المجموع : 43
صَباحُ الطَعنِ في كَرٍّ وَفَرٍّ
صَباحُ الطَعنِ في كَرٍّ وَفَرٍّ / وَلا ساقٍ يَطوفُ بِكَأسِ خَمرِ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن قَرعِ المَلاهي / عَلى كَأسٍ وَإِبريقٍ وَزَهرِ
مُدامي ما تَبَقّى مِن خُماري / بِأَطرافِ القَنا وَالخَيلُ تَجري
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ / يُلاقي في الكَريهَةِ أَلفَ حُرِّ
خُلِقتُ مِنَ الحَديدِ أَشَدُّ قَلباً / فَكَيفَ أَخافُ مِن بيضٍ وَسُمرِ
وَأَبطِشُ بِالكَمِيِّ وَلا أُبالي / وَأَعلو لِلسِماكِ بِكُلِّ فَخرِ
وَيَبصُرني الشُجاعُ يَفِرُّ مِنّي / وَيَرعَشُ ظَهرُهُ مِنّي وَيَسري
ظَنَنتُم يا بَني شَيبانَ ظَنّاً / فَأَخلَفَ ظَنَّكُم جَلدي وَصَبري
سَلوا عَنّي الرَبيعَ وَقَد أَتاني / بِجُردِ الخَيلِ مِن ساداتِ بَدرِ
أَسَرتُ سَراتَهُم وَرَجَعتُ عَنهُم / وَقَد فَرَّقتُهُم في كُلِّ قُطرِ
وَها أَنا قَد بَرَزتُ اليَومَ أَشفي / فُؤادي مِنكُمُ وَغَليلَ صَدري
وَآخُذُ مالَ عَبلَةَ بِالمَواضي / وَيَعرِفُ صاحِبُ الإيوانِ قَدري
لَقَد قالَت عُبَيلَةُ إِذ رَأَتني
لَقَد قالَت عُبَيلَةُ إِذ رَأَتني / وَمَفرِقُ لِمَّتي مِثلُ الشَعاعِ
أَلا لِلَّهِ دَرُّكَ مِن شُجاعٍ / تَذِلَّ لِهَولِهِ أُسدُ البِقاعِ
فَقُلتُ لَها سَلي الأَبطالَ عَنّي / إِذا ما فَرَّ مُرتاعُ القِراعِ
سَليهِم يُخبِروكِ بِأَنَّ عَزمي / أَقامَ بِرَبعِ أَعداكِ النَواعي
أَنا العَبدُ الَّذي سَعدي وَجَدّي / يَفوقُ عَلى السُها في الاِرتِفاعِ
سَمَوتُ إِلى عَنانِ المَجدِ حَتّى / عَلَوتُ وَلَم أَجِد في الجَوِّ ساعي
وَآخَرُ رامَ أَن يَسعى كَسَعيِي / وَجَدَّ بِجَدِّهِ يَبغي اِتِّباعي
فَقَصَّرَ عَن لَحاقي في المَعالي / وَقَد أَعيَت بِهِ أَيدي المَساعي
وَيَحمِلُ عُدَّتي فَرَسٌ كَريمٌ / أُقَدِّمُهُ إِذا كَثُرَ الدَواعي
وَفي كَفّي صَقيلُ المَتنِ عَضبٌ / يُداوي الرَأسَ مِن أَلَمِ الصُداعِ
وَرُمحي السَمهَرِيِّ لَهُ سِنانٌ / يَلوحُ كَمِثلِ نارٍ في يَفاعِ
وَما مِثلي جَزوعٌ في لَظاها / وَلَستُ مُقَصِّراً إِن جاءَ داعي
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا / وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنها / وَدافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشاً مِن حَريرٍ / وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
وَحَولَكَ نِسوَةٌ يَندُبنَ حُزناً / وَيَهتِكنَ البَراقِعَ وَاللِفاعا
يَقولُ لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي / إِذا ما جَسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَو عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ / يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفي يَومِ المَصانِعِ قَد تَرَكنا / لَنا بِفِعالِنا خَبَراً مُشاعا
