المجموع : 41
ظَهيراك التوكُّل والمَضاء
ظَهيراك التوكُّل والمَضاء / فَعُمْرُ الكُفْر آن له انْقِضاءُ
يدُ الإيمَانِ عَالِيَةٌ عَليه / كَما يَعْلو على الظُّلَم الضّياءُ
وبيضُ الهِنْد ظَامِئَةٌ إليهِ / ومِن دَمِه يسوغُ لها ارْتِواءُ
أعُبَّادَ المَسيح دنا رَدَاكُمْ / وأَخْرَسَ نَأْمةَ الجَرَس النِّداءُ
لِمَ استعجَلتُمُ حُمْرَ المنايا / وأنتم عن تَقَحُّمِها بِطاءُ
رَحى الهَيْجاءِ دائِرةٌ عليكُم / بما يَنْهدُّ خِيفَتَه حِراءُ
هُو الزّمنُ الذي كُنْتُمْ وُعِدتم / تجلّى الحقّ فارتفع المراءُ
وما لا يُستطاعُ له دفاع / فليسَ وراءَه إلا الفناءُ
رَمى بِكُمُ مِنَ المنْجاةِ يَأسٌ / وما لَكُمُ بما خُنتمْ رَجاءُ
تَماطيتُم لِقَاء الأُسْد غُلْباً / وكيفَ ومَوْعِدُ البَيْن اللِّقاءُ
وقُلْتُمْ نحن أكْفَاءٌ وَأنَّى / تُضاهي نارَ أخضركم ضُحاءُ
دَعاوي البَأْس عادَتكُم ولكِنْ / بِحيثُ يُمَدُّ لِلْمَجْرى الخَلاءُ
تَعَالَوْا إنَّها أسدٌ خِمَاصٌ / بأيْديها لَكُمْ أسلٌ ظِماءُ
حصادُكُمُ على الأسْيافِ دَيْنٌ / ومِنْ تلك الأكفِّ لَهُ اقْتضاءُ
ستَصْدِمكُم وَتصْمِدُكُم خُيولٌ / مِنَ الأسطُول ضَمَّرها الجِراءُ
كأمثالِ المَذَاكي سابحاتٍ / لها عَدْوٌ لِمَنْ فيهِ اعتِداءُ
مِنَ الدُّهْم السوابق لا لغوب / يُثَبّطُ جَرْيَهُنّ ولا عَناءُ
صحاحٌ تُشْبِهُ الآجَالَ جَرْياً / بِآيةِ ما يُجلّلُها الهناءُ
هِيَ الغِرْبانُ تَسْمِيَةً وَمَعْنىً / وَلَيْس لها سِوى ماء هَوَاءُ
نَواعِبُ أوْ نواعٍ لِلأعادي / بِما عُقْباه قَتْلٌ أو سِبَاءُ
بَناتُ الماء حاملة كُماة / بِأَهْلِ النار سَطْوَتُها العياءُ
يُسَرُّ بِها الهُدى ويَقَرُّ عَيْناً / وَلكنّ الضّلال بِها يُساءُ
عَلى سِير الإمارَة لم تَرِمْها / لَدَيْها يَشْفَعُ البَأس الحياءُ
أولَئِك زُمْرَةُ التَّوْحيد يُنمى / بها نَسَبٌ لطُهْرَته نَماءُ
خَضِيب نصولها يأبى نُصولاً / فتِلك عَبيطَة فيها الدّماءُ
فِدَاءٌ للخليفَة مَنْ عَلَيْها / وقلّ لَهُ إذا كَثُر الفِداءُ
إمامٌ نوّر الدُنيا هُداهُ / وَقد أعْيا بظُلْمَتِها اهتِداءُ
لَه في المَجدِ والعَلْيا انْتِهَاءٌ / ومِنْهُ في انتِهائِهما ابتِداءُ
غِنىً في راحَتَيْه لِلأماني / وللإيمانِ مِلْؤهما غَنَاءُ
