القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 33
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً / وقد أمسى الشقاق لنا مَطافا
ملأنا الجوّ بالجدل اصطخاباً / وكنّا قبلُ نملؤه هُتافاً
وما زلنا نَهيم بكلّ وادٍ / من الأقوال نُرسلها جُزافا
ونُرجف في البلاد بكل رُعبٍ / يهُزّ فرائص الأمن ارتجافا
ونتّهم الحكومة باعتسافٍ / ونحن أشدّ ظلماً واعتسافا
وكم من ناعب في القوم يدعو / بوَشك البين تحسبه الغدافا
تباكينا على الوطن اختداعاً / فأنبتنا بأدمعنا الخلافا
أجاعتنا المطامع فاختلفنا / لنملأ في موائدنا الصِحافا
ولكنّا من الوطن المُفدى / نَخيط على مطامعنا غلافا
أرى أنف الحوادث مشمخرّاً / غداً يتشمّم الحدث الجُرافا
ويُوشِك أن يُمزّق منخرَيه / عطاس يملأ الدنيا رُعافا
فهل لوزارة الغازي اقتدار / تردّ به الهزاهز والنِقافا
أقول ولو يَسوء القومَ قولي / بياناً للحقيقة واعترافا
قد اختلف البريّة واختلفنا / فكنّا نحن أسوأها اختلافا
فلا تغُررك أحزاب شداد / بأنّ لهم أقاويلاً لِطافا
فإن بواطن القوم احتراص / وإن أبدت ظواهرهم عَفافا
وما اختلفوا لمصلحة ولكن / ليأكل أقوياؤهم الضعافا
هو الدينار مُنية كل راج / وبغية كل من دَأب احترافا
نحِجّ لأجله بيت المخازي / ونكثر حول كعبته الطوافا
ترى كل الأنام به سُكارى / وغيرَ هواه ما ارتشفوا سلافا
فحبّ سواه في الأفواه جارٍ / ولكن حبّه بلغ الشغافا
هو الحرب التي زحفت إليها / كتائب كل من طلب الزحافا
وكم قد رَنّ في أمل مُخاف / فأمن صوته الأمل المُخافا
إذا خطب الوضيعُ به المعالي / أقام له بنو الشرف الزِفافا
أرى الأحزاب من طمع وحِرص / قد اخترقوا إلى الفتن السجافا
يُجانف بعضهم في الرأي بعضاً / وبئس الرأي ما التزم الجنافا
لئن خطَأت من راموا اتحاداً / فما صَوّبت من راموا ائتلافا
فإن مشارب العُدوان منها / كلا الحزبين يرتشف ارتشافا
وهم كأُولي الديانة كل حزب / يراه أحقّ بالحق اتصافا
وماذا نفع أقوال سِمان / إذا أفعالهم كانت عِجافا
وأنّى يُصلح الأوطان قوم / بها أشتى تدابُرهم وصافا
فكُن منهم على طرف بعيداً / وحاذر أن تكون لهم مُضافا
فهم كالبحر يهلك راكبوه / ويسلم منه من لزم الضفافا
أرى الأتراك في دار الخلافه
أرى الأتراك في دار الخلافه / تمادَوا في الخصومة والسخافه
غَدْوا يتطاعنون بكل هُجر / من القول المخالف الصحافه
فما عمِلت رماح الخَط فيهم / كما عملته أقلام الصحافه
ترى كلاً تهيّأ للترامي / وشمّر عن سواعده لحِافه
وأترع كفّه حَمَأ نَتيناً / ليلطخ وجه من يُبدي خلافه
تراهم مُزبدين لهم شُدوق / كشِدقّيْ حالبٍ النُشافه
لهم صخب كعربدة السكارى / وقد شِربوا المطامع كالسُلافه
على حين العدوّ بهم محيط / يُذيقهم المَذَلّة والمَخافه
سفينة ملكهم فيها خُروق / وهم لا يُحسِنون لها القِلافه
وقد وقفت بُدر دُورٍ شديد / ولم تأمن من الموج انقذافه
