القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 6
أدارَ الكأس مترعةً شرابا
أدارَ الكأس مترعةً شرابا / وأهداها لنا ذهباً مذابا
وقد غارت نجوم الصبح لمَّا / رأته وهو قد كشفَ النقابا
وقالَ ليَ الهوى فيه اصطحبها / وطِبْ نفساً بها فالوقت طابا
ونحنُ بجنَّةٍ لا خلدَ فيها / ولا واش نخاف به العقابا
ونارُ الحسن في وَجَنات أحوى / من الغلمان تلتهب التهابا
أدرها يا غلام عَليَّ صرفاً / وأرشفني بريقتك الرضابا
أدرها مُزَّة تحلو وَدَعني / أُقبِّل من ثناياك العذابا
أراش سهامَ مقلته غريرٌ / إذا أرمى بها قلباً أصابا
وطافَ بها على الندمان يسعى / كأَنَّ بكفِّهِ منها خضابا
وشَرِبٍ يشهدون الغيَّ محضاً / إذا الشيطان أبصرهم أنابا
عكفت بهم على اللَّذَّات حتَّى / قرعت بهم من الغايات بابا
متى حجب الوقار اللَّهو عنهم / رأوا أنْ يرفعوا ذاك الحجابا
وقاموا للَّتي لا عيبَ فيها / يرَوْنَ بتركها للعاب عابا
كأَنَّ مجالس الأفراح منهم / كؤوس الرَّاح تنظمهم حبابا
تريك مذاهباً للقومِ شتَّى / وتذهب في عقولهم ذهابا
تحرَّينا السرور وَرُبَّ رأيٍ / أرادَ الخِطْءَ فاحتمل الصوابا
وما زلنا نريق دمَ الحميَّا / ونشربها وقد ساغتْ شرابا
إلى أن أقلعت ظلم الدياجي / كما طيَّرتَ عن وكرٍ غرابا
وغنَّتنا على الأَغصان وُرْقٌ / نهزّ لهنَّ أعطافاً طرابا
وقد ضحكَ الأَقاح الغضُّ منَّا / وأبصرَ من خلاعتنا عجابا
وظلّ البان يرقص والقماري / تغنِّيه انخفاضاً وانتصابا
وفينا كلُّ مبتهج خليعٍ / طروب شبَّ عارضه وشابا
إذا شرب المدام وأطربته / أعادَ على المشيبِ بها الشبابا
ألا بأبي من العشَّاق صبٌّ / متى ذكر الغرام له تصابى
بكُلِّ مهفهفِ الأعطاف يعطو / بجيد الظبي روع فاسترابا
إذا وطئ التراب بأخمصيه / تمنَّى أن يكون له ترابا
وأيم الله إنك مستهام / إذا استعذبت في الحبِّ العذابا
أعدْ لي ذكر أقداحٍ كبارٍ / ملاءً من شربك أو قرابا
وخلِّ اليوم عنك حديث سلمى / فلا سلمى أريد ولا الربابا
ومن قول الشجيّ سألت ربعاً / خلا ممَّن أُحبّ فما أجابا
وخذ بحديث سلمانٍ فإنِّي / أحبّ به الثناء المستطابا
يهاب مع الجمال ولا يدارى / ويوصف بالجميل ولا يحابى
فلو فاكهته لجنيت شهداً / ولو عاديته لشهدت صابا
ولم ترَ قبله عينٌ رأته / جميلاً راح محبوباً مهابا
ينوب عن الصَّباح إذا تجلَّى / وما ناب الصَّباح له منابا
بنفسي من أفديه بنفسي / وما فدَّاه من أحدٍ فخابا
رغبت عن الأنام به فأضحى / يطوِّقني أياديه الرغابا
فكان ليَ الثناء عليه دأباً / وكان له الندى والجود دابا
هم الرأس المقدَّمُ من قريش / يريك الناس أجمعها ذنابا
وهم من خير خلق الله أصلاً / وفرعاً واحتساباً وانتسابا
ويرضى الله ما رضيت قريشٌ / ويغضب إنْ هم راحوا غضابا
