المجموع : 3
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى / كعابٌ شعرها الذهب المذابُ
عيون تفتن الألبابَ سودٌ / ووجه منه يندفق الشباب
لَقَد أَرسلت عَن بعد كتاباً / إلى لَيلى فَما رجع الجواب
فَما أَدري أَليلى لَم ترد أَن / تجيب عليه أَم ضاع الكِتاب
وَلَم أَر مثل لَيلى في حَياتي / فَتاة لا يمل لها جناب
يريد الحسن من لَيلى سفوراً / فيدفن ذلك الحسن الحِجاب
تلاقينا فَطالَ لدى التَلاقي / عَلى طول النوى منا العتاب
سَكَتنا حين ذمونا وَعابوا
سَكَتنا حين ذمونا وَعابوا / وإن سكوتنا عنهم جوابُ
وَهَل ضَرر عَلى قمر تسامى / إذا نبحت عَلى القمر الكلاب
أَرى عند الَّذي يأَتي اِنتقاداً / إذا كثر الحجى قلّ السباب
أَرى ناساً لهم دون البَرايا / وجوه حين تَلقاها صلاب
إذا ما الصدق أَعوزهم لقدح / فإن سلاحهم فيه الكذاب
سطا نفر عَلى آداب قوم / كذاك تعيث في اللَيل الذئاب
كَثير من يعاديني فيؤذي / وأَكثر من يعاديني الصحاب
وأَما الشاتِمون لغير شيء / فَلي من أَمرهم عجبٌ عجاب
لَقَد ساءَلت لَو أَجدى سؤالي / وَقَد عاتبت لَو نفع العتاب
وَما ذَنبي إليهم غير أني / إذا خاطبتهم صدق الخطاب
وَلست بمن يداجي مستبداً / تذل له من الناس الرقاب
وَكَم من فارغ يَطفو لنفخ / بمارنه كَما يَطفو الحباب
إذا ما ضاقَ بي يوماً مَكان / فإن مسالكي عنه رحاب
وَهَل يَحلو مَقامي في بلاد / تساوى الرأس فيها وَالذناب
وَلَيسَ تعوقني عَن أَرض مصر / إذا يممتها الطرق الصعاب
وإني إن ذهبت أُريد مصراً / فَلَيسَ يضر بغداد الذهاب
سَأَرحَل جاعلاً بغداد خَلفي / فَما عَيشي بها إلا عَذاب
وَما زالَت من الأعداء فيها / موجهة إلى صَدري الحراب
مناي هيَ الَّتي قد خادَعَتني / فَقَد لمعت كَما لمع السراب
وَلا أَرجو السَعادة بعد شيبي / فقد ذهبت كَما ذهب الشباب
وإن قَضَت السياسة لي سقوطاً / فَكَم ينقض في ليل شهاب
ذببت عَن العراق وَعن بنيه / وَلَم يكُ لي سوى الإصلاح داب
وَعلمتُ الشباب فكان منهم / جزائي أَن يحقِّرني الشَباب
وَرب صَنيعة نفعت أُناساً / فكانَ لغير فاعلها الثواب
أَقول لمن يداهنني وجاهاً / وَيثلبني إذا كانَ الغياب
بنيت القول حين أَفضَت فيه / عَلى جهل فأَخطأك الصواب
حذار من العباب فلا تخضه / مخافة أَن يطوحك العباب
لعمر أَبيك ما الوطن المفدى / بيوت للمقام وَلا تراب
بل الوطن العَزيز مثار ذكرى / لأجداد ثووا فيه وَغابوا
وَفي شَيخوخَتي سأَسير منه / وإن الشيخ ليسَ له مآب
رأَيت السيف قد ملك الشعوبا
رأَيت السيف قد ملك الشعوبا / ولم أَر أَنَّه ملك القلوبا
رأَيت له محاسن فائقات / كما أني رأَيت له عيوبا
رأَيت الحقد بعد السيف يبقى / بمكمنه فينتظر الوثوبا
متى ما مسَّ حرَّ الوجه سيفٌ / رأَيت مكانه منه خضيبا
وإن له جروحاً مبقيات / إذا التأمت بصاحبها ندوبا
إذا ما السيف سل بغير حق / فأحرِ به هنالك أَن يخيبا
وكل حكومة بالسيف تقضي / فإن أَمامها يوماً عَصيبا
وليس يدوم للأعلين عز / وإن لكل طالعة غروبا
إذا رجع الخصوم إلى التقاضي / فإن السيف أَكبرهم ذنوبا