المجموع : 71
هنيئاً للمواسمِ والتَّهاني
هنيئاً للمواسمِ والتَّهاني / اذا انهزمت من الجَذَلِ الهمومُ
بَقاءٌ من جمالِ الدين يُحْمي / به الجاني ويحْمَدهُ العَديمُ
فانَّ مُحمَّداً عيدُ المَقاوي / وغَيثُهمُ اذا خَوَتِ النُّجومُ
وليس سُرورُ يومٍ مثل دهْرٍ / وأنْت سُرور فضلكَ لا يَريمُ
جلوتَ دُجي الحُظوظِ كما تجلَّى / بواضِحِ وجهكَ الليلُ البَهيمُ
وجُزْتَ الوصف حتى خِلتُ نقصاً / اذا مدحوكَ قولهمُ كَريمُ
فلولا قولُهمْ خِرقٌ جَوادٌ / لَخفَّتْ بي منَ الغَضبِ الحلومُ
وما عجبي لبذلِكَ والعَطايا / كما عَجبي لصبْرٍ لا يخيمُ
تكاثفُ فيك أثباجُ الأماني / وشمسُ سماءِ بِشْرِكَ ما تَغيمُ
وتُكدي المُزْن واليد منك تهْمي / فأينَ بنانُ كفِّكَ والغيومُ
لقد ملَّ العُفاةُ من العَطايا / وطبعُكَ لا المَلولُ ولا السَّؤومُ
ومُغْبرِّ المَطالعِ مُقْشعِرٍّ / تباعد عن أهِلَّتهِ النَّعيمُ
صدوقِ الشَّرِّ كاذبِ كلِّ نوْءٍ / تموتُ به الصَّفايا والقُرومُ
تداعى رِيْفُهُ عطَباً وحَتْقاً / فأسْعَدُ حالِ ساكنهِ السَّقيمُ
اذا سَلمتْ به أرماقُ حيٍّ / فَسالمهُ صَؤوتٌ أو بَغومُ
غَدتْ حَجرُ الحجال به قبُوراً / وصارَ مَصارعَ الأدْمِ الصَّريمُ
بعثْتَ عليه صْوباً منْ نَوالٍ / فمُتْلعِهُ بجمَّتهِ يَعومُ
فأصبحتِ السِّباخُ به رياضاً / يميسُ بها منْ النَّشْر النَّسيمُ
وكم أخْرستَ من لَجبٍ مهيبٍ / يَذَّلُّ لهَ السَّميذعُ والخَصيمُ
برأيٍ ينثرُ الهاماتِ ضَرْباً / وما نَمَّتْ على القِتْل الكُلومُ
فأضحى الجيشُ منبوذاً بقَفْرٍ / على أشْلائِه طَيْرٌ تَحومُ
وفي بُرْديكَ أغلبُ شمَّريٌّ / وَخِلٌّ في مودَّتهِ حَميمُ
اذا صافى فسلسالْ بَرودٌ / واِنْ عادى فمُنْقَعهُ سُمومُ
فَضَلْتَ فما تُبارى في المَعالي / ومنْ جحدَ الضُّحىغُمْرٌ مليمُ
وغيرُ مُنازعٍ في نُبْلِ قَدْرٍ / وقد شهدتْ يمفخرهِ تَميمُ
وكنتُ أظُنُّ في أثوابِ نَصْرٍ
وكنتُ أظُنُّ في أثوابِ نَصْرٍ / فتىً فَرْداً يُحامي أو يَجودُ
فلو لا أنْ بلوْتُ خِلالَ نَصْرٍ / وتجْرِبتي على الدَّعْوى شُهودُ
بصُرتُ بأيْهَميْ سَيْلٍ وخيلٍ / اذا طَرقَ الكَتائبُ والوفودُ
يُسيلُهما مِن الجاوانِ خِرْقٌ / لَبيقُ العِطْفِ مَسْعاهُ حميدُ
