جَزى اللَهُ الأَجَلُّ المَرءَ نوحاً
جَزى اللَهُ الأَجَلُّ المَرءَ نوحاً / جَزاءَ البِرِّ لَيسَ لَهُ كِذابُ
بِما حَمَلَت سَفينَتُهُ وَأَنجَت / غَداةَ أَتاهُمُ المَوتُ القُلابُ
وَفيها مِن أَرومَتِهِ عِيالٌ / لَديهِ لا الظِماءُ وَلا السِغابُ
وَإِذ هُم لا لَبوسَ لَهُم تَقيهِم / وَإِذ صَمُّ السِلامِ لَهُم رِطابُ
عَشِيَّةَ أَرسَلَ الطوفانَ تَجري / وَفاضَ الماءُ لَيسَ لَهُ جِرابُ
عَلى أَمواجِ أَخضَرَ ذي حَبيكٍ / كَأَنَّ سُعارَ زاخِرِهِ الهِضابُ
وَأُرسِلَتِ الحَمامَةُ بَعدَ سَبعٍ / تَدُلُّ عَلى المَهالِكِ لا تَهابُ
تَلَمَّسُ هَل تَرى في الأَرضِ عَيناً / وَغايَتُهُ بِها الماءُ العُبابُ
فَجاءَت بَعدَما رَكَضَت بِقِطفٍ / عَلَيهِ الثَأطُ وَالطينُ الكُثابُ
فَلَمّا فَرَّشوا الآياتِ صاغوا / لَها طَوقاً كَما عُقِدَ السِخابُ
إِذا ماتَت تُوَرِّثُهُ بَنيها / وَإِن تُقتَل فَلَيسَ لَها اِستِلابُ
بِآيَةِ قامَ يَنطُقُ كُلُّ شَيءٍ / وَخانَ أَمانَةَ الديكِ الغُرابُ
كَذي الأَفعى يُرَبّيها لَدَيهِ / وَذي الجِنِيِّ أَرسَلَها تُسابُ
فَلا رَبُّ المَنِيَّةِ يَأمَنَنها / وَلا الجِنِيُّ أَصبَحَ يُستَتابُ
بِإِذنِ اللَهِ فَاِشتَدَت قِواهُم / عَلى مَلَكَينِ وَهيَ لَهُم وِثابُ
وَفيها مِن عِبادِ اللَهِ قَومٌ / مَلائِكُ ذُلِّلوا وَهُمُ صِعابُ
سَراةُ صَلابَةٍ خَلقاءَ صيغَت / تُزِلُّ الشَمسَ لَيسَ لَها إِيابُ
وَأَعلاقُ الكَواكِبِ مُرسَلاتٌ / تُرَدَّدُ وَالرِياحُ لَها رِكابُ
وَأَعلاطُ النُجومِ مُعَلَّقاتٌ / كَحَبلِ القِرقِ غايَتُها النِصابُ
غُيوثٌ تَلتَقي الأَرحامُ فيها / تُحِلُّ بِها الطَروقَةُ وَاللِجابُ
وَتَرذى النابُ وَالجَمعاءُ فيهِ / بِوَحشِ الأَصمَتَينِ لَهُ ذُبابُ