فلا تجزعْ لداهِيَة بِنَادٍ / أما ناديه للجُلّى جَلاءُ
إذا الأهوال حَلَّتْ ثم جلّت / فَيَحْيى المُرْتَضَى مِنها وِقاءُ
هُو الهادي إلَى الخَيْراتِ يُهْدى / له المَدْحُ المُحَبّر والثّنَاءُ
وهَلْ تُعْيي مُعَالجَةٌ لخطبٍ / وما تُمْضي إرادَتُه شِفاءُ
هَنِيئاً عامُ إقْبال جديدٌ / بِيُمْنِ طُلوعِه عَمّ الهَناءُ
وَإعدادٌ لِغَزْو الشّرْك تَزْكو / بِنِيّته المَثُوبَةُ والجَزاءُ
جَوارٍ مُنْشَآتٌ في تَبَارٍ / إلى الفَوْزِ العظيمِ بما تَشاءُ
وجُرْدٌ مُقْرَبَاتٌ أيّدَتْها / على مَنْ غُلْتَ في الأرضِ السماءُ
تدمّرُهُم رِياحاً ليسَ مِنها / وَقد هبّت بإعصافٍ رُخاءُ
كَتائبُ لا يُحيطُ بها كِتابٌ / يضيقُ برَحْبه عنها الفَضاءُ
إذا نَزَلَتْ بِساحات الأعادي / صَباحاً لم يُلَبّثُها الضُّحاءُ
فَلِلتّثْليثِ وهْنٌ واتّضاعٌ / وللتّوحيد أيد وارتِقاءُ
نُفوسُ العالَمينَ لك الفِداءُ
نُفوسُ العالَمينَ لك الفِداءُ / فكيف ألَمّ يُؤْلِمُك اشتِكاء
وكيفَ خَطا إلى ناديكَ يُفضي / وبالخَطّي قد شَرِق الفَضاء
وللجُرْد المُطَهّمَة ارْتِكاضٌ / وللبِيض المُهَنَّدَة انْتِضاء
فِداؤك حاضِرٌ مِنهم وبادٍ / لأنَّك ما بَقِيتَ لَهُم وقاء
دَعَوا لك بالخُلودِ وَقد أجيبوا / ولا رَدٌّ إذا خَلُصَ الدُّعاء
هُم اقْتَرحوا بَقَاءك لِلْمَعالي / لِيَهْنِئَهم بِدَوْلَتِك البَقاء
وأمّا الدّين والدُّنيا فَلولا / شِفاؤك لم يُتَحْ لَهما شِفاء
فإن عُوفِيت عوفِيت البَرايا / وَقد ناجى مَعَالِمَها العَفاء
ولولا أنْ أفقت لما تجلّت / بأفْقٍ في أشعتِها ذُكاء
ولا ضَحِكتْ بُروقٌ في سحاب / لَها من عارض الشّكْوى بُكاء
نضا عنك الضّنى بُرْءٌ سعيدٌ / كمَا رَوّتْ صَدى الأرْضِ السّماء
وَجَلّلَ وَجْهَكَ الوَضّاحَ نُورٌ / إلى الإصْباح يُنْميهِ النّماء
كَذاك الشمسُ إن كُسِيتْ شُحوباً / جَلاه النور عَنها والضياء
حَياةُ النّاسِ في تَخْليدِ يَحْيى / وَهل في أبْلَجِ الحقّ امْتِراء
إمامُ هُدى بِهِ اتّصَل اعْتِدَالٌ / مِنَ الأيّامِ وانْفَصَلَ اعْتِدَاء
لِغُرّتِه النواظِرُ سامِيات / كما شَاءَ السّنى وشَأى السّنَاء
وما سحّت يَداهُ نَداه إلا / تَبَيّن في الحَيا مِنْهُ الحَياء
