القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 44
كأنّ مُعَقِّرِي مُهَجٍ كرامٍ
كأنّ مُعَقِّرِي مُهَجٍ كرامٍ / هنالك يعقِرون بها العِباطا
فَقلْ لبنِي زيادَ وآلِ حربٍ / ومَن خلطوا بغدرهمُ خِلاطا
دماؤكُمُ لكمْ ولهمْ دماءٌ / تُروِّيها سيوفُكُمُ البَلاطا
كُلوها بعد غصبكُمُ عليها اِنْ / تِهاباً واِزدراداً واِستراطا
فما قُدِّمتُمُ إلّا سَفاهاً / وَلا أُمِّرتُمُ إلّا غِلاطا
وَلا كانَت منَ الزّمن المُلَحَّى / مَراتبُكُم بِه إلّا سُفاطا
أَنحوَ بَني رَسولِ اللَّه فيكُمْ / تَقودون المسوَّمَةَ السِّلاطا
تُثار كما أثَرْتَ إلى مَعينٍ / لتُكرعَ من جوانبِهِ الغطاطا
وَما أَبقَتْ بِها الرَّوحاتُ إلّا / ظهوراً أو ضلوعاً أو مِلاطا
وَفوقَ ظُهورها عُصَبٌ غضابٌ / إذا أرضيتهمْ زادوا اِختلاطا
وَكلُّ مرفَّعٍ في الجوِّ طاطٍ / ترى أبداً على كَتِفيه طاطا
إِذا شَهدَ الكريهةَ لا يُبالي / أشاط على الصّوارم أم أشاطا
وَما مَدّ القنا إلّا وَخِيلَتْ / على آذان خيلِهمُ قِراطا
وكم نِعَمٍ لجدِّهِمُ عليكمْ / لقين بكمْ جُحوداً أو غِماطا
هُمُ أتْكَوْا مرافقكمْ وأعطَوْا / جنوبَكُمُ النّمارقَ والنِّماطا
وهمْ نَشَطوكُمُ من كلّ ذُلٍّ / حَلَلْتُمْ وسْطَ عَقْوتِهِ اِنتشاطا
وهُمْ سَدّوا مَخارمكمْ ومدّوا / على شجراتِ دوحكمُ اللِّياطا
وَلَولا أنّهمْ حَدبوا عَليكمْ / لَما طلتُمْ وَلا حزتمْ ضِغاطا
فما جازيتُمُ لهمُ جميلاً / ولا أَمضيتمُ لهمُ اِشتراطا
وَكيفَ جَحدتُمُ لهمُ حقوقاً / تَبين على رقابكُمُ اِختطاطا
وَبينَ ضُلوعكم منهمْ تِراتٌ / كمَرْخِ القيظِ أُضرِمَ فاِستَشاطا
وَوِتْرٌ كلّما عَمَدَتْ يمينٌ / لرقعِ خُروقِهِ زِدْن اِنعطاطا
فَلا نَسبٌ لكمْ أبداً إليهمْ / وهل قُربى لمن قطع المناطا
فكمْ أجرى لَنا عاشورُ دمعاً / وقطّع من جوانحنا النِّياطا
وكم بِتْنَا به واللّيلُ داجٍ / نُمِيط من الجَوى ما لن يُماطا
يُسقِّينا تذكّرُهُ سِماماً / ويُولِجُنا توجّعُهُ الوِراطا
فلا حُدِيَت بكمْ أبداً ركابٌ / ولا رُفعتْ لكمْ أبداً سياطا
ولا رفع الزّمان لكم أديماً / وَلا اِزدَدتمْ به إِلّا اِنحِطاطا
وَلا عَرفت رؤوسُكُمُ اِرتفاعاً / ولا أَلِفَتْ قلوبُكُمُ اِغتباطا
وَلا غفرَ الإلهُ لكمْ ذنوباً / ولا جُزتمْ هنالِكمُ الصِّراطا
أبا بكرٍ تعرَّضَتِ المنايا
أبا بكرٍ تعرَّضَتِ المنايا / لحتفكَ حين لا أحدٌ مَنوعُ
وأوجعنِي فراقُك من قريبٍ / وداءٌ لا دواءَ له وجيعُ
بكى قلبي عليك مكانَ دمعي / وكم باكٍ وليس له دموعُ
كأنّك ما حللتَ بدار قومٍ / وأنتَ لودّهمْ مرعىً مَريعُ
وسَفْرٌ لا يحين لهمْ إيابٌ / ولا يُرجى لغاربهمْ طلوعُ
وِسادُهُمُ وإنْ كَرُموا رَغامٌ / وأجداثُ القبورِ لهمْ رُبوعُ
نُصابُ بكلّ مُقتَبِلٍ وهِمٍّ / فَلا هذا ولا هذا يروعُ
وَتَخدعنا ظنونٌ كاذباتٌ / فَياللّهِ ما بلغ الخَدوعُ
وسُبْلُ اليأسِ واضحةٌ لدينا / ولكنْ ربّما طمع الطَّموعُ
فإنْ تَبْعَدْ فقد نَأَتِ الثُّريّا / وإنْ تذهبْ فقد ذهبَ الرّبيعُ
وإنْ تفقِدْك حائرةً عيونٌ / فلم تَفقِدْكَ حانيةً ضلوعُ
وإنْ يَحْرَجْ مكانُك من تُرابٍ / فإنّك ذلك الرَّحْبُ الوسيعُ
وما يبقى بَطيءٌ أخَّرَتْهُ / منيّتُهُ فيُجزِعَنا السَّريعُ
وما أبقى الزّمانُ لنا أُصولاً / فنطمعَ أنْ تدوم به الفروعُ
وَما الأيّامُ إلّا حاصداتٌ / لما زرعوا ونحن لها زُروعُ
وَلَولا أنّه أجَلٌ مُتاحٌ / لَقلتُ أسِيءَ منك بنا الصَّنِيعُ
بنفسي مَن لقيتُ غداةَ جَمْعٍ
بنفسي مَن لقيتُ غداةَ جَمْعٍ / على عَجَلٍ يسجّين الشُّفُوفا
مررناهنّ نَعتَسِفُ المطايا / نريد مِنىً فما رمنا وقوفا
وفي الأظعان بدرُ دُجىً سباني / بطلعته وما ألقَى النَّصيفا
ولمّا أن تمثّل لِي هواه / عداني بالثنيّةِ أن أطوفا
وزلّتْ عن تُقىً قدمي كأنّي / هنالك لم أكنْ رجلاً عفيفا
بنفسي مَن رأيتُ بجُنْحِ ليلٍ
بنفسي مَن رأيتُ بجُنْحِ ليلٍ / فضاء بنور طلعته الطِّرافا
