المجموع : 49
صفاتُ الأولياء تزول عنهم
صفاتُ الأولياء تزول عنهم / ويأخذها الشقُّ هناك منهم
كما نابَ السعيدُ هنا زمانا / تنوبُ الأشقياء هناك عنهم
فما لجأوا إلى الراحاتِ إلا / وكان الأمر فيهم من لدنهم
وإنْ طلبوا المعونةَ من إمام / به كفؤ هنالك لم يعنهم
بنيّ إذ رأيتهمُ سُكارى / فمل معهم وبشرهم وصُنهم
إذا عجز الرجالُ بأنْ يكونوا / على تحقيقهم منهم فكنهم
إذا شمسُ النفوسِ أرتْ ضُحاها
إذا شمسُ النفوسِ أرتْ ضُحاها / تزايدتِ القلوبُ بما تلاها
تراها فيه حالاً بعد حالٍ / ومجلاها الهلالُ إذا تلاها
وإني من حقيقتِه بسرِّي / كمثلِ الشمسِ إذ تُعطي سناها
فما أنا في الوجودِ سواه عيناً / وما همُ في الوجودِ بنا سواها
فتلك سماؤنا لما بناها / وهذي أرضنا لما طحاها
من أجلي كان ربي في شؤون / وقد بلغتْ فواكهكم أناها
سنفرغ منكمُ جوداً إليكم / لتعطي نفوسَكم منها مناها
ويلمحها بذاتٍ منه لما / علمتُ بأنها كانت سداها
يعذبنا النهار سُدى وويلاً / وليلته يعذبنا نداها
فغطاها الظلامُ بسرِّ كوني / وجلاها النهارُ وما جلاها
أرى الأنوار في شرح الصدور
أرى الأنوار في شرح الصدور / عياناً في الورود وفي الصدورِ
وليس له امتنان فيه أني / أرى أثر الأمور من الأمورِ
فإن الحكم للمعلومِ عقلاً / وكشفاً في الجنان وفي السعير
فحكمُ الشيءِ مقصورٌ عليه / وما أدَّاه ذاك إلى القصورِ
ولكنَّ الأديبَ إذا رآه / يقولُ بذاكَ من خلفِ الستورِ
ويدخل محرِماً بلداً إحراماً / ويلبس للملابسِ ثوبَ زور
فيأخذه العليم بما ذكرنا / ويوصله إلى دهرِ الدهور
لقد دلَّتْ شواهده عليه / بما دارت عليه رَحى السرورِ
أرى في التين عِلمَ الحقِّ حقاً
أرى في التين عِلمَ الحقِّ حقاً / وعلمي أنه الحقُّ المبينُ
وعلم المصطفى الأميّ منه / به قد جاء في النبأ اليقين
يقول به الكليم بطورِ سينا / وذلك عندنا البلدُ الأمينُ
يجولُ به العليم بكلِّ شيءٍ / بطاهرِه وباطنه مسكون
لقد أيدت بالتحقيق فيه / وقد أعطتْ معالمه الشؤون
وعلمُ الزيت عن نظرٍ صحيحٍ / وفي تين الهدى العلمُ المتين
جزاك الله خيراً من وليٍّ
جزاك الله خيراً من وليٍّ / عليمٍ بالخفيّ وبالجليِّ
رعاك الله من شخصٍ تعالى / عن الأمثال بالنعتِ العليِّ
صدوقُ الوعدِ أنزله كتاباً / فإسماعيل ذو الخُلق الرَّضيّ
لكيوان الثباتِ بغيرِ شكٍّ
لكيوان الثباتِ بغيرِ شكٍّ / كما للمشتري عِلمُ النبيّ
وللمريخ أرماحٌ طوالٌ / إذا اجتمع الكميُّ مع الكميّ
وللشمسِ الأمانة في مكانٍ / كما قال الإله لنا عليّ
وللزهراء ميلُ هوى وحب / فويلٌ للشجيِّ من الخليِّ
ونش عطارد مريِّخ لطف / يضم به العليِّ إلى الدنيّ
بأمر البدر يكتب ما أردنا / إلى الداني المقرَّبِ والقصيّ
ويقطع في بروجٍ معلماتٍ / يكنَّ لسيرها حرفَ الرويّ
فمن حَمَلٍ إلى ثورٍ ويعلو / إلى الجوزاءِ في الفلك البهيّ
