شجونٌ نحوَها العشاقُ فاؤا
شجونٌ نحوَها العشاقُ فاؤا / وصبّ ما لهُ في الصبرِ راء
وصحبٌ إن غروا بملام مثلي / فربَّ أصاحبٍ بالإثم باؤا
وعينٌ دمعها في الحبِّ طهرٌ / كأن دموع عيني بيرُ حاء
ولاحٍ ما لهُ هاء وميمٌ / له من صبوتي ميم وهاء
ومثلي ما لعشقتهِ هدوّ / يرامُ ولا لسلوتهِ اهتداء
كأن الحبَّ دائرةٌ بقلبي / فحيثُ الانتهاء الابتداء
بروحي جيرة رحلوا بقلبٍ / أحبَّ وأحسنوا فيما أساؤا
بهم أيامُ عيشي والليالي / هي الغلمانُ كانت والإماء
تولى من جمالهم ربيعٌ / فجاء بنوء أجفاني الشتاء
وبثَّ صبابتي إنسان عيني / فيا عجباً وفي الفم منه ماء
على خدي حميم من دموعي / صديق إن دنوا ونأوا سواء
فأبكي حسرةً حيثُ التَّنائي / وأبكي فرحةً حيثُ اللقاء
كأن بكايَ لي عبدٌ مجيبٌ / فما فرجي إذاً إلاَّ البكاء
بعين الله عينٌ قد جفاها / كرَاهَا والأحبةُ والهناء
لفكرته سرىً في كل وادٍ / كأنَّ حنينهُ فيها حداء
ذكتْ أشواقه فمتى تراها / قباب قبا كما لمعت ذُكاء
بحيثُ الأفقُ يشرِقُ مطلعاه / وحيث سنا النبوَّةِ والسناء
وبابُ محمدِ المرجوِّ يروَى / لقاصدِه نجاحٌ أو نجاء
تلوذ بجاهِه الفقراء مثلي / من العملِ الرديّ والاملياء
فأما واجدٌ فروَى رباحٌ / وإمَّا مقتر فروى عطاء
لنا سند من الرجوى لديه / غداة غد يعننه الوفاء
وترتقبُ العصاةُ ندَى شفيعٍ / مجابٍ قبل ما وقع النداء
سلام الله إصباحاً وممسى / على مثواه والسحب البطاء
كما كان الغمامُ عليه ظلاًّ / عليهِ الآنَ يسفحُ ما يشاء
ألا يا حبَّذا في الرسل شافي / قلوبٍ شفَّها للعشقِ داء
فمرسلة لها سحبُ العوافي / يعفى الداءُ بادره الدواء
ومن انتقبت مناقبُ أبطحيٍّ / وعنها الأرضُ تفصحُ والسماء
فيشهد نجمُ تلك ونجمُ هذي / ويجري من يديهِ ندىً وماء
على ساق سعتْ شجرةٌ وقامت / حروبُ النصرِ وازدَحمَ الظماء
ففي الدنيا لنا بجداه ساق / وفي الأخرى لنا الحوضُ الرواء
وفي نارِ المجوسِ لنا دليل / لأنفسهم بها ولها انطفاء
وفي الأسرَى وصحبته فخار / ينادي ما على صبح غطاء
فقلْ للملحدِين تنقلوها / جحيماً إننا منكم براء
وأن أبي ووالدَهُ وعرضي / لعرضِ محمدٍ منكم وقاء
وأن محمداً لحبيب أنس / وجنهمو لنعليه فداء
نبيّ تجمل الأنباء عنه / جمالَ الشمسِ يجلوها الضحاء
وأين الشمس منه سناً ولولا / سناه لما ألمَّ بها بهاء
كأنَّ البدرَ صفرهُ خشوعٌ / له والشمسَ ضرَّجها حياء
سريّ في حروف اللفظ سرّ / لمنطقه وللضادِ اختباء
ألمْ ترَ أنها جلست لفخر / وقامت خدمة للضاد ظاء
يولد فضل مولدِهِ سعوداً / بنو سعدٍ بها أبداً وضاء
لمبعثه على العادين نار / وللهادين نور يستضاء
فخيرٌ ينعم السعداء فيه / وبأسٌ تحتويهِ الأشقياء
يجرُّ على الثرى ذيل اتِّضاع / وينصب في مكارمه الثراء
ويكتب بالنصال غداة روع / سطوراً ما لأحرفها هجاء
ممدحة ثلاثتها لضرّ / ضرَابٌ أو طعانٌ أو رماء
فيا لك من أخي صول ونسكٍ / تقرّ له العدى والأولياء
سهام دعاً له وسهامُ رأيٍ / لها في كل معركةٍ مضاء
درى ذو الجيش ما صنعت ظباه / وما يدريه ما صنع الدعاء
وقال الجود بعد الحلم حسبي / حياءً إن شيمتك الحياء
فنعمَ الحصنُ إن طلعت خطوبٌ / ونعم القطبُ إن دارَ الثناء
ونعمَ الغوث إن دهياء دارت / ونعم العونُ إن دارَ الرجاء
ونعمَ المصطفى من معشر مّا / نجومُ النيراتِ لهمْ كفاء
تقدم سؤددٍ وقديم مجدٍ / على سعد السعودِ لهُ حباء
ضفت حلل الثنا وصفت لديه / وآدمُ بعدَها طينٌ وماء
فلولا معربُ الأمداحِ فيه / هوى بيتُ القريضِ ولا بناء
ولولاه لما حجَّت وعجَّت / وفودُ البيتِ ضاقَ بها الفضاء
فإن يتلىْ له في الحجّ حمدٌ / فقدماً قد تلته الأنبياء
أعدْ لي يا رجاءُ زمانَ قرب / بروضته أعد لي يا رجاء
ولثم حصىً لتربتِهِ ذكيّ / كأنَّ شذاه في نفسي كباء
وشكوى كربة فرِجتْ وكانتْ / من اللاّتي يمدّ بها العناء
ونفس ذنبها كالنيلِ مدّا / وما لوعود توبتها وفاء
مشوَّقة متى وُعدَتْ بخير / تقل سينٌ وواوٌ ثم فاء
ولكن حبها وشهادتاها / من النيرانِ نعمَ الأكفياء
صفيَّ الله يا أزكى البرايا / بحبك من عقائدنا الصفاء
ويعتقنا المشفّع من جحيم / فلا عجبٌ له منا الولاء
عليك من الملائك كلَّ وقتٍ / صلاة في الجنان لها أداء
وأمداح بألسنة الورى في / مطالعها ارتقاءٌ وانتقاء
إذا ختمت تعاد فكل تال / له وقفٌ عليها وابتداء