أعار الحسن وجنته لهيبا
أعار الحسن وجنته لهيبا / ليمنع نمل عارضه دبيبا
وأفرغه الصبا قمراً فلما / تلظت نار وجنته أذيبا
إذا استرشفت من برد الثنايا / أخاف عليه من نفسي لهيبا
إذا ما افتر شمت وميض برق / وإن سميته الثغر الشنيبا
تغنى حجله فحسبت غصنا / ثنته صبا فأوقع عندليبا
إذا هضم الصبا كشحيه أوفى / بردف ماج مرتجاً كثيبا
فها أنا منثنٍ أدنو إليه / إذا ما اهتز معتدلاً رطيبا
وهل أنا راجع بعناق ظبي / رشا قد تيم الرشأ الربيبا
فأنعم من على الغبراء عيشا / محب باب معتنقاً حبيبا
سفرت لناظري زهراً مندى / فدع لي طيب نشرك أن يطيبا
إذا منه أنست غريب حسن / أتاك بغيره حسناً غريبا
وتحسب وجهه قمراً فيرنو / فتحسب لحظه سيفاً قشيبا
إذا رمت السلو اشتد وجدي / وزاد على الوجيب به وجيبا
وعيشك أيها الرشأ المفدى / لعيشي دون وصلك لن يطيبا
ولست أمد لي أمداً بعيدا / إذا ما كنت لي فيه قريبا
فذات الطوق لو نظرت إليه / لأصبح جيدها منه سليبا
وصور قرطه صنما فخرت / له الأصداغ تعبده صليبا
متى ما كافر الظلماء يدعى / لمرسل شعره لبى مجيبا
فإما لاح حير كل لب / فلم تر عند مرآه لبيبا
رشا تعشو النواظر منه نورا / فلا أخشى بنظرته الرقيبا
أغار الشمس لما واجهته / بمطلعها فودت أن تغيبا
وأخجل قرصها فاحمر حتى / حسبت شعاعها الكف الخضيبا
ولاح لها بمطلعها اضطراب / اتنحو الأفق أم تنحو المغيبا
هوى قد ضاق صدر الصب فيه / ولازمه فعاد به رحيبا
أقام بعينه فغدا سهادا / وحل بقلبه فغدا وجيبا
ووإني قد قرضت الشعر حبا / لذكرك لا لأن أدعى أديبا
فلست ترى به لفظاً غريباً / ولا معنى به إلا غريبا
ولست كسائر الشعراء شعري / تعود أن يثاب ولا يثيبا
ولست أقول هذا العشر إلا / فخاراً أو عتاباً أو نسيبا
لقد سفرت به الظلماء حتى / غدا وضح الصباح به قشيبا
فعرسنا بأروع هاشمي / يريض بسيبه البلد الجديبا
لو الغيث استعار نداه مجرى / لما عرف الورى بلداً جديبا
وأمطر ثم عن برد وتبر / وأسبل برقه غيثاً صبيبا
فتى قد عرقت عدنان فيه / وذاك العرق أحرى أن يطيبا
رأته الباسم العباس يوماً / ويوماً مستماحاً أو مهيبا
فتى ما شب عن طوق علاه / ولكن ساد شبانا وشيبا
لقد ضمت مخايله مزايا / له أبت النقيبة أن يخيبا
فقم هن به الحسن المفدى / زعيم المجد والروض الخصيبا
فتى شرع المكارم للبرايا / فكان هناك أوفرهم نصيبا
ترف عليه ألوية المعالي / إذا ما سار يملكها جنيبا
ألم يعلم مقبل راحتيه / بأيهما حياً يهمي صبيبا