القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 76
أَحَقٌّ أَنَّهُم دَفَنوا عَلِيّا
أَحَقٌّ أَنَّهُم دَفَنوا عَلِيّا / وَحَطّوا في الثَرى المَرءَ الزَكِيّا
فَما تَرَكوا مِنَ الأَخلاقِ سَمحاً / عَلى وَجهِ التُرابِ وَلا رَضِيّا
مَضَوا بِالضاحِكِ الماضي وَأَلقوا / إِلى الحُفَرِ الخَفيفَ السَمهَرِيّا
فَمَن عَونُ اللُغاتِ عَلى مُلِمٍّ / أَصابَ فَصيحَها وَالأَعجَمِيّا
لَقَد فَقَدَت مُصَرِّفَها حَنيناً / وَباتَ مَكانُهُ مِنها خَلِيّا
وَمَن يَنظُرُ الفُسطاطَ تَبكي / بِفائِضَةٍ مِنَ العَبَراتِ رِيّا
أَلَم يَمشِ الثَرى قِحَةً عَلَيها / وَكانَ رِكابُها نَحوَ الثُرَيّا
فَنَقَّبَ عَن مَواضِعِها عَلِيٌّ / فَجَدَّدَ دارِساً وَجَلا خَفِيّا
وَلَولا جُهدُهُ اِحتَجَبَت رُسوماً / فَلا دِمَناً تُريكَ وَلا نُؤِيّا
تَلَفَّتَتِ الفُنونُ وَقَد تَوَلّى / فَلَم تَجِدِ النَصيرَ وَلا الوَلِيّا
سَلوا الآثارَ مَن يَغدو يُغالي / بِها وَيَروحُ مُحتَفِظاً حَفِيّا
وَيُنزِلُها الرُفوفَ كَجَوهَرِيٍّ / يُصَفِّفُ في خَزائِنِها الحُلِيّا
وَما جَهِلَ العَتيقَ الحُرَّ مِنها / وَلا غَبِيَ المُقَلَّدَ وَالدَعِيّا
فَتىً عافَ المَشارِبَ مِن دَنايا / وَصانَ عَنِ القَذى ماءَ المُحَيّا
أَبِيُّ النَفسِ في زَمَنٍ إِذا ما / عَجَمتَ بَنيهِ لَم تَجِدِ الأَبِيّا
تَعَوَّدَ أَن يَراهُ الناسُ رَأساً / وَلَيسَ يَرَونَهُ الذَنبَ الدَنِيّا
وَجَدتُ العِلمَ لا يَبني نُفوساً / وَلا يُغني عَنِ الأَخلاقِ شَيّا
وَلَم أَرَ في السِلاحِ أَضَلَّ حَدّاً / مِنَ الأَخلاقِ إِن صَحِبَت غَوِيّا
هُما كَالسَيفِ لا تُنصِفهُ يَفسُد / عَلَيكَ وَخُذهُ مُكتَمِلاً سَوِيّا
غَديرٌ أَترَعَ الأَوطانَ خَيراً / وَإِن لَم تَمتَلئ مِنهُ دَوِيّا
وَقَد تَأتي الجَداوِلُ في خُشوعٍ / بِما قَد يُعجِزُ السَيلَ الأَتِيّا
حَياةُ مُعَلِّمٍ طَفِأَت وَكانَت / سِراجاً يُعجِبُ الساري وَضِيّا
سَبَقتُ القابِسينَ إِلى سَناها / وَرُحتُ بِنورِها أَحبو صَبِيّا
أَخَذتُ عَلى أَريبٍ أَلمَعِيٍّ / وَمَن لَكَ بِالمُعَلَّمِ أَلمَعِيّا
وَرُبَّ مُعَلِّمٍ تَلقاهُ فَظّاً / غَليظَ القَلبِ أَو فَدماً غَبِيّا
إِذا اِنتَدَبَ البَنونَ لَها سُيوفاً / مِنَ الميلادِ رَدَّهُمُ عَصِيّا
إِذا رَشَدَ المُعَلِّمُ كانَ موسى / وَإِن هُوَ ضَلَّ كانَ السامِرِيّا
وَرُبَّ مُعَلِّمينَ خَلَوا وَفاقوا / إِلى الحُرِيَّةِ اِنساقوا هَدِيّا
أَناروا ظُلمَةَ الدُنيا وَكانوا / لِنارِ الظالِمينَ بِها صِلِيّا
أَرِقتُ وَما نَسيتُ بَناتِ بومٍ / عَلى المَطَرِيَّةِ اِندَفَعَت بُكِيّا
بَكَت وَتَأَوَّهَت فَوَهِمتُ شَرّاً / وَقَبلِيَ داخَلَ الوَهمُ الذَكِيّا
قَلَبتُ لَها الحَذِيَّ وَكانَ مِنّي / ضَلالاً أَن قَلَبتُ لَها الحَذِيّا
زَعَمتُ الغَيبَ خَلفَ لِسانِ طَيرٍ / جَهِلتُ لِسانَهُ فَزَعَمتُ غِيّا
أَصابَ الغَيبَ عِندَ الطَيرِ قَومٌ / وَصارَ البومُ بَينَهُمو نَبِيّا
إِذا غَنّاهُمو وَجَدوا سَطيحاً / عَلى فَمِهِ وَأَفعى الجُرهُمِيّا
رَمى الغُربانُ شَيخَ تَنوخَ قَبلي / وَراشَ مِنَ الطَويلِ لَها دَوِيّا
نَجا مِن ناجِذَيهِ كُلُّ لَحمٍ / وَغودِرَ لَحمُهُنَّ بِهِ شَقِيّا
نَعَستُ فَما وَجَدتُ الغَمضَ حَتّى / نَفَضتُ عَلى المَناحَةِ مُقلَتَيّا
فَقُلتُ نَذيرَةٌ وَبَلاغُ صِدقٍ / وَحَقٌّ لَم يُفاجي مَسمَعَيّا
وَلَكِنَّ الَّذي بَكَتِ البَواكي / خَليلٌ عَزَّ مَصرَعُهُ عَلَيّا
وَمَن يُفجَع بِحُرٍّ عَبقَرِيٍّ / يَجِد ظُلمَ المَنِيَّةِ عَبقَرِيّا
وَمَن تَتَراخَ مُدَّتُهُ فَيُكثِر / مِنَ الأَحبابِ لا يُحصي النَعِيّا
أَخي أَقبِل عَلَيَّ مِنَ المَنايا / وَهاتِ حَديثَكَ العَذبَ الشَهِيّا
فَلَم أَعدِم إِذا ما الدورُ نامَت / سَميراً بِالمَقابِرِ أَو نَجِيّا
يُذَكِّرُني الدُجى حَميماً / هُنالِكَ باتَ أَو خِلّاً وَفِيّا
نَشَدتُكَ بِالمَنِيَّةِ وَهيَ حَقٌّ / أَلَم يَكُ زُخرُفُ الدُنيا فَرِيّا
عَرَفتَ المَوتَ مَعنىً بَعدَ لَفظٍ / تَكَلَّم وَاِكشِفِ المَعنى الخَبِيّا
أَتاكَ مِنَ الحَياةِ المَوتُ فَاِنظُر / أَكُنتَ تَموتُ لَو لَم تُلفَ حَيّا
وَلِلأَشياءِ أَضدادٌ إِلَيها / تَصيرُ إِذا صَبَرتَ لَها مَلِيّا
وَمُنقَلَبُ النُجومِ إِلى سُكونٍ / مِنَ الدَوَرانِ يَطويهِنَّ طَيّا
فَخَبِّرني عَنِ الماضينَ إِنّي / شَدَدتُ الرَحلَ أَنتَظِرُ المُضِيّا
وَصِف لي مَنزِلاً حُمِلوا إِلَيهِ / وَما لَمَحوا الطَريقَ وَلا المُطِيّا
وَكَيفَ أَتى الغَنِيُّ لَهُ فَقيراً / وَكَيفَ ثَوى الفَقيرُ بِهِ غَنِيّا
لَقَد لَبِسوا لَهُ الأَزياءَ شَتّى / فَلَم يَقبَل سِوى التَجَربُدَ زِيّا
سَواءٌ فيهِ مَن وافى نَهاراً / وَمَن قَذَفَ اليَهودُ بِهِ عَشِيّا