وليس لها هنالك من عريف / يُقَوّمها بسُكّان العَرافه
عجبت لهم إذِ اختلفوا بمُلك / يكون الاختلاف عليه آفه
كأنّي إِذ أراهم في احتراب / بمُلك يطلب الغرب انتسافه
أرى كَبشَين ينتطحان جهلاً / لدى الجزار في دار الضيافه
خصام يضحك السُفهاءُ منه / ويبكي منه أرباب الحَصافه
وإن تدابُر الأقوام شيءٌ / يؤول إلى الندامة والأسافه
سَميّ المصطفى لا زلت تعلو
سَميّ المصطفى لا زلت تعلو / إلى أوْج يطاول كل أوج
فدُر كالشمس في فلك المعالي / وحُلّ من الكمال بكل برج
نُصرت على بني يونان نصراً / أقام الغرب في هَرْج ومَرْج
وأطلع في سماء الشرق شمساً / تُفيض عليه أنوار الترجّي
فسَرّ المخلصين كل حر / وساء الخائنين وكل سمج
وما اليونان كفؤك في نزال / وإن ملؤوا السهول وكل فَجّ
ولكن قد غلبت جيوش قوم / أذلّوُا بالبوارج كلّ لج
تركت جيوشهم من فَرط رُعب / تُعاهد للهزيمة كل نهج
إذا ذكروا سُماك ولو مَناماً / تحامَوْا ذكره بسوى التهجّي
لئلا يسمعوه فيعتريهم / ضَنى داءَين من شَلَل وفَلج
هم اليونان أْلأم كل قوم / وأخْوَف في الوغى من فرخ قَبج
أرَقَ سجية منهم وأرقى / حمير الوحش سارحةً بمَرج
فلا تَغرُرك أوجههم بياضاً / فإن طباعهم كطباع زنج
وجوه قد حكَيْن الثلج لوناً / ولكن فاتهنّ نَقاء ثلج
فيا أمضى الورى رأياً وسيفاً / وأعرَفَهم بمَصعَد كل أوج
لقد أنقذت من إزمير خَوْداً / تسام الخسف في يد كل عِلج
وقمت على البلاد مقام عيسى / على مَرضاه من عُميٍ وعُرج
فعالجت الفُتوق بحسن رَتق / ولازمت الخروق بحسن نسج
ورُحت إلى التجدُّد في المعالي / تقود الناهضين بها وتُزجي
وتخطب في الجموع بيوم حَفل / كما خطب النبيّ بيوم حَج
وتأتيك الوُفود من الأقاصي / لتسمع قول مِدْرَهِها المِثَجّ
فَقْودك للعقول بيوم سلم / كقودك للجيوش بيوم هَيج
لقد جدّدت للأوطان عهداً / تُجاري فيه أوطان الفرنج
لتبتدر الشعوب إلى المعالي / وتبلغ ما تريد وما تُرجي
وتَنهج منهج العُمران فيما / بها للناس من دَخْل وخَرج
وأنت اليوم حارسها المفدَّى / تَحُوط أُمورها من كل هَرْج
وتَبتدِر المُلِمَ إذا عراها / فتَعْرَوْري الجواد بغير سرج
إذا ذُكر الهُبوط فأنت مُعلٍ / وإن خِيف الحُبوط فأنت منج
وتشرب أنت كأس المجد صِرفاً / ويشربها سواؤك ذات مَزج
لنا مَلك وليس له رعايا
لنا مَلك وليس له رعايا / وأوطان وليس لها حدود
وأجناد وليس لهم سلاح / ومملكة وليس بها نقود
أيكفينا من الدَولات أنّا / تُعلَّق في الديار لنا البُنود
وأنا بعد ذلك في افتقار / إلى ما الأجنبيّ به يجود
تجوز سيادة الهنديّ فينا / وأما ابن البلاد فلا يسود
إذن فالهند أشرف من بلادي / وأشرف من بني قومي الهنود
وكم عند الحكومة من رجال / تراهم سادة وهم العبيد
كلاب للأجانب هم ولكن / على أبناء جِلدتهم أسود
وليس الإنكليز بُمنقذينا / وإن كُتبت لنا منهم عهود
متى شَفِق القويّ على ضعيف / وكيف يعاهد الخِرفانَ سِيد
