القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الخَيّاط الكل
المجموع : 25
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا / فَقُدْها شُزَّباً قُبّاً تَبَارى
كَأَنَّ أَهِلَّةً قَذَفَتْ نُجُوماً / إِذا قَدَحَتْ سَنابِكُها شَرارا
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الْجُرْدَ المَذَاكي / كَمَنْ جَعَلَ الطِّرادَ لَها ضِمارا
كَأَنَّ اللَّيْلَ مَوْتُورٌ حَرِيبٌ / يحاوِلُ عِنْدَ ضَوْءِ الصُّبْحِ ثَارا
فَلَيْسَ يَحِيدُ عَنْها مُسْتَجِيشا / عَلَى الإِصْباحِ عِثْيَرَها الْمُثارا
أَخَذْنَ بِثَأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً / مَدَدْنَ عَلَى الصَّبَاحِ بِهِ إِزارا
وَقَدْ هَبَّتْ سُيُوفُكَ لامِعَاتٍ / تُفَرِّقُ في دُجُنَّتِهِ نَهارا
أَمَا وَالسَّابِقاتِ لَقَدْ أَبَاحَتْ / لَكَ الشَّرَفَ الْمُمَنَّعَ وَالْفَخَارا
فَزُرْ حَلَباً بِكُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ / فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزَار
وَكَلِّفْ رَدَّها إِنْ شِئْتَ قَسْراً / عَزائِمَ تَسْتَرِدُّ الْمُسْتَعارا
فَأَجْدِرْ بِالْممَالِكِ أَنْ تَراها / لِمَنْ كانَتْ مَمَالِكَهُ مِرارا
وَإِنْ وَلَدَتْ لَكَ الآمالُ حَظَّاً / فَما زالَتْ مَواعِدُها عِشَارا
إِذا عَايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً / فَأَوْشِكْ أَنْ تُعايِنَ مِنْهُ نارا
وَيَأْبى اللهُ إِنْ أَبَتِ الأَعادي / لِنَاصِرِ دينِهِ إِلاَّ انْتِصارا
وَمَا كَبُرَتْ عَلَيْكَ أُمُورُ مَجْدٍ / إِذا أَصْدَقْتَها الْهِمَمَ الْكِبارا
وَمَا هِمَمُ الْفَتى إِلاَّ غُصُونٌ / تَكُونُ لَها مَطالِبُهُ ثِمارا
أَلَسْتَ ابْنَ الَّذي هَطَلَتْ يَداهُ / نَدىً سَرَفاً لِمَنْ نَطَقَ اخْتِصارا
وَأَعْطى الأَلْفَ لَمْ تُعْقَرْ بِنَقْصٍ / وَما غُنِّي وَلا شَرِبَ الْعُقارا
وَأَشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأَمَانِي / وَرَوَّى بَأُسُهُ الأَسَلَ الْحِرارا
وَقَادَ إِلى الأَعَادِي كُلَّ جَيْشٍ / تَقُودُ إِلَيْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا
وَلَوْ قُلْتُ ابْنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي / صِفَاتُ عُلاَكَ فَضْلاً وَاشْتِهار
وَهَلْ يَخْفَى عَلَى السَّارِينَ نَهْجٌ / إِذا ما الْبَدْرُ في الأُفُقِ اسْتَنارا
مِنَ الْقَوْمِ الأُولى جَادُوا سِرارا / وَعَادَوْا كُلَّ مَنْ عَادَوْا جِهارا
وَمَا كَتَمُوا النَّدى إِلاَّ لِيَخْفَى / وَيَأْبى الْغيْثُ أَنْ يَخْفى انْهِمارا
بُدُورُ الأَرْضِ ضَاحِيَةً عَلَيْها / وَأَطْيَبُ مَنْ ثَوى فِيها نُجِارا
إِذا ما زُلْزِلتْ كانوا جِبالاً / وَإِنْ هِيَ أَمْحَلَتْ كانوا بِحارا
وَأَنْتَ أَشَدُّهُمْ بَأْساً وَأَنْدَا / هُمُ كَفّاً وَأَكْثَرُهُمْ فَخارا
وَأَوْفَاهُمْ إِذا عَقَدُوا ذِماماً / وَأَحْمَاهُمْ إِذا حَامَوْا ذِمارا
وَأَمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَنَاباً / وَأَمْنعُهُمْ لِمَطْلُوبٍ جِوَارا
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً / فَلَوْ كَانَتْ يَداً كنْتَ السِّوَارا
يُضِيءُ جَبِينُكَ الْوَضَّاحُ فيها / إِذا ما الرَّكْبُ في الظُّلْمآءِ حَارا
فَما يدْرِي أَنَارُ قِراكَ لاَحَتْ / لَهُ أَمْ بَرْقٌ غَيْثِكَ قَدْ أَنَارا
تَمَلَّ أَبا الْقِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ / رَفَعْتُ بِهِ عَلَى الدُّنْيا مَنارا
ثَناءُ ما حَدَاهُ الْفِكْرُ إِلاَّ / أَقَامَ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ وَسَارا
إِذا أُثْنِي بِحَمْدِكَ قَالَ قَوْمٌ / بِحَقِّ الرَّوْضِ أَنْ حَمِدَ الْقُطارا
غَفَرْتُ ذُنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمّا / أَصارَ إِلَيَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا
وَرَدَّ لِيَ الصِّبا بِنَداكَ حَتّى / خَلَعْتُ لَدَيْهِ في اللَّهْوِ الْعِذارا
سَقَوْهُ كَأْسَ فُرْقَتِهِمْ دِهَاقا
سَقَوْهُ كَأْسَ فُرْقَتِهِمْ دِهَاقا / وَأَسْكَرَهُ الْوَدَاعُ فَما أَفَاقا
إِذا ما الْكَأْسُ لَمْ تَكُ كَأْسَ بَيْنٍ / فَلَيْسَتْ بِالْحَمِيمِ وَلاَ الْغَسَاقا
أَبى إِلاَّ افْتِرَاقا شَمْلُ صَبْرِي / وَدَمْعِي إِذْ نَأَوْا إِلاَّ افْتِراقا
رِفَاقٌ مَا ارْتَضَوا في السِّيْرِ إِلاَّ / قُلُوبَ الْعاشِقينَ لَهُمْ رِفَاقا
أَرائِقَةَ الْجَمَالِ وَلاَ جَميلٌ / أَرَاقَكِ أَنْ جَعَلْتِ دَمِي مُرَاقا
وَسِرْتِ فَلِمْ أَسَرْتِ فُؤَادَ حُرٍّ / حَلَلْتِ وَمَا حَلَلْتِ لَهُ وَثَاقا
تُعَيِّرُنِي بأَحْداثِ الْلَّيالِي / وَكَيْفَ يُدافِعُ الْبَدْرُ الْمِحاقا
شَبابٌ كانَ مُعْتَلاًّ فَوَلىَّ / وَصَدْرٌ كانَ مُتَّسِعاً فضَاقا
يُكَلِّفُنِي الزَّمَانُ مَدِيحَ قَوْمٍ / يَرَوْنَ كَسادَ ذِكْرِهِمُ نَفَاقا
وَمَنْ يَرْجُو مِنَ النَّارِ ارْتِواءً / كَمَنْ يَخْشى مِنَ الْمآءِ احْتِراقا
وَلَوْ أَنَّ الزَّمانَ أَرادَ حَمْلَ ال / م ذِي حُمِّلْتُ مِنْهُ مَا أَطَاقا
وَلي عَزْمٌ أَنَالُ بِهِ انْفِتاحاً / لِبابِ الْمَجْدِ إِنْ خِفْتُ انْغِلاقا
بَعَثْتُ بِهِ النِّياق وَقَدْ يُرَجِّي / أَنِيقَ الْعَيْشِ مَنْ بَعَثَ النِّياقا
سَريْتُ بِها وَحَظِّي ذُو سُبَاتٍ / وجئت أبا الفوارس فاستفاقا
سعى وسعى الملوك فكان / مَدىً وَأَشَدَّ في السَّعْيِ انْطِلاَقا
وَأَطْوَلَهُمْ لَدى الْعلْياءِ باعاً / وَأَثْبَتَهُمْ لَدى الْهَيْجآءِ سَاقا
يُطَبِّقُ غَيْثُهُ أَرْضَ الأَمَاني / وَيَسْمو سَعْدُهُ السَّبْعَ الطِّباقا
وَيَسْبِقُ عَزْمُهُ كَلْمَ اللَّيالِي / فَكَيْفَ يُحاوِلُونَ لَهُ سِباقا
وَمَنْ يطْلُبْ لِلَمْعِ الْبَرْقِ شَأْواً / يَجِدْهُ أَعزَّ مَطْلُوبٍ لَحاقا
وَمَا بِالْجَدِّ فَاقَ النَّاسَ صِيتاً / وَلكِنْ بِالنَّدى وَالْبَأْسِ فَاقا
وَمَنْ خَطَبَ الْمَعالِيَ بِالْعوَالِي / وَبِالْجَدْوى فَقدْ أَرْبى الصِّدَاقا
وإن طرق العدى لم يرض منهم / سوى هام الملوك له طراقا
وَقَدْ كَرِهَ التَّلاَقِيَ كُلُّ صَبٍّ / كَأَنَّ إِلي الفِراقِ بِهِ اشْتِيَاقا
وَشَدَّد بِالْخِناقِ عَلَى الأَعَادِي / فَتىً رَاخِى بِنَائِلِهِ الْخِنَاقا
تَلاَقَتْ عِنْدَكَ الآمالُ حَتّى / أَبى إِسْرَافُ جُودِكَ أَنْ يُلاَقا
وَأَقْبَلَ بِالْهَنَاءِ عَلَيْكَ عِيدٌ / حَدَاهُ إِلَيْكَ إِقْبالٌ وَسَاقا
فَسَرَّكَ وَهْوَ منْكَ أَسَرُّ قَلْباً / وَلاَ عَجَبٌ إِن الْمُشْتَاقُ شَاقا
وَمِثْلُكَ يَا مُحَّمدُ سَاقَ جَيْشاً / يُكَلِّفُ نَفْسَ رَائِيهِ السِّيَاقا
إذا الْخَيْلُ الْعِتَاقُ حَملْنَ هَمّاً / فَهَمُّكَ يَحْملُ الْخَيْلَ الْعِتَاقا
وَمَنْ عَشِقَ الدِّقاقَ السُّمْرَ يَوْماً / فإِنَّكَ تَعْشَقُ السُّمْرَ الْدَّقَاقا
وَتَخْتَرِمُ الْمُلُوكَ بِها اخْتِرَاماً / وَتَخْتَرِقُ الْعَجَاجَ بِها اخْتِرَاقا
يَسُرُّكَ أَنْ تُسَاقِي الْجَيْشَ كَأْساً / مِنَ الْحَرْبِ اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقا
وَأَشْجَعُ مَنْ رَأَيْنَاهُ شُجَاعٌ / يُلاقِيهِ السُّرُورُ بِأَنْ يُلاَقِي
وَمَا مَاءٌ لِذِي ظَمَإٍ زُلاَلٌ / بِأَعْذَب مِنْ خَلاَئِقِهِ مَذاقا