وَمَن قَطَعَ الحَياةَ صَدّاً وَجوعاً / وَمَن مَرَّت بِهِ شِبَعاً وَرِيّا
وَمَيتٌ ضَجَّتِ الدُنيا عَلَيهِ / وَآخَرُ ما تُحِسُّ لَهُ نَعِيّا
نُراوِحُ بِالحَوادِثِ أَو نُغادى
نُراوِحُ بِالحَوادِثِ أَو نُغادى / وَنُنكِرُها وَنُعطيها القِيادا
وَنَحمِدُها وَما رَعَتِ الضَحايا / وَلا جَزَتِ المَواقِفَ وَالجِهادا
لَحاها اللَهُ باعَتنا خَيالاً / مِنَ الأَحلامِ وَاِشتَرَتِ اِتِّحادا
مَشَينا أَمسِ نَلقاها جَميعاً / وَنَحنُ اليَومَ نَلقاها فُرادى
أَظَلَّتنا عَنِ الإِصلاحِ حَتّى / عَجَزنا أَن نُناقِشها الفَسادا
تُلاقينا فَلا نَجِدُ الصَياصي / وَنَلقاها فَلا نَجِدُ العَتادا
وَمَن لَقِيَ السِباعَ بِغَيرِ ظَفرٍ / وَلا نابٍ تَمَزَّقَ أَو تَفادى
خَفَضنا مِن عُلُوِّ الحَقِّ حَتّى / تَوَهَّمنا السِيادَةَ أَن نُسادا
وَلَمّا لَم نَنل لِلسَيفِ رَدّاً / تَنازَعنا الحَمائِلَ وَالنِجادا
وَأَقبَلنا عَلى أَقوالِ زورٍ / تَجيءُ الغَيَّ تَقلِبُهُ رَشادا
وَلَو عُدنا إِلَيها بَعدَ قَرنٍ / رَحَمنا الطِرسَ مِنها وَالمِدادا
وَكَم سِحرٍ سَمِعنا مُنذُ حينٍ / تَضاءَلَ بَينَ أَعيُنِنا وَنادى
هَنيئاً لِلعَدُوِّ بِكُلِّ أَرضٍ / إِذا هُوَ حَلَّ في بَلَدٍ تَعادى
وَبُعداً لِلسِيادَةِ وَالمَعالي / إِذا قَطَعَ القَرابَةَ وَالوِدادا
وَرُبَّ حَقيقَةٍ لا بُدَّ مِنها / خَدَعنا النَشءَ عَنها وَالسَوادا
وَلَو طَلَعوا عَلَيها عالَجوها / بِهِمَّةِ أَنفُسٍ عَظُمَت مُرادا
تُعِدُّ لِحادِثِ الأَيّامِ صَبراً / وَآوِنَةً تُعِدُّ لَهُ عِنادا
وَتُخلِفُ بِالنَهيِ البيضَ المَواضي / وَبِالخُلقِ المُثَقَّفَةِ الصِعادا
لَمَحنا الحَظَّ ناحِيَةً فَلَمّا / بَلَغناها أَحَسَّ بِنا فَحادا
وَلَيسَ الحَظُّ إِلّا عَبقَرِيّاً / يُحِبُّ الأَريَحِيَّةَ وَالسَدادا
وَنَحنُ بَنو زَمانٍ حُوَّلِيٍّ / تَنَقَّلَ تاجِراً وَمَشى وَرادا
إِذا قَعَدَ العِبادُ لَهُ بِسوقٍ / شَرى في السوقِ أَو باعَ العِبادا
وَتُعجِبُهُ العَواطِفُ في كِتابٍ / وَفي دَمعِ المُشَخِّصِ ما أَجادا
يُؤَمِّنُنا عَلى الدُستورِ أَنّا / نَرى مِن خَلفِ حَوزَتِهِ فُؤادا
أَبو الفاروقِ نَرجوهُ لِفَضلٍ / وَلا نَخشى لِما وَهَبَ اِرتِدادا
مَلَأنا بِاِسمِهِ الأَفواهَ فَخراً / وَلَقَّبناهُ بِالأَمسِ المَكادا
نُناجيهِ فَنَستَرعي حَكيماً / وَنَسأَلُهُ فَنَستَجدي جَوادا
وَلَم يَزَلِ المُحَبَّبَ وَالمُفَدّى / وَمَرهَمَ كُلِّ جُرحٍ وَالضِمادا
تَدَفَّقَ مَصرِفُ الوادي فَرَوّى / وَصابَ غَمامُهُ فَسقى وَجادا
دَعا فَتَنافَسَت فيهِ نُفوسٌ / بِمِصرَ لِكُلِّ صالِحَةٍ تُنادى
تُقَدِّمُ عَونَها ثِقَةً وَمالاً / وَأَحياناً تُقَدِّمُهُ اِجتِهادا
وَأَقبَلَ مِن شَبابِ القَومِ جَمعٌ / كَما بَنَتِ الكُهولُ بَنى وَشادا
كَأَنَّ جَوانِبَ الدارِ الخَلايا / وَهُم كَالنَحلِ في الدارِ اِحتِشادا
فَيا داراً مِن الهِمَمِ العَوالي / سُقيتِ التِبرَ لا أَرضى العِهادا
تَأَنّى حينَ أَسَّسَكِ اِبنُ حَربٍ / وَحينَ بَنى دَعائِمَكِ الشِدادا
وَلا تُرجى المَتانَةُ في بِناءٍ / إِذا البَنّاءُ لَم يُعطَ اِتِّئادا
بَنى الدارَ الَّتي كُنّا نَراها / أَمانِيَّ المُخَيَّلِ أَو رُقادا
وَلَم يَبعُد عَلى نَفسٍ مَرامٌ / إِذا رَكِبَت لَهُ الهِمَمُ البِعادا
وَلَم أَرَ بَعدَ قُدرَتِهِ تَعالى / كَمَقدِرَةِ اِبنِ آدَمَ إِن أَرادا
جَرى وَالناسُ في رَيبٍ وَشَكٍّ / يَرومُ السَبقَ فَاِختَرَقَ الجِيادا
وَعودِيَ دونَها حَتّى بَناها / وَمِن شَأنِ المُجَدِّدِ أَن يُعادى
يَهونُ الكَيدُ مِن أَعدى عَدُوٍّ / عَلَيكَ إِذا الوَلِيُّ سَعى وَكادا
فَجاءَت كَالنَهارِ إِذا تَجَلى / عُلُوّاً في المَشارِقِ وَاِنطِيادا
نَصونُ كَرائِمَ الأَموالِ فيها / وَنُنزِلُها الخَزائِنَ وَالنِضادا
وَنُخرِجُها فَتَكسِبُ ثُمَّ تَأوي / رُجوعَ النَحلِ قَد حُمِّلنَ زادا
وَلَم أَرَ مِثلَها أَرضاً أَغَلَّت / وَما سُقِيَت وَلا طَعَمَت سَمادا
وَلا مُستَودَعاً مالاً لِقَومٍ / إِذا رَجَعوا لَهُ أَدّى وَزادا
وَمِن عَجَبٍ نُثَبِّتُها أُصولاً / وَتِلكَ فُروعُها تَغَشى البِلادا
كَأَنَّ القُطرَ مِن شَوقٍ إِلَيها / سَما قَبلَ الأَساسِ بِها عِمادا
وَلَو مَلَكَت كُنوزَ الأَرضِ كَفّي / جَعَلتُ أَساسَها ماساً وَرادا
وَلَو أَنَّ النُجومَ عَنَت لِحُكمي / فَرَشتُ النَيِّراتِ لَها مِهادا
خَطَونا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
خَطَونا في الجِهادِ خُطاً فِساحا / وَهادَنّا وَلَم نُلقِ السِلاحا
رَضينا في هَوى الوَطَنِ المُفَدّى / دَمَ الشُهَداءِ وَالمالَ المُطاحا
وَلَمّا سُلَّتِ البيضُ المَواضي / تَقَلَّدنا لَها الحَقَّ الصُراحا
