المجموع : 71
بهاءَ الدين فارس كلِّ فَضْلٍ
بهاءَ الدين فارس كلِّ فَضْلٍ / وإِفْضالٍ وإقْدامٍ وجُودِ
شَددْتَ إلى المعالي شَدَّ طِرْفٍ / يُقرِّبُ حُضْرُهُ شَأوَ البَعيدِ
وأحرزت المَدى منْ غيرِ بُهْرٍ / بحَمْدِ اللّهِ والمَسْعى الحَميدِ
فأدركْتَ الذي رفعوا وشادوا / وناجَتْكَ العَزائمُ بالمَزيدِ
فجئتَ كمُطلق الحَدَّين عضْبٍ / أنيسٍ بالطُّلى دونَ الغُمودِ
نَداكَ وبأسُكَ المرْهوبُ أمَّا / قِرى الضِّيفانِ أو نصْرَ الطَّريد
فهُنِّي كلُّ شهرٍ مُسْتَجِدٍّ / بسعْدٍ منك فَضْفاضٍ جَديدِ
تَفُلُّ كَتائبَ الحَدَثانِ قَعْصاً / وطَرْداً من شَبا الجَدِّ السَّعيدِ
جَلبْنا الخيلَ مُشْرفةَ الهَوادي
جَلبْنا الخيلَ مُشْرفةَ الهَوادي / تُهدِّمُ من حَوافِرها الإِكاما
بأعْشاشٍ وبِسْطامُ بنُ قَيْسٍ / يرى الإِحجامَ دون النَّصْرِ ذاما
فأوْرَدْن الصَّوارِمَ والعَوالي / نُحوراً منْ رجالِهُمُ وهاما
ونحنُ لآسِرونَ بذاتِ كهْفٍ / أبا قابوسَ إذْ يبْغي الذِّماما
ضَربنا جيْشهُ ضَرْباً طِلَخْفاً / يُبيدُ الذِّمْرَ والسَّيف الحُساما
تركْنا المُنْذِر المرهوب خَوْداً / تَسُحُّ الدَّمْعَ منْ وَلَهٍ سِجاما
فأيُّ مَقامِ مجْدٍ لم تَنَلْهُ / أوائلُنا ونُتْبِعُهُ مَقاما
ومِنَّا بعدَ هامِدِنا وَزيرٌ / مُلوكُ الأرضِ تخْدِمُهُ قِياما
إذا لَثَموا أنامِلَ راحتَيْهِ / غَدَتْ قُبَلُ البَنانِ لهُمْ عِصاما
وإِنْ نَظَروا مُحَيَّاهُ أرَمُّوا / فأغْضوا منه واختصروا الكَلاما
كأنهمُ بُغاثٌ تحتَ بازٍ / يُريهِمْ منْ تَجَلِّيهِ الحِماما
لَبيقُ العِطْفِ أبْلَجُ خِندفيٌّ / يرى مَنْع القِرى بَسْلاً حَراما
يكونُ الزَّعزعُ الهوجاءُ عزْماً / وعند الحِلْم رَضْوى أو شَماما
ويغدو شَمْألاً لَطُفتْ نَسيماً / ولكن نَقْعُهُ نَقْعُ النُّعامى
وتعتْكرُ الدُّجى ليلاً وحَظّاً / فيجْلوها نَوالاً وابْتِساما
ويُمْسي ديمَةً يَهْمي إذا ما / سَحابَتُنا غَدَتْ قَزَعاً جَهاما
وتَلْقى منهُ فرْداً في المَعالي / وجيْشاً في حَفيظَتِهِ لُهاما
إذا تاجُ المُلوكِ سَعى لأمْرٍ / فما هو بالمَليمِ ولا ألاما
يخافُ اللّهَ في حِفْظِ الرَّعايا / وينْصَحُ في أمانَتِهِ الإِماما
ويَعْبَقُ ذِكرهُ في كلِّ نادٍ / كأنَّ حَديثَهُ نَشْرُ الخُزاما
وتَقْصُرُ مِدْحَةُ المُدَّاحِ عنه / فلمْ يبلُغْ بَليغُهُمُ التَّماما
ولو علِموا سَرائرَهُ كَعِلْمي / غَدا كُلٌّ كَمثْلي مُسْتهَاما
وأحْمقَ زَنَّ ذا عقْلٍ بحُمْقٍ
وأحْمقَ زَنَّ ذا عقْلٍ بحُمْقٍ / فقلتُ لهُ رُوَيْدَكَ يا حِمارُ
