المجموع : 33
لسريَ في صدوركُمُ مكانٌ
لسريَ في صدوركُمُ مكانٌ / خلافَ مكانِ سرِّكُمُ بصَدْري
فهذا خَمرة ملأتْ زجاجاً / وذاك زجاجةٌ مُلئت بخمرِ
فوا عجباً لذا سِرٌّ كخمرٍ / ووا عجباً لذا خمرٌ كسِرِّ
يشمِّرُ أنفَه إن قال شِعرا
يشمِّرُ أنفَه إن قال شِعرا / فتحسب رفعَهُ صلَفاً وكِبْرَهْ
ولو ميّزتَه تمْييز مثلى / لقُلتَ بأنه قد قالَ شَعْرهْ
الى الحظّ الجليلِ تتوقُ نفسي
الى الحظّ الجليلِ تتوقُ نفسي / فقد شرُفَتْ عن الحظِ الخسيسِ
سأُلزِمُها مجانبةَ الدَنايا / ولا أرضى لها غيرَ الرؤوسِ
وخير من حدا المرؤوسِ عندي / فلا يَلْمُمْ بهِ منعُ الرئيسِ
أما لو كان بالآدابِ حظٌّ / يُنالُ لثُرْتُ منها في خميسِ
ولو أن الزمانَ أراد سِلْمي / لقرّبني من القاضي الجَليسِ
وقعتُ به فمن دمعٍ طليقٍ / بمغناهُ ومن وَجْدٍ حبيسِ
وما قُمْنا نصونُ المجدَ حتى / تعاقَدْنا على بذْلِ النفوسِ
وكيف إقامتي وقد استقلّتْ / على لُجِّ السرابِ سفينُ عِيسي
وما كللُ الحمولِ سوى بُروجٍ / ولا سُكّانُهن سوى شموسِ
أروقُ كما أروعُ فإنْ تَصِفْني
أروقُ كما أروعُ فإنْ تَصِفْني / فإني رائقُ الصفحاتِ رائعْ
تدافع بي خطوبُ الدهرِ حتى / نقلتُ الى بلالٍ عن مُدافِعْ
بدورُ الحيّ مالتْ للأفولِ
بدورُ الحيّ مالتْ للأفولِ / فلا تسألْ عن الحيّ القتيلِ
أقام على المنازلِ من ضميرٍ / وسار فؤادُه بين الحمولِ
ولولا الحبّ ما أبصرتَ جسمي / بربعِهمُ محيلاً في مَحيلِ
فهل علِمَ الأحبةُ أن قلبي / غداةَ البينِ آذنَ بالرحيلِ
وهل سُرَّ العواذلُ أن طَرْفي / قصيرُ النومِ في الليلِ الطويلِ
وفي تلك القِبابِ شِفاءُ وجدي / ولكنْ ما إليه من سبيلِ
ولو كُتِبَ الوفاءُ على الغواني / لما أصبحتُ ذا جسمٍ عليلِ
فإن أُحرقْ فمن زَفراتِ وجدي / وإن أغرقْ فمنْ دمعي الهَمولِ
طربْتُ الى الفراتِ وشوقتْني / حمائمُ لا تملُّ من الهديلِ
عسى الأيامُ تُدنيني إليهِ / وتُعطيني كما أهواهُ سولي
فروضُ العيشِ آلَ الى اصفرارٍ / وغصنُ اللهوِ مالَ الى الذبولِ
ولو نّ البخيلةَ ساعفَتْنا / بطيفٍ طارقٍ منها وَصولِ
لكنتُ أبلُّ من فِيه أُوامي / وأنقَعُ من مراشفِه غليلي
وأقطفُ ورد ذاك الخدِّ لثماً / ونرجسَ ذلك الطرْفِ الكحيلِ
وبي ظمأ تحكّم في فؤادي / الى رشفِ الرُضابِ السلسبيلِ
وذكّرني سعادَ على التَنائي / نسيمُ الروضِ ذا الريح القَبولِ
أراها لا تميلُ الى التَداني / ولا قلبي يميلُ على العويل
تحكّم دلُّها في كل قلبٍ / كما حكمَ العزيزُ على الذَليل
فإن تلبسْ ثيابَ الحُسنِ يوماً / فإن ملابسي خِلَعُ النُحولِ
