المجموع : 34
وَبارِقَةٍ تَمَخَّضُ بِالمنايا
وَبارِقَةٍ تَمَخَّضُ بِالمنايا / صَخُوبِ الرّعْدِ دامِيَةِ الظِّلالِ
تُشيبُ ذَوائِبَ الأَيامِ رُعْباً / وَيَنْفُضُ رَوْعُها لِمَمَ اللَّيالي
إِذَا خَطَرَتْ رِياحُ النَّصْرِ فيها / تَلَقَّتْها خَياشِيمُ العَوالي
وَقَدْ شَامَتْ مَخيَلَتَها سُيوفٌ / تَلَمَّظُ في دمٍ سَرِبِ العَزالي
فَكمْ أَجَلٍ طَوَيْناهُ قَصيرٍ / وَآمَالٍ نَشَرْناهَا طِوالِ
بِيَوْمٍ خَاضَ جانِحَتَيْهِ عَمْروٌ / لَقَى حَرْبٍ تُلَقَّحُ عَن حِيالِ
وَلمَّا جَرَّتِ الظَّلْماءُ ذَيْلاً / يُوارِي مَسْلَكَ الأَسَلِ النِّهالِ
وَلاحَ كَجِلْدَة النَّمِرِ الثُّرَيّا / بِلَيْلٍ مِثْلِ ناظرَةِ الغزالِ
تَوَلَّى وَالظَّلامُ لَهُ خَفيرٌ / عَلى مُتَمَطِّرٍ خَذِمِ النِّعالِ
وَباتَ كَأَنَّ خَافِيَةَ النُّعَامَى / تَنوءُ بِهِ وَقادِمَةَ الشّمالِ
أَمَا وَالخَيْلِ تَعْثُرُ في العَجاجِ
أَمَا وَالخَيْلِ تَعْثُرُ في العَجاجِ / وَآسادٍ تَهَشُّ إِلى الهِياجِ
وَضَرْبٍ لا يُنَهْنِهُهُ تَريكٌ / يُطابِقُ خِلْسَةَ الطَّعْنِ الخِلاجِ
إِذا لَقِحَتْ بِهِ حَرْبٌ عَقيمٌ / تَمَخَّضَتِ المَنايا لِلنِّتاجِ
لَأَرْتَدينَّ بِالظَّلْماءِ حَتّى / تَشُقَّ عَزائِمي ثُغَرَ الدَّياجِي
وَتَعْتَرِكُ الفَوارِسُ في مَكَرٍّ / يُريكَ السُّمْرَ دامِيَةَ الزِّجاجِ
فَكمْ أُغْضي الجُفونَ على قَذاهَا / بِحَيْثُ الأَرْضُ ضَيِّقَةُ الفِجاجِ
أَلَسْتُ ابْنَ المُلوكِ وَهَلْ كقَوْمِي / ذَراً لِمُرَوَّعٍ وَحَياً لِراجِ
وَكَمْ مُتَخَمِّطٍ فيهِمْ أَبِيٍّ / وَخَرّاجٍ مِنَ الغَمَراتِ ناجِ
وَأرْوَعَ تَحْتَ أَخْمَصِهِ الثُّرَيَّا / وَفَوْقَ جَبينِهِ خَرَزاتُ تاجِ
نَموْني لِلْعُلا فَحَلَلْتُ مِنْها / بِحيْثُ يُرَى مِنَ الأُذُنِ المُناجِي
وَلي شِيمٌ أَوابِدُ آنِساتٌ / يُشابُ العَذْبُ مِنْها بِالأُجَاجِ
مَتى يَطْلُبْ مُعانَدَتي لَئيمٌ / فَدُونَ سَجاجَتي غَلْقُ الرِّتاجِ
خُطوبٌ لِلقُلوبِ بِها وَجيبُ
خُطوبٌ لِلقُلوبِ بِها وَجيبُ / تَكادُ لَها مَفارِقُنا تَشيبُ
نَرى الأَقدارَ جاريَةً بِأَمرٍ / يَريبُ ذَوِي العُقولِ بِما يَريبُ
فَتَنجَحُ في مَطالِبِها كِلابٌ / وَأُسْدُ الغابِ ضارِيَةٌ تَخيبُ
وَتُقسَمُ هَذِهِ الأَرزاقُ فِينا / فَما نَدري أَتُخطيءُ أَم تُصيبُ
وَنَخضَعُ راغِبينَ لَها اِضطِراراً / وَكَيفَ يُلاطِمُ الإِشفى لَبيبُ
فَجَدّي وَهُوَ عَنبَسَةُ بنُ صَخرٍ
فَجَدّي وَهُوَ عَنبَسَةُ بنُ صَخرٍ / بِريءٌ مِن يَزيدَ وَمِن زيادِ