ولكن نحن في يدهم إسارى / وما كتبوه من عهدٍ قيود
أما والله لو كنا قروداً / لما رضَيت قرابتنا القرود
أطالوا الحرب طاحنة زَبونا
أطالوا الحرب طاحنة زَبونا / فعدُّوا بالشهور لها السنينا
وقد زحفت لهم فيها جيوش / تجاوزت الألوف مع المئينا
لقد خربوا البلاد ودوّخوها / وجُنّوا في تناحُرهم جنونا
ولم تُرِد الشعوب لها اتّقاداً / فأوقد نارها المترئّسونا
أولاك هم الجُناة بها علينا / أولاك هم البُغاة الطامعونا
إذا ذكر الورى جشعاً وحرصاً / ف شرشل أكبر المتجشّعينا
وما رزفلت فيها غير جانٍ / يزوّر في إطالتها المُيونا
أعان على الهياج وقال حِيدي / حَيادِ فأعجب المتكذّبينا
فما دعواه في الحَيَدان إلا / كدعوى العفّةِ المتهتّكونا
كذلك ساسة الأقوام فيما / به من أمرهم يتقوّلونا
خِداع لا يراه ذووه شَيْناً / ولا يُمسي به أحد مَشِينا
بسنغافورة اليابان شبُّوا / على أعدائهم حرباً طَحونا
لهم فيها طوائر صاعقات / لها قصف تدكّ به الحصونا
رواعد تملأ رُعباً / وترسل في تهزُّمها المنونا
تزلزلت الحصون بها وكانت / تطاول في مناعتها القرونا
حصون تستخفّ بكلّ طَوْدٍ / وتستعشي برؤيتها العيونا
لقد سكتت مدافعها وجوماً / لجيش حلّ مَرصَفها الحصينا
على بحر بلُجّته أقاموا / لفلق البحر من نار كُرينا
وقد بثُّوا البوارج فاسبَطَّرت / تجول به فوارد أو ثُبينا
ترى الحيان فيه قد اشرأبّت / تردّد فوقه نظراً شَفونا
وتطفو تارةً وتغوص أخرى / وتُبدي من تماقُلها فنونا
وتضرب بالزعانف جانبَيْها / فتنقلب الظهور بها بطونا
بحيث يقول من يرنو إليها / لعلّ بهنّ صرعاً أو جنونا
وبحر الهند أصبح في اضطراب / يرجّم في عواقبه الظنونا
أيُفتَح بابه فيكون حرّاً / لمن يُزجي بلجّته السفينا
ويُمسي الهند عندئذ طليقاً / من الأسر الذي قطع الوَتينا
فبشرى للبلاد إذن وبشرى / لمصر و العراق بما هوينا
فسوف تكفّ عنهن الليالي / مطامع ساسة متحكمينا
هنالك حفرة الأطماع يُمسي / خِداع الانكليز بها دفينا
وتحتدم الحفائظ في البرايا / فتُضرم فوق مدفنه أُتونا
وتتسع السياسة للتصافي / فيستصفي الخدين بها الخدينا
ويُصبح كل تمويه وغِشّ / لأنظار البرية مستبينا
ويصبح كل خدّاع كذوب / رجيماً في سياسته لعينا
ويصبح كل شعب مستقلاً / عزيزاً لن يذِلّ ولن يهونا
ويمسي الناس قاطبةً سواءً / بدين أُخُوةٍ متدينينا
يعاون بعضهم بعضاً ويؤوي / قويّهم الضعيف المستكينا
تسير بها شرائع عادلات / إلى أوح السعادة مرتقينا
جميعاً لا يفرّقهم لسان / ولا دين به يتعبّدونا
فما من سائدٍ أو من مَسودٍ / ولا من دائن يُربي الديونا
ويصبح كل محتَرَث مُشاعاً / لمن فيه ثَوَوا متواطنينا
وما أهل البلاد سوى عيالٍ / على العمل الذي هم يحسنونا
لعمرك أن قصر البحر قصرٌ
لعمرك أن قصر البحر قصرٌ / به يسلو مواطنه الغريب
وتمتلئ العيون به ابتهاجاً / إذا نظرت وتنشرح القلوب
تروق الناظرين بجانبيه / مناظر دونها العجب العجيب