ولما خيّم الرُقَباءُ حولي / جعلتُ الريحَ نحوكم رَسولي
فكم لي من نعيمٍ في النعامي / وكم لي من قبولٍ في القَبولِ
لعلّ العيسَ تحملُني إليكمْ / مواصلةَ التعجْرُفِ والذميلِ
أيا صَرْفَ الزمانِ بلغتَ مني / ومن تلك المعالمِ والطُلولِ
ألا إني انتصرتُ بآلِ نصْرٍ / فما أخشى استطالةَ مُستَطيلِ
سحائبُ أزمةٍ فرسانُ حربٍ / بدورُ دُجنّةٍ آسادُ غيلِ
له همٌّ كقدورهُمُ المُعلّى / وبشرٌ مثلُ فعلهمُ الجميلِ
إذا شهدوا النديّ فمن نداهُم / يشيَّدُ دارسُ الكرَمِ المَحيلِ
فإن ركِبوا فمجتمعُ الأعادي / يفرِّقُ عن جريحِ أو قَتيل
وإما استُصرِخوا لدفاعِ ضيمٍ / رأيتَ فعائلَ السيفِ الصقيلِ
فإن تُلحِقْ بهم يوماً سواهُمْ / فما السَعْدانُ كالمَرْعى الوَبيلِ
جلالُ الدين عشتَ قرينَ عزٍّ / يَبيتُ به عدوّك من خَمولِ
إذا شامتْ صروفُ الدهرِ عَضْباً / ثَناهُ عضبُ عزمِك ذا فَلولِ
ويومٌ ما به لذوي عثارٍ / هنالكَ من مُقيلٍ أو مَقيلِ
تجولُ ضراغمُ الفُرسانِ فيه / على عُقبانِ سابقةِ الخُيولِ
وقد طلعتْ رماحُ الخطّ غاباً / جرَتْ أنهاره بيضَ النُصولِ
وأطلع نقعَهُ سُحْباً ولاحتْ / بروقُ البيضِ في رعد الصهيلِ
وأدبرتِ العداةُ مقصِّراتٍ / به عن فعلِ ذي الباعِ الطويلِ
فإمّا بالسيوفِ مطوَّقاتٍ / وإما في حُجولِ للكُبولِ
فكنتَ أجلَّ من عُقِدَتْ عليهِ / غداةَ الحربِ ألويةُ الرعيلِ
إليك أتى ركابُ الشِعْرِ يطوي / فسيحاتِ الحُزونِ مع السهولِ
كزهرِ الروضِ قد جُرَّتْ عليه / ذُيول غلائلِ الريحِ البَليلِ
تخفُّ له العقولُ ولا عجيبٌ / كذاك الخمرُ تلعبُ بالعُقولِ
هديةُ مخلصٍ لكمُ محبٌّ / عساكَ تُنيلها خِلَعَ القَبولِ
هَفا طرَبي الى عافي الرسومِ
هَفا طرَبي الى عافي الرسومِ / فلا روّى الغَمامُ رُبى الغميمِ
وهبّتْ ريحُ سُلواني فمرّتْ / من الشّرقِ القديمِ على هَشيمِ
وكنتُ أبا المنازلِ والفيافي / فصِرْتُ أخا المُدامةِ والنَديمِ
أميلُ الى سُلافةِ بنتِ كرْمٍ / وأدنو من سوالفِ أمّ ريمِ
هدَتْنا للسّرور نجومُ راحٍ / بها قذفَتْ شياطينَ الهُمومِ
تبسّم دنّها فألاحَ برقاً / يطرّزُ حُلّةَ الليلِ البَهيمِ
وأودعَ نشرُها الأرواحَ سرّاً / فباحَ بحَمْلِه صدرُ النسيمِ
فإنْ توجتُ راحي كأسَ راحٍ / فشُرْبُ الإثْمِ أوْلى بالأثيمِ
بساطُ الرّوضِ موشيُّ الحواشي / وثوبُ الغيمِ مِسكيُّ الأديمِ
وكفُّ الصبحِ يلقُطُ ما تبدّى / بجيدِ الليلِ من درهِ النجومِ
فحيَّ على الشَمولِ وإن عُنينا / بخَمْرِ شمائلِ الرشأ الرّخيمِ