فَحَطَّمنا الشَكيمَ سِوى بَقايا / إِذا عَضَّت أَرَيناها الجِماحا
وَقُمنا في شِراعِ الحَقِّ نَلقى / وَنَدفَعُ عَن جَوانِبِهِ الرِياحا
نُعالِجُ شِدَّةً وَنَروضُ أُخرى / وَنَسعى السَعيَ مَشروعاً مُباحا
وَنَستَولي عَلى العَقَباتِ إِلّا / كَمينَ الغَيبِ وَالقَدَرَ المُتاحا
وَمَن يَصبِر يَجِد طولَ التَمَنّي / عَلى الأَيّامِ قَد صارَ اِقتِراحا
وَأَيّامٍ كَأَجوافِ اللَيالي / فَقَدنَ النَجمَ وَالقَمَرَ اللِياحا
قَضَيناها حِيالَ الحَربِ نَخشى / بَقاءَ الرِقِّ أَو نَرجو السَراحا
تَرَكنَ الناسَ بِالوادي قُعوداً / مِنَ الإِعياءِ كَالإِبِلِ الرَزاحى
جُنودُ السِلمِ لا ظَفَرٌ جَزاهُم / بِما صَبَروا وَلا مَوتٌ أَراحا
وَلا تَلقى سِوى حَيٍّ كَمَيتٍ / وَمَنزوفٍ وَإِن لَم يُسقَ راحا
تَرى أَسرى وَما شَهِدوا قِتالاً / وَلا اِعتَقَلوا الأَسِنَّةَ وَالصِفاحا
وَجَرحى السَوطِ لا جَرحى المَواضي / بِما عَمِلَ الجَواسيسُ اِجتِراحا
صَباحُكَ كانَ إِقبالاً وَسَعداً / فَيا يَومَ الرِسالَةِ عِم صَباحا
وَما تَألوا نَهارَكَ ذِكرَياتٍ / وَلا بُرهانَ عِزَّتِكَ اِلتِماحا
تَكادُ حِلاكَ في صَفَحاتِ مِصرٍ / بِها التاريخُ يُفتَتَحُ اِفتِتاحا
جَلالُكَ عَن سَنا الأَضحى تَجَلّى / وَنورُكَ عَن هِلالِ الفِطرِ لاحا
هُما حَقٌّ وَأَنتَ مُلِئتَ حَقّاً / وَمَثَّلتَ الضَحِيَّةَ وَالسَماحا
بَعَثنا فيكَ هاروناً وَموسى / إِلى فِرعَونَ فَاِبتَدَأَ الكِفاحا
وَكانَ أَعَزَّ مِن روما سُيوفاً / وَأَطغى مِن قَياصِرِها رِماحا
يَكادُ مِنَ الفُتوحِ وَما سَقَتهُ / يَخالُ وَراءَ هَيكَلِهِ فِتاحا
وَرُدَّ المُسلِمونَ فَقيلَ خابوا / فَيا لَكِ خَيبَةً عادَت نِجاحا
أَثارَت وادِياً مِن غايَتَيهِ / وَلامَت فُرقَةً وَأَسَت جِراحا
وَشَدَّت مِن قُوى قَومٍ مِراضٍ / عَزائِمُهُم فَرَدَّتها صِحاحا
كَأَنَّ بِلالَ نودِيَ قُم فَأَذِّن / فَرَجَّ شِعابَ مَكَّةَ وَالبِطاحا
كَأَنَّ الناسَ في دينٍ جَديدٍ / عَلى جَنَباتِهِ اِستَبقوا الصِلاحا
وَقَد هانَت حَياتُهُمُ عَلَيهِم / وَكانوا بِالحَياةِ هُمُ الشِحاحا
فَتَسمَعُ في مَآتِمِهِم غِناءً / وَتَسمَعُ في وَلائِمِهِم نُواحا
حَوارِيّينَ أَوفَدنا ثِقاتٍ / إِذا تُرِكَ البَلاغُ لَهُمُ فِصاحا
فَكانوا الحَقَّ مُنقَبِضاً حَيِيّاً / تَحَدّى السَيفَ مُنصَلِتاً يَقاحا
لَهُم مِنّا بَراءَةُ أَهلِ بَدرٍ / فَلا إِثماً نَعُدُّ وَلا جُناحا
تَرى الشَحناءَ بَينَهُمو عِتاباً / وَتَحسَبُ جِدَّهُم فيها مُزاحا
جَعَلنا الخِلدَ مَنزِلَهُم وَزِدنا / عَلى الخُلدِ الثَناءَ وَالاِمتِداحا
يَميناً بِالَّتي يُسعى إِلَيها / غُدُوّاً بِالنَدامَةِ أَو رَواحا
وَتَعبَقُ في أُنوفِ الحَجِّ رُكناً / وَتَحتَ جِباهِهِم رَحباً وَساحا
وَبِالدُستورِ وَهوَ لَنا حَياةٌ / نَرى فيهِ السَلامَةَ وَالفَلاحا
أَخَذناهُ عَلى المُهَجِ الغَوالي / وَلَم نَأخُذهُ نَيلاً مُستَماحا
بَنَينا فيهِ مِن دَمعٍ رِواقاً / وَمِن دَمِ كُلِّ نابِتَةٍ جَناحا
لَما مَلَأَ الشَبابَ كَروحِ سَعدٍ / وَلا جَعَلَ الحَياةَ لَهُم طِماحا
سَلوا عَنهُ القَضِيَّةَ هَل حَماها / وَكانَ حِمى القَضِيَّةِ مُسَتباحا
وَهَل نَظَمَ الكُهولَ الصَيدَ صَفّاً / وَأَلَفَّ مِن تَجارِبِهِم رَداحا
هُوَ الشَيخُ الفَتِيُّ لَوِ اِستَراحَت / مِنَ الدَأبِ الكَواكِبُ ما اِستَراحا
وَلَيسَ بِذائِقِ النَومِ اِغتِباقاً / إِذا دارَ الرُقادُ وَلا اِصطِباحا
فَيا لَكَ ضَيغَماً سَهِرَ اللَيالي / وَناضَلَ دونَ غايَتِهِ وَلاحى
وَلا حَطَمَت لَكَ الأَيّامُ ناباً / وَلا غَضَّت لَكَ الدُنيا صِياحا
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما / وَكانَ إِلَيكَ مَرجِعُها قَديما
تَنَقَّل مِن يَدٍ لِيَدٍ كَريماً / كَروحِ اللَهِ إِذ خَلَفَ الكَليما
تَنحّى لِاِبنِ مَريَمَ حينَ جاءَ / وَخَلّى النَجمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ
ضِياءٌ لِلعُيونِ تَلا ضِياءً / يَفيضُ مَيامِناً وَهُدىً عَميما
كَذا أَنتُم بَني البَيتِ الكَريمِ / وَهَل مُتَجَزِّئٌ ضَوءُ النُجومِ
وَأَينَ الشُهبُ مِن شَرَفٍ صَميمِ / تَأَلَّقَ عِقدُهُ بِكُمو نَظيما
أَرى مُستَقبَلاً يَبدو عُجابا / وَعُنواناً يُكِنُّ لَنا كِتابا
وَكانَ مُحَمَّدٌ أَمَلاً شِهابا / وَكانَ اليَأسُ شَيطاناً رَجيما
وَأَشرَقَتِ الهَياكِلُ وَالمَباني / كَما كانَت وَأَزيَنَ في الزَمانِ
وَأَصبَحَ ما تُكِنُّ مِنَ المَعاني / عَلى الآفاقِ مَسطوراً رَقيما
سَأَلتُ فَقيلَ لي وَضَعَتهُ طِفلاً / وَهَذا عيدُهُ في مِصرَ يُجلى
فَقُلتُ كَذَلِكُم آنَستُ قَبلا / وَكانَ اللَهُ بِالنَجوى عَليما
بِمُنتَزَهِ الإِمارَةِ هَلَّ فَجرا / هِلالاً في مَنازِلِهِ أَغَرّا