ففيهم شيَّد الله المعالي / وفيهم أنزل الله الكتابا
أولئك آلُ بيتٍ أنزلوها / تراثاً عن أبيهم واكتسابا
شواهق من جبال المجد تسمو / مفاخرها وأبنية رحابا
وأخلاقاً مهذَّبة لِداناً / وإيماناً من الجدوى رطابا
إليكم ننتمي وبكم نباهي / من البحر الشرايع والعبابا
وفي الدَّارين ما زلنا لديكم / نجوز الأجر منكم والثوابا
وأبلغ ما يكون به التَّمنِّي / دنوًّا من جنابك واقترابا
زماناً راعني بنواك شهراً / فما لي لا أريع به الركابا
فليس العيدُ ما أوفى بعيدٍ / ولم أشهد به ذاكَ الجنابا
وعاتبنا بفرقتك الليالي / على ما كانَ حزناً واكتئابا
فأمَّا أقصر الأَشراف باعاً / فأطولهم مع الدُّنيا عتابا
فيا قمراً عن الزوراء غابا / زماناً للتنزُّه ثمَّ آبا
طلعت طلوع بدر التِّمِّ لمَّا / غَرَبْتَ فلا لقيت الاغترابا
وجئت فجئتنا بالخيرِ سيلاً / تُسيلُ به الأباطح والهضابا
فإنَّك كلَّما استُسقيت وبلاً / سقيت وكنت يومئذٍ سحابا
فمن مِنَح شرحتَ لنا صدوراً / ومن مِنَنٍ تقلّدها الرقابا
ولمَّا أنْ نظمتُ له القوافي / ولجت بها على الضرغام غابا
وقمتُ عليه أُنشدُها وأهدي / لحضرته الدعاء المستجابا
إذا منع اللئيم ندى يديهِ / أبى إلاَّ انصباباً وانسكابا
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي / فراح يذكر أيّام الشباب
يذيل مدامعاً قد أرسَلَتها / لواعج فرط حزن واكتئاب
وأبصره العذول كما تراه / بما قاسى شديد الاضطراب
وفي أحشائه وجدٌ كمينٌ / يعذّبه بأنواع العذاب
فلام ولم يُصِب باللّوم رشداً / وكان العذر أهدى للصواب
جفته الغانيات وقد جفاها / فلا وصل من البيض الكعاب
وكان يروعه من قبل هذا / هوى سلمى وزينب والرباب
يروع إلى الدمى صابٍ إليها / ويأنس في أوانها العراب
أعيدي النَّوح يا ورقاء حتَّى / كأنَّكِ قد شكوتكِ بعض ما بي
بكيت وما بكيت لفقد إلفٍ / على أني أصبتُ ولم تُصابي
وذكّرني وميض البرق ثغراً / برود الشرب خمري الرضاب
وما أظمأك يا كبدي غليلاً / إلى رشف الثنايات العذاب
أتنسى يا هذيم غداة عُجنا / على ربع نهاب للذهاب
فَأوْقَفْنا المطيَّ على رسوم / كآثار الكتاب من الكتاب
وأطلال لميَّةَ باليات / بكت أطلالَها مقلُ السحاب
نسائلها عن النائين عنها / فتعجز يا هذيم عن الجواب
هنالك كانت العبرات منا / خضاباً أو تنوب عن الخضاب
أُمني النفس بعد ذهاب قومي / بما يرجو المفارق من إياب
ذريني يا أميم من الأماني / فما كانت خلا وعد كذاب
ذريني أصحب الفلوات إنِّي / رأيتُ الجدَّ أوفقَ بالطلاب
فما لي يا أميمة في خمول / يطول به مع الدنيا عتابي
سقيم بين ظهراني أناسٍ / أروم بهم شراباً من سراب
يجنّبني نداهم صَون عرضي / وتركي للدنيّة واجتنابي
وكم لي فيهمُ من قارصات / وما نفدت سهام من جعابي
سأرسلها وإنْ كانت حثياً / عليها من أباة الضيم آبي
