المجموع : 8
أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا
أجانبُها حِذاراً لا اجتِنَابا / وأعتِبُ كي تُنازِعنَي العِتابا
وأبعُدُ خِيفَةَ الواشين عنها / لكي أزدادَ في الحبِّ اقترابا
وتأبى عبرتي إلا انسكابا / وتأبى لوعتي إلا التهابا
مرَرْنا بالعقيقِ فكم عقيقٍ / ترقرقَ في محاجرِنا فذابا
ومن مغنىً جعلنا الشوقَ فيه / سؤالاً والدموعَ له جوابا
وفي الكِلَلِ التي غابتْ شموسٌ / إذا شَهِدَتْ ظلامَ الليلِ غابا
حملْتُ لهنَّ أعباءَ التصابي / ولم أَحمِلْ من السُّلوانِ عابا
ولو بَعُدَتْ قِبابُكَ قابَ قوسٍ / من الواشينَ حَيَّينا القِبابا
نَصُدُّ عن العُذَيب وقد رأينا / على ظَمإ ثناياكَ العِذابا
تثِّني البرقِ يُذكِرُني الثَّنايا / على أثناءِ دجلةَ والشِّعابا
فأياماً عَهِدْتُ بها التَّصابي / وأوطاناً صَحِبْتُ بها الشَّبابا
ولستُ أرى الإقامةَ في مَقامٍ / يضُمُّ غرائبَ الحَمْدِ اغترابا
وقد شغلَ النَّدى الألبابَ فيه / فباتتْ تَنظِمُ الكَلِمَ اللُّبابا
رياضٌ كلما سُقِيَتْ سَحاباً / بسَيفِ الدولةِ انتظرَت سَحابا
رحيبُ الصَّدرِ يُنزِلُ آمليهِ / من الأملاكِ أوسعَها رِحابا
ومنشئُ عارضٍ يُذكي التهاباً / على الآماقِ أو يَهمي انسكابا
يُلاقي الرَّاغبين ندَى يديه / برَغبَتِه وإن كانوا رِغابا
إذا انتهبَتْ صوارمُه بلاداً / أعادَتْه مكارمُه نِهابا
ربيبُ الحربِ إن جرَّ العوالي / إلى الهيجاءِ راعَ بها ورابا
تودَّدَها حديثَ السِّنِّ حتى / أشابَ شَواتَها طعناً وشابا
يَعُدُّ حياضَ غَمْرتها عِذاباً / إذا ما عدَّها قومٌ عَذابا
أأبناءَ الصليبِ تواعَدَتْكم / قواضبُ تَنثُرُ الهامَ اقتضابا
إذا طارَتْ مُرفرفةً عليه / عِقابُ الجيش فانتظروا العِقابا
وإن حسرَ الضريبُ مُلاءتَيْه / عن الدَّربين فارتقبوا الضِّرابا
فقد عاق الشتاءُ الحَيْنَ عنكم / وعنه الحربَ فيه والحِرابا
سيُرضي اللهَ ذو سخَطٍ عليكم / يقودُ إليكم الأُسْدَ الغِضابا
تقلَّبَ في بلادِ الرومِ حتى / أمالَ عروشَهم فيها انقلابا
كأنَّ الجوَّ لما انقضَّ فيها / أطالَ عليهم منه شِهابا
فلم يَثْنِ القَنا الخَطِّيَّ حتى / أقادَ بكل ما كَعَبَ كَعَابا
ويومَ البَرقَموشِ كأنّ برقاً / تألَّقَ بالحُتوفِ له فصَابا
سموتَ له وبحرُ الموتِ سامٍ / فلما عبَّ فَرَّجْتَ العُبابا
بِذَبٍّ عن حريمِ الله أربَى / فلم تُتركْ لذي شُطَبٍ ذُبابا
