المجموع : 49
إليك أتيتُ يا مولاي قصداً
إليك أتيتُ يا مولاي قصداً / على شدنّيه سَبتاً ووجدا
وفيك تركت ما لا كنت فيه / أصرِّفه وأحباباً وولدا
تميزتِ الأمور إذا ابينت / لذي عينين برهانا وحَدا
إذا ما البعد آلَ إلى اقترابٍ / فبُعد الحدِّ ما ينفك بُعدا
نظمتُ قوافي الألفاظ لما / أردت مديحكم عقداً فعقدا
فقامت نشأةٌ حسناً لعين / وزَهراً في الرياضِ شذاً ومَلدا
إذا نَطَقَ الكتابُ بما حواه
إذا نَطَقَ الكتابُ بما حواه / من العلمِ المفصل نُطقَ حالِ
علمتُ بأنه علمٌ صحيحٌ / أتاك به المثل في المثالِ
إذا جهلَ السؤالَ فإن فيما / تراه إجابةُ علمِ السؤالِ
أذودُ عن القرابةِ كلَّ سوءٍ / بأرماحٍ مثقَّفَةٍ طوالِ
من ألسنةِ حِداد لا تُبارى / أتتك بهنَّ أفواهُ الرجال
رأيتهمُ وهم قدما صفوفا / عبيدُ مهيمنِ ولنا الموالي
فإنَّ الله أرسلهم رجالاً / لإلحاق الأسافلِ بالأعالي
وإلحامِ الأباعد بالأداني / وقالوا النقصُ من شرطِ الكمالِ
ولكن في الوجودِ وكلّ شيء / يكونُ كماله نقصُ الكمالِ
ولولا الانحراف لما وجدنا / فلا تطلب وجودَ الاعتدال
بأنَّ الله لا يعطيه خلقا / فإنَّ وجودَه عينُ المحال
ولا تسألْ قرار الحالِ فينا / فإنَّ الحكم فينا للزوال
مع الأنفاس والأمثالِ تبدو / هي الخلق الجديد فلا تبال
وليس شؤونُ ربي غير هذا / وهذا الحقُّ ليس من الخيالِ
رأيت عمى تكوّن عن عماء / وأين هُدى البيانِ من الضلال
فلا يحوي المعارفَ غيرُ قلبٍ / فإنَّ الحكم من حكمِ العقال
إذا عاينت ذا سيرٍ حثيثٍ / فذاك السيرُ في طَلَبِ النوال
إذا وفى حقيقته عُبيدٌ / له حكمُ التفيؤ كالظلالِ
ألا إنَّ الكمالَ لمن تردَّى / بأدريةِ الجلالِ معَ الجمالِ
فيفهم ما يكون بغيرِ قولٍ / ويعجز فهمه نُطقُ المقال
لو أنَّ الأمر تضبطه عقولٌ / لأصبح في إسارٍ غيرِ وال
وقيَّدَه اللبيبُ وقيدَتهُ / صروفُ الحادثاتِ مع الليالي
وإنَّ الأمر تقييدٌ بوجهٍ / وإطلاقٌ بوجهٍ باعتلالِ
إذا كان القويُّ على وجوهِ / محققةٍ تؤولُ إلى انفصال
فأقواها الذي قد قلتُ فيه / يكون لعينه عين المحال
إذا كنتَ المسيحَ وكنت عبداً
إذا كنتَ المسيحَ وكنت عبداً / إليّ بقول خالقنا رفعتا
وإن كنتَ المسيحَ وكنتَ تحيي / مواتا قد بلين لهم رفعتا
إذا ما كنت للرحمن جاراً / وفت العالمين ندى دفعتا
فلا تغتر بالتقريب منه / فإنَّ الله ينظر ما صنعتا
ويقسمه على قسمين علما / لينظر في الذي فيه ابتدعتا
فيفصله التعرف منه حالا / يعرفكم بما فيه اتبعتا
لتبصر ما فضلت به اتباعا / على الأمر الذي فيه اخترعتا
ألا فارجع إلى أصلِ الوجودِ
ألا فارجع إلى أصلِ الوجودِ / لما تدريه من كرمٍ وجودِ
لقد منَّ الإله على فؤادي / بما أعطاه في حالِ السجودِ
سجودُ القلبِ إنْ فكَّرتَ فيه / على التحقيقِ يوذنُ بالشهودِ
إلى الأبد الذي ما فيه حد / تعالى عن مصاحبةِ الحدود
جهلتَ وما جحدتَ سبيلَ كوني / فإنَّ الأصل فيّ من الصعيد