حَبَانِي جُودُهُ عَيْشاً كَأَنِّي / ظَفِرْتُ بِهِ مِنَ الدَّهْرِ استِرَاقا
فَأَيَّامِي بِهِ بِيضٌ يِقَاقٌ / وَكَانَتْ قَبْلَهُ سُوداً صِفَاقا
وطَوَّقَنِي ابْنُ مَالِكَ طَوْقَ مَنٍّ / فَصُغْتُ مِنَ الثَّناءِ لَهُ نِطَاقا
أَرَى الأَيَّامَ لاَ تُعْطِي كَرِيماً / بُلُوغَ مُرَادِهِ إِلاَّ فَوَاقا
فَلاَ عَاقَتْكَ عَنْ طَلَبِ الْمَعَالِي / إِذا الأَيَّامُ كَادَتْ أَنْ تُعَاقا
أُمَنِّي النَّفْسَ وَصْلاً مِنْ سُعَادِ
أُمَنِّي النَّفْسَ وَصْلاً مِنْ سُعَادِ / وَأَيْنَ مِنَ الْمُنى دَرَكُ الْمُرَادِ
وَكَيْفَ يَصِحُّ وَصْلٌ مِنْ خَليلٍ / إِذَا مَا كَانَ مُعْتَلَّ الْوِدَادِ
تَمَادى فِي الْقَطِيعَةِ لاَ لِجُرمٍ / وَأَجْفى الْهَاجِرِينَ ذَوُو التَّمادِي
يُفَرِّقُ بَيْنَ قَلْبِي وَالتَّأَسِّي / وَيَجْمَعُ بَيْنَ طَرْفِي وَالسُّهَادِ
وَلَوْ بَذَلَ الْيسِيرَ لَبَلَّ شَوْقي / وَقَدْ يَرْوى الظِّمَاءُ مِنَ الثِّمَادِ
أَمَلُّ مَخَافَةَ الإِمْلاَلِ قُرْبِي / وَبَعْضُ الْقُربِ أَجْلَبُ لِلْبِعَادِ
وَعِنْدِي لِلأَحِبَّةِ كُلُّ جَفْنٍ / طَلِيقِ الدِّمْعِ مَأْسُورِ الرُّقَادِ
فَلاَ تَغْرَ الْحَوَادِثُ بِي فَحَسْبِي / جَفَاؤُكُمُ مِنَ النُّوَبِ الشِّدَادِ
إِذَا مَا النَّارُ كَانَ لَها اضطِّرَامٌ / فَما الدَّاعِي إِلى قَدْحِ الزِّنادِ
أَرى الْبِيضَ الْحِدَادَ سَتَقْتَضِينِي / نُزُوعاً عَنْ هَوى الْبِيضِ الْخِرَادَ
فَمَا دَمْعِي عَلَى الأَطْلاَل وَقْفٌ / وَلاَ قَلْبي مَعَ الظُّعْنِ الْغَوَادِي
وَلا أَبْقى جَلاَلُ الْمُلْكِ يَوْماً / لِغَيْرِ هَوَاهُ حُكْماً في فُؤَادِي
أُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ مِنْهُ / وَأَعْشَقُ دَوْلَةَ الْمَلِكَ الْجَوَادِ
رَجَوْتُ فَما تَجَاوَزَهُ رَجائِي / وَكَانَ الْماءِ غَايَةَ كُلِّ صَادِ
إذَا مَا رُوِّضَتْ أَرْضِي وَساحَتْ / فَما مَعْنى انْتِجاعِي وَارْتِيادِي
كَفى بِنَدَى جَلالِ الْمُلْكِ غَيْثاً / إِذا نَزَحَتْ قَرَارَةُ كُلِّ وَادِ
أَمَلْنا أَيْنُقَ الآمَالِ مِنْهُ / إِلى كَنَفٍ خَصِيبِ الْمُسْتَرادِ
وَأَغْنَانا نَدَاهُ علَى افْتِقَارٍ / غَناءَ الْغَيْثِ في السَّنَةِ الْجَمادِ
فَمَنْ ذَا مُبْلِغُ الأَمْلاَكِ عَنَّا / وَسُوِّاسِ الْحَوَاضِرِ وَالْبَوادِي
بِأَنَّا قَدْ سَكَنَّا ظِلَّ مَلْكٍ / مَخُوفِ الْبَأْسِ مَرْجُوِّ الأَيَادِي
صَحِبْنَا عنْدَهُ الأَيَّامَ بِيضاً / وَقَدْ عُمَّ الزَّمَانُ مِنَ الْسَّوَادِ
وَأَدْرَكْنَا بِعَدْلٍ مِنْ عَلِيٍّ / صَلاَحَ الْعَيْشِ فِي دَهْرِ الْفسَادِ
فَما نَخْشى مُحَارَبَةَ اللَّيَالِي / وَلاَ نَرْجُو مُسَالَمَةَ الأَعَادِي
فَقُولاَ لِلْمُعانِدِ وَهْوَ أَشْقَى / بِمَا تَحْبُوهُ عَاقِبَةُ الْعِنَادِ
رُوَيْدَكَ مِنْ عَدَاوَتِنَا سَتُرْدِي / نَوَاجِذَ مَاضِغِ الصُّمِّ الصِّلاَدِ
وَلاَ تَحْمِلْ عَلَى الأَيَّامِ سَيْفاً / فَإِنَّ الدِّهْرَ يَقْطَعُ بِالنِّجادِ
فَأَمْنَعُ مِنْكَ جَاراً قَدْ رمَيْنَا / كَرِيمَتَهُ بِداهِيَةٍ نَآدِ
وَمَنْ يَحْمِي الْوِهَادَ بِكُلِّ أَرْضٍ / إذا ما السيل طمم على النجاد
هو الراميك عن أمم وعرض / إِذا مَا الرَّأْيُ قَرْطَسَ في السَّدَادِ
وَمُطْلِعُها عَلَيْكَ مُسَوَّمَاتٍ / تَضِيقُ بِهَمِّها سَعَةُ الْبِلاَدِ
إِذَا مَا الطَّعْنُ أَنْحَلَها الْعَوَالِي / فَدى الأَعْجَازَ مِنْها بِالْهَوَادِي
فِدَآؤُكَ كُلُّ مَكْبُوتٍ مَغِيظٍ / يخافيك العداوة أو يبادي
فإنك ما بقيت لنا سليماً / فَما نَنْفَكُّ فِي عِيدٍ مُعَادِ
أَبُوكَ تَدَارَكَ الإِسلاَمَ لَمَّا / وَهَى أَوْ كَادَ يُؤْذِنُ بِانْهِدَادِ
سَخَا بِالنَّفْسِ شُحّاً بِالْمَعَالِي / وَجَاهَدَ بِالطَّرِيفِ وَبِالتِّلاَدِ
كَيَوْمِكَ إِذْ دَمُ الأَعْلاَجِ بَحْرٌ / يُرِيكَ الْبَحْرَ فِي حُلَلٍ وِرَادِ
عَزَائِمُكَ الْعَوَائِدُ سِرْنَ فِيهِمْ / بِمَا سَنَّتْ عَزَائِمُهُ الْبَوَادِي
وَهذا الْمَجْدُ مِنْ تِلْكَ الْمَسَاعِي / وَهذا الْغَيْثُ مِنْ تِلْكَ الْغَوَادِي
وَأَنْتُمْ أَهْلُ مَعْدِلَةٍ سَبَقْتُمْ / إِلى أَمَدِ الْعُلى سَبْقَ الْجِيَادِ
رَعى مِنْكَ الرَّعِيَّةَ خَيْرُ رَاعٍ / كَرِيمِ الذَّبِّ عَنْهُمْ وَالذِّيَادِ
تَقَيْتَ اللهَ حَقَّ تُقَاهُ فِيهِمْ / وَتَقْوى اللهِ مِنْ خَيْرِ الْعَتَادِ
كَأَنَّكَ لاَ تَرى فِعْلاً شَرِيفاً / سِوى مَا كَان ذُخْراً لِلْمَعادِ
مَكَارِمُ بَعْضُها فِيهِ دَلِيلُ / عَلَى ما فِيكَ مِنْ كَرَمِ الْوِلاَدِ
هَجَرْتَ لَها شَغَفاً وَوَجْداً / وَكُلُّ أَخِي هَوىً قَلِقُ الْوِسَادِ
غَنِيتُ بِسَيْبِكَ الْمَرْجُوِّ عَنْهُ / كَمَا يَغْنى الْخَصِيبُ عَنِ الْعِهَادِ
وَرَوَّانِي سَمَاحُكَ مَا بَدَالِي / فَمَا أَرْتَاحُ لِلْعَذْبِ الْبُرادِ
إِذَا نَفَقَ الثَّناءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ / فَلَسْتُ بِخَائِفٍ فِيهَا كَسادِي
فَلاَ تَزَلِ اللَّيَالِي ضَامِنَاتٍ / بَقَاءَكَ مَا حَدَا الأَظْعَانَ حَادِ
ثَنائِي لاَ يُكَدِّرُهُ عِتَابي / وَقَوْلِي لاَ يَخَالِفُهُ اعْتِقَادِي
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عَلِيًّا
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عَلِيًّا / وَقاهُ اللهُ صَرْفَ النَّائِباتِ
مَقالاً لَمْ يكُنْ وَأَبِيكَ مَيْناً / وَلمْ أَسْلُكْ بِهِ طُرُقَ السُّعاةِ
أَصِخْ لِيَبُثَّكَ الإِسْلامُ شَكْوى / تُلِينُ لَهُ الْقُلُوبَ الْقاسِياتِ
فَلَيْسَ لِنَصْرِهِ مَلِكُ يُرَجيّ / سِواكَ الْيَوْمَ يا مَجْدَ الْقُضاةِ
لأَعْيا الْمُسْلِمِينَ يَهُودُ سُوءٍ / فَما تَحْمِي الْحُصُونُ الْمُحْصَناتِ
وَلا لِلْمُورِدِ الْمَلْعُونِ وِرْدٌ / سِوى أَبْنائِهِمْ بَعْدَ الْبَناتِ
يَبِيتُ مُجاهِداً بِالْفِسْقِ فِيهِمْ / فَتَحْسِبُهُ يُطالِبُ بِالتِّراتِ
بِأَيَّةِ حُجَّةٍ أَمْ أَيِّ حُكْمٍ / أُحِلَّ لَهُ سِفاحُ الْمُسْلِماتِ
أَما أَحَدٌ يَغارُ عَلَى حَريمٍ / أَماتَتْ غِيرَةُ الْعَرَبِ النُّخاةِ
أَنامَت في الغمود سيوف طي / أم انقطعت متون المرهفات
أَما لَوْ كَانَ لِلإِسْلامِ عَيْنٌ / لَجادَتْ بِالدُّمُوعِ الْجارِياتِ
دَعاكَ الدِّينُ دَعْوَةَ مُسْتَجِيرٍ / بِعَدْلِكَ مِنْ أُمُورٍ فاضِحاتِ
لَعَلَّكَ غاسِلٌ لِلْعارِ عَنْهُ / بِسَيْفِكَ يا حَلِيفَ الْمَكْرُماتِ
تَنَلْ أَجْراً وَذِكْراً سَوْفَ يَبْقى / عَلَيْكَ مَعَ اللَّيالِي الْباقِياتِ
أَمِثْلُكَ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ هذا / بِخُبْثِ مِحالِهِ وَالتُّرَّهاتِ
وَما قَلَّ الْوَرى حَتّى تَراهُ / مَكاناً لِلصَّنِيعةِ فِي السُّراةِ
فَقَدْ مَلأَ الْبِلادَ لَهُ حَدِيثٌ / يُرَدَّدُ بَيْنَ أَفْواهِ الرُّواةِ
يَشُقُّ عَلَى الْوَلِيِّ إِذا أَتاهُ / وَيَشْمِتُ مَعْشَرَ الْقَوْمِ الْعُداةِ
فَخُذْ لِلهِ مِنْهُ بِكُلِّ حَقٍّ / وَلا تَضَعِ الْحُدُودَ عَنِ الزُّناةِ
بِقَتْلٍ أَوْ بِحَرْقٍ أَوْ بِرَجْمٍ / يُكَفِّرُ مِنْ عَظِيمِ السَّيِّئاتِ
وَلا تَغْفِرْ لَهُ ذَنْباً فَيَضْرى / فَبَعْضُ الْعَفْوِ أَغْرى لِلْجُناةِ
لِيَعْلَمَ مَنْ بِأَرْضِ النِّيلِ أَضْحى / وَمَنْ حَلَّ الْفُراتَ إلى الصَّراةِ