سَلِمْتَ لبيضةِ الإسلامِ ترمي / مراميَها انصلاتاً وانتدابا
وعادَ عليكَ عيدُك ما توارى / جبينُ الشمسِ أو خَرَقَ الحِجابا
وخُذْها كالتهابِ الحَلْيِ تُغْنِي / عن المِصباحِ في اللَّيلِ التِهابا
مُشَعْشَعَةً كأنَّ الطَّبعَ أَجرى / على صَفَحاتِها الذَّهبَ المُذابا
يَكُرُّ لها العَيِيُّ الفكرِ حَوْلاً / ويكبو دونَ غايتِها انكبابا
كذاكَ العَيرُ إمَّا احُتثَّ يوماً / ليدخُلَ في غُبار الطِّرْفِ خابا
أكانَ لقلبِه عنكَ انقلابُ
أكانَ لقلبِه عنكَ انقلابُ / أمالَ به إلى الغَيِّ العتابُ
أشأنُ دموعِهِ إلا انسكابٌ / أذابَ ضلوعَه إلا التهابُ
يُجابُ الشَّوقُ فيك إذا دعاه / ويُمتَهَنُ العذولُ فلا يُجابُ
ورفَّعْتَ القِبابَ ضُحىً فقُلنا / أَزُهْرٌ ما تضمَّنَتِ القِبابُ
ظعائنُ أشرقَتْ بالدمعِ عيني / وقد شَرِقَتْ بها تلك الشِّعابُ
محاسنُها لأعيُننا نِهابٌ / وأنفسُنا لأعيُنِها نِهابُ
نَشيمُ لها بوارِقَ جاوزَتْنا / كما يجتازُ شائمَه السَّحابُ
أَآنسةَ الدُّمى لولا التثِّني / ونافرةَ المَهى لولا السِّخابُ
صفا لك وُدُّنا من كلِّ شَوبٍ / وأحلى الودِّ ودٌّ لا يُشابُ
ومن عَجبٍ ثَناي على رُضابٍ / تَضِنُّ به ثناياكِ العِذابُ
أجَدَّ وقوفُنا بالدارِ شوقاً / إليكِ وجِدَّةُ الشَّوقِ اكتئابُ
وحنَّت في رُباكِ العِيسُ حتى / كأنَّ طُلولَهُنَّ لَها سِقابُ
سأُبرزُها سَوافرَ لا يُواري / محاسِنَها إذا برزَتْ نِقابُ
مُكرَّرَةً على راووقِ فِكرٍ / مُروَّقَةً كما راقَ الشَّرابُ
محبَّبةً لها في كلِّ قلبٍ / وإن بُعدَتْ مناسبُها اقترابُ
هي الكَلِمُ اللُّبابُ صَفاً وحُسْنَاً / وسيفُ الدَّولةِ الملكُ اللُّبابُ
َلأُدني من غرائِبها إليه / وكان لهنّ في الأرضِ اغتِرابُ
فها هي لا تَزَحْزَحُ عن ذَراه / ولا ترجو سواه ولا تَهابُ
هو الليثُ الذي إن يَحْمِ أرضاً / فكلُّ فِجاجِ تلك الأَرضِ غابُ
مُهنَّدُه إذا ما زارَ ظِفرٌ / وعاملُه إذا ما صاب نابُ
وأينَ الليثُ من طَلْقِ المُحيَّا / يجُدُّ ثوابُه ويَني العقابُ
وسَهْلٍ حينَ يسألُ غيرِ صَعْبٍ / وقد ذلَّتْ له العُربُ الصِّعابُ
له في كلِّ أُنمُلَةٍ سَحابٌ / يَسُحُّ وكلِّ جارحةٍ شِهابُ
وحظُّ عُداتِه ومُؤَمِّليه / حَرائبُه النفائسُ والحِرابُ
وقد خضعتْ له كَعْبٌ وخافَت / سَطاه حينَ خوَّفَها كِلابُ
وريعَتْ مصرُ إذ وثب العِفَرْنى / بحَدِّ السَّيفِ وانسابَ الحُباب