رشيدٌ في الطِّعانِ اذا العَوالي / مِن العُرَواءِ ضَلَّ بها الزُّنودُ
يموتُ الفارسُ المِقْدامُ منهُ / وتأمَنهُ الغَنائمُ والطَّريدُ
ويصدقُ وعْدهُ في مُعْتَفيهِ / اذا كَذَبَ البَوارقُ والرُّعودُ
ومَنْ بَطَلٌ كعزِّ الدين ثَبْتٌ / اذا ضَعُفَ المَذاكي والحَديدُ
هو الرِّئْبالُ منْ تحتِ العَوالي / ويومَ السَّلْمِ بَسَّامٌ وَدودُ
طلَبْتَ تَغزُّلي وأبَيْتُ اِلاَّ / ثَناءكَ اِنني صَبٌّ عَميدُ
وغادرتُ الهنودَ لِهِنْداونٍ / منازلُهُ الحُوَيْزَةُ لا الغُمودُ
اذا شوركْتَ في حالٍ بدونٍ
اذا شوركْتَ في حالٍ بدونٍ / فلا يَغْشاكَ عارٌ أو نُفورُ
تَشاركَ في الحياةِ بغيرِ خُلْفٍ / أرَ سْطاليسُ والكلبُ العَقورُ
اذا قيل الكريمُ أَخو العَطايا
اذا قيل الكريمُ أَخو العَطايا / وبَذَّالُ الرَّغائبِ والنَّوالِ
فأكْرَمُ منه ذو أنْفٍ أبيٍّ / يَصونُ الوجه عن ذُلِّ السُّؤالِ
وهلْ يُلفى جَوادٌ مثلَ حُرٍّ / أجَلَّ النَّفْسَ عنْ مِنَنِ الرجال
وفُرْقةُ ما يُعادُ عليكَ صَعْبٌ
وفُرْقةُ ما يُعادُ عليكَ صَعْبٌ / فكيفَ فِراقُ شيءٍ لا يُعادُ
جزى اللّهُ ابْن نوشروانَ خيراً
جزى اللّهُ ابْن نوشروانَ خيراً / جَلالَ الدين ما حَسُنَ الجزاءُ
أتاني لُطْفه وبيَ الْتِياثٌ / فعاجَلَني من اللُّطْفِ الشِّفاءُ
أسَيْفٌ سُلَّ أمْ ذَرِبٌ نطوق
أسَيْفٌ سُلَّ أمْ ذَرِبٌ نطوق / ونارُ أبي المُهَنَّدِ أمْ بُروقُ
تألَّقَتِ المَدائِحُ والعَطايا / فكلٌّ في الفَخارِ لهُ شُروقُ
نطْقتُ فأفْحمَ الفُصحاءَ شعري / وجادَ فَدونهُ الغْيثُ الدَّفوقُ
لقد سعدتْ زُهيْرٌ منْ تميمٍ / وخيرُ سَعادةٍ حَمْدٌ يَروقُ
بهنْديٍّ إِلى مدْحي تَرقَّوْا / وقد يُهْدي بخِرِّيتٍ فَريقُ
بسهْلِ الوجه صعْب البأس جلْدٍ / على الحَدثانِ يحْمدهُ الرَّفيقُ
يُحاذر بأسَهُ ونَدى يديهِ / كَميُّ الرَّوْع والمَحْلُ العَروق
فيشْقى الدارِ عُونَ به صباحاً / وكومٌ تحت جُنْحِ الليلِ روقُ
تيَقَّنَتِ الفَناءَ عِدىً واِبْلٌ / اذا يبدو لصارمهِ بُروقُ
كأنَّ ضيوفَ فخر الدينِ وُلْدٌ / يَضمُّهُمُ أبٌ بَرٌّ شَفيقُ
يجوعُ وزادُهمْ بُرٌّ وضَأنٌ / ويعْرَوْري ولِبْسُهمُ الرَّقيقُ
اذا الليلُ اكفَهرَّ بطارقيهِ / تَبلَّجَ منهُ بَسَّامٌ طَليقُ
يُروِّي القَيْلُ أعْظمهم لديهِ / ويْرْغِدهمْ صَبوحٌ أو غَبوقُ