فَباتَت مِصرُ حَولَ المَهدِ ثَغرا / وَباتَ الثَغرُ لِلدُنيا نَديما
لِجيلِكَ في غَدٍ جيلِ المَعالي / وَشَعبِ المَجدِ وَالهِمَمِ العَوالي
أَزُفُ نَوابِغَ الكَلِمِ الغَوالي / وَأَهدي حِكمَتي الشَعبَ الحَكيما
إِذا أَقبَلتَ يا زَمَن البَنينا / وَشَبّوا فيكَ وَاِجتازوا السِنينا
فَدُر مِن بَعدِنا لَهُمو يَمينا / وَكُن لِوُرودِكَ الماءَ الحَميما
وَيا جيلَ الأَميرِ إِذا نَشَأنا / وَشاءَ الجَدُّ أَن تُعطى وَشِئتا
فَخُذ سُبُلاً إِلى العَلياءِ شَتّى / وَخَلِّ دَليلَكَ الدينَ القَويما
وَضِنَّ بِهِ فَإِنَّ الخَيرَ فيهِ / وَخُذهُ مِنَ الكِتابِ وَما يَليهِ
وَلا تَأخُذهُ مِن شَفَتَي فَقيهِ / وَلا تَهجُر مَعَ الدينِ العُلوما
وَثِق بِالنَفسِ في كُلِّ الشُؤونِ / وَكُن مِمّا اِعتَقدتَ عَلى يَقينِ
كَأَنَّكَ مِن ضَميرِكَ عِندَ دينٍ / فَمِن شَرَفِ المَبادِئِ أَن تُقيما
وَإِن تَرُمِ المَظاهِرَ في الحَياةِ / فَرُمها بِاِجتِهادِكَ وَالثَباتِ
وَخُذها بِالمَساعي باهِراتِ / تُنافِسُ في جَلالَتِها النُجوما
وَإِن تَخرُج لِحَربٍ أَو سَلامِ / فَأَقدِم قَبلَ إِقدامِ الأَنامِ
وَكُن كَاللَيثِ يَأتي مِن أَمامِ / فَيَملَأُ كُلَّ ناطِقَةٍ وُجوما
وَكُن شَعبَ الخَصائِصِ وَالمَزايا / وَلا تَكُ ضائِعاً بَينَ البَرايا
وَكُن كَالنَحلِ وَالدُنيا الخَلايا / يَمُرُّ بِها وَلا يَمضي عَقيما
وَلا تَطمَح إِلى طَلَبِ المُحالِ / وَلا تَقنَع إِلى هَجرِ المَعالي
فَإِن أَبطَأنَ فَاِصبِر غَيرَ سالِ / كَصَبرِ الأَنبِياءِ لَها قَديما
وَلا تَقبَل لِغَيرِ اللَهِ حُكماً / وَلا تَحمِل لِغَيرِ الدَهرِ ظُلما
وَلا تَرضَ القَليلَ الدونَ قِسما / إِذا لَم تَقدِرِ الأَمرَ المَروما
وَلا تَيأَس وَلا تَكُ بِالضَجورِ / وَلا تَثِقَنَّ مِن مَجرى الأُمورِ
فَلَيسَ مَعَ الحَوادِثِ مِن قَديرِ / وَلا أَحَدٌ بِما تَأتي عَليما
وَفي الجُهّالِ لا تَضَعِ الرَجاءَ / كَوَضعِ الشَمسِ في الوَحَلِ الضِياءَ
يَضيعُ شُعاعُها فيهِ هَباءَ / وَكانَ الجَهلُ مَمقوتاً ذَميما
وَبالِغ في التَدَبُّرِ وَالتَحَرّي / وَلا تَعجَل وَثِق مِن كُلِّ أَمرِ
وَكُن كَالأُسدِ عِندَ الماءِ تَجري / وَلَيسَت وُرَّداً حَتّى تَحوما
وَما الدُنيا بِمَثوىً لِلعِبادِ / فَكُن ضَيفَ الرِعايَةِ وَالوِدادِ
وَلا تَستَكثِرَنَّ مِنَ الأَعادي / فَشَرُّ الناسِ أَكثَرُهُم خُصوما
وَلا تَجعَل تَوَدُّدُكَ اِبتِذالاً / وَلا تَسمَح بِحِلمِكَ أَن يُذالا
وَكُن ما بَينَ ذاكَ وَذاكَ حالا / فَلَن تُرضي العَدُوَّ وَلا الحَميما
وَصَلِّ صَلاةَ مَن يَرجو وَيَخشى / وَقَبلَ الصَومِ صُم عَن كُلِّ فَحشا
وَلا تَحسَب بِأَنَّ اللَهَ يُرشى / وَأَنَّ مُزَكّياً أَمِنَ الجَحيما
لِكُلِّ جَنىً زَكاةً في الحَياةِ / وَمَعنى البِرِّ في لَفظِ الزَكاةِ
وَما لِلَّهُ فينا مِن جُباةِ / وَلا هُوَ لِاِمرِئٍ زَكّى غَريما
فَإِن تَكُ عالِماً فَاِعمَل وَفَطِّن / وَإِن تَكُ حاكِماً فَاِعدِل وَأَحسِن
وَإِن تَكُ صانِعاً شَيئاً فَأَتقِن / وَكُن لِلفَرضِ بَعدَئِذٍ مُقيما
وَصُن لُغَةً يَحُقُّ لَها الصِيانُ / فَخَيرُ مَظاهِرِ الأُمِّ البَيانُ
وَكانَ الشَعبُ لَيسَ لَهُ لِسانُ / غَريباً في مَواطِنِهِ مَضيما
أَلَم تَرَها تُنالُ بِكُلِّ ضَيرٍ / وَكانَ الخَيرُ إِذ كانَت بِخَيرِ
أَيَنطِقُ في المَشارِقِ كُلُّ طَيرِ / وَيَبقى أَهلُها رَخَماً وَبوما
فَعَلِّمها صَغيرَكَ قَبلَ كُلِّ / وَدَع دَعوى تَمَدُّنِهِم وَخَلِّ
فَما بِالعِيِّ في الدُنيا التَحَلّي / وَلا خَرَسُ الفَتى فَضلاً عَظيما
وَخُذ لُغَةَ المُعاصِرِ فَهيَ دُنيا / وَلا تَجعَل لِسانَ الأَصلِ نَسيا
كَما نَقَلَ الغُرابُ فَضَلَّ مَشياً / وَما بَلَغَ الجَديدَ وَلا القَديما
لِجيلِكَ يَومَ نَشأَتِهِ مَقالي / فَأَمّا أَنتَ يا نَجلَ المَعالي
فَتَنظُرُ مِن أَبيكَ إِلى مِثالٍ / يُحَيِّرُ في الكَمالاتِ الفُهوما
نَصائِحُ ما أَرَدتُ بِها لِأَهدي / وَلا أَبغي بِها جَدواكَ بَعدي
وَلَكِنّي أُحِبُّ النَفعَ جَهدي / وَكانَ النَفعُ في الدُنيا لُزوما
فَإِن أُقرِئتَ يا مَولايَ شِعري / فَإِنَّ أَباكَ يَعرِفُهُ وَيَدري
وَجَدُّكَ كانَ شَأوي حينَ أَجري / فَأَصرَعُ في سَوابِقِها تَميما
بَنونا أَنتَ صُبحُهُمُ الأَجَلُّ / وَعَهدُكَ عِصمَةٌ لَهُمو وَظِلُّ
فَلِم لا نَرتَجيكَ لَهُم وَكُلٌّ / يَعيشُ بِأَن تَعيشَ وَأَن تَدوما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما / وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما
وَأَكرَمُ مِن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ / فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما
وَما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ / وَما يَجزيهُمو إِلى كَلاما
فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي / مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما
رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ / تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما
أَرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا / وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما
تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى / تَرَكتَ الجَيل في التاريخِ عاما
أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي / وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما
دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً / وَأَشرَفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما
وَقَفتَ بِهِ تُذَكِّرُهُ مُلوكاً / تَعَوَّدَ أَن يُلاقوهُ قِياما
وَكَم جَمَعَتهُمو حَربٌ فَكانوا / حَدائِدَها وَكانَ هُوَ الحُساما
كلام للبرية داميات / وَأَنتَ اليَومَ مَن ضَمَدَ الكلاما
فَلَمّا قُلتَ ما قَد قُلتَ عَنهُ / وَأَسمَعتَ المَمالِكَ وَالأَناما
تَساءَلَتِ البَرِيَّةُ وَهيَ كَلمى / أَحُبّاً كانَ ذاكَ أَمِ اِنتِقاما
وَأَنتَ أَجَلُّ أَن تُزري بِمَيتٍ / وَأَنتَ أَبَرُّ أَن تُؤذي عِظاما
فَلَو كانَ الدَوامُ نَصيبَ مَلكٍ / لَنالَ بِحَدِّ صارِمِهِ الدَواما
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ / وَحَلَّ سَماءَها البَدرُ التَمامُ
وَزارَ رِياضَ إِسماعيلَ غَيثٌ / كَوالِدِهِ لَهُ المِنَنُ الجِسامُ
ثَنى عِطفَيهِما الهَرَمانِ تيهاً / وَقالَ الثالِثُ الأَدنى سَلامُ
حَلُمّي مَنفُ هَذا تاجُ خوفو / كَقُرصِ الشَمسِ يَعرِفُهُ الأَنامُ
نَمَتهُ مِن بَني فِرعَونَ هامٌ / وَمِن خُلَفاءِ إِسماعيلَ هامُ
تَأَلَّقَ في سَمائِكِ عَبقَرِيّاً / عَلَيهِ جَلالَةٌ وَلَهُ وِسامُ
تَرَعرَعَتِ الحَضارَةُ في حُلاهُ / وَشَبَّ عَلى جَواهِرِهِ النِظامُ
وَنالَ الفَنُّ في أُولى اللَيالي / وَأُخراهُنَّ عِزّاً لا يُرامُ
مَشى في جيزَةِ الفُسطاطِ ظِلٌّ / كَظِلِّ النيلِ بُلَّ بِهِ الأُوامُ
إِذا ما مَسَّ تُرباً عادَ مِسكاً / وَنافَسَ تَحتَهُ الذَهَبَ الرَغامُ
وَإِن هُوَ حَلَّ أَرضاً قامَ فيها / جِدارٌ لِلحَضارَةِ أَو دِعامُ
فَمَدرَسَةٌ لِحَربِ الجَهلِ تُبنى / وَمُستَشفى يُذادُ بِهِ السَقامُ
وَدارٌ يُستَغاثُ بِها فَيَمضي / إِلى الإِسعافِ أَنجادٌ كِرامُ
أُساةُ جِراحَةٍ حيناً وَحيناً / مَيازيبٌ إِذا اِنفَجَرَ الضِرامُ
وَأَحواضٌ يُراضُ النيلُ فيها / وَكُلُّ نَجيبَةٍ وَلَها لِجامُ
فَقَوِّ حَضارَةَ الماضي بِأُخرى / لَها زَهوٌ بِعَصرِكَ وَاِتِّسامُ
تَرفُّ صَحائِفُ البَردِيِّ فيها / وَيَنطُقُ في هَياكِلِها الرُخامُ
رَعَتكَ وَوادِياً تَرعاهُ عَنّا / مِنَ الرَحمَنِ عَينٌ لا تَنامُ
فَإِن يَكُ تاجُ مِصرَ لَها قِواماً / فَمِصرُ لِتاجِها العالي قِوامُ
لِتَهنَأ مِصرُ وَليَهنَأ بَنوها / فَبَينَ الرَأسِ وَالجِسمِ اِلتِئامُ
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو / فَإِنَّكِ مِن عُكاظِ الشِعرِ ظِلُّ
عُكاظُ وَأَنتِ لِلبُلَغاءِ سوقٌ / عَلى جَنَباتِها رَحَلوا وَحَلّوا
وَيَنبوعٌ مِنَ الإِنشادِ صافِ / صَدى المُتَأَدِّبينَ بِهِ يُقَلُّ
وَمِضمارٌ يَسوقُ إِلى القَوافي / سَوابِقُها إِذا الشُعَراءُ قَلّوا
يَقولُ الشِعرَ قائِلُهُم رَصيناً / وَيُحسِنُ حينَ يُكثِرُ أَو يُقِلُّ
وَلَولا المُحسِنونَ بِكُلِّ أَرضِ / لَما سادَ الشُعوبُ وَلا اِستَقَلّوا
عَسى تَأتينَنا بِمُعَلَّقاتٍ / نَروحُ عَلى القَديمِ بِها نُدِلُّ
لَعَلَّ مَواهِباً خَفِيَت وَضاعَت / تُذاعُ عَلى يَدَيكِ وَتُستَغَلُّ
صَحائِفُكِ المُدَبَّجَةُ الحَواشي / رُبى الوَردِ المُفَتَّحِ أَو أَجَلُّ
رَياحينُ الرِياضِ يُمَلُّ مِنها / وَرَيحانُ القَرائِحِ لا يُمَلُّ
يُمَهِّدُ عَبقَرِيُّ الشِعرِ فيها / لِكُلِّ ذَخيرَةٍ فيها مَحَلُّ
وَلَيسَ الحَقُّ بِالمَنقوصِ فيها / وَلا الأَعراضُ فيها تُستَحَلُّ
وَلَيسَت بِالمَجالِ لِنَقدِ باغٍ / وَراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وَغِلُّ
عَلِيُّ لَوِ اِستَشَرتَ أَباكَ قَبلاً
عَلِيُّ لَوِ اِستَشَرتَ أَباكَ قَبلاً / فَإِنَّ الخَيرَ حَظُّ المُستَشيرِ
إِذاً لَعَلِمتَ أَنّا في غِناءٍ / وَإِن نَكُ مِن لِقائِكَ في سُرورِ
وَما ضِقنا بِمَقدَمِكَ المُفَدّى / وَلَكِن جِئتَ في الزَمَنِ الأَخيرِ
أَتَتني الصُحفُ عَنكَ مُخَبِّراتِ
أَتَتني الصُحفُ عَنكَ مُخَبِّراتِ / بِحادِثَةٍ وَلا كَالحادِثاتِ
بِخَطبِكَ في القِطارِ أَبا حُسَينٍ / وَلَيسَ مِنَ الخُطوبِ الهَيِّناتِ
