المجموع : 7
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى
أذمّ إليك كَلْماً لَيس يؤْسى / وداءً لَيسَ يَعرفهُ الطَبيبُ
وَدَهراً لا يُصيخُ إِلى نَصيحٍ / وَعَيشاً لا يَلَذُّ ولا يطيبُ
وَكَم لِي مِن أَخٍ أُوليهِ نُصحِي / وَما لي في نَصيحَتِهِ نصيبُ
له منّي البشاشةُ في التَّلاقِي / ولِي منه البَسارةُ والقُطوبُ
يَعيب تَجَنِّياً والعيب فيه / وقد نادت فأَسمعتِ العيوبُ
أَلا هَرباً مِنَ الإِخوانِ جَمعاً / فَما لكَ مِنهُمُ إِلّا النُّدُوبُ
وَلَولاهمْ لَما قَذِيتْ جفوني / وَلا سَقيتْ إِلى قلبي الكُروبُ
وَلا طُويتْ عَلى أَوَدٍ قناتي / وَغلّس في مفارِقيَ المشيبُ
وَلا خرقت مِنَ الأيّامِ جِلدي / أَظافرُ لا تقلَّمُ أو ينوبُ
وَلا عرفتْ مساكِنيَ الرّزايا / وَلا اِجتازَتْ عَلى رَبْعي الخُطوبُ
وَلمّا أَن أَبى حُكمي وَأَلْوى / وَشَبّتْ بَيننا منهُ الحروبُ
وَأَخرَسَني عَنِ الشّكوى ومنه / لِسانٌ لا يُفارقه كذوبُ
غَفَرتُ ذنوبهُ حتّى كأنّي / عَلِقتُ به وليس له ذنوبُ
إِياباً أَيّها المَولى إيابا
إِياباً أَيّها المَولى إيابا / فعبدٌ إنْ أَساء فَقد أَنابا
أَطاعكَ وَالشّبابُ له رداءٌ / فَكيفَ تَراه إِذ خلَع الشّبابا
وَكانَ على الهُدى حَدَثاً فإنّي / تظنّ بِه الضّلالة حينَ شابا
أبَعْدَ نَصيحَةٍ في الغَيب غِشّ / أَحَوْراً بعد كَوْرٍ وَاِنقلابا
أَلا قُل للأُلى زمّوا المَطايا / وَعالوها الهَوادجَ والقِبابا
وَقادوا الخيلَ عارِية الهَوادِي / وما أوْكوْا منَ العَجَلِ العِيابا
خُذوا مِنّا التحيّة وَاِقرَؤوها / وَإِن لَم تَسمَعوا عَنها جَوابا
عَلى ملكٍ تنَزّه أَن يحابِي / وَأَغنَتْه المَحامِدُ أَن يُحابى
وَلَمّا أَن تَحَجَّب بِالمَعالي / عَلى أَعدائِهِ رفع الحِجابا
وَقولوا لِلَّذينَ رَضوا زماناً / فَردَّهمُ الوشاةُ بِنا غِضابا
عَدَتنا عَن دِياركم العَوادي / وَرابَ مِنَ الزّيارَةِ ما أَرابا
فَلا جَوٌّ نَشيم بهِ بروقاً / وَلا أَرضٌ نشمّ لَها تُرابا
وَما كُنّا نَخافُ وَإِن جَنَينا / بِأَنَّ الهَجرَ كانَ لَنا عِقابا
أَقيلونا الذّنوبَ فَإِنَّ فيكُمْ / وَعِندَكُمُ لِمُجرِمِكُمْ متابا
وَلا تَستَبدِعوا خَطأَ المَوالي / فَإِنَّ العَبدَ يُبدع إِنْ أَصابا
بَعُدنا عَنكُمُ وَلَنا أعادٍ / يَزيدُهُمُ تَباعُدنا اِقتِرابا
فَرَوْنا بِالشِّفارِ فَما أكلّوا / لَهُم في فَرْينا ظُفْراً ونابا
وَكُنّا إِذ أَمِنّاهُمْ عَلَينا / رُعاةَ البهْمِ إِذْ أَمِنوا الذّئابا
أَيا ملكَ المُلوكِ أَصِخْ لقولٍ / أُجِلّكَ أَن يَكونَ لَكُمْ عِتابا
تُسَكّنُنِي المَهابَةُ عَنهُ طَوراً / وَيُؤمِنني وَفاؤُك أَن أَهابا
وَلَولا أَنَّ حِلمَك عِدْلُ رَضْوى / فَرَقْتُكَ أَن أُراجِعكَ الخِطابا
خَدمتك حينَ أَسلمكَ الأَداني / وَخلّى الجارُ نُصرَتنا وَهابا