بِأَنَّكَ مِنْهُمُ لِلْعَدْلِ أَشْهى / وَأَرْغَبُ فِي التُّقى وَالصَّالِحاتِ
وَأَغْضَبُهُمْ لِدِينِ اللهِ سَيْفاً / وَأَقْتَلُ لِلْجَبابِرَةِ الْعُتاةِ
إِذا أَمْرٌ أُضِيعَ مِنَ الرَّعايا / فَإِنَّ اللَّوْمَ فِيهِ عَلَى الرُّعاةِ
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي / لأَهْلِ الْمَنِّ فَلْيَكُنِ الشَّكُورُ
وَأَحْمَدُ حُسْنَ رَأْيِكَ فِيِّ حَمْداً / يَدُومُ إِذا تَطاوَحَتِ الدُّهُورُ
وَإِنْ تَكُ مُسْتَقِلاً ما أَتَانِي / فَمِثْلُكَ يُسْتَقَلُّ لَهُ الْكَثِيرُ
وَأَذْكى ما يَكُونُ الرَّوْضُ نَشْراً / إِذا ما صَابَهُ الْقَطْرُ الْيَسِيرُ
وَلا وَأَبِي الْعُلَى ما قَلَّ نَيْلٌ / بِنَيْلِ أَقَلِّهِ غَنِيَ الْفَقِيرُ
وَلا فُوْقَ الْغِنى جُودٌ فَحَسْبِي / كَفى بِالْمَحْلِ عارِضُكَ الْمَطِيرُ
وَلا عِنْدِي مَكانٌ لِلْعَطايا / فَقُلْ لِلسَّيْلِ قَدْ طَفَحَ الْغَدِيرُ
فِداؤُكَ مَعْشَرٌ سُئِلُوا فَأَجْدَوْا / فَإِنَّكَ غَيْرَ مَسْئُولٍ تَمِيرُ
فَكَيْفَ بِأُمَّةٍ لُؤُمُوا وَذَلُّوا / فَلا خَلْقٌ يَجُودُ وَلا يُجِيرُ
رَأَيْتُكَ حاضِراً فِي حالِ غَيْبٍ / وَبَعْضُ الْقَوْمِ كالْغَيَبِ الْحُضُورُ
لَقَدْ سُدَّتْ مَوارِدُ كُلِّ خَيْرٍ / وَساحَ بِكَفِّكَ الْكَرَمُ الْغَزِيرُ
عَلَى رُغْمِ الزَّمانِ أَجَرْتَ مِنْهُ / وَقَدْ قَلَّ الْمُمانِعُ وَالْمُجِيرُ
تَخَطّى النّائِباتِ إِلَيَّ جُودٌ / كَما فاجاكَ فِي الظَّلْماءِ نُورُ
تَخِذْتَ بِهِ يَداً عِنْدَ الْقَوافِي / يَقُومُ بِشُكْرِها الْفِكْرُ الْمُنِيرُ
وَأَيْنَ الشُّكْرُ مِمّا خَوَّلَتْهُ / جَهِلْتُ وَرُبَّما جَهِلَ الْخَبِيرُ
سَماحٌ رَدَّ رُوحاً فِي الأَمانِي / وَمَعْرُوفٌ بِهِ جُبِرَ الْكَسِيرُ
وَشِعْرٌ لَوْ يَكُونُ الشِّعْرُ غَيْثاً / لَباتَ وَنَوْؤُهُ الشِّعْرِى الْعَبُورُ
مَعانٍ تَحْتَ أَلْفاظٍ حِسانٍ / كَما اجْتمَعَ الْقَلائِدُ وَالنُّحُورُ
يُخَيَّلُ لِي لِعَجْزِي عَنْهُ أَنِّي / بِما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ كَفُورُ
وَتَعْذِلُنِي الْقَوافِي فِيكَ طُوْراً / وَطَوْراً فِيكَ لي مِنْها عَذِيرُ
وَأَعْلَمُ أَنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى / وَهَلْ تُجْزى عَلَى الدُّرِّ الْبُحُورُ
وَتَسْمُو هِمَّتِي فَإِخالُ أَنِّي / عَلَى ما لَسْتُ واجِدَهُ قَدِيرُ
أُعَلَّلُها بِمَدْحِكَ كُلِّ يَوْمٍ / وَما تَعْلِيلُها إِلاّ غُرُورُ
أَمِثْلُكَ مُنْعِماً يُجْزى بِشُكْرٍ / لَقَدْ أَلْقَتْ مَقالِدَها الأُمُورُ
وَما الْعَنْقاءُ بِالْمَكْذُوبِ عَنْها / حَدِيثٌ بَعْدَ ما زَعَمَ الضَّمِيرُ
وَلا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بَعْدَ ذا فِي / أَمانٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرُ
أَغَرُّ مُهَذَّبٌ حَسَباً وَفِعْلاً / يَخِفُّ لِذِكْرِهِ الأَمَلُ الْوَقُورُ
بَني لِبَنِي أَبِي الْعَيشِ الْمَعالِي / فَتىً يَحْلُو بِهِ الْعَيْشُ الْمَرِيرُ
أُناسٌ لا يَزالُ لِمُجْتَدِيهِمْ / عَلَيْهِمْ مِنْ مَكارِمِهِمْ ظَهِيرُ
هُمُ انْتُجِبُوا مِنَ الْحَسَبِ الْمُزَكّى / كَما قُدَّتْ مِنَ الأَدَمِ السُّيُورُ
وَهُمْ فَكُّوا مِنَ الإِخْفاقِ ظَنِّي / بِطَوْلِهِمُ كَما فُكَّ الأَسِيرُ
وَقامَ بِنَصْرِ آَمالِي نَداهُمْ / أَلا إِنَّ النَّدى نِعْمَ النَّصِيرُ
فَإِنْ لَمْ أَحْبُهُمْ وُدِّي وَحَمْدِي / فَلا طَرَدَ الْهُمُومَ بيَ السُّرُورُ
وَقُلْتُ شَبِيهُ جُودِهِمُ الْغَوادِي / إِذا هَطَلَتْ وَمِثْلُهُمُ الْبُدُورُ
لَعَمْرُ أَبِي الْعَطَاءِ لَئِنْ تَوَلّى
لَعَمْرُ أَبِي الْعَطَاءِ لَئِنْ تَوَلّى / لَنِعْمَ مُعَرَّجُ الرَّكْبِ الطِّلاحِ
ونعم أبو الضيوف إذا أطاحت / بيوت الحي عاصفة الرياح
وَنِعْمَ الْمُوضِحُ الْعَميْاءَ رَأْياً / وَقَدْ كَثُرَ التَّمادِي وَالتَّلاحِي
وَنِعْمَ مُفَرِّجُ الْغَمَراتِ عَزَّتْ / عَلَى سَوْمِ الأَسِنَّةِ وَالصِّفاحِ
يَعَزُّ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِي رِثائِي / إِلَيْكَ بِغِبِّ شُكْرِي وَامْتِداحِي
وَكُنْتُ إِذا أَتَيْتُكَ مَسْتَمِيحاً / لِمَكْرُمَةٍ نَزَلْتَ عَلَى اقْتِراحِي
سَأَبْكِي والْقَوافِي مُسْعِداتِي / بِنَدْبٍ مِنْ ثَنائِكَ أَوْ مَناحِ
إذا ما خانَنِي دَمْعٌ بَلِيدٌ / بَكَيْتُ بأَدْمُعِ الشِّعْرِ الْفِصاحِ
جَزاءً عَنْ جَمِيلٍ مِنْكَ والَتْ / يَداكَ بِهِ ادِّراعِي وَاتِّشاحِي
فَلا بَرِحَتْ تَجُودُكَ كُلَّ يُوْمٍ / مَدامِعُ مُزْنَةٍ ذاتُ انْسِفاحِ
تَرُوحُ بِها فُرُوعُ الرَّوْضِ سَكْرى / تَمِيدُ كَأَنَّما مُطِرَتْ بِراحِ
إِلى أَنْ يَغْتَدِي وَكَأَنَّ فِيهِ / مَخايِلَ مِنْ خَلائِقِكَ السِّجاحِ
إِذا ما ارْتاحَ لِلرّاحِ النَّدامى
إِذا ما ارْتاحَ لِلرّاحِ النَّدامى / وَهَيَّجَتِ ابْنَةُ الكَرْمِ الْكِراما
وَقامَ يُدِيرُها صَهْباءَ صِرْفاً / تُميتُ الْهَمَّ أَوْ تُحْيِي الْغَراما
تُرِيكَ فَمَ النَّدِيمِ إِذا حَساها / كَأَنَّ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَبٍ لِثاما
وَطافَ بِها أَغَنُّ يَبِيتُ صَبًّا / مُحاوِلُهُ وَيُصْبِحُ مُسْتَهاما
تَرى في قُرْبِهِ مِنْكَ ازْوِراراً / وَفِي إِعْراضِهِ عَنْكَ ابْتِساما
فَلا تَكُ كَالَّذِي إِنْ جِئْتُ أَشْكُو / إِلَيْهِ الْوَجْدَ أَوْسَعَنِي مَلاما
يَمُرُّ مَعَ الْغَوايَةِ كَيْفَ شاءَتْ / وَيَعْذُلُ في تَطَرُّفِها الأَناما
أَلا يا مُحْرِقِي بالنّارِ مَهْلاً
أَلا يا مُحْرِقِي بالنّارِ مَهْلاً / كَفانِي نارُ حُبلِّكَ وَاشْتِياقِي
فَما تَرَكَتْ وَحَقَّكَ فِي فُؤادِي / وَلا جَسَدِي مَكاناً لاِحْتِراقِ
فَها أَنا مِاثِلٌ كَرَمادِ عُودٍ / مَضى مَحْصُولُهُ والشَّخصُ باقِ
فَلوْ واصَلْتَنِي يَوْماً لأَوْدى / بِجِسْمِي مَسُّ جِسْمِكَ بِالْعِناقِ
تُحَرِّقُنِي بِنارِكَ مُؤْذِناً لِي / بما أَنا فِيكَ يَوْمَ الْبَيْنِ لاقِ
وَنِيرانُ الصَّبابَةِ بالغِاتٌ / مُرادَكَ فِيَّ مِنْ قَبْلِ الْفِراقِ
نَفضْتُ يَدِي مِنَ الآمالِ لَمّا
نَفضْتُ يَدِي مِنَ الآمالِ لَمّا / رَأَيْتُ زِمامَها بِيَدِ الْقَضاءِ
وَما تَنْفَكُّ مَعْرِفَتِي بِحَظِّي / تُرِينِي الْيَأْسَ في نَفْسِ الرَّجاءِ
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ / وَعانَدَنِي الْقَضاءُ بِغَيْرِ ذَنْبِ
كَأَنَّ الدَّهْرَ يُحْزِنُهُ سُرُورِي / أَوِ الأَيّامَ يُظْمِئُهُنَّ شُرْبِي
أَيا زَمَنَ اللِّئامِ إِلى مَ حَمْلاً / عَلَيَّ وَبَعْضُ ما حُمِّلْتُ حَسْبِي
أَما يَحْظَى الْكِرامُ لَدَيْكَ يُوْماً / فَأَرْكَبَ فِيكَ عَيْشاً غَيْرَ صَعْبِ
أَعُدْماً وَاغْتِراباً وَاكْتِئاباً / لَقَدْ أَغْرَيْتَ بِي يا دَهْرُ نَحْبِي
لَعَلَّ فَتىً حَمَيْتُ بِهِ حَياتِي / زماناً وَالخُطُوبُ يُرِدْنَ نَهْبِي
يُعِينُ كَما أَعانَ فَيَجْتَبِينِي / بِنُعْمى طالَما فَرَّجْنَ كَرْبِي
فَيُنْقِذَ مِنْ غَمارِ الْمَوْتِ نَفْسِي / وَيُطْلِقَ من إسار الهم قلبي
وكنت إذا عتبت على زمان / أزال سَماحُ نَصْرِ اللهِ عَتْبِي
أُؤَمِّلُهُ لِحادِثَةِ الليالِي / فَأُخْصِبُ وَالزَّمانُ زَمانُ جَدْبِ
وَكَيْفَ يَخِيبُ مَنْ أَلْقى عَصاهُ / بِساحَةِ مُغْرَمٍ بِالْجُودِ صَبِّ