إلى السرطانِ من أسد تراه / بسنبلةٍ لميزانِ الهويّ
وعقربٍ صدغه يرمي بقوسِ / من النيران من أجلِ الجدي
ليشويه فيطفيه بدلو / كحوتِ دلالةِ العبد النجيّ
وليس لهذه الأبراجِ عينٌ / من الأنوار في النظر الجليّ
ولكنَّ المنازلَ عينتها / من الفلكِ المكوكَب للخفيّ
فمنزلتان مع ثلث لبرجٍ / كتقسيمِ المراتبِ في النديّ
وبان لكل منزلةٍ دليلٌ / من الأسماء عن نظرٍ خفيّ
كنطحٍ في بُطين في ثريا / إلى الدبران هقعته تحيّ
ذراعاً عند نثرة طرفِ شخصٍ / بجبهته زبرتْ على بنيّ
لتعلمه بصرفته فمالتْ / بعوَّاء السِّماكِ على وليّ
غفرن له زبانات بأمر / من الإكليل عن قلبٍ نقيّ
فجادت شَولةٌ صادت نعاماً / ببلدتها لكلِّ فتى تقيّ
وذابحها يخبرها بما قد / بدا في العجلِ من سرِّ الحليّ
فتبلعها السعودُ على شهودٍ / من أخبيةٍ وأدلاءِ الشقيّ
مقدَّمها مؤخرها لفرغٍ / يدليه الرَّشاءُ إلى الركيّ
ليسقي زرعه كرماً وجوداً / ليقري بالغداةِ وبالعشيّ
وعيُّوقاتُها تهدي إلينا / إذا خفيت لذي الرصد الذكيّ
نجومُ الرجمِ أرسلها إلهي / لتحرقَ كلَّ شيطانٍ غويّ
وتظهر بالأثيرِ من اشتعالٍ / فتهوي بالهواء إلى الغبيّ
فتحرقه فيذهبُ ما لديه / من العلمِ المحققِ بالهويّ
هي النيران في الأبصارِ نورٌ / كماء شرابِ ظمآن شقي
فسبحانَ العليمِ بكلِّ شيءٍ / وموحيه إلى قلبِ الوليّ
إذا أشهدت أنك في شهود
إذا أشهدت أنك في شهود / خليّ عن مقاومة الشهيدِ
وإنك ناظر فيه إليه / به من كونِه ربَّ العبيدِ
وإنك مبتغٍ طلباً مَزيداً / فقد شُرعَ السؤالُ من المزيد
رأيتُ العينَ ليس لها نظيرٌ / يقاوم من مُرادٍ أو مُريد
إذا ما الحق جلاه إلينا / تعيَّنَ في السيادةِ والمسُودِ
فما في الكونِ من يدري كلامي / سوى مَنْ عينه حبلُ الوريد
فيظهرُني فأظهره فيخفى / فأخفيه بآدابِ السجودِ
سجدتُ له سجودَ هوى بحقٍّ / فأكرم بالسلامِ وبالشهود
رفعتُ به فلم أر غير ذاتي / تصرف في القيام وفي القعود
ليشهد في جميع الأمر منه / وفيه فينطفي غيظاً حسودي
ظلامُ الليلِ معتبر
ظلامُ الليلِ معتبر / لعبدٍ عندَه يقظهْ
ظنوني في منازلها / علومَ الخلقِ والحفَظه
ظلومٌ ليس يجهلها / إمامٌ قبلَه حفظه
ظبا لما حللت به / رأيت الحجبَ في اليقظه
ظباءُ كلها شمسٌ / إذا علمت بمن حفظه
ظَللتُ به فأرّقني / فلما كنتُ هو لفظه
ظَننتُ الأمر يشهدني / ويشهدني فما حفظه
ظنونٌ ما حصلتُ بها / على ما قال من وعظه
ظُبى سيفِ القضاءِ أتى / إلى المغرورِ كي يعظه
ظنينُ القلبِ متَّهمُ / نؤومٌ قلبُه يقظه
إذا حسنتَ ظنك بالرجالِ
إذا حسنتَ ظنك بالرجالِ / علوتَ به ورباتِ الحجالِ
وإنْ ساءتْ ظنونك يا حبيبي / فأنت لسوء ظنك في سفالِ
وميزانُ الشريعةِ لا تزنه / بميزانِ التفكر والخيالِ
وإنك إن أصبحت به لوقتٍ / غلطتَ به فتلحقُ بالضلالِ
تميزتِ الخلائق في سناها / فأين الواجباتُ من المحال