وَكُنتُ أَخوضُ فيما تَرتَضيهِ / عَلى الأَعداءِ أَيّاماً صِعابا
أَخافُ الموتَ قدّاماً وخلفاً / وَأَرقُبُه مَجيئاً أَو ذَهابا
وَأَكرع مِن عدوّكَ كلَّ يومٍ / وَما اِستَسقيتُه صَبراً وصابا
وَكَم جَذب السُّعاة عَلَيكَ ضَبْعِي / فَما أَوسَعتُهم إلّا جِذابا
أَلا لا تَغبُننّ الحلمَ رأياً / صَواباً في اِمرِئٍ غبِنَ الصّوابا
وَقُلْ لِلمُجلِبينَ علَيَّ مهْلاً / فَقَد أَدركتُمُ فيهِ الطِّلابا
أَسُخطاً بَعدَ سُخطٍ وَاِزوِراراً / وَنأياً بَعد نأيٍ وَاِجتِنابا
وَأَنتَ أَرَيتَنا في كلِّ باغٍ / غَفرتَ ذنوبَهُ العَجَبَ العُجابا
فَما لِي لا تُسوّيني بِقَومٍ / رَقَوْا في كيدِ دَولَتك الهِضابا
وَدَرّوا بَعد ما رشحوا فَأَضحَوا / وَقَد مَلأوا مِنَ الشرّ الجِرابا
هَنيئاً يا مُلوكَ بَني بُويهٍ / بِأنّ بهاءَكُمْ ملك الرّقابا
وَحازَ المُلكَ لا إِرثاً وَلَكِنْ / بِحَدّ السيفِ قَسْراً وَاِغتِصابا
وَلَمّا أَن عَوى بِالسيفِ كَلبٌ / وَجَرَّ إِلى ضَلالَتهِ كِلابا
وَظنّكَ لاهياً عَنه ويُرمى / قَديماً بِالغَباوةِ مَن تَغابى
رَأى لِيناً عَليهِ فَظَنَّ خَيراً / وَيَلقَى اللّينَ من لَمس الحُبابا
دَلَفتَ إِلَيهِ في عُصَبِ المَنايا / إِذا أَمّوا طِعاناً أَو ضِرابا
وجوهاً مِن ندىً تُلفى رِقاقاً / وَعِندَ ردىً تُلاقيها صِلابا
وَأبصرها عَلى الأهوازِ شُعثاً / تَخال بِهنَّ مِن كَلَبٍ ذآبا
عَلَيها كُلّ أَروعَ شمّريٍّ / يهاب من الحميَّة أن يَهابا
فولّى في رهيطٍ كان دهراً / يُمنِّيهم فَأَورَدَهم شَرابا
وَتَحسَبُهم وَقَد زَحفوا لُيوثاً / فَلَمّا أَجفَلوا حسِبوا ذِئابا
أَعدّهُم لهُ صحباً فَكانوا / هُنالكَ في مَنيّتهِ صِحابا
فَأَصبَح لا يرى إِلّا اِبتِساماً / وَأَمسى لا يَرى إِلّا اِنتِحابا
وَباتَ معلّقاً في رَأسِ جذعٍ / إِهاباً لَو تركتَ لهُ إِهابا
وَحَلَّق شاحب الأَوصالِ حتّى / عُقابُ الجوّ تحسبهُ عُقابا
تعافُ الطّير جيفتَه وَتَأبى / عراقَتَه وإن كانت سِغابا
وَما تَرَكَ اِنتِقامُك فيه لمّا / سَطوتَ بِهِ طَعاماً أو شرابا
فَدُم يا تاجَ مُلكِ بَني بُويهٍ / تَخَطّاك المقادِرُ أن تُصابا
وَلا ملك الأَنامَ سِواك مولَى / وَلا قَصدوا سِوى نُعماكَ بابا
وَضلّتْ نائِبات الدّهر جَمْعاً / شِعابكَ أَن تلمّ بها شعابا
وَطابَت لي حَياتُكَ ثُمَّ طالَتْ / فَخَيرُ العَيشِ ما إِن طالَ طابا
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً / فَصَبراً للرزيّةِ وَاِحتِسابا
فَما نالَ المُنى في العَيشِ إِلّا / غَبِيُّ القَومِ أَو فطنٌ تغابى
هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً / ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا
وَهَذا الدَّهر يُصبِحُ ثُمَّ يُمسي / يَقودُ إِلى الرَّدى مِنّا صِعابا
وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ / بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا
صَدَعتَ بِما كَتبتَ صَميمَ قلبي / عَلى عَجلٍ فلم أُطِقِ الجوابا
فَلَو أَنّي اِستَطَعت حَمَلتُ وَحدي / وَلَم أهب الأَذى عنكَ المصابا
وَغَيرك من نعلّمهُ التعزّي / ونُذكره وقد ذَهَل الثَّوابا
فَلَو حابى الزّمان سِواك خَلْقاً / لَكانَ سَبيل مِثلك أَن يُحابى
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا / مَررتُ بِهِ فَجاودتُ السّحابا
وَكَم نادَيتُ فيهِ مِن حَبيبٍ / عَهِدتُ بِهِ فَلَم أَسمَع جَوابا
فَواهاً لِلأَراكِ مَقيلَ صَبٍّ / فَقَدتُ بِهِ الأَحبّةَ والشّبابا
وَأَكنافاً لِغانِيَةٍ رِحاباً / وأفناناً لناعمةٍ رطابا
وَسَقياً لِلأَراكِ مَساءَ يَومٍ / نَزَلتُ بِهِ فَطبتُ لَه وَطابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا / فَكَم فَتَحَ الكَلامُ عَليَّ بابا
عَتبتَ وَما اِجتَرمتُ إِلَيكَ جُرماً / فَأَحمِلُ فيهِ منكَ لِيَ العتابا
وَما كُنتُ اِستَرَبْتُ وَإِنْ أَرَتني / صُروفَ الدّهرِ عِندَكَ ما أَرابا
فُجِعت وَقَد تَخِذتكَ لي خليلاً / بِجرمي أَو حُرمت بِكَ الصّوابا
وَلَو أَنّي قَطَعتكَ لَم أُعنَّفْ / وَلم أقرع لِقربي منكَ نابا
وَلَمّا أَن ظَمِئت إِلَيك يوماً / وَردتُ ولَم أَرِدْ إِلّا سَرابا
فَإِنْ تَشحَط فَما أَهوى اِقتِراباً / وَإِن تَرحل فَما أَرجو إِيابا
وَلَستَ بِمُبصرٍ منّي رسولاً / وَلَستَ بِقارِئٍ عَنّي كِتابا
أَلا قَبحَ الإِلهُ وُجوهَ قومٍ / أَذلّوا في طِلابهمُ الرّقابا
أَراقوا مِن وجوهِهم حياءً / وَما أَخذوا بهِ إِلّا تُرابا
وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍ / وَإِن رفعوا بدورِهم القِبابا
وَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍ / فَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا
إِذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
إِذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ / ورُحنا بالهوادج والقِبابِ
دعي ما لا يردّ عليكِ شيئاً / وقومِي فاِنظري مِنّي إيابي
فإنْ فُجِعتْ يمينُك بي اِرتحالاً / فقد فجعتْ يَميني بالشّبابِ
فما يُجدي زفيري إذْ توالى / ولا يُغني بكائي واِنتحابي
ذعَرْتُ به المَها وأَرقْتُ لمّا / لبستُ قميصَه ماءَ التَّصابي
ونكّب عاذلي عن دارِ عَذْلِي / فتاركني وأقصرَ عن عتابي
فلستُ أحنّ والبيضاءُ عندي / إلى البيضاء والرُّودِ الكعابِ
ولا تَقتادني بُرَحاءُ وجْدِي / إلى ذاتِ القلائِد والسِّخابِ
فَقُلْ لِصَقيلة الخدّين حُسناً / دَعيني من ثناياك العِذابِ
فَما لي فوق جِيدِكِ من عِناقٍ / وَما لي مِن رُضابِكِ من شرابِ
وَلا لي منكِ والشّعرات بيضُ / بُعَيْدَ سوادِها غير اِجتنابِ
نِقابَكِ والبعادَ اليومَ منّي / فقد صار المشيبُ بها نِقابي