مقطّبةٌ يريكَ المزْجُ منها / طلاقةَ منظرِ الوجهِ العظيمِ
أتتْ عُطْلاً فقلّدَها حَباباً / جَلاها منهُ في درٍّ نظيمِ
يطوفُ بشمسِها قمرٌ تثنّتْ / به أعطافُ خوطِ نقاً قَويمِ
حمىً بعقاربِ الأصداغِ وَرْداً / جنيتُ به الشقاءَ من النعيمِ
تسالمُه وتُلْبسني اعتداءً / فمن يُعدي السّليمَ على السليمِ
ويُعجبُني السقامُ لأن جسمي / تحلّى باسمِ ناظرِه السقيمِ
ولما أقفرتْ أوكارُ صَبْري / عمرْتُ بعزْمَتي أكوارُ كُومِ
سريْتُ بها وللإصباحِ سرٌّ / طوتْهُ جوانحُ الليلِ الكَتومِ
الى الشيخِ الجليسِ استنْهَضَتْها / أزمّةُ نجدةٍ وحداةُ خيْمِ
فقال لها لسانُ الدهرِ هذا / تمامُ الفضلِ أُودِعَ في تَميمِ
إذا هبّتْ شمائلُه رياحاً / فهنّ لواقحُ الفكْرِ العَقيمِ
سماحُ يدٍ أتاح ندى غيورٍ / يصونُ علاءَهُ صونَ الحَريمِ
وأخلاقٌ يُديرُ بها كؤوساً / من الصهباءِ تَصبو بالحَليمِ
تقسّم بين شمسِ ضحىً وبحرٍ / هدايةَ خابطٍ وغِنى عَديمِ
وجلّى ظُلْمَتيْ خَطبٍ وجَدْبٍ / برأيِ مجرّبٍ وندى غَشيمِ
وملّك حاسديهِ فجادبتْهُ / خلائقُهُ الى الطبعِ الكريمِ
وجاءَ بهيبةِ الجبّار لمّا / ثَنى عطفَيْهِ في بُرْدَي رحيمِ
ولم يهضِمْ معاليَهُ التفاتٌ / يملّ به الى كشحٍ هَضيمِ
عجبْتُ لوجهه ولراحتَيْهِ / سَنا شمسٍ تبدّتْ في غُيومِ
تزفُّ أزاهرُ الآدابِ منهُ / لما تُسْقاهُ من صوبِ العُلومِ
ومطلّبٍ مداهُ كَبا فقلنا / أليمُ العيشِ أوْلى باللّئيمِ
إذا منعتْكَ أشجارُ المَعالي / حَباها الغضَّ فاقنعْ بالهَشيمِ
وقافيةٍ أهزُّ بها إذا ما / نطقتَ معاطفَ الطربِ الرميمِ
تسيرُ وإنْ أقامَ به ثناءً / وأعجبُ ما ترى سفَرُ المُقيمِ
على أنّى أكابدُ صرْفَ دهرٍ / أثارَ دمي وأثّر في أديمي
بُليتُ بحالتَيْ بردٍ وحرٍّ / أليستْ هذه صفةُ الجحيمِ
بقيْتَ مهنِّئاً في كلّ يومٍ / بعيشٍ للمسرّةِ مُستديمِ
ونامتْ عنك أحداثُ الليالي / وشيكاً نومَ أصحابِ الرقيمِ
نثرنَ عليه من صدَفِ الخيام
نثرنَ عليه من صدَفِ الخيام / لآلئَ ينسَللْنَ من النَظامِ
ورفّعْنَ البراقعَ عن وُجوهٍ / تَوارى البدرُ منها في الظلامِ
وكنّ أهلةً فأبين إلا / تبرّجهنّ من صورِ التَمام
شهرْنَ سلاحهُنّ لغيرِ حربٍ / وقُلنَ على السلامةِ والسلامِ
فمنْ لثمٍ يؤيّدُ بارتشافٍ / ومنْ ضمٍّ يؤكّد بالتِزامِ
وثغرٍ ما عدِمْتَ الكأسَ إلا / أدارَ عليّ مَعسولَ المُدامِ
فكيف أُلامُ حين أُطيحَ عنه / على رجلَينِ من ألفِ ولامِ
ولي في جَفنِ من أهواهُ طَرْفٌ / أحدُّ عليّ من طرَفِ الحُسامِ