أُصيبَ المَجدُ يَومَ أصِبتَ فيهِ / وَلَم تَخلُ الفَضيلَةُ مِن شُكاةِ
وَساءَ الناسُ أَن كَبَتِ المَعالي / وَأَزعَجَهُم عِثارُ المَكرُماتِ
وَلَستُ بِناسٍ الآدابَ لَمّا / تَراءَت رَبِّها مُتلَهِّفاتِ
وَكانَ الشِعرُ أَجزَعَها فُؤاداً / وَأَحرَصَها لَدَيكَ عَلى حَياةِ
هَجَرتَ القَولَ أَيّاماً قِصاراً / فَكانَت فَترَةً لِلمُعجِزاتِ
وَإِنَّ لَيالِياً أَمسَكتَ فيها / لَسودٌ لِليَراعِ وَلِلدَواةِ
فَقُل لي عَن رُضوضِكَ كَيفَ أَمسَت / فَقَلبي في رُضوضٍ مُؤلِماتِ
وَهَب لي مِنكَ خَطّاً أَو رَسولاً / يُبَلِّغُ عَنكَ كُلَّ الطَيِّباتِ
سَأَلتُكَ بِالوِدادِ أَبا حُسَينٍ
سَأَلتُكَ بِالوِدادِ أَبا حُسَينٍ / وَبِالذِمَمِ السَوالِفِ وَالعُهودِ
وَحُبٍّ كامِنٍ لَكَ في فُؤادي / وَآخَرَ في فُؤادِكَ لي أَكيدِ
أَحَقٌّ أَنَّ مَطوِيَّ اللَيالي / سَيُنشَرُ بَينَ أَحمَدَ وَالوَليدِ
وَأَنَّ مَناهِلاً كُنّا لَدَيها / سَتَدنو لِلتَأَنُّسِ وَالوُرودِ
قُدومُكَ في رُقِيِّكَ في نَصيبي / سُعودٌ في سُعودٍ في سُعودِ
وَفَدتَ عَلى رُبوعِكَ غِبَّ نَأيٍ / وَكُنتَ البَدرَ مَأمولَ الوُفودِ
لَئِن رَفَعوكَ مَنزِلَةً فَأَعلى / لَقَد خُلِقَ الأَهِلَّةُ لِلصُعودِ
وَأَقسِمُ ما لِرِفعَتِكَ اِنتِهاءُ / وَلا فيها اِحتِمالٌ لِلمَزيدِ
وَجَنّاتٍ مِنَ الأَشعارِ فيها
وَجَنّاتٍ مِنَ الأَشعارِ فيها / جَنىً لِلمُجتَني مِن كُلِّ ذَوقِ
تَأَمَّل كَم تَمَنّوها وَأَرِّخ / لِشَوقِيّاتِ أَحمَدَ أَيَّ شَوقِ
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً
سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً / أَتى يَوماً سُلَيمانا
يُجَرِّرُ دونَ وَفدِ الطَي / رِ أَذيالاً وَأَردانا
وَيُظهِرُ ريشَهُ طَوراً / وَيُخفي الريشَ أَحيانا
فَقالَ لَدَيَّ مَسأَلَةٌ / أَظُنُّ أَوانَها آنا
وَها قَد جِئتُ أَعرضُها / عَلى أَعتابِ مَولانا
أَلَستُ الرَوضَ بِالأَزها / رِ وَالأَنوارِ مُزدانا
أَلَم أَستَوفِ آيَ الظَر / فِ أَشكالاً وَأَلوانا
أَلَم أُصبِح بِبابِكُم / لِجَمعِ الطَيرِ سُلطانا
فَكَيفَ يَليقُ أَن أَبقى / وَقَومي الغُرُّ أَوثانا
فَحُسنُ الصَوتِ قَد أَمسى / نَصيبي مِنهُ حِرمانا
فَما تَيَّمتُ أَفئِدَةً / وَلا أَسكَرتُ آذانا
وَهَذي الطَيرُ أَحقَرها / يَزيدُ الصَبَّ أَشجانا
وَتَهتَزُّ المُلوكُ لَهُ / إِذا ما هَزَّ عيدانا
فَقالَ لَهُ سُلَيمانٌ / لَقَد كانَ الَّذي كانا
تَعالَت حِكمَةُ الباري / وَجَلَّ صَنيعُهُ شانا
لَقَد صَغَّرتَ يا مَغرو / رُ نُعمى اللَهِ كُفرانا
وَمُلكُ الطَيرِ لَم تَحفِل / بِهِ كِبراً وَطُغيانا
فَلَو أَصبَحتَ ذا صَوتٍ / لَما كَلَّمتَ إِنسانا
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا
بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا / فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً / أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا / فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ
أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ / وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ / وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ / بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
لَنا الهَرَمُ الَّذي صَحِبَ الزَمانا / وَمِن حدَثانِهِ أَخَذَ الأَمانا
وَنَحنُ بَنو السَنا العالي نَمانا / أَوائِلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُقِيّا
تَطاوَلَ عَهدُهُم عِزّاً وَفَخرا / فَلَمّا آلَ لِلتاريخِ ذُخرُ
نَشَأنا نَشأَةً في المَجدِ أُخرى / جَعَلنا الحَقَّ مَظهَرَها العَلِيّا
جَعَلنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ / وَأَلَفنا الصَليبَ عَلى الهِلالِ
وَأَقبَلنا كَصَفٍّ مِن عَوالِ / يُشَدُّ السَمهَرِيُّ السَمهَرِيّا
نَرومُ لِمِصرَ عِزّاً لا يُرامُ / يَرِفُّ عَلى جَوانِبِه السَلامُ
وَيَنعَمُ فيهِ جيرانٌ كِرامُ / فَلَن تَجِدَ النَزيلَ بِنا شَقِيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا / وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا / وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا
سَعَت لَكَ صورَتي وَأَتاكَ شَخصي
سَعَت لَكَ صورَتي وَأَتاكَ شَخصي / وَسارَ الظِلُّ نَحوَكَ وَالجِهاتُ
لِأَنَّ الروحَ عِندَكَ وَهيَ أَصلٌ / وَحَيثُ الأَصلُ تَسعى المُلحَقاتُ
وَهَبها صورَةً مِن غَيرِ روح / أَلَيسَ مِنَ القَبولِ لَها حَياةُ
رضاكم بالعلاقة لي كفيل
رضاكم بالعلاقة لي كفيل / وقربكم الزمان وما ينيل
هجرتم فاحتملت لكم فعدتم / وشحناء المحبة لا تطول
وما جاملتموا أهلا ولكن / ذهبتم مذهبا وهو الجميل