صعدتُ به إلى شرفِ المعالي / فانزلني إلى سعدِ السعود
وناداني وقد خلفت قومي / ورآئي بالمقرَّب والبعيد
وآثرتُ الجنابَ جنابَ ربي / فالحقني بمنزلةِ العبيد
وملكني الصفات فكنت مثلا / ونزهه عن المثَل الوجودي
وأيّ فضيلةٍ أسنى وأعلى / يقاومها بجناتِ الخلودِ
فضلتُ بها على الآباء حقا / يقينا صادقاً وعلى الجدود
وأعلمني المهيمن أن جدي / من أكرم ما يكون من الجدود
سوى جد الإله فقد تعالى / عن الكفوء المصاحب والوليد
إذا ما الشخص أظهر ما يراه
إذا ما الشخص أظهر ما يراه / وما سبر الفهومَ ولا الزمانا
فإنَّ اللوم يلحقه عليه / ويسلب من إذاعته الأمانا
فمن شرط الأمانة أن يراه / بخيلا في أمانته عيانا
فإنَّ لها إذا فكرت أهلاً / وإنَّ لها المكانةَ والزمانا
لقد جاء الرسولُ به صريحاً / وقد كنا تلوناه قرانا
هوان الذوق من هذا وهذا / إذا كنا بحضرته قرانا
أراه مع الزمانِ بكلِّ وقتٍ / يدور بحكمةٍ وكذا يرانا
فنزه عن معارضةِ الليالي / كلامَك إن حكمَ الدهر بانا
به ربُّ البريّة قد تسمى / لذلك قد علا مجداً وشانا
لقد جاد الإله عليَّ إذ لم / أكن من أهله كرماً ودانا
لقد حار الذي سَبَر الوجودا
لقد حار الذي سَبَر الوجودا / ليسلك فيه مسلكه البعيدا
فما وفى بذاك فحاد عنه / إلى علمٍ يورثه السفودا
عن الكشفِ الأتم فكان فيه / إذا أنصفته فرداً وحيدا
فلا تنوِ الصعيدَ إذا عدمتم / طهوراً للصلاة تكن سعيداً
فإن اسم الصعيد يريك علوَّا / لهذا الحقِّ أودعك اللحودا
ويمم ترب من جعلت ذلولا / تحزْ خيراً تكون به رشيدا
وتعطيك الأمانة مستواها / وتحذوك المشاهد والشهودا
وتحميك العناية في حماها / وتكسي ثوبك الغضَّ الجديدا
وتأتيك العوارفُ مسرعاتٌ / على ترتيبها بيضاً وسودا
فتأكلها به لحماً طريّاً / إذا ما المدَّعي أكل القديدا
إذا ما خضت في الآيات تشقى / وتحرم أن تكون لها شهيدا
إذا جد العلي اسمي اعتلاءً / على العظماء أورثهم حدودا
سمعتُ له وقد أصغى إليه / لما قالوه بينهمُ فديدا
رأيتهمُ وقد خرَّوا إليه / وبين يديه من أدبٍ سُجودا
ولنت لصونه المخزون لما / ألان به الجلامد والحديدا
وقد وافى على قومٍ قيامٌ / فصيَّرهُم بهمته قُعودا
عبدتُ الله لم أعبد سواه
عبدتُ الله لم أعبد سواه / فما معبودُنا إلا الإلهُ
شَرَى توحيد في كلِّ عينٍ / فما شيءٌ يسبِّحه سواه
ولكن ليس نفقه علم هذا / وإنْ كان قد دعاه
لقد حجب العباد بما أراهم / من أنفسه فلا عينٌ تراه
ولا عقلٌ يراه بعينِ فكرٍ / وبرهانٍ ولم يبعد مداه
قريبٌ بالشريعةِ حين قالت / بأنَّ القلبَ صيَّره حماه
بعيد بالأدلة عن عقولٍ / لقد عزَّ الذي يحمي ذراه
رأيت البدر في فلك المعالي
رأيت البدر في فلك المعالي / يشير إليَّ حالا بعد حالِ
ويطلبني ليسلبني فؤادي / فيحوجني إلى ذلِّ السؤال
دعاني بالغداة دعاءَ بلوى / إلى وقتِا لظهيرة والزوالِ
فلما لم يجبه دعاه حباً / ووجداَ دائماً أخرى الليالي
