أطابَ لذلكَ لرشإ الجفاءُ
أطابَ لذلكَ لرشإ الجفاءُ / فلذَّ لأعيني فيهِ البكاءُ
رشاً ذلَتْ لهُ الأسْدُ الضواري / وعزَّتْ في ملاحتهِ الظباءُ
تعلمَ كيفَ تنبعثُ المنايا / وكيفَ تراقُ ي الحبِّ الدماءُ
وعلمَ ناضريهِ الفتكَ حتى / كأن عليهما وقفَ القضاءُ
تلقتهُ الصبا سحراً فمرتْ / وفيها للمحبينَ الشفاءُ
لهُ مني التدللُ والرضاءُ / ولي منهُ التذللُ والإياءُ
فما ألقاهُ إلا في الأماني / وهل يشفي الجوى هذا اللقاءُ
إذا ما شاءَ ردَّ عليَّ نومي / ولكني أراهُ لا يشاءُ
غفتْ تلكَ المرابعُ والمغاني / وما عفتِ المودةُ والإخاءُ
وأصبحتِ الليالي حاسراتٍ / كما لطمتْ عوارضَها النساءُ
وفي قلبي من الهجرانِ سقمٌ / وفي كبدي من الأشواقِ داءُ
وليلٍ بتُّ أقضيهِ بكاءً / وأنجمهُ كآمالي بطاءُ
لو أن على الكواكبِ ما بنفسي / لألقتها إلى الأرضِ السماءُ
همومٌ تشفقُ الأطوادُ منها / وأحزانٌ يضيقُ بها القضاءُ
كأني ما لبستُ الصبحَ تاجاً / تألقُ فوقَ مفرقهِ ذُكاءُ
ولم انضِ الكؤوسَ محجلاتٍ / تخفُّ بها إلى الهم الطلاءُ
بروضٍ تصدحُ الآمالُ فيهِ / ويرقصُ بينَ أيدينا الهناءُ
وقد هبَّ النسيمُ على فؤادي / كنضوِ اليأسِ هبَ لهُ الرجاءُ
كأنَّ في المجرةِ فيهِ نهراً / تحومُ غليهِ أفئدةٌ ظماءُ
وقد أنسَ الحبيبُ ومرَّ يلهو / كما يلهو بمسرحِها الظباءُ
وضرجتِ المدامةُ وجنتيهِ / فكادَ الوردُ يفضحهُ الحياءُ
ومالَ فراحَ يرقصُ كلُّ غصنٍ / وللأغصانِ بالقدِّ اقتداءُ
زمانٌ كانَ مثلَ الصبحِ راحتْ / بهِ الدنيا وأعقبهُ المساءُ
كذاكَ الدهر حالٌ بعدَ حالٍ / لأهليهِ التنعمُ والشقاءُ
إذا سرَّتْكَ أيامٌ أساءتْ / فليتكَ لا تُسَرُّ ولا تُساءُ
وإن لم يبقَ في الدنيا حبيبٌ / فأولها وآخرها سواءُ