حكى لِي ريقه عَذْباً نميراً / وسقّى من صبابته ذُعافا
وكنتُ أضِنُّ في كَلَفِي بقلبي / فها أنَا ذا أجود به جُزافا
أَضَنّاً بالتّواصلِ والتّصافي
أَضَنّاً بالتّواصلِ والتّصافي / وبذلاً للتّقاطعِ والتّجافي
ونبذاً للمودّةِ عن ملالٍ / كما نُبِذَتْ حُصَيّاتُ القِذافِ
وسيراً في الجفاءِ على طريقٍ / شديدِ تَنَكُّرِ الأَعلامِ خافِ
إذا الأقدامُ خاطئةً خَطَتْهُ / فمن كابٍ لجبهتِه وهافِ
أيَا مَنْ بعتُهُ وَصْلي جُزافاً / فقابلني بهجرانٍ جُزافِ
أيَحسُنُ أنْ تُرَنِّقَ منك شربي / قضاءً بعد إسلافي سُلافي
وتثنِي عِطْفَك المزوَرَّ عنّي / وَما لِسواك حظٌّ في اِنعطافي
ومن عَجَبٍ خلافُك لِي وقِدْماً / أَمِنْتُ على اِقتِراحك من خلافي
وخلفُك موعدي وعليك فرداً / مقامي بالمودّة واِختلافي
وأنك واردٌ جَمّاتِ ودّي / وتمنعني صُباباتِ النِّطافِ
وكنتُ متى أنَلْ شَطَطَ الأماني / سَخِطْتُ فصرتُ أرضى بالكَفافِ
وقد علم المبلّغُ عنك أنّي / حَطَطْتُ عليه ثالثةَ الأثافي
وَكنتُ عليه لمّا اِهتَشَّ قومٌ / إِلى نجواه كالسُّمِّ الذُّعافِ
أتنسى إذْ لديك شجونُ نفسي / وَإِذ مَعكَ اِرتِباعي واِصطِيافي
وَإذْ سِرِّي بِمَرأىً منك بادٍ / وما دوني لسرّك من سِجافِ
تُنازعني المسائلَ والمعاني / وتاراتٍ تُناشدني القوافي
وَكَم معنىً أَقام الميْلَ منه / وقد أعيا ثِقافُك أو ثِقافي
وآخرَ ضلّ عنه رائدوهُ / فَفازَ بهِ اِختطافُك واِختطافي
مجالسُ لم يكن فيها طريقٌ / لشَهْواتِ النّفوسِ على العَفافِ
ألا يا ليتَ شعري عن صديقٍ / تكدّر لِي لِمَنْ بعدي يُصافي
وَكيفَ تُفيدُهُ الأيّامُ مثلي / وما يكفي مكاني اليومَ كافِ
ولمّا أن جريتُ إلى المعالِي / تبيّنَت البِطاءُ من الخِفافِ
فَما عِيف اِضطلاعي واِصطناعي / وَلا حِيف اِنصرافي واِنحرافي
سلامٌ من دَوِي الأحشاء مُضْنىً / على زمنٍ مضى وافي الخوافي
أُشمّرُ فيه أذيالي مُجوناً / وأحياناً أجرُّ به عِطافي
طَوَتْ آثارَه نُوَبُ اللّيالي / وقُوِّض مِثلَ تقويض الطِّرافِ
فَما لي بعدهُ إلّا اِلتفاتٌ / إلى طَلَلٍ من الإخوان عافِ
تبدّل بعد ساكنه بناءٍ / وبعد وصالِ واصله بجافِ
فيا راضي الجفاءِ متى التَّلاقي / ويا جاني الذُّنوب متى التَّلافي
وَإِن كُنتُ اِقترفتُ إليك جرماً / فَقَد ذَهب اِعتِرافي بِاِقترافي
وليلةَ زرتنا واللّيلُ داجٍ
وليلةَ زرتنا واللّيلُ داجٍ / على عَجَلٍ ونحن على البِراقِ
وجُدتَ لنا بتقبيل الثّنايا / على رغم الوشاةِ وبالعناقِ
تلاقينا بأرواحٍ ظماءٍ / عشيّةَ ما لأجسادٍ تلاقِ
ولمّا أن تفرّقنا رجعنا / إلى ما نحن فيه من الفراقِ
فإنْ يكُ باطلاً لا حقَّ فيه / فكم من باطلٍ حُلْوِ المذاقِ
أمالَكَ من غرامٍ ما أمالا
أمالَكَ من غرامٍ ما أمالا / وزادَك نصحُ عاذلها خَبالا
ولو كانتْ وقد هجرتْ أرادتْ / دلالاً لاِحتَملتُ لها الدّلالا
وما زال العذول يقول حتّى / أذنتَ له فأسمعك المحالا
فما لك والحِجالَ وقد جعلتمْ / قلوبَ العاشقين لكمْ حجالا
وما أُلحي سوى قلبي وفيه / نُدوبٌ منك كيف إليك مالا
هجرتَ ونحن أيقاظٌ بوَجٍّ / وزرت بنَعفِ كاظمةٍ خيالا
وليس الهجرُ عن سببٍ ولكنْ / خلوتَ وما خلونا منك بالا
وطيفٌ منكمُ بجنوب نجدٍ / أراني من محاسنكمْ مثالا
أقام على مضاجعنا هُدُوّاً / فلمّا زال عنّا النّومُ زالا
لَهَوْتُ بِباطل الأحلامِ حتّى / ودِدْتُ لهنّ أنّ اللّيلَ طالا
ألَيْلَتَنا بكاظمةٍ أضِلِّي / بياضَكِ أنْ يلمّ بنا ضلالا
فليس الصّبحُ من أَرَبي وحسبي / ظِلالُ اللّيل أسكنه ظِلالا
ومعسولِ المراشف لو سقاني / سقاني من مُجاجته الزّلالا
متى يَفَتَرّ يبسم عن نقيٍّ / شَتيتِ الرَّصْفِ تحسبه سَيالا
كأنّ به سحيقَ المسك وُهْناً / تناثر أو عقيقَ الخمر سالا
وكان الدّهرُ ألْبَسَنِي سواداً / أَروعُ به الغزالةَ والغزالا
نعمتُ بصبغِهِ زمناً قصيراً / فلمّا حالتِ الأعوامُ حالا
بفخر الملك أعتبتُ اللّيالي / وعاد أُجاجُنا عَذْباً زلالا