يصولُ على الصحيحِ بشفرتَيْهِ / ويجْحَدُ حين يطلَبُ بالسَقامِ
فتشهدُ بالقراعِ لنا فلولٌ / بحدٍّ فوق حدّ فيه دامِ
وحيّ من كنانةَ قد رمَوْني / بما حوتِ الكنانةُ من سِهامِ
إذا انتَضلَوا وما ثَعِلٌ أبوهم / أتوكَ بكلِ راميةٍ ورامِ
أقاموا بالثنيّةِ فانثَنيْنا / ننافسُ في الأراكِ وفي البَشامِ
وكلٌ بين جانحتَيْهِ قلبٌ / له خفقَانُ أجنحةِ الحَمامِ
وتحت يدي إذا ضُمّتْ لصَدْري / كُلومٌ لا يقومُ بها كلامي
ذوى عندي لها نُورُ الخُزامى / ولكن رفّ نوّار الثغام
فلا تبُحِ العنايةُ دون شيحٍ / مطيتُه ثلاثونَ الغُلام
تقارعُه الهمومُ فيلتَقيها / بقلبٍ مثلِ حاملِه هُمامِ
أبي طلب المآكلَ وهْو طاوٍ / وصدّ عن المَشارِبِ وهو طامِ
فما يُمْريهِ رعيُ سوى حميمٍ / ولا يرويهِ وردُ سِوى حِمامِ
وها هو فوقَ لُجّ الليلِ طافٍ / كأنجُمِه ولجُّ الليلِ طامِ
يحاول أن يشُقّ بمِنكبَيْهِ / الى البدرَيْنِ أرديةَ الظلامِ
بحيثُ تَرى ملوكَ بني زريعٍ / أمام الداعيين الى الإمامِ
يعدّون الكرامَ أباً وجدّاً / إذا عَقُمَ الزمانُ من الكِرامِ
ذوو التيجان من أبناءِ هُودٍ / أو الأسيافُ من أيتامِ يامِ
حمَوْا وسمَوْا فما حامٍ وسامٍ / سواهُم من بَني حامٍ وسامِ
تحلّى باسمِهمْ في المُلْكِ قومٌ / ولكنْ ما لهُم غيرُ الأسامي
وعدّوها مشاركةً ولكنْ / مشاركةُ المناسِم للسَنامِ
وفي الوَهَداتِ من سُفْلى شِمامٍ / وعُدّ محمّداً من كلّ ذامِ
فعدّ أبا السعود بكل سعدٍ / وعُدّ محمّداً من كلِّ ذامِ
وحقِّقْ من أبي المنصورِ نصراً / بواحدةٍ على الجيشِ اللهامِ
فقد نتجَتْ ثلاثُ مُقدّماتٍ / على الأعداءِ حتمُ الإنهزامِ
فأيُّ حبىً تحلّلُ من قُعودٍ / وتيجانٍ تعفَرّ من قِيام
رُواقٌ مدّ في يَمَنٍ فأضْحى / مُطلاً بالعراقِ وبالشآم
حماهُ ياسرٌ ضرباً وطعْناً / ومنْ عزِّ الحِمى عزُّ المُحامي
فروّى كلّ سافلةٍ بقلبٍ / وروّى كلّ عاليةٍ بهامِ
وراضَ جوامحَ الأيامِ حتّى / جرَتْ بيدَيْهِ طيّعةُ اللِجامِ
وأنشدَ فعلَهُ في كل حيٍّ / فقد طالَتْ بهم شُعَبُ الخِصامِ
إذا قالت حَذامِ فصدّقوها / فإن القولَ ما قالتْ حَذامِ
لتخفِضَ من صَراصِرِها الكَراكي / فقدْ سمعَتْ بجُلجُلةِ القَطامي
وعند عصامٍ الأعذارُ يُتلى / وليس سوى الأسنّة من عِصامِ
رعاكَ اللهُ من ملكٍ أشمٍّ / نجاداهُ على كنَفَي شِمامِ
ومهدتُ الرجاءَ بحيثُ نفسي / وقلتُ لها بليلِ الخَطْبِ ذامي
ركبتُ إليه أجنحةَ النِعامى / على أمثالِ أجنحةِ النَعامِ
وكنتُ إذا دُفِعْتُ الى سواه / مقيماً لستُ أظفرُ بالمُقامِ