أَقَمنا بِالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ / وَصَيَّرنا النُفوسَ لَهَ مَتاعا
حِصاني كانَ دَلّالَ المَنايا / فَخاضَ غُبارَها وَشَرى وَباعَ
وَسَيفي كانَ في الهَيجا طَبيباً / يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ / وَقَد عايَنتَني فَدَعِ السَماعا
وَلَو أَرسَلتُ رُمحي مَع جَبانٍ / لَكانَ بِهَيبَتي يَلقى السِباعا
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي / وَخَصمي لَم يَجِد فيها اِتِّساعا
إِذا الأَبطالُ فَرَّت خَوفَ بَأسي / تَرى الأَقطارَ باعاً أَو ذِراعا
تَرى عَلِمَت عُبَيلَةُ ما أُلاقي
تَرى عَلِمَت عُبَيلَةُ ما أُلاقي / مِنَ الأَهوالِ في أَرضِ العِراقِ
طَغاني بِالرِيا وَالمَكرِ عَمّي / وَجارَ عَلَيَّ في طَلَبِ الصَداقِ
فَخُضتُ بِمُهجَتي بَحرَ المَنايا / وَسِرتُ إِلى العِراقِ بِلا رِفاقِ
وَسُقتُ النَوقَ وَالرُعيانَ وَحدي / وَعُدتُ أُجِدُّ مِن نارِ اِشتِياقي
وَما أَبعَدتُ حَتّى ثارَ خَلفي / غُبارُ سَنابِكِ الخَيلِ العِتاقِ
وَطَبَّقَ كُلَّ ناحِيَةٍ غُبارٌ / وَأُشعِلَ بِالمُهَنَّدَةِ الرِقاقِ
وَضَجَّت تَحتَهُ الفُرسانُ حَتّى / حَسِبتُ الرَعدَ مَحلولَ النِطاقِ
فَعُدتُ وَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَمّي / طَغاني بِالمُحالِ وَبِالنِفاقِ
وَبادَرتُ الفَوارِسَ وَهيَ تَجري / بِطَعنٍ في النُحورِ وَفي التَراقي
وَما قَصَّرتُ حَتّى كُلَّ مُهري / وَقَصَّرَ في السِباقِ وَفي اللِحاقِ
نَزَلتُ عَنِ الجَوادِ وَسُقتُ جَيشاً / بِسَيفي مِثلَ سَوقي لِلنِياقِ
وَفي باقي النَهارِ ضَعُفتُ حَتّى / أُسِرتُ وَقَد عَيِيَ عَضُدي وَساقي
وَفاضَ عَليَّ بَحرٌ مِن رِجالٍ / بِأَمواجٍ مِنَ السُمرِ الدِقاقِ
وَقادوني إِلى مَلِكٍ كَريمٍ / رَفيعٍ قَدرُهُ في العِزِّ راقي
وَقَد لاقَيتُ بَينَ يَدَيهِ لَيثاً / كَريهَ المُلتَقى مُرَّ المَذاقِ
بِوَجهٍ مِثلِ ظَهرِ التُرسِ فيهِ / لَهيبُ النارِ يُشعِلُ في المَآقي
قَطَعتُ وَريدَهُ بِالسَيفِ جَزراً / وَعُدتُ إِلَيهِ أَحجُلُ في وَثاقي
عَساهُ يَجودُ لي بُمُرادِ عَمّي / وَيُنعِمُ بِالجِمالِ وَبِالنِياقِ
أَمِسحَلُ دونَ ضَمِّكَ وَالعِناقِ
أَمِسحَلُ دونَ ضَمِّكَ وَالعِناقِ / طِعانٌ بِالمُثَقَّفَةِ الدِقاقِ
وَضَربَةُ فَيصَلٍ مِن كَفِّ لَيثٍ / كَريمِ الجَدِّ فاقَ عَلى الرِفاقِ
وَدونَ عُبَيلَةٍ ضَربُ المَواضي / وَطَعنٌ مِنهُ تَكتَحِلُ المَآقي
أَنا البَطَلُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ / وَذِكري شاعَ في كُلِّ الأَفاقِ
إِذا اِفتَخَرَ الجَبانُ بِبَذلِ مالٍ / فَفَخري بِالمُضَمَّرَةِ العِتاقِ
وَإِن طَعَنَ الفَوارِسُ صَدرَ خَصمٍ / فَطَعني في النُحورِ وَفي التَراقي
وَإِنّي قَد سَبَقتُ لِكُلِّ فَضلٍ / فَهَل مَن يَرتَقي مِثلي المَراقي
أَلا فَاِخبِر لِكِندَةَ ما تَراهُ / قَريباً مِن قِتالٍ مَع مُحاقِ