إذا عاينت ما لا يرتضيه / إلهك قد حلالي عينُ حالي
بمرآه الذي عاينت منه / وفيه ما يذم من الفعال
أتتك وصيتي تسمو اعتلاء / على ما كان من كرم الخلال
فسوء الظنِّ يحرم منك شرعا / وحسنُ الظنِّ يلحق بالحلال
وإنْ كنتَ الإمام تقيم حدّاً / أقمه كما أمرت ولا تبال
ولا تتبعه سوءَ الظنِّ فيه / به تأمن عليك من السؤال
فإنَّ الله سائلُ من أتاه / به يومَ القطيعة و الوصالي
وعبدُ الله ليس بحكم ماضٍ / ولا آتٍ ولكن حكم حال
ولستُ لمن أجالده بغير
ولستُ لمن أجالده بغير / جزاء إذ أجالده كفاحا
ولكني أجالد فيه نفسي / وأبغي الفوز فيه والنجاحا
أرى المطلوب يكبر أنْ يصابا
أرى المطلوب يكبر أنْ يصابا / ويعظم أنْ يقاوم أو يُدانى
عجبتُ لقربه الأدنى بذات / منزهة تعالتْ أنْ تُهانا
تجلَّتْ والضياءُ لها حجابٌ / وجلَّت أنْ نراها كما ترانا
فلا يحظى بها إلا حريص / وأما من تكاسلَ أو توانى
فينساها وتنساه وهذا / جزاء قد تلوناه قرانا
فمن يقربه لم يطعم سواها / وقد حاز المكانةَ والمكانا
كما أنَّ العليلَ إذا أتاها / يخصُّ به الزمانةَ والزمانا
ظلامٌ كيف يحجبُه ونورٌ / ونحن نراه دونهما عِيانا
فما أرجو سواه لكلِّ أمرٍ / مهمٍّ ليس يعرفه سوانا
تعالى الله لم يدركه عقلٌ
تعالى الله لم يدركه عقلٌ / ولم تدركْ سواه إذا شهدتا
فإنْ تطلبْ على ما قلت فيه / إذا أنصفتني فيه وجدتا
جماع الأمر إن الأمر فردٌ / إذا ركبتَ فيه عليك جدتا
وأدركتَ المعارفَ موضحاتٍ / ونال به دليلك ما أردتا
وساويتَ المنيب بكلِّ وجهٍ / رآه دليله وعليه زدتا
أقمتَ به وجودك مستفيداً / فلما أنْ حبيتَ به أفدتا
وكنت به إماماً ذا نوالٍ / يجود به نداك إذا قصدتا
ومما كان نجد اللومِ تبدو / معالمه لعينك عنه حدتا
فأوفى بالعهود إليه حتى / يكون لك الإله كما عهدتا
ولازم بابه بالباء واعبد / بحرفِ اللام يوماً إن عبدتا
ولا تنسى نصيبك من وجود / تحققه لديك إذا عبدتا
وحاذر سطوة المغرور يوماً / بقلبك في السجود إذا سجدتا
ندبتَ لغاية سبقتَ إليها / جيادَ العزم ثم لها أعدتا
إذا ما راية نشرتْ لمجدِ / يمينك نحوها شوقاً مددتا
إذا ما المرء غاب عن الوجود
إذا ما المرء غاب عن الوجود / بما يلقاه من غط الشهودِ
إذا نزل الأمين عليه يلقي / إليه الوحي من عين المزيد
فيفنيه الفناء عن الوجودِ / وما يفنيه إلا بالوجودِ
ففيه به فناء العين منه / وإن يقصد يستر بالجحود
رأيتُ أهلة طلعت بدوراً / مكملةً بمنزلةِ السعودِ
عيونُ الزهرِ يبدو من خباها
عيونُ الزهرِ يبدو من خباها / لناظرِ مقلتي الزهر الأنيق
إذا ما ساعدتها الشمس فيه / تراه بعد نومته يفيقُ
أفاقت لأمرٍ فيه سرٌّ / فؤاد الطالبين له مشوق
يرومُ المجنون له حصولاً / إذا تُزجى الزَّعازعُ أو تسوق
إذا النجم الرجيم رمى نهاراً / فذاك النجم ليس له حريق
فإن الشمسَ أقوى منه فعلاً / ودمع الزمهرير له طليقُ
