المجموع : 13
وَعادِيَةٍ إِلى الغاراتِ ضَبحَاً
وَعادِيَةٍ إِلى الغاراتِ ضَبحَاً / تُريكَ لِقَدحِ حافِرِها اِلتِهابا
كَأَنَّ الصُبحَ أَلبَسَها حُجولاً / وَجِنحَ اللَيلِ قَمَّصَها إِهابا
جَوادٌ في الجِبالِ تُخالُ وَعلاً / وَفي الفَلَواتِ تَحسَبُها عُقابا
إِذا ما سابَقَتها الريحُ فَرَّت / وَأَبقَت في يَدِ الريحِ التَرابا
لَئِن حَكَمَت بِفُرقَتِنا اللَيالي
لَئِن حَكَمَت بِفُرقَتِنا اللَيالي / وَراعَتنا بِبُعدٍ بَعدَ قُربِ
فَشَخصُكَ لا يَزاكُ جَليسَ عَيني / وَذِكرُكَ لا يَزاكُ أَنيسَ قَلبي
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ / فَما فَوقَ التُرابِ إِلى التُرابِ
كَذَلِكَ قالَ خَيرُ الخَلقِ طُرّاً / رَسولُ اللَهِ ذو الأَمرِ المُجابِ
فَمَرجِعُ كُلِّ حَيٍ لِلمَنايا / وَغايَةُ كُلِّ مُلكٍ لِلذَهابِ
بَنو الدُنيا فَرائِسُ لِلمَنايا / وَنابُ المَوتِ عَنها غَيرُ نابِ
وَمَن يَغتَرُّ في الدُنيا بِعَيشٍ / فَقَدطَلَبَ الشَرابَ مِنَ السَرابِ
دَعا اِبنَكَ لِلرَدى مَن لَيسَ يُعصى / وَداعي المَوتِ مَمنوعُ الجَوابِ
أَرانا فَقدُهُ الأَيّامَ سوداً / وَنادي الأُنسِ مُغبَرَّ الجَنابِ
وَما طيبُ الحَياةِ بِغَيرِ بِشرٍ / وَلا حُسنُ السَماءِ بِلا شِهابِ
فَلُذ بِالصَبرِ في اللَأئي وَأَحسِن / عَزاءَكَ وَاِغتَنِم حُسنَ الثَوابِ
فَإِنَّكَ مِن أُناسٍ لَيسَ يَخفى / عَلى آرائِهِم وُجهُ الصَوابِ
كَذا فَليَصبِرِ الرَجُلُ النَجيبُ
كَذا فَليَصبِرِ الرَجُلُ النَجيبُ / إِذا نَزَلَت بِساحَتِهِ الخُطوبُ
يَسُرُّ النَفسَ ثُمَّ يُسِرُّ حُزناً / يَضيقُ بِبَعضِهِ الصَدرُ الرَحيبُ
وَيُبدي البَأسَ لِلأَعداءِ كيلا / تُؤَنِّبَهُ الشَوامِتُ أَو تَعيبُ
وَمِثلُ عُلاكَ نورَ الدينِ مَن لا / يُقَلقِلُ قَبلَهُ نُوَبٌ تَنوبُ
فَإِنَّكَ في جِلادِ المُلكِ خَطبٌ / وَفي يَومِ الجَدالِ لَهُ خَطيبُ
تَخافُكَ حينَ تَزجُرُها الرَزايا / وَتُجلى حينَ تَلحَظُها الكُروبُ
بِقَلبٍ كُلِّ فِكرَتِهِ عُيونٌ / وَطَرفٌ كُلِّ نَظرَتِهِ قُلوبُ
وَإِنَّ يَدَ الرَدى وَوُقيتَ مِنها / سِهامُ خُطوبِها أَبَداً تُصيبُ
أَرَتكَ بِفَقدِ فَخرِ الدينِ رُزءاً / تُشَقُّ لَهُ المَرائِرُ لا الجُيوبُ
كَريمٌ ما بِسَمعِ نَداهُ وَقرٌ / وَلا في وَجهِ نائِلِهِ قُطوبُ
وَلَو أَنَّ الوَغى سَلَبَتهُ مِنّا / وَبَزَّتهُ الوَقائِعُ وَالحُروبُ
لَقامَ بِنَصرِهِ مِنّا رِجالٌ / تُزَرُّ عَلى دُروعِهِمُ القُلوبُ