وإنّي مثلما عَلِمَتْ سُعادٌ / وقورُ الجأش مِقْلاقُ الركاب
وأدَّرع القتام لكلّ هول / كما أغمدت سيفاً في قراب
وأصحبُ كلّ مُبْيضّ السجايا / وجنح الليل مسودّ الإهاب
ليأخذ من أحاديثي حديثاً / غنياً عن معاطاة الشراب
بمدح محمَّدٍ ربّ المعالي / ورائق صفوة الحسب اللباب
وها أنا لا أزال الدهر أثني / عليه بالثناء المستطاب
فأطرب فيه لا طرب الأغاني / وكأس الراح ترقص بالحباب
إذا دارٌ نَبتْ بي رحَّلَتها / عزائم باسل عالي الجناب
أطرّزُ باسمه بُرْدَ القوافي / كوشي البرد طرز بالذهاب
وفيه تنزل الحاجات منا / وتنزل في منازله الرحاب
إذا آب الرجاءُ إليه لاقى / بساحة مجده حسن المآب
تواضع وهو عالي القدر سامٍ / ولا عجبٌ هو ابنُ أبي تراب
شريف من ذؤابة آل بيتٍ / براء في الدنا من كل عاب
يشرفني إذا أدنيت منه / دنوّي من علائي واقترابي
وفيما بيننا والفضل قربى / من العرفان والنسب القراب
أهيم بمدحه في كل وادٍ / وأقرع في ثناه كل باب
إلى حضراته الأمداح تجبى / ومن ثم انتَمى فيها لجابي
يرغّب فضله الفضلاء فيه / ويطمعهم بأيديه الرغاب
عطاء ليس يسبقه مطال / وقد يعطي الكثير بلا حساب
وينفق في سبيل الله مالاً / لأبناء السبيل وفي الرقاب
جزى الله الوزير الخير عنا / وأجزاه بأضعاف الثواب
فقد سَرَّ العراقَ ومن عليها / بقاضٍ لا يروغ ولا يحابي
وأبقى الله للإسلام شيخاً / به دفع المصاب عن المصاب
بمثل قضائه فصل القضايا / ومثل خطابه فصل الخطاب
من القوم الذين عَلَوْا وسادوا / كما تعلو الرؤوس على الذناب
أطلّوا بالعلاء على البرايا / كما طلّ الجبال على الروابي
ليهنك أنت يا بغداد منه / بطلعة حسن مرجوٍ مهاب
أقام العدل في الزوراء حتَّى / وجدنا الشاء يأنس بالذئاب
وأنى لا يطاع الحق فيها / ولا تجري الأمور على الصواب
وسيف الله في يد هاشميّ / صقال المتن مشحوذ الذباب
خروجك من دمشق الشام ضاهى / خروج العضب أصلت للضراب
وجئت مجيء سيل الطمّ حتَّى / لقد بلغ الروابي والزوابي
بعلم منك زخّار العباب / وفضل منك ملآن الوطاب
فمن هذا ومن هذا جميعاً / أتيت الناس بالعجب العجاب
وراح الناس يا مولاي تدعو / لعزك بالدعاء المستجاب
فلا أفلتْ نجومك في مغيب / ولا حُجِبَتْ شموسُك في ضباب
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ / يحوزُهما مَجيدٌ أو نَجيبُ
وفي هذا الزَّمان من البرايا / لمحمودَين ساقَهما النصيب
تَورَّث علمَهم قَمَرُ الفتاوى / وشمسٌ ما لها أبداً مغيب
وحازَ فخارهم وكذا علاهم / وجودهم تَوَرَّثه النقيب
ذكرتُ على النوى عهد التَّصابي
ذكرتُ على النوى عهد التَّصابي / فأشجاني وهيَّجَ بعضَ ما بي
وشوَّقني معالم كنتُ فيها / بأنعم طيبِ عيشٍ مستطاب
فَبِتُّ احِنُّ من شوق إليها / كما حنَّ المشيبُ إلى الشباب