وآفاقُ البلادِ له جميعاً / تراخَى العزمُ أو جدَّ الطِّلابُ
خلالٌ يحرُسُ العلياءَ منها / سَماحٌ أو طِعانٌ أو ضِرابُ
إذا دعَتِ الملوكُ إليه يوماً / فإذعانُ الملوكِ له جَوابُ
مقامُكَ حيثُ تتَّصلُ المعالي / وذِكرُكَ حيثُ ينقطعُ التُّرابُ
فداؤُكَ يا ابنَ عبدِ اللهِ قَومٌ / يمينُكَ لُجَّةٌ وهم سَرابُ
إذا عُدَّتْ جبالُكَ من عديٍّ / تطأطأَتِ الرُّبا لك والهِضابُ
ملوكٌ ذُلَّلَت بهمُ رقابٌ / كما عزَّت بعزِّهِمُ رقابُ
عِذابُ القَولِ إن قالوا أصابوا / غِزارُ الجودِ إن جادوا أطابوا
إذا نَزَلوا فأقمارٌ بليلٍ / وإن ركبوا فآسادٌ غِضابُ
هو الحسبُ الذي لا رَيبَ فيه / وهل في الصُّبحِ ما وضحَ ارتيابُ
لئن سارَ الرّشكابُ بحُرِّ مَدحي / فقد سارت بجَدواك الرِّكابُ
ولي في ساحَتْيكَ غديرُ نُعمى / صفا مَتناه واطَّرَدَ الحُبابُ
وظِلٌّ لا يُمازِجُه هَجيرٌ / وشَمسٌ لا يُكدِّرُها ضَبابُ
وأيامٌ حَسُنَّ لديَّ حتى / تساوى الشِّيبُ فيها والشَّبابُ
فإن تُلحِقْ ثوابَك بي ثياباً / فأيسرُ ما تجودُ به الثِّيابُ
إذا احتفلَ النَّدِيُّ فأنتَ أَرْيٌ / وإن حَمِيَ الحديدُ فأنتَ صابُ
وإن خفي الصوابُ على ملوكٍ / فإنَّ جميعَ ما تأتي الصَّوابُ
يُريكَ قوامَها الغصنُ الرطيبُ
يُريكَ قوامَها الغصنُ الرطيبُ / ولحظَ جفونِها الرشأُ الربيبُ
غَداةَ بَدا لها خدٌّ أسيلٌ / يُنَمنِمُ وشيَه كفٌّ خَضيبُ
وأدناها من الصبِّ التنائي / كذاكَ الشمسُ يُدنيها الغروبُ
فمن خدٍّ تخدِّدُه دموعٌ / ومن قلبٍ يُقلِّبُهُ حبيبُ
بظبيٍ في الخيامِ له مُرادٌ / وبدرٍ في الخدورِ له مَغيبُ
فكم بَعُدَ الرقيبُ فأسعفَتْني / صروفُ الدهرِ إذ بَعُدَ الرقيبُ
بصبحٍ من محاسِنِه تجلَّى / وليلٍ من ذوائِبه يذوبُ
رويدَك أيُّها القلبُ المُعَّنى / وقَصركَ أيُّها الدمعُ السّكوبُ
تناءى الجودُ حتى ليس يدنو / وغابَ البِشرُ حتى ما يَؤوبُ
وأُخِّرَ حاذقٌ في الشِّعرِ طِبٌّ / وقُدِّمَ سارقٌ فيه مُرِيبُ
كبعضِ الصيَّدِ يُرزَقُ منه مُخطٍ / ويُحرَمُ خيرَه الرامي المصيبُ
سأُغرِبُ في الثناءِ على ابنِ فهدٍ / فما هو في الورى إلا غريبُ
تألَّقَ والخطوبُ لها ظَلامٌ / فأسفرَ والظَّلامُ له قُطوبُ
وقد قَرِحَتْ على الجُودِ المآقي / وقد شُقَّتْ على الشِّعْرِ الجُيوبُ
حُلِيٌّ من حِلَى الآدابِ يُغْني / بحِليَتهِ وشيمَتهِ الأديبُ
إذا شيمَتْ بوارقُه استهلَّت / سماءٌ من مواهبِه تصوَّبُ