وَأَوصِهِم بِما تَختارُ مِنهُم / فَما لَكَ رَجعَةٌ بَعدَ التَلاقي
صَحا مِن سُكرِهِ قَلبي وَفاقا
صَحا مِن سُكرِهِ قَلبي وَفاقا / وَزارَ النَومُ أَجفاني اِستِراقا
وَأَسعَدَني الزَمانُ فَصارَ سَعدي / يَشُقُّ الحُجبَ وَالسَبعَ الطِباقا
أَنا العَبدُ الَّذي يَلقى المَنايا / غَداةَ الرَوعِ لا يَخشى المَحاقا
أَكُرُّ عَلى الفَوارِسِ يَومَ حَربٍ / وَلا أَخشى المُهَنَّدَةَ الرِقاقا
وَتُطرِبُني سُيوفُ الهِندِ حَتّى / أَهيمَ إِلى مَضارِبِها اِشتِياقا
وَإِنّي أَعشَقُ السُمرَ العَوالي / وَغَيري يَعشَقُ البيضَ الرِشاقا
وَكاساتُ الأَسِنَّةِ لي شَرابٌ / أَلَذُّ بِهِ اِصطِباحاً وَاِغتِباقا
وَأَطرافُ القَنا الخَطِّيِّ نَقلي / وَرَيحاني إِذا المِضمارُ ضاقا
جَزى اللَهُ الجَوادَ اليَومَ عَنّي / بِما يَجزي بِهِ الخَيلَ العِتاقا
شَقَقتُ بِصَدرِهِ مَوجَ المَنايا / وَخُضتُ النَقعَ لا أَخشى اللَحاقا
أَلا يا عَبلَ لَو أَبصَرتِ فِعلي / وَخَيلُ المَوتِ تَنطَبِقُ اِنطِباقا
سَلي سَيفي وَرُمحي عَن قِتالي / هُما في الحَربِ كانا لي رِفاقا
سَقَيتُهُما دَماً لَو كانَ يُسقى / بِهِ جَبَلا تِهامَةَ ما أَفاقا
وَكَم مِن سَيِّدٍ خَلَّيتُ مُلقىً / يُحَرِّكُ في الدِما قَدَماً وَساقا
دُموعٌ في الخُدودِ لَها مَسيلُ
دُموعٌ في الخُدودِ لَها مَسيلُ / وَعَينٌ نَومُها أَبَداً قَليلُ
وَصَبٌّ لا يَقَرُّ لَهُ قَرارٌ / وَلا يَسلو وَلَو طالَ الرَحيلُ
فَكَم أُبلى بِإِبعادٍ وَبَينٍ / وَتَشجيني المَنازِلُ وَالطُلولُ
وَكَم أَبكي عَلى إِلفٍ شَجاني / وَما يُغني البُكاءُ وَلا العَويلُ
تَلاقَينا فَما أَطفى التَلاقي / لَهيباً لا وَلا بَرَدَ الغَليلُ
طَلَبتُ مِنَ الزَمانِ صَفاءَ عَيشٍ / وَحَسبُكَ قَدرُ ما يُعطي البَخيلُ
وَها أَنا مَيِّتٌ إِن لَم يُعِنّي / عَلى أَسرِ الهَوى الصَبرُ الجَميلُ
إِذا ريحُ الصَبا هَبَّت أَصيلا
إِذا ريحُ الصَبا هَبَّت أَصيلا / شَفَت بِهُبوبِها قَلباً عَليلا
وَجاءَتني تُخَبِّرُ أَنَّ قَومي / بِمَن أَهواهُ قَد جَدّوا الرَحيلا
وَما حَنّوا عَلى مَن خَلَّفوهُ / بِوادي الرَملِ مُنطَرِحاً جَديلا
يَحِنُّ صَبابَةً وَيَهيمُ وَجداً / إِلَيهِمُ كُلَّما ساقوا الحُمولا
أَلا يا عَبلَ إِن خانوا عُهودي / وَكانَ أَبوكِ لا يَرعى الجَميلا
حَمَلتُ الضَيمَ وَالهِجرانَ جُهدي / عَلى رَغمي وَخالَفتُ العَذولا
عَرَكتُ نَوائِبَ الأَيّامِ حَتّى / رَأَيتُ كَثيرَها عِندي قَليلا
وَعاداني غُرابُ البَينِ حَتّى / كَأَنّي قَد قَتَلتُ لَهُ قَتيلا
وَقَد غَنّى عَلى الأَغصانِ طَيرٌ / بِصَوتِ حَنينِهِ يَشفي الغَليلا
بَكى فَأَعَرتُهُ أَجفانَ عَيني / وَناحَ فَزادَ إِعوالي عَويلا
فَقُلتُ لَهُ جَرَحتَ صَميمَ قَلبي / وَأَبدى نَوحُكَ الداءَ الدَخيلا
وَما أَبقَيتَ في جَفني دُموعاً / وَلا جِسماً أَعيشُ بِهِ نَحيلا
وَلا أَبقى لِيَ الهِجرانُ صَبراً / لِكَي أَلقى المَنازِلَ وَالطُلولا