فيطفئه ويسلمُ منه ريح / ويحكم أنه فيه غريق
وذاك الانقضاضُ لنا شهيد / على ما قلتُه برٌّ صدوق
رأيتُ الريحَ تأخذ منه سغلاً / حذار منيَةٌ ولها شهيق
عجبت لمن دعا ولمن أجابا
عجبت لمن دعا ولمن أجابا / وما علم الدعاء ولا الجوابا
فلما ان تحققَّ من دعاه / وحقق ما دعاه به أنابا
ولكن بالإيابةِ عن قبولٍ / لدعوته فأخطأ ما أصابا
وأما العارفون به فقاموا / عن الكشف الذي يهدي الصوابا
وقرر شرعّه تقرير حبر / وأنزله على شخص كتابا
وفازَ المؤمنون به ونالوا / من الله السعادةَ والثوابا
ونالَ المذنبون كثيرَ عفوٍ / وفي الدنيا فما أمنوا العقابا
إقامة حدِّه المشروعِ فيهم / يقامُ به وقد قبلَ المتابا
ولا ينجيه منه قبولُ توبٍ / إذا علم الإمامُ وقد أنابا
وبدينه الإمام ويصطفيه / ويوليه العقوبةَ والعقابا
وما حكمُ القيامة فيه هذا / وإنْ وفاه خالقه الحسابا
يراه الأشعريُّ بغير حدٍّ / ويثبتُ منكروه له الحجابا
ومن شهدَ الأمور بلا غطاء / تراه وما تراه إذا يحابى
ويشهده العليم بكلِّ وجه / ويعلم أنه إنْ خابَ خابا
ولولا كونُه ما كان كون / وبالإتيان أشهدنا السحابا
أتاك بها الحكمُ الفصلِ فينا / ويفتح ظُله فيه وبابا
إذا حرنا وحار الناسُ فينا
إذا حرنا وحار الناسُ فينا / وأسكناهم البلد الأمينا
عرفنا الحقَّ حقاً فاتبعنا / فكنا في القيامة آمنينا
ولولا ذاك ما كنا عبيداً / بما قال المهيمنُ غالبينا
ويشهدنا الأمور كما علمنا / فنقطع نجدها حيناً فحينا
رأيتُ أئمة كُبَّارَ قومٍ / أضلُّوا بعدما ضَلُّوا يقينا
فإنْ عزموا على إبطال حقٍّ / وكانوا في الشريعةِ ممترينا
فإنَّ الله يهلكهم ذهاباً / ويأتيكم بقومٍ آخرينا
ونخزيهم وينصرُكم عليهم / ويشفي صدورَ قومٍ مؤمنينا
أقول لهم وقد كفروا بقولي / كفرتم بئسَ عُقبى الكافرينا
أنا الشخص الذي ما زال قولي / يراه ذو النهُّى الحق المبينا
نهاني الحق في الغّطّطْ
نهاني الحق في الغّطّطْ / عن المطّاط والسقّطْ
وإني لا أجالس مَنْ / يكون بمثلِ ذا النَّمَط
وأفهمني بأنْ أحظى / به في العالم الوسَط
قل للشخيص الذي بالحقِّ يعرفني / من كان يعرفني بالحقِّ ينصفني
ولستُ فيه بمعصوم وإن غلطتْ / ألفاظنا فعلى التحقيقِ يوقفني
فصاحبي من أراه في تقلبه / في كلِّ حال من الأحوال ينصحني
في خلوة إن نصح الشخص في ملأ / فضيحة وخليلي ليس يفضحني
فالله يمنحُ ما أملت منه وما / يعطيني إلا الذي في الوقت يصلحني
نعم ويصلح بي فالنفسُ واثقة / به على كلِّ ما يرضى وينفعني
فإن الله جلَّ الله ذو كرمٍ / المنعُ منه عطاءٌ حين يمنعني
المنعُ منه عطاءٌ فيه منفعةٌ / للعبد من حيث لا يدري ويحجبني
عنه واعلم قطعاً أنه ملك / وإنني نائبٌ عنه فيكرمني
برفعِ غاشية يقول مطّرقاً / هذا خليفتنا في السرّ والعلن
بروحه القدسيّ العال أيدني / وبالظلال التي في الحر ظللني
