المجموع : 3
سَحابُ الجودِ هامي الوَدقِ ساكِب
سَحابُ الجودِ هامي الوَدقِ ساكِب / وَظِلُّ الأَمنِ مُمتَدُّ الجَوانِب
وَعودُ الفَضلِ فَينانٌ وَوَردُ ال / مَكارِمِ وَالنَدى عَذبُ المَشارِب
بِسَيِّدَةِ الحَواضِرِ وَالبَوادي / وَمالِكَةِ المَشارِقِ وَالمَغارِب
بِسَيِّدَةِ النِساءِ وَلا أُحاشي / وَخيرِ العالَمينَ وَلا أُراقِب
بِمَن أَمسى لَها الإِحسانُ دَئباً / وَإِسداءُ العَوارِفِ وَالمَواهِب
بِمَن مَدَّت عَلى الثَقَلينِ ظِلّاً / ظَليلاً لَم تُلِمَّ بِهِ النَوائِب
لِيَهنِ الدَينَ وَالدُنيا جَميعاً / وَأَهلَ الأَرضِ مِن ماشٍ وَراكِب
سَلامَةُ مَن زِنادُ الجودِ وارٍ / بِصِحَّتِها وَنَجمُ العَدلِ ثاقِب
فَيا كَهفَ الأَرامِلِ وَاليَتامى / وَيا بَحرَ العَطايا وَالرَغائِب
وَيا نَجماً يُضيءُ لِكُلِّ سارٍ / وَصَوبَ حَياً يَجودُ لِكُلِّ طالِب
وَمَلجَأَ كُلِّ مَلهوفٍ طَريدٍ / إِذا ضاقَت عَلى الناسِ المَذاهِب
وَيا مَن تَخلُفُ الأَنواءَ جوداً / إِذا ضَنَّت بِدِرَّتِها السَحائِب
وَمَن يَسمو تُرابَ اكأَرضِ تيهاً / لِوَطأَتِها عَلى الشُهبِ الثَواقِب
لَقَد حَسُنَت بِكَ الدُنيا وَراقَت / وَكانَت قَبلُ لا تَصفو لِشارِب
إِذا عوفيتِ عوفي الخَلقُ طُرّاً / وَأَمسوا سالِمينَ مِنَ المَعاطِب
وَعادَ المُلكُ مُبتَهِجاً وَأَمسَت / فُروعُ عُلاهُ سامِيَةَ الذَوائِب
فَلا وَنَتِ البَشائِرُ وَالتَهاني / إِلى أَبوابِها تُزجي الرَكائِب
وَلا بَرَحَ البَقاءُ لَهُ مُطافٌ / بِسُدَّةِ مُلكِها مِن كُلِّ جانِب
وَأَلبَسَها النَعيمُ لِباسَ عِزٍّ / عَلى أَيّامِها ضافي المَساحِب
بِإِقبالٍ تُجَدِّدُهُ اللَيالي / لِدَولَتِها وَتَخدِمُهُ الكَواكِب
وَجَدٍّ يَخفِضُ الحُسّادَ عالٍ / وَنَصرٍ يَقهَرُ الأَعداءَ غالِب
أَيَطمَعُ أَن يُساجِلَكَ السَحابُ
أَيَطمَعُ أَن يُساجِلَكَ السَحابُ / وَهَل في الفَرقِ بَينَكُما اِرتِيابُ
إِذا رَوّى الشِعابَ فَأَنتَ تَروى ال / شُعوبُ بِجودِ كَفِّكَ وَالشِعابُ
يُقِرُّ لَكَ الحَواضِرُ وَالبَوادي / وَيَشكُرُكَ المَحاني وَالهِضابُ
وَأَنواءُ الغِمامِ تَجودُ غَبّاً / وَجودُكَ لا يَغِبُّ لَهُ اِنسِكابُ
وَجارُكَ لا تُرَوِّعُهُ اللَيالي / وَسَرحُكَ لا يَطورُ بِهِ الذُيابُ
إِذا دُعِيَت نَزالِ فَأَنتَ لَيثُ ال / شَرى وَإِذا دَجا خَطبٌ شِهابُ
فَما تَنفَكُّ في حَربٍ وَسِلمٍ / تَذِلُّ لِعِزِّ سَطوتِكَ الرِقابُ
تُظِلُّكَ أَو تُقِلُّكَ سابِقاتٍ / هَوادي الطَيرِ وَالجُردُ العِرابُ
فَيَوماً لِلجِيادِ مُسَوَّماتٍ / عَلى صَهَواتِها الإُِسدُ الغِضابُ
