المجموع : 3
أكانوا كُلُّهُم دَاءً عَيَاءَ
أكانوا كُلُّهُم دَاءً عَيَاءَ / فما يَجِدُ الأُساةُ لهم دَواءَ
ألاَ إنّ النَّطَاسِيَّ المرجَّى / أتى يَلقى الأُلى انتظروا اللِّقاءَ
أتى بالحكمةِ الكُبرى رسولاً / فكانَ لِعلّةِ الدُّنيا شِفَاءَ
أَتَطمعُ زَينبٌ بذراعِ شاةٍ / يُسمَّمُ أن يُضَرَّ وأن يُساءَ
أبى المَلِكُ المُهيمِنُ ما أرادتْ / فَخَيَّبَها وكان لهُ وَقَاءَ
أتَتْ تمشِي بها وتقولُ هذا / طعامُكَ فَارْضَهُ وانعمْ مَساءَ
فقال لصحبِهِ رِزقٌ أتانا / فباسمِ الله لا نُحْصِي ثَنَاءَ
فَلَّما ذَاقَها قال اتركوها / فإنّ اللهَ قد كَشَفَ الغِطاءَ
طَعَامُ السُّوءِ مَسْمُومٌ وهذا / أخِي جبريلُ بالأنباءِ جَاءَ
فَكَفُّوا غَيْرَ بَادِرَةِ لِبِشْرٍ / مَضَتْ قَدَراً لِرَبِّكَ أو قَضاءَ
فَيَا لكِ طَعنَةً لم تُبْقِ منه / لِحاجَةِ نَفْسِهِ إلا ذماءَ
إذا رامَ التَّحَوُّلَ أمسكته / ولو قَدرتْ مَفاصِلُهُ لَناءَ
قَضَاها حِجَّةً من ذاقَ فيها / مَرَارَةَ عَيشِهِ كَرِهَ البقاءَ
وحُمَّ قَضَاؤُهُ فَمَضَى رَضِيَّاً / يُبَوَّأُ جَنَّةَ المأوى جَزاءَ
وقال مُحَمَّدٌ يا آلَ بِشرٍ / كَفَى بِدَمِ التي قُتِلَتْ عَزَاءَ
فلاقَت زَينبٌ قتلاً بقتلٍ / وما كانت لصاحبهم كِفَاءَ
أمَنْ حَمَلَ الخِمَارَ من الغواني / كمن حَمَلَ العِمامَةَ واللِّواءَ
كَذلِكَ حُكمُ ربِّكَ في كتاب / أقَامَ السُّبْلَ بَيِّنَةً وِضَاءَ
هُوَ القِسْطَاسُ أُنزلَ مُسْتَقيماً / لِمن يَزِنُ النُّفوسَ أو الدِّماءَ
أتى يحمي الحُقُوقَ ويقتضيها / فلا جَنَفاً يُريدُ ولا عَدَاءَ
بِناءُ العدلِ ليس به خَفاءٌ / فَسُبحانَ الذي رَفَعَ البِناءَ
ألا خَسِرَ اليهودُ ولا أصابوا / طِوالَ الدَّهرِ خَيراً أو نَماءَ
كَأنَّ الغدرَ عِندَ القومِ دِينٌ / فَما يَدَعُ الرجالَ ولا النساءَ
دَعوا اِستِقلالَ مِصرَ فَقَد عَرَفنا
دَعوا اِستِقلالَ مِصرَ فَقَد عَرَفنا / خَفايا الأَمرِ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ
دَعوا اِستِقلالَكُم يا قَومُ إِنّا / مِن اِستِقلالِكُم هَذا بَراءُ
خُذوهُ إِلى المَقابِرِ فَاِدفُنوهُ / وَقولوا لِلرَئيسِ لَكَ البَقاءُ
فَإن تَكُ خُطَّةً أُخرى فَمَرحى / وَإِلّا فَالتَذَمُّرُ وَالإِباءُ
دَعوها ضَجَّةً لا خَيرَ فيها / فَما يُغني الضَجيجُ وَلا العُواءُ
أَتُغضِبُكُم حَمِيَّةُ كُلِّ حُرٍّ / تُهَيِّجُهُ المُروءَةُ وَالوَفاءُ
خُذوا سُفهاءَكُم يا قَومُ عَنّا / فَقَد طالَ التَحَلُّمُ وَالحَياءُ
أَنُعرِضُ عَن مَقالَتِكُم وَتَأبى / رِقابُ السوءِ ذَلِكُمُ البَلاءُ
أَأَحرارٌ نُجاهِدُ أَم تِجارٌ / وَهَل في مِصرَ بيعٌ أَو شِراءُ