أَلِفتُ السُقمَ حَتّى صارَ جِسمي / إِذا فَقَدَ الضَنى أَمسى عَليلا
وَلَو أَنّي كَشَفتُ الدَرعَ عَنّي / رَأَيتَ وَرائَهُ رَسماً مُحيلا
وَفي الرَسمِ المُحيلِ حُسامُ نَفسٍ / يُقَلِّلُ حَدُّهُ السَيفَ الصَقيلا
لِمَن طَلَلٌ بِوادي الرَملِ بالي
لِمَن طَلَلٌ بِوادي الرَملِ بالي / مَحَت آثارَهُ ريحُ الشَمالِ
وَقَفتُ بِهِ وَدَمعي مِن جُفوني / يَفيضُ عَلى مَغانيهِ الخَوالي
أُسائِلُ عَن فَتاةِ بَني قُرادٍ / وَعَن أَترابِها ذاتِ الجَمالِ
وَكَيفَ يُجيبُني رَسمٌ مُحيلٌ / بَعيدٌ لا يُرَدُّ عَلى سُؤالي
إِذا صاحَ الغُرابُ بِهِ شَجاني / وَأَجرى أَدمُعي مِثلَ اللَآلي
وَأَخبَرَني بِأَصنافِ الرَزايا / وَبِالهُجرانِ مِن بَعدِ الوِصالِ
غُرابَ البَينِ ما لَكَ كُلَّ يَومٍ / تُعانِدُني وَقَد أَشغَلتَ بالي
كَأَنّي قَد ذَبَحتُ بِحَدِّ سَيفي / فِراخَكَ أَو قَنَصتُكَ بِالحِبالِ
بِحَقِّ أَبيكَ داوي جُرحَ قَلبي / وَرَوِّح نارَ سِرّي بِالمَقالِ
وَخَبِّر عَن عُبَيلَةَ أَينَ حَلَّت / وَما فَعَلَت بِها أَيدي اللَيالي
فَقَلبي هائِمٌ في كُلِّ أَرضٍ / يُقَبِّلُ إِثرَ أَخفافِ الجِمالِ
وَجِسمي في جِبالِ الرَملِ مَلقىً / خَيالٌ يَرتَجي طَيفَ الخَيالِ
وَفي الوادي عَلى الأَغصانِ طَيرٌ / يَنوحُ وَنَوحُهُ في الجَوِّ عالي
فَقُلتُ لَهُ وَقَد أَبدى نَحيباً / دَعِ الشَكوى فَحالُكَ غَيرُ حالي
أَنا دَمعي يَفيضُ وَأَنتَ باكٍ / بِلا دَمعٍ فَذاكَ بُكاءُ سالي
لَحى اللَهُ الفِراقَ وَلا رَعاهُ / فَكَم قَد شَكَّ قَلبي بِالنِبالِ
أُقاتِلُ كُلَّ جَبّارٍ عَنيدٍ / وَيَقتُلني الفِراقُ بِلا قِتالِ
عَذابُكَ يا اِبنَةَ الساداتِ سَهلُ
عَذابُكَ يا اِبنَةَ الساداتِ سَهلُ / وَجورُ أَبيكِ إِنصافٌ وَعَدلُ
فَجوروا وَاِطلُبوا قَتلي وَظُلمي / وَتَعذيبي فَإِنّي لا أَمَلُّ
وَلا أَسلو وَلا أَشفي الأَعادي / فَساداتي لَهُم فَخرٌ وَفَضلُ
أُناسٌ أَنزَلونا في مَكانٍ / مِنَ العَلياءِ فَوقَ النَجمِ يَعلو
إِذا جاروا عَدَلنا في هَواهُم / وَإِن عَزّوا لِعِزِّتِهِم نَذِلُّ
وَكَيفَ يَكونُ لي عَزمٌ وَجِسمي / تَراهُ قَد بَقي مِنهُ الأَقَلُّ
فَيا طَيرَ الأَراكِ بِحَقِّ رَبٍّ / بَراكَ عَساكَ تَعلَمُ أَينَ حَلّوا
وَتُطلِقُ عاشِقاً مِن أَسرِ قَومٍ / لَهُ في حُبِّهِم أُسُرٌ وَغُلُّ
يُنادوني وَخَيلُ المَوتِ تَجري / مَحَلُّكَ لا يُعادِلُهُ مَحَلُّ
وَقَد أَمسَوا يَعيبوني بِأُمّي / وَلَوني كُلَّما عَقَدوا وَحَلّوا
لَقَد هانَت صُروفُ الدَهرِ عِندي / وَهانَت أَهلُهُ عِندي وَقَلّوا
وَلي في كُلِّ مَعرَكَةٍ حَديثٌ / إِذا سَمِعَت بِهِ الأَبطالُ ذَلّوا
قَطَعتُ رِقابَهُم وَأَسَرتُ مِنهُم / وَهُم في عُظمِ جَمعِهِمِ اِستَقَلّوا
وَأَحصَنتُ النِساءَ بِحَدِّ سَيفي / وَأَعدائي لِعُظمِ الخَوفِ فَلّوا
أُثيرُ عَجاجَها وَالخَيلُ تَجري / ثِقالاً بِالفَوارِسِ لا تَمَلُّ