وَما يَنْفَكُّ يَنْفَحُ كًلَّ يُوْمٍ / نَسِيمُ الْعَيْشِ مِنْ ذاكَ الْمَهَبِّ
يَرُدُّ هُبُوبُهُ كَرَماً وَجُوداً / رِياحَ الدَّهْرِ مِنْ سُودٍ وَنُكْبِ
خَلائِقُ منْ أَبِي الْمَجْدِ اسْتَطالَتْ / بِهِمَّةٍ فاخِرٍ لِلْمجْدِ تَرْبِ
حَلَتْ أَعْراقُهُ كَرَماً فَباتَتْ / تُتَيِّمُ كُلَّ ذِي أَمَلٍ وَتُصْبِي
مَكارِمُ طالَما رَوَّيْتُ صَدْرِي / بِها وَوَرَدْتُ مِنْها كُلَّ عَذْبِ
تَزِيدُ غَزارَةً وَصَفاءَ وِرْدِ / عَلى ما طالَ مِنْ رَشْفِي وَعَبِّي
وَأَلْبَسَنِي صَنائِعَ لا أُبالِي / إِذا سالَمْنَنِي مَنْ كانَ حَرْبِي
وَقَفْتُ بِها الثَّناءَ عَلَى كَرِيمٍ / يَرى كَسْبَ الْمَكارِمِ خَيْرَ كَسْبِ
فَتىً لَمْ يُدْعَ لِلْمَعْرُوفِ إِلاّ / وَنائِلُهُ لِداعِيهِ الْمُلَبِّي
فِداؤُكَ كُلُّ مَمْنُوعٍ جَداهُ / ضَنِينٍ بَلْ فِداؤُكَ كُلُّ نَدْبِ
فَكَمْ قَرَّبْتَ حَظِّي بَعْدَ نَأْيٍ / وَباعَدْتَ النَّوائِبَ بَعْد قُرْبٍ
إِذا ما كُنْتَ مِنْ عُشّاقِ حَمْدِي / أَدَلَّ وَزارَ مَجْدَكَ غَيْرَ غِبِّ
وَمِثْلُكَ حَلَّ بَذْلُ الْجُودِ مِنْهُ / مَحَلَّ هُوى الْحَبِيبِ مِنَ الْمُحِبِّ
وَإِنِّي لِلزَّمانِ لَذُو نِضالٍ
وَإِنِّي لِلزَّمانِ لَذُو نِضالٍ / فَبِي مِنْ حَدِّ أَسْهُمِهِ كُلُومُ
وَسَلاَنِي عَنِ الأَحْبابِ دَهْرٌ / يَضِيمُ الْحُرَّ حادِثُهُ الْغَشُومُ
فَقَدْ أَصْبَحْتُ لا تُجْرِي دُمُوعِي الطُّ / لُولُ وَلا تُهَيِّجُنِي الرُّسُومُ
أبا حَسَنٍ لَئِنْ كانَتْ أَجابَتْ
أبا حَسَنٍ لَئِنْ كانَتْ أَجابَتْ / هِباتُكَ مَطْلَبِي قَبْلَ الدُّعاءِ
لَما ضاعَ اصْطِناعُكَ فِي كَرِيمٍ / مَلِيٍّ حِينَ تَقْرِضُ بِالْجَزاءِ
سَأُثْنِي بِالَّذِي أَوْلَيْتَ جَهْدِي / وَيُثْنِي السّامِعُونَ عَلَى ثَنائِي
وَكَيْفَ جُحُودُ مَعُرُوفٍ تَوالى / فَكانَ مِنَ الْخُطُوبِ دَواء دائي
أَأَجْحَدُ مِنَّةً بَدَأَتْ وَعادَتْ / إِذَنْ فَعَدَلْتُ عَنْ سَنَنٍ الْوفاءِ
سَبَقْتَ إِلى جَمِيلِ الصُّنْعِ ظَنِّي / وَقَرْطَسَ جُودُ كَفِّكَ فِي رَجائِي
وَكاَن نَداكَ حِينَ يَسِيرُ نَحْوِي / جَنِيباً لِلْمَوَدَّةِ وَالصَّفاءِ
فَما أَدْرِي أَأَشْكُرِ مِنْكَ قَصْدِي / بِجُودِكَ وَاصْطِناعِكَ أَمْ إِخائِي
أَبَتْ أَخْلاقُكَ الْغُرُّ اللَّواتِي / أَحَبُّ إِلى النُّفُوسِ مِنَ الْبَقاءِ
وَكَوْنُكَ وَالسَّماحُ إِلَيْكَ أَشْهى / مِنَ الْماءِ الزُّلالِ إِلى الظِّماءِ
سِوى كَرَمٍ وَمَعْرُوفٍ وَحِلْمٍ / وَضَرْبٍ فِي التَّكَرُّمِ وَالسَّخاءِ
وَقَدْ أَسَّسْتُ بِالْمِعادِ شُكْرِي / وَما بَعْدَ الأَساسِ سِوى الْبِناءِ
فَإِنْ تَسْمَحْ يَداكَ فَلا عَجِيبٌ / وَمَنْ ذا مُنْكِرٌ قَطْرَ السَّماءِ
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ / فَإِنِّي ناصِحٌ لَكَ يا زَمانُ
أَخافُ نَدى يَمِينِ الْمُلْكِ يَقْضِي / عَلَيْكَ إِذا هَمَتْ تِلْكَ الْبَنانُ
وَقَدْ عايَنْتَ سَطْوَتَها غَداةَ اسْ / تَطَلْتَ وَلَيْسَ كَالْخَبَرِ الْعِيانُ
مَتى أَنا طاعِنٌ قَلْبَ الْفِجاجِ
مَتى أَنا طاعِنٌ قَلْبَ الْفِجاجِ / وَرامِي الْخَرْقِ بِالْقُلُصِ النَّواجِي
وَقائِدُ كُلِّ سَلْهَبَةٍ عَبُوسٍ / إِلى يَوْمٍ يَطُولُ بِهِ ابْتِهاجِي
سَيَعْتَمُّ الْهَواجِرَ كُلُّ مُجْرٍ / إِلى أَمَدِي وَيلْتَحِفُ الدَّياجِي
فِراشِي مَتْنُ كُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ / وَثَوْبِي ما يُثِيرُ مِنَ الْعَجاجِ
إِذا الْجَوْزاءُ أَمْسَتْ مِنْ مَرامِي / فَأَيْنَ سُرايَ مِنْها وَادِّلاجِي
سِوى الصَّهْباءِ عاصِفَةٌ بِهَمِّي / وَغَيْرُ الْبِيضِ مِنْ أَرَبِي وَحاجِي
عَزَفْتُ فَما لِسارِي الْبَرْقِ شَيْمِي / وَلا لِلرَّسْمِ قَدْ أَقْوى مَعاجِي
وَما عَنْ سَلْوَةٍ إِغْبابُ دَمْعِي / وَإِقصارُ الْعَواذِلِ عَنْ لَجاجِي
وَلكِنْ جَلَّ عَنْ فَنَدٍ وَلَوْمٍ / غَرامِي بِالْمَحامِدِ وَالْتِهاجِي
حَمانِي الْعَزْمُ حَظِّي مِنْ ذَواتِ الثُّ / غُورِ الْغُرِّ وَالْمُقَلِ السَّواجِي
وَما عِنْدَ الْحِسانِ جَوى مَشُوقٍ / صَدَعْنَ فُؤادَهُ صَدْعَ الْزجاجِ
عَرَضْنَ لَنا فَمِنْ لَحْظٍ مَرِيضٍ / وَمِنْ بَرَدٍ غَرِيضٍ فِي مُجاجِ
وَمِسْنَ فَكَمْ قَضِيبٍ فِي كَثِيبٍ / يَشُوقُكَ بِاهْتِزازٍ فِي ارْتِجاجِ
كَأَنَّ نِعاجَ رَمْلٍ لاحَظَتْنا / وَإِنْ كُرِّمْنَ عَنْ حَمْشِ النِّعاجِ
إِلامَ أَرُوضُ جامِحَةَ الأَمانِي / وَداءُ الدَّهْرِ مَغْلُوبُ الْعِلاجِ
إِذا اْلعَذْبُ النَّمِيرُ حَماهُ ضَيْمٌ / فَجاوِزْهُ إِلى الْمِلْحِ الأُجاجِ
أَحُلُّ بِحَيْثُ لا غَوْثٌ لِعافٍ / وَأَطَّرِحُ الْمَغاوِثَ وَالْمَلاجِي
كَمَن تَرَكَ الأَسِنَّةَ صادِياتٍ / غَداةَ وَغىً وَطاعَنَ بِالزِّجاجِ
أَأَبْغِي فِي ذِئابِ الْقاعِ مَنْعاً / وَأَتْرُكُ جانِبَ الأَسَدِ الْمُهاجِ
فَأُقْسِمُ لا نَقَعْتُ صَدىً بِماءٍ / إِلى غَيْرِ الْكِرامِ بِهِ احْتِياجِي
عَسى الطَّعْنُ الخِلاجُ يَذُبُّ عَنِّي / إِذا جاوَرْتُ فُرسانَ الْخِلاجِ
أُولئِكَ إِنْ دُعُوا لِدَفاعِ خَطْبٍ / أَضاءُوا نَجْدَةً وَالْيَوْمُ داجِ
هُمُ الأمْلاكُ حَلُّوا مِنْ عَدِيٍّ / مَحَلَّ الطَّرْفِ حُصِّنَ بِالْحَجاجِ
بُدُورُ دُجُنَّةٍ وَبُحُورُ سَيْبٍ / وَأُسْدُ كَرِيهَةٍ وَحُصُونُ لاجِي
كِرامٌ وَالظُّبى كَالنّارِ شُبَّتْ / عَشِيَّةَ عاصِفٍ ذاتِ اهْتِياجِ
مَواسِمُهُمْ مَضارِبُ كُلِّ ماضٍ / خَلُوطٍ لِلْجَماجِمِ بِالْجآجِي
إِذا عَمَدُوا لِداءٍ أَنْضَجُوهُ / وَلَيْسَ الْكَيُّ إِلاّ بِالنِّضاجِ
جَحاجِحُ لا يُعابُ مَنِ اسْتَباحَتْ / صُدُورُ رِماحِهِمْ يَوْمَ الْهِياجِ
لَهُمْ خَفْضُ النَّواظِرِ حَيْثُ حَلُّوا / مِنَ الدُّنْيا وَمُنْقَطَعُ الضَّجاجِ
تَرى الْهاماتِ ناكِسَةً لَدَيْهِمْ / كَأَنَّ بهِنَّ مُوضِحَةَ الشِّجاجِ
بِحسّانِ بِنِ مِسْمارٍ أُقِيمَتْ / قَناةُ الدِّينِ مِنْ بَعْدِ اعْوِجاجِ
بِأَرْوَعَ لا يَهابُ هُجُومَ خَطْبٍ / وَلا يَرْتاعُ لِلأْحَدَثِ الْمُفاجِي
نَفُوذٌ حَيْثُ لا تَصِلُ الْعَوالِي / إِلى قَصْدٍ يُجِيزُ وَلا انْعِراجِ
إِذا شَوْكُ الْقَنا اليَزَنِيُّ أَضْحى / أَمامَ الْخَيْلِ مَضْروبَ السِّياجِ
وَما طَرَقَ الرَّجاءَ الْفِكْرُ إِلاّ / وَعِزُّ الدِّينِ غايَةُ كُلِّ راجِ
أَغَرُّ مَتى أَخّذْتَ لَهُ بحَبْلٍ / فَما الْغَمَراتُ إِلاّ لانْفِراجِ
جَمِيلُ مَكارِمِ الأَخْلاقِ يَجْلُو / بِها الشَّحْناءَ مِنْ صَدْرِ الْمُداجِي
عَمَدْتَ الْبَيْتَ مِنْ كَلْبٍ وَطَيٍّ / عَلَى حَسَبِ وَصِهْرٍ ذِي انْتِساجِ
يُناجِي مِنْهُ تحَسّانٌ سِناناً / لَقَدْ كَرُمَ الْمُناجى وَالْمُناجِي
ذُُؤابَةُ كُلِّ مُعْتَمٍّ بِفَخْرٍ / وَنُخْبَةُ كُلِّ مُعْتَصِبٍ بِتاجِ
وَرامَ الْحاسِدُونَ لَدَيْكَ تَبْلاً / وَدُونَ مَرامِهِمْ حَزُّ الْوِداجِ
وإِنَّ طِلابَ مَجْدِكَ وَهْوَ بَسْلٌ / كَخِيسِ اللَّيْثِ مَحْذُورِ الْوِلاجِ
لأَعْجَزُ مِنْ قُصُورِكَ عَنْ سَماحٍ / وَأَعْوَزُ مِنْ عَدُوٍّ مِنْكَ ناجِ
وَما غَرّاءُ سارِيَةٌ هَطُولٌ / تَبَجَّسُ بِانْسِفاحٍ وارْتِجاجِ
كأَنَّ بُرُوقَها بِسَناكَ لاحَتْ / فَهمَّ اللَّيلُ مِنْها بانْبِلاجِ
يَشُوقُكَ ما تُغادِرُ مِنْ غَدِيرٍ / وَرَوْضٍ بِالأناعِمِ وَالنِّباجِ