لِواءَ الله بُورِكَ مِن لواءِ
لِواءَ الله بُورِكَ مِن لواءِ / وهل بِجنودِ ربّكِ من خَفاءِ
تُظلِّلُها الملائكُ حين تمشِي / وتقدمها صُفوفُ الأنبياءِ
إذا ما النّصرُ أظلمَ جانباهُ / تَبلّجَ في كتائِبها الوِضاءِ
كتائبُ تركبُ الأقدارَ خَيْلاً / وتَتّخِذُ المعاقِلَ في السّماءِ
تَسُلُّ سُيوفَها فَتَكِلُّ عنها / مَضاربُ كُلِّ أَشطبَ ذِي مَضاءِ
جِهادٌ تقذف الآياتُ فيهِ / بِكلِّ مُدمِّرٍ عَجِلِ الفَناءِ
تَطايَر بالكتائبِ والسّرايا / فَغادَرها كمنتشرِ الهباءِ
يَشقُّ جَوانِحَ الشُّمِّ الجواري / ويعصفُ بالسَّوابحِ في الجِواءِ
حُماةَ الحقِّ صُدُّوا كلَّ عادٍ / ورُدُّوا المُبطلين عنِ الهُراءِ
وَصُونوا الشَّعبَ عن أهواءِ قَومٍ / أضَاعوهُ بِمُنقَطعِ الرّجاءِ
يَصيحُ به الحُماةُ وقد تردَّى / بِمَذْأَبةٍ تَجاوبُ بالعواءِ
أقام بها يُصانِعُ كلَّ طاوٍ / شديدِ الختلِ مُستعرِ الضَّراءِ
تراه على الكِلاءَةِ والتَّوقِّي / مُلِحَّ النّابِ يكرعُ في الدّماءِ
أَغارَ وما تَغَيَّبتِ الدّرارِي / وعاثَ وما غفا ليلُ الرِّعاءِ
لَعمرُ النّاكِثين لقد وَفَيْنا / على ما كان من مَضَضِ الوفاءِ
نصونُ لِمصرَ حُرمَتها ونَحمِي / حقيقَتها ونَصدقُ في الفِداءِ
سَجِيَّتُنا وسنّةُ مَن ورِثنا / من السَّلفِ المُقدّمِ في السَّناءِ
أئِمَّةُ نَجدةٍ ودُعاةُ حقِّ / أقاموا المجدَ مُمتَنِعَ البناءِ
عليهم من جلال الذّكر سُورٌ / تروعك منه سِيما الكبرياءِ
يَهابُ الدّهرُ جانِبَهُ فَينْأَى / ويُغضي النَّجمُ عنه من الحَياءِ
جَثتْ هِمَمُ الخلودِ على ذُراهُ / وأقعت حوله ذِمَمُ البَقاءِ
لعمرك ما حياةُ المرءِ إلا / جَلالُ الذّكرِ في شرفِ الجَزاءِ
إذا لم تَبْنِ قومَكَ حين تبني / فأنت وما تَشيدُ إلى العَفاءِ
حُماةَ النّيلِ كيف بنا إذا ما / أضاعَ النّيلَ وَفدُ الأدعياءِ
هُمُ ائْتَمروا بهِ فَتداركوهُ / وَرُدُّوا عنه عاديَة القَضاءِ
أَيذهبُ بين مَأدُبةٍ وأُخرى / فَبِئْسَ الضّيفُ ضيفُ ذَوي السَّخَاءِ
نُباعُ وما أتَى الأقوامَ شرعٌ / بِبَيْعِ في الشُّعوبِ ولا شِراءِ
فَهلا إذْ أبَى النخّاسُ أَمستْ / تُسامُ نُفوسُنا سَوْمَ الغلاءِ
ألا لا يطمعِ الأقوامُ فينا / فلسنا بالعبيدِ ولا الإماءِ
وكيف يُرَدُّ للجهَلاءِ حُكمٌ / إذا جَهِلَ الشُّعوبَ أولو الدّهاءِ
لِئنْ نكَبوا الكِنانةَ حِينَ جاءوا / لقد نُكِبوا بِشعبٍ ذِي إباءِ
بني التّاميزِ لا تَثِقُوا بوفدٍ / يُبايُعكم على صِدقِ الولاءِ
أرى الزُّعماءَ قد لبسوا جميعاً / لكم ولقومهم ثَوْبَ الرِّياءِ
دَعُوا رُسلَ الوِفاقِ وما أرادوا / فإنّا لا نُريد سوى الجلاءِ
لَئِنْ أَودَى الغليلُ بنا فهذا / أوانُ الرِيِّ للمُهَجِ الظِّماءِ