يُعَيِّرُني أَخو عِجلٍ إِبائي
يُعَيِّرُني أَخو عِجلٍ إِبائي / عَلى عُدمي وَتيهي واِختيالي
وَيَعلَمُ أَنَّني فَرَطٌ لِحيِّ / حَمَوْا خُطَطَ المَعالي بِالعوالي
فَلَستُ بحاصِنٍ إِن لَم أُزِرها / عَلى نَهَلٍ شَبا الأَسَلِ الطِّوالِ
وَإِن بَلَغَ الرِّجالُ مَدايَ فيما / أُحاوِلُهُ فَلَستُ مِن الرِّجالِ
هيَ الجَرعاءُ صاديَةٌ رُباها
هيَ الجَرعاءُ صاديَةٌ رُباها / فَزُرها يا هُذَيمُ أَما تَراها
وَخَلِّ بِها دموعَكَ واكِفاتٍ / وَكِيفَ السُّحْبِ واهيَةً كُلاها
وَلا تَذعَر بِها أَدماءَ تُزجِي / بِرَوْقَيها عَلى لَغَبٍ طَلاها
أَتَنسى قَولَ صَحبِكَ إِذ تَراءَتْ / هيَ ابنَةُ وائِلٍ لَولا شَواها
فَأَنتَ تَخالُها ظَمياءَ تَمشي / عَلى خَفَرٍ وَقَد فَقَدَت حُلاها
وَما فَتخاءُ تَنفُضُ كُلَّ أَرضٍ / بِعَينٍ إِن رَنَتْ بَلَغَتْ مَداها
جَريمَةُ ناهِضٍ يَشكو طَواهُ / إِلَيها وَهْيَ شاكيَةٌ طَواها
فَطارَت وَالفؤادُ لَهُ التِفاتٌ / إِلَيهِ وَقَد عَناهُ ما عَناها
تَصيدُ وَلا تَحيدُ وَلَو تَمَطَّى / بِها ما حاوَلَتهُ إِلى رَداها
فَيُسِّرَ نُجحُها وَلِكُلِّ نَفسٍ / مِنَ الطَلَبِ المَنيَّةُ أَو مُناها
وَعادَتْ تَبتَغيهِ وَلَم تَجِدهُ / وَكادَ يُذيبُ مُهجَتَها جَواها
وَباتَت وَهي تَنشُدُهُ بِعَينٍ / مُؤرَّقَةٍ يُصارِمُها كَراها
بِأَبرَحِ مِن أَخيكَ أَسىً وَوَجداً / إِذا الحَسناء شَطَّ بِها نَواها
نَبيلَةُ ما تواري الأُزرُ مِنها / صَموتٌ حَجلُها خَفِقٌ حَشاها
لَها بَيتٌ رَفيعُ السَّمكِ ضَخمٌ / بِهِ تُزهى إِذا اِنتَسَبَتْ أَباها
أَظُنُّ الخَمرَ ريقَتَها وَظَنِّي / تُحَقِّقُهُ إِذا قَبَّلتُ فاها
مَتى اِبتَسَمَت تَكَشَّفَ عَن أَقاحٍ / تُقَرِّطُهُنَّ ساريَةٌ نَداها
أُحِبُّ لِحُبِّها تَلَعاتِ نَجدٍ / وَما شَغَفي بِها لَولا هَواها
أَما وَالرَّاقِصاتِ تُقِلُّ رَكْباً / كَأَنَّهُمُ الصُّقورُ عَلى مَطاها
لَتَرتَميَنَّ بي وَاللَّيلُ داجٍ / إِليها العيسُ مائِلَةً طُلاها
فَإِنَّ بِها أَوانِسَ ناضَلَتْنِي / بِأَلحاظٍ تَغيظُ بِها مَهاها
وَمُرتَبَعاً بِهِ الغُدرانُ تَخدي / إِلَيها الناجياتُ عَلى وَجاها
وَتَلصِقُ صِحَّةً بِالدَّاءِ مِنها / إِذا اِعتَنَقَتْ كَلاكِلُها ثَراها
جَوانحُ لِلغَرامِ بِها وُشومُ
جَوانحُ لِلغَرامِ بِها وُشومُ / وَأَجفانٌ عَلى أَرَقٍ تَحومُ
لَئِنْ رَقَدَتْ ظَلومُ وأَسهَرَتني / فَذلكَ دأَبُها وَهْيَ الظَّلومُ