سَمَتْ بأبي الفوارس في المعالي / ضرائبُ ما له فيها ضريبُ
فَمِنْ حَزمٍ تَدينُ له الليالي / وَمِنْ رأيٍ تَدِينُ به الغُيوبُ
وزادَ الأَزْدَ مأثَرةً فأمسَى / لها من كلِّ مكرُمَةٍ نَصيبُ
مَنحْتَ وليَّكَ النِّعَمَ اللواتي / كفَتْه كلَّ نائبةٍ تنوبُ
وبُيِّنَ رَحْبُ صدرِكَ من خلالٍ / يَضيقُ بوسْعِها الصَّدرُ الرَّحيبُ
فلما راقَ ناظِرَةَ الليالي / شبابُ الأُنسِ عاجلَه المَشيبُ
متى يَثني إليه عِنانَ بِشْرٍ / فتَثْني عنه أوجُهَها الخطوبُ
فقد نشرَ الثَّناءَ عليك منه / خطيبٌ ليس يُشْبِهُه خَطيبُ
فسيَّرَ منه وَشْياً ليسَ يَبْلى / وأطلعَ منه شَمْساً لا تَغيبُ
وقد غرسَتْ يمينُك منه غَرْساً / فصُنْهُ أن يُلِمَّ به شُحوبُ
أَيقرُبُ منك ذو نَسَبٍ بعيدٍ / ويبعُدُ مَنْ له نَسَبٌ قريبُ
ومَدْحٍ فوَّقَتْه لك المعالي / فجاء كأنه بُردٌ قَشيبُ
إذا ما صافحَ الأسماعَ يوماً / تبسَّمَتِ الضَّمائرُ والقلوبُ
فمن حُسْنِ الصنائعِ فيه حُسْنٌ / ومن طيبِ المحامدِ فيه طيبُ
وليسَ يَفوحُ زَهرُ الرَّوضٍ حتى / تفتِّحَهُ شَمالٌ أو حَنوبُ
تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ
تَناهى فاطمأَنَّ إلى العِتابِ / وأحسنَ للعواذلِ في الخِطابِ
وسارَ جَنِيبَ غُصْنٍ غيرِ رَطْبٍ / وكان جنيبَ أغصانٍ رِطابِ
خَلَتْ منه ميادينُ التَّصابي / وعُرِّيَ منه أفراسُ الشَّبابِ
وزهَّدَه خِضابُ الناسِ لمَّا / تولَّى عنه في زُورِ الخِضابِ
وردَّ كؤوسَه في الحَلْي تُجلَى / وكان يَردُّها عُطْلَ الرِّقابِ
وأيقنَ أنه ظِفرُ اللَّيالي / تبيَّنَ في شَبا ظفْرٍ ونابِ
وإن غادرْتَ مِصباحاً ضئيلاً / فقد ساوَرْنَ أثقبَ من شِهابِ
رأيتُ رِداءَه عِبثاً عليه / وسهلَ طريقِه حَزْنَ الشِّعابِ
كأن لم يُغْنِ فتيانَ العوالي / بنَجدَتِه وفتيانَ التَّصابي
ولم يَعْدِلْ صفاءَ العيشِ فيهم / وبعضُهُمُ قَذاةٌ في شَرابِ
ورُبَّ مُعصْفراتِ القُمْصِ طافَتْ / عليه بها مُعَصفرةُ النِّقابِ
وألفاظٍ له عَذُبَتْ فأغَنتْ / غِناءَ الرَّاحِ بالنُّطَفِ العِذابِ
يكرِّرُها على راووقِ فِكْرٍ / فيبعُثها كرَقراقِ السّرابِ
وخَرْقٍ طال فيه السَّيرُ حتى / حَسِبناه يسيرُ مع الرِّكابِ
صَحِبْنا فيه تَرْحاتِ التَّنائي / على ثِقَةٍ بِفَرْحاتِ الإيابِ
إلى الخِرقِ الذي يَلْقى الأماني / رحيبَ الصَّدْرِ منه والرِّحابِ
لقد أضحَتْ خِلالُ أبي حُصَيْنٍ / حصوناً في المُلِمَّاتِ الصِّعابِ