وسالمنا الزّمانُ به وكانتْ / حروبُ صُروفه فينا سِجالا
وأصبحتِ العراقُ بخير حالٍ / وكانتْ أسْوَأَ الأمصار حالا
دخلتُ عليه مجلسَه فأدنى / وأعلاني مكاناً لا يُعالى
وأثقلني ولم أكُ طولَ عمري / حملتُ لغيره المِنَنَ الثّقالا
بإكرامٍ إذا عظمتْ وجلّتْ / لدى قلبي أوائِله تَوَالى
وقولٍ كلّما اِضطربتْ قلوبٌ / بحظّي منه أعْقَبَهُ فِعالا
وبِشْرٍ يأخذ الأقوامُ منه / أمامَ نوالِ راحته النّوالا
ولمّا أنْ دعاك إليه بدرٌ / سبقتَ إلى تداركه العُجالى
فأحزنتَ السهولَ حمىً وجُرْداً / محصّنةً وأسهلتَ الجبالا
وأبصرها هِلالٌ خارقاتٍ / ذيولَ النَّقْعِ يحملن الهلالا
عوابس كلّما طرحت قتيلاً / جَعلن ضَفير لمّتهِ قِبالا
عليهنّ الأُلى جعلوا العوالي / وما طالتْ بأيديهمْ طوالا
كأنّ على قُنِيّهمُ نجوماً / خَرَرْن على القوانس أو ذُبالا
ومذ صقلوا سيوفهمُ المواضي / بأعناق العِدا هجروا الصّقالا
تُمَدُّ الحربُ منك بلَوْذَعِيٍّ / يسعّرها إذا خَبَتِ اِشتعالا
وقلبُك يا جريء القلب قلبٌ / كأنّك ما شهدتَ به القتالا
وذي لَجَبٍ تألّق جانباه / كأنّ به على الآفاقِ آلا
وفيه كلُّ سَلْهَبَةٍ جَموحٍ / يعاسلن المثقّفةَ الطِّوالا
فَلَوْتَ بكلّ أبيضَ مشرفيٍّ / بكَبَّتِهِ رؤوساً لا تُفالى
ومَنْ لولاك زوّارُ الأعادي / إذا ملّوك زدتَهمُ ملالا
وشاهقةٍ حماها مُبتنيها / وطوّلها حذاراً أن تُنالا
وحصّنها وعند اللَّه علمٌ / بأنّك لم تدع فيها عِقالا
تراها تستدقّ لمن علاها / كأنّ بها وما هُزِلَتْ هُزالا
وقُلَّتُها تمسّ الأُفقَ حتّى / تقدّرها بخدّ الشّمسِ خالا
ظفرتَ بها وضيفك من بعيدٍ / يرى ما كان فيه إليك آلا
وما كان الزّمانُ يرى عليها / لغير الطير جائلةً مجالا
نقلتَ بما نقلتَ قلوبَ قومٍ / ويحسبك الغنيُّ نقلتَ مالا
وسقتَ إلى قوام الدّين فتحاً / يرى كلّ الفتوح له عيالا
وكم لك قبله من قاطعاتٍ / مدى الآفاق لم تَخَفِ الكلالا
إذا ما بات يقلب جانبيها / قوامُ الدين تاه بها وصالا
فخذها فوق ما تهواه منها / عطاءً ما لقيتَ به مِطالا
ومجدِك إِنّه قسمٌ جليلٌ / لقد أتعبتَ في الدّنيا الرّجالا
إذا طلبوك فُتَّهُمُ جميلاً / وإنْ رَمَقوك رُعْتَهمُ جمالا
فما لَكَ ليس ترضى عن محلٍّ / كأنّك بعدُ لم تُصبِ الكمالا
أَلَسْتَ أتمَّنا خُلُقاً وخَلْقاً / وأبسطَنا يميناً أو شمالا
فما يبغي الّذي يضحي ويُمسِي / وقد جمع المهابةَ والجَلالا
ومَن لولاه كان الناسُ فَوْضى / وكان الأمر مُطّرَحاً مُذالا
فدمْ يا فخرَ ملك بني بُوَيْهٍ / دواماً لا نريد به زوالا
وقبلك مَن حرامٌ فيه مدحي / فخذه اليوم مبذولاً حلالا
أسيَّدَنا الشريفَ عَلَوْتَ عن أنْ
أسيَّدَنا الشريفَ عَلَوْتَ عن أنْ / تضاف إليك أوصافُ الجلالَهْ
لأنّك أوْحَدٌ والنّاسُ دونٌ / ومَن يسمو لمجدك أنْ ينالَه
وفُتَّ وزدتَ فضلاً إنّ فضلاً / كفضلك لا تحيط به مقالَه
ولي أمَلٌ سأُدركه وشيكاً / بعون اللَّه فيك بلا محالَه
وليس على مُوَالاتي مزيدٌ / لأنّي لم أرثْها عن كلالَه
متى يُبدِي الكثيبُ لنا غزالَه
متى يُبدِي الكثيبُ لنا غزالَه / ويُدني من أنامِلنا منالَهْ
وكيف يُنيلنا مَن ليس نَلقى / وقد وعد النّدى إلّا مِطالَهْ
أراد زيارتي غلطاً فلمّا / مددتُ لنيلها كفِّي بدا لَهْ
ولمّا أنْ جفا عيني نهاراً / رضيت بأنْ أرى ليلاً خيالَهْ
وعِفتُ حرامَه فأنال عيني / وقلبي في الدُّجى منه حلالَهْ
يُرِي عيني الكرى أنِّي أراه / ولم أرَ في الكرى إلّا مِثالَهْ
عدمتُ صحيحَه فرضيتُ قَسْراً / بأنْ ألقى على سِنَةٍ مُحالَهْ
وقولٍ زارني فوددتُ أنّي / وقيتُ بمهجتي مَن كان قالَهْ
ذكرتُ به التّصابي والغواني / وأيّامَ الشّبيبةِ والبطالَهْ
وكيف ألومُ إمّا لمتُ دهراً / ضللتُ به فأطلعَ لِي هِلالَهْ
ولمّا أنْ ظمئتُ به سقاني / عذوبتَه وأوْرَدَني زُلالَهْ
وكان من العِدا قلبي نفوراً / على حَذَرٍ فكان له الحِبالَهْ
غفرتُ له ذنوبَ الدّهرِ لمّا / أَتى كفّي فأعلقها وصالَهْ