يرى الخفَّاشُ أنَّ الصُّبْحَ ليلٌ / وأنَّ اللَّيْلَ دُهْمَتُهُ نَهارُ
أقولُ وقد تَولَّى الأمْرَ حَبْرٌ
أقولُ وقد تَولَّى الأمْرَ حَبْرٌ / وَليٌّ لم يَزلْ بَرّاً تَقِيَّا
وقد كُشِفَ الظَّلامُ بمسْتضيءٍ / غَدا بالنَّاسِ كُلِّهُمُ حَفيَّا
وفاضَ الجودُ والمَعْروفُ حتَّى / حَسِبْتُهُما عُباباً أو أتِيَّا
بلغْنا فوْقَ ما كُنَّا نُرَجِّي / هَنيئاً يابني الدُّنيا هَنِيَّا
سألْتُ اللّهَ يَرْزُقُنا إِماماً / نُسَرُّ بهِ فأعْطانا نَبِيَّا
بَدا ضوْءٌ وليسَ من الصَّباحِ
بَدا ضوْءٌ وليسَ من الصَّباحِ / فأشْرَقَ في المخادِعِ والبَراحِ
عشَتْ لسناهُ شمس الصُّبحِ حتى / تماحَقَ ضَوؤُها عند الطِّماحِ
فقلتُ أجَذْوَةٌ منْ نارِ موسى / وليس على المُمَثِّلِ من جُناحِ
فأسْفرتِ المَخيلَةُ عنْ إِمامٍ / طَليق الوَجْهِ فيَّاضِ السَّماحِ
وأشْرَقَتِ البلادُ بمُستْضَيءٍ / رجاءُ نَداهُ يَسْبِقُ بالنَّجاحِ
فنادى النَّاسُ بعضُهُمُ لبْعضٍ / لفَرْطِ الجود حَيَّ على الفلاحِ
وركْبٍ كالصُّقور سَروْا بليلٍ
وركْبٍ كالصُّقور سَروْا بليلٍ / لهُمْ بالسَّهْبِ مُكْثٌ واعْتِكارُ
كأنَّ ركابهُمْ ظِلْمانُ قَفْرٍ / نَحاها جَحْفَلٌ فيها نِفارُ
تحيدُ مَوارد الجِنَّانِ عنْهُمْ / وتَرْهَبُهُمْ مِن الزَّعَلِ القِفارُ
مُعَرَّسُهُمْ بأسْنِمَةِ المَطايا / ونوْمُهُمُ لحَثِّهُمُ غِرارُ
نَضا الإِدْلاجُ عيسَهُمُ وأفْنى / غَوارِبَها التَّرَحُّلُ والسِّفارُ
إلى أنْ عادَ بازِلُهُمْ طَليحاً / طِوالُ خُطاهُ منْ لَغَبٍ قِصارُ
وأصبحتِ الجَّماجِمُ خافِقاتٍ / كما مادَتْ بشاربِها العُقارُ
يُرنِّحها الكَرى ودخيلُ هَمٍّ / لحامِلِهِ التَّخَيُّلُ والحِذارُ
عرضتُ لهم فقلت مقالَ نُصْحٍ / وقد بَعِلوا بأمْرِهُمُ وحاروا
أميلوا منْ مثانيها وعوجوا / إلى حَرَمٍ لهُ الرَّحْمنُ جارُ
ضعوا أثْقالكُم بحِمى إِمامٍ / تُقاهُ قبل مَلْبسِهِ شِعارُ
لدى حَرمٍ لأبْلَج منْ مَعَدٍّ / لسابقِهِ بلاحِقهِ فَخارُ
فثَمَّ البأسُ تَرْهبُه المَواضي / وثَمَّ الجودُ يَحْسُدُهُ القِطارُ
وثَمَّ أغَرُّ أبْلَجُ مُسْتَضيءٌ / بنورِ اللّهِ ليلتُهُ نَهارُ
عليه مِن حَفيظتِهِ مَضاءٌ / وفيهِ مِن سكينَته وَقارُ
رِضاهُ وسُخْطُهُ في حالتيْهِ / مَدى أيَّامِهِ ماءٌ ونارُ
فَعافيه لهُ عَوْمٌ ورِيٌّ / وشانيهِ حَريقٌ واسْتِعارُ
تُقِرُّ بفضْلِه الأحْبارُ طُرَّاً / وتَحْسُدُ فَضْلَ نائلهِ البِحارُ
فقْولُ الأفْوه المِنطيقِ عِيٌّ / ولُجُّ الأخْضَرِ الطامي خَبارُ
