المجموع : 27
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي / وجسمي في هواها كالهلالِ
ولاحتْ في المرآةِ فقلْ سماءٌ / تولتْها الملائِكُ بالصقالِ
ترقرقَ حسنها فيها فقالتْ / وفي الطاووسِ طبعُ الاختيالِ
وكانتْ كالغصونِ أصبنَ نهراً / فداعبْنَ الظِّلالَ على الزلالِ
وكنتُ لها بواحدةٍ قتيلاً / فكيفَ بها اثنتينِ على قتالي
دعوها تدرِ منها ما درينا / وتنظر ما نظرنا من جمالِ
فما مرآتها إلا كتابٌ / يعدُّ لها جناياتُ الدلالِ
وما اتهمتْ محاسنها ولكنْ / يكونُ سجيةً مرحُ الغزالِ
عساها صدَّقتْ ما أخبروها / بأن الطيفَ يسمحُ بالوصالِ
فلازمتِ المرآةَ كما أراها / تحاولُ أنْ تُظَّفرَ بالخيالِ
وللحسناءِ آمالٌ وماذا / يؤملُ في السما غيرُ المحالِ
فيا مرآتها وصفاءَ قلبي / وعصرَ طفولتي وخلوَّ بالي
ويا حظّي وحاجبها ودهري / وطرتَها وعينها وحالي
تقلبتِ الليالي بي ولما / يرعني إن تقلبتِ الليالي
كأني صرتُ مرآةً لدهري / يرى يها محاسنهُ البوالي
فلم ينظرْ جبيني قَطُّ إلا / تنفسَ فيهِ بالهمِّ العُضالِ
فدَيتُكِ ساعةَ المرآةِ طولي / أمدكِ من لياليَّ الطوالِ
فما أحلى إذا وقفتْ إليها / تبالي بالجمالِ ولا تبالي
وبانتْ في الحليِّ طريقَ سبقٍ / لتستبقَ اليمينَ معَ الشمالِ
وأعيى كفها الشعرُ اختلافاً / كما تعيى الهدايةُ بالضلالِ
ولاحتْ في لواحظها سِمَاةٌ / كا تجري المنيةُ في النّصالِ
فلو نطقتْ لنا المرآةُ عنها / إذاً قالتْ تباركَ ذو الجلالِ
لأمرٍ فيهِ يرتفعُ لسحابُ
لأمرٍ فيهِ يرتفعُ لسحابُ / ولا يسمو إلى الأفقِ الترابُ
وما استوتِ النفوسُ بشكلِ جسمٍ / وهل ينبيكَ بالسيفِ الترابُ
وما سيانَ في طمعٍ وحرصٍ / إذا ما الكلبُ أشبههُ الذئابُ
رأيتُ الناسَ كالأجسادِ تعلو / لعزتِها على القدمِ الرقابُ
فليسَ من العجيبِ سموُّ أنثى / على رجلٍ تُرَجِّلُهُ الثيابُ
ولو نفساهما بدتا لعيني / لما ميزتُ أيّهما الكعابُ
إنَّ لباطنِ الأشياءِ سرّاً / بهِ قد أعجزَ الأسدَ الذئابُ
فيا لرجالِ قومي من شموسٍ / إذا قُرِنوا بها انقشعَ الضبابُ
نساءٌ غيرَ أنَّ لهنَّ نفساً / إذا همّتْ تسهلتِ الصعابُ
فإن تلقَ البحاَ تكنْ سفينا / وإن تردِ السما فهي الشِّهابُ
ضعافٌ غيرَ أنَّ لهنَّ رأياً / يسددهُ إلى القصدِ الصوابُ
وما من شيمةٍ إلا وفيها / لهنَّ يدٌ محامدها خضابُ
وقومي مثلُ ما أدري وتدري / فهمْ لسؤالِ شاعرهمْ جوابُ
رجالٌ غيرَ أنَّ لهمْ وجوهاً / أحقُّ بها لعمرهمُ النّقابُ
غطارفةٌ إذا انتسبوا ولكن / إذا عُدُّوا تصعلكَ الانتسابُ
جدودهمُ لهم في الناسِ مجدٌ / وهمْ لجدودهمْ في الناسِ عابُ
ومن يقلِ الغرابُ ابنُ القماري / يكذبهُ إذا نعبَ الغرابُ
عجيبٌ والعجائبُ بعدُ شتَّى / بأنّا في الورى شيءٌ عجابُ
تقدمنا النسا ونفوسُ قومي / من اللائي عليهنَّ الحجابُ
وما غيرُ النفوسِ هي البرايا / وأنثاها أو الرجلِ الإهابُ
دعي عنكِ الطلاءَ فليسَ حسناً
دعي عنكِ الطلاءَ فليسَ حسناً / وأيَّ حقيقةً كانتْ مجازا
ومن ذا غرّهُ التحسينُ إني / رأيتُ الشمسَ لا تحتاجُ غازا
لا تلوميني على السق
لا تلوميني على السق / مِ فذا طرفكِ أسقمُ
أنتِ علمتِ فؤادي / فيكِ كيفَ يتألمُ
فرحمتِ الحبَّ مني / وأراهُ ليسَ يرحمُ
إن هذا الحبّ ضيفٌ / وقراهُ اللحمُ والدمُ
على الطرسينِ من خدٍ وجيدِ
على الطرسينِ من خدٍ وجيدِ / ارى سطرينِ في معنى الصدودِ
وقد سدَلتْ غدائرها تريني / تبدلَ بيضَ أيامي بسودِ
وقطَّعني الأسى والدمعُ بحرٌ / فعادَ بسيطُ هميّ في المديدِ
ولما أمصدتْ قلبي بلحظٍ / علمتُ بأنهُ بيتُ القصيدِ
لها دينٌ ولي دينٌ ولكن / أرى القلبين في دينٍ جديدِ
وكم من ليلةٍ مرّت وأفقُ النجو / مِ كجيدها تحتَ العقودِ
وقد وقفَ الدُّجى فزعاً يصلي / وظلمةُ ذنبهِ ملءُ الوجودِ
وأنفاسُ النسائمِ كهرباءٌ / توصلُ بينَ قلبيَ والخدودِ
وقد سعتِ اللحاظُ بما أردنا / توكدُ يننا صدقُ العهودِ
فكم لحظةٍ وكم نفسٍ ترا ذا / تلغرافاً وذا ساعي بريدِ
فعدتُ ارى النعيمَ ولستُ فيهِ / كمثلِ الغصنِ شُبه بالقدودِ
فلا أهلاً بأيامِ التجافي / ويا أيامَ ذاكَ الوصلِ عودي
تعاتبنا كأنَّ القل
تعاتبنا كأنَّ القل / بَ عندَ القلبِ في شكِّ
وألسننا صوامتُ وال / عيونُ لبعضها تحكي
فقالتْ أنتَ كالأطفا / لِ خلو القلبِ من شركِ
ففاضَ بمدحها دمعي / ونطقُ الطفلِ أن يبكي
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ
أتاني بعدَ فرقتنا سلامٌ / فكيفَ وعذَّلي حولي أتاني
تقولُ أأنت لا تنفكُّ حياً / تعاني من هولنا ما تعاني
كفى هجراً فقد أصبحتُ نضوا / تمرُّ بي العيونُ ولا تراني
ولو هبَّ النسيمُ عليَّ يوماً / لزحزحني وربكِ عن مكاني
وها أنا حينَ أنظمُ فيكِ شعراً / أكادُ أكونُ فيهِ من المعاني
لو أنَّ الحورَ حولي قد تجلَّتْ / لجدَ الناسُ في طلبِ الجنانِ