كساني ظِلَّ نائِلِه وآوى / غرائبَ مَنطِقي بعدَ اغترابِ
فكنتُ كروضَةٍ سُقِيت سَحاباً / فأَثنتْ بالنَّسيمِ على السَّحابِ
عطاءٌ يَستَهِلُّ البِشرُ فيه / فيبعثُه انسكاباً في التهابِ
كما ساَرتْ مؤلَّفَةُ الهَوادي / بلَمْعِ البرقِ مُذهَبَةَ الرَّبابِ
تَجرَّدَ للجِهادِ فكان عَضباً / حديدَ الحَدِّ فيه غيرَ نابِي
ينازلُ مُصلَتاً من كلِّ أوبٍ / ويدخُلُ مُعلَماً من كلِّ بابِ
وأشيبَ عاينَ العلياءَ طِفْلاً / فقارعَ قبل تقريعِ العِتابِ
وحرَّمَ مِسْمَعَيْهِ على المَلاهي / وهُدَّابَ الإزارِ على التُّرابِ
يروعُكَ وهو مصقولُ السَّجايا / إذا ما هَزَّ مصقولَ الذُّبابِ
وقد شَغَلتْ كعوبُ الرمحِ منه / يَديهِ عن مُلامَسَةِ الكِعابِ
وخفَّ عليه ثِقْلُ الدِّرعِ حتى / كأنَّ دروعَه سَرَقُ الثِّيابِ
وكم خرَقَ الحِجابَ إلى مَقامٍ / توارَى الشَّمسُ فيه بالحِجابِ
إذا شُنَّتْ به الغاراتُ كانت / نفوسُ المُعلَمينَ من النِّهابِ
كأنَّ سيوفَه بينَ العوالي / جداولُ يطَّرِدْنَ خِلالَ غابِ
وخَيْلٍ قادَها في جنْح ليلٍ / تَطيرُ بِوَطْئِها نارَ الضِّرابِ
إذا مرَقَتْ من الظَّلماءِ أذكَتْ / على المُرَّاقِ ثائرةَ العَذابِ
وقِرْنٍ شامَ صفحتَه فعادَى / صفيحةَ سيفِه عندَ الضِّرابِ
وقد وضحَتْ سطورُ البيضِ فيه / كما وَضَحتْ سطورٌ في كِتابِ
مناقبُ تملأُ الحُسَّادَ غَيْظاً / وتُغْني الطَّالبينَ عن الطِّلابِ
وحُكمٌ يَفْرُقُ الأعداءُ منه / كأنك فيه فاروقُ الصَّحَابي
يَوَدُّكَ فيه مَنْ تَقضي عليه / لشافي الحُكمِ أو كافي الصَّوابِ
إليكَ زَففتُها عذراءَ تأوي / حِجابَ القلبِ لا حُجُبَ النِّقابِ
أذَبْتُ لِصَوْغِها ذَهَبَ القوافي / فأَدَّتْ رونقَ الذَّهَبِ المُذابِ
تهاداها الملوكُ كما تَهادَتْ / أكفُّ البيضِ منظومَ السَّخابِ
تروقُك وهي ناجمةُ المعاني / كما راقَتْكَ نَاجِمةُ الحَبابِ
هيَ الدنيا وزينتُها الشَّبابُ
هيَ الدنيا وزينتُها الشَّبابُ / وفي اللذَّاتِ بعدَهما ارتيابُ
فلا تذهَبْ بك الأطماعُ واذهِبْ / كؤوسكَ لي فقد حانَ الذَّهابُ
نَزَلْنا منزِلاً من سُرَّمَرَّي / به اللذّاتُ صافيةٌ عِذابُ
حديثٌ كابتسامِ الرَّوْضِ جادَتْ / عليه بفيضِ أدْمُعِها السَّحابُ
وأقداحٌ تَفُوتُ المِسكَ طيباً / ويَكمَدُ عندَها الذَّهَبُ المُذابُ
إذا ما الرَّاحُ والأُترُجُّ لاحا / لعينِك قلتَ أيُّهما الشَّرابُ