أمينُ اللّهِ والحامي حِماهُ / وراعي الخَلْقِ والعَلَمُ المُشارُ
وسائرُ ليلهِ رأيٌ ونُسْكٌ / وللنُّوَّال قَبْضٌ وانتشارُ
أنيسٌ بالمنَاقِب والمَعالي / وعند العار وَحْشِيٌّ نَوارُ
وباعِثُها كعِقْبانِ المَوامي / لها في كُلِّ مُعْتَرَكٍ مَطارُ
تَعافُ الوِرْدَ تُنْبعهُ الرَّواسي / وتَهْوى ما تُفَجِّرُهُ الشِّفارُ
وتطْوي الثَّعْدَ مطْلولاً وفيها / إلى الوَفَراتِ واللِّمَمِ السُّعارُ
فيورِدُها المَفارقَ والهَوادي / سَعيدُ الجَدِّ غَضْبَتُهُ بَوارُ
إذا تشكو صَوارمَهُ الأعادي / بصُبْحٍ باتَ تَشْكوها العِشارُ
فما تُفدى حَوافِلُهُ بِرِسْلٍ / ولا يُنْجي مُنازِلِهُ الفِرارُ
فَعاجوا بالمَطِيِّ إلى مَقامٍ / أمينٍ لا حِذارَ ولا اغْبِرارُ
يوطِّدُهُ ويمْهدُه إِمامٌ / كأنَّ حَديثَ سيرَتِهِ عُطارُ
فهُنِّيَ بالصِّيامِ وكلِّ شيءٍ / فللدُّنْيا بدوْلَتِهِ افْتِخارُ
تميسُ الدولةُ الغَرَّاءُ تيهاً
تميسُ الدولةُ الغَرَّاءُ تيهاً / وقطْبُ الدين فارسُها الهُمامُ
جَريءٌ عند مُختلفِ العَوالي / إذا ذَلَّ المُثقَّفُ والحُسامُ
يفوقُ الصَّارمَ الهنْديَّ بأساً / ويحْسُدهُ على الجودِ الغُمامُ
وتحْمدُهُ المَعاركُ المَشاتي / إذا ما عَنَّ جَدْبٌ أوْ خِصامُ
فيوْمُ السَّلْمِ راحتُهُ سَحابٌ / ويومُ الحرْبِ راحَتُهُ حِمامُ
إذا ما قيلَ قَيْمازٌ تَخَشَّتْ / كُماةُ الرَّوْعِ وابْتَهَج الكِرام
رآهُ لِلعُلى والمَجْدِ أهْلاً / فقدَّمهُ على الناسِ الإِمامُ
هَنيئاً للْمَواسِمِ والتَّهاني
هَنيئاً للْمَواسِمِ والتَّهاني / إذا ما حانَ فطْرٌ أو صِيامُ
طويلُ بَقائكَ النَّضِرِ المُرَجَّى / فمنهُ بكُلِّ رائعَةٍ عِصامُ
وعِشْت مَدى الزمان مُطاعَ أمرٍ / حَسُوداكَ السَّحائبُ والحُسامُ
يَفِرُّ المحْلُ من جدواكَ شَدَّاً / ويُهْزَمُ مِن بَسالَتِكَ اللُّهامُ
فقد نَضُرتْ بك الأيامُ حتى / جَراوِلُها الخُزامى والثُّمامُ
نَدىً وحِمىً وإِحقاقٌ وعدْلٌ / وحِلْمٌ لا يُساوِرُهُ انْتِقامُ
مَناقِبُ دون غايتِها الثُّرَيَّا / بغَيْرِكَ لا تُنالُ ولا تُرامُ
يتيهُ الدينُ إذْ ندعوكَ صِدْقاً / لهُ عَضُداً ويبْتَهِجُ الإِمامُ
فمنْصورانِ حَبْرٌ أو إِمامٌ / ببأسِكَ حينَ يحْتَدم الخِصامُ
مَلكْتَ الناسَ بالإِحسانِ حتى / رئيسُهُم وسَيِّدُهُمْ غُلامُ
ورَوَّيْتَ الرَّجاءَ منَ الأيادي / وكانَ بهِ إلى الرَّشفِ الهُيامُ
كسَوْتَ وزارةَ الخُلفاءِ نُبْلاً / ومَنْزِلَةً وإنْ جَلَّ المَقامُ
يزيدُ العِقْدُ بالحَسْناء حُسناً / وإنْ كَمُلَ التَّناسُبُ والنِّظامُ
