أَجَدَّ القَلبُ هَجراً وَاِجتِنابا
أَجَدَّ القَلبُ هَجراً وَاِجتِنابا / لِمَن أَمسى يواصِلُنا خِلابا
وَمَن يَدنو لِيُعجِبَنا وَيَنأى / فَقَد جَمَعَ التَدَلُلَ وَالكِذابا
فَكَيفَ قَتَلتِنا يا أُمَّ بَدرٍ / وَلا قَتلٌ عَلَيكِ وَلا حِسابا
أَلا تَجزينَ مَن أَثنى عَلَيكُم / وَأَحسَنَ حينَ قالَ وَما اِستثابا
تَصَدَّت بَعدَ شيبِكَ أُمُ بَدرٍ / لِتَطرُدَ عَنكَ حِلمَكَ حينَ ثابا
بِجَيدِ غَزالِ مُقفِرَةٍ وَماحَت / بِعودِ أَراكَةٍ بَرَداً عِذابا
كَأَنَّ سُلافَةً خُلِطَت بِمسكٍ / لِتُعليَها وَكانَ لَها قِطابا
تَرى فيها إِذا ما بَيَّتَتها / سَواري الزَوجِ وَالتثمَ الرُّضابا
لِيَغتَبِقَ الغِلالَةَ مِن نَداها / صَفا فوها لِمُغتَبِقٍ وَطابا
يَرودُ ذُرى النَسيمِ لَها بِشَوقٍ / أَصابَ القَلبَ فاطَّلعَ الحِجابا
أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطينِ مِنها / وَغُرثى حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا
إِذا مالَت رَوادِفُها بِمَتنٍ / كَغُصنِ البانِ فاِضطَربَ اضطِرابا
تَهادى في الثيابِ كَما تَهادى / حَبابُ الماءِ يَتَّبِعُ الحَبابا
تَرى الخِلخالَ وَالدملوجَ مِنها / ما أُكرِها نَشبا وَهابا
أَبَت إِن كُنتَ تَأَمَلُ أُمَّ بَدرٍ / نَوىً قَذَفٌ بِها إِلّا اِغتِرابا
فَكَيفَ طِلابُها وَحَلَلتَ فَلجاً / وَحَلَّت رَملَ دَومَةَ فالجِنَابا
إِذا ما الشَيءُ لَم يُقدَر عَليهِ / فَلا ذِكرى لِذاكَ وَلا طِلابا
أَلا من مُبلِغِ الشُعَراءِ أَنّي / خَصيتُ ابنَ المَراغَةِ حينَ شابا
إِذا خُصيَ الحِمارُ كَبا وَطاشَت / قَوائِمُهُ وَكانَ لَهُ تَبابا
أَحينَ رَأيتَني صرمت شَذاتي / وَجَدَّ الجَريُ واِنتَصَبَ اِنتَصابا
تَعَذَّرَ مِن هِجائيَ فَرطَ حَولٍ / فَقَد ذَهَبَ العِتابُ فَلا عِتابا
فَأَثبِت لي سَوادِكَ لا تُضَوَّر / فَقَد لاقيتَ مِن ضَرمي ذُبابا
وَأَبصِر وَسمَ قِدحِكَ واِبتَغيهِ / لَئيماً لا طِماحَ وَلا اِشتِعابا
أَتَفخَرُ يا جَريرُ وَأَنتَ عَبدٌ / مِنَ الرَمكيَةِ اِقتَضبَ اِقتِضابا
فَلا تَفخَر فَإِنَّكَ مِن كُلَيبٍ / وَقارِب إِن وَجَدتَ لَهُ اِقتِرابا
فَإِنَّكَ واِنتِحالَكُم لِهاباً / كَذاتِ الشَيبِ تَنتَحِلُ الشَبابا
وَفيمَ اِبنُ المَراغَةِ مِن لِهابٍ / وَفُرسانِ الَّذينَ علوا لِهابا
والا تَفتَخِر بِبَني كُلَيبٍ / فَما كانوا الصَريحَ وَلا اللُبابا
وَلا أَصلُ الكُلَيب لَهُ أَرومٌ / وَجَدتَ وَلا فُروعَهُم رِطابا
وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ بَني كُلَيبٍ / بِشَرِّ قَرارة وُجِدَت شِعابا
وَلَمّا أَن وَزَنتُ بَني كُلَيبٍ / فَما وزنت مَكارِمُهُم صُؤابا
