغِها ذَهَبَ القوافي / فأَدَّتْ رونقَ الذَّهَبِ المُذابِ
تهاداها الملوكُ كما تَهادَتْ / أكفُّ البيضِ منظومَ السَّخابِ
تروقُك وهي ناجمةُ المعاني / كما راقَتْكَ نَاجِمةُ الحَبابِ
هيَ الدنيا وزينتُها الشَّبابُ
هيَ الدنيا وزينتُها الشَّبابُ / وفي اللذَّاتِ بعدَهما ارتيابُ
فلا تذهَبْ بك الأطماعُ واذهِبْ / كؤوسكَ لي فقد حانَ الذَّهابُ
نَزَلْنا منزِلاً من سُرَّمَرَّي / به اللذّاتُ صافيةٌ عِذابُ
حديثٌ كابتسامِ الرَّوْضِ جادَتْ / عليه بفيضِ أدْمُعِها السَّحابُ
وأقداحٌ تَفُوتُ المِسكَ طيباً / ويَكمَدُ عندَها الذَّهَبُ المُذابُ
إذا ما الرَّاحُ والأُترُجُّ لاحا / لعينِك قلتَ أيُّهما الشَّرابُ
سَلِ المِلْحِيَّ كيف رأى عِقابي
سَلِ المِلْحِيَّ كيف رأى عِقابي / وكيف وقد أبى رأيَ الصَّوابِ
رقاني الهاشميُّ فسَلَّ ضِغْني / وأغمدَ عنه نائبتي ونابي
وقال أخو المودَّةِ والتصابي / وعونُ أخي الصبابةِ والتَّصابي
وشَيخٌ طابَ أخلاقاً فأضحَى / أحبَّ إلى الشَّبابِ من الشَّبابِ
له دارٌ إذا استخفيتَ فيها / خَفِيتَ فلم تَنَلْكَ يَدُ الطِّلابِ
طرقناه وقِنديلُ الثريَّا / يَحُطُّ وفارسُ الظَّلْماءِ كابي
فرحَّبَ واستمالَ وقال حُطَّتْ / رحالُكُمُ بأفنيةٍ رِحابِ
وحضَّ على المُناهدةِ النَّدَامى / بألفاظٍ مهذَّبةٍ عِذابِ
وقال تيمَّموا الأبوابَ منها / فكلٌّ جاء من تِلقاءِ بابِ
فهذا قالَ ريحانٌ ونَقْلٌ / وثَلْجٌ مثلُ رَقرَقَةِ السَّرابِ
وهذا قال قِدرٌ من طَعامٍ / وهذا قال دَنٌّ من شَرابِ
وسَمْحُ القومِ من سَمَحَتْ يَداه / بخدِّ غَريرةٍ بكْرٍ كَعابِ
فتمَّ لهم بذلك يومُ لَهْوٍ / غريبِ الحُسْنِ عذْبٍ مُستطابِ
إذا العِبْءُ الثقيلُ توزَّعَتْهُ / رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ
سَلَوْتُ محمَّداً لمَّا تَمادى
سَلَوْتُ محمَّداً لمَّا تَمادى / به الهِجرانُ وانقطَع العِتابُ
وقد يُنسَى الربيعُ إذا تَولَّتْ / لَيَاليَهُ وقد يُسْلى الشّبابُ
شَوَىً أثوابُهُ قُشُبُ
شَوَىً أثوابُهُ قُشُبُ / ومَدٌّ شأنُه عَجَبُ
ترى الأمواجَ تسكُنُ في / غَواربِه وتضطربُ
كسِرْبِ الوحشِ يبعُدُ في / تناطُحِه ويَقتربُ
ويومٌ يُؤثِرُ اللَّذَّا / تِ فيه من له أدَبُ
وشمسٌ من وراء الدَّجْ / نِ تُسفِرُ ثم تنتقب
ومجلِسُنا على شَرَفٍ / بحُجْبِ الغيمِ مُحتَجِبُ
علا فالبرقُ يَبسِمُ دو / نَه والرعدُ يَنتحبُ
فَمِنْ شرقِّيهِ لَهَبٌ / ومن غربيِّهِ صَخَبُ
وبين يديه زاهرةٌ / إلى الأنواءِ تَنتسبُ
لها من كل مُرْتَجِسٍ / يَمُرُّ بها أبٌ حَدِبُ
يَميلُ بها قضيبُ البا / نِ أحياناً وينتصِبُ
وقد رُفِعَتْ لنا سُودٌ / نجومُ سَمَائِها الحَبَبُ
تَجيشُ بما افاءَ الطِّرْ / فُ والمجنونةُ النُّجُبُ
وترطُنُ مثلَ ما جَعَلتْ / نساءُ الزِّنج تصطَخِبُ
وأحدَقْنا بأزهرَ خا / فقاتٌ فوقَه العَذَبُ
يُواصلُ في اسمه فِعلَ ال / مُقرَّبِ ثم يُجتَنَبُ
فما يَنفكُّ من سَبَجٍ / يعودُ كأنه ذَهَبُ
وإخوانُ الصَّفاءِ إليْ / كَ مشتاقٌ ومُكتَئِبُ
وذكرُكَ بَيْنَهُمْ أزكى / من الرَّيحانِ إن شَرِبوا
وقد وافاك مَوْكِبُهُم / فكنْ حرّاً كما يَجِبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025