قضَوا شهداء ليس لهم بواء
قضَوا شهداء ليس لهم بواء / فتمّ لهم على الدهر البقاء
قضوا لعزيز موطنهم ضحايا / فهم لعزيز موطنهم فداء
لهم في موتهم هذا حياة / مخلّدة يجلّلها الثناء
تباشرت الجنان بهم فأمست / بها من حسن مقدمهم بهاء
وحيّا جعفر الطيار منهم / نسوراً في الجنان لها اعتلاء
وطائرة مرفعة الذُنابى / بأجنحة الرياح لها ارتقاء
يجول بها من البنزين روح / كما جالت بأوردة دماء
بعصر الكهرباء أتت فأمسى / لعصر الكهرباء بها ازدهاء
تمرّ كأنها في الجو نَسر / إلى زهر النجوم له انتماء
وتختبط الهواء بساعدَيها / فتعصف منهما الريح الرخاء
فتمضي في الفضاء مضيّ سهم / عن القوس الضروح له ارتماء
فيبصر كالنجوم لها علوّ / ويسمع كالرعود لها رغاء
وقد ترمي الصواعق محرقاتٍ / بها في الأرض يندكّ البناء
قد امتطوُا الرياح بها فطاروا / إلى حيث احتفت بهم السماء
سموا فتضاءلوا فحكوا نجوماً / يصغّرها بأعيننا السناء
وفيهم كان للأوطان حبّ / وفي أوطانهم منهم رجاء
ألا يا طائرين قد استقلّت / بهم في الجوّ ريح جربياء
لقد نزل القضاء بكم أليماً / ولا منجاة إن نزل القضاء
فمتّم ميتةً بيضاء منها / بأعيننا قد أسودّ الفضاء
لقد عظمت مناحتكم فقامت / تنوح بها الحرائر والأماء
وشّققت الجُيوب لكم رجال / ولطمّت الخدود لكم نساء
غبطنا ميتة قد أعقبتكم / حياةً ليس يدركها الفناء
لكم بسقوطكم شرف ففيه / لموطنكم نهوض واعتلاء
ولا تأسَوا على الوطن المفدّى / ففي شبانه لكم الكفاء
فهم خلف لكم فيما أردتم / ولولا ذلكم عزّ العزاء