أتسمع أنّه صوت الشباب
أتسمع أنّه صوت الشباب / فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز / يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ / من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب / و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس / و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى / على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري / و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد / سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا / و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها / و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ / هديتهم إلى النسب القراب
تؤلّف بينهم و تذود عنهم / ذياد الليث عن أشبال غاب
أتذكر في الشام لنا عهودا / معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات / من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا / من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي / إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول / فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي / و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني / فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي / خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا / و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو / إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي / جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا / و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما / فأغضي قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا / حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي / وجلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور / خبا لألاؤها تحت التراب
أتعذلني و قلبي في وجيب / من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى / فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه / رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا / تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي / و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي / إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي / و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن / إلى آدابك الغرّ انتسابي