بِبيضٍ يَغتَدي نَملُ المَنايا / لَهُ مِن فَوقِ صَفحَتِها دَبيبُ
وَخَيلٍ كُلَّما رَفَعَت عَجاجاً / جَلاهُ الدِرعُ وَالسَيفُ العَضيبُ
كَأَنَّ مُثارَ عِثيَرِها سَحابٌ / حَدَتهُ مِن سَنابِكِها جَنوبُ
أَفَخرَ الدينِ كَم أَعلَيتَ فَخراً / لِآلِكَ حينَ تَشهَدُ أَو تَغيبُ
بِرُغمي أَن تَبيتَ غَريبَ دارٍ / وَعِشتَ وَأَنتَ في الدُنيا غَريبُ
وَتَخلو مِنكَ أُمنِيَةُ المَعالي / وَيَمحَلُ ذَلِكَ المَرعى الخَصيبُ
وَتَدعوكَ الكُفاةُ وَلا تُناجي / وَتَسأَلُكَ العُفاةُ فَلا تُجيبُ
وَيُقسَمُ في الأَنامِ زَكاةُ مَدحٍ / وَما لَكَ في نِصابِهُم نَصيبُ
خَفيتَ عَنِ العُيونِ وَأَيُّ شَمسٍ / تَلوحُ وَلا يَكونُ لَها مَغيبُ
فَصَبراً يا بَني إِسحَقَ صَبراً / فَرَبُّ العَيشِ بِالحُسنى يُثيبُ
وَخَفَّض عَنكَ نورَ الدينِ حُزناً / تَكادُ الراسِياتُ بِهِ تَذوبُ
فَإِنَّ قَريبَ ما تَخشى بَعيدٌ / وَإِنَّ بَعيدَ ما تَرجو قَريبُ
وَليسَ الحَتفُ في الدُنيا عَجيبُ / وَلَكِنَّ البَقاءَ بِها عَجيبُ
حَوَيتَ الحَمدَ إِرثاً وَاِكتِسابا
حَوَيتَ الحَمدَ إِرثاً وَاِكتِسابا / وَفُقتَ الناسَ فَضلاً وَاِنتِسابا
فَكيفَ رَضيتَ أَن أَشكوكَ يَوماً / وَأُغلِظ في الكِتابِ لَكَ العِتابا
أُزَجّي الكُتبَ مِن فَذٍّ وَمَثنى / فَلَستَ تُعيدُ عَن خَمسٍ جَوابا
وَأَحسَبُ عَدَّها بِبَنانِ كَفّي / كَذَلِكَ شَأنُ مَن عَمِلَ الحِسابا
فَكَم أوليكَ وُدّاً وَاِعتِقاداً / فَتوليني صُدوداً وَاِجتِنابا
هَدَمتَ القَلبَ ثُمَّ سَكَنتَ فيهِ / فَكيفَ جَعَلتَ مَسكَنَكَ الخَرابا
فَزُرنا إِنَّ مَجلِسَنا أَنيقٌ / يَكادُ يُعيدُ مَنظَرُهُ الشَبابا
يُقابِلُهُ بُخاريٌّ تَلَظّى / فَتَحسَبُ حَرَّ آبٍ مِنهُ آبا
لَهُ تاجٌ يُريكَ النارَ تُجلى / وَتَنظُرُ لِلدُخانِ بِهِ اِحتِجابا
فَوِلدانٌ تُديرُ بِذا مُداماً / وَغِلمانٌ تُديرُ بِذا كِتابا
وَلَيلَتُنا شَبيهُ الصُبحِ نوراً / وَقَد عَقَدَ البَخورُ بِها ضَبابا
كَأَنَّ ظَلامَها بِالشَمعِ فَودٌ / وَقَد وَخَطَ القَتيرُ بِهِ فَشابا
وَيَرفُدُ ضَوءَ شَمعَتِنا غُلامٌ / لَها في اللَيلِ تَحسَبُهُ شِهابا
تَقاصَرَ دونَها قَدّاً وَقَدراً / وَجاوَزَها ضِياءً وَالتِهابا
إِذا اِقتَسَمَ العَقائِرَ مَن لَدَيها / جَعَلنا إِسمَهُ الشَحمَ المُذابا
وَقَهوَتُنا مِنَ المَطبوخِ حِلٌّ / إِذا دُعِيَ الفَقيهُ لَها أَجابا
تَجَلَّت في الزُجاجِ بِغَيرِ خِدرٍ / وَصَيَّرَتِ الحَبابَ لَها نِقابا
