أهذا الشعرُ يصلحُ للبقاءِ
أهذا الشعرُ يصلحُ للبقاءِ / وفيهِ كلُّ أعراضِ الفناءِ
وفي نظمِ المدائحِ والمراثي / رأيتُ الشعرَ مرآةَ الرياء
وتلكَ صناعةٌ لا خيرَ فيها / فقد خمدت بها نارُ الذكاء
وقيَّدَتِ القرائحَ في سجونٍ / فضاقت في الضياءِ وفي الفضاء
وعاقَتها عن الطيرانِ دَهراً / ففضَّلت الترابَ على السماء
أيا شعراءَ هذا العصرِ مَهلاً / وزهداً في المديحِ وفي الرثاء
فماذا تَرتَجونَ إذا مدحتُم / أُناساً عندهم قطعُ الرجاء
عَذَرتُ الأقدمينَ وقد أضاعوا / مواهبَهم لتحصيل الثراء
فلولا المالُ مانَظَم القوافي / تميميٌّ وكِندِيٌّ وطائي
ولكن شعرهم قد جاءَ جَزلاً / متيناً مثلَ مرصوصِ البناء
وشعرُ اليومِ مُبتَذَلٌ ركيكٌ / يقابَلُ باحتقارٍ وازدراء
فذاكَ الشعرُ زهرٌ في غصونٍ / وهذا الشعرُ زهرٌ في إناء
فهلا تسلكونَ بهِ سبيلاً / جديداً بعدَ نقلٍ واحتِذاء
أخذتُ الشعرَ بكراً من شعوري / ومن حُسنِ الطبيعةِ والغناء
فبتُّ وقد رَأَيتُ الشعرَ وحياً / أرى الشعراءَ مثلَ الأنبياء