وَما أَنا مصطفٍ إلّا خَليلاً / رضيتُ على تجاربه خلالَهْ
تركتُ بجانبِ الوادي ثُماماً / فلم أعرض له وجنيتُ ضالَهْ
وإنّك من أُناسٍ ما رأينا / لهمْ إلّا الرّياسةَ والجلالَهْ
علَوْا قُلَلَ الكلام الجَزْلِ فينا / وحلّوا كيفما شاؤوا جبالَهْ
وكم رام اِمرؤٌ بهمُ لُحوقاً / بطرقِ المأثُراتِ فما اِستوى لَهْ
وما زالوا بيوم ندىً سيولاً / لمفخرةٍ ويوم وغىً نِصالَهْ
وكم ماضي البيان رددتَ منه / غبيَّاً لا تبين له مقالَهْ
وذى لَسَنٍ رجعتَ به صَموتاً / وذى جَدَلٍ عكستَ له جِدالَهْ
فخذها اليومَ قافيةً شروداً / تجوب بها البلادَ ولا ضلالَهْ
فإنْ قَصُرَتْ فقد أغنتْك منها / إِشاراتٌ لَطُفْن عن الإطالَهْ
فلا مَلَلٌ لقلبي منك دهراً / وحاشا اللَّهَ قلبي من مَلالَهْ
ألا يا أحسنَ الثَقَلَيْنِ عَبْلاً
ألا يا أحسنَ الثَقَلَيْنِ عَبْلاً / أنيلي اليومَ مَن يهواك نيلا
يميل إليك من كَلَفٍ ولكنْ / إِلى مَن لا يميل إليه ميلا
فإنْ لم يأتِهِ منكمْ رسولٌ / نهاراً فاِجعلوه إليه ليلا
وقد قَطَر الجفاءُ فأوْسَعوه / فَسالَ عليَّ بعد القَطْر سيلا
ولو كنتُ الممكَّنَ من مُرادي / جررتُ على الطريق إِليك ذيلا
فإنْ لم آتكمْ في ظهر طِرْفٍ / رَكبتُ أخامصي نُجُباً وخيلا
وزَوْرٍ زارني واللَّيلُ داجٍ
وزَوْرٍ زارني واللَّيلُ داجٍ / فعلّلني بباطله وولّى
سقاني ريقَهَ مَن كنت دهراً / مَذوداً عن مراشفه مُحَلّا
وأولى فوق ما أهواه منه / وما يدري بما أعطى وأولى
وأرخص قربَه باللّيل مَن لو / سألنا قربه بالصّبحِ أغلى
نعمنا بالحبيب دجىً فلمّا / تولّى واِضمحلّ لنا اِضمحلّا
فإِنْ يك باطلاً فسقيم حبٍّ / أفاقَ به قليلاً أو أبَلّا
تلاقٍ لا نخاف ولا نبالي / بمن أوحى به وعليه دلّا
ولو أنّ الصَباحَ يُطيع أمري / لما كشف الظّلامَ ولا تجلّى
أَسيفَ الدّين قد حمّلتَ ظهري
أَسيفَ الدّين قد حمّلتَ ظهري / عوارفَ لا أُطيق لها اِحتمالا
ثقائلَ لو حُملنَ على شَرَوْرى / لزال بها شَرَوْرى أوْ لمَالا
هززتُك صارماً لم ينبُ عنّي / لأمرٍ ما اِرتضيتُ له الرّجالا
فَكنتَ إليَّ أَسرعَ من غمَامٍ / تبجّسَ أو مسيلَ الشِّعْبِ سالا
ولمّا أنْ سألتُك في مهمٍّ / وجدتُك قد سقبتَ به السُّؤالا
ومهما كنتَ لِي درعاً حصيناً / فما أخشى المثقّفَةَ الطِّوالا
وإمّا كنتَ لِي جبلاً منيعاً / فلم ينل العِدا مِنّي مَنالا
وإنّك من أُناسٍ إنْ أغذُّوا / بطُرْقِ الفضل لم يجدوا الكَلالا
فإنْ تقصُرْ فإنْ لها وشيكاً / كما تهواه أمثالا طوالا
وَلمّا حزتُمُ أملِي أَمرتمْ / لساني أنْ يقول لكمْ فقالا
وَمَن لم يدّخر عنِّي فعالا / كريما كيف أذخُرُه المقالا
رضينا من عِدانِك بالمِطالِ
رضينا من عِدانِك بالمِطالِ / ومن جَدواكِ بالوعد المحالِ
وأَقنعنا هواك وقد ظمئنا / إلى وِرْدِ الزّلالِ بكلِّ آلِ
وأنسانا دوامُ الهجر منكمْ / وطولُ النّأي أيّامَ الوِصالِ
وكنتِ الزَّوْرَ يطرقني مساءً / وإنْ منع الضّحى فإلى ظِلالي
إلى أن صدّكِ الواشون عنّا / فما نُزدارُ إلّا في الخَيالِ
إِلى كَم تَطلُبين وليس عندي / على الأيّامِ عذراً في الملالِ
وأشقى النّاسِ مَن يُضحى ويُمسي / يبالي في الهوى مَن لا يبالي
وبِيضٍ راعهنَّ البيضُ منّي / فقطّعْنَ العلائق من حبالي
جَعلنَ الذّنبَ لي حتّى كأنّي / جنيتُ أذى المشيب على جمالي
وَليسَ الشّيبُ من جهتي فأُلحى / ولا ردُّ الشّبيبةِ في اِحتِيالي
وما أنسى عشيّةَ يومِ جَمْعٍ / ونحن نضمّ منتشرَ الرّحالِ
وإذْ أُدْمُ المطيِّ معقّلاتٌ / على وادي مِنىً بيد الكلالِ
نساءٌ من بني ثُعَلِ بن عمروٍ / يصبن هناك أفئدةَ الرّجالِ
خرجن إلى المحَصَّبِ سافراتٍ / وجيدُ اللّيلِ بالجوزاء حالي
يَمِسْنَ بمَسْقَطِ الجَمَراتِ فينا / كما روّعْتَ حيّاتِ الرّمالِ
فحيّاهنّ ربُّ البيتِ عنّا / وأيّاماً بهنّ بلا ليالِ
سَقى اللَّهُ المنَقّى من محلٍّ / وما يحويه من سَلَمٍ وضالِ
