المجموع : 41
رَضِيتُ بحكم سابقَةِ القضاءِ
رَضِيتُ بحكم سابقَةِ القضاءِ / وإن أَضحتْ تُكَدِّر صَفْوَ مائي
وهل يسطيع أهلُ الأرضِ حَلاَّ / لِعَقْدِ شُدَّ من فوق السماء
إلى كَمْ تهدِم الأحداثُ ركْنِي / وتَرْميني بجوْرٍ واعتداء
يُعاقِبُني الزمانُ بغير ذنبٍ / وتخذُلني يَدي وذوو اصطفائي
ويَسْعَى بي لمن لو جاء ساعٍ / به عندي لخُضِّبَ بالدماء
حياتي بين واشٍ أو حَسُودٍ / وساعٍ بي يُسَرُّ بطول دائي
فإنْ وشَّى عليّ الزُّورَ باغٍ / فَصبْراً للمَقادِرِ والقضاء
وما أنا يا أبا المنصور إلاّ / كما تُدْرِي على مَحْضِ الوفاء
أتعلَمُ كيف كان لك انعطافي / وكيف رأيتَ قِدْماً فيك رائي
أحين ملكتَني والناسَ طرَّاً / ورُحْتَ خليفة في ذا الفضاء
وحين رجوتُ نَصْرُك لي فإنِّي / بمُلْكِكَ بالغٌ أقصى رجائي
يجيئك مُبْغضٌ لي ساعياً بي / يرومُ لديك نَقْصِي في خَفاء
فيثِلبُني ويَرْجِعُ سالمِاً لم / تَهِجْك عليه أسبابُ الإخاء
وإن تَكُ ما قَبِلتَ له مقالاً / فحقُّك رَمْيُه بيد البلاء
وقد بلَّغتني أمَلي فتمِّمْ / تَتمَّ لك السلامةُ في البقاء
ولا تَشْغَلْ ضميري باستماعٍ / لواشٍ فيّ مهدوم البِناء
فقد طيّبتَ عيشي في سرورٍ / وقد أنعمتَ بالي في رخاء
وعيشي زائدٌ طِيباً إذا لم / يُكِّدْره لديك بنو الزِّناء
حَشَوْا بفراقهم ناراً حَشَاهُ
حَشَوْا بفراقهم ناراً حَشَاهُ / فأخلَوْا مُقْلَتَيْهِ من كَراهُ
لعلّ البينَ أن يُبْلَى ببينٍ / فما للعاشقين ضنىً سواه
حبيبٌ وصلُه للبين وقْفٌ / ولى فيضُ الدّموع على نَواه
براه الله من نُورٍ وماءٍ / فلولا ثوبُه انحلّت قُواهُ
تَعيب الوَرْدَ حمرةُ وجنتيْه / وتلعَب بالقرائح مُقلتاه
تَبَسَّم عن حَصَى بَرَدٍ ولكن / جنيتُ الجمر صرفاً من جَناه
يغيِّرني ويُبليني التّنائي / وليس يَحول عن قلبي هواه
ومن طول المَواعد ليس سُؤْلي / وحظّي منه إلاّ أن أراه
تمتَّعْ بالمَسَرَّةِ والشبابِ
تمتَّعْ بالمَسَرَّةِ والشبابِ / فقد بَرز الرَّبيع من الحجاب
فحُّبك والزمانُ وأنت فيه / شبابٌ في شباب في شباب
فحَيِّ على المُدام بكفّ ساقٍ / يُدير الخمرَ من بَرَدٍ عِذَاب
يُدير بِريقِه ويديه خَمْراً / شرابٌ في شَراب في شَراب
كأنّ يديه حاكت وجنَتيْه / بنارٍ يَصْطَلي منها لُهاب
يَداه ثم وجنتُه وقلبي / شِهابٌ في شهاب في شِهابِ
إذا ما أكثر العُذَّالُ فيه / وزاد عليّ ترديدُ العتاب
عداوتُهم وعذلُهمُ جميعاً / سَرابٌ في سَرابِ في سَراب
لعَمْرُك إنما الدنيا عَروسٌ / جَلاها الغيثُ من تحت النِّقاب
بَنَفْسَجُها ونَرْجسُها ووَرْدٌ / خِضابٌ في خضاب في خِضاب
فأَهْرِقْ من دم الإبريق راحاً / فإنّ الغيث ممنوعُ السَّحاب
فإبرِيقي وكأسي والغوادي / سحابٌ في سَحابٍ في سَحابٍ