وَأَرجِعُ وَهيَ قَد وَلَّت خِفافاً / مُحَيَّرَةً مِنَ الشَكوى تَكِلُّ
وَأَرضى بِالإِهانَةِ مَع أُناسٍ / أُراعيهِم وَلَو قَتلي أَحَلّوا
وَأَصبُرُ لِلحَبيبِ وَإِن جَفاني / وَلَم أَترُك هَواهُ وَلَستُ أَسلو
عَسى الأَيّامُ تُنعِمُ لي بِقُربٍ / وَبَعدَ الهَجرِ مُرُّ العَيشِ يَحلو
فُؤادٌ لَيسَ يَثنيهِ العَذولُ
فُؤادٌ لَيسَ يَثنيهِ العَذولُ / وَعَينٌ نَومُها أَبَداً قَليلُ
عَرَكتُ النائِباتِ فَهانَ عِندي / قَبيحُ فِعالِ دَهري وَالجَميلُ
وَقَد أَوعَدتَني يا عَمروُ يَوماً / بِقَولٍ ما لِصِحَّتِهِ دَليلُ
سَتَعلَمُ أَيُّنا يَبقى طَريحاً / تَخَطَّفُهُ الذَوابِلُ وَالنُصولُ
وَمَن تُسبى حَليلَتُهُ وَتُمسي / مُفَجَّعَةً لَها دَمعٌ يَسيلُ
أَتَذكُرُ عَبلَةً وَتَبيتُ حَيّاً / وَدونَ خِبائِها أَسَدٌ مَهولُ
وَتَطلُبُ أَن تُلاقيني وَسَيفي / يُدَكُّ لِوَقعِهِ الجَبَلُ الثَقيلُ
سَلي يا عَبلَ عَمرواً عَن فِعالي
سَلي يا عَبلَ عَمرواً عَن فِعالي / بِأَعداكِ الأُلى طَلَبوا قِتالي
سَليهُم كَيفَ كانَ لَهُم جَوابي / إِذا ما فالَ ظَنُّكِ في مَقالي
أَتَونا في الظَلامِ عَلى جِيادٍ / مُضَمَّرَةِ الخَواصِرِ كَالسَعالي
وَفيهِم كُلُّ جَبّارٍ عَنيدٍ / شَديدِ البَأسِ مَفتولِ السِبالِ
وَلَمّا أَوقَدوا نارَ المَنايا / بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ العَوالي
طَفاها أَسوَدٌ مِن آلِ عَبسٍ / بِأَبيَضَ صارِمٍ حَسَنِ الصِقالِ
إِذا ما سُلَّ سالَ دَماً نَجيعاً / وَيَخرُقُ حَدُّهُ صُمَّ الجِبالِ
وَأَسمَرَ كُلَّما رَفَعَتهُ كَفّي / يَلوحُ سِنانُهُ مِثلَ الهِلالِ
تَراهُ إِذا تَلَوّى في يَميني / تُسابِقُهُ المَنِيَّةُ في شِمالي
ضَمِنتُ لَكَ الضَمانَ ضَمانَ صِدقٍ / وَأَتبَعتُ المَقالَةَ بِالفِعالِ
وَفَرَّقتُ الكَتائِبَ عِندَ ضَربٍ / يَخِرُّ لَهُ صَناديدُ الرِجالِ
وَما وَلّى شُجاعُ الحَربِ إِلّا / وَبَينَ يَدَيهِ شَخصٌ مِن مِثالي
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي / فَباتَ الناسُ في قيلٍ وَقالِ
وَلَو أَخلَفتُ وَعدي فيكِ قالَت / بَنو الأَنذالِ إِنّي عَنكِ سالي
عِقابُ الهَجرِ أَعقَبَ لي الوِصالا
عِقابُ الهَجرِ أَعقَبَ لي الوِصالا / وَصِدقُ الصَبرِ أَظهَرَ لي المُحالا
وَلَولا حُبُّ عَبلَةَ في فُؤادي / مُقيمٌ ما رَعَيتُ لَهُم جِمالا
عَتَبتُ الدَهرَ كَيفَ يُذِلَّ مِثلي / وَلي عَزمٌ أَقُدُّ بِهِ الجِبالا
أَنا الرَجُلُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ / وَقَد عايَنتَ مِن خَبري الفِعالا
غَداةَ أَتَت بَنو طَيٍّ وَكَلبٍ / تَهُزُّ بِكَفِّها السُمرَ الطِوالا
بِجَيشٍ كُلَّما لاحَظتُ فيهِ / حَسِبتُ الأَرضَ قَد مُلِأَت رِجالا
وَداسوا أَرضَنا بِمُضَمَّراتٍ / فَكانَ صَهيلُها قيلاً وَقالا
تَوَلَّوا جُفَّلاً مِنّا حَيارى / وَفاتوا الظُعنَ مِنهُم وَالرِحالا
وَما حَمَلَت ذَوُو الأَنسابِ ضَيماً / وَلا سَمِعَت لِداعيها مَقالا