وجاءنا منه توقيعٌ بأنَّ لنا / ختمَ الولايةِ والختمانِ في قرن
روحٌ لروحٍ وتيجانُ مكللةٌ / من النضار الذي الرحمن يزجرني
عنها وعن حللِ الديباج فاعتبروا / فيما أتاكم به ذو المنطقِِ الحسنِ
الواهبُ الألفَ والآلافُ جائزة / لكلِّ طالبِ رفد أو لذي لسنِ
شبهتُ نفسي في عصري وحالتها / بعصرِ سيدنا سيفِ بن ذي يزن
لا علم لي بالذي في الغيب من عَجَبٍ / ولستُ أدري بنعمان ولا المزني
حتى رأيتُ الذي بالعلمِ بشرني / والملك وهو مع الأنفاس يطلبني
إنَّ الذي قد دعاني في بشائره / فلا يزال مع الأحيان يخطبني
فقلت يا ربّ أمّا العلمُ أقبله / والملك لستُ أراه فهو يخدعني
إنْ كان عَرَضاً فما لي فيه من أربٍ / أو كان أمراً فإن الأمر يطمعني
في عصمةِ عصم الله الحفيظ بها / نفسي فأعلم أنَّ الله يحفظني
إذا سمعت كلاماً لا يوافقني / منه أسلمه وليس يحفظني
له التصرفُ في مولاه كيف يرى / مولاه فهو له من أعصمِ الجنن
أجسامُ كلِّ رسولٍ مصطفى نَدسْ / له المكانةُ والزُّلفى بلا محن
أتى بمألكة من عند مرسله / مبلغاً بلسانِ القومِ واللحن
قد طهرَّ الله نفساً منه زاكية / من كلِّ سوءٍ كمثلِ الحقدِ والإحن
ألا إنّ الوجودَ وجودُ ربي
ألا إنّ الوجودَ وجودُ ربي / وما يبدو من الأحكام حكمي
فلا عينٌ تراه علا فاعلم / كذا يقضي به نظري وعلمي
وعلمي بالذي يقضي صحيح / ولكني أرجح فيه كتمي
وكونُ الحقِّ عينا عينُ حكمي / فمن قبل الإله ولا إسمي
فذاتُ الحقِّ إدراكات ذاتي / وذاتي ظله في حكم زعمي
ألا تنظر لمدّ الظلِّ منه / بنورِ الشمس ابقاء لرسمي
فلولا أن أكونَ كهو وجوداً / بحذفِ الكاف في مدّي وضمي
إليه بعد مدّي وانبساطي / يسيراً إذ أساميه من اسمي
ولما كانت الأسماء باسمي / كذاك له السماتُ من أصل وسمي
فنعتي نعته من كلِّ وجه / ولكني أغطيه لا عمي
ولولا أنْ يقول به أناسٌ / لقلت به كما يعطيه فهمي
ووهمي في العلوم له احتكام / وما همُ النفوسِ كمثل وهمي
فإن الوهم عينُ وجودِ حقي / كمثل قواي في قولِ المسَمّي
له عندي مقامٌ ليس يدري / وهمّ الخّلقِ فيه غير همي
حكمت به عليه وليس كوني / به حكمي بعدلٍ أو بظلمِ
لقد كان الوجودُ بلا زمانٍ / ولا أين ولا كيف وكمّ
ولا عرضٌ ولا وضعٌ بلحن / ولا فعلٌ ومنفعلٌ وجسم
ولا نسب يضافُ إلى وجودي / وبعد الكونِ حققهن أمي
مقولاتٌ أتين على اتساق / يترجمها إلى الأفهام نظمي
له عشر وللأكوانِ عشر / كذا زعموا وهذا ليس زعمي
فإن قلنا به جهلوا مقالي / وإنْ جهلوا يزيد علي غمي
مدحتُ المصطفى فمدحتُ نفسي / ولي قسَمٌ وما جاوزت قسمي
فأعمالي تردّ عليّ منه / ولو أرمي فعيني منه أرمي
وإن عصم الإله به وجودي / فإن أرمي فنصلٍ ليس يصمي
وهذي رحمة منه تواليت / لديَّ بها يعود عليّ سهمي
وظني لم يزل ظناً جميلاً / فإنَّ الظنَّ مني عين علمي
إلى معناي فانظر يا خليلي / ولا تنظر بطرفك نحو جسمي
