القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 4
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ / على دارٍ لنا أمست خلاءا
نردد زفرة ونجيل طرفاً / يجاذبنا على الطلل البكاءا
وقفنا والنياق لها حنين / كأن النوق أعظمنا بلاءا
هوىً إنْ لم يكن منها وإلا / فمن إلْفٍ لنا عنا تناءى
وقفنا عند مرتبع قديم / فجدَّدنا بموقفنا العزاءا
وقلت لصاحبي هل من دواء / فقد هاج الهوى في الركب داءا
ودار طالما أوقفت فيها / فغادرت الظِّماء بها رواءا
لها حق على المشتاق منا / فأسرع يا هذيم لها الأداءا
أرق يا سعد دمعك إنَّ دمعي / دمٌ إنْ كانَ منك الدمع ماءا
وما لك لا تريق لها دموعاً / وإنِّي قد أرقت لها دماءا
تكاد تميتني الأطلال يأساً / بأهليها وتحييني رجاءا
هوىً ما سرَّها إذ سرّ يوماً / وكم سرّ الهوى من حيث ساءا
كأن العيس تشجيها المغاني / فتشجينا حنيناً أو رغاءا
وقد عاجت مطايانا سراعاً / فما رحّلتها إلاَّ بِطاءا
نؤَمِّل أنْ يطولَ بنا الثَّواء
نؤَمِّل أنْ يطولَ بنا الثَّواء / ونَطْمعُ بالبقاء ولا بقاء
وتُغرينا المطامعُ بالأَماني / وما يجري القضاءُ كما نشاء
تحدِّثُنا بآمالٍ طوالٍ / وليس حديثُها إلاَّ افتراء
وإنَّ حياتنا الدُّنيا غرورٌ / وسَعيٌ بالتكلُّف واعتناء
نُسَرُّ بما نُساءُ به ونشقى / ومن عَجَبٍ نُسَرُّ بما نساء
ونضحك آمنين ولو عقلنا / لحقَّ لنا التَّغابن والبكاء
إلامَ يَصُدُّنا لَعِبٌ ولهو / عن العِظة الَّتي فيها ارعواء
وتنذرُنا المنون ونحن صمٌّ / إذا ما أسمع الصمَّ النداء
وأيَّة لَذَّة في دارِ دنيا / تَلَذُّ لنا وما فيها عناء
ستدركُنا المنيَّةُ حيثُ منَّا / وهلْ ينجي من القدر النجاء
ظهرنا للوجود وكلُّ شيءٍ / له بَدْءٌ لعمرك وانتهاء
لئنْ ذهبت أوائلنا ذهاباً / فأَوَّلُنا وآخرنا سواء
نودِّع كلَّ آونةٍ حبيباً / يَعُزُّ على مفارقه العزاء
تسير به المنايا لا المطايا / إلى حيث السَّعادة والشَّقاء
ولو يُفدى فديناهُ ولكنْ / أسيرُ الموت ليس له فداء
مَضَتْ أحبابنا عنَّا سراعاً / إلى الأُخرى وما نحن البطاء
وما قلنا وقد ساروا خفافاً / إلى أينَ السُّرى ومتى اللّقاء
ولو نبكي دماً حزناً عليهم / لما استوفى حقوقَهُم البكاء
متى تَصفو لنا الدُّنيا فنَصفو / ونَحنُ كما ترى طين وماء
فهذا السّقم ليس له طبيبٌ / وهذا الدَّاء ليس له دواء
فقدنا لا أباً لك من فقدنا / فحلَّ الرُّزْءُ إذ عَظُمَ البلاء
وبعد محمَّد إذ بانَ عنَّا / على الدُّنيا وأهليها العفاء
لقد كانت به الأيام تزهو / عليها رونق ولها بهاء
وكانَ الكوكب الهادي لرشد / يضلُّ الفهم عنه والذكاء
وكانَ العروة الوثقى وفاءً / لمن فيه المودَّة والإِخاء
فيأوي من يُضام إلى علاه / ويعصِمُه من الضَّيم الإِباء
علا أقرانَه شرفاً ومجداً / كما تعلو على الأرض السَّماء
عصاميُّ الأُبوَّة والمعالي / له المجدُ المؤثَّل والسَّناء
وما عُقِدَتْ يدٌ إلاَّ عليه / إذا عُدَّ الكرامُ الأَتقياء
سقاكَ الوابل الهطَّال قبراً / ثوت فيه المروءة والسَّخاء
وحيَّاك الغمام بمستهلٍّ / يصوب فتروي الهيم الظِّماء
قد اسْتُودِعَتْ أكرمَ من عليها / فأنتَ لكلِّ مكرمةٍ وِعاء
وقد واريت من لو كانَ حيًّا / لضاقَ بفضله الوافي الفضاء
