تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ / وَعانَدَنِي الْقَضاءُ بِغَيْرِ ذَنْبِ
كَأَنَّ الدَّهْرَ يُحْزِنُهُ سُرُورِي / أَوِ الأَيّامَ يُظْمِئُهُنَّ شُرْبِي
أَيا زَمَنَ اللِّئامِ إِلى مَ حَمْلاً / عَلَيَّ وَبَعْضُ ما حُمِّلْتُ حَسْبِي
أَما يَحْظَى الْكِرامُ لَدَيْكَ يُوْماً / فَأَرْكَبَ فِيكَ عَيْشاً غَيْرَ صَعْبِ
أَعُدْماً وَاغْتِراباً وَاكْتِئاباً / لَقَدْ أَغْرَيْتَ بِي يا دَهْرُ نَحْبِي
لَعَلَّ فَتىً حَمَيْتُ بِهِ حَياتِي / زماناً وَالخُطُوبُ يُرِدْنَ نَهْبِي
يُعِينُ كَما أَعانَ فَيَجْتَبِينِي / بِنُعْمى طالَما فَرَّجْنَ كَرْبِي
فَيُنْقِذَ مِنْ غَمارِ الْمَوْتِ نَفْسِي / وَيُطْلِقَ من إسار الهم قلبي
وكنت إذا عتبت على زمان / أزال سَماحُ نَصْرِ اللهِ عَتْبِي
أُؤَمِّلُهُ لِحادِثَةِ الليالِي / فَأُخْصِبُ وَالزَّمانُ زَمانُ جَدْبِ
وَكَيْفَ يَخِيبُ مَنْ أَلْقى عَصاهُ / بِساحَةِ مُغْرَمٍ بِالْجُودِ صَبِّ
وَما يَنْفَكُّ يَنْفَحُ كًلَّ يُوْمٍ / نَسِيمُ الْعَيْشِ مِنْ ذاكَ الْمَهَبِّ
يَرُدُّ هُبُوبُهُ كَرَماً وَجُوداً / رِياحَ الدَّهْرِ مِنْ سُودٍ وَنُكْبِ
خَلائِقُ منْ أَبِي الْمَجْدِ اسْتَطالَتْ / بِهِمَّةٍ فاخِرٍ لِلْمجْدِ تَرْبِ
حَلَتْ أَعْراقُهُ كَرَماً فَباتَتْ / تُتَيِّمُ كُلَّ ذِي أَمَلٍ وَتُصْبِي
مَكارِمُ طالَما رَوَّيْتُ صَدْرِي / بِها وَوَرَدْتُ مِنْها كُلَّ عَذْبِ
تَزِيدُ غَزارَةً وَصَفاءَ وِرْدِ / عَلى ما طالَ مِنْ رَشْفِي وَعَبِّي
وَأَلْبَسَنِي صَنائِعَ لا أُبالِي / إِذا سالَمْنَنِي مَنْ كانَ حَرْبِي
وَقَفْتُ بِها الثَّناءَ عَلَى كَرِيمٍ / يَرى كَسْبَ الْمَكارِمِ خَيْرَ كَسْبِ
فَتىً لَمْ يُدْعَ لِلْمَعْرُوفِ إِلاّ / وَنائِلُهُ لِداعِيهِ الْمُلَبِّي
فِداؤُكَ كُلُّ مَمْنُوعٍ جَداهُ / ضَنِينٍ بَلْ فِداؤُكَ كُلُّ نَدْبِ
فَكَمْ قَرَّبْتَ حَظِّي بَعْدَ نَأْيٍ / وَباعَدْتَ النَّوائِبَ بَعْد قُرْبٍ
إِذا ما كُنْتَ مِنْ عُشّاقِ حَمْدِي / أَدَلَّ وَزارَ مَجْدَكَ غَيْرَ غِبِّ
وَمِثْلُكَ حَلَّ بَذْلُ الْجُودِ مِنْهُ / مَحَلَّ هُوى الْحَبِيبِ مِنَ الْمُحِبِّ