وَلَمّا ساقَنا نَظمٌ بَديعٌ / يَسَرُّ النَفسَ خَطّاً أَو خِطابا
جَعَلنا الماءَ شاعِرَنا فَلَمّا / جَرَت في فِكرِهِ نَظَمَ الحَبابا
فَزُرنا تَكمُلِ اللَذّاتُ فينا / وَلا تَفتَح لَنا في العَتبِ بابا
وَلا تَجعَل كَلامَ الضِدِّ عُذراً / تَصُدُّ بِهِ الأَحِبَّةَ وَالصِحابا
فَإِنَّ الراحَ لِلأَرواحِ رَوحٌ / إِذا حَضَرَت لِدَفعِ الهَمِّ غابا
وَمِثلُكَ لا يُدَلُّ عَلى صَوابٍ / وَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ الصَوابا
لَئِن سَمَحَ الزَمانُ لَنا بُقُربٍ
لَئِن سَمَحَ الزَمانُ لَنا بُقُربٍ / نَشَرتُ لَدَيكَ ما في طَيِّ كُتبي
وَقُمتُ مَعَ المَقالِ مَقامَ عَتبٍ / تَوَهَّمَهُ الأَنامُ مَجالَ حَربِ
أَيا مَن غابَ عَن عَيني وَلَكِن / أَقامَ مُخَيَّماً في رَبعِ قَلبي
عَهِدتُكَ زائِري مِن غَيرِ وَعدٍ / فَكَيفَ هَجَرتَني مِن غَيرِ ذَنبِ
فَإِن تَكُ راضِياً بِدَوامِ سُخطي / وَإِن تَكُ واجِداً رَوحاً بِكَربي
فَحَسبي أَنَّني بِرِضاكَ راضٍ / وَحَسبي أَن أَبيتَ وَأَنتَ حَسبي
سَأُمسِكُ عَن جَوابِكَ لا لَعَيِّ
سَأُمسِكُ عَن جَوابِكَ لا لَعَيِّ / وَرَبُّ الأَمرِ مَمنوعُ الجَوابِ
وَلَو أَنّي أَمِنتُ وَقُلتُ عَدلاً / رَأَيتُ الخَطبَ أَهوَنَ مِن خِطابي
نَزِفُّ إِلَيكَ أَبكارَ المَعاني
نَزِفُّ إِلَيكَ أَبكارَ المَعاني / وَسائِرُها لَنا مِنكَ اِكتِسابُ
وَنَحمِلُ مِن نَداكَ إِلَيكَ مالاً / فَأَنتَ البَحرُ يُمطِرُهُ السَحابُ
حُضوري عِندَ مَجدِكَ مِثلُ غَيبي
حُضوري عِندَ مَجدِكَ مِثلُ غَيبي / وَبُعدي عَن جَنابِكَ مِثلُ قُربي
فَإِن تَكُ غائِباً عَن لَحظِ عَيني / فَلَستَ بِغائِبٍ عَن لَحظِ قَلبي
بِشَمسِ الدينِ لَم تُطِقِ الرَعايا
بِشَمسِ الدينِ لَم تُطِقِ الرَعايا / فَكيفَ وَقَد تَبَدَّلَ بِالنَجيبِ
رَعايا ما أَطاقوا بَأسَ كَبشٍ / مُحالٌ أَن يُطيقوا بَأسَ ذِئبِ
لَو كانَ لِريحِ نَكهَتِهِ هُبوبُ
لَو كانَ لِريحِ نَكهَتِهِ هُبوبُ / لَأَوشَكَتِ الجِبالُ لَها تَذوبُ
إِذا ما عابَ ضِرسُ أَبي عَلِيٍّ / فَلَيسَ يُطيقُ يَقلَعُهُ الطَبيبُ
تَحَمَّل مِن حَبيبِكَ كُلَّ ذَنبٍ
تَحَمَّل مِن حَبيبِكَ كُلَّ ذَنبٍ / وَعُدَّ خَطاهُ في وَفقِ الصَوابِ
وَلا تَعتُب عَلى ذَنبٍ حَبيباً / فَكَم هَجراً تَوَلَّدَ مِن عِتابِ
كتبت إلي ترغب في حضوري
كتبت إلي ترغب في حضوري / ورب الفضل دعوته تجاب
فقبلت الكتاب وقلت سمعا / لأمرك سيدي وأنا الجواب