ويزدحمون عند ذَرا حِماهُ / كأنَّ حَريمَ مَنْزلهِ طَريقُ
وجيَّاش الغوار ذي زَهاءٍ / يضيقُ بجيشهِ المَرْتُ السَّحيقُ
عُبابيٌّ لباسُ الموتِ فيه / لدى أبْطالهِ لُجٌّ عَميقُ
سَوابحُه سَوابقُه ومنهُ / عيونُ دَمٍ مَنابعُها العُروقُ
يَضيقُ القاعُ منْ صفَّيْهِ حتى / تَشكَّى طَرْدهُ رَعْنٌ ونيقُ
تميسُ على مَذاكيهِ كُماةٌ / كأنَّ الضَّرْبَ بينهمُ حَريقُ
يُسيغونَ المَنيَّةَ منْ إباءٍ / كأنَّ شَرابَ موتهمُ رَحيقُ
دِلاصٌ سابغٌ وظُبيَ حِدادٌ / وخَيْلٌ سُبَّقٌ وقَناً لُحوقُ
هزمْتهمُ بحملةِ شَمَّريٍّ / فهانَ الخطُبُ واتَّسعَ المَضيقُ
وأقسمُ لو نزلْتَ بجدْبٍ قاعٍ / تَفرَّعَ عندهُ العودُ الوَريقُ
ولو لمَسَتْ بداكَ صُخورَ طوْدٍ / لَطاحَ الرِّيمُ والوَعَلُ الفريقُ
كأنَّكَ بالمكارِمِ والمَعالي / وكسبِ المجدِ مشعوفٌ مَشوقُ
يعودكَ منْ هَواها عيدُ مَدْحٍ / كما يعتادُكَ الضَّيْفُ الطَّروقُ
تَسَلَّى العاشقونَ وأنتَ صَبٌّ / بطيبِ الذكْرِ وجْدُكَ ما يُفيقُ
لقد حُكِّمْتَ في شعري فأضْحى / لكَ الماثورُ منه والزَّنيقُ
وأعْرضَ عنْ رجالٍ أهْلِ عِزٍّ / سَما عنهمْ فُبخْلُهمُ نَتوقُ
ومنْ آل المُظفَّرِ عَبْقريٌّ
ومنْ آل المُظفَّرِ عَبْقريٌّ / يُضيفُ البأسَ منهُ إِلى السَّماحِ
تَقَّيلَ قوْمَه شَرفاً ومجْداً / وزاد عُلاً على الغُرِّ الصِّباحِ
فجاءَ كحدِّ سيفٍ هِنْدُوانٍ / يُصَرِّفهُ كَمِيٌّ في كِفاحِ
يُنيخُ الجارُ منه إِلى هُمامٍ / وشيكِ النَّصْرِ مرْجوِّ النجاحِ
إِلى عَضُدٍ لدين اللهِ يَحْمي / مُعاقدَه من الشَّرِّ المُتاحِ
يفوقُ الأوْرقَ العاديَّ صَبْراً / وعند العزْمِ أطْرافَ الرَّماحِ
وتلقاهُ سِماماً في الأعادي / وفي الخِلانِ منْ ماءٍ وراحِ
يظنُّ ألوفَ جدواه احتقاراً / شِراكَ النَّعْلِ أورَثَّ النَّصاح
فهُنئَتِ المواسمُ والتَّهاني / به ما هَبَّ مُختلِفُ الرَّياحِ
تبدَّلَ مُرْهفُ العَزماتِ حزْماً
تبدَّلَ مُرْهفُ العَزماتِ حزْماً / وتختلفُ السَّجايا بالزَّمانِ
وكنتُ أجيلُها مُتَمطِّراتٍ / فها أنا لا أفَرِّطُ في العِنانِ
وجوهٌ لا يُحَمِّرُها عِتابٌ
وجوهٌ لا يُحَمِّرُها عِتابٌ / جديرٌ أنْ تُصَفَّرَ بالصَّغارِ
فما دانَ اللِّئامُ لغير بأسٍ / ولا لانَ الحديدُ بغيرِ نارِ