وكم لي فيه من زمنٍ قصيرٍ / بمن أهوى وساعاتٍ طِوالِ
وأقوامٍ جَرَوا في كلّ فصلٍ / بلا لُجُمٍ إلى عالي الكمالِ
بأفئدةٍ إذا اِحتَربوا رِزانٍ / وأيمانٍ وأقدامٍ عجالِ
وَأَغلوا في ندىً ووغىً جميعاً / وما غبنوا بأثمان المعالي
بدورٌ إنْ سريتَ بهمْ هُدُوّاً / ففي يدك الأمانُ من الضّلالِ
تُناط حمائلُ الأسيافِ منهمْ / بعاتقِ كلّ ممتدٍّ طوالِ
هُمُ منعوا من المكروه سِرْبي / وساقوا الأمنَ يَرتع في رحالي
وأعدَوْني وكلُّ اليأسِ عندي / بنصرِهِمُ على نُوَبِ اللّيالي
كأنّي فيهمُ من ذي حِفاظٍ / يُلاطم عنك خِرصانَ العوالي
تهيب به حفيظتُه فينزو / كما تنزو السّهامُ بكلّ غالِ
ومولىً عَلَّني طَرْقاً أُجاجاً / بِما أَسقيهِ مِن عذبٍ زلالِ
هِدانٌ لا يريد السِّلْمَ إلّا / إذا ما كان يجبن عن قتالي
أرى في وجهه ماءَ التّصافي / وفي أحشائه نار التّقالي
يساميني فتُعليني عليه / أهاضيبُ الرّواسخِ من جبالي
فقل لمُسوّفٍ ببلوغِ شَأْوي / ويمناه تقصّر عن منالي
أَبِنْ لي أين قَطْرُك من سيولي / وأين حضيض أرضك من قِلالي
وكيف يُعدّ بي مَنْ ليس فيه / لباغي المجد شيءٌ مِن خِلالي
تَضِنُّ يمينُهُ بالنَّزْر منها / وأسخو للعُفاةِ بكلّ مالي
وليس لوعده أبداً نجاحٌ / ويسبق موعدي أبداً نوالي
ألم تَرَ أنّني أحذو قديمي / وأحذو إنْ حذوت على مثالي
وأدَّرعُ الدّجى واللّيلُ خافٍ / وأركب غاربَ الخَطْبِ الجَلالِ
وَأَكشفُ باطنَ الأمرِ المعمّى / وأطلعُ في الدَّءادي كالهلالِ
بعِرضٍ لا أجود به مصونٍ / ومالٍ لا أضنُّ به مُذالِ
سلِ الأبطالَ عنّي يومَ سَلْعٍ / وسيلُ الموتِ مُنحلُّ العَزالي
إذا عُقِد الغُبارُ الجونُ ليلاً / ترى فيه الأسنّة كالذُّبالِ
وقد ألقى التّضاغطُ كلَّ رمحٍ / فَليسَ الطّعنُ إلّا بالنّصالِ
أَلستُ هناك أسبقهم بِضَربٍ / وَأَشفاهم لذي الدّاءِ العُضالِ
أَعِد نظراً لعلّك أن تراها / مُنَشَّرَةَ النّواصي كالسَّعالي
تخال بها وقدرُ الحربِ تغلي / من النَّزوانِ مسّاً من خبالِ
وَإِنّ جلودها تهمي نجيعاً / طلاها اليومَ بالقَطِرانِ طالي
وفوق طهورهنّ بنو المنايا / إذا لاقوْا وأبناءُ القتالِ
فيقضي نَحْبه قلبٌ مُعَنّىً / أضرَّ به أفانينُ المِطالِ
ألا عوجا لمجتَمَعِ السِّيالِ
ألا عوجا لمجتَمَعِ السِّيالِ / فثَمَّ شفاءُ ما بي من خبَالِ
وإنْ أنكرتُما منّي ضلالاً / فماذا ضرّ غيري من ضلالي
فإمّا شئتُما أن تُسعِداني / فمُرّا بي على الدِّمَنِ البَوالي
خَرِسْن فلو ملكن النُّطقَ يوماً / شكون إليك من جَنَفِ اللّيالي
لَعَلِّي أنْ أرى طَلَلاً لحُبٍّ / وآثاراً لأيّامِ الوِصالِ
نصيبُ مُصاحبي منّى حنينٌ / حنينُ الرّائماتِ إلى الفِصالِ
ومُنْهَلٌّ من العَبَراتِ تجري / فينطِقُ إِنْ سكتُّ بسوء حالي
ومُسْتَرَقٍ من الأحشاء يخبُو / أُوارُ النّارِ وهو على اِشتعالِ
وفي الغادين من يمنٍ فتاةٌ / تُضام مَعادةً شبه الغزالِ
أُشاق إلى المواعد من هواها / وإِنْ كانتْ تُسَوِّف بالمُحالِ
وذلّلنا طويلُ الهجر حتّى / قنعنا في التّزاور بالخيالِ
وخبّرها الوشاةُ بنا إليها / بما جعلته عذراً في المَلالِ
وَقَد كنتُ اِعتَزمتُ الصّبرَ عنها / فلمّا أن بدأتُ به بدا لِي
سقى نجداً ومَن بجنوب نجدٍ / مَلِثُّ الوَدْقِ منهمرُ العَزالي
كأنَّ بروقَه يخفقن بُلْقٌ / خرجن على الظّلام بلا جِلالِ
وأسيافٌ سُلِلْن على الديّاجي / لها عهدٌ قريبٌ بالصّقالِ
فَكم بِجنوب نجدٍ من عزيزٍ / صغيرِ الذّنبِ مُحتَمَلِ الدّلالِ
إذا سلّى العواذلُ فيه قلباً / مشوقاً لم يكن عنه بسالِ
فقولوا للأُلى دَرَجوا ملوكاً / وحازوا باللُّها رِبَقَ الرّجالِ
أجِيلوا نظرةً بيني بويهٍ / تَرَوْا سَعَةً على ضيق المجالِ
لهمْ في كلّ نائبةٍ حلومٌ / ثِقالٌ لا تُوازنُ بالجبالِ
وفي العلياءِ فخرُ الملك يسمو / سُمُوَّ البدرِ في غُرَرِ اللّيالي
وقد علمتْ ملوكُ بني بويهٍ / بأنّك حاسمُ الدّاءِ العُضالِ
وأنّك في الخطوبِ الجُونِ منهمْ / مكانَ النّارِ في طَرَفِ الذُّبالِ