وَيَوماً لِلحَمامِ مُرجَّلاتٍ / عَلى وَجهِ السَماءِ لَها نِقابُ
خِفافٌ في مَراسِلِها شِدادٌ / عَلى ضَعفِ الرِياحِ بِها صِلابُ
لَها مِن كُلِّ مَهلِكَةٍ نَجاءٌ / وَكُلِّ تَنوفَةٍ قَذفٍ إِيابُ
إِذا أَوفَت عَلى أَرضٍ طَوَتها / عَواشِرُها كَما يُطوى الكِتابُ
كَأَنَّ جَوائِزَ الغاياتِ مِنها / عَلى أَكتافِها ذَهَبٌ مُذابُ
تَنالُ بِجَدِّكَ الطَلَباتِ حَتماً / فَليسَ يَفوتُها مِنها طِلابُ
وَتَصدُرُ عَن مَراحِلِها سِراعاً / كَما يَنقَضُّ لِلرَجمِ الشِهابُ
تَخوضُ دِماءَ أَفئِدَةِ الأَعادي / فَمِنهُ عَلى مَعاصِمِها خِضابُ
كَأَنَّكَ مُقسِمٌ في كُلِّ أَمرٍ / مَرومٍ أَن يَلينَ لَكَ الصِعابُ
يُحَصِنُها ذُرىً شَمّاءُ يَعنو / لَها القُلَلُ الشَوامِخُ وَالهِضابُ
سَمَت أَبراجُها شَرَفاً فَأَمسى / إِلى فَلَكِ البُرُجِ لَها اِنتِسابُ
وَأَجرَيَت العَطاءَ بِها فَأَضحى / لِجودِكَ في نَواحيها عُبابُ
فَتَحسُدُها النُجومُ عُلاً وِفَخراً / وَيَحسُدُ كَفَّ بانيها السَحابُ
إِذا نَهَضَ الحَمامُ بِها فَدونَ / الغَزالَةِمِن خَوافيها حِجابُ
سَواجِعُ يَنتَظِمنَ مُغَرِّداتٍ / حِفافَيها كَما اِنتَظَمَ السَحابُ
كَأَنَّ آعالي الشُرُفاتِ مِنها / غُصونُ أَراكَةٍ خُضرٌ رِطابُ
إِذا خافَت بُغاثُ الطَيرِ يَوماً / كَواسِرَها يِخَوِّفُها العُقابُ
فِداؤُكَ كُلُّ نِكسٍ لا عِقابٌ / لِمُجتَرِمٍ لَديهِ وَلا ثَوابُ
قَصيرِ الباعِ لا جودٌ يُرجىَّ / بِمَجلِسِهِ وَلا بَأسٌ يُهابُ
تُسالِمُ مَن يُحارِبُهُ المَنايا / وَتَرحَمُ مَن يُؤَمِّلُهُ السَرابُ
بَعَثتُ إِلَيكَ آمالاً عِطاشاً / كَما سيقَت إِلى الوِردِ الرِكابُ
عَدَلتُ بِهِنَّ عَن ثَمَدٍ أُجاجٍ / إِلى بَحرٍ مَوارِدُهُ عِذابُ
يُطارِحُ جودُهُ شُكري فَمِنّي ال / ثَناءُ وَمِن مَواهِبِهِ الثَوابُ
فَتىً أَمسى لَهُ الإِحسانُ دَأباً / وَما لي غيرَ شُكرِ نَداهُ دابُ
لَهُ سِجلانِ مِن جودٍ وَبأسٍ / وَفي أَخلاقِهِ شُهدٌّ وَصابُ
فَذابِلُهُ وَوَابِلُهُ لِحَربٍ / وَجَدبٍ حينَ تَسأَلُهُ جَوابُ
يُريكَ إِذا اِنتَدا لَيثاً وَبَدراً / لَهُ مِن دَستِهِ فَلَكَ وَغابُ
دَعوتُكَ يا عِمادَ الدينِ لَمّا / أَضاعَتني العَشائِرُ وَالصَحابُ
وَأَسلَّمَني الزَمانُ إِلى هُمومٍ / يَشيبُ لِحَملِ أَيسَرِها الغُرابُ
وَأَلجَأَني إِلى اِستِعطافِ جانٍ / أُعابِتُهُ فَيُغريهِ العِتابُ
صَوابي عِندَهُ خَطَأٌ فَمَن لي / بِخلٍ عِندَهُ خَطاي صَوابُ
إِلى كَم تَمضغُ الأَيّامُ لَحمي / وَيَعرُقُني لَها ظُفُرٌ وَنابُ
