المجموع : 4
عليك بملعب الرشأ الربيب
عليك بملعب الرشأ الربيب / وصد النفس عن مغنى لعوب
وما قولي وقد ذهبت شعاعاً / يا نفس اذهبي جزعاً وذوبي
وجيران بجنب منىً سقاهم / بصبه رباب حيا سكوب
مضى عصر الشباب الطلق نهباً / بأسرهم وذا عصر المشيب
تذب عن اللما المعسول منهم / لحاظ جآذر بلحاظ ذيب
أيا ريم الأجيرع حبذا لو / بقلبي ترتعي حب القلوب
وترعي الطرف زهر أريض روض / بمرعى فوق خدك غير موبي
أحبك ما بدت في الأفق شمس / ومال أخو الغزالة للمغيب
أحلئ عن ورودك ثم أدنوا / دنو الطير حام على قليب
حناناً كم قرعت عليك نابا / وكم رحلت يوم نواك نيبي
غداة قطيع رمل الجزع صفحا / تنافر قاطعاً رمل الكثيب
واعفر من ظباء القاع خشف / يشير إليَّ بالعنم الرطيب
ترصد رقدة الرقباء حتى / ذا ما هومت عين الرقيب
أتى والليل رطب الذيل يمشي / على وجل بمهزوز قضيب
والوى الجيد تذرف مقلتاه / وحيا بالخضيب وبالشنيب
فقمت إليه أرشف منه ريقاً / ألذَّ من المدامة للشروب
وبتنا حيث لا عين ترانا ال / عشية غير معقوص السبيب
بليل لا نراقب فيه إلا / نسيم الصبح هب من الجنوب
يصادقني الحديث به وألهو / أموه عنه بالفجر الكذوب
إلى أن لاح حاجبه طلوعاً / ومال النجم يجنح للغروب
فقمت مودّعاً أملود غصن / سرى بمسيَّر البرد القشيب
وجئت الحي لم تعلق برودي / سوى عبق تعلق بالجيوب
وهي جلدي وما رست الخطوبا
وهي جلدي وما رست الخطوبا / فلم يغمزن لي عوداً صليبا
لئن أورثنني شجنا طويلا / فما قصرن لي باعاً رحيبا
بكى نضوي فهيج إذ رثالي / جوى أورى الفؤاد به لهيبا
عجبت يحن من كلف وشوق / وكنت أظنه نضواً طروبا
يذكرني رغاه بغام ظبي / أغنَّ الصوت قد سلب القلوبا
إذا هب النسيم الرطب وهنا / ثنى من عطفه غصناً رطيبا
يريك بوجهه قمراً شروقا / إذا استبخلته لبس الغروبا
وكم قد شمت من رشأ ربيب / ولم أرَ مثله رشأ ربيبا
إذا انسابت أفاعي الجعد دبت / عقارب فوق عارضه دبيبا
ولست أشم من دارين طيبا / إذا استنشقت من صدغيه طيبا
يحبك يا غزال الجزع قلبي / فيجزع ريبة أن تتريبا
وهب لك باللوى وطن فإني / أرى لك في الحشا مرعى خصيبا
بودّي أن أقبل منك نحرا / وارشف مرشفاً خصِراً شنيبا
وعيشك لم يفز بالعيش إلّا / محب بات يعتنق الحبيبا
أطعت ذوي الهوى بهوى حبيب / عصيت به المعنف والرقيبا
إذا استعطفته يحمرّ غيضا / ولم يرع اصفراري والشحوبا
نضا عن منكبيَّ رداء صبري / فألبسني الأسى برداً قشيبا
ومن يخفي الهوى فرقا فإني / به أبدي الصبابة والنحيبا
ولما لم أفز بالوصل منه / ولم أر من مودته نصيبا
غدوت أقول والأجفان تهمي / كغادية الحياء دما سكوبا
يؤجج في الحشا عباس نارا / يكاد القلب منها إن يذوبا
تراه الناس بسّاماً فمالي / أراه علي عبّاسا قطوبا
قطعت سهول يثرب والهضابا
قطعت سهول يثرب والهضابا / على شدنية تطوي الشعابا
سرت تطوي الفدافد والروابي / وتجتاز المفاوز والرحابا
إذا انبعثت يثور لها قتام / لوجه الشمس تنسجه نقابا
يجشمها المهالك مشمعل / يخوض من الردى بحراً عبابا
هزبر من بني الكرار أضحى / يؤلب للوغى أسداً غضابا
غداة تألبت أرجاس حرب / لتدرك بالطفوف لها طلابا
فكر عليهم بليوث غاب / لها اتخذت قنا الخطي غابا
إذا انتدبت وجردت المواضي / تضيّق في بني حرب الرحابا
وهبَّ بها لحرب بني زياد / لدى الهيجا قساورة صلابا
فبين مشمر للموت يصبو / صبوَّ متيم ولها تصابى
وآخر في العدى يعدو فيغدو / يكسِّر في صدورهم الحرابا
إلى أن غودرت منهم جسوماً / ترى قاني الدماء لها خضابا
وضلَّ يدير فرد الدهر طرفاً / ينادي بالنصير فلن يجابا
فمهما كرَّ ضلت منه رعبا / أسوداً لحرب تضطرب اضطرابا
يصول بأسمر طوراً وطورا / بأبيض صارم يفري الرقابا
وأروع لم تروّعه المنايا / إذا ازدلفت تجاذبه جذابا
يهز مثقفاً ويسلّ عضبا / كومض البرق يلتهب التهابا
نضا للضرب قرضابا صنيعا / أبى إلا الرقاب له قرابا
رمى ورموا سهام الحتف حتى / إذا ما أخطأوا مرمىً أصابا
إلى أن خرَّ منعفرا كسته / سواقي الريح غادية ثيابا
وما أخطأت من نشب فمما
وما أخطأت من نشب فمما / رمى فأصابني حظ الأديب
يصيب السهم وهو بكف مخط / ويخطي السهم في كف المصيب