قِفا بينَ الثَنّيةِ والمُصَلَّى
قِفا بينَ الثَنّيةِ والمُصَلَّى / على جَبَلٍ دَنا حتَّى تَدَلَّى
وإن أبصَرتُما ناراً فَقُولا / تُرَى أيُّ القُلوبِ عليكِ يُصلَى
منَ العَرَبِ الكِرامِ كُماةُ حَربٍ / تُناظِرُهُم كرَائِمُ لَسْنَ غُزْلا
إذا ما أرهَفوا نَصلاً لِقتلٍ / فهُنَّ أشَدُّ بالأجفانِ قَتْلا
رجالٌ يَنحَرونَ البُزْلَ جُوداً / وغِيدٌ تَنحَرُ العُشَّاقَ بُخْلا
تَرى نارَ القِرَى في الحيِّ تَعلُو / ونِيرانُ الهَوَى أعلَى وأغلَى
على ذاكَ الكَثيبِ لنا سَلامٌ / يُكاثِرُ في الكَثيِبِ الفَرْدِ رَمْلا
كَثِيبٌ قامَ فيهِ رَشِيقُ عِطْفٍ / نُشبِّهُهُ بِغُصنِ البانِ جَهْلا
رَشاً في الحيِّ تَغزلُ مُقلَتاهُ / تُرَى مَنْ علَّمَ الغِزلانَ غَزْلا
إذا أتْحَفتَ عَينيهِ بِكُحلٍ / يقولُ أراكَ تُهدي الكُحْلَ كُحْلا
رُويدَكَ أيُّها الجاني بطَرْفٍ / فكم جَنَتِ الليالي السُودُ قبلا
أدُورُ على رِضاكَ ولا أراهُ / كأنِّي طالبٌ لِسعِيدَ مِثْلا
عزيزٌ قد تَوَلَّى تختَ مصرٍ / فعَزَّ بمجدِ وَطْأتِهِ وجَلاّ
تُشِيدُ بحمدِهِ مِصرٌ ويدعو / لهُ مَنْ صامَ في مِصرٍ وصَلَّى
فَتىً لو كانَ ماءُ النيلِ مالاً / لَفرَّقَهُ على السُؤَّالِ بَذْلا
ولو كانَ المُقطَّمُ مِنْ عِداهُ / لشاهدتَ المُقطَّمَ صارَ سَهْلا
لقد جَمَعتْ بهِ النيلَينِ مِصرٌ / ولكنْ أشرَفُ النيلَينِ أحلَى
هُما النيلانِ من ذَهبٍ وماءٍ / قَدِ اجتَمعَا فَلْيسَ تَخافُ مَحْلا
يمينٌ تَملأُ الآفاقَ جُوداً / وقَلبٌ يَملأُ الأقطارَ عَدْلا
وحِلمٌ مَدَّ فوقَ الرِّيفِ رِيفاً / وحَزْمٌ قامَ فوقَ النَخلِ نَخلا
سليمٌ مُخلِصٌ سِرّاً وجَهراً / كريمٌ مُحسِنٌ قَوْلاً وفِعْلا
يَرَى من صالحِ الأعمالِ فَرْضاً / عليهِ ما تَراهُ النَّاسُ نَفْلا
إذا صَلَدت زنادُ الرأيِ أورى / وإن عقدتْ أيادي الدَّهر حلّا
يلاقي ما يفرُّ الليث منه / ويحمل ما يدكُّ الطَّود ثِقلا
نرى خيرَ الكِرامِ أباً وأُمّاً / تَولَّى عَهدَ خيرِ النَّاسِ نَجْلا
أتَتْ مِصرَ الخِلافةُ ذاتَ خِدرٍ / فكانتْ لا تُرِيدُ سِواهُ بَعْلا
أعزُّ بني العُلَى أصلاً وفَرْعاً / وأكرَمُ رَهْطِها وَضعْاً وحَمْلا
نُجِلُّ أباهُ أنْ نَدعُوهُ لَيثاً / وأنْ يُدعَى لِذاكَ اللَّيْثِ شِبْلا
لَعَمرُكُ إنَّ خيرَ الناسِ طُرَّاً / على خَيرِ المَمالكِ قد تَولَّى
دَعَوناها الكِنانةَ إذْ رَأينا / لهُ في أكْبُدِ الحُسَّادِ نَبْلا
كريمٌ ليسَ يَرضَى الفَضلَ حَتَّى / يكُون الفضلُ بينَ الفضلِ فضلا
إذا مَلأتْ يَداهُ سِجالَ رِفْدٍ / نَراها بالغِنَى كَتَبتْ سِجِّلا
قدِ اشتَمَلَتْ مَكَارِمُهُ فَمنْ لم / يصادفْ وابِلاً منها فطلاّ
فلا ثَلَّتْ لهُ الأقدارُ عَرْشاً / ولا نَسَخَتْ لهُ الأيَّامُ ظِلاّ