سَلِ المِلْحِيَّ كيف رأى عِقابي
سَلِ المِلْحِيَّ كيف رأى عِقابي / وكيف وقد أبى رأيَ الصَّوابِ
رقاني الهاشميُّ فسَلَّ ضِغْني / وأغمدَ عنه نائبتي ونابي
وقال أخو المودَّةِ والتصابي / وعونُ أخي الصبابةِ والتَّصابي
وشَيخٌ طابَ أخلاقاً فأضحَى / أحبَّ إلى الشَّبابِ من الشَّبابِ
له دارٌ إذا استخفيتَ فيها / خَفِيتَ فلم تَنَلْكَ يَدُ الطِّلابِ
طرقناه وقِنديلُ الثريَّا / يَحُطُّ وفارسُ الظَّلْماءِ كابي
فرحَّبَ واستمالَ وقال حُطَّتْ / رحالُكُمُ بأفنيةٍ رِحابِ
وحضَّ على المُناهدةِ النَّدَامى / بألفاظٍ مهذَّبةٍ عِذابِ
وقال تيمَّموا الأبوابَ منها / فكلٌّ جاء من تِلقاءِ بابِ
فهذا قالَ ريحانٌ ونَقْلٌ / وثَلْجٌ مثلُ رَقرَقَةِ السَّرابِ
وهذا قال قِدرٌ من طَعامٍ / وهذا قال دَنٌّ من شَرابِ
وسَمْحُ القومِ من سَمَحَتْ يَداه / بخدِّ غَريرةٍ بكْرٍ كَعابِ
فتمَّ لهم بذلك يومُ لَهْوٍ / غريبِ الحُسْنِ عذْبٍ مُستطابِ
إذا العِبْءُ الثقيلُ توزَّعَتْهُ / رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ
سَلَوْتُ محمَّداً لمَّا تَمادى
سَلَوْتُ محمَّداً لمَّا تَمادى / به الهِجرانُ وانقطَع العِتابُ
وقد يُنسَى الربيعُ إذا تَولَّتْ / لَيَاليَهُ وقد يُسْلى الشّبابُ
شَوَىً أثوابُهُ قُشُبُ
شَوَىً أثوابُهُ قُشُبُ / ومَدٌّ شأنُه عَجَبُ
ترى الأمواجَ تسكُنُ في / غَواربِه وتضطربُ
كسِرْبِ الوحشِ يبعُدُ في / تناطُحِه ويَقتربُ
ويومٌ يُؤثِرُ اللَّذَّا / تِ فيه من له أدَبُ
وشمسٌ من وراء الدَّجْ / نِ تُسفِرُ ثم تنتقب
ومجلِسُنا على شَرَفٍ / بحُجْبِ الغيمِ مُحتَجِبُ
علا فالبرقُ يَبسِمُ دو / نَه والرعدُ يَنتحبُ
فَمِنْ شرقِّيهِ لَهَبٌ / ومن غربيِّهِ صَخَبُ
وبين يديه زاهرةٌ / إلى الأنواءِ تَنتسبُ
لها من كل مُرْتَجِسٍ / يَمُرُّ بها أبٌ حَدِبُ
يَميلُ بها قضيبُ البا / نِ أحياناً وينتصِبُ
وقد رُفِعَتْ لنا سُودٌ / نجومُ سَمَائِها الحَبَبُ
تَجيشُ بما افاءَ الطِّرْ / فُ والمجنونةُ النُّجُبُ
وترطُنُ مثلَ ما جَعَلتْ / نساءُ الزِّنج تصطَخِبُ
وأحدَقْنا بأزهرَ خا / فقاتٌ فوقَه العَذَبُ
يُواصلُ في اسمه فِعلَ ال / مُقرَّبِ ثم يُجتَنَبُ
فما يَنفكُّ من سَبَجٍ / يعودُ كأنه ذَهَبُ
وإخوانُ الصَّفاءِ إليْ / كَ مشتاقٌ ومُكتَئِبُ
وذكرُكَ بَيْنَهُمْ أزكى / من الرَّيحانِ إن شَرِبوا
وقد وافاك مَوْكِبُهُم / فكنْ حرّاً كما يَجِبُ