ولمّا رامها مَن رام منهمْ / عَجِلْتَ إِليه من قبل العِجالِ
ليوثٌ كالأجادل ضارياتٌ / على صَهَواتِ خيلٍ كالرِّئالِ
تَحُفُّ بصلّ رملةِ بطنِ وادٍ / تَناذرُ منه أصلالُ الرّمالِ
إِذا ما همّ طوّح بالتّمادي / وداس السِّلْمَ في طرقِ القتالِ
وأرغمها أنوفاً من أناسٍ / غَدَوْا يَستنزِلون عن النِّزالِ
وقد ساموك مشكلةً لَموعاً / كما لمع الفضاءُ بلمعِ آلِ
وظنّ بك الغُواةُ الصَّدَّ عنها / وما رِيعَتْ قرومُك بالإفالِ
فيا لشجاعةٍ بك ما أفادتْ / من النّعماء عندك للموالي
وأيّةُ صَعْبَةٍ ذلّلتَ قسْراً / قرَاها أيّ ذلٍّ للرّجالِ
فقد عَلَّمتَ كيف تفوت شرّاً / وكيف تجوز ضيّقةَ المجالِ
وليس يَضِلّ إِثْرَكَ مَن هَدَتْهُ / مواقعُ مَنْسِمِ العَوْدِ الجَلالِ
إذا ما كنتَ لي وَزَراً حصيناً / على نُوَبِ الزّمانِ فما أُبالي
وخوّفني العُداةُ الشَّرَّ منهمْ / فما خطرتْ مخافتُهمْ ببالي
وراموا قطعَ أسبابٍ مِتانٍ / علقتُ بها فما قطعوا قِبالي
وما نقموا سوى أنّي لديه / شديدُ القربِ مُستَمَعُ المقالِ
وأنّي فيه دون النّاس جمعاً / أُعادي مَن أُعادي او أوالي
وكم لي فيه من غُرَرٍ بَواقٍ / ومن سحرٍ سبقتُ به حلالِ
يغور إلى القلوب بلا حجابٍ / ويشفيك الجواب بلا سؤالِ
وقافيةٍ متى اِستُمِعتْ أبرّتْ / عذوبتُها على الماء الزُّلالِ
فلولا أنّها كِلَمٌ لكانتْ / فريدَ نحور ربَّاتِ الحِجالِ
وهذا العيدُ والنَّيروزُ جاءا / كما نهواه فيك بخير فالِ
وما اِفتَرقا بهذا العصر إلّا / كما اِفترقتْ يمينٌ مَعْ شمالِ
فدُم لتكرّمٍ أرخصتَ منه / ولم يزل التّكرُّمُ وهو غالِ
ويا نُعمى له دومي وكوني / على غِيَرِ الزّمان بلا زوالِ
أَلا للّه ما صنع الحِمامُ
أَلا للّه ما صنع الحِمامُ / وما وارَتْ بساحتها الرِّجامُ
طوى مَن لا سبيلَ إلى لقاهُ / وإنْ جدّ التّطَلُّبُ والمَرامُ
وكيف لقاءُ مَن دهتِ اللّيالي / وغرّبه صباحٌ أو ظلامُ
وهيهات المطامعُ في أُناسٍ / أقاموا حيث لا يُغني المقامُ
ثَوَوْا متجاورين ولا لقاءٌ / وناجَوْا واعظين ولا كلامُ
خُلقنا للفناءِ وإنْ غُرِرْنا / بإيماضٍ من الدُّنيا يُشامُ
ونُبصِرُ مِلْءَ أعيننا فعالَ الر / رَدى وكأنّنا عنه نِيامُ
وتحلو مَذْقَةُ الدّنيا لحيٍّ / له من بعدها كأسٌ سِمامُ
غمامٌ من مواعدها جَهامٌ / وأسبابٌ لِجدْواها رِمامُ
وما الأحزانُ والأفراحُ فيها / وَإِنْ طاوَلنَنا إلّا مَنامُ
وَلَو علم الحَمامُ كما علمنا / من الدّنيا لما طَرِب الحَمامُ
سلامُ اللَّه غادٍ كلَّ يومٍ / على مَن ليس يبلغه السّلامُ
على عَبِقِ الثّرى خَضِلِ النّواحي / وإنْ لم يُستَهلَّ له الغَمامُ
مضى صِفْرَ الحقيبةِ من قبيحٍ / غريباً في صحيفته الأثامُ
نقيَّ الجيبِ عَفَّ الغيبِ بَرٌّ / حرامٌ ليس يألفه الحرامُ
من القومِ الأُلى دَرَجوا خِفافاً / وزادُهُم صلاةٌ أو صيامُ
لهمْ في كلّ مَأْثُرَةٍ حديثٌ / كما طابتْ لناشقها المُدامُ
مضوا وكأنّهمْ من طيبِ ذكرٍ / تراه مخلّداً لهمُ أقامُوا
تعزَّ أبا عليٍّ فالرّزايا / مَتى تَعدوك لَيسَ لها اِحتِرامُ
وما صابتْ سهامُ الموت خلقاً / إذا طاشتْ له عنك السّهامُ
وغيرُك مَن تُثقّفه التّعازي / ويعدِلُ من جوانبه الكلامُ
فإنّك مَن تَجافى العَتْبُ عنه / وأَعْوَزَ في خلائقه الملامُ
أشاعرةٌ بما نلقى ظَلومُ
أشاعرةٌ بما نلقى ظَلومُ / فما نلقى وإنْ حَقَرَتْ عظيمُ
ولو صدق الوشاةُ إليك عنّي / لقالوا إِنّه دَنِفٌ سقيمُ
أفاقوا من هوىً فلَحَوْا عليه / ومن لا يعرف البَلْوى يلومُ
يلوم على الهوى مَن ليس يدري / بأنّ ضَنَى الهوى داءٌ قديمُ
وناموا والهوى سَقَمٌ دَخيلٌ / طويلٌ لا ينام ولا يُنِيمُ
وليلةَ زارنا منكمْ خيالٌ / وجِلْدُ اللّيل من وَضَحٍ بَهيمُ
وأَحسبُهُ الضّجيعَ على وسادي / وما رام اللّقاءَ ولا يرومُ
وكيف يزور من بلدٍ بعيدٍ / ولا عَنَقٌ هناك ولا رسيمُ
ومعشوقٍ له نطقٌ رخيمٌ / يُدِلُّ به ومُنْتَطَقٌ هضيمُ