وَما رَدُّ الأَعِنَّةِ غَيرُ عَبدٍ / وَنارُ الحَربِ تَشتَعِلُ اِشتِعالا
بِطَعنٍ تُرعَدُ الأَبطالُ مِنهُ / لِشِدَّتِهِ فَتَجتَنِبُ القِتالا
صَدَمتُ الجَيشَ حَتّى كُلَّ مُهري / وَعُدتُ فَما وَجَدتُ لَهُم ظِلالا
وَراحَت خَيلُهُم مِن وَجهِ سَيفي / خِفافاً بَعدَما كانَت ثِقالا
تَدوسُ عَلى الفَوارِسِ وَهيَ تَعدو / وَقَد أَخَذَت جَماجِمَهُم نِعالا
وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ بِها طَريحاً / يُحَرِّكُ بَعدَ يُمناهُ الشِمالا
وَخَلَّصتُ العَذارى وَالغَواني / وَما أَبقَيتُ مَع أَحَدٍ عِقالا
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في المَلامِ
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في المَلامِ / عَلى الإِقدامِ في يَومِ الزَحامِ
تَخافُ عَلَيَّ أَن أَلقى حِمامي / بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
مَقالٌ لَيسَ يَقبَلُهُ كِرامٌ / وَلا يَرضى بِهِ غَيرُ اللِئامِ
يَخوضُ الشَيخُ في بَحرِ المَنايا / وَيَرجِعُ سالِماً وَالبَحرُ طامي
وَيَأتي المَوتُ طِفلاً في مُهودٍ / وَيَلقى حَتفَهُ قَبلَ الفِطامِ
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ / وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوماً / وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ
فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ / وَجِسمٌ لا يُفارِقُهُ السَقامُ
وَأَجفانٌ تَبيتُ مُقَرَّحاتِ / تَسيلُ دَماً إِذا جَنَّ الظَلامُ
وَهاتِفَةٌ شَجَت قَلبي بِصَوتٍ / يَلَذُّ بِهِ الفُؤادُ المُستَهامُ
شُغِلتُ بِذِكرِ عَبلَةَ عَن سِواها / وَقُلتُ لِصاحِبي هَذا المَرامُ
وَفي أَرضِ الحِجازِ خِيامُ قَومٍ / حَلالُ الوَصلِ عِندَهُمُ حَرامُ
وَبَينَ قِبابِ ذاكَ الحَيِّ خَودٌ / رَداحٌ لا يُماطُ لَها لِثامُ
لَها مِن تَحتِ بُرقُعِها عُيونٌ / صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ
وَبَينَ شِفاهِها مِسكٌ عَبيرٌ / وَكافورٌ يُمازِجهُ مُدامُ
فَما لِلبَدرِ إِن سَفَرَت كَمالٌ / وَما لِلغُصنِ إِن خَطَرَت قَوامُ
يَلُذُّ غَرامُها وَالوَجدُ عِندي / وَمَن يَعشَق يَلَذُّ لَهُ الغَرامُ
أَلا يا عَبلَ قَد شَمِتَ الأَعادي / بِإِبعادي وَقَد أَمِنوا وَناموا
وَقَد لاقَيتُ في سَفَري أُموراً / تُشَيِّبُ مَن لَهُ في المَهدِ عامُ
وَبَعدَ العُسرِ قَد لاقَيتُ يُسراً / وَمَلكاً لا يُحيطُ بِهِ الكَلامُ
وَسُلطاناً لَهُ كُلُّ البَرايا / جُنودٌ وَالزَمانُ لَهُ غُلامُ
يَفيضُ عَطاؤُهُ مِن راحَتَيهِ / فَما نَدري أَبَحرٌ أَم غَمامُ
وَقَد خَلَعَت عَلَيهِ الشَمسُ تاجاً / فَلا يَغشى مَعالِمَهُ ظَلامُ
جَواهِرُهُ النُجومُ وَفيهِ بَدرٌ / أَقَلُّ صِفاتِ صورَتِهِ التَمامُ
بَنو نَعشٍ لِمَجلِسِهِ سَريرٌ / عَلَيها وَالسَماواتُ الخِيامُ
