المجموع : 43
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ / فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ
وَحَنَّ إِلى الحِجازِ القَلبُ مِنّي / فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ
أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ / أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ
رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ / تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ
فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواداً / وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ
وَناداني عِنانٌ في شِمالي / وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني
أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ / وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني
فَكَم يَشكو كَريمٌ مِن لَئيمٍ / وَكَم يَلقى هِجانٌ مِن هَجينِ
وَما وَجَدَ الأَعادي فِيَّ عَيباً / فَعابوني بِلَونٍ في العُيونِ
وَما لي في الشَدائِدِ مِن مُعينٍ / سِوى قَيسَ الَّذي مِنهُ يَقيني
كَريمٌ في النَوائِبِ أَرتَجيهِ / كَما هُوَ لِلمَعامِعِ يَصطَفيني
لَقَد أَضحى مَتيناً حَبلُ راجٍ / تَمَسَّكَ مِنهُ بِالحَبلِ المَتينِ
مِنَ القَومِ الكِرامِ وَهُم شُموسٌ / وَلَكِن لا تُوارى بِالدُجونِ
إِذا شَهِدوا هِياجاً قُلتَ أُسدٌ / مِنَ السُمرِ الذَوابِلِ في عَرينِ
أَيا مَلِكاً حَوى رُتَبَ المَعالي / إِلَيكَ قَدِ اِلتَجَأتُ فَكُن مُعيني
حَلَلتَ مِنَ السَعادَةِ في مَكانٍ / رَفيعِ القَدرِ مُنقَطِعِ القَرينِ
فَمَن عاداكَ في ذُلٍّ شَديدٍ / وَمَن والاكَ في عِزٍّ مُبينِ
سَلوا عَنّا جُهَينَةَ كَيفَ باتَت
سَلوا عَنّا جُهَينَةَ كَيفَ باتَت / تَهيمُ مِنَ المَخافَةِ في رُباها
رَأَت طَعني فَوَلَّت وَاِستَقَلَّت / وَسُمرُ الخَطِّ تَعمَلُ في قَفاها
وَما أَبقَيتُ فيها بَعدَ بِشرٍ / سِوى الغِربانِ تَحجُلُ في فَلاها
لَقينا يَومَ صَهباءٍ سَرِيَّه
لَقينا يَومَ صَهباءٍ سَرِيَّه / حَناظِلَةً لَهُم في الحَربِ نِيَّه
لَقيناهُم بِأَسيافٍ حِدادٍ / وَأُسدٍ لا تَفِرُّ مِنَ المَنِيَّه
وَكانَ زَعيمُهُم إِذ ذاكَ لَيثاً / هِزَبراً لا يُبالي بِالرَزِيَّه
فَخَلَّفناهُ وَسطَ القاعِ مُلقىً / وَها أَنا طالِبٌ قَتلَ البَقِيَّه
وَرُحنا بِالسُيوفِ نَسوقُ فيهِم / إِلى رَبَواتِ مُعضِلَةٍ خَفِيَّه
وَكَم مِن فارِسٍ مِنهُم تَرَكنا / عَلَيهِ مِن صَوارِمِنا قَضِيَّه
فَوارِسُنا بَنو عَبسٍ وَإِنّا / لُيوثُ الحَربِ ما بَينَ البَرِيَّه
نُجيدُ الطَعنَ بِالسُمرِ العَوالي / وَنَضرِبُ بِالسُيوفِ المَشرَفِيَّه
وَنُنعِلُ خَيلَنا في كُلِّ حَربٍ / مِنَ الساداتِ أَقحافاً دَمِيَّه
وَيَومَ البَذلِ نُعطي ما مَلَكنا / مِنَ الأَموالِ وَالنِعَمِ البَهِيَّه
وَنَحنُ العادِلونَ إِذا حَكَمنا / وَنَحنُ المُشفِقونَ عَلى الرَعِيَّه
وَنَحنُ المُنصِفونَ إِذا دُعينا / إِلى طَعنِ الرِماحِ السَمهَرِيَّه
وَنَحنُ الغالِبونَ إِذا حَمَلنا / عَلى الخَيلِ الجِيادِ الأَعوَجِيَّه
وَنَحنُ الموقِدونَ لِكُلِّ حَربٍ / وَنَصلاها بِأَفئِدَةٍ جَرِيَّه
مَلَأنا الأَرضَ خَوفاً مِن سَطانا / وَهابَتنا المُلوكُ الكِسرَوِيَّه
سَلوا عَنّا دِيارَ الشامِ طُرّاً / وَفُرسانَ المُلوكِ اقَيصَرِيَّه
أَنا العَبدُ الَّذي بِدِيارِ عَبسٍ / رَبيتُ بِعِزَّةِ النَفسِ الأَبِيَّه
سَلوا النُعمانَ عَنّي يَومَ جاءَت / فَوارِسُ عُصبَةِ النارِ الحَمِيَّه
أَقَمتُ بِصارِمي سوقَ المَنايا / وَنِلتُ بِذابِلي الرُتَبَ العَلِيَّه