بِأجْوَدَ مِنْ نَدى كَفَّيْكَ جُوداً / وَلا طامِي الْغَوارِبِ ذُو الثجاجِ
أَبَيْتَ أَبا النَّدى إِلا اخْتِلاطِي / بِنائِلِكَ الْمُؤَمَّلِ وَامْتِزاجِي
وَما الشِّيَمُ الْحِسانُ بِمُسْلِماتٍ / فَتىً مِثْلِي إِلى النُّوَبِ السِّماجِ
مَتى ما أَدَّعِي أَنَّ الْقَوافِي / يَمانِيةُ الْهَوى فَبِكَ احْتِجاجِي
أَلَمْ تَرَها تَزُورُكَ مُحْكَماتٍ / كَرائِمَ مِنْ وُحادٍ أَوْ زُواجِ
يَضِيقُ الأَعْصُرِي بِها ذِراعاً / وَيَعْذُرُ عَجْزَهُ عَنْها الخَفاجِي
كَسَرْدِ التُّبَّعِيِّ ثَنى الْعَوالِي / بِأَمْنَعَ مِنْ مُصَفَّحَةِ الرِّتاجِ
تُكَلِّفُ مَعْشَراً فَتَهِيمُ وَجْداً / بِمَدْحِكَ وَالشَّجى غَيْرُ التَّشاجِي
إِذا ما هَجْمَةٌ وَرَدَتْ لِخِمْسٍ / كَفاها ظِمْئُها زَجَلَ المُجاجي
وَغَيْرُكَ مَنْ يُقَصِّرُ بِي فَيُمْسِي / لِسانِي مادِحاً وَالْقَلْبُ هاجِ
وَظَنِّي فِيكَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ / كَهَمِّي عِنْدَ مَدْحِكَ وَاعْتلاجِي
كَما أَرْسَلْتَ في عِدٍّ جَمُومٍ / مَرِيرَ الْفَتْلِ مَشْدُودَ الْعِناجِ
سَأَشْكُرُ حادِثاً ألْقى زِمامِي / إِلَيْكَ وَرُبَّ أَمْنٍ فِي انْزِعاجِ
وَيَجْزِي حُسْنَ صُنْعِكَ رَبُّ فِكْرٍ / ذَكِيُّ الزَّنْدِ وَهّاجُ السِّراجِ
وَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْرَ الْمالِ مالٌ / سَقاكَ الْحَمْدَ مَعْسُولَ الْمِزاجِ
فَإِنَّ لَقائِحَ الْمَعْرُوفِ كانَتْ / لَدى الْكُرَماءِ مُنْجِبَةَ النَّتاجِ
مَتى ارْتَجَعْتَ مَواهِبَها الْكِرامُ
مَتى ارْتَجَعْتَ مَواهِبَها الْكِرامُ / وَهَلْ يَسْتَرْجِعُ الْغَيْثَ الْغَمامُ
أَيَصْعَدُ عائِداً فِي السُّحْبِ قَطْرٌ / تَنَزَّلَ فِي الوَهادِ بهِ الرِّهامُ
أَرى الْعَلْياءَ مِنْ تَقْصِيرِ أَمْرِي / بِها خَجَلٌ وَبِالْمَجْدِ احْتِشامُ
جَمالَ الْمُلْكِ غَيْرِي مِنْكَ يُدْهى / وَغَيْرُكَ مَنْ تُغَيِّرُهُ اللِّئامُ
أُعِيذُكَ مِنْ رِضَىً يَتْلُوهُ سُخْطٌ / وَمِنْ نُعْمى يُكَدِّرُها انْتِقامُ
أَيَرْجِعُ جَفْوَةً ذاكَ التَّصافِي / وَيُخْفَرُ ذِمَّةً ذاكَ الذِمامُ
أَتَبْرِينِي يَدٌ راشَتْ جَناحِي / وَيَحْسِمُنِي نَدَىً هُوَ لِي حُسامُ
وَيُغْرِي بِي الْحِمامَ أَخُو سَماحٍ / بِهِ عَنْ مُهْجَتِي دُفِعَ الْحِمامُ
أَعِرْنِي طَرْفَ عَدْلِكَ تَلْقَ عِرْضاً / نَقِيّاً لا يُلِمُّ بِهِ الْمَلامُ
وَحَقِّقْ بِالتَّأَمُّلِ كَشْفَ حالِي / فَغَيْرِي عاشِقٌ وَبِيَ السَّقامُ
إِذا ما افْتَرِّ بَرْقُكَ فِي سَمائِي / تَجَلّى الظُّلْمُ عَنِّي وَالظَّلامُ
أَتُغْرِقُنِي وَلَيْسَ الْماءُ مِنِّي / وَتَحْرُقُنِي وَمِنْ غَيْرِي الضِّرامُ
وَأُوخَذُ فِي حِماكَ بِذَنْبِ غَيْرِي / فَأيْنَ الْعَدْلُ عَنِّي وَالْكِرامُ
وَأَيْنَ خَلائِقٌ سَتَحُولُ عَنْها / إِذا حالَتْ عَنِ السُّكْرِ الْمُدامُ
فَلا تَعْدِلْ إِلى الْواشِينَ سَمْعاً / فَإِنَّ كَلامَ أَكْثَرِهِمْ كِلامُ
وَإِنَّ الْوَدَّ عِنْدَهُمُ نِفاقٌ / إِذا طاوَعْتَهُمْ وَالْحَمْدَ ذامُ
وَللأَقْوالِ إِنْ سُمِعَتْ سِهامٌ / تُقَصِّرُ عَنْ مَواقِعِها السِّهامُ
فَما نُصْحاً لِمَجْدِكَ بَلْ مُراداً / لِما قَدْ ساءَنِي قَعَدُوا وقامُوا
وَلَوْ إِذْ أَقْدَمُوا لاقَوْكَ دُونِي / كَعَهْدِكَ أَحْجَمُوا عَنِّي وَخامَوا
فَلَيْتَكَ تَسْمَعُ الْقَوْلَيْنِ حَتّى / يُبَيِّنَ فِي مَنِ الْحَقُّ الْخِصامُ
أَبَعْدَ تَمَسُّكِي بِنَداكَ دَهْراً / وَحَبْلُ نَداكَ لَيْسَ لَهُ انْصِرامُ
وَكَوْنِي مِنْ دِفاعِكَ فِي حُصُونٍ / مَنِيعاتِ الذَّوائِبِ لا تُرامُ
وَأَخْذِي مِنْكَ ميثاقاً كَرِيماً / وَعَهْداً ما لِعُرْوَتِهِ انْفِصامُ
يَنالُ مُرادَهُ مِنِّي حَسُودٌ / وَيُمْكِنُ عادِياً فِيَّ اهْتِضامُ
أَتَرْضى لِلْمَحامِدِ أَنْ تَراها / بِأَرْضِكَ تُسْتَباحُ وَتُسْتَضامُ
وَتَصْبِرُ عَنْ غَرائِبِها وَصَبْرُ الْ / فَتى فِي دِينِها أَبَداً حَرامُ
وَهَلْ يَسْلُو عَنِ الأَحْبابِ يُوْماً / مُحِبٌّ لَيْسَ يَسْلُوهُ الْغَرامُ
فَلا تَدَعِ الْعِراقَ وَأَرْضَ مَصْرٍ / تَفُوزُ بِها وَيُحْرَمُها الشَّآمُ
فَمِنْ حَقِّ الْقَوافِي مِنْكَ دَفْعٌ / يَجِيشُ بِمِثْلِهِ الْجَيْشُ اللُّهامُ
لَقَدْ مَلَّ الرُّقادُ جُفُونَ عَيْنِي / وَما مَلَّ الدُّمُوعَ لَها انْسِجامُ
فَما يَسْرِي إِلى قَلْبي سُرُورٌ / وَلكِنْ لِلْهُمُومِ بِيَ اهْتمِامُ
سَيَرْضى الْحاسِدُونَ إِذا تَمَطَّتْ / بِيَ الْوَجْناءُ وَاضْطَّرَبَ الزِّمامُ
إِذا جاوَزْتُ غُرَّبَ أَوْ غُراباً / وَحالَ الْقاعُ دُونِي وَالإِكامُ
فَمَنْ يَجْلُو عَلَيْكَ بَناتِ فِكْرِي / وَأَنْتَ بِهِنَّ صَبٌّ مُسْتَهامُ
يُقَيِّدُنِي بِنَجْدِ الشّامِ وَجْدٌ / وَيَدْعُونِي إِلى الْغَوْرِ اعْتِزامُ
فَمَنْ أمْرِ النَّوائِبِ لِي رَحَيلٌ / وَفِي حُكْمِ الصَّبابَةِ لِي مُقامُ
وَمَنْ يَرْضى مِنَ الدُّنْيا بِعَيْش / عَلَيْهِ لجِائِرٍ فِيهِ احْتِكامُ
تَأَمَّلْ ما أَبُثُّ تَجِدُ حَقِيقاً / بشَمْلٍ فِي ذَراكَ لَهُ الْتِئامُ
أَيَعْظُمُ أَنْ تَذُودَ الْخَطْبَ عَنِّي / وَعِنْدَكَ تَصْغُرُ النُّوَبُ الْعِظامُ
إِذا لَمْ أَعْتَصِمْ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ / فَهَلْ فِي الْعالَمِينَ لِيَ اعْتِصامُ
لَعَلَّ دُجى الْحَوادِثِ أَنْ تُجَلّى / بِبَدْرٍ لا يُفارِقُهُ التَّمامُ
أَتِيهُ عَلَى الزَّمانِ بِهِ ابْتِهاجاً / وَتَحْسُدُنِي الْكَواكِبُ لا الأَنامُ
وَحَسْبِي اللهُ فِيما أَرْتَجِيه / وَعَضْبُ الدَّوْلَةِ الْمَلِكُ الْهُمامُ
لَقَدْ شَغَلَ الْمَحامِدَ عَنْ سِواهُ / أَغَرُّ بِمَدْحِهِ شَرُفَ الْكَلامُ
جَمَعْتُ صِفاتِهِ جَمْعَ الَّلآلِي / فَلِي مِنْها الْفَرائِدُ وَالتُّؤامُ
تَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْجُلّى عُلاهُ / وَهَلْ لِلْبَدْرِ فِي الظُّلَمِ اكْتِتامُ
أَنافَ عَلَى الْقِيامِ فَطالَ عَنْهُمْ / كَأَنَّ قُعُودَهُ فِيهِمْ قِيامُ
تَصَوَّبَ جُودُهُ فِي كُلِّ وادٍ / كَما يَتَصَوِّبُ السَّيْلُ الرُّكامُ
دَقِيقُ مَحاسِنِ الأَخْلاقِ يَبْدُو / أَمامَ نَداهُ بِشْرٌ وَابْتِسامُ
وَمُقْتَرِحٌ عَلَيَّ الْحَمْدَ أَرْضى / سَلامَتَهُ اقْتِراحِي وَالسَّلامُ
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ / وَغَيْرُ نَواكَ يَحْمِلُها الْحَمُولُ
أَيُنْكَرُ يا مُحَمَّدُ لِي نَحِيبُ / وَقَدْ غالَتْكَ لِلأَيَّامِ غُولُ
أذا الوَجْهِ الْجَمِيلِ وَقَدْ تَوَلَّى / قَبِيحٌ بَعْدَكَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ
رَحَلْتَ مُفارِقاً فَمَتى التَّلاقِي / وَبِنْتَ مُوَدِّعاً فَمَتى الْقُفُولُ
وَكنْتَ يَقِينَ مَنْ يَرْجُوكَ يَوْماً / فَأَنْتَ الْيَوْمَ ظَنٌّ مُسْتَحِيلُ
نَضَتْ بِكَ ثَوْبَ بَهْجَتِها اللَّيالِي / وَغالَ بَهاءَهُ الدَّهْرُ الْجَهُولُ
وَلَوْ تَدْرِي الْحَوادِثُ ما جَنَتْهُ / بَكَتْكَ غَداةُ دَهْرِكَ والأَصِيلُ
أَيا قَمَرَ الْعُلى بِمَنِ التَّسَلِّي / إِذا لَمْ تَسْتَنِرْ وَمَنِ الْبَدِيلُ
مَتى حالَتْ مَحاسِنَكَ اللَّواتِي / لَها في القَلْبِ عَهْدٌ لا يَحُولُ
مَتى صالَ الْحِمامُ عَلى ابْنِ بَأْسٍ / بِهِ فِي كُلِّ مَلْحَمَةٍ يَصُولُ