فَخَرتَ بِغَيرِهِم وَفَرَرتَ مِنهُم / وَكُنتَ مُناضِلا كَرِهَ النِصابا
تَرى لِلؤُمِ فَوقَ بَني كُلَيبٍ / سَرابيلا وَأقبيَةً صِلابا
خَوالِدَ لا تَراها الدَهرَ تَبلى / إِذا الأَيامُ أَبلينَ الثيابا
كَسَوتُهُم عَصائِبَ باقياتٍ / يَشدونَ الرؤوسَ بِها اِعتِصابا
فَألأمُ أَعيُنٍ لِبَني كُلَيبٍ / إِذا وَلَّوا وَأَلأمُهُ رِقابا
فَلَستَ بِواجِدٍ لِبَني كُلَيبٍ / كُهولا صالِحينَ وَلا شَبابا
أَبانَ اللَهُ لؤمَ بَني كُلَيبٍ / فَسَوّى بَينَ أَعيُنهم كِتابا
فان زاغَت بِنسبتها كُلَيبٌ / أَبانَ الخَطَ فاِنتَسَب اِنتِسابا
زعمتَ ابنَ الأَتانِ وَأَنتَ عَبدٌ / حَقيقٌ أَن تُعَذَّبَ أَو تُهابا
وَلَكِن هي زَواجِرُ مُقرفاتٌ / رَعينَ كِناسَهُ وَزَجَرنَ هابا
وَردَّ عَلَيكَ حُكمُكَ مُغرَباتٌ / سَوابِقُ ما اِستَطَعتَ لَها جَوابا
هم آباؤُهُم مَنَعوكَ قِدما / وَفَكَوّا مِن عَشيرَتِكِ الرِقابا
بَنو السَعدَينِ تَغضبُ لي وَتَلقى / غُدانَةَ وَالحَرامَ لَكُم غِضابا
وَإِنَّ الناصِرينَ أَعَزُّ نَصرا / وَأَكرَمَهُ اذا اِنتَسَبوا اِنتِسابا
بِذي لَجَبٍ مِنَ الفَرعَينِ سَعدٍ / وَدُفّاعِ الرِبابِ سَما وَشابا
لَهُم عيصٌ أَلَفُّ لَهُ فُروعٌ / سَمَت صُعُدا فَجاوَزتِ السَحابا
وَنَحنُ غَداةَ تَتبَعُنا تَميمٌ / وَردنا بِالمُعقبَّةِ الكُلابا
سَمونا لِلعُلى حَتّى رَفَعنا / بِتَيمٍ وَالمُعقبةِ العُقابا
وَبالدَجنيَّتَينِ لَقيتَ ذُهلاً / وَعمروٌ جَدّعتَكَ عَلى إِرابا
فَخرتَ ابنَ الأَتانِ بِذاتِ كَهفٍ / وَغَيرُكَ أَنزَلَ المُلكَ المُصابا
تُعَيِّرُنا ابنَ ذاتِ القُنبِ تيما / سَتَعلَمُ مَن يَكونُ لَهُ غِضابا
فَهلا قُنبَ أَمِكَ كُنتَ تَحمي / وَلَم تَغضَب لِبَيتٍ أَن يُعابا
أَلَم تَسأَل حَراماً ما فَعَلنا / بِسَجحَةَ إِذ غَزَوتَ بِها الرِبابا
وَجَيشٌ حَولَ سَجحَةَ مِن حَرامٍ / غَزا فَغَزَت نَقيبَتُهُ وَخابا
فَلَمّا أَن لَقوا مِنّا لِيوثا / تُشَبِّهُها المُعَبَّدةَ الجِرابا
عَلَوناهُم بِبضٍ مُرهَفاتٍ / نَقُطُّ بِها الجَماجِمَ وَالرِقابا
قَليلاً ثُمَّ أُسَلِمَهُم رَئيسٌ / تَرى في الجَيدِ مُحملَهُ سِخابا
إِذا سَجَدَت توليهِم هَريقاً / كَما نَجلَ البَياطِرَةُ الإِهابا
طَرَدناهُم مِنَ الأَوداةِ حَتّى / حَملناهُم عَلى نَقوى حِدابا
نَكرُّ الخَيلَ عابِسَةً عَلَيهِم / نُقَحِّمُها بِنا رُتَباً صِعابا
فَذَلِكَ يَومَ لَم تَمنَع كُلَيبٌ / عَوانا في البُيوتِ وَلا كعابا
جَزَزنا يَومَ ذَلِكَ مِن كُلَيبٍ / نُواصيَ لا نُريدُ لَها ثَوبا
أَسَجحَةُ يا جَريرُ لَكُم أَحَلَّت / نِكاحَ المَيتِ قَد لَقيَ الحِسابا
فَلا تابَ الإِلَهُ عَلى جَريرٍ / إِذا عَبدٌ مِنَ السوءاتِ تابا
تُعانِقُ أُمَّ حَزرَةَ وَهي نَعشٌ / تُكَشِّفُ عَن جِنازَتها الثيابا