وكنت إذا التمست لكم بديلا / أعاتبكم به عز البديل
حفظت الودّ والودّ انتقال / وإن الحافظين له قليل
وبت أصون في الحب اعتقادي / ورأى لا تغيره أصيل
فيا كتبي أياديك الأيادي / ويا رسلي جميلكم الجميل
ويا أملي سأذكر طول أنسى / بوجهك حين أوحشني الخليل
ويا دهري شكرت وكان منى / لما قد مر نسيان طويل
ويا عصري و للممدوح تنمى / لك الغرر السنية والحجول
أرى سبل الرجاء إليه شتى / ولكن خيرها هذا السبيل
أمهما قام عزمك أو تصدى / دنا الأقصى ودان المستحيل
وتعلم أن بالحساد داء / وأن شفاءهم في أن يقولوا
تزينت المنازل واستعدّت / فأهلا أيها القمر الجليل
تودّ العين لو زيدت سوادا / وأنك في سوادَيها نزيل
هرعنا والقلوب يثبن وثبا / وللعبرات بالبشرى مسيل
فهلل حيث كل العز يسعى / وحيث الفضل جملته يميل
ونبسط أيدى النجوى كأنا / سراة هزها النجم الدليل
ألا هل لي بلقياه يدانِ
ألا هل لي بلقياه يدانِ / حبيب شأنه عجب وشأني
إذا دنت الديار به فناء / وإن نأت الديار به فداني
يودّ الليل لو ندنو كلانا / ويدخر النهار لنا التهاني
وتأتي شقوتي بالذنب عندي / لها لا للزمان ولا المكان
تأمل في الوجود وكن لبيبا
تأمل في الوجود وكن لبيبا / وقم في العالمين فقل خطيبا
بفوز جنودنا الفوز العجيبا / بعيد الفتح قد أضحى قريبا
لقينا في الزريبة يوم نصر / كيوم التل في تاريخ مصر
يهيئ للبلاد جديد عصر / ويكفيها القلاقل والخطوبا
فقم من طول نومك والغرور / وخذ بالحزن أو خذ بالسرور
فعار صرف همك عن أمور / ستأخذ من عواقبها نصيبا
بعثنا للدراويش السرايا / تصب على رؤوسهم المنايا
فجاءهم عذاب الله آيا / كما قد جاء قبلهم الشعوبا
وكم من قبل قد عادوا وعدنا / وكم مال على هذا أبدنا
وجيش إثر جيش قد فقدنا / وكان القائد النحس الغريبا
إلى أن قد مضى زمن التخلى / وصار الجوّ أصلح للتجلى
قصدناهم على ذاك المحل / وكان الفخ مكسيم المذيبا
فما للقطر لا يغدو فخورا / ولندن لا تجاوبه سرورا
أرى الجيشين قد ظهرا ظهورا / على غنم الزريبة لن يريبا
وروتر من ذهول لا يخبى / يباهي الأرض في شرق وغرب
بمن يزجي الجيوش ومن يعبى / ومن يسترجع القطر الخصيبا
بسردار البلاد ولا أبالي / إذا ما قلت كتشنر المعالي
سقى السودان أى دم ومال / ولم يبرح بعلته طبيبا
لبثنا في التناوش نحو شهر / والاستطلاع من نهر لنهر
وأتياس الزريبة ليس تدرى / بأن قد حيرت أسدا وذيبا
ظنناها أعزّ من السحاب / وأمنع في الطوابي من عُقاب
فجئناها بألوية صعاب / وجندنا الجنود لها ضروبا
بسود كانت الوثبات منها / وبيض لا تسل في الحرب عنها
وحمر لاقت الأعداء وجها / فكانت سهم راميها المصيبا
طلعنا والصباح على الطوابي / بنار من جهنم لا تحابي
ملكنا منهم قمم الروابي / وماء النهر والغاب الرهيبا
رأونا قبل ما رأوا النهارا / فهبوا من مراقدهم حيارى
فكنا الموت وافاهم جهارا / وهبت ريحه فيهم هبوبا
رصاص لا يغيض ولا يغيب / بعيد في مقاصده قريب
كأن مسيله مطر يصوب / ولكن نقمة وردىً صبيبا
دككنا حصنهم حرقا وكسرا / وأفنيناهم قتلا وأسرا
أخذنا العرش من محمود قسرا / وقد بل الأمير العنقريبا
نعم فتح رعاه الله فتحا / وقتلى هم له ثمن وجرحى
ومال طائل أصلا وربحا / بذلناه ولم نخش الرقيبا
ولكن ما وراءك يا عصام / وبعد الحرب ما يأتي السلام
فليت هياكلا درست تقام / فأسألها وأطمع أن تجيبا
بلى إن الحقيقة قد تجلت / وإن تك بالزخارف قد تحلت
تولى عزنا الماضي وولت / بلاد الله سودانا ونوبا
فيا سردار مصر لك الأيادي / فأنت لها المعين على الأعادى
وكل الناس بل كل البلاد / لسان بالثناء غدا رطيبا
فخذ من مالها حتى الوجودا / وجنِّد كيفما شئت الجنودا
وأنَّى شئت ضع منها الحدودا / شمالا في البسيطة أو جنوبا
فها لَكَ في الحدود اليوم رجل / وفي الخرطوم أخرى سوف تعلو
لأن السعد للقدمين نعل / ومن ذا يغلب السعد الغلوبا
جلوسك أم سلام العالمينا
جلوسك أم سلام العالمينا / وتاجك أم هلال العز فينا
ملكت فكنت خير المالكينا / وأنت أجلهم دنيا ودينا
سرير لم يكن بالمطمئن / وملك غادروه بغير ركن
نهضت تقيم مائله وتبنى / فكنت الركن والسبب المتينا
وَلِيتَ الأمر أقدرَ من يليه / تخاف الله فيه وترتجيه
وتمحو آية العهد السفيه / وتجمع كلمة المتفرّقينا
بوقت فيه للمك انقلاب / وللعرش اهتزاز وأضطراب
فقمت فقرّ في يدك العباب / وأوشكت العواصف أن تدينا
بوقت فيه للأعدا دبيب / إذا ما راح ذيب جاء ذيب
لكل حزبه وبه يريب / وكنت لربك الحزب الأمينا
عداوات ينشن الملك لدًَّا / وأحزاب من الأتراك أعدى
تخذت البعض ضدا البعض جندا / فغال المفسدون المفسدينا
تغيرت الرجال فلا رجال / وزَيَّنَ للغَرورين الضلال
فراموا والذي راموا محال / ومن يرم المحال فلن يكونا
تمنوا للعدو كما تمنى / ولما يسألوا الأحياء عنا