لنا من لفظهِ درٌّ نَثيرٌ / ومن ثَغرٍ له درٌّ نظيمُ
خلوتُ به وباطنه سليمٌ / بلا دَنَسٍ وظاهره كليمُ
لمنْ طَلَلٌ وقفتُ به سُحيراً / أُصَيحابي وقد هَوَتِ النّجومُ
وللظّلماء في الخضراءِ بُرْدٌ / وُشومٌ بالكواكب أَو رُقومُ
وعُجنا نحوه والشّوقُ حادٍ / قلائصَ في مغانيها القَصيمُ
وكيف سؤالُ رسمٍ عن فريقٍ / ولم تعرف فتخبرك الرّسومُ
لفخر الملك في شرف المعالي / محلٌّ لا يُرامُ ولا يَرِيمُ
وفضلٌ حلّ ساحته خصوصٌ / وأفضالٌ تجلّلنا عُمومُ
خلائقُ كالزّلالِ العَذْبِ أضحى / يزعزعه لدى سَحَرٍ نسيمُ
وصدرٌ لا يبيت عليه حِقْدٌ / ولا تَسرِي بساحته السَّخيمُ
وبشْرٌ قبل أنْ تكفِ العطايا / يُشاهده فيستغني العديمُ
وإنْ قِسناه فالتّبريزُ نقصٌ / لمن يَعدوه والتّبذيرُ لُومُ
ألا قلْ للأُلى ملكوا البرايا / وعشعش في ديارهمُ النّعيمُ
وحلّوا كلَّ شاهقةِ المباني / من العلياء يسكنها الكريمُ
وطالتْ فيهمُ أيدٍ إذا ما / تمنَّوْه كما طالتْ جُسومُ
ملوكٌ ما لهمْ طرفٌ دَنِيُّ / يعابُ به ولا خُلُقٌ ذميمُ
أَرونا مثلَ فخرِ الملك فيكمْ / يقوم من الأمور بما يقومُ
ومَن خضعتْ لغُرّتِهِ النّواصي / وقِيدَتْ في أزمّتِهِ القُرومُ
فللّهِ اِنبِعاثُك كلَّ يومٍ / تسوم من العظيمة ما تسومُ
على جرداءَ إنْ حُبِسَتْ فقصرٌ / وإنْ ركضتْ لِهَمٍّ فالظّليمُ
وحَولك في مُلَملمةٍ رجالٌ / رُكودٌ في سُروجِهمُ جُثومُ
وفي أيديهمُ أَسَلٌ طِوالٌ / لهَاذِمَةٌ إلى الأَرواح هِيمُ
إذا غضبوا رأيتَ الموتَ صِرفاً / على مُهَجِ الكرامِ بهمْ يحومُ
وعِيدُ النّحْرِ يُخبر أنّ ظِلّاً / مَنَنْتَ به على الدّنيا يدومُ
وقد جادتْ سحائبه سعوداً / ونُعْمى لا تجود بها الغيومُ
فنلْ منه الطِّلابَ فكلُّ يومٍ / أَنَالَكَ ما طلبتَ أخٌ حميمُ
فعيشٌ لا تكون به مماتٌ / ودهرٌ لست عاذرَه مَلومُ
وأُمُّ الدّهر ناسلةٌ ولكنْ / لمثلك أنْ يكون لها عقيمُ
وما نخشى صُرُوفَ الدّهرِ جَمْعاً / وأنّك من بوائقها حريمُ
حَلفتُ بمعشرٍ عَسَفوا المطايا
حَلفتُ بمعشرٍ عَسَفوا المطايا / يريدون البنيّةَ من تِهامَهْ
وكلِّ مُعَرَّقٍ كالنِّسْعِ ضُمْراً / له رَتَكٌ ولا رَتَكُ النّعامَهْ
أتوا جَمْعاً وقد وقفوا جميعاً / على عَرَفات يا سُقِيَتْ مُقامَهْ
عِراصٌ مَن يزرْ منهنّ شِعباً / فقد أمِنَ الملامةَ والنّدامَهْ
وما هَرَقوه عند مِنىً يُبارِي / بجَرْيَتِهِ بها ماءَ الغمامَهْ
وأحجار قُذفن تُقىً وبِرّاً / كما قُذفتْ بإصبعها القُلامَهْ
وأقدامٌ يُطفْن على أشمٍّ / يُطِلْن وقد علقن به اِستلامَهْ
لقد فَضَل القبائلَ آلُ موسى / كما فضلتْ على العَطَبِ السَّلامَهْ
هُمُ دعموا قِبابَ المجد فينا / ولولاهمْ لكان بلا دِعامَهْ
وهمْ دأَبوا إلى طُرُقِ المعالي / وما حَفِلوا بشيءٍ من سَآمَهْ
وما أيمانُهمْ إلّا لبيضٍ / يبلّغْنَ الفتى أبداً مَرامَهْ
وسُمرٍ مثل أرْشِيَةٍ طوالٍ / يَقُدْن إلى الكَمِيِّ بها حمامَهْ
وما أموالُهمْ إلّا لجودٍ / وإلّا للحَمالةٍ والغرامَهْ
وفيهمْ عرّست وبهمْ أقامتْ / شريداتُ الشّجاعةِ والصّرامَهْ
وعَرْفُهُمُ يضوع على البرايا / كما طابتْ لناشِقها المُدامَهْ
ولولا أنّهمْ فينا لكانتْ / رباعُ العزِّ ليس بها إقامَهْ
عَليكَ وليّ نِعمَتِنا سَلامي
عَليكَ وليّ نِعمَتِنا سَلامي / وَفيكَ مَدائحي وَبك اِعتِصامي
وَفي النّعمِ الّتي جَلّلتَنيها / مَرادي في العَشيرة أَو مَسامي
أَخَذنَ عَليَّ مُطّلَعَ الأماني / وَزِدنَ ولم يَرُمنَ عَلى مرامي
فَضَلتَ عَلى المُلوكِ وَقَد تَدانَوا / كَما فَضل الصباحُ على الظلامِ
بِإِقدامٍ يهابُ اللّيثُ منهُ / وَإنعامٍ يبرِّحُ بِالكرامِ
فَكَم أَغنيتَ أَرضاً حلّ فيها / غَمامةُ راحَتَيك عَن الغمامِ
وَكَم رُمناكَ لِلجَدوى علينا / فَما رُمناك ممتنع المرامِ
وغرثان الجوانح من قبيحٍ / وظمآن الجوارح من حرامِ
تُضلُّ سَبيلَه كَلِمُ الدَّنايا / وَتَنبو عنهُ أَخلاقُ اللّئامِ