مَتى وَصَلَ الزَّمانُ إِلى مَحَلٍّ / إِلى دَفْعِ الزَّمانِ بِهِ الْوُصُولُ
سَأُعْوِلُ بِالْبُكاءِ وَأَيُّ خَطْبٍ / يَقُومُ بِهِ بُكاءٌ أَوْ عَوِيلُ
فإِمّا خانَنِي جَلَدٌ عَزيزٌ / فَعِنْدِي لِلأَسى دَمْعٌ ذَلِيلُ
وَما أُنْصِفْتَ إِنْ وَجِلَتْ قُلُوبٌ / مِنَ الإِشْفاقِ أَوْ ذَهِلَتْ عُقُولُ
وَهَلْ قَدْرُ الرَّزِيَّةِ فَرْطُ حُزْنٍ / فَيُرْضِيَ فِيكَ دَمْعٌ أَوْ غَلِيلُ
لَقَدْ أَخَذَ الأَسى مِنْ كلِّ قَلْبٍ / كَما أَخَذَتْ مِنَ السَّيْفِ الفُلُولُ
وَما كَبِدٌ تَذُوبُ عَلَيْكَ وَجْداً / بِشافِيَةٍ ولا نَفْسٌ تسِيلُ
فَيا قَبْراً حَوى الشَّرَفَ الْمُعَلَّى / وَضُمِّنَ لَحْدَهُ الْمَجْدُ الأَثِيلُ
أُحِلَّ ثَراكَ مِنْ كَرَمٍ غَمامٌ / وأُودِعَ فِيكَ مِنْ بَأْسٍ قَبِيلُ
حُسامٌ أَغْمَدَتْهُ بِكَ اللَّيالِي / سَيَنْحَلُّ فِيكَ مَضْرَبُهُ النَّحِيلُ
وَكانَ السَّيْفُ يُخْلِقُ كُلَّ جَفْنٍ / فَأَخْلَقَ عِنْدَكَ السَّيْفُ الصَّقِيلُ
تَخَرّمَهُ الحِمامُ وَكُلُّ حَيٍّ / عَلَى حُكْمِ الْحِمامِ لَهُ نُزُولُ
فَيا لِله أَيُّ جَلِيلِ خَطبٍ / دَقِيقٌ عِنْدَهُ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ
أَما هَوْلٌ بِأَنْ يُحْثى وَيُلْقى / عَلَى ذاكَ الْجَمالِ ثَرىً مَهِيلُ
أَما انْدَقَّتْ رِماحُ الْخَطِّ حُزْناً / عَلَيْكَ أَما تَقَطَّعَتِ النُّصُولُ
أَما وَسَمَ الْجِيادَ أَسىً فَتُحْمى / بِهِ غُرَرُ السَّوابِقِ وَالْحُجُولُ
أَما ساءَ الْبُدُورَ وَأَنْتَ مِنها / طُلُوعٌ مِنْكَ أَعْقَبَهُ الأُفُولُ
أَما أَبْكى الْغُصُونَ الْخُضْرَ غُصْنٌ / نَضِيرُ الْعُودِ عاجَلُه الذُّبُولُ
أما رَقَّ الزَّمانُ عَلى عَلِيلٍ / يَصِحُّ بِبُرْئِهِ الأَمَلُ الْعَلِيلُ
تَقَطَّعَ بَيْنَ حَبْلِكَ وَاللَّيالِي / كَذاكَ الدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلُ
وَأَسْرَعْتَ التَّرَحُّلَ عَنْ دِيارٍ / سَواءٌ هُنَّ بَعْدَكَ وَالطُّلُولُ
وَمِثْلُكَ لا تَجُودُ بِهِ اللَّيالِي / وَلكِنْ رُبَّما سَمَحَ الْبَخِيلُ
أَنِفْتَ مِنَ الْمُقامِ بِشَرِّ دارٍ / تَرى أَنَّ الْمُقامَ بِها رَحِيلُ
وما خَيْرُ السَّلامَةِ فِي حَياةٍ / إِذا كانَتْ إِلى عَطَبٍ تَؤُولُ
هِيَ الأَيّامُ مُعْطِيها أَخُوذٌ / لِما يُعْطِي وَمُطْعِمُها أَكُولُ
تَمُرُّ بِنا وَقائِعُ كُلِّ يَوْمٍ / يُسَمّى مَيِّتاً فِيها الْقَتِيلُ
سَقاكَ وَمَنْ سَقى قَبْلِي سَحاباً / تُرَوَّضُ قَبْلَ مَوْقِعِهِ الْمَحُولُ
غَمامٌ يُلْبِسُ الأهْضامَ وَشْياً / تَتِيهُ بِهِ الْحُزُونَةُ وَالسُّهولُ
كَأَنَّ نَسِيمَ عَرْفِكَ فِيهِ يُهْدى / إِذا خَطَرَتْ بِهِ الرِّيحُ الْقَبُولُ
كَجُودِكَ أو كَجُودِ أَبِيكَ هامٍ / عَميمُ الْوَدْقِ مُنْبَجِسٌ هَطُولُ
وَلَوْلا سُنَّةٌ لِلْبِرِّ عِنْدِي / لَقُلْتُ سَقَتْكَ صافِيَةٌ شَمُولُ
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمَأْمُولَ صَبْراً / وَكَيْفَ وَهَلْ إِلى صَبْرٍ سَبيلُ
وَما فارَقْتَ مَنْ يُسْلى وَلكِنْ / سِوى الآسادِ تُحْزِنُها الشُّبُولُ
وَما فَقْدُ الْفُرُوعِ كَبيرُ رُزْءٍ / إِذا سَلِمَتْ عَلى الدَّهْرِ الأُصُولُ
وَما عَزَّاكَ مِثْلُكَ عَنْ مُصابٍ / إِذا ما راضَكَ اللُّبُّ الأَصِيلُ
سَدادُكَ مُقْنِعٌ وَحِجاكَ مُغْنٍ / وَدُونَكَ ما أَقُولُ فَما أَقُولُ
فَلا قَصُرَتْ عَوالِيكَ الأَعالِي / وَلا زالَ الزَّمانُ بها يَطُولُ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ / أَبَعْدَكَ أَرْتَجِي دَرَكَ الأَمانِي
أَيَجْمُلُ بِيَ الْعَزاءُ وَأَنْتَ ثاوٍ / أَيَحْسُنُ بِي الْبَقاءُ وَأَنْتَ فانِ
لِكُلِّ رَزِيَّةٍ أَلَمٌ وَمَسٌّ / وَلا كَرَزِيَّةِ الْمَلِكَ الهِجانِ
وما أَنا بِالرَّبِيطِ الْجَأْشِ فِها / فَأَسْلُوَهُ وَلا الثَّبْتِ الْجَنانِ
أُلامُ عَلَى امْتِناعِ الشِّعْرِ مِنِّي / وَما عِنْدَ اللَّوائِمِ ما دَهانِي
أَلِي قَلْبٌ أَلِي لُبٌّ فَأَمْضِي / مَضاءَ السَّيْفِ فِهِ وَالسِّنانِ
كَفى بِدَلِيلِ حُزْنِي أَنَّ دَمْعِي / أَطاعَ وَأَنَّ فِكْرِيَ قَدْ عَصانِي
إِذا خَطَرَتْ لِمَجْدِ الدِّينِ ذِكرى / وَجَدْتُ الشِّعْرَ حَيْثُ الشِّعْرَيانِ
وَما إِنْ ذاكَ تَقْصِيرٌ بِحَقٍّ / وَلكِنَّ الأَسى قَيْدُ اللِّسانِ
وَمَنْ كَمُصِيبَتِي وَعَظِيمِ رُزْئِي / أُصِيبَ وَمَنْ عَراهُ كَما عَرانِي
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ اخْتَرَمَتْكَ مِنّا / يَدٌ ما لِلأَنامِ بِها يَدانِ
وكُنْتَ السَّيْفَ تُشْحَذُ شَفْرَتاهُ / لِفَلِّ كَتِيبَةٍ وَلِفكِّ عانِ
فَقُطِّعَ بِالنَّوائِبِ صَفْحَتاهُ / وَفُلِّلَ بِالْخُطُوبِ الْمَضْرِبانِ
سَحابٌ لِلأَباعِدِ مُسْتَهِلُّ / وَبَحْرٌ مُسْتَفِيضٌ لِلأَدانِي
وَبَدْرٌ لَوْ أَضاءَ لَما أَسِينا / عَلى أَنْ لا يُضِيءَ النَّيِّرانِ
سَأُنْفِقُ ما بَقِيتُ عَلَيْكَ عُمْرِي / بُكاءً شَأْنُهُ أَبَداً وَشانِي
وَلَو أَنِّي قَتَلْتُ عَلَيْكَ نفْسِي / مُكافاةً لِحقِّكَ ما كَفانِي
أَلَمْ تَكُ لِلْمُلُوكِ الْغُرِّ تاجا
أَلَمْ تَكُ لِلْمُلُوكِ الْغُرِّ تاجا / وَلِلدُّنْيا وَعالَمِها سِراجا
أَلَمْ تَحْلُلْ ذُرى الْمَجْدِ الْتِهاماً / بِغاياتِ الْمَكارِمِ وَالْتِهاجا
لَقَدْ شَرُفَ الزَّمانُ بِكَ افْتِخاراً / كَما سَعِدَ الأَنامُ بِكَ ابْتِهاجاً
رَأَوْا مَلِكاً أَنامِلُهُ بِحارٌ / مَنَ الْمَعْروفِ تَلْتَجُّ الْتِجاجا
حَقِيقاً أَنْ يُجابَ عَلَى اللَّيالِي / بِهِ ثَوْبُ الثُّناءِ وَأَنْ يُساجا
يَكادُ الْغَيْثُ يُشْبِهُهُ سَماحاً / إِذا انْهَلَّ انْسِفاحاً وَانْثِجاجا
أَغَرُّ يهِيجُ طِيبُ الذِّكْرِ مِنْهُ / هَوىً بِرَجائِهِ ما كانَ هاجا
تَبِيتُ رِكابُنا ما يَمَّمَتْهُ / تُخالِجُنا أَزِمَّتَها خِلاجا
كأَنَّ الْعِيسَ خابِرَةٌ إِلى مَنْ / بِنا تَطْوِي الْمَخارِمَ وَالْفِجاجا
كَأَنَّ الْفَوْزَ بِالآمالِ تُمْسِي / إِلَيْهِ النَّاجِياتُ بِهِ تُناجا
مَلِيٌّ حِينَ يُنْذَرُ بِالأَعادِي / وَأَمضى الْعالَمِينَ إِذا يفاجا
يَرُوحُ وَخَيْلُهُ تَخْتالُ تِيهاً / بِأَشْجَعِ مَنْ بِها شَهِدَ الْهِياجا
وَما الْمِسْكُ السَّحِيقُ إِذا امْتَطاها / بِأَهْلٍ أَنْ يَكُونَ لهَا عَجاجا
يَطُولُ بِها الثَّرى إِنْ صافَحَتْهُ / وَإِنْ سَلَكَتْ بِهِ سُبُلاً فِجاجا
كَأَنَّ بِسَهْلِهِ وَالْحَزْنِ مِنْها / عِضاضاً لِلسَّنابِكِ أَوْ شِجاجا
مَدَدْتَ إِلى اقْتِناءِ الْحَمْدِ كَفَّاً / طِمى بَحْرُ السَّماحِ بِها وَماجا
وَغادَرْتَ الْعَوالِيَ بِالْمَعالِي / كَخِيسِ اللَّيْثِ عَزَّ بِهِ وِلاجا
وَأَنْتَ جَعَلْتَ بَيْنَهُما انْتِساباً / بِما آلى إِباؤُكَ وَانْتِساجا
ضَرَبْتَ مِنَ الظُّبى سُوراً عَلَيْها / وَمِنْ شَوْكِ الرِّماحِ لَها سِياجا
وَلَمْ تَقْنُ الْقَنا يَوْماً لِتَقْضِي / بَغِيْرِ صُدُورِها لِلْمَجْدِ حاجا
وَلَوْلا الطَّعْنُ فِي الْهَيْجاءِ شَزْراً / لَما فَضَلَتْ أَسِنَّتُها الزِّجاجا
إِذا داءٌ مِنَ الأَيّامِ أَعْيا / عَلَى الأَيّامِ طِبَّاً أَوْ عِلاجا
أَعَدْتَ لَهُ بِبِيضِ الهِنْدِ كَيَّاً / وَأَشْفى الْكَيَّ أَبْلَغُهُ نِضاجا
وَكَمْ سَيْلٍ ثَنَيْتَ بِها وَمَيْلٍ / أَقَمْتَ فَلَمْ تَدَعْ فِيهِ اعْوِجاجا