دعوا دمعي بيوم البَيْنِ يجْري
دعوا دمعي بيوم البَيْنِ يجْري / فقد ذهب الأسى بجميلِ صبْري
وكيف تصبُّري وأخي رَهينٌ / بأرضِ الشام في ظَلْماءِ قَبْرِ
بحارَةِ غُرْبةٍ من أرض حمصٍ / لقد غَدر الزمانُ وأيَّ غَدْرِ
أعَنْهُ أسامُ سُلْواناً وصَبْراً / سأنْدبهُ ولا خنْساءَ صَخْرِ
فإنْ عجَزتْ عن النَّدبِ القوافي / بعثْتُ الدمْعَ نَظْماً غيرَ نَثْرِ
فقدْتُ أخي وكان أخي ظَهيري / على الحَدَثانِ سَمَّاعاً لأمْري
فقدْتُ مُهَنَّداً عَضْباً جُرازاً / يَقُدُّ بكلِّ رائعَةٍ ويَفْري
إذا ما شمْتُهُ لِقِراعِ خَطْبٍ / جَلا الغمَّاء عن وجهي وصدْري
تقيَّلَ شِيمتي طفلاً وأجرى / على جَدَدي وأحْرز جلَّ فخري
فلم يَسْعَ الدنيَّةَ في مرامٍ / ولم يمشِ الضَّراءَ لقصدِ حُرِّ
ولم يَضرعْ لجبَّارٍ رجاءً / لمعروفٍ ولو أمْسى بضرِّ
أنا الباكي إذا فارقتُ خِلاً / فكيف أخي وخالِصَتي وأزْري
إذا أحْبَبْتَ فاصْبرْ للرَّزايا
إذا أحْبَبْتَ فاصْبرْ للرَّزايا / فإنَّ مُقارنَ الحُبِّ البَلاءُ
وكيفَ خُلوصُ حُبٍّ من بَلاءٍ / وبينَ الحُبِّ والبَلْوى إِخاءُ
رأيتُ مواسمَ الأيامِ طُرّاً
رأيتُ مواسمَ الأيامِ طُرّاً / على الحالات من صومٍ وفِطْرِ
بفخْرِ الأمةِ الجَحْجاحِ نالتْ / مناقبها وحازت كل فَخْرِ
فعُجْتُ لها أُهَنِّئُها بخِرْقٍ / سَحيحِ الجودِ في عُسرٍ ويُسْر
يحامي الجار وشْكاً غيرَ بُطءٍ / ويُعطي المالَ دثْراً غيرَ نَزْرِ
يَزُرُّ قميصه بأساً وجوداً / على الهَوْلينِ من ليثٍ وبحرِ
حَوى أقصى المناقبِ والمَعالي / بمحمودَيْنِ من مسْعىً ونجْرِ
فجاء كنصْلِ سيفٍ هِنْدوانٍ / يُسرُّ برونقٍ منه ونصْرِ
كأنَّ مُحمَّداً جَوْنٌ مُسِفٌّ / يَصوبُ الأرض قطْراً بعد قطْرِ
إذا سَقَتِ الهَوامِدَ راحَتاهُ / تبدَّلَ غُبْرها منه بخُضْرِ
فعاشَ الصاحبُ الزاكي ثَناهُ / مُطاعَ القولِ في نهْيٍ وأمْرِ
فضَلْتَ تهانيَ الأيامِ طُرَّاً
فضَلْتَ تهانيَ الأيامِ طُرَّاً / فضاقَ بمدحِ عَلْياكَ الكلامُ
وفُقْتَ بني النَّدى والبأسِ حتى / حَسوداك الصَّوارِمُ والغَمامُ
فأنت لِكُلِّ مَجْدِبَةٍ قِطارٌ / وأنت لكُلِّ مُجْلِبَةٍ هُمامُ
تُبيحُ تَبَرُّعاً نَصْراً وَرِفْداً / إذا نكَصَ الجَحافلُ والكِرامُ