تَلفّت يا مَليكَ النّاس شرقاً / وَغَرباً هَل تَرى لك من مسامِ
وَهَل أَبقى الإلهُ لَكم عدوّاً / يُحاذَرُ منه في هَذا الأنامِ
وَولِّ عَظيمَ شُكرك مَن تولّى / لَك النَّفَحات بِالنّعمِ العظامِ
وَما النّيروزُ إِلّا خَيرُ يومٍ / أَتَت بُشراهُ فيك بِخَيرِ عامِ
يخبّر في عطائِك بِالأماني / وَيُؤذنُ في بقائِكَ بالدوامِ
وَعيشٍ كالزّلالِ العذبِ لمّا / رَماهُ المزنُ صُفِّقَ بالمُدامِ
فَلا طَرَقت بِما تَخشى اللّيالي / وَلا همّت عُهودك بِاِنصِرامِ
وَلا بَرِحت شُؤونك كلّ يومٍ / تقلّبُ في كمالٍ أَو تَمامِ
فَلَيسَ على الزمانِ إِذا تَجافت / نَوائبُهُ حريمك مِن مَلامِ
على دارٍ حَللتَ بِها سَلامي
على دارٍ حَللتَ بِها سَلامي / وَجادَتها مغلَّسةُ الغمامِ
وَزارَك بِالتحيّةِ كلُّ يومٍ / وَجادَك بالعطيَّةِ كلّ عامِ
فَكَم لكَ في رِقابٍ مِن أَيادٍ / بَواقٍ مثلَ أَطواقِ الحمامِ
وَمِن مِنَنٍ مَلَكنَ الفَضلَ حتّى / خَلَطنَ كِرامَ دَهرك باللئامِ
فَكيفَ أُطيق شُكرَكَ وَهو شيءٌ / يَضيقُ بِثقلِ غايَته كَلامي
فَرَأيُكَ جُنَّتي وَنَداكَ كَنزي / وَمن جَنَفِ الخطوبِ بك اِعتِصامي
وَإِن ذعرَ الزّمانُ فَأَنتَ رُكني / أَلوذُ بِهِ مِن الخططِ العظامِ
فَقُل لِمُسَوّفٍ بِالبذلِ ملقىً / يُعلَّلُ بِالمَواعِدِ وَهو ظامِ
وَمَن يُزوى عَنِ الجَدوى وَيُعطي / مَتى يُعطي القَليلَ منَ الحطامِ
خُذوا منّي الثناءَ عَلى مقامٍ / بعَقوَةِ مَن يَطيب به مقامي
حِمىً مُنِحَ الكفايَةَ قاطنوهُ / فَلا سَغبي يُخاف ولا أوامي
حِمىً لأغرّ تُبصره قريباً / كَشمسِ الأفقِ أَو بدرِ التمامِ
كَأنّي إِذ حَطَطت إليهِ رَحلي / نَزلتُ بِهَضب رَضوى أو شمامِ
سلوتُ النّاسَ كلّهمُ وأَضحى / بِهِ وَجدي وَفي يده غرامي
أَلا يا ذا السّياساتِ اللّواتي / غَلَبنَ عَلى المَقاصِدِ وَالمرامِ
وَمَن قَطع الزمانَ وفي يَديهِ / مَقادَةُ ذَلك الجيش اللهامِ
وَمن سلبت مَحاسِنُه عديلاً / يُضافُ إِليهِ مِن هَذا الأنامِ
أَجِرني أَن أَزورَ سِواك مولىً / أَراهُ وَأَنت لي مولى غلامِ
وَدُم لِلفَضل وَالإنعامِ حتّى / نَراكَ وَقَد سئمتَ من الدوامِ
ألا قلْ للوزير مقالَ مُثْنٍ
ألا قلْ للوزير مقالَ مُثْنٍ / بما يولي من المِنَنِ الجِسامِ
أبي سعدٍ ومن لولاه كانتْ / أمورُ العالمين بلا نظامِ
أنِفْتُ تفضُّلاً من أنْ يُرى لي / مديحٌ سار في قومٍ لِئامِ
ولو أنّي جريتُ على اِختِياري / وكانتْ راحتي فيها زِمامي
لما عرّجتُ إِلّا عَن لِئامٍ / وَلا عرّستُ إِلّا في كِرامِ
ولكنّ التَّقِيَّةَ لم تزلْ بِي / تقود إلى فعالٍ أو كلامِ
عَنِ القومٍ الّذين على هداهمْ / بقولٍ في حلالٍ أو حرامِ
تلقّينا مجاملةَ الأعادي / وَفي الأحشاءِ وَقْدٌ كالضّرامِ
ولولا ما تراه سمعتَ قولي / وَكَم بُليَ المُفَوَّهُ بالكِمامِ
وإِنّي راقبٌ زمناً وشيكاً / يَبينُ به الصّباحُ من الظّلامِ
أَقول إذا أردتُ بلا اِتّقاءٍ / وآتي ما أشاءُ بلا اِحتشامِ
فعيشُ المرء لا عَبِقاً بسُؤْلٍ / وَلا جَذِلاً بشيءٍ كالحِمامِ
هو الزّمنُ الّذي ما صحّ يوماً / لعانٍ في يديه من السَّقامِ
جَموحٌ بين أضدادٍ فنَحْسٌ / بلا سَعْدٍ وصبحٌ في ظلامِ
وَما يَسطيعُ فَرْقاً فيه إِلّا / قليلٌ بين عَضْبٍ أو كَهامِ
وَقَد عَشِيَتْ عيونٌ فيه عن أَنْ / تميّز بين نَبْعٍ أو ثُمامِ
وكلُّ مقالةٍ قيلتْ دفاعاً / لشرٍّ فهي صِفْرٌ من ملامِ
ومن لا فضلَ فيه ولا خِلالٌ / تقدّم ما يقدّمه كلامي
فما الأقدامُ تُعْدَلُ بالهوادي / ولا خُفٌّ يُسَوّى بالسّنامِ
ومَن هو ناقصٌ لم يدنُ يوماً / بتفضيلٍ إلى دارِ التَّمامِ
وَمدحُك لاِمرئٍ كَذِباً هجاءٌ / وطيفٌ زار في سُكْرِ المنامِ
وَلَو أَنّا عَددنا كلَّ نابٍ / عن الحُسنى حقيقٍ بِالملامِ
لكان النّاسُ كلُّهم سواءً / وأخرجناك من كلِّ الأنامِ
فمدحُك دون كلِّ النّاسِ حِلٌّ / وفي باقي الورى كلُّ الحرامِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025