سقى تلك الديار وساكنيها / مُلِثُّ القَطر منهلّ الرباب
فكم ظبيٍ هنالك في كناسٍ / ينوب بفتكه عن ليث غاب
بنفسي من أفدّيه بنفسي / ويعذب في تجنّيه عذابي
ولي قلبٌ تَوَقَّدَ في التهابٍ / ولي دمع توالى بانسكاب
وليلٍ طال بالزفرات منّي / ولم يقصر لحزني واكتئابي
وكم همٍ أساءَ إلى فؤادي / وطال مع الزمان به عتابي
وأزعجني عن الأحباب بينٌ / وبالبينِ انزعاجي واضطرابي
تعلِّلني بموعدها الأماني / وما التعليل بالوعد الكذاب
وتطمعني بما لا أرتجيه / وهل أرجو شراباً من سراب
وما فَعَلتْ بأصحابي المنايا / فأبْقَتْني وقد أخَذَتْ صحابي
وما لي من أُنيب إليه يوماً / إذا ما عضّني يوماً بناب
وما كتَبتْ يدايَ له كتاباً / ولكن كانَ في أمِّ الكتاب
أذاقَنيَ النَّوى حلواً ومرًّا / وجرّعني الهوى شهداً بصاب
أطوِّف في البلاد وأنتحيها / فما أغنى اجتهادي في الطّلاب
وأيَّةُ قفرة لم أرْمِ فيها / ولم أُزْعِجْ بِمَهْمَهها ركابي
لبستُ غُبارها وخرجت منها / كما استلَّ الحُسام من القراب
ولم أبلُغْ مقام العزّ إلاَّ / بعبد القادر العالي الجناب
وما نلنا المنى من السّعي حتَّى / نَزَلْنا في منازله الرِّحاب
كريم طيب الأخلاق بَرٍّ / بيوم الجود أندى من سحاب
فما سُئِل النَّدى والجودَ إلاَّ / وأسْرَعَ بالثواب وبالجواب
إذا ما أُبْت بالنَّعماء عنه / حَمِدْتُ بفضله حُسنَ المآب
أو انتَسَبَ انجذابٌ من قلوب / فما لسواه ينتسِبُ انجذابي
فيا بدرَ الجَمال ولا أُماري / ويا ربَّ الجميل ولا أحابي
سَأشكرُ فضلَك الضّافي وأدعو / لمجدك بالدعاء المستجاب
على نِعمٍ بجودك قد أُفيضَتْ / ولا ترجو بها غير الثواب
وممَّا سَرَّني وأزالَ همِّي / دُنُوِّي من جنابك واقترابي
ولم أبْرَحْ أهيمُ بكلّ وادٍ / وأقْرَعُ في ثنائك كل باب
وأرغَبُ عن سواك بكل حالٍ / وأطْمَعُ في أياديك الرغاب
ولم تبرحْ مدى الأيام تُدعى / لكشف الضر أو دفع المصاب
أصاب بما حباك به مشيرٌ / مشيرٌ بالحقيقة والصواب
وولاّك العمارة إذ تولى / أُمورَ الحكم بالبأس المهاب
فقُمْت مقامه بالعدل فيها / وقد عمرتها بعد الخراب
وذلَّلْتَ الصِّعاب وأنتَ أحرى / وموصوف بتذليل الصعاب
فلا يحزنك أقوال الأعادي / فما جَزِعَتْ أسودٌ من كلاب
لقد حلَّقْتَ في جَوِّ المعالي / فكنتَ اليومَ أمْنَعَ من عقاب
عَلَوْتَ بقَدْرِك العالي عليهم / كما تعلو الجبال على الرَّوابي
وما ضاهاك من قاصٍ ودانٍ / بعدل الحكم أو فصل الخطاب
وحُزْتَ مكارم الأخلاق طرًّا / ومنها جئت بالعجب العجاب
ألا يا سيّدي طال اغترابي / فرخِّصْ لي فَدَيْتُك بالذهاب
فأرجعُ عنك مُنْقَلِباً بخير / وأحْمَدُ من مكارمك انقلابي
وأنظِمُ فيك طول العمر شكراً / كما انتظم الحباب على الشراب
وليس يهمُّني في الدهر همٌّ / وفيك تَعَلُّقي ولك انتسابي