فمالُكَ يَحْكُمُ العافونَ فيهِ / وجارُكَ بالخَسيفةِ لا يُرامُ
يَفِرُّ كَراكَ منْ فكرِ المَعالي / إذا ما طابَ للنَّكسِ المَنامُ
فسُلْطانُ الرُّقادِ بها طَريدٌ / لهُ منها فِرارٌ وانْهِزامُ
وتطلعُ شمسُ رأيكَ في الدَّياجي / فَتَجْلوها وما انْجابَ الظَّلامُ
فتَفْرَعُ كلَّ شامخةٍ كَؤَودٍ / يَزِلُّ الطَّيْرُ عنها والسِّامُ
عُلاً للصاحبِ الجحْجاحِ أرضٌ / وعند سِواهُ رضْوى أو شَمامُ
مكارِمُ حازَها نجْراً وسَعْياً / فهُنَّ له جليلاتٌ ضِخامُ
تَمَلَّكها أبو الفَرَجِ المُحامي / إذا ذلَّ المُثَقَّفُ والحُسامُ
فهُنِّيَ كُلُّ ما عَشْرٍ وعِيدٍ / به ما اهْتَزَّ للرِّيحِ الثُّمامُ
يَفِرُّ الخطْبُ قد أمْهي شَباهُ
يَفِرُّ الخطْبُ قد أمْهي شَباهُ / وتُطْردُ عن مراكزها الهُمومُ
ويُضْحي المحْلُ بالآفاقِ خِصْباً / يَعُمُّ الخفْضُ منهُ والنَّعيمُ
وفي دسْتِ العُلى بحرٌ خِضَمٌّ / تُقِرُّ له السَّحائِبُ والعُلومُ
طَليقُ الوجهِ أغْلبُ خِنْدِفيٌّ / به افْتخرت وإن قدُمت تَميمُ
يُناطُ نِجادُ صارِمِهِ بمُعْدٍ / على الأيامِ منْزِلُهُ حَريمُ
بغزْوتِهِ وغُرَّتِهِ يَجِنُّ ال / صبَّاحُ ويُسْفِرُ الليلُ البَهيمُ
فأكْدَرُ لا يَفِرُّ لهُ طَعينٌ / وأزْهَرُ هارِبٌ منهُ الصَّريمُ
سَجيحٌ في مودَّتهِ حَييٌّ / وأفْوَهُ في حفيظَتِه خَصيمُ
يَحوزُ الأسْودانِ لهُ المَعالي / كثيفُ الجَيْش والسَّطْرُ الرَّقيم
فيُنْجدُهُ بليغٌ أو كَمِيٌّ / مجالُهُما الصَّحائفُ والهُضومُ
مُذيعُ النَّصْر للمخذول جَهْراً / لكن للنَّدى مُخْفٍ كَتومُ
عَلِقْتُ بحبْلِ أروْعَ من نِزارٍ / به الخَشْيانُ يَأمَنُ والعَديمُ
بمِطْعانٍ إذا ذَلَّ المُحامي / ومِطْعامٍ إذا خَوَتِ النُّجومُ
رَقَدْتُ ولم يَنَمْ لصلاحِ أمري / ويَفْدي ساهِرَ المجدِ النَّؤُومُ
وصانَ تَبَرُّعُ النَّعْماءِ منهُ / إِباءً للخَصاصَةِ ما يَريمُ
فجادَ بِنعْمَتيْ رِفْدٍ وعِزٍّ / نَطوفُ السَّيْفِ جفْنتهُ رَذومُ
تفوقُ السيف والوَطْ
تفوقُ السيف والوَطْ / فاءَ فَتْكَتُهُ ونائلُهُ
فأنْعُمُهُ مَواطِرُهُ / وعَزْمتُهُ مَناصِلُهُ
غَمامٌ بِشْرُهُ الوَضَّا / حُ في النَّادي مخائلُهُ
إذا لَمَعتْ بَشاشَتُهُ / هَمى وانْهلَّ وابِلُهُ
مَنيعُ الجارِ ناصِرُهُ / مُباحُ الجودِ باذِلُهُ
