تُغازِلُني المَنيَّةُ مِن قَريبِ
تُغازِلُني المَنيَّةُ مِن قَريبِ / وَتَلحَظُني مُلاحَظَةَ الرَقيبِ
وَتَنشُرُ لي كِتاباً فيهِ طَيِّي / بِخَطِّ الدَهرِ أَسطُرُهُ مَشيبي
كِتابٌ في مَعانيهِ غُموضٌ / يَلوحُ لِكُلِّ أَوّابٍ مُنيبِ
أَرى الأَعصارَ تَعصِرُ ماءَ عودي / وَقِدماً كُنتُ رَيّانَ القَضيبِ
أَدالَ الشَيبُ يا صاحِ شَبابي / فَعُوِّضتُ البَغيضَ مِنَ الحَبيبِ
وَبَدَّلتُ التَثاقُلَ مِن نَشاطي / وَمِن حُسنِ النَضارَةِ بِالشُحوبِ
كَذاكَ الشَمسُ يَعلوها اِصفِرارٌ / إِذا جَنَحَت وَمالَت لِلغُروبِ
تُحارِبُنا جُنودٌ لا تُجارى / وَلا تُلقى بِآسادِ الحُروبِ
هِيَ الأَقدارُ وَالآجالُ تَأتي / فَتَنزِلُ بِالمُطَبَّبِ وَالطَبيبِ
تُفَوِّقُ أَسهُماً عَن قَوسِ غَيبٍ / وَما أَغراضُها غَيرُ القُلوبِ
فَأَنّى بِاِحتِراسٍ مِن جُنودٍ / مُؤَيَّدَةٍ تُمَدُّ مِنَ الغُيوبِ
وَما آسى عَلى الدُنيا وَلَكِن / عَلى ما قَد رَكِبتُ مِنَ الذُنوبِ
فَيا لَهَفي عَلى طولِ اِغتِراري / وَيا وَيحي مِنَ اليَومِ العَصيبِ
إِذا أَنا لَم أَنُح نَفسي وَأَبكي / عَلى حوبي بِتَهتانٍ سَكوبِ
فَمَن هَذا الَّذي بَعدي سَيَبكي / عَلَيها مِن بَعيدٍ أَو قَريبِ