وَلَولا خَوفُهُ في كُلِّ قُطرٍ / مِنَ الآفاقِ ما قَرَّ الحُسامُ
جَميعُ الناسِ جِسمٌ وَهوَ روحٌ / بِهِ تَحيا المَفاصِلُ وَالعِظامُ
تُصَلّي نَحوَهُ مِن كُلِّ فَجٍّ / مُلوكُ الأَرضِ وَهوَ لَها إِمامُ
فَدُم يا سَيِّدَ الثَقَلَينِ وَاِبقى / مَدى الأَيّامِ ما ناحَ الحَمامُ
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ / فَقَبَّلَني ثَلاثاً في اللَثامِ
وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيباً / أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي
وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي / وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي
لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي / أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ
أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي / وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوماً / وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ
وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبي / بِغَيرِ الصَبرِ يا بِنتَ الكِرامِ
إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالي / بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ / رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي
أَروحُ مِنَ الصَباحِ إِلى مَغيبٍ / وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ
أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي / وَأَجعَلُها مِنَ الدُنيا اِهتِمامي
وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبيها / وَقَد مَلَكَ الهَوى مِنّي زِمامي
رَضيتُ بِحُبِّها طَوعاً وَكَرهاً / فَهَل أَحظى بِها قَبلَ الحِمامِ
وَإِن عابَت سَوادي فَهوَ فَخري / لِأَنّي فارِسٌ مِن نَسلِ حامِ
وَلي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَواسي / وَذِكري مِثلُ عَرفِ المِسكِ نامي
وَمِن عَجَبي أَصيدُ الأُسدَ قَهراً / وَأَفتَرِسُ الضَواري كَالهَوامِ
وَتَقنُصُني ظِبا السَعدِي وَتَسطو / عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ
لَعَمرُ أَبيكَ لا أَسلو هَواها / وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي
عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ / سَلامٌ في سَلامٍ في سَلامِ
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي
أُحِبُّكِ يا ظَلومُ فَأَنتِ عِندي / مَكانَ الروحِ مِن جَسَدِ الجَبانِ
وَلَو أَنّي أَقولُ مَكانَ روحي / خَشيتُ عَلَيكِ بادِرَةَ الطِعانِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ
إِذا خَصمي تَقاضاني بِدَينِ / قَضَيتُ الدَينَ بِالرُمحِ الرُدَيني
وَحَدُّ السَيفِ يُرضينا جَميعاً / وَيَحكُمُ بَينَكُم عَدلاً وَبَيني
جَهِلتُم يا بَني الأَنذالِ قَدري / وَقَد عَرَفَتهُ أَهلُ الخافِقينَ