فمن شمس يصافحها طلوع / ومن شمس يعانقها غروب
ومن سفن تجئ بها شمال / ومن سفن تروح بها جنوب
وأخرى حوله خمدت لظاها / وأخرى في الفؤاد بها لهيب
أطلّ على المياه فقابلته / بوجهٍ لا يمازده شحوب
يقبّل جانبيه البحر حتى / كأن البحر مشغوف كئيب
أحاط به فكان له رقيباً / ومغناه الأنيق له حبيب
وما هذا التموّج من هواءٍ / ولكن من هوىً فهو الوجيب
كأن الموج في الدأما رجال / وهذا القصر بينهم خطيب
تخاطبهم مبانيه فيعلو / من الأمواج تصفيق مهيب
قلمّ به المسرّات ازدياراً / فتعرفه وتجهله الكروب
وما انفردت به بيروت حسناً / ولكنّ القصور بها ضروب
تبسّمت البلاد بكلّ أرض / وما زال العراق به قطوب
فها هو من تكاسل قاطنيه / تجرّ عليه كلكلها الخطوب
إذا تدعو الرجال به لخيرٍ / يجيبك من تخاذلهم مجيب
فيا لهفي على بغداد أمست / من العمران ليس لها نصيب
سأبكي ثم استبكى عليها / إذا نضبت من العين الغروب
أيا بغداد لا جازتك سحبٌ / ولا حلّت بساحتك الجدوب
تطاول ساكنوك عليّ ظلماً / فضاق علي مغناك الرحيب
وكم نطقوا بألسنةٍ حدادٍ / يسيل لها من الأشداق حوب
رماني القوم بالالحاد جهلاً / وقالوا عنده شك مري
ألا يا قوم سوف يجد جدّي / وسوف يخيب منكم من يخيب
فمن ذا منكم قد شقّ قلبي / وهل كشفت لكم فيّ الغيوب
فعند اللّه لي معكم وقوف / إذا بلغت حناجرها القلوب
يقيني شرّ فريتكم يقيني / بأنّ الله مطّلع رقيب
ولم تخفر لكم عندي ذمام / ولكن عادة الريح الهبوب
أقول لصاحبي والشمس تدنو
أقول لصاحبي والشمس تدنو / لتغرب حيث تغشاها الغواشي
ترى مصفرّةً وبها أرتجاف / كعاشقة تململ في الفراش
وقد لاحت مبرقعة المحيّا / من الغيم الرقيق بثوب شاش
ولاحت كالسراج لنا فطافت / بها قطع السحائب كالفراش
أنتظر في الأصيل إلى غيوم / بأقصى الأفق مذهبة الحواشي
فإن الشمس قد نضحت ذراها / من النور الرقيق بكالرشاش
فآونةً تفرّق بانبساط / وآونةَ تجمّع بانكماش
بدت ألوانها في العين شتّى / تردّ أخا الفتور إلى انتعاش
وقد نثر الضياء بها نثاراً / يحاكي الوَشي في طرر الرياش
فمن قطع قد انتثرت صغاراً / فكانت كالعهون لدى انتفاش
ومن قطع قد اجتمعت كباراً / فكانت كالقطيع من المواشي
وذروة جَونها لما استنارت / حكت تاجاً على رأس النجاشي
وربّ سحابة دكناء قامت / لخدمته كما قام الطواشي
ألا أن الطبيعة ذات حسن / يجلّ عن التغاضي والتعاشي
فتلك حبيبة لا بدّ منها / وإن عذل الرقيب ولام واش
تملّ جمالها وأنظر إليها / وإلاّ عشت في صدأ المعاش
ذكرت ولست في الذكرى بناس
ذكرت ولست في الذكرى بناس / لياليَ بتّهنّ مبيت حاس
بنادٍ تزدهيك به انتظاماً / مقابلة الأسرّة بالكراسي
به اجتمعت غطارفة كرام / أبَوا شيم التخالف والشماس
يطوف عليهم رشأ رخيم / يغازل مقلتيه فم النعاس
براح فيك تبتعث أرتياحاً / وتنسف طود همّك وهو راس
يشب لمزجها بالماء وقدٌ / تكاد تهمّ منه إلى اقتباس
تميت هموم شاربها سروراً / فتدفنهنّ في حفر التناسي