فقفلي ما قفلتُ به وجودي / عن الإدراك بي والختم ختمي
فلا تفتح فخلفَ البابِ ريحٌ / إذا هبَّت عليّ تهين عظمي
تميزني الصلاة ويرتدي بي / إذا صليتها بأبٍ وأمّ
ولو أنَّ الدليل يدل حقاً / عليه لكان يولده لتمِّ
ولم يولد فلم يدركه عقلٌ / فإنْ ظفروا به فبحكم وهم
وإن حكموا عليه بمثل هذا / فقد حكموا عليه بغير علم
تعالى الله عن قدمٍ بكوني / كما قد جلَّ عن حدثٍ بكمّ
يدل الجزؤ من مضمون كوني
يدل الجزؤ من مضمون كوني / على ما دلَّ كلّي من وجوده
فيشهدني وأشهده بنفسي / فأفنى عن وجودي من شهوده
ولولا أن يقال صبا لأمر / لقلت صدورُنا من عينِ جوده
يراه النائمُ اليقظانُ كشفا / كرؤية ذي التهجد في هجوده
يراه الحائرون بلا دليل / كرؤية ذي المقاصد في قصوده
يراه ناظم المرجان فيه / من أسماء له سلكا بجيده
يراه ناظم الألفاظ بيتاً / هو الروح المؤيد في قصيده
يراه ناظم الأحجار عقدا / وذاك العقد من اسنى عقوده
قرأت بعقده أجيادَ دهرٍ / به أخذ الشهادة في عقوده
له التسبيحُ والفرقان فيه / يميزه ركوعك مع سجودِه
وحاذرْ أن تمازجَ بي ربٍّ / وبين من اصطفاهم من عبيده
يراه مطلقا من كان اعمى / كرؤية ذي البصيرة في قيوده
فذاك الفيلسوف بغير حدٍّ / وهذا الأشعريّ على حدوده
وكلهم رهين الحبس فيه / بجعلِ العقلِ ذلك من صيوده
على الإنصاف آمنهم شخيص / طليقٌ ليس يرسفُ في قيوده
وهم أجنادُه وظهور ملك / مطاع إنما هو من جنودِه
بذا سعدوا وحازوا الأمن منه / وإن تعبوا المال إلى سعوده
لذا سبقت إلى الغايات رحمتي / وحازتها بمنزلتي سعوده
فحلتْ في الجنان وفي جحيم / وإن كانا لنا داري خلوده
فاخبئه ليستر في جحيمٍ / من الآلام أنسى من جحوده
فلو لزموا الحقائقَ لم يكونوا / كمنكر ما رآه لذي وروده
تجلّى للبصائر من بعيد / تجليه كمن هو في وريده
وأطلعه على ما كان منه / من الشكر العميم على مزيده
تراه عند وصل العين منه / بذاتك مثل فصلك في شروده
فلا تطلب من الرحمن عهداً / فيسألك المهيمن عن عهوده
وسالمه تكن عبدا سؤوساً / وتظفر بالزيادة في شهوده
ورثت محمداً فورثتُ كلا
ورثت محمداً فورثتُ كلا / ولو غيراً ورثتَ جزءا
حصلت على معارفَ مفرداتٍ / ولم أر لي بعلمِ الله كفؤا
لذلك ما اتخذت كلام ربي / ولا آياته إذ جئن هزؤا
فاقبلتِ النفوسُ إليّ عددا / وقد أنشأتها للعين نشأ
لقد أخرجت من فلك وأرض / من العلم الإلهي لهنَّ خبأ
ولولانا لكان الخلقُ عميا / وبُكما دائماً عوداً وبدءا
بنا فتح الإله عيونَ قومٍ / قربن ومن نأى منهنّ ينأى
وورثناهمُ بالعلم فضلاً / فكانوا زينة خلُقاً ومرأى
وكنا في المصيف لهم نسيما / كما كنا لهم في البردِ دِفأ
وضعنا عن ظهورِ القومِ إصرا / وما حملتْ ظهورُ القوم عبأ
لاني رحمة نزلت عليهم / كآنية بماء الغيثِ ملأى
فأروينا نفوساً عاطشاتٍ / فلم تر بعد هذا الشربِ ظمأى