وَلَو سأَلَتْ نُجومَ اللَّيلِ عَنّي / لَخَبَّرها بِما أَلقَى النُّجومُ
أُراعيها وَلي نَظَرٌ كَليلٌ / يُكَفكِفُ غَربَهُ الدَّمعُ السَّجومُ
فَرِقِّي يا ظَلومُ بِمُستَهامٍ / تُراوِحُ بَينَ جَنبَيهِ الهُمومُ
أَلا بِأَبي بِذي الأَثلاتِ رَبعٌ
أَلا بِأَبي بِذي الأَثلاتِ رَبعٌ / سَقى طَلَلَيهِ مَحجَريَ الرَويُّ
لَطَمتُ إِلَيهِ خَدَّ الأَرضِ حَتّى / تَراخَت في أَزِمَّتِها المَطيُّ
فَذَمَّ تَعاقُبَ العَصرَينِ رَسمٌ / يَلوحُ كَأَنَّهُ وَشمٌ خَفيُّ
وَقَد نارَ الرَّبيعُ بِهِ وَأَسدَى / كَما نَشَرَت غَلائِلَها الهَديُّ
وَكادَ رُباهُ تَرفُلُ في رِداءٍ / مِنَ النُّوَّارِ فَوَّفَهُ الحَبِيُّ
مَحَلٌّ لِلكَواعِبِ فيهِ مَغنىً / أَطابَ تُرابَهُ المِرْطُ اليَديُّ
إِذا خَطَرَتْ بِهِ نَمَّتْ عَلَيها / رياحُ التُّبَتِيَّةِ وَالحُلِيُّ
فَلا أَدري أَلاحَ قُلوبُ طيرٍ / عَلى اللَّبّاتِ مِنها أَم ثُدِيُّ
ذَكَرتُ بِهِ سُلَيمَى فاِستَهَلَّتْ / دَموعٌ بِالنِّجادِ لَها أَتشيُّ
يَروضُ شِماسَها شَوقي فَذَلَّتْ / لَهُ وَأَطاعَهُ الدَّمعُ العَصِيُّ
وَها أَنا في الخُطوبِ بِهِ شَحيحٌ / وَلكنْ في الغَرامِ بِهِ سَخِيُّ
وَأَسعَدَني عَلَيهِ مِن قُرَيشٍ / طَويلُ الباعِ أَبيَضُ عَبشَمِيُّ
فَظَلَّ يُعِيرُنِي دَمعاً لِقاحاً / تَلَقَّى صَوبَهُ وَجهٌ حَبِيُّ
وَحَسبُكَ مِن بُكاءٍ أَنَّ طَرفِي / رأَى عَبَراتِهِ فَبَكَى الخَلِيُّ
وَحيٍّ في الذُّؤَابَةِ مِن قُرَيشٍ
وَحيٍّ في الذُّؤَابَةِ مِن قُرَيشٍ / هُمُ الرَّأسُ المُقَدَّمُ وَالسَّنامُ
يُجاورُهُم بَنو جُشَمِ بْنِ بَكرٍ / وَفيهِم سُؤدَدٌ وَلُهىً عِظامُ
إِذا اِعتَقَلوا قَناً خُضِبَتْ نُحورٌ / أَوِ اِختَرَطوا سُيوفاً قُدَّ هامُ
وَفيهِم مِن ظِباءِ الإِنسِ غيدٌ / عَفائِفُ لا يَطورُ بِها أَثامُ
تُجِنُّ نَبالَةً وَتُقىً وَحُسناً / فُضولُ الرِّيطِ مِنها وَاللِّثامُ
وَفيها عَفَّةُ الخَلَواتِ خَوْدٌ / مَنيعَةُ ما يُصافِحُهُ الخِدامُ
ذَكَرتُكِ يا أُمَيمَةُ في مَكَرٍّ / بِهِ الأَعداءُ وَالمَوتُ الزُّؤامُ
وَخَدُّ الأَرضِ يَغمُرُهُ نَجيعٌ / وَعَينُ الشَّمسِ يَكحَلُها قَتامُ
وَمَن يَذكُرْكِ وَالأَسلاتُ تَدمَى / فَقَد أَدمَى جَوانِحَهُ الغَرامُ
وَلَيلٍ فاتِرِ الخُطُواتِ فيهِ / بِذِكرِكِ فاضَ أَربَعَةٌ سِجامُ
يَخوضُ عَلى الكَلالِ حَشاهُ صَحْبي / وأُجثِمُهُم سُراهُ وَهُم نِيامُ
كَأَنَّهُمُ عَلى الأَكوارِ شَرْبٌ / تَمَشَّى في مَفاصِلِهِم مُدامُ
وَكَم مِن قائِلٍ وَالعيسُ تَخدِي / أَلا يَطوي سَبائِبَهُ الظَّلامُ