فتَمَّ الشرب إنّ الصحَو عزمٌ / وللنَّيْروز حظٌ في الشَّراب
فرأيُك ثم شُرْبُك والغواني / صوابٌ في صوابٍ في صواب
أَدِرْ فَلَك المُدام وخلِّ عَتْبي
أَدِرْ فَلَك المُدام وخلِّ عَتْبي / ودونك فاسِقينها واسْقِ صحبي
فإنّ اليوم يومَ نَدًى وطَلّ / ويوم حَياً وتُوْكافٍ وسكْب
كأنّ الغيم بان له حبيبٌ / فأقبل باكياً بجفون صبّ
وقد نَضَحَ النَّسيم بماء ورد / ومدّ على الهواء رداءَ سُحْبِ
فلو أبصرته طَشّاً ورشّاً / إذاً لرقصتَ من طرب وعُجْب
كأنّ الشمس فيه عروس حَوْفٍ / تُزَفّ إليهم في ثوب شَرْب
فديْتُكِ أين ما قد كنت قُلْتي
فديْتُكِ أين ما قد كنت قُلْتي / أَحُلْني عن مودّتنا وزُلْتي
فما بك أنّ لي ذنباً ولكن / أظنّك بعد ودّك لي نَدِمْت
كأنّ البركة الغَنَّا إذا ما
كأنّ البركة الغَنَّا إذا ما / غدَتْ بالماء مفعمةً تموجُ
وقد لاح الضُّحى مِرآةُ فَيْن / قد انصقلَت ومَقْبِضُها الخليجُ
تُرى قمرَ الدّجى قمراً حدَاه / طلوعاً ما له فيها بُروج
فلا تَعْصِ الصِّبا في لُبْس لَهْو / فإنّ الدهر ذو شَغَبٍ لجوجُ
ألا أيّها الطيرُ الموافي
ألا أيّها الطيرُ الموافي / لقد أطلقتَ من فكري سَراحي
تذكّرت الزمان وما دهاني / به من حادث القَدَر المُتاح
فلما غاب في التِّذْكار فهمي / وحسّي حيث تَصْفِق بالجَناحِ
فطيِّر حسّ ريشك سُكْرِ حِسّي / كنَوْمانٍ يُنَبَّه بالصِّياح
تَروح بروضة أنفُ وتَضْحي / وإلفُك حاضرٌ وهواك صاحي
ولو لاقيتَ ما ألقى لضاقتْ / عليك مَوارِدُ البِيد الفِساحِ
لعلّ الله يَفْرِج ما ألاقي / ويأخذ للمِراض من الصِّحاح
بعثتُ بساكناتٍ طائراتٍ
بعثتُ بساكناتٍ طائراتٍ / تفوت اللَّحظَ وهي بلا جَناح
تطيرُ إذا المجاديفُ استُحِثَّتْ / بها طيرانَ أجنحة الرِّياح
كأنّ سوادَها في الماء يَحْكي / سوادَ الأعين النُّجل المِلاح
كأنّ مرورَها شَدَّا وعَدْواً / مرورُ يديك في بَذْل السَّماح
ولو أنّي استطعتُ بعثتُ رُوحي / تَقِيك وقايةَ القدَر المُتاح
مَزجتُ بصفو ودّك صفَو ودِّي / فقلبي منه دهري غير صاح
لأنّك إن نَبا سيفي حسامي / وأنتَ إذا دجا ليلي صباحي
عليك صلاةُ رِّبك من إمام / مَطِير الجُود مَيْسور النِّجاح
كتبتُ ولو قَدَرْتُ بقدر شوقي
كتبتُ ولو قَدَرْتُ بقدر شوقي / لأفنيتُ القراطِسَ والمِدادا
ولكنّي اقتصرتُ على سلامٍ / يذكّرك الولايَة والودادا
ولمَّا فاح لي نَشْرٌ ذَكِيٌّ
ولمَّا فاح لي نَشْرٌ ذَكِيٌّ / من الخَوْخ المشَّبِه بالخدودِ
ذكرتُ به ثناياها ولكن / ثناياها لها فضلُ المزيد
كأنّ الأرض مِسْكٌ أو عَبِير / إذا أومَتْ إليها بالسجود
كأن لسانها ألِفٌ ولام / فما يَقْوَى على غير الصدود
فتاة لفظها نَيْلُ الأماني / وبَرْد وصالها دارُ الخُلود
لِيَهْنِ المُلْكَ مالِكُه الجديدُ