وَقِيلٍ قَدْ دَلَفْتَ لَهُ بِخَيْلٍ / كَشُهْبِ الْقَذْفِ تَرْتَهِجُ ارْتِهاجا
كَأَنَّ دَبىً وَرِجْلاً مِنْ جَرادٍ / بِها وَالْغابَ يُرْقِلُ وَالْحِراجا
عَصَفْنَ بِعِزِّهِ وَضَرَبْنَ منْهُ / مَعَ الهامِ الْمَعاقِدَ وَالْوِداجا
وَكُنْتَ إِذا عَلَوْتَ مَطا جَوادٍ / مَلأْتَ الأَرْضَ أَمْناً وانْزِعاجا
وَكَمْ أَحْصَدْتَ مِنْ عَقْدٍ لِجارٍ / وَلا كَرَباً شَدَدْتَ وَلا عِناجا
إِذا باتَتْ لأبناءٍ عِظامٍ / بَناتُ الصَّدْرِ تَعْتَلِجُ اعْتِلاجا
جَزاكَ اللهُ نَصْراً عَنْ مَساعٍ / حَمَيْنَ الدِّينَ عِزّاً أَنْ يُهاجا
فَلَمْ تَكُ إِذْ تَمُورُ الأَرْضُ مَوْراً / وَتَرْتَجُّ الْجِبالُ بِها ارْتِجاجا
لِثَغْرِ مَخُوفَةٍ إِلاّ سِداداً / وَبابِ مُلِمَّةٍ إِلاّ رِتاجا
وَلَمْ تَضِقِ الْخُطُوبُ السُّودُ إِلا / جَعَلْنا مِنْ نَداكَ لَها انْفِراجا
كَفى ظُلَمَ النَّوائِبِ واللَّيالِي / بِبَهْجَتِكَ انْحِساراً وَانْبِلاجا
وَحَسْبُ الْعِيدِ عِيدٌ مِنْكَ يَحْظى / بِهِ ما عادَ مُرْتَقِباً وَعاجا
فَدُمْتَ لَهُ وَلِلنِّعَمِ اللَّواتِي / غدَوْتَ بِها لِرَبِّ التَّاجِ تاجا
تَجِلُّ حِلىً إِذا ما الْقَطْرُ حَلى / بِرَيِّقِهِ الأَناعِمَ وَالنَّباجا
إِذا ما كُنْتَ تاجَ عُلىً فَمَنْ ذا / يَكُونُ لَكَ الْجَبِينَ أَوِ الْحَجاجا
إِلَيْكَ زَفَفْتُ أَبْكارَ الْقَوافِي / وُحاداً كَالْفَرائِدِ أَوْ زَواجا
سَوامِي الْهَمِّ لا تَعْدُوكَ مَدْحاً / إِذا اخْتَلَجَ الضَّمِيرُ بها اخْتِلاجا
تَزُورُ عُلاكَ مَرَّاً وانْثِناءً / وَقَصْداً بِالْمَحامِدِ وانْعِراجا
فَكَمْ شادٍ لَها طَرِبٍ وَحادٍ / بها غَرِدٍ بُكُوراً وادِّلاجا
وَكَمْ راوٍ كَأَنَّ بِفِيهِ مِنْها / مُجاجَ النَّحْلِ حُبَّ بِهِ مُجاجا
يَزِيدُ بِها الشَّجِيُّ شَجىً وَبَثّاً / وَيَهْتاجُ الْخَلِيُّ بِها اهْتِياجا
أَقُولُ بِحَقِّ ما تُسْدِي وَتُولِي / وَلَيْسَ بِحَقّ مَنْ حابى وَداجا
وَأَنْتَ أَعَدْتَ لِي بِيضاً حِساناً / لَيالِيَ دَهْرِيَ السُّودَ السِّماجا
أَتَيْتُكَ لَمْ أَدَعْ لِلْحَظِّ عُذْراً / إِلَيَّ وَلا عَلَيَّ لَهُ احْتِجاجا
وَلَمْ أَجْعَلْكَ دُونَ الْخَلْقِ قَصْدِي / لِتَجْعَلَ لِي إِلى الْخَلْقِ احتِياجا
أُقِيمُ عَلَى الصَّدى ما لَمْ يُهَبْ بِي / إِلى الْوِرْدِ الْكَرِيمِ وَلَمْ يُجاجا
فَكَمْ جاوَزْتُ مِنْ عَذْبٍ زُلالٍ / إِلَيْكَ أَعُدُّهُ ملْحاً أُجاجا
إِلى مَلِكٍ سَقى الإِحْسانَ صِرْفاً / فَلَمْ يَذَرِ الْمِطالَ لَهُ مِزاجا
سَنِيِّ الْبَذْلِ ما حَمَلَتْ تَماماً / مَواعِدُهُ وَلا وَضَعَتْ خِداجا
وَخَيْرُ لَقائِحِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّ / دى ما كانَ أَسْرَعها نَتاجا
إِذا ما عاتَبَ الأَيّامَ حُرٌّ / بِغَيْرِكَ لَمْ تَزِدْ إِلاّ لَجاجا
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً / فَقَدْ أَحْقَدْتَهُ كَرَماً وَخِيرا
تَبِيتُ عَلى نَوائِبه مُعِيناً / وَتُضْحِي مِنْ حَوادِثِهِ مُجِيرا
وَتَصْرِفُ صَرْفَهُ عَنْ كُلِّ حُرٍّ / وَتَمْنَعُ خَطْبَهُ مِنْ أَنْ يَجُورا
فَكَمْ أَنْقَذْتَ مِنْ تَلَفٍ أَخِيذاً / وَكَمْ أَطْلَقْتَ مِنْ عُدْمٍ أَسِيرا
فَلا عَجَبٌ وَإِنْ وافى بِأَوفى الْ / فَوادِحِ أَنْ يَسُوءَ وَأَنْ يَسُورا
وَهَلْ قَصَدَ الزَّمانُ سِوى كَرِيمٍ / حَماهُ أَنْ يَضِيمَ وَأَنْ يَضِيرا
وَما زالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَحْدُو / إِلى الأَخْيارِ شَراً مُسْتَطِيرا
تُسِيءُ إِلى ذَوِي الْحُسْنى وَتَحْبُو / مُقَيِلَ عِثارِها الْجَدَّ الْعَثُورا
وَلَوْ راعى ذَوِي الأَخْطارِ دَهْرٌ / رَعى ذا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ الْخَطِيرا
وَلَو دُفِعَ الْحِمامُ بِعِزِّ قَوْمٍ / لَكُنْتَ أَعَزَّ ذِي عِنٍّ نَصِيراً
هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي لَمْ تَلْقَ خَلْقاً / عَلَى دَفْعٍ لَهُ أَبَداً قَدِيرا
سَواءٌ مَنْ يَقُودُ إِلَيْهِ جَيْشاً / وَمَنْ يَحْدُو مِنَ الأَقْوامِ عِيرا
وَما ينَفْكُّ هذا الدَّهْرُ حَتّى / يَصِيرَ إِلى الْفَناءِ بِنا الْمَصِيرا
فيا لِيَ مِنْهُ صَوّالاً فَتُوكاً / وَيا لِيَ مِنْهُ خَلاّباً سَحُورا
كَذلِكَ شِيمَةُ الأَيّامِ فِينا / تَسُوءُ حَقِيقَةً وَتَسُرُّ زُورا
وَكَمْ سُكّانِ دُنْياً لَوْ أَفاقُوا / لَما سَكَنَتْ قُلُوبُهُمُ الصُّدُورا
أَهَبَّ عَلَيْهِمُ الْحَدَثانُ رِيحاً / بِكُلِّ عَجاجَةٍ تُغْري مُثِيرا
تَحَدّاهُمْ كَأَنًَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ / يَمِيناً أَوْ قَضى بِهمُ النُّذُورا
فَيا عَيْشا مُنِحْناهُ خِداعاً / وَيا دُنْيا صَحِبْناها غُرُورا
وَيا دَهْراً أَهابَ بِنا رَداهُ / لِيُتْبِعَ أَوَّلاً مِنّا أَخِيرا
أَما تَنْصَدُّ وَيْحَكَ عَنْ فَعالٍ / ذَمِيمٍ لا تَرى فِيهِ عَذِيرا
سَمَوتَ إلى سَماءِ الْفَخْرِ حَتّى / تَناوَلْتَ الْهِلالَ الْمُسْتَنِيرا
وَطُفْتَ بِدَوْحَةِ الْعَلْياءِ حَتّى / خَلَسْتَ بِكَيْدِكَ الْغُصْنَ النَّضِيرا
كأَنَّ أَبا الْغَنائِمِ كانَ مِمَّنْ / تَعُدُّ وَفاتَهُ غُنْماً كَبِيرا
كَأَنَّكَ كُنْتَ تَطْلُبُهُ بِثَأْرٍ / غَشُومٍ لا تَرى عَنْهُ قُصُورا
خَطَوْتَ الْعالَمِينَ إِلَيْهِ قَصْداً / كَأَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ بِهِ خَبِيرا
إِلى أَنْ أَغْمَدَتْ كَفّاكَ مِنْهُ / حُساماً زانَ حامِلَهُ شَهِيرا
مُصابٌ لَوْ تَحَمَّلَهُ ثَبِيرٌ / دَعا وَيْلاً وَأَتْبَعَها ثُبُورا
يُذَكِّرُنِي سَدِيدَ الْمُلْكِ وَجْداً / وَكُنْتُ لِمِثْلِهِ أَبَداً ذَكُورا
فَما أَطْفَأْتَ مِنْ نارٍ لَهِيباً / إِلى أَنْ عُدْتَ تُذْكِيها سَعِيرا
وَما طالَ الْمَدى فَيَسُوعَ عُذْرٌ / بِأَنْ يَكْبُوا الْجَوادُ وَاَنْ يَخُورا
قَصَرْتَ مَداهُ حَتّى كادَ يَوْماً / بِهِ أَنْ يَسْبِقُ النّاعِي الْبَشِيرا
وَلَمْ يَكْسُ الْفَتى كَمَداً طَوِيلاً / كَمَفْقُودٍ نَضى عُمْراً قَصِيرا
وَلَمْ أَجِدِ الْكَبِيرَ الرُّزْءِ إِلاّ / سَلِيلَ عُلاً فُجِعْتَ بِهِ صَغِيراً
عَلَى أَنَّ الْكِرامَ تَعُدُّ لَيْثاً / هَصُوراً مِنْهُمُ الرَّشَأَ الْغَرِيرا
تَرى أَيّامَهُمْ أَعْوامَ قَوْمٍ / وَساعاتِ الْفَتى مِنْهُمْ شُهُورا
فَلا يَبْعُدْ حِبِيبٌ بانَ عَنّا / وَإِنْ كانَ الْبعادُ بِهِ جَدِيرا
وَكَيْفَ دُنُوُّ مَنْ طَوَتِ اللَّيالِي / كَما تَطْوِي عَلَى الظَّنِّ الضَّمِيرا
فَيا رامِيهِ عَنْ قَوْسِ الْمَنايا / أَصَبْتَ بِواحِدٍ عَدَداً كَثِيرا
ويا راجيه يجعله ظهيراً / نبا لك حادث قطع الظهورا
ويا حاثِي التُّرابِ عَلَيْهِ مَهْلاً / كَسَفْتَ بَهاءَهُ ذاكَ الْبَهِيرا
فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْتُ حَمَلْتُ عَنْهُ / ثَقِيلَ التُّرْبِ وَالْخَطْبَ الْكَبِيرا
أَصُونُ جَمالَهُ وَأُجِلُّ مِنْهُ / جَبِينَ الْبَدْرِ أَنْ يُمْسِي عَفِيرا
بِنَفْسِي نازِحٌ بِالغَيْبِ دانٍ / يُجاوِرُ مَعْشَراً غَيَباً حُضُورا
أَقامَ بِحَيْثُ لا يَهْوى مُقاماً / وَلا يَبْغِي إِلى جِهَةٍ مَسِيرا
وَلا هَجْراً يَوَدُّ وَلا وِصالاً / وَلا بَرْداً يُحِسُّ وَلا هَجِيرا
أَقُولُ سَقى مَحَلَّتَهُ غَمامٌ / يَمُرُّ بِها مِراراً لا مُرُوراً