فلم يكن غير قلبي من دعاه / فمل ظفرت يداي من النوال
بشي غير نفسي إذا أجابت / فحرت إلى الوصال من الوصال
وقولي من إلى لا علم فيه / وفيه علمه عند الرجال
رجالُ الله لا أعني سواهم / فضوءُ البدرِ ليس سنا الهلال
ومن وجه يكون سناه أيضاً / كما أن الهدى عين الضلال
يميزه المحل وليس غير / وهذا ليس من غير المحال
كاسماءِ الإله لها مجال / وإنَّ مجالها من ذا المجال
وليس يخالها منه بوجه / ولم يكثر بها فاعلم مقالي
دعاني في المودة والوصال / بألسنة العداوة والتقالي
إذا كان الإمام يؤم قوماً / هم الأعلون آل إلى سفال
وجيد عاطلٌ لا شك فيه / يميز قدره عن جيد حالِ
فآل المعتلى بأبي قبيس / إذا شاء الصلاة إلى سفال
كظهر البيت منزله سواء / يؤدي من علاه إلى اعتلال
ولكن في صلاتك ليس إلا / فحاذر ما يخونك في المثال
فإنَّ العبد عبد الله ما لم / تراه دريئة بين العوالي
لذلك إن أقيم على يقين / إشارة أسهم عند النضال
ومن بعض الزجاج هوى وعجباً / يطيعُ العالياتِ من الطوال
ألا إنَّ الطبيعة خير أمٍّ / وفيها الكون من حكمِ البغالِ
ألا إنَّ الطبيعة أمّ عقم / إذا كان البغالُ من البغالِ
ستورٌ في ظهور الخيلِ مهما / رأيت الخيل ترمى بالمخالي
إذ إنسان شخص من فيال / تعينت اليمين من الشمال
فقوّ شماله ليعود طلقا / فهذا حكمه يومَ النزال
وكن في القلبِ منه تكن إماماً / إذا تدعو جحا حجةُ النزال
مقارعة الكتائب ليس يدري ال / ذي تحويه ربات الحجال
ففي الدنيا بدت أسماء ربي / فعاينتِ النقائصَ في الكمال
وفي الأخرى إذا حققت أمري / أكون بها كأفياء الظلالِ
كمالُ الأمر في الدنيا لكوني / ظهرنا بالجلالِ وبالجمالِ
وفي الأخرى يريك كمال ربي / فنائي عند ذلك أو زوالي
كمال الحق في الأخرى يراه / كمالي في الجنان بما يرى لي
كمالي أن أكون هناك عبداً / فما لي والسيادة قل فما لي
وكن من أعظم الخدماء عندي / بها صححت في الأخرى كمالي
إذا كان التكوُّن بانحراف / فعين النقصِ عين الاعتدال
سبقتُ القومَ جداً واجتهاد / على كَوماءَ مشرفةِ القذال
اصابت عينُ من تهوى مناصي / فقامَ بساقها داءُ العضالِ
وكنتُ أخاف من حدِّي وعدوي / أصابَ بنظرةِ الداءِ العضالِ
وكنتُ من السباقِ على يقينِ / فأخرني القضاءُ عن النواك
بأعمالي منبت لها كئيباً / أردد زفرتي من شغلِ بالي
ولكني سبقتُ القوم علماً / ومعرفة إليه فما أبالي
فإنَّ الله ينزلني إليه / بعلمي بالكثيب مع الموالي
وهذا العلم كنت به كريماً / أردّ به السفال إلى الأعالي
من العمال قد عصموا وفازوا / فأجني منهمُ ثمرَ الفعالِ
نفخت بعلمنا روحاً كريماً / بأجسامِ من أعمالِ الرجالِ
فإني قد سبقتهمُ اعتناء / بتعليمي إلى دارِ الجلال
ليس يدري ما هو المر سوى
ليس يدري ما هو المر سوى / من هو الآن على صورته
فإذا تبصره تعلمه / للذي يعلم من صورته
إنما يبصره في ملكه / مثله يمشي على سيرته