فأصبحُ بالصيام بغيرِ أجرٍ / وأمْسي في الصيامِ وفي القيامِ
ففَخْراً يا بني عِمرانَ فخْراً / على الأملاكِ من سامٍ وحامِ
زمانُكُمُ بكم طلقُ المُحيّا / أريجُ العَرْفِ مفتوقُ الخِتامِ
يمرّ العامُ فيه مرورَ يومٍ / ويمضي اليومُ منه بفضلِ عامِ
سليلُ قرائحٍ عصرتْهُ خمراً / فدبّ دبيبُها بين العِظامِ
فما ينفكّ يرفعُه هناءً / إليكُم في انتشارٍ وانتظامِ
من الخمرِ الحلاِ لشارِبيها / وفيه شمائلُ الخمرِ الحَرامِ
لدى قومٍ لو انّ الطيفَ ضيفٌ / لما كحَلَ المحاجِرَ بالمَنامِ
كدَدْتُ بهزهم فكري فأنحتْ / على عضُدي ممارسة الكَهامِ
وقد يتوضّحُ الجهمُ المحيّا / ويهمي الوبلُ من خلَلِ الجَهامِ
هناك العيدُ وهو الآن أولى
هناك العيدُ وهو الآن أولى / وأجدرُ أن تكون به المُهَنّا
فقابلْ يُمنَه في ظلّ مُلْكٍ / غدا لك باسطاً باليُمنِ يُمْنى
وأطلعَ من كؤوسِ الراحِ شُهْباً / ومُزْناً من دخانِ النّدِ دَجْنا
ويومُك فوق أمسكَ في سُرورِ / لبستَ برودَهُ دعَةً وأمنا
ومسمَعُهُ تظنّ العودَ مما / يطاوعُها إذا غنّتْ تغنّى
فناؤكَ وهو يا رضوانُ عدْنٌ / يذُمّ لأجله رضوانُ عَدْنا
طليعةُ جيشكَ النصرُ المبينُ
طليعةُ جيشكَ النصرُ المبينُ / ورائدُ عزمكَ الفتحُ اليقينُ
وحيثُ حللتَ فالراياتُ تهفو / عليك وتحتها الرأيُ الرصينُ
وما ينفكّ ذو عِرْضٍ مُباحٍ / يبيتُ وراءه عرضٌ مَصونُ
لك الأعطاءُ والأعطابُ تُجرى / بأمرِهِما الأماني والمنونُ
ومنك اليُسْرُ يُطلِقُهُ يسارٌ / ومنكَ اليُمنُ يوقفُه يَمينُ
أقرّتْ حين صُلْتَ لك الأعادي / وقرّتْ إذا وصلتَ بك العيونُ
فإن يُعقَدْ على بغيٍ ضميرٌ / فأنت بحلِّ عقدتِه ضَمينُ
يجرّدُ لا يُبلُّ لها عِذارٌ / وملدٌ لا يُبلّ بها طَعينُ
وبيضٌ في سَوادِ النقْع تَهوي / وليس هُما الوجومُ ولا الدُجونُ
عَرينَ بكفِّ كلّ هزَبْرِ حربٍ / من الأسَلِ الطوالِ له عَرينُ
إذا غنّتْ على الهاماتِ قُلنا / أعَلّمَها القيانُ أم القُيونُ
بحيثُ الخيرُ في أعرافِ خيلٍ / كمثلِ الدوحِ والسُمْرُ الغصونُ
أكبّتْ فالحُزونُ لها سهولٌ / وشبّتْ فالسهولُ لها حُزونُ
هي الأوعالُ في الأوعارِ تجري / وأرماحُ القُرومِ لها قُرونُ
صقورٌ إن هوَتْ والقافُ فاءٌ / إذا ما وُقّفَتْ والراءُ نونُ
تقدَّمَها شُجاعٌ من شُجاعٍ / هو البطلُ الكميُّ بل الكَمينُ
وقامَ لها أبو الفتحِ المُعلّى / بأمرِ الفتحِ وهو به قَمينُ
وفي الحربِ الزّبونِ مُتاجَراتٌ / له خُسْرانُها وهو الزّبونُ
وتابعُهُ وبائعُهُ أناسٌ / يمينُ وفيهُمُ أبداً يَمينُ