تَرَكتُكَ حاقِراً إِن كُنتَ تَبكي / عَلى الأَمواتِ تَلتَمِسُ الضِرابا
أَنَختُ بِكُلِّ مَبرَكَةٍ جَريرا / فشابَ وَمِثلُ مبركِهِ أَشابا
يَنوحُ عَلى حِداب أَبو جَريرٍ / وَعمروٌ جَدّعتَكَ عَلى حِدابا
وَلَم تَكُ لَو قَتَلتَ أَباكَ نيكا / لِتَمنَعَ زُبدَ أَيسَرَ أَن يُذابا
فَما شَهِدَ الكُلَيبُ غَداةَ جَمعٍ / وَلا فُقِدَ الكُلَيبُ غَداةَ غابا
وَما كُنتَ المُصيبَ غداةَ جانٍ / بِذي أَنفٍ فَتَدَّعيَ المُصابا
وَأَلهَتكَ الأَتانُ فَما شَهِدتُم / عِتاقَ الخَيلِ تَستَلِبُ النِهابا
وَما شَهِدوا مُحيرَةَ إِذ مَلأَنا / فروجَ الأَرضِ فُرساناً وَغابا
وَلا نَقلانَهُنَ بِذاتِ غِسلٍ / وَبِالعَيكَينِ يَحوينَ النِهابا
صَبحناهُم كَتائِبَ معلَماتٍ / نَكرُ الطَعنَ فيهِم وَالضِرابا
وَما شَهِدَت نِساءُ بَني حَريصٍ / غُداةَ جَدودَ فُرسانا غِضابا
سَبَقنا بِالعُلى وَبَنو كُلَيبٍ / تُبادِرُ مَنزِلَ الرَكبِ الغُرابا
إِناؤُكَ مَيلَغٌ وَأَبوكَ كَلبٌ / فَلَستَ بِغالِبٍ أَحَدا سِبابا
وَلَكِن مِنكَ مَن تَركَ السَبايا / تُعارِضُ بِالمَلمَّعةِ الرِكابا
فَوارِسُ مِن بَني جُشَمِ بِن بَكرٍ / هُم أَغتَصَبوا بَناتِكُم اِغتِصابا
وَفُرسانُ الهُذيلِ هُم اِستَباحوا / فروجَ بَناتِكُم بابا فَبابا
وَقَد كانَت نِساءُ بَني كُلَيبٍ / لِفيشَلَ مِن تَخَلَّسَها عِيابا
إِذا اِبتَلَعَت مَناطِقَها وَطارَت / مَناطِقُها إِذا انتَعَلَت جِنابا
يَفِرُّ مِنَ الأَذانِ أَبو جَريرٍ / فَإِنَّ نَهيقَ الحِمارُ لَهُ اِستِجابا
يُطارِدُ أُتنَهُ بِذَواتِ غِسلٍ / يُهيجُ وَداقُهُنَّ لَهُ هِبابا
تُوَلِّيهِ الأَتانُ إِذا عَلاها / سَنابِكَ مِن حَوافِرِها صِلابا
إِذا قَمصت عَضَضتَ بِكاذ تَيها / وَإِن رَمِحت فَإِنَّكَ لَن تَهابا
وَفي كُلِّ القَبائِلِ مِن كُلَيبٍ / كَسَرنَ ثَنيَّةً وَهَتمنَ نابا
لِعادتها الَّتي كانَت كُلَيبٌ / تُذيلُ بِمِثلِها الأُتُنَ الصِعابا
لَعَلَّكَ يا بنَ ذاتِ النِكثِ تَرجو / مُغالَبَتي وَلَم تَرثِ الغِلابا
وَأَنتَ أَذَلُ خَلقِ الله نَفسا / وَقَومُكَ أَكثَرُ الثَقَلينِ عابا
فَلَولا النِكثُ تُنسِجُهُ كُلَيبٌ / أَلا تَبّا لِنَكثِكُم تَبابا
تَعَقَّبتُ الكَليبَ وَرَنَّحَتها / ضَواحي السَبِّ تَلتَهِبُ اِلتِهابا
بِأَعَورَ مِن بَني العَوراءَ نِكثٍ / رَمى غَرَضَ النِضالِ فَما أَصابا
دَعا النَزوانَ يا جَحشَي كُلَيبٍ / وَذوقا إِذا قَرَنتُكُما الجِنابا
قَرَنتُكُما بِأَلوى مُستَمِر / يَعِزُّ عَلى معالجهِ الجِذابا
إِذا عَلِقَ المَقارِنَ دَقَّ مِنهُ / مِنَ العُنُقِ المُقَدَّمِ أَو أَنابا
مِضَمٌّ يَلحَقُ التالينَ ضَمّا / وَيَشتَعِبُ المُعقَّبةَ اِشتِعابا