فمن شوقٍ إلى وطنٍ وأهلٍ / غَدَوْتُ اليومَ ذا قلبٍ مذاب
ومن مرضٍ أٌقاسيه ووجدٍ / رضيتُ من الغنيمة بالإياب
هَلُمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
هَلُمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ / ونرعى جانِبَ العيش الخصيبِ
نعاشر أهْلَهُ ونقيمُ فيه / بخفض العيش من حسن وطيب
كرامٌ قد نزلت بهم غريباً / فكانوا سلوة الرجل الغريب
وعبد الواحد الموصوف فيهم / بطول الباع والصَّدر الرَّحيب
هو الشَّهم الَّذي لا عيب فيه / سوى العرض النقيّ من العيوب
لقد تُقنا إلى ذاك المحيَّا / ولا تَوْقَ المحبِّ إلى الحبيب
فحيِّ ابنَ المبارك من كريم / أحبّ إلى القلوب من القلوب
يرى فعل الجميل عليه فرضاً / وصنع المكرمات من الوجوب
نُصيبُ بفضله الأَعراض منه / ونرجع عنه في أوفى نصيب
حكى إحسانه صوب الغوادي / فقلنا ديمة القطر الصَّبيب
إذا المستصرخون دَعَوْه يوماً / فقد أمنت بكشَّاف الكروب
وإنْ أبْصَرَتْ منه البِشْرَ يبدو / فأبشرْ منه بالفرج القريب
يلذّ لدى سؤال ندى يديه / فيثني عطف مرتاح طروب
ومبتسم بوجه الضَّيف زاه / ووجه الدَّهر مشتدّ القطوب
أَجَلّ عصابة كرمت وجادت / على العافين في اليوم العصيب
كريمٌ قد تفرَّع من كريم / نجيبٌ ينتمي لأبٍ نجيب
رأيت الأَكرمين على ضروب / وهذا خير هاتيك الضروب
وقَدْرٍ ما استخفَّته الرَّزايا / ولا راعته قارعة الخطوب
ولا استهْوَتْه نَفْسٌ في هوانٍ / ولم يَدْنُ إلى أدنى معيب
منارٌ يُستمدُّ الرأي منه / وعنه رميَّة السَّهْمِ المصيب
فأَشهَدُ أنَّه فردُ المعالي / وما أنا منه في شكٍّ مريب
عليه ذوو العقول إذَنْ عيالٌ / وها هو إرْبةُ الفطن الأَريب
فتعرض رأيُها أبداً عليه / كما عرض المريض على الطَّبيب
فداك الباخلون وهم كثيرٌ / فداءَ النَّحر من بُدنٍ ونيب
بيومٍ عنده الإِنفاق فيه / أشدّ على الجبان من الحروب
ولا أَفلَتْ كواكِبُك الزَّواهي / ولا أَذِنَتْ شموسُكَ للغروب
تَلفَّتَ في مَنازل آلِ مَيٍّ
تَلفَّتَ في مَنازل آلِ مَيٍّ / فَلَمْ يَرَ يا سُلَيْمى من يُحِبُّ
فلم يرقأ له إذ ذاك طرف / ولم يَصْبِرْ له إذ ذاك قلب
وتحتَ ضلوعِه للوجدِ نار / تَشُبُّ من الشجون وليس تخبو
يُلامُ على الهوى من غير علمٍ / وهل يصغي إلى اللّوام صبُّ
وأطلال بميثاء دروساً / سَقَتْ أطلالها سحب وسحب
تذكّرني بها فيها التّصابي / وعَيشاً كلُّه لهو ولعب
وغزلاناً لها في القلب مرعًى / ومن عَبرات هذا الطرف شرب
ويجمَعُنا ومن نهواه شملٌ / بحَيثُ يضمُّنا والحيّ شِعب
وحيث الشّيحُ ينفحُ والخزامى / وحيث البانُ لدن القدّ رطب
إلى أرواحها ترتاح روحي / وألقى بالأحِبَّة ما أُحِب
ولي حتَّى أرى الأحبابَ فيها / على الأيام طول الدهر عتب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025