وَما هَدَمَت يَدُ الحِدثانِ رُكني / وَلا اِمتَدَّت إِلَيَّ بَنانُ حَيني
عَلَوتُ بِصارِمي وَسِنانِ رُمحي / عَلى أُفقِ السُها وَالفَرقَدَينِ
وَغادَرتُ المُبارِزَ وَسطَ قَفرٍ / يُعَفِّرُ خَدَّهُ وَالعارِضينَ
وَكَم مِن فارِسٍ أَضحى بِسَيفي / هَشيمَ الرَأسِ مَخضوبَ اليَدَينِ
يَحومُ عَلَيهِ عِقبانُ المَنايا / وَتَحجُلُ حَولَهُ غِربانُ بَينِ
وَآخَرُ هارِبٌ مِن هَولِ شَخصي / وَقَد أَجرى دُموعَ المُقلَتَينِ
وَسَوفَ أُبيدُ جَمعَكُمُ بِصَبري / وَيَطفا لاعِجي وَتَقَرُّ عَيني
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا
سَلي يا عَبلَةُ الجَبَلَينِ عَنّا / وَما لاقَت بَنو الأَعجامِ مِنّا
أَبَدنا جَمعَهُم لَمّا أَتَونا / تَموجُ مَواكِبٌ إِنساً وَجِنّا
وَراموا أَكلَنا مِن غَيرِ جوعٍ / فَأَشبَعناهُمُ ضَرباً وَطَعنا
ضَرَبناهُم بِبيضٍ مُرهَفاتٍ / تَقُدُّ جُسومَهُم ظَهراً وَبَطنا
وَفَرَّقنا المَواكِبَ عَن نِساءٍ / يَزِدنَ عَلى نِساءِ الأَرضِ حُسنا
وَكَم مِن سَيِّدٍ أَضحى بِسَيفي / خَضيبَ الراحَتَينِ بِغَيرِ حِنّا
وَكَم بَطَلٍ تَرَكتُ نِساهُ تَبكي / يُرَدِّدنَ النُواحَ عَلَيهِ حُزنا
وَحَجّارٌ رَأى طَعني فَنادى / تَأَنّى يا اِبنَ شَدّادٍ تَأَنّى
خُلِقتُ مِنَ الجِبالِ أَشَدَّ قَلباً / وَقَد تَفنى الجِبالُ وَلَستُ أَفنى
أَنا الحِصنُ المَشيدُ لِآلِ عَبسٍ / إِذا ما شادَتِ الأَبطالُ حِصنا
شَبيهُ اللَيلِ لَوني غَيرَ أَنّي / بِفِعلي مِن بَياضِ الصُبحِ أَسنى
جَوادي نِسبَتي وَأَبي وَأُمّي / حُسامي وَالسِنانُ إِذا اِنتَسَبنا
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني
طَرِبتُ وَهاجَني البَرقُ اليَماني / وَذَكَّرَني المَنازِلَ وَالمَغاني
وَأَضرَمَ في صَميمِ القَلبِ ناراً / كَضَربي بِالحُسامِ الهُندُواني
لَعَمرُكَ ما رِماحُ بَني بَغيضٍ / تَخونُ أَكُفَّهُم يَومَ الطِعانِ
وَلا أَسيافُهُم في الحَربِ تَنبو / إِذا عُرِفَ الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَلَكِن يَضرِبونَ الجَيشَ ضَرباً / وَيَقرونَ النُسورَ بِلا جِفانِ
وَيَقتَحِمونَ أَهوالَ المَنايا / غَداةَ الكَرِّ في الحَربِ العَوانِ
أَعَبلَةُ لَو سَأَلتِ الرُمحَ عَنّي / أَجابَكِ وَهوَ مُنطَلِقُ اللِسانِ
بِأَنّي قَد طَرَقتُ ديارَ تَيمٍ / بِكُلِّ غَضَنفَرٍ ثَبتِ الجَنانِ
وَخُضتُ غُبارَها وَالخَيلُ تَهوي / وَسَيفي وَالقَنا فَرَسا رِهانِ
وَإِن طَرِبَ الرِجالُ بِشُربِ خَمرٍ / وَغَيَّبَ رُشدَهُم خَمرُ الدِنانِ
فَرُشدي لا يُغَيِّبُهُ مُدامٌ / وَلا أُصغي لِقَهقَهَةِ القَناني
وَبَدرٌ قَد تَرَكناهُ طَريحاً / كَأَنَّ عَلَيهِ حُلَّةَ أُرجُوانِ
شَكَكتُ فُؤادَهُ لَمّا تَوَلّى / بِصَدرِ مُثَقَّفٍ ماضي السِنانِ
فَخَرَّ عَلى صَعيدِ الأَرضِ مُلقىً / عَفيرَ الخَدِّ مَخضوبَ البَنانِ
وَعُدنا وَالفَخارُ لَنا لِباسٌ / نَسودُ بِهِ عَلى أَهلِ الزَمانِ