تَكَدَّرتِ المودّةُ والإخاءُ
تَكَدَّرتِ المودّةُ والإخاءُ / وماتَ الوَصْلُ واعتَلَّ الصَّفاءُ
وبُدِّلَتِ الخَلائقُ واستَحالتْ / فكلُّ مَحبّةٍ فيها رِياءُ
مضى من كانَ يصدُقُ فيه ظَنّي / إذا ما أخلفَ الظنَّ الرّجاءُ
بجانبِ ماكِسيْن ودارَتَيْها / فتىً غبطتْ بهِ الأرضَ السّماءُ
ومَنْعي شَفاني فيه شَكّي / وكانَ يُقالُ إنّ الشّكَّ داءُ
تظاهرتِ السيوفُ عليهِ بَغياً / وحامتْ حولَه الأسَلُ الظِّماءُ
تَجافَي عنه يا قِصَدَ العَوالي / أمالَكَ دونَ مُهْجتِهِ شِفاءُ
وعهدِ اللهِ ما تبغينَ إلاّ / حُشاشَتَهُ وإنْ جَرَتِ الدِّماءُ
دعوتكَ والجَزيرةُ دونَ صوتي / ولولا التُّربُ ما قَصُرَ الدُّعاءُ
وكنتُ أرى فِراقَكَ نأيَ شَهْرٍ / فقد طالَ التنظّرُ والثّواءُ
إذا الخَبرُ الجليُّ شَفى مَشوقاً / ولم يكُ عنكَ في خبرٍ جَلاءُ
أقولُ عسى بهِ شُغُلٌ وإنّي / لأعلم أنّهُ الداءُ العَياءُ
وذاكَ ولو حشَرْتَ له المطايا / فراقٌ لا يكون له لِقاءُ
يَعزُّ على الذوائبِ من تميمٍ / وعيشُكَ أنْ يكونَ له العَزاءُ
سأدّرِعُ الهمومَ عليكَ ثَوباً / صباحي والمساءُ به سَواءُ
شَرِهْتُ إلى البقاءِ وكان لوماً / وهل لي بعدَ فَقدِكُمُ بَقاءُ
لكلٍّ من إخاءِ أخيهِ حظُّ / وحظّي من تذكّركَ البكاءُ
بأيةِ عُدّةٍ ألقى غليلي / إذا لم يَبْقَ في العينينِ ماءُ
لقد ضيعتَنا وغَفَلْتَ عنّا / كما غَفَلَتْ عن الشاءِ الرِّعاءُ
وقد كانَ الإباءُ يَمُدُّ باعي / ويَنفَعُني فقد ضَرَّ الإباءُ
فإن تكن المنيةُ أدركتْهُ / فإنّ الصبحَ يُدركُهُ المَساءُ
تمَلُّ مآربُ الأيام منّا / ونَعشَقُها لقد عظُمَ البَلاءُ
تُراخينا وتَجذِبُنا رويْداً / كما يتداركُ الدّلوَ الرشاءُ
إذا ما واصلتْ غَدَرَتْ وخانتْ / وأعوزَ في خلائِقِها الوَفاءُ
تكِرُّ على الذي تُعطيهِ عَفْواً / فلِمْ كان التبرُّعُ والعَطاءُ
وما شُوْوِرْتُ في خَلقي فأرضى / بما تَقضي عليَّ وما تَشاءُ
ولو خيّرتنا ما اخترتُ عَيْشاً / يكونُ له فَناءٌ وانقِضاءُ
نُعَلَّلُ بالدّواءِ إذا مَرضْنا / وهل يَشفى من الموتِ الدّواءُ
ونختارُ الطبيبَ وهل طبيبٌ / يؤخِّرُ ما يُقَدِّمُهُ القَضاءُ
وما أنْفاسُنا إلاّ حِسابٌ / وما حركاتُنا إلاّ فَناءُ