لِيَهْنِ المُلْكَ مالِكُه الجديدُ / ووارِثُه وإن رَغِمَ الحَسودُ
أتيتَ به أبا المنصور فَرْدا / تُنِير به الليالي وهي سود
يلوح عليه منك هُدىً وفَضْل / ويظهر فيه منك حِجاً وجود
حكاك كما حكيت أباكَ شِبْها / كذاكَ الأُسْدُ أشْبُلُها الأسود
ولدتَ الشمسَ يا صبحَ المعالي / فأَنجَبَ والدٌ ونما وليدُ
فأفْنيةُ الزمان به مِلاَءٌ / وكوكبها بأسْعُده سعيد
وَليدٌ كانتِ الدنيا ترجِّي / وِلادتَه وترقُبُه السعود
تباشرت الليالي والمعالي / بمولده وجُدِّدت العُهُود
وكم رَصَدته آمالُ البرايا / حوافلَ قبلَ يُظْهِره الوجودُ
وكم هتفت به رُهُنُ الأماني / لُطْلِقها ونادته الوفود
وكم رَجَتِ الخلافةُ أن تراه / كما يرجو أحِبَّتَه العمِيد
إلى أن تَمَّ أمرُ الله فيه / ولاح السعدُ واقترب البعيد
فألقتْ حَمْلَها الدنيا تماما / به ولكّل حاملةٍ حُدُود
وأعطِيتِ الخلافة ما تمنَّتْ / به والله يفعل ما يريد
وأُطلِع بدرُها وعلا ضُحاها / وأسفر صُبْحُها ونأى الهجود
وقرّ الملك واتَّطَدَتْ بُناه / فأمكنه التزيُّد والصعود
وعزَّ الحقّ وارتفعتْ قَنَاه / وجَدّ الوعد واشتّد الوعيد
فكيف إذا نما واشتد حتى / تَتمَّ به المصادرُ والورود
وقاد الخيلَ واعتقل العوالي / وخافته التهائم والنُّجُود
وشنّ على العِدَا من كلّ فَجّ / كتائبَ لاتُحَاد ولا تحِيدُ
على قُبٍّ سوابقَ طاوياتٍ / أياطِلَها كما تُطْوَى الْبُرُودُ
فعُمِّر عُمْر باقيةِ الليالي / تواصِلُه السلامة والخلود
يُصَرف أمره قبضا وبسطا / يُشَدّ الحلّ فيه والعقود
ويُرضِي الدّينَ والدنيا جميعاً / وتُمْحَى في القلوب به الحُقُود
عزِيزِيٌّ نِزارِيٌّ مليكٌ / له الدنيا ومَن فيها عبيد
فآيات القُرَانِ له تُرَاثٌ / أبناء النبيّ له جُدُود
نَمَا بين المكارم والمعالي / فطارِفُها له وله التليد
فَهنَّاك الإله به العطايا / وإن رغَم المُعَادِي والحَقُود
وقابل نجمَك الإسعادُ فيه / وشدّ بقاءَ نُعماك المزيد
فأنت أعزُّ مَنْ مَلَك البرايا / ومن خَفَقتْ بنُصْرته البُنُود
عليك صلاة ربك ما أَضاءت / بَوارِقُ مُزْنةٍ وأخضرَّ عود
فلو كان الشباب يباع بَيْعاً
فلو كان الشباب يباع بَيْعاً / لأَعطيتُ المبايِعَ ما يريدُ
ولكنّ الشباب إذا تولَّى / على شَرَفٍ فمطلَبه بعيدُ
فمن لم يتَّرِك وقتاً لوقت / وفاز بلّذَةٍ فهوَ السعيدُ
حشَتْ بالكحْل عينيها وبانت
حشَتْ بالكحْل عينيها وبانت / غداة غدت بها العِيسُ الشدادُ
فقلت لها اكْحُلٌ وافتراق / كأنكِ لم يروِّعْكِ البَعاد
فقالت كي تحوِّلَه دموعي / فيغدو وهْو في خدّي حِداد
ألست ترى سحاب اللَّهو يَهْمِي
ألست ترى سحاب اللَّهو يَهْمِي / على اللَّذّات أمطارَ السرورِ
وَرجُع الزَّمْر يشكو ما أُلاقي / إلى الأوتار من ألم الزفير