مُنَجَّحَةٌ مكارِمُهُ / مُخَيَّبَةٌ عَواذِلُهُ
وغامِرَةٌ فَواضِلُهُ / وباهِرَةٌ فَضائلُهُ
تَجودُ على عِتاقِ ال / طَّيْرِ والعافي أنامِلُهُ
فَتُطْعِمُها مَعارِكُهُ / وتُطْعِمُهُمْ مَراجِلُهُ
ويَشْقَى مَنْ يُجادِلُه / كما يَشْقى مُنازِلُهُ
فَمُرْضِيَةٌ فَتاويهِ / وراضِيَةٌ مَسائِلُهُ
تَبَرُّعُهُ لِباغي الجُو / دِ والنُّعْمى وسائلُهُ
فقد كَثُرَتْ عَوارِفهُ / ولكنْ قَلَّ سائلُهُ
وزيرٌ جَلَّ أنْ تَسْري / بمكْروهٍ مَخاتِلُهُ
ولكِنْ ضارِبٌ بالصُّبْحِ / مَنْ أعْيَتْ مَقاتِلُهُ
أيا شَرفاً لدينِ اللهِ / رَبُّ العَرْشِ كافِلُهُ
وأحْمَدَ كُلِّ مَحْمَدَةٍ / وتَقْواهُ مَعاقِلُهُ
ومَنْ طابَتْ مَاسعِيهِ / كما طابَتْ أوائلُهُ
بَقِيتَ لِكُلِّ خَيْرٍ / أنْتَ قائلُهُ وفاعِلُهُ
مَدى الأيَّامِ ما أنْبَتَ / رَوْضَ الحَزْنِ هاطِلُهُ
وما طافَ ببَيْتِ اللَّهِ / حافِيهِ وناعِلُهُ
لهُ بالمجْدِ أنْسٌ مُطْمئَنٌّ
لهُ بالمجْدِ أنْسٌ مُطْمئَنٌّ / وعنْ عارٍ يُدَنِّسهُ نِفارُ
فهَزَّامٌ إذا اشْتَجَرَ العَوالي / ومَهْزومٌ إذا ما عَنَّ عارُ
تَشكَّى الشمسُ والزُّهر السواري / إذا ما الليلُ أوضِحَ والنَّهارُ
فيسْتُرُ كلَّ لامِعَةٍ دُخانٌ / ويكسِفُ كلَّ مُشْرقةٍ غُبارُ
كما تشكو صَوارِمَهُ المَواضي / كُماةُ الرَّوْعِ والكُومُ العِشارُ
سَموحٌ بالنَّوالِ لمُعْتَفيهِ / إذا بَخِلتْ بِدَرَّتِها الغِزارُ
وفكَّاكُ العُناةِ بكُلِّ أرْضٍ / إذا ما حَبَّبَ الموْتَ الإِسارُ
إذا سَبَقَ النَّوالَ لديْهِ بِشْرٌ / تَعَقَّبَ جَمَّ نائِلهِ اعْتِذارُ
تَذودُ كَراهُ أفْكارُ المَعالي / فقِسْمتُهُ غِشاشٌ أوْ غِرارُ
وَقاحُ البأسِ ذو وِدٍّ حَييٍّ / كأنَّ صِفاتَهُ ماءٌ ونارُ
ولُهْنَتُهُ تَقومُ بأبْرَدَيْهِ / وباقي اليومِ أمْرٌ وائْتِمارُ
تَوَقَّلَ في الفَوارِعِ منْ تَميمٍ / فَطابَ السَّعْيُ منهُ والنِّجارُ
جبالٌ من حُلومٍ راسيات / وعند المحْلِ في الجَدْوى بحارُ
إذا غَضِبوا فللجُرْدِ المَذاكي / بهامَةِ كُلِّ جَبَّارٍ عِثارُ
تَقَرُّ بمجدهم عدنانُ عَيْناً / وتفخرُ من مساعيهمْ نِزارُ
نَمَوْا تاجَ المْلوكِ وللْغَوادي / بما جادَتْ منَ القَطْرِ افْتخارُ