وصاحٍ وجّه الندماء كأساً / إليه فقال لست لها بحاس
وغالي في الأباء فمارسوه / فلان أبيّه بعد المراس
فقال وقد مشت فيه ودبّت / دبيب الماء في ورق الغراس
لعمرك أن في الصهباء معنىً / دقيقاً ليس يعرف بالقياس
أقول لهم وقد جدّ الفراق
أقول لهم وقد جدّ الفراق / رويدكم فقد ضاق الخناق
رحلتهم بالبدور ومارحمتم / مشوقاً لا يبوخ له اشتياق
فقلبي فوق أرؤسكم مطار / ودمعي تحت أرجلكم مراق
أقال اللّه من قودٍ لحاظاً / دماء العاشقين بها تراق
وأبقي أعيناً للغيد سوداً / ولو نسيت بها البيض الرقاق
متى يصحو الفؤاد وقد أديرت / عليه من الهوى كأس دهاق
وليس الناس إلاّ من تصابي / وإلاّ من يشوق ومن يشاق
مررنا بالمنازل موحشاتٍ / لهوج الرامسات بها اختراق
كأن لم تُصبني فيها كعاب / ولم يضرب بساحتها رواق
فعجت على الطلول بها مكبّا / أسائلها وقد ذهب الرفاق
كأني بين أطلال المغاني / أسير عضّ ساعده الوثاق
حديد بارد في اللوم قلبي / فليس له إذا طرق انطراق
بدت في مسرح رحب البلاط
بدت في مسرح رحب البلاط / بقضبانٍ مشبَكةٍ محاط
فجالت من ضفائرها بتاج / وماست غير ضافية الرياط
ولا أنسى تورّد وجنتيها / وقد برزت تميس على البساط
فقلنا وهي تخطر في وقار / مليك الحسن يخطر في البلاط
وقد سجدت لها الأنظار لمّا / أرتنا الحسن يرفل في القباطي
وكبرّنا المهيمن حين راحت / تصول على الضياغم بالسياط
سقت أعصابنا خدراً وطارت / مرفرفة بأجنحة النشاط
مشت مشي الحمامة فوق سلك / تهول عليه أن تخطو الخواطي
وبارت فوقه خفقان قلبي / بحالتي أرتفاع وأنحطاط
فخلناها وقد خلبت نهانا / تعلّمنا الجواز على الصراط
أتى من مصر طلعتها بن حرب
أتى من مصر طلعتها بن حرب / فأهلاً بالمذلَل كل صعب
وأهلاً بالذي اتخذته مصر / لدفع ملمّة ولقرع خطب
هو الرجل الذي في مصر قامت / له همم تنفّس كل كَرب
تعهّد بالمساعي الغر مصراً / فبدّل جدب تربتها بخصب
أحبّ بلاده فسمعت منها / له شكر الحبيبة للمحبّ
لقد شاهدت مبتهجاً بعيني / له في مصر آثاراً كبارا
ففي الكُبرىَ له متحرّكات / تخلّد في البلاد له الفخارا
معامل مارست غزلاً ونسجاً / فأغنت في صناعتها الديارا
وفي الأسكندرية باخرات / له في البحر تبتدر السفارا
وأما بنك مصر فذاك أمر / به قد جلّ طلعة أن يباري
إذا ما مصر في المال استقلّت / فلا تخشى التأخّر في السياسه
فإن المال أكبر ما يرجى / به نيل السيادة والرياسه
إذا ما الشعب كان أسير فقر / فما تجدي السياسة والحماسة
أيصبح في سياسته طليقاً / أسير أوجب الفقر احتباسه
ولكن من سعى سعيَ ابن حرب / فقد نال السيادة بالكياسة
رجال النيل حُيّيتم رجالاً / بما للعرب فيكم من سمات
بكم طرب الفرات وقال جهراً / لوادي النيل إنك من لداتي
كلانا جاريان على سهول / بأبناء العروبة آهلات
كلانا في الأخاء لنا مواضٍ / ضّمِنّ لنا النجاح بكل آت
وتجمعنا جوامع كبريات / وأكبرهنّ سيّدة اللغات