وتَزْدادُ السُّيوفُ إذا تُحَلَّى / ومنْها العَضْبُ شَطْباً والكَهامُ
فضلْتَ الكابرينَ أباً وجَدَّاً / وما يُرْتابُ أنَّهم كِرامُ
فأنتَ الدُّرُ والِدُهُ خِضَمٌّ / وأنتَ الغَيْثُ والدُهُ غَمامُ
وأنت إذا الحُبى طاشَت لخطْبٍ / ثَبِيرٌ في أناتِكَ أو شَمامُ
سليمُ القلبِ منْ صَوَرٍ وغِشٍّ / إذا ما أضْمَرَ الغِشَّ اللِّئامُ
تَجُلُ عنِ الخديعة وهي حَزْمٌ / وفي الأعْداءِ جَبَّاهٌ هُمامُ
ولم يَكُ مثلُ فضلك في وزيرٍ / ولا سَيكونُ وانْقَطَعَ الكَلامُ
يَسوسُ الأمْر وجْبَتُه ضَجاجٌ
يَسوسُ الأمْر وجْبَتُه ضَجاجٌ / ولا نَزَقٌ يَشينُ ولا اصْطخابُ
ويبْسِمُ والخطوبُ مُكَلِّحاتٌ / لها ظُفُرٌ تَصولُ به ونابُ
وتَهْمي كفُّهُ كَرَماً وجوداً / إذا ما ضَنَّ بالقَطْرِ السَّحابُ
يسرُّكَ منهُ والأيامُ غُدْرٌ / وَكِيدُ العَهدِ يحْمَدُه الصِّحابُ
ونِعْمَ مَبيتُ طُرَّاقِ اللَّيالي / إذا صَفِرتْ من المَحْلِ الوطابُ
وزيرٌ لا يُقاسُ بهِ وزيرٌ / هو السَّلْسالُ والقومُ السَّرابُ
إذا ما فاخروهُ فهوَ نَجْمٌ / مُضيءٌ ثاقبٌ وهُمُ التُّرابُ
قديمُ عُلاً تَقَيَّلَهُ حَديثٌ / وطابَ السَّعي منهُ والنِّصابُ
به الآباءُ تَفْخَرُ والمَعالي / وصوْبُ القَطْرِ والدهُ السَّحاب
بأبْلَجَ لا يَنامُ على اضْطِغانٍ / ولا يُفْني بَسالَتَهُ احْتِرابُ
ولا يُبْلي بَشاشَتَهُ عُلُوٌّ / ولا يُدْني مَلالَتَهُ اقْتِرابُ
يَبُثُّ ثَناءَهُ ضَيْفُ الدَّياجي / وبالصُّبْحِ القَشاعِمُ والذِّئابُ
فيُيْتِمُ مِنْ وَغاهُ ومنْ قِراهُ / أصَيْبيَةَ الفَوارِسِ والسِّقابُ
دُخانٌ للنُّجومِ بهِ اخْتفِاءٌ / ونَقْعٌ للشموسِ بهِ نِقابُ
ومَن مثل الوزير الصَّدر يُقْضى / بحُجَّتِهِ إذا عَزَبَ الصَّوابُ
خَواطِرهُ كمثْل ظُباهُ ليسَتْ / بنابيَةٍ وإِنْ كَثُرَ الضِّرابُ
تَدُرُّ كمثْلِ نائلهِ إذا ما / أبى أنْ يمْريَ الخِلْفَ العِصاب
إذا عَضُد الهُدى والدين أجْرى / عَزائمهُ إلى رَوْعٍ تُهابُ
تمنَّتْها الصَّوارِمُ والعَوالي / مَضاءً والمُسَوَّمَةُ العِرابُ
فأجْلى الطَّرْدُ عن نصرٍ وشيكٍ / تُرَدِّدُهُ المَجامِعُ والرِّحابُ
لَميْمونِ النَّقيبَةِ والمَساعي / مَطالِبُهُ ثَناءٌ أوْ ثَوابُ
يَنوبُ الرَّأيُ منهُ عنْ نِزالٍ / ويُغْنيهِ عن الجيشِ الكِتابُ
صَفوحٌ عنْ أعاديهِ إذا ما / غَدا للْغَيظِ وَقْدٌ والتِهابُ
إذا جَحدتْهُ ألْسُنُها أَقَرَّتْ / بنعمَتِه الضَّمائرُ والرِّقابُ
فهُنِّىءَ في عُلاهُ كلُّ عَشْرٍ / وعِيدٍ لارْتِحالِهُما إيابُ