وما بسَطوا له إلا شِمالاً / فكيف يصُحُّ بينهمُ يَمينُ
أظنّوا أن مُلكَ عزيزِ مِصْرٍ / يهولُ سواهمُ ولهم يَهونُ
وهم عرَفوهُ في بلبيسَ لمّا / تلَوْا لقراعةٍ بئسَ القرينُ
فأبْلسَ بين أحشاءٍ جنينٌ / وعُثِّر فوق أقدامٍ جبينُ
وقد عادوا وذاك العودُ صُلْبٌ / وذاك العودُ هدّارٌ حرونُ
وذاك الصارمُ المسلولُ فيهمْ / كما هو لم تحجِّبْهُ الجُفونُ
ولما حان من قومٍ طغاةٍ / حِمامٌ حثّهُ قدَرٌ وحِينُ
نهضتَ إليهُمُ بسكونِ جأشٍ / يطيشُ له السكاسِكُ والسَّكونُ
وأشرقَتِ الفضاءُ بجيشِ نصرٍ / يجيشُ كأنّهُ الطامي المَعينُ
تُديرُ السُمْرُ فيه عيونُ زرقٌ / ينوبُ عن الفتورِ بها الفُتونُ
لها عُقبانُ أعلامٍ سَوامٍ / يكونُ من النُحورِ لها وُكونُ
ملأن عليهمُ الآفاقَ بيضاً / أساريرُ الرّدى فيهنّ جُونُ
فما اعتدّتْ بجُملتها صفوفٌ / ولا احتدّتْ لضمّتِها صَفونُ
الى أن نابَ عنك الرعبُ فيهِمْ / ففرّقَهُم كما افترقَتْ ظُنونُ
ففرّوا والسجونُ بهم فضاءٌ / وقرّوا والفضاءُ لهم سُجونُ
ونالهُم بسيفِ النيلِ سيفٌ / به للدِّينِ قد قضيتْ دُيونُ
وخانَتْهُم ولا أسَفٌ عليهمْ / غداةَ وفَتْ بذمّتكَ السَفينُ
فأنْبتَتِ المواردَ من دماءٍ / يفيضُ بها وريدٌ أو وَتينُ
وكانوا باكرين وهمْ رؤوسٌ / فصاروا رائحين وهم كرينُ
ليَهْنِكَ أنّه فتحٌ مُبيرٌ / منيرٌ في مطالعِه مُبينُ
ولما صحّ أنّ الله راضٍ / بفعلِك سحّ عارضُه الهَتونُ
يشدُّ على البِطان به حِزامٌ / ويقلَقُ في معاقدِه وضينُ
وتهتزّ السقايةُ والمُصلّى / ويبتسمُ المحصَّبُ والحُجونُ
إذا اشتدّ الهجانُ الى محلّ / تقاصرَ دون مرْماهُ الهَجينُ
حللْنا من ذُراك بربعِ مَلْكٍ / هو المأمونُ والبلدُ الأمينُ
لنا من فعلِه دَرٌّ نَميرٌ / ومن أقواله دُرّ ثَمينُ
فلا عبرَتْ بساحتِه الليالي / ولا عثرَ الزمانُ بها الخَؤونُ
وأشعثَ مثلُ أهلِ النارِ ثاوٍ
وأشعثَ مثلُ أهلِ النارِ ثاوٍ / بأخضرَ كلُّ شطٍّ منهُ جَنّهْ
على يُمناهُ أحداقٌ صغارٌ / ترامى الماءُ عنها قد أجنّهْ
فيُرسلُها إليه وهي درعٌ / وتأتيهِ وقد مُلئتْ أسنّهْ
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا / فباتَ يُريهِ إخمصَك الهِلالا
وقد تركتْ ذوابلَك الليالي / تدورُ على أسنّتها ذُبالا
وليس الغيثُ إلا ما أراهُ / بكفّكَ سحّ وَبْلاً أو وَبالا
لك الحسنُ البليغُ لسانَ فعلٍ / إذا طلبَ المقالَ به استقالا
وأين السيفُ من فتكاتِ عزْمٍ / نَهوضٍ لا كُلولَ ولا كَلالا
بأبيضَ خاطبٍ نثر الأعادي / وأرؤسَهُم يَميناً أو شِمالا