وصوتُ الطبل بينهما ينادي / ألا هُبُّوا إلى شرب الكبير
فيا لكِ من مشاهدة تجلَّى / بظاهر حسنها همُّ الصدور
ولولا أن في الشرر انتقاضاً / لقلت كأنه وَهَجُ الضمير
هنَاك خليفة الله السرورُ
هنَاك خليفة الله السرورُ / وما جاءت إليك به الدهورُ
وفَتْحٌ جلَّ موقِعُه إلى أن / تعاظم أن يُقاس به نظير
غدت تُرْكُ العراق لديه أَسَرْى / ودَيْلمُهَا بعفوك تستجير
وقد طارت قلوبهمُ خُفُوقاً / إلى أن لم تَحصِّنها الصدور
أثَرْتَ عليهمُ بالشام حربا / تَضعضَع بالعراق لها السَّريرُ
ودان بها لك العاصي وألقتْ / أزِمَّتها لكفِّيك الأمور
فأنت لسان فخر بني عليّ / وبدر ملوكها التمُّ المنير
أميرَ المؤمنين أنا لِرَبِّي / على ما قد حباك به شَكور
أقرّ لوجهكِ القمر المنيرُ
أقرّ لوجهكِ القمر المنيرُ / وذلَّ لقدّك الغصن النضيرُ
وما يحكيك في عينيك حسناً / ولا في جيدك الظبي الغرِير
تبارك مَن براكِ بلا شبيهٍ / فتاةً جسمها ماء ونور
وراحٍ تخضِب الراحاتِ وَرْساً
وراحٍ تخضِب الراحاتِ وَرْساً / وتفتِق طَيْلَسان الليل نُورا
كأن الماء يُطربها فتُبدِي / إذا مُزِجت به دُرًّا نثيرا
تغيظُ الغانيات إذا تبدّت / وتُحدِث في قُوَاهنّ الفتورا
تُشَبَّه بالخدود الحُمْر لوناً / وأشبه فوقها الحَبَبُ الثغورا
وكانت قهوة صِرْفاً فلمّا / أداروها سقوناها سرورا
عُقاراً حِلْمُها سفهاً علينا / يعود وعَدْلُها في أن تجورا
ولولا أُنس نَدْماني عليها / وإسكاري بها الرَّشَأَ الغَرِيرا
إذاً لتركتُها لِسواي كُرْهاً / لها ومَنعت كأسي أن تدورا
ولم أر مثلها أنْفَى لهمّ / إذا شُربت ولا أحلى شذورا
تعيد الصعب بالنَشوات سهلاً / وتُغني بالمُنَى الرجل الفقيرا
وتُكْبر نفس شارِبها ارتياحا / فيحسب أنه أضحى أميرا
أَديراها عليّ ولا تخافا / إلهاً في إداراتها غَفُورا
فقد حَسَر الصِبَا عن ساعديه / وناغي بَمُّنَا مَثْنىً وزِيرا
وعاد الدّهر بالإحسان لمّا / رمى فأصاب حادثُه الوزيرا
فما آسَى من الحَدَثان إلاّ / على عُمْر مُنِحناه قصيرا
سلام اللهِ والنعماء تَتْرَى
سلام اللهِ والنعماء تَتْرَى / ووافدة السرور على نزار
على المرضِي العلا قولاً وفعلاً / وكاشف غُمَّة الكُرَب الكِبار
إذا ما نحن زُرْناه فإنا / نزورُ نَدىً يَزيدُ على البحار
أتَاحَ لمقلتي السَّهَرَا
أتَاحَ لمقلتي السَّهَرَا / وجارَ عليّ واقتَدَرَا
غزالٌ لو جرى نَفسي / عليه لذاب وانفَطَرا
ولكن عينُه حشدت / ليّ الغُنْجَ والحَوَرا
ومحمد أودى به قمرٌ / فكيف يعاقِب القمرا
وباكيةٍ متَوَّجةٍ بنارِ
وباكيةٍ متَوَّجةٍ بنارِ / كأنّ دموعَها حَبَبُ العُقَارِ
إذا ما تُوِّجت في دار قوم / رأيتَ الليلَ منها كالنهار
فتاة عمُرها عمرٌ قصير / ولكنْ نفْعها نفع الكبارِ