وَمِن يُمنى يُوَدِّعُها قَطيعٌ / وَمِن يُسرى يُفارِقُها زِمامُ
نأَيتِ وَبَينَنا رُبَواتُ نَجدٍ / يُضِلُّ بِها الأَداحيَّ النَّعامُ
فَحَيّاكِ الغَمامُ وَغِيثَ بَكرٌ / مِن أَجلِكِ ثُمَّ شاعَهُمُ السَّلامُ
إِذا نَشَرَ الحَيا حُلَلَ الرَبيعِ
إِذا نَشَرَ الحَيا حُلَلَ الرَبيعِ / فَوَشَّعَ نَورُهُ كَنَفَيْ وَشيعِ
وَقَفتُ بِهِ فَذَكَّرَني سُلَيمَى / وَعادَ بِنَشرِها أَرَجُ الرَّبيعِ
بِها سُفْعٌ تَبُزُّ شؤونَ عَيني / خَبيئَةَ ماذَخَرْنَ مِنَ الدُّموعِ
فَناحَ حَمامُها وَحكَتهُ حَتَّى / وَجَدتُ الطَّرفَ يَسبَحُ في النَّجيعِ
أَيابْنَةَ عامِرٍ ماذا لَقِينا / بِرَبعِكِ مِن حَماماتٍ وُقوعِ
لَبِستُ بِهِ الشَّبابَ فَقَدَّ شَيبِي / مَجاسِدَ لَيلِهِ بيَدِ الصَّديعِ
وَكانَت أَيكَةُ الدُّنيا لَدَينا / عَلى النُّعمى مُهَدَّلَةَ الفُروعِ
تُرى أَطنابُنا مُتشابِكاتٍ / كَأَنَّ بُيوتَنا حَلَقُ الدُّروعِ
فَقَد نَضَبَتْ بَشاشَةُ كُلِّ عَيشٍ / غَزيرٍ دَرُّهُ شَرِقِ الضُروعِ
وَكادَ الدَّهرُ يَقطُرُ مُجتَلاهُ / عَلى الأَثلاتِ بِالسُمِّ النَّقيعِ
وَرَكبٍ يَزجُرونَ عَلى وَجاها
وَرَكبٍ يَزجُرونَ عَلى وَجاها / بِقارِعَةِ النَّقا قُلُصاً عِجالا
فَحالَتْ دونَهُم تَلَعاتُ نَجدٍ / كَما وارَيتَ بِالقُرُبِ النِّصالا
حَمَلنَ مِنَ الظِّباءِ العِينِ سِرباً / وَقَد عُوِّضنَ عَن كُنُسٍ رِحالا
وَفي الأَحداجِ بَدرٌ مِن هِلالٍ / ضَمَمنَ إِلَيهِ مِن بَدرٍ هِلالا
وَغانيَةٍ لَه سِرٌّ مَصونٌ / أُكَفكِفُ عَنهُ لي دَمعاً مُذالا
تُواصِلُني وَما بالنَّجمِ مَيلٌ / وَتَهجُرُني إِذا ما النَّجمُ مالا
فَلَيتَ الدَّهرَ لَيلٌ أَرتَديهِ / فَتَطْرُقَ مَضجَعي أَبَداً خَيالا
فَأَلقاها عَلى قُربٍ وَبُعدٍ / فَلا هَجراً تُجِدُّ وَلا وِصالا
تَوَقَّرَ أُزْرُها شِبَعاً فَقَرَّتْ / وَطاشَ وِشاحُها غَرَثاً فَجالا
إِذا نَظَرَت إِليَّ حَكَت مَهاةً / أَوِ التَفَتَت لَمَحتُ بِها غَزالا
وَمِمّا شاقَني بِالرَّملِ بَرقٌ / قَصيرٌ خَطوُهُ وَاللَيلُ طالا
وَذَكَّرَني اِبتِسامَةَ أُمِّ عَمروٍ / فأَبكاني وَصَحبي وَالجِمالا
سَرى وَهْناً وَطَرْفي يَقتَفيهِ / فَلَم يَلحَقهُ واِقتَسَما الكَلالا
رأى صَحبي بِكاظِمَةٍ
رأى صَحبي بِكاظِمَةٍ / سَنا نارٍ عَلى بُعدِ
وَفيمَنْ يَستَضيءُ بِها / فَتاةٌ صَلْتَةُ الخَدِّ
وَتُذكيها عَلى خَفَرٍ / بِأَعوادٍ مِنَ الرَّندِ
هيَ الخَودُ الَّتي فَرَعَتْ / بِقَيسٍ ذِروَةَ المَجدِ