الى سُمْرٍ أشاعِرُهُ أُديرَتْ / فنظمت الرجالَ لكَ ارتجالا
ومثلُكَ في انفرادِك بالمَعالي / تعالى أن نُصيبَ له مِثالا
غمامٌ أطلعَ الآراءَ شمساً / وشمسٌ مدّتِ الأيدي ظلالا
ومثلُك ملء عينِ الدهرِ حُسْناً / وملء قلوبِ أهليهِ جَلالا
له عزْمٌ كنائلِه شباباً / الى حِلْمٍ كحِنْكَتِهِ اكْتِهالا
تقلدتِ الخلافةُ منه عَضْباً / كَفاها في الجلادِ به الجِدالا
تُجرِّدُه فيكْسوها جَميلاً / وتُغمِدُه فيكسوها جَمالا
إذا ما همّ يعرفْ نُكولاً / ولمْ يُنكِرْ أعاديه نَكالا
بخيلٍ كلّما اندفعَتْ قِسيّاً / تفوّقَ من فوارسِها نِبالا
تَرى البيضَ القصارَ مطابقاتٍ / على أرجائها السمرُ الطوالا
وكفُّ النصرِ قد كتبتْ سجِلاً / بأنّ الحربَ ما خُلقَتْ سِجالا
ومعذورٌ قريعُك إذ تولّى / بجيشٍ من قِراعِك قد تَوالى
بعثتَ به إليه مسوَّماتٍ / خفاقاً تحمِلُ النُوَبَ الثِقالا
نفَوْتَ العاصفات لها بِطاءً / إذا ما العاصفاتُ جرَتْ عِجالا
ولم يترُكْ أبو الفتحِ المُعلّى / لبابٍ يتقيه به انقِفالا
وظنّ النيلُ وهو أخوكَ نيلاً / عليهِ مَعقِلاً فغَدا عِقالا
ولما قرّ لم يعهَدْ نُزولاً / ولما فرّ لم يحْمِدْ نِزالا
ولم يكُ يا شُجاعُ فتًى جباناً / ولكنّ القتالَ كفى القِتالا
فإنْ تَنب الجيادُ الجردُ عنهُ / فإنّ الليثَ يحتقِرُ النِمالا
وإن طلت لقومك مُسرعات / فذاك لأنهم ركِبوا الضَلالا
رعيتَ رعيّةَ ظنو احتماءً / غداةَ رأوا من الحِلْمِ احتِمالا
ومثلُك مَنْ رأى لهمُ اعتداءً / فقابلَهُ برحمَتِه اعتِدالا
ولولا رأفةٌ لا نلكَ فيهمْ / أعادَ صخورَ ثغرِهم رِمالا
ولم تعدِلْ قبائلُه على ما / تبيّن من شجاعتِهم قِتالا
وسوف يكون شعرُ العبدِ نصراً / لنصرٍ عاجلٍ يأتيك فَالا
فداكَ معاشرٌ سمِعوا سُؤالاً / لقاصِدِهمْ فما عرَفوا سوى لا
صرفتُ إليكَ آمالي اعتزاءً / كما صرّفْتَهم عني اعتِزالا
وقلت لمن توثقها عُراةُ / وقد خانوا انفِصاماً وانفِصالا
وقفتَ مسائلاً طَلَلاً مَحيلاً / ورحتَ مطالباً أملاً مُحالا
ليَهْنكَ بل ليَهْنِ الناسَ عيدٌ / رأوا فيه جبينَك والهِلالا
رأوْا فيه جبينَك والهِلالا / فحازَ النقصَ إذ حُزْتَ الكَمالا
وربّ مشبّهِ بكَ بدرَ تَمٍّ / تلألأ إذ سفرت لهُ تلالا
رأى منكَ الخليفةُ ما رآه / فأبْشِرْ إذ أنالَكَ ما أنالا
ورحتَ موشّحاً حُلَلاً فقُلْنا / حلالاً قد خُصِصْتَ به حَلالا
وأمرُ المُلْكِ آلَ إليك طوعاً / أقسمَ لا يفارقُه وآلى
فدُمْ كالسُحْبِ إن بعُدَتْ مَنالاً / فقد قرُبَتْ لمُسْتَسْقٍ نَوالا
تولى سقيَ دارهمُ الوليُّ