فلا تتشبهوا يا قوم إنا / عرفنا مصر المتشبهينا
حجابك عند يلدزك الجلال / وأنت لها وللدنيا جمال
تنال الخافقين ولا تُنال / إذا قلبتَ في الأفق الجفونا
يرفِّعك المقام عن أبتذال / وعن عبث الحوادث والرجال
ومن يك ملكه حرب الليالي / يجد لصروفها وله شؤونا
تعالجهنِّ في سلم وحرب / وتلقاهنِّ في شرق وغرب
وتدفعهنّ من بعد وقرب / وتثنيهن حتى ينثنينا
وحيدا تستعان ولا تعان / كأنك في تفرّدك الزمان
ولكن أنت منه لنا أمان / وأكبر أن تخون وأن تمينا
تلذ بما يشقّ على العباد / وتنعم بانفرادك والسهاد
رويدا في جفونك والفؤاد / ومهلا يا أمير المؤمنينا
وقبلك لم يُنم عمرَ الأنام / وقد سهرت رعيته الكرام
وقومك عند مرقدهم نيام / فهل تحصى على القوم السنينا
تردّ على الليالي كل سهم / ولا يرددن سهمك حين ترمى
تجير على حوادثها وتحمى / ولا يحمين منك المحتمينا
وكم كرب كشفت وعظم هول / بفعل منك لم يسبق بقول
وأسطول رددت بغير حول / تشيِّعه الخلائق ساخرينا
جمعت الأمر حين الأمر فوضى / وشرَّفتَ اللواء وكان أرضا
وحصنت القرى طولا وعرضا / بآساد يهيبِّن العرينا
وكم لك من فيالق من طراز / غدوا خير الجنود لخير غاز
إذا زحموا الضياغم في مجاز / أبادوها وكانوا العابرينا
سلاح من سلاح الموت أمضى / إذا الإيمان يوم الروع أنضى
وبأس ينزل الأجبال أرضا / ويركبها إلى الهيجا متونا
نظمت الجيش بالقلم الحميد / كنظمي فيك أبيات النشيد
فإن فتشت عن بيت القصيد / قرأت الفتح والنصر المبينا
وفتح في العدوّ لنا جليل / شفعناه من الصفح الجميل
بأجمل منه من فعل الجميل / فكنا القادرين الصافحينا
بطشت فلم تدع لهمو وجودا / وكان البطش إشفاقا وجودا
صدقت قياصر العصر الوعودا / تريهم كيف عهد الظافرينا
وقائع في الزمان هي الجسام / إذا ذكرت لنا سأل الأنام
أجيش للخليفة أم غمام / أظلَّ تساليا سمحا هتونا
وقبل النصر نصر قد تجلى / عُلاً في العصر آثارا وجلّى
ظهرت على الحوادث وهي جُلى / وأكمدت العدا والشامتينا
تخبط قومه فيك الخطيب / يريبك في المجامع ما يريب
فما سمع الهلال ولا الصليب / بغيرك في عقاب المعتدينا
يزيد سفاهة فتزيد حلما / لأنت أجل أخلاقا وأسمى
فكنت لساكن البلقان سلما / وكان محرّك الشر الكمينا
كفيت الخلق نارا قد أثارا / وللشرف الرفيع أخذت ثارا
وقد يمحو بك الإسلام عارا / إذا الإسلام في يوم أُهينا
بحزم ليس من قال وقيل / وعز ليس بالرجل العليل
وبطش من يدَى سمح منيل / كريم معرق في الأكرمينا
أسود الترك هبى ثم هبى / وهزى الأرض في شرق وغرب
بمن يزجي الجيوش ومن يعبى / ومن يحمى المواقع والحصونا
وحيِّى من أقامك يا قلاع / ومن لك تحت رايته أمتناع
فليس كهذه بشرى تذاع / ولا كجلوس ربك تعلنينا
أشيري يا أرامل للسماء / ويا أيتام ضجوا بالدعاء
ويا شهداء ناجوا بالبقاء / إذا سُمع الملائك هاتفينا
إذا شاقتكم الأوطان يوما / أو أشتقتم بها أهلا وقوما
فناموا في أمان الله نوما / فكل عند خير الكافلينا
أربَّ العيد هذا العيد يُجلَى / وكم لك من دعاء فيه يتلى
ولكن شاعر الإسلام أعلى / وأوقع في نفوس المسلمينا
لقد بيضت للملك الليالي / فليل الملك بالزينات حالي
وكم لك في القلوب من احتفال / يكاد الجسم عنه أن يبينا
وهذى مصر باسطة اليدين / تؤدّى من ولائك خير دين
وتلحظ عيدك الأسنى بعين / تفاجى بالهوى تلك العيونا
فهل عند الإمام لها قبول / وهل نحو الإمام لها وصول
فتشكو من جراح ما تزول / وكيف يزول ما بلغ الوتينا
أتتك تغض من طرف الحياء / تتوب إليك من ماضي الرياء
وتبسط في ثراك يد الرجاء / وتُلقى فيه آمال البنينا
فقابلها بعطفك والنوال / وأنزلها بسوحك والظلال
أدام الله ذاتك للمعالي / وأيَّد تاجها ورعى الجبينا
سلام الله لا أرضى سلامي
سلام الله لا أرضى سلامي / فكل تحية دون المقام
وعين من رسول الله ترعى / وتحرس حامل الأمر الجُسام
وتنَجد مقلة في الله يقظى / وتخلفها على أمم نيام
تقلَّب في ليال من خطوب / تركن المسلمين بلا سلام
ومن عجبٍ قيامك في الليالي / وأنت الشمس في نظر الأنام
أحب خليفة الرحمن جهدي / وحب الله في حب الإمام
وأجعل عصره عنوان شعري / وحسن العقد يظهر في النظام
فإن نفت الموانع فيه حظى / فليس بفائت حظ الكلام
وقد يُرعى الغمام الأرض أذنا / وأين الأرض من سمع الغمام
إلى ابن محمد أهدي كتابي
إلى ابن محمد أهدي كتابي / وقد يُهدَى القليل إلى الكريم
وما أهدى له إلا فؤادي / وما بين الفؤاد من الصميم
وغرس طفولتي وجَنَى شبابي / وما أوعيت من وحي قديم
وما حاولت من عصر عظيم / من الآداب للوطن العظيم
وكان محمد أوفى وأرعى / لهذا الدرّ من واعي اليتيم
وإن الشعر ريحان الموالي / وراحة كل ذى ذوق سليم
وما شرب الملوك ولا استعادوا / كهذى الكأس من هذا النديم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025