وَرَوَّضَ ساحَتَيْهِ كَأَنَّ وَشْياً / يَحُلُّ بِها وَدِيباجاً نَشِيرا
إِذا خَطَرَ النَّسِيمُ عَلَيْهِ أَهْدى / إِلى زُوّارِهِ أَرَجاً عَطِيرا
وَما أَرَبِي لَهُ فِي ماءِ مُزْنٍ / وَقَدْ وَدَّعْتُ مِنْهُ حَياً مَطِيرا
وَلَوْلا عادَةُ السُّقْيا بِغَيْثٍ / إِذاً لَسَقَيْتُهُ الدُّرَّ النَّثِيرا
وَقَلَّ لِقَدْرِهِ مِنِّي وَقَلَّتْ / لَهُ زُهْرُ الْكَواكِبِ أَنْ تَغُورا
أَحِنُّ إِلى الصَّعِيدِ كَأَنَّ فِيهِ / شِفايَ إِذا مَرَرْتُ بِهِ حَسِيرا
وَاسْتافُ الثُّرى مَذْ حَلَّ فِيهِ / وَأَلْصِقُهُ التَّرائِبَ وَالنُّحُورا
وَلَوْلا قَبْرُهُ ما كُنْتُ يَوْماً / لأَلْثِمَهُ وَأَعْتَنِقَ الْقُبُورا
عَلَيْكَ بِأَدْمُعٍ آلَيْنَ أَلاّ / يَغِضْنَ وَلَوْ أَفَضْنَ دَماً غَزِيرا
يَزُرْنَكَ مُسْعِداتٍ مُنْجِداتٍ / رَواحاً بِالتَّفَجُّعِ أَوْ بُكورا
فَأَوْلى مَنْ يُقاسِمُكَ الأَسى فِي / خُطُوبِكَ مَنْ تُقاسِمُهُ السُّرُورا
وَلا تَعْلَقُ بِصَبْرٍ بَعْدَ بَدْرٍ / ذَمَمْنا الصَّبْرَ عَنْهُ والصَّبُورا
وَإِنْ قالُوا اسْتَرَدَّ الدَّهْرُ مِنْهُ / مُعاراً كَيْفَ تَمْنَعُهُ اْلمُعِيرا
فَلِمْ أَعطاكَهُ نَجْماً خَفِياً / وَعادَ لأَخْذِهِ قَمَراً مُنِيرا
أَبا الذَوّادِ ما كَبِدٌ أُذِيبَتْ / بِشافِيَةٍ وَلا قَلْبٌ أطِيرا
فَهلَْ لَكَ أَنْ تُراقِبَ فِيهِ يَوْماً / يُوَفّى الصَابِرونَ بِهِ الأُجُورا
وَلَوْلا أَنْ أَخافَ اللهَ مِنْ أَنْ / يَرانِي بَعْدَ إيمانٍ كَفُورا
لَما عَزَّيْتُ قَلْبَكَ عَنْ حَبِيبٍ / وَكُنْتُ بِأَنْ أُحَرِّقَهُ بَصِيرا
وَلَمْ نَعْهَدْكَ فِي سَرّاءِ حالٍ / وَلا ضَرّائِها إِلاّ شَكُورا
فَصَبْراً لِلْمُلِمِّ وإِنْ أَصَبْنا / جَناحَ الصَّبْرِ مُنْهاضاً كَسِيرا
أَلَمْ تَعْلَمْ وَكانَ أَبُوكَ مِمَّنْ / إِذا خَطَبَ الْعُلى أَغْلى الْمُهُورا
بِأَنَّكُمُ أَطَبُّ بِكُلِّ أَمْرٍ / إِذا ما ضَيَّعَ النّاسُ الأُمُورا
وَأَيُّ الْخَطْبِ يَنْقُصُ مِنْ عُلاكُمْ / وَأَيُّ النَّزْفِ يَنْتَزِحُ الْبُحُورا
وَأَيُّ عَواصِفِ الأَرْواحِ يَوْماً / تَهُبُّ فَتُقْلِقُ الطُّوْدَ الْوَقُورا
وَإِنَّكَ شائِدٌ وَأَخُوكَ مَجْداً / سَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ حَسَناً أَثِيرا
إِذا وُقِّيتُما مِنْ كُلِّ خَطْبٍ / فَما نَبْغِي عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرا
وَما الْقَمَرانِ إِذْ سَعِدا وَتَمّا / بِأَبْهَرَ مِنْكُما فِي الْفَضْلِ نُورا
أُرانِي لا أَسُومُ الصَّبْرَ قَلْبِي / فَأُدْرِكُهُ يَسِيرا أَوْ عَسِيرا
كَأَنِّي مُبْتَغٍ لَكُما شَبِيهاً / بِهِ أَوْ مُدَّعِ لَكُما نَظِيرا
فَلا أَخْلى الزَّمانُ لَكُمْ مَحَلاّ / وَ لاعَدِمَتْ سَماؤُكُمُ الْبُدُورا
أَلَمْ أَكُ لِلْقَوافِي الْغُرِّ خدْناً
أَلَمْ أَكُ لِلْقَوافِي الْغُرِّ خدْناً / وَقِرْناً لَنْ يُرامَ وَلَنْ يُرازا
أَبِيتُ أَرُوضُها طَوْراً وَطَوْراً / أُذَلِّلُها صِعاباً أَوْ عِزازا
تَكادُ تَئِنُّ مِنْ أَلَمٍ إِذا ما / ثِقافُ الْفِكْرِ عاصَرَها لِزازا
أَلَسْتُ إِلى النَّدى أُنْمى اعْتِزاءً / أَلَمْ أَكُ بِالنَّدى أُحْمى اعْتِزازا
أَلَمْ تُثْمِرْ يَدُ الْمَعْرُوفِ عِنْدِي / وَقَدْ طابَتْ غِراساً أَوْ غِرازا
فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ أَعْدُو صَنِيعاً / عَدا حَدَّ السَّماحِ بِهِت وَجازا
وَكَمْ مِنْ جاهِدٍ قَدْ رامَ عَفْوِي / فَما بَلَغَتْ حَقِيقَتُهُ الْمَجازا
يَرُومُ بِعَجْزِهِ الإِعْجازَ جَهْلاً / وَكَيْفَ يَصِيدُ بِالْكَرَوانِ بازا
سأَبْسُطُ فِي الثَّناءِ لِسانَ صِدْقٍ / يَطُولُ بِهِ ارْتِجالاً وارْتِجازا
يَعُبُّ عُبابُهُ بَحْراً خِضَمَّاً / وَيَبِتُكُ حَدُّهُ عَضْباً جُرازا
لَعَلِّي أَنْ يَفُوزَ بِسَعْدِ مَدْحِي / فَتىً سَعِدَ الزَّمان بِهِ وَفازا
فَأَجْزِيَ سَيِّدَ الرُّؤَساءِ نُعْمى / لَهُ عِنْدِي وَجَلَّتْ أَنْ تُجازا
وَمَنْ لِي أَنْ أَقُومَ لَها بِشُكْرٍ / وَأَنْ أُغْرِي بِما أَعِدُ النّجازا
عَنَتْنِي لا الثَّناءَ لَها مُطِيقاً / وَلا كُفْرانُها لِي مُسْتَجازا
رَأَى بَيْنِي وَبَيْنَ الدَّهْرِ حَرْباً / أُكابِدُها نِزالاً أَوْ بِرازا
تَتُوقُ إِلى الْغُمُودِ الْبِيضُ فِيها / وَتَشْتاقُ الرِّماحُ بِها الرِّكازا
فَأَصْلَتَ مِنْ مَكارِمِهِ حُساماً / يَجُبُّ غَوارِبَ النُّوَبِ احْتِزازا
حَمى وَهَمى فَعُذْتُ وَلُذْتُ مِنْهُ / بِأَكْرَمِ مَنْ أَجارَ وَمَنْ أَجازا
وَإِنِّي مُذْ تَحَدَّتْنِي اللَّيالِي / لَمُنْحازٌ إِلى الْكَرَمِ انْحِيازا
إِلى مُتَوَحِّدٍ بِالْحَمْدِ فاتَ الْ / كِرامَ بِهِ اخْتِصاصاً وامْتِيازا
أَعَمُّهُمُ إِذا كَرُمُوا سماحاً / وَأَثْقَلُهُمْ إِذا حَلُمُوا مَرازا
عَلِيٌّ أَنْ يُطاوَلَ أَوْ يُساما / أَبِيٌ أَنْ يُماثَلَ أَوْ يُوازا
أَقَلُّ النّاسِ بِالْمالِ احْتِفالاً / وَأَكْثَرُهُمْ عَلى الْمَجْدِ احْتِرازا
تَهُونُ طَرِيقُ سائِلِه إِلَيْهِ / وَإِنْ عَزَّ احْتِجاباً وَاحْتِجازا
فَتىً لَمْ يَسْتَكِنْ لِلدَّهْرِ يَوْماً / وَلَمْ تَضِقِ الْخُطُوبُ بِهِ الْتزازا
وَلَمْ يَكُ جُودُهُ فَلَتاتِ غِرٍّ / أُبادِرُ فُرْصَةً مِنْها انْتِهازا
صَلِيبٌ حِينَ تَعْجُمُهُ اللَّيالِي / وَغَيْرُ النَّبْعِ يَنْغَمِزُ انْغِمازا
يُغالِبُها اقْتِداراً واقْتِساراً / وَيَسْلُبُها ابْتِذالاً وابْتِزازا
عُلىً تُقْذِي الْعُيُونَ مِنَ الأَعادِي / وَتُنْبِتُ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَزازا
أَبا الذَّوادِ كَمْ لِي مِنْ مَقامٍ / لدَيْكَ وَكَمْ أَفادَ وكَمْ أَفازا
أُغِيرُ عَلَى نَداكَ وَكانَ حَقَّاً / لِجُودِكَ أَنْ يُغاوَرَ أَوْ يُغازا
وَما لِسَوامِ وَفْرِكَ مِنْكَ حامٍ / فَيَأْمَنَ سَرْحُهُ مِنِّي اخْتِزازا
عَمَمْتَ الشّامَ صَوْبَ حَياً فَلمّا / تَرَوّى الشّامُ ناهَضْتَ الْحِجازا
أُتِيحَ لَهُ وَقُيِّضَ مِنْكَ غَيْثٌ / حَوى خِصْبَ الزَّمانِ بِهِ وَحازا
فَأَمْطَرَهُ النَّدى لا ماءَ مُزْنٍ / وَأَنْبَتَهُ الْغِنى لا الْخازَبازا
سَقى بَطْحاءَ مَكَّةَ فَالْمُصَلّى / وَرَوَّضَ سَهْلَ طَيْبَةَ وَالْعَزازا
وَكُنْتَ إِذا وَطِئْتَ تُرابَ أَرْضٍ / رَبا بِنَداكَ واهْتَزَّ اهْتِزازا
إِذا لَمْ تَرْوِها الأَنْواءُ قَصْداً / كَفاها أَنْ تَمُرَّ بِها اجْتِيازا
رَأَى الْحُجّاجُ يَوْمَ حَجَجْت بَدْراً / وَبَحْراً لَنْ يغامَ وَلَنْ يُجازا
سُقُوا وَرُعُوا بِجُودِكَ لا اسْتِقاءً / أَيا جَمَّ السَّماحِ وَلا احْتِيازا
أَجَزْتَهُمُ الْمَخافَةَ لَمْ يُرابُوا / بِها رَيْباً وَمِثْلُكَ مَنْ أَجازا
وَأَرْهَبُ ما يَكُونُ السَّيْفُ حَدَّاً / إِذا ما فارَقَ السَّيْفُ الجَهازا
وَكَمْ لَكَ حِجَّةً لَمْ تَدْعُ فِيها / إِلى الْوَخْدِ الْمُضَبَّرَةَ الْكِنازا
صَنائِعُ كَمْ رَفَعَتَ بِها مَناراً / لِفَخْرٍ واتَّخَذْتَ بِها مَفازا
وَما جاراكَ فِي فَضْلٍ فَخارٌ / فَلَمْ تَجْتَزْ مَدى الْفَضْلِ اجْتِيازا
وَلا ساماكَ فِي عَلْياءَ إِلاّ / وَفُزْتَ بِها انْفِراداً وَانْفِرازا
لَبِسْتَ مِنَ الْفَضائِلِ ثَوْبَ فَخْرٍ / وَلكِنْ كُنْتَ أَنْتَ لَهُ الطِّرازا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025