المجموع : 4
أَخي وَاللَهِ قَد مُلِئَ الوِطابُ
أَخي وَاللَهِ قَد مُلِئَ الوِطابُ / وَداخَلَني بِصُحبَتِكَ اِرتِيابُ
رَجَوتُكَ مَرَّةً وَعَتَبتُ أُخرى / فَلا أَجدى الرَجاءُ وَلا العِتابُ
نَبَذتَ مَوَدَّتي فَاِهنَأ بِبُعدي / فَآخِرُ عَهدِنا هَذا الكِتابُ
سَكَتُّ فَأَصغَروا أَدَبي
سَكَتُّ فَأَصغَروا أَدَبي / وَقُلتُ فَأَكبَروا أَرَبي
وَما أَرجوهُ مِن بَلَدٍ / بِهِ ضاقَ الرَجاءُ وَبي
وَهَل في مِصرَ مَفخَرَةٌ / سِوى الأَلقابِ وَالرُتَبِ
وَذي إِرثٍ يُكاثِرُنا / بِمالٍ غَيرِ مُكتَسَبِ
وَفي الرومِيِّ مَوعِظَةٌ / لِشَعبٍ جَدَّ في اللَعِبِ
يُقَتِّلُنا بِلا قَوَدٍ / وَلا دِيَةٍ وَلا رَهَبِ
وَيَمشي نَحوَ رايَتِهِ / فَتَحميهِ مِنَ العَطَبِ
فَقُل لِلفاخِرينَ أَما / لِهَذا الفَخرِ مِن سَبَبِ
أَروني بَينَكُم رَجُلاً / رَكيناً واضِحَ الحَسَبِ
أَروني نِصفَ مُختَرِعٍ / أَروني رُبعَ مُحتَسِبِ
أَروني نادِياً حَفلاً / بِأَهلِ الفَضلِ وَالأَدَبِ
وَماذا في مَدارِسِكُم / مِنَ التَعليمِ وَالكُتُبِ
وَماذا في مَساجِدِكُم / مِنَ التِبيانِ وَالخُطَبِ
وَماذا في صَحائِفِكُم / سِوى التَمويهِ وَالكَذِبِ
حَصائِدُ أَلسُنٍ جَرَّت / إِلى الوَيلاتِ وَالحَرَبِ
فَهُبّوا مِن مَراقِدِكُم / فَإِنَّ الوَقتَ مِن ذَهَبِ
فَهَذي أُمَّةُ اليابا / نِ جازَت دارَةَ الشُهُبِ
فَهامَت بِالعُلا شَغَفاً / وَهِمنا بِاِبنَةِ العِنَبِ
رَمَيتُ بِها عَلى هَذا التَبابِ
رَمَيتُ بِها عَلى هَذا التَبابِ / وَما أَورَدتُها غَيرَ السَرابِ
وَما حَمَّلتُها إِلّا شَقاءً / تُقاضيني بِهِ يَومَ الحِسابِ
جَنَيتُ عَلَيكِ يا نَفسي وَقَبلي / عَلَيكِ جَنى أَبي فَدَعي عِتابي
فَلَولا أَنَّهُم وَأَدوا بَياني / بَلَغتُ بِكِ المُنى وَشَفَيتُ ما بي
سَعَيتُ وَكَم سَعى قَبلي أَديبٌ / فَآبَ بِخَيبَةٍ بَعدَ اِغتِرابِ
وَما أَعذَرتُ حَتّى كانَ نَعلي / دَماً وَوِسادَتي وَجهَ التُرابِ
وَحَتّى صَيَّرَتني الشَمسُ عَبداً / صَبيغاً بَعدَ ما دَبَغَت إِهابي
وَحَتّى قَلَّمَ الإِملاقُ ظُفري / وَحَتّى حَطَّمَ المِقدارُ نابي
مَتى أَنا بالِغٌ يا مِصرُ أَرضاً / أَشُمُّ بِتُربِها ريحَ المَلابِ
رَأَيتُ اِبنَ البُخارِ عَلى رُباها / يَمُرُّ كَأَنَّهُ شَرخُ الشَبابِ
كَأَنَّ بِجَوفِهِ أَحشاءَ صَبٍّ / يُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإِيابِ
إِذا ما لاحَ ساءَلنا الدَياجي / أَبَرقُ الأَرضِ أَم بَرقُ السَحابِ
أَيَدري المُسلِمونَ بِمَن أُصيبوا
أَيَدري المُسلِمونَ بِمَن أُصيبوا / وَقَد وارَوا سَليماً في التُرابِ
هَوى رُكنُ الحَديثِ فَأَيُّ قُطبٍ / لِطُلّابِ الحَقيقَةِ وَالصَوابِ
مُوَطَّأَ مالِكٍ عَزِّ البُخاري / وَدَع لِلَّهِ تَعزِيَةَ الكِتابِ
فَما في الناطِقينِ فَمٌ يُوَفّي / عَزاءَ الدينِ في هَذا المُصابِ
قَضى الشَيخُ المُحَدِّثُ وَهوَ يُملي / عَلى طُلّابِهِ فَصلَ الخِطابِ
وَلَم تَنقُص لَهُ التِسعونَ عَزماً / وَلا صَدَّتهُ عَن دَركِ الطِلابِ
وَما غالَت قَريحَتَهُ اللَيالي / وَلا خانَتهُ ذاكِرَةُ الشَبابِ
أَشَيخَ المُسلِمينَ نَأَيتَ عَنّا / عَظيمَ الأَجرِ مَوفورَ الثَوابِ
لَقَد سَبَقَت لَكَ الحُسنى فَطوبى / لِمَوقِفِ شَيخِنا يَومَ الحِسابِ
إِذا أَلقى السُؤالَ عَلَيكَ مُلقٍ / تَصَدّى عَنكَ بِرُّكِ لِلجَوابِ
وَنادى العَدلُ وَالإِحسانُ إِنّا / نُزَكّي ما يَقولُ وَلا نُحابي
قِفوا يا أَيُّها العُلَماءُ وَاِبكوا / وَرَوّوا لَحدَهُ قَبلَ الحِسابِ
فَهَذا يَومُنا وَلَنَحنُ أَولى / بِبَذلِ الدَمعِ مِن ذاتِ الخِضابِ
عَلَيكَ تَحِيَّةُ الإِسلامِ وَقفاً / وَأَهليهِ إِلى يَومِ المَآبِ