فجاءَ كَنَصْلِ سيفٍ هِنْدوانٍ / يَزينُ بَهاءَ روْنقِه الغِرارُ
بأفْواهِ المُلوكِ لِراحَتَيْهِ / من التَّقْبيلِ في النَّادي عِطارُ
كشاربَةٍ على وِرْدٍ أكَبُّوا / ولا قَعْبٌ ولا غُمَرٌ يُدارُ
وزيرُ الخيْرِ أحمدُ ذو المَعالي / ومنْ هو من بني المجْدِ المُشارُ
كرُمْتَ فكُلَّ إسْهابي وَجيزٌ / وطولُ مَدائحي فيكَ اخْتِصارُ
وما كَسَفتْ هُمومي نورَ فضلي / وما يَدْوى من الصَّدَأ النُّضارُ
ومعْسولِ الشَّمائلِ منْ نِزارٍ
ومعْسولِ الشَّمائلِ منْ نِزارٍ / يَفوقُ بسعْيهِ عَمّاً وخَالا
إذا لاقيتهُ لاقيْتَ وِرْداً / على ظَمأٍ بهاجِرَة زُلالا
يَحُلُّ الضَّيْفُ منه في المَشاتي / إذا ما يَمَّمَ الحَيَّ الحِلالا
بأكْرَمِهمْ إذا نزلوا مَبيتاً / وأطْعَمِهِمْ إذا هَبَّتْ شَمالا
وأرْفَعِهمْ إذا نَزلوا قِباباً / وأمْنَعِهِمْ إذا ما الخَطْبُ غالا
كأنَّ جَبينَهُ سيْفٌ يَمانٍ / أجادَ القَيْن صفْحَتهُ صِقالا
يَفوقُ الزَّعْزعَ الهوْجاءَ عزْماً / وعند أنانِهِ الشُّمِّ الجِبالا
وبَسَّامٌ إذا بكَتِ المَواضي / بيوْم الرَّوْعِ مُحْمَرّاً مُذالا
وزيرٌ جَلَّ عنْ كِبْرٍ وبَأوٍ / إذا الوزراءُ ظَنُّوهُ جَلالا
فلمْ يذهبْ تواضعُهُ بمَجْدٍ / ولكنْ مُبْلِغُ المَجْدَ الكَمالا
وكمْ قدْرٍ يزيدُ مع انْحطاطٍ / مُسِفُّ السُّحْب أصدقُهنَّ خالا
إذا عَسلَتْ مَزابرهُ لخَطْبٍ / مُلِمٍّ دَقَّتِ الأسَلَ الطِّوالا
تكونُ سُطورُها سَلماً وحَرْباً / إذا سُطِرَتْ صِلاتٍ أوْ صِلالا
إذا ضَلَّتْ رَويَّةُ أَلْمَعِيٍّ / أصابَ الأمر في الرَّأي ارْتجالا
أيابا جعفرٍ حُزْتَ المَعالي / فلم تتْرُكْ لطالِبها مَجالا
وأبْصرتَ الزَّمانَ بعينِ صَدْقٍ / فلم تذخَر سِوى الإحسانِ مالا
وعِلْمُك أنَّ مُلك الأرض طُرّاً / سوى المعروفِ لا يُغْني قِبالا
أعادَك ملْجأً منْ كلِّ خَطْبٍ / فكُنْتَ لكلِّ مَلْهوفٍ ثِمالا
فهَنَّا كُلَّ عامٍ مُسْتَجِدٍّ / بَقاؤكَ ما جَلا أفْقٌ هِلالا
يسُحُّ نوالُهُ من غير شَيْمٍ
يسُحُّ نوالُهُ من غير شَيْمٍ / إذا ما أخْلَفَ الجَوْنُ الرُّكامُ
ويَحْمي والمَعاقِلُ مُسْلِماتٌ / وقد ذَلَّ المُثَقَّفُ والحُسامُ
ويَرْزُنُ والرَّواسِي طائشاتٌ / كأنَّ رَبيطَ حَبْوَتِهِ شَمامُ
ويعءتكرُ الدُّجى وقْتاً وحَظّاً / فيَجْلوها النَّدى والابْتِسامُ
