المجموع : 7
أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ
أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ / وَأَيْنَ مِنَ الصِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ
زَمَانٌ كُلَّما لاحَتْ بِفِكْرِي / مَخَايِلُهُ بَكَيْتُ لِفَرْطِ ما بِي
مَضَى عَنِّي وَغَادَرَ بِي وَلُوعاً / تَوَلَّدَ مِنْهُ حُزْنِي وَاكْتِئَابِي
وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْبِ نَفْسِي / وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي
أَصُدُّ عَنِ النَّعِيمِ صُدُودَ عَجْزٍ / وَأُظْهِرُ سَلْوَةً وَالْقَلْبُ صَابِي
وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ / يَكُونُ قِوَامُها رَوْحَ الشَّبَابِ
فَيَا للهِ كَمْ لِي مِنْ لَيَالٍ / بِهِ سَلَفَتْ وَأَيَّامٍ عِذَابِ
إِذِ النَّعْمَاءُ وَارِفَةٌ عَلَيْنَا / وَمَرْعَى اللَّهْوِ مُخْضَرُّ الْجَنَابِ
نَطِيرُ مَعَ السُّرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَا / بِأَجْنِحَةِ الْخَلاعَةِ وَالتَّصَابِي
فَغُدْوَتُنَا وَرَوْحَتُنَا سَوَاءٌ / لعَابٌ في لعَابٍ في لعَابِ
وَرُبَّتَ رَوْضَةٍ مِلْنا إِلَيْهَا / وَقَرْنُ الشَّمْسِ تِبْرِيُّ الإِهَابِ
نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَتْ فَكَانَتْ / عَلَى السَّاحاتِ أَمْثَالَ الْقِبابِ
فَزَهْرُ غُصُونِهَا طَلْقُ الْمُحَيَّا / وَجَدْوَلُ مائِها عَذْبُ الرُّضابِ
كَأَنَّ غُصُونَها غِيدٌ تَهَادَى / مِنَ الزَّهْرِ الْمُنَمَّقِ في ثِيَابِ
سَقَتْهَا السُّحْبُ رَيِّقَها فَمَالَتْ / كَمَا مَالَ النَّزِيفُ مِنَ الشَّرَابِ
فَسَبَّحَ طَيْرُها شُكْراً وَأَثْنَتْ / بِأَلْسِنَةِ النَّباتِ عَلَى السَّحَابِ
وَيَوْمٍ ناعِمِ الطَّرَفَيْنِ نَادٍ / عَلِيلِ الْجَوِّ هَلْهَالِ الرَّبَابِ
سَبَقْتُ بِهِ الشُّرُوقَ إِلَى التَّصَابِي / بُكُوراً قَبْلَ تَنْعابِ الغُرابِ
وسُقْتُ مَعَ الْغُواةِ كُمَيْتَ لَهْوٍ / جَمُوحاً لا تَلِينُ عَلَى الْجِذَابِ
إِذَا أَلْجَمْتَها بِالْمَاءِ قَرَّتْ / وَدَارَ بِجِيدِها لَبَبُ الْحَبابِ
مُوَرَّدَةً إِذَا اتَّقَدَتْ بِكَفٍّ / جَلَتْها لِلأَشِعَّةِ في خِضَابِ
هُوَ العَصْرُ الَّذِي دَارَتْ عَلَيْنَا / بِهِ اللَّذَّاتُ واضِعَةَ النِّقَابِ
نُجَاهِرُ بِالْغَرَامِ وَلا نُبَالِي / وَنَنْطِقُ بِالصَوابِ وَلا نُحَابِي
فَيَا لَكَ مِنْ زَمانٍ عِشْتُ فِيهِ / نَدِيمَ الرَّاحِ وَالْهيفِ الكِعابِ
إِذَا ذَكَرَتْهُ نَفْسِي أَبْصَرَتْهُ / كَأَنِّي مِنْهُ أَنْظُرُ فِي كِتابِ
تَحَوَّلَ ظِلُّهُ عَنِّي وَأَذْكَى / بِقَلْبِي لَوْعَةً مِثلَ الشِّهَابِ
كَذَاكَ الدَّهْرُ مَلَّاقٌ خَلُوبٌ / يَغُرُّ أَخَا الطَّمَاعَةِ بِالْكِذَابِ
فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ فَكُلُّ شَيْءٍ / تَرَاهُ بِهِ يَؤُولُ إِلَى ذَهابِ