تُواري الأَرضَ إِن خَطَرَتْ / بِذاكَ الفاحِمِ الجَعْدِ
وَقَد أَرِجَتْ مَواطِئها / برَيّا العَنبَرِ الوَردِ
وَنَجدٌ دارُها وَبِهِ / شَبا الخَطِّيَّةِ المُلْدِ
وَبي شَوقٌ تُلَقِّحُهُ / تَباريحٌ مِنَ الوَجدِ
وَيُبكيني تَذَكُّرُهُ / فَيا لَهَفي عَلى نَجدِ
أَقولُ لِصاحِبي وَالوَجدُ يَمري
أَقولُ لِصاحِبي وَالوَجدُ يَمري / بِوَجرَةَ أَدمُعاً تَطأُ الجُفونا
أَقِلَّ مِنَ البُكاءِ فإِنَّ نِضوي / يَكادُ الشَّوقُ يُورِثُهُ الجُنونا
فأَرَّقَنا قُبَيلَ الفَجرِ وُرقٌ / بِها تَقري مَسامِعَنا لُحونا
وَبِتُّ وَباتَ مُنتَزَعَينِ مِمّا / يُطيلُ هَوى سُعادَ بِهِ الحَنينا
رُمينَ بِأَسهُمٍ يَقطُرنَ حَتفاً / وَلا رَشَّحنَ فَرخاً ما بَقينا
أَمِن حُبِّ القُدودِ وَهُنَّ تَحكي / غُصونَ البانِ يألَفنَ الغُصونا
وَمِن شَوقٍ بَكَينَ عَلى فَقيدٍ / فإِنَّ الشَّوقَ يَستَبكي الحَزينا
وَأَصدَقُنا هَوىً مَن كانَ يُذري الدْ / دُموعَ فأَيُّنا أَندى عُيونا
وَما تَدري الحَمائِمُ أَيُّ شَيءٍ / عَلى الأَثَلاتِ يُلهمُنا الرَّنينا
وَأَكظِمُ زَفرَةً لَو باتَ يَلقى / بِها أَطواقَها نَفَسي مُحينا
وَهاتِفَةٍ بَكَت بِالقُربِ مِنّي / فَقالَ لَها سَجيري أَسعِدينا
وَنوحي ما بَدا لكِ أَن تَنوحي / وَحِنّي ما اِستَطَعتِ وَشَوِّقينا
فَقَد ذَكَّرتِنا شَجَناً قَديماً / وَأَيَّ هَوىً عَلى إِضَمٍ نَسينا
أَنَنسى لا وَمَن حَجَّتْ قُرَيشٌ / بَنِيَّتَهُ الحَبيبَ وَتَذكُرينا
وَحيٍّ مِن بَني جُشَمِ بْنِ بَكرٍ
وَحيٍّ مِن بَني جُشَمِ بْنِ بَكرٍ / يُزيرونَ القَنا ثُغَرَ الأَعادي
إِذا نَزلوا الحِمَى مِن أَرض نجدٍ / كَفَوهُ تَرَقُّبَ الدِّيَمِ الغَوادي
أَعاريبٌ إِذا غَضِبوا تَروَّتْ / دَماً سَرِباً أَنابيبُ الصِّعادِ
لَهم أَيدٍ تَشُدُّ عُرا عُلاهُم / بِأَطرافِ المُهَنَّدَةِ الحِدادِ
وأَعناقٌ بِها صَيَدٌ قَديمٌ / تُواري العِزَّ بِاللَّمَمِ الجِعادِ
وَلَو جاوَرتهم لَنُشِغْتَ كِبراً / يُخَيِّمُ بَينَ جيدِكَ وَالنِّجادِ
إِذا ما جَفَّ ظَهرُ الأَرضِ مَحلاً / فَهُم أَندى البَريَّةِ بَطنَ وادِ
وَفيهم كُلُّ واضِحَةِ المُحَيّا / كأَنَّ وِشاحَها قَلِقاً وِسادي
وَلَولا عَتبُها اِنتَعَلَتْ نَجيعاً / إِلى حَضَنٍ حوافرُ مِن جيادي
نأتْ فكأَنَّ أَجفاني طَوَتها / تباريحُ الهمومِ على قَتادِ
وَبَينَ عُقودِها وَالقُرطِ بُعدٌ / حكى ما بَينَهُنَّ مِنَ البِعادِ
أَغصُّ العَينَ بالعَبَراتِ وَجداً / لأَنّي بِالهَوى شَرِقُ الفؤادِ