مَدى الأيَّامِ ما هَطلَتْ سَماءٌ / ومَدَّ بمُفْعَمِ السَّيْلِ الشِّعابُ
هنيئاً للمَناقِبِ والمَعالي
هنيئاً للمَناقِبِ والمَعالي / إذا عُدَّ المكارِمُ والكِرامُ
بَقاءُ أغَرَّ تَحْسُدُ حالَتَيْهِ / وفَضْلَهُما الصَّوارِمُ والغَمامُ
فعِنْدَ البَاسِ هنْديٌّ جُرازٌ / وعندَ الجودِ هَطَّالٌ رُكامُ
إِمامُ هُدىً أضاءَ لنا الدَّياجي / فلا ظُلْمٌ يُلِمُّ ولا ظَلامُ
وكيف تُخَصُّ تهْنئَةٌ بشَهْرٍ / وكُلُّ زَمانِهِ الشَّهْرُ الحَرامُ
يَخافُ اللّهَ في كُلِّ المَساعي / فلا حُوبٌ يَشينُ ولا أثامُ
ويحْلُمُ والجَرائمُ فادِحاتٌ / ويَسْهَرُ إذْ رَعِيَّتُهُ نِيامُ
ويخْشى الجَوْرَ سَطوتَهُ عليه / كما يخْشى مِن الصَّقْرِ الحَمامُ
أبادَ الظُّلْمَ والإِمْلاقَ حتى / لِكُلٍّ منْ مَناقِبهِ انْتِقامُ
فطعْن الجود في الإِملاقِ شَزْرٌ / وضَربُ العدلِ في الجور التِهام
أهانَ المالَ حتى باتَ يُزْهى / على المالِ الجَراوِلُ والرَّغامُ
ونازَلَهُ مُنازَلَةَ الأعادي / فماتَ الدَّثْرُ والبَطَلُ الهُمامُ
فللأموالِ في الآفاقِ شَتٌّ / وللحَمْدِ انْتِثارٌ وانتِظامُ
وعَمَّ بلُطْفِ رأفَتِهِ الرَّعايا / حُنُوَّ الأمِّ واحِدُها غُلامُ
فكان كَعارضٍ هَتِنٍ سَحوحٍ / تَداركَ رُفْقَةً وبها أُوامُ
فغَدَّرَتِ الفَلاةُ وزادَ حتى / تَغمَّرَتِ الرَّوابي والإِكامُ
وأصبَحتِ الخَوامِسُ عائِماتٍ / بذي مَوْجٍ للُجَّتِهِ التِطامُ
وأضْحى القَفْرُ بعد المحْل روضاً / يَميسُ بهِ الخُزامى والثُّمامُ
نَوالُ أغرَّ أبْلَجَ مُسْتَضيءٍ / يضيقُ ببعض مِدْحَتِهِ الكَلامُ
فلا عدِمَتْ إِمامُ الحَقِّ دُنْيا / لَها منه سُرورٌ وابْتِسامُ
هو الطَّوْدُ المُنيف وكلُّ خطْبٍ
هو الطَّوْدُ المُنيف وكلُّ خطْبٍ / يَروعُ سِواهُ ريحٌ بلْ نَسيمُ
يزيدُ وَقارَهُ طيشُ اللَّيالي / وتُكْثِرُ منْ كياسَتِهِ الهُمومُ
تَبَلُّجُهُ لِراجيهِ بُروقٌ / وأنْمُلُهُ لسائلِهِ غُيومُ
يُباسِطُ من لَطافَتِهِ الأقاصِي / كأنَّ النَّاسَ كُلَّهُمُ حَميمُ
حَييٌّ في مَودَّتِهِ عَييٌّ / وأفْوَهُ في عَداوَتِهِ خَصيمُ
هو القاسي إذا اشْتَجرَ العَوالي / وعند السَّلْمِ مأنوسٌ رَحيمُ
إذا وخَدَتْ بمِدْحَته المَطايا / طَوَتْ عنها المَوارِدَ وهي هيمُ
رَجاءً أنْ تُنيخَ بِدارِميٍّ / لَها ولركْبِها منهُ النَّعيمُ
يُليمُّ الحازِمونَ وإنْ تَحَرَّوا / وأحْمَدُ لا المَلومُ ولا المُليمُ
وزيرٌ تُخْصِبُ الغبْراءُ منهُ / ويسْفِرُ منْ مُحيَّاهُ الصَّريمُ
مُنيفُ المَجْدِ همَّتُهُ سَماءٌ / تُظِلُّ ومِنْ مَساعيهِ النُّجومُ