تولى سقيَ دارهمُ الوليُّ / فقد مجّ النّدى ذاك النّديُّ
ولاعبتِ الصَّبا أعطافَ دوحٍ / أدارتْهُ زجاجتُه العشيُّ
وغنّت في الأراكةِ ذاتُ شجوٍ / يتيهُ على الخليِّ به الشّجي
ورُبّ خمائلٍ للزهرِ فيه / كأنّ النّهرَ فيه مَشرفيُّ
هو الكنُف الوطيّ كما عهِدْنا / فأجدرُ أن تُناخَ به المطيُ
وكيف يموت شجوٌ أو شجونٌ / وذاك الحيُّ بالأهواءِ حيُّ
ليَمْضي الأرّجيُّ فلا رحيلٌ / وقد ضحِكَ الثّرى وبكى الحبيُّ
وفاتنةٍ لها طرفٌ مُطيعٌ / ولكن خلفَه قلبٌ أبيُّ
رنتْ فرمتْ بسهمٍ من فُتورٍ / يُليحُ له شواكلَهُ الرميُّ
أتلكَ لواحظٌ هي أم نِبالٌ / وتلك حواجبٌ هي أم قِسيُّ
تجلّتْ بالمحاسنِ وهي عُطْلٌ / وكم من عاطلٍ ولها حُليُّ
كخَوْطِ البانِ يُجْنى من ذُراهُ / على من يَجتَني وردٌ جنيُّ
فثغرٌ أقحوانيٌّ وخدّ / شقيقيٌّ وطرفٌ نرجسيُّ
ودونَ منالِها تلَفٌ لديه / تلفُّ على الحسامِ السّمهَريُّ
ولو شاءَتْ لأغناها كمينٌ / يثورُ فيَبْلُلُ البطلُ الكميُّ
أعدلاً أنّ قربَك ليس يُجْدي / لأنّ وراءَهُ أملٌ قصيُّ
ولي سُقْمٌ عليكَ ومنك بُرْءٌ / وبي ظمأٌ إليك وفيك رِيُّ
أسأت إليّ والأيام جِدٌّ / فأحسن لي أبو حسنٍ عليُّ
فقابلَني له خُلُقٌ رضيُّ / يصدّق بشْرَهُ خَلقٌ وضيُّ
وعارضني له عِرضٌ نقيُّ / يخبّرُ أنهُ بَرُّ تقيُّ
وأتانيَ من الإحسانِ مالاً / يكادُ ومثلُه يأتي الأتيُّ
وطوّل جودَه فأردتُ وصفاً / لغايتِه فقصّرَ بي الرّويّ
سحائبُهُ ثِقالٌ مسرعاتٌ / وسيرُ السُحبِ مثقلةً بطيُّ
بمرعاها الشِّفاءُ وثمّ مرعىً / وبيلٌ مع نضارتِه وبيُّ
أقولُ لسائلي عنه كأنْ لم / يصافحْ سمعَهُ الخبرُ الجليُّ
مَريعُ جوانبٍ ومُريعُ بأسٍ / ذُكائيٌّ محيّاهُ ذكيُّ
زففتُ إليه أبكارَ القوافي / لعلمي أنّه البَعلُ الكَفيُّ
وما ولّيتُه إلا ثناءً / هديّتُه لمن يُهْدى هديُّ
فيا صِهْرَ النبيّ اسماً ورسماً / شرُفتَ به وشرّفَكَ النبيُ
وحسبُك يا عليُّ من امتداحٍ / مقالةُ عائدٍ بك يا عليُّ
وقلّد نحرَ عيدَ النحرِ عيداً / من الأفضالِ أنت به حريُّ
فمثلُك زَنْدُ همّتِهِ طويلٌ / هُناك وزند عزمَتِه وريُّ
ولا سيّما ونحوَكَ كلّ عينٍ / يسارقُ لحظَها نظرُ خفيُّ
وفي لحظِ اليتيمِ سطورُ ضغْنٍ / تدرّبَ في قراءتها الوصيُّ
إذا الوادي جرى صبَباً وقرّتْ / به عيني فلا سالَ القُريُّ
ورُبّ عدوِّ يومٍ ليس يُرضي / على حالٍ يسيرُ به عشيُّ
وأدهمَ كالغرابِ سوادُ لوْنٍ
وأدهمَ كالغرابِ سوادُ لوْنٍ / يطيرُ مع الرياحِ به جَناحُ
كساهُ الليلُ شمْلَتَهُ وولّى / فأقبلَ بين عينيْهِ الصَباحُ