تُقارِعني خُطوبٌ صادِقاتٌ / وَتَخدَعُني مَواعيدٌ كِذابُ
فَكَيفَ رَضيتُ دارَ الهَونِ داراً / وَمِثلي لا يُرَوِّعُهُ اِغتِرابُ
مُقيماً لا تَخُبُّ بي المَطايا / وَلا تَخدي بِآمالي الرِكابُ
كَأَنَّ الأَرضَ ما اِتَسَعَت لِساعٍ / مَناكِبُها وَلا لِلرِزقِ بابُ
لَحى اللَهُ المَكاسِبَ وَالمَساعي / إِذا أَفضى إِلى الضَرَعِ اِكتِسابُ
أَفِق يا دَهرُ مِن إِدمانِ ظُلمي / وَإِعناتي فَقَد حَلِمَ الإِهابُ
مَتى اِستَطرَقتُ نائِبَةً فَعِندي / لَها صَبرٌ تَليدٌ وَاِحتِسابُ
تَنَوَّعَتِ المَصائِبُ وَالرَزايا / وَأَمري في تَقَلُّبِها عُجابُ
بِعادٌ وَاِقتِرابٌ وَاِجتِماعٌ / وَتَفريقٌ وَوَصلٌ وَاِجتِنابُ
وَكُلُّ رَزيَّةٍ مادام عِندي / أَبو نَصرٍ يَهونُ بِها المُصابُ
فَتىً في كَفِّهِ لِلذَبِّ عَنّي / حُسامٌ لا يُفَلُّ لَهُ ذُبابُ
خِضَمٌّ لا تُضَعضِعُهُ العَطايا / وَعَضبٌ لا يُثَلِّمُهُ الضِرابُ
لَهُ وَالسُحبُ مُخلِفَةٌ جِفانٌ / مُذَعذَعَةٌ وَأَفنِيَةٌ رِحابُ
فَدونَكَ مُحصِناتٍ مِن ثَنائي / نَواهِدَ لَم تُزَنَّ وَلا تُعابُ
ثَناءٍ مِثلِ أَنفاسِ الخُزامي / أَرَبَّ عَلى حَواشيهِ الرَبابُ
صَريحٌ لا يُخالِطُهُ رِياءٌ / بِمَدحٍ في سِواكَ وَلا اِرتِيابُ
تَزورُكَ في المَواسِمِ وَالتَهاني / بِمَدحِكَ غادَةٌ مِنها كِعابُ
أَلا أَبلِغ عِمادَ الدينِ عَنّي
أَلا أَبلِغ عِمادَ الدينِ عَنّي / وَقَبِّل عِندَ رُؤيَتِهِ التُرابا
وَصِف شَوقي وَأَهدِ لَهُ سَلامي / وَأَحسِن في الدُعاءِ لَهُ المَثابا
وَقُل يا خَيرَ أَهلِ الأَرضِ نَفساً / وَآباءً وَأَرحَبَهُم رَحابا
بَعَثتُ أَبا الفُتوحِ إِلَيكَ فَاِجلِس / لَهُ وَاِرفَع لِمَقدَمِهِ الحِجابا
وَزِدهُ مِنكَ إِكراماً وَقُرباً / وَأورِدهُ خَلائِقَكَ العِذابا
وَراعِ حُقوقَ مُرسِلِهِ قَديماً / وَعَجِّل مَااِستَطَعتَ لَهُ الإِيابا
فَقَد وافاكَ مِن بَلَدٍ بَعيدٍ / وَقَد أَنضى الرَواحِلَ وَالرِكابا
فَإِنّي قَد بَعَثتُ بِهِ رَسولاً / إِلَيكَ وَقَد خَتَمتُ لَهُ الكِتابا
وَقَد وَكَّلتُهُ وَشَرَطتُ أَن لا / يُفارِقَ ساعَةً لِلحُكمِ بابا
وَتَأخُذ مِن كَمالِ الدينِ عَهداً / بِأَنَّكَ في الحُكومَةِ لا تُحابى
إِلى أَن يَستَقِصَّ جَميعَ دَيني / وَيَستَوفيهِ عَيناً أَو ثِياباً
وَها أَنا قَد ضَمَمتُ عَلى رَجاءٍ / يَدي وَجَلَستُ أَرتَقِبُ الجَوابا
لِأَنظُرَ ما يَكونُ مآلَ أَمري / أَأَخطَأَ فيهِ ظَنّي أَم أَصابا
فَإِمّا أَن أُضَمِّنَ فيكَ شعري / ثَناءً أَو أُضَمِّنَهُ عِتابا