ضَللتُ عن الهُدى زمناً بسودِي / فَأَرشَدني المَشيبُ إلى الصّوابِ
أَلَمْ تَرني مُقيماً في سِراعٍ / إِلى خَطأٍ بطاء عن صوابِ
طعامي فيهمُ وعدٌ خَلِيٌّ / عَنِ الجَدوى وَشُربي من سَرابِ
لَهمْ غدرٌ بجارِهُمُ وَمكْرٌ / بِه خافٍ ولا مكرُ الذّئابِ
وَقَد مَزجوا دَهاءً بالتَّداهي / كَما خَلطوا الغَباوَة بالتّغابي
وَحبُّهُمُ الّذي لا أَرتضيهِ / فَأنفقُ فيه من جِدّي لِعابي
فَقُل لِمَعاشرٍ رجموا حِمامي / أَروني مَن يَنوب لَكمْ مَنابي
وَمَن يشفيكُمُ كَلِماً وكلْماً / لدى غَمَراتِ خطبٍ أو خطابِ
وَقَد طَرد الرّدى عنكمْ قِراعي / كما طرح النّدى فيكمْ سحابي
فأين حضيضُكمْ من رأسِ نِيقِي / ومِن أوشالكمْ أبداً عُبابي
وَما للعار في طَرَفِي مجالٌ / وأنتمْ في يَدَيْ عارٍ وعابِ
فَلا تَستَوطِنوا إلّا وِهاداً / فَإِنّ لِغيركمْ قُلَلَ الرّوابي
وَممّا ضرّمَ الأعداءَ ناراً / حلولِي من قريشٍ في اللّبابِ
وَأنّ إِلى نبيٍّ أو وصيٍّ / نُسِبتُ فمن له مثلُ اِنتسابي
وفي بيتي النبُوّةُ ما عَدَتْنِي / وقانونُ الإمامةِ في نِصابي
أَجِلْ عَينيك في مَجدي تَجدْني / وَلَجْتُ إلى العلا من كلّ بابِ
فما طُوِيتْ على لَعِبٍ ثيابي / ولا حُدِيَتْ إلى طَرَبٍ رِكابي
هو الزّمنُ الّذي يُدْني ويُنئِي / ويُقعِي حين يُقعِي للوِثابِ
جَمَعتمْ يا بني الدّنيا حطاماً / يُرى من بعدكمْ بيدِ النِّهابِ
وَقَد أَذلَلتُ ما أَعززتموهُ / فَدأبكُمُ بني الدنيا ودابي
لَقد طَلب العدى منّي معاباً / فَما وَجدوا وَقد وجدوا معابي
وَلا رجّوا ولا حذروا جميعاً / سِوى عقبي ثَوابي أو عقابي
وَمن ذا كانَ لِلخلفاءِ مِثلي / وقد مسّتْ أسِرَّتهم ثيابي
وَقَد عَتِبوا عليَّ وليس يخلو ال / عَدُوُّ ولا الوليُّ من العتابِ
فَما طَرحوا لذي أرَبٍ سؤالي / وَلا تَركوا جَوابي عن خطابي
وَما لِي بَينهمْ إِلّا ليالٍ / عذُبْنَ وغير أيّامٍ طِيابِ
وكمْ يومٍ نصرتُهُمُ وفَرْشِي / قَرا الجُرْدِ المطهّمةِ العِرابِ
كأنّي شامِخٌ في رأس طَوْدٍ / وفي الإسراعِ فوق قطاةِ جابِ
وفي كفّي صقيلٌ لا بصقلٍ / له عهدٌ طويل بالقِرابِ
إذا حَمَلَتْهُ كفّي في هِياجٍ / فويلٌ للجماجمِ والرّقابِ
وقد جمجمتُ عمّا في ضميري / فإنْ بُقّيتُ قلتُ ولم أحابِ
نَبَتْ عينا أُمامةَ عن مشيبي
نَبَتْ عينا أُمامةَ عن مشيبي / وعدّتْ شيبَ رأسي من ذنوبي
وقالتْ لو سترتَ الشَيبَ عنّي / فكم أخفَى التّستّرُ من عيوبِ
فقلتُ لها أُجِلُّ صريح وُدِّي / وإخلاصي عن الشَّعرِ الخضيبِ
وما لَكِ يا أُمامُ مع اللّيالي / إذا طاولْنَ بدٌّ مِنْ مشيبِ
وما تدليس شيبِ الرأس إلّا / كتدليس الوِدادِ على الحبيبِ
فلا تلْحي عليهِ فذاكَ داءٌ / عَياءٌ ضلّ عن حيلِ الطبيبِ
وإنّ بَعيدَ شيبكِ وهو آتٍ / نظيرُ بياض مفرقيَ القريبِ
فَإنْ تأبي فَقومي ميّزي لِي / نصيبَكِ فيه يوماً من نصيبي