وَعِشْ فَرْداً فَمَا في الناسِ خِلٌّ / يَسُرُّكَ في بِعَادٍ وَاقْتِرَابِ
حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ مَلِيَّاً / وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِنْ أَرْيٍ وَصابِ
فَمَا أَبْصَرْتُ فِي الإِخْوَانِ نَدْبَاً / يَجِلُّ عَنِ الْمَلامَةِ وَالْعِتَابِ
وَلَكِنَّا نُعَاشِرُ مَنْ لَقِينَا / عَلَى حُكْمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي
بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ
بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ / تَحَيَّرَ فِي تَلافِيهِ الطَّبِيبُ
إِذا أَخْفَيْتُهُ أَبْلَى فُؤادِي / وَإِنْ أَظْهَرْتُهُ غَضِبَ الْحَبيبُ
وَبَاكِيَةٍ شَجَتْ قَلْبِي بِلَحْنٍ
وَبَاكِيَةٍ شَجَتْ قَلْبِي بِلَحْنٍ / تَهِيجُ لَهُ الْمَسامِعُ وَالْقُلوبُ
سَأَلْتُ فَقِيلَ قَدْ فَقَدَتْ حَبِيباً / وَهَلْ يَبْقَى عَلَى الدُّنْيَا حَبِيبُ
بَكَيْتُ لَهَا وَلَمْ أَفْهَمْ صداهَا / وَقَدْ يَبْكِي مِنَ الطَّرَبِ الْغَرِيبُ
بَلَوْتُ سَرائِرَ الإِخْوَانِ حَتَّى
بَلَوْتُ سَرائِرَ الإِخْوَانِ حَتَّى / رَأَيْتُ عَدُوَّ نَفْسِي مِنْ حَبِيبِي
فَلا تَأْمَنْ عَلَى سِرٍّ صِحاباً / فَإِنَّهُمُ جَواسِيسُ الْعُيُوبِ
أَلَمْ تَعْلَمْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَبْقَى
أَلَمْ تَعْلَمْ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَبْقَى / بِأَنَّ الصَّمْتَ مَنْجَاةُ الأَرِيبِ
فَلا تَأْمَنْ عَلَى سِرٍّ حَبِيباً / فَقَدْ يَأْتِي الْعَدُوُّ مِنَ الْحَبِيبِ
أَتُخْفِرُ ذِمَّتِي وَتَرُومُ عَطْفِي
أَتُخْفِرُ ذِمَّتِي وَتَرُومُ عَطْفِي / لَقَدْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ بِالْكِذابِ
فَمَا بَعْدَ الْقَطِيعَةِ مِنْ تَلاقٍ / وَلا بَعْدَ الْخَديعَةِ مِنْ عِتَابِ
وَكَيْفَ يَصِحُّ بَعْدَ الْغَدْرِ وُدٌّ / وَتَسْلَمُ نِيَّةٌ بَعْدَ ارْتِيَابِ
رُوَيْدَكَ إِنَّنِي صَعْبٌ أَبِيٌّ / عَلَى الأَقْرَانِ مَرْهُوبُ الْجَنَابِ
أُجَاهِرُ بِالْعِدَاءِ وَلا أُبَالِي / وأَنْطِقُ بِالصَّوَابِ ولا أُحَابِي
فَمَا زَنْدِي لَدَى الْعَوْصَاءِ كَابٍ / وَلا سَيْفِي غَدَاةَ الْحَرْبِ نابِي
يَهَابُ الْقِرْنُ بَادِرَتِي فَيَمْضِي / ومَا جَرَّدْتُ سَيْفِي مِنْ قِرابِ
فَإِنْ رُمْتَ السَّلامَةَ فَاجْتَنِبْنِي / عَدُوَّاً فَالسَّلامَةُ فِي اجْتِنابِي
فَقَدْ عَادَيْتُ أَعْظَمَ مِنْكَ قَدْراً / ومَا ضَاقَتْ عَلَى بَدَنِي ثِيَابِي
فإِنْ تَنْزَعْ فَأَنْتَ طَلِيقُ عَفْوِي / وإِنْ تَطْمَعْ فَسَوْفَ تَرَى عِقَابِي
عَدِمْتَ حَمِيَّةً وَسَقِمْتَ وُدَّاً
عَدِمْتَ حَمِيَّةً وَسَقِمْتَ وُدَّاً / فَلَمْ تُدْرِكْ لِمَكْرُمَةٍ نَصِيبَا
فَمَا أَحْزَنْتَ في حَرْبٍ عَدُوَّاً / وَلا أَفْرَحْتَ فِي سِلْمٍ حَبِيبَا