ويحْسُدهُ على لُطْفِ السَّجايا / زُلالُ الماءِ عَذْباً والمُدامُ
يَرُقُّ لسائليهِ ومُعْتَفيهِ / ويَقْسو حينَ يرتفِعُ القَتامُ
إذا الوزراءُ مَتُّوا بالمَساعي / شَآى الوزراءَ أحْمَدُها الهُمامُ
شآهُمْ موْثلٌ من كلِّ خَطْبٍ / إذا لم يُلْفَ منْ شَرٍّ عِصامُ
يُدِرُّ المَحْلُ ديمَةَ راحتَيْهِ / ويُغْريهِ بنائلهِ سَلامُ
عَزوفُ النفس عن حُبِّ الدَّنايا / وبالعَلْياءِ صَبٌّ مُسْتَهامُ
هو السيفُ الصَّقيلُ بكفِّ ذمْرٍ / فلا نابي الغِرارِ ولا كَهامُ
يُجرِّدُه ويُغْمِدُه مضاءٌ / وحِلْمٌ إذْ يَجِلُّ الاِجْتِرامُ
فعند السَّلءمِ صَفْحٌ واحْتمالٌ / وعند الحربِ بطْشٌ وانتقامُ
وما تاجُ المُلوكٍ بمُسْتَزادٍ / وجودُ يديْهِ والنُّعْمى سِجامُ
بقلبي والقوافي منْ هَواهُ / وجودِ يديْهِ والنُّعْمى غَرامُ
فمَدْحي لا يلُمُّ بهِ مَعابٌ / ووُدِّي لا يَدِبُّ إليهِ ذامُ
ولستُ كمنْ مودَّتُهُ رِياءٌ / ولا مَنْ حَبْلُ صُحبتهِ رِمامُ
خُلِقْتُ أبا الوَفاءِ لغيرِ مُجْدٍ / فكيفَ بمنْ أنامِلُهُ غَمامُ
فإنْ شكَتِ القَوافي بعضَ ما بي / فليسَ إليه ينصَرفُ الكلامُ
ولكن أشْتكي زَمَني إليهِ / وبالشّكْوى إليه لا ألامُ
كما أنَّ الطَّبيبَ إليهِ يُشْكى / السَّقامُ ولم يكُنْ منهُ السَّقامُ
وكِتْمانُ السَّرائرِ عن حبيبٍ / بفَتْوى الحبِّ كِتْمانٌ حَرامُ
بقيتَ لكلِّ مكْرُمَةٍ وبأسٍ
بقيتَ لكلِّ مكْرُمَةٍ وبأسٍ / مُشاراً في المَناقِبِ والمَعالي
إذا أدْركْتَ من شَهرٍ هِلالاً / أهابَ بكض السُّعودُ إلى هِلالِ
تُجَنِّبُك الحوادثُ والرَّزايا / فِرارَ الفَلِّ منْ وخْزِ العَوالي
فمُستَجْديكَ غانٍ عنْ سَحابٍ / ومُسْتعديك غانٍ عنْ نِزالِ
وكمْ طوَّقْتَ من مِنَنٍ رِقاباً / تَؤودُ كِرامَ أعْناقِ الرِّجالِ
كَتمْتَ بُعوثَها فَوشى ثَراءٌ / ونَمَّتْ حالةٌ منْ بعْدِ حالِ
إذا غَشَّى البلادَ قَتامُ مَحْلٍ / بعثْتَ عليه صَوْباً منْ نَوالِ
فأضْحى كلُّ مُغْبَرٍّ خَصيباً / سَحوحَ الوَدْقِ مُنْهلَّ العَزالي
عِمادَ الدولةِ الحامي حِماهُ / إذا خَلَتِ القبائلُ منْ ثِمالِ
رَضيَّاً للإِمامِ ومُرْتَضاهُ / لما يرْضاهُ منْ شَرفِ الخِلالِ
فلا بَرحتْ مَنازلَك التَّهاني / مَدى أيَّامِنا ومَدى اللَّيالي