وقد أُفْعِمْتَ من كرم السَّجايا / وطيّبها كما فُعِمَ الإِناء
فأصبحَ منك في جنَّات عدن / بدار الخلد لو كُشِفَ الغطاء
مضى فيمن مضى وكذاك نمضي / وغايتنا وما نبقى الفناء
فما يأتي الأيام له بثانٍ / إلى الدُّنيا ولا تَلِدُ النِّساء
فقدناكَ ابنَ عثمانٍ فَقُلنا / فَقَدْنا الجودَ وانقطعَ الرجاء
ستبكيكَ الأيامى واليتامى / وتَرثيكَ المكارمُ والعلاء
وكنتَ علمتَ أنَّك سوف تمضي / ويبقى الحمدُ بعدك والثناء
فما قصَّرْتَ عن تقديم خيرٍ / تُنالُ به المثوبةُ والجزاء
تفوزُ ببرك الآمال منَّا / ويرفَع بالأَكفِّ لك الدُّعاء
إذا وافَت إلى مغناك فازت / ذوو الحاجات واتَّصل الحباء
رزقْتَ سعادة الدَّارين فيها / وإنْ رَغِمت عداك الأَشقياء
لوجه الله ما أنْفَقْتَ لا ما / يراد به افتخارٌ واقتناء
صفاء لا يمازجه مِراءٌ / وتقوًى لا يخالطها رياء
قَضَيْتَ وما انقضى كَمديَ وحزني / عليك وما أظنُّ له انقضاء
يذكرنيكَ ما وافى صباحٌ / وما أنساكَ ما وافى مساء
وما قَصُرَتْ رجال بني زهير / وفيك لها اقتفاء واقتداء
بنيتَ لهم على العَيُّوق نجماً / وشُيِّد بالعلى ذاك البناء
بدور مجالسٍ وأسودُ غيلٍ / إذا الهيجاءُ حان بها اصطلاء
شفاءٌ للصُّدور بكلِّ أمرٍ / إذا مرضَتْ وأعياها الشفاء
وخيرُ خليفة الماضين عنَّا / سليمانٌ وفيه الاكتفاء
وقاسم من زكا أصلاً وفرعاً / وما في طيب عنصره مِراء
إذا زكَتِ الأُصولُ زكتْ فروع / فطابَ العود منها واللّحاء
هو الشَّمسُ الَّتي بزَغَتْ ضِياءً / فلا غربَتْ ولا غرب الضياء
أُعزِّيه وإنْ عَزَّيْتُ نفسي / بمن فيه المدائحُ والرثاء
عليه رحمة وسجالُ عَفْوٍ / من الرحمن ما طلعت ذكاء
حَباكَ الله منه بالشِّفاء
حَباكَ الله منه بالشِّفاء / ومَتَّعَك المهيمنُ بالبَقاء
فيا بحر النَّوال ولا أماري / ويا بَدرَ الكمال ولا أُرائي
حياتُك في الوجود أبا جميل / حياةٌ للمروءة والسَّخاء
وفي وجدانك الأَيَّام تزهو / كما تزهو الرِّياض من البهاء
لتشرق في أسِرَّتك النَّواحي / ولا يبقى الظَّلام مع الضياء
وأدعو الله مبتهلاً إليه / دعاءً في الصَّباح وبالمساء
بأنْ يُبقيكَ للإِسْلام ظِلاًّ / تَقيه كلَّ ممتنع الوقاء
فلا اعْتَلَّتْ لعِلَّتك المعالي / ولا فَقَدَتْك أَبناءُ الرَّجاء
دواءٌ للعلى من كلّ داءٍ / فلا احتاج الدواءُ إلى الدواء
أرى هذي النياقَ لها حنينٌ
أرى هذي النياقَ لها حنينٌ / إلى إلْفٍ لها ولها رُغاءُ
وأجفانٌ بِعَبْرَتها رواءٌ / وأحشاءٌ بزفرتها ظِماء
وأنَّ بها من الأَشجانِ داءً / أعندك يا هذيم لها دواء
حدا منها بها للشَّوق حادٍ / وفاز بها بعد التوقّص والنجاء
أراها والغرام قد ابْتلاها / بلى إنَّ الغرامَ هو البلاء
أراعَ فؤادَها بَيْنٌ وإلاّ / فما هذا التَّلَهُّفُ والبكاء
وهل أودى بها يوماً وقوف / على رسمٍ ومرتبع خلاء
فذرها والصَّبابة حيث شاءت / أليس الوجد يفعل ما يشاء
تَحِنُّ إلى منازلها بسلع / عَفَتْها الهوجُ والريح العفاء
وقوم أحسنوا الحسنى إليها / ولكنْ بعد ذلك قد أساؤا
نأَوْا عنها فكان لها التفاتٌ / إليهم تارةً ولها انثناء
وظَنَّتْ أَنَّهم يَدنونَ منها / فخابَ الظَّنُّ وانْقطع الرَّجاء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025