لقد زرناكم قبلاً فكنُا / على نشز التجلّة والكرامه
فمن بيت يمدّ به سماط / ومن وجه تضيء به ابتسامه
وما هذا لعمر الحق منكم / ببدع بل لكم فيه استقامه
وما زرناكم لكبير ملك / ولكن للأخوّة والشهامه
ألا فلتحي مصر فنحن نرجو / لكم فيها السعادة والسلامه
وكم في مصر من بطل همام / يسير بها على خطوات سعد
وكم راقٍ بها في جوّ علم / ليستهدي بأنجمه ويهدي
وكم ساع لها بخطا ابن حرب / ليسعدها بما يغني ويجدي
ولكن ابن حرب في دجاها / كبدر الأفق حلّ ببرح سعد
فكيف تكون مصر في اِسار / وفيها اليوم من يحمي ويفدي
متى تنقاد للعرب الليالي / فتفتر عن نوازلها النوازي
وترجعهم إلى ما كان قبلاً / لهم من دولة ومن اعتزاز
فيمسوا في العراق على أتحاد / ومصر والشآم وفي الحجاز
هنالك يضحك المجد ابتهاجاً / ويمسي الحق منصلت الجراز
ألا فلتسعدن بفؤاد مصرٌ / كما بغداد قد سعدت بغازي
وفي الألعاب لم تر قط عيني
وفي الألعاب لم تر قط عيني / كمثل اللعب بالأكر الثلاث
تجول بمستطيل الشكل عال / لطيف صنعه حسن الأثاث
فبيضاوان تندفعان جرياً / إلى حمراء بادية اللهات
ينال الضرب إحداها فتجري / لضرب الأخريين بلا لباث
فتنبعث الثلاث مدحرجاتٍ / وقد حصل اصطدام بانبعاث
يدحرجهنّ أغلمة ظراف / نسيت بهم مغازلة الإناث
بأيديهم عصّي مشرعات / مهيّأة لضرب واحتثاث
فكان إذا انحنى للضرب منهم / غلام هاج شوقي وهو جاث
ورّبت ضربة لما تثنّى / ليضربها تثنّى بانخناث
وكانت توبة لي عن مجون / فعادت من هواه إلى انتكاث
فلست وقد تجدّد لي غرام / أبالي لوم ألسنة رثاث
ألا من مبلغ عنّي زنيماً
ألا من مبلغ عنّي زنيماً / من اللقطاء ذا نزق وهَذر
أتعلم أن أمك في البغايا / تبيح النيك من قبل ودبر
وأن أباك مغتصب وزان / عشيّة ناكها من غير أجر
وقد ولدتك من دبر خداجاً / فجئت بمنظر كالدبر قذر
بوجهك صفرة من غير سقم / كأن قد ذرّ فيه فتات بعر
وشدقك فيه تزدحم المخازي / وتزخر بالخنى كزخور بحر
فتعلو من سفاهته بمدّ / وتسفل من فهاهته بجزر
خلفت من الشرور فكنت شرّاً / تعذّر منه فاعل كلّ شرّ
فإن تسكت فمن حصرٍ وعيّ / وإن تنطق فعن كذب وهجر
وأن تفعل ففعلك فعل وَغد / وأن تترك فمن زجر وقهر
ولدت لزنية ونشأت نغلاً / ربيباً في حجور ذوات عهر
تلاقي الناس في وجه وقاح / له سحناء من خبث ونكر
تعوّد أن يلوح بلا حياءٍ / وأن لا يستهين بغير حرّ
فيا كلب الزنى ما شئت فانبح / فليس كريه نَبحك بالمضر
فإن تزد النبيح نزدك زجراً / وهل قدر النوابح غير زجر
وإنن لم تنزجر زدناك طرداً / وصتنا عند طردك صوت نقر
ولست بمعجزي أبداً فإنّي / على كَبح الغواة قصرت عمري
شحاك علي بالنكراء شاح / وكم أغراك بالنبهاء مغر
ولست لمن دعاك بكلب صيدٍ / ولكن كلب نائرةٍ وغدر
فكم من فتنةٍ قد كان فيها / نعيرك عاصفاً للشرّ يذري
عجبت لنهشك الأعراض جهلاً / وأمّك فرتني والناس تدري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025