أمَوْلايَ أنادي مِنْ بَعيدٍ / ليُظْفرَني بإدنائي النّداء
ولَوْ أنّ الهوى بالقصدِ وافٍ / لَطار إليكَ بالقلبِ الهواء
وأوشِك أن لاقِيَ كلّ حُسنى / وإحْسان متى سَنَح اللقاء
أقِمْ لِسَعادةٍ يَهْفو ويَضْفو / علَيكَ على الوَلاء لها لِواء
وَأهلُ السّهْلِ والجَبل انقياداً / وإذعاناً عَبيدٌ أو إماء
فلا بأس وأنت لنا غياثٌ / ولا يَأسٌ وأنتَ لنا رَجَاء
ودونَك مِدْحَةً أوْجَزْتُ فيها / وكُنتُ أطِيلُها لولا الجَفاء
ومن شرطِ العيادات اخْتِصار / وهذا الأصْلُ يُطْردُه الهناء
لعَلَّ عُلاك تُوسِعُني بحُبّي / قَبُولاً إنّه نِعْمَ الحِبَاءُ
ألَمْ تَر لِلْخُسوفِ وكيف أوْدى
ألَمْ تَر لِلْخُسوفِ وكيف أوْدى / بِبَدْرِ التّمّ لَمّاع الضّياء
كمِرآةٍ جَلاها الصّقْل حتّى / أنارَتْ ثُمّ رُدَّتْ في غِشَاء
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ / إلَى التُّرْبِ استقَل مِن التّرائِبْ
يُقَرِّبُه التّذُّكُّرُ وهْوَ نَاء / ويُحْضرُه التفكر وهْو غائِبْ
نَضَوْتُ سَحابةً غَطّتْ نُجوماً
نَضَوْتُ سَحابةً غَطّتْ نُجوماً / تَلألأ في سَمَاء من زُجاجِ
لها عَرْفٌ وعَرْف الشُّهْب ألا / يَكونُ لَها سوى صَدْع الدياجي
أُحاكي المُنْتَشي طرَباً وَعُجْباً / بمَطلعِها وَأفْحِمُ مَنْ أُحاجِي
تَشُحُّ بِوَصْلِها ذَاتُ الوِشاحِ
تَشُحُّ بِوَصْلِها ذَاتُ الوِشاحِ / عَلَى شادٍ بِها وَقْعُ الجِراحِ
وَتَبْخَلُ مِنْ أزاهِر وَجْنَتَيْها / بِشَمّ الوَرد أَو لَثْم الأقاحي
وَقَد مَلَكَتْ لَواحِظُها فُؤادِي / فَبَرْحُ هَوَاي لَيْسَ إلَى بَرَاحِ
نَأتْ ومَزارُها صَدَدُ
نَأتْ ومَزارُها صَدَدُ / فهَل لكَ بالمَعادِ يَدُ
مَهَاةٌ مِنْ بَنِي أَسَد / فَريسَةُ لَحْظِها الأسَدُ
تَفُوتُ العَدّ قَتْلاها / وَلا دِيَةٌ ولا قَوَدُ
نَمَتْها الصيِّدُ مِنْ مُضَرٍ / وفيها البَيْتُ والعَدَدُ
ورَبّتْهَا القُصُورُ البِي / ضُ لا العَلْيَاءُ والسّنَدُ
فكَيفَ بِقَصدِها والسّم / هَرِيّةُ حَوْلَهَا قِصَدُ
وَقَدْ تَغْشَى خِلال الحَي / يِ أَحْيَاناً وإِنْ بَعُدوا
بِحَيْثُ الماءُ والأكْلا / ءُ لا يَبَسٌ ولا ثَمَدُ
فرَوْضُ الحَزْن ما انْتَجَعوا / وَفَيْضُ المُزْن ما وَرَدوا
إذا رُفِعَت مَضَارِبُهَا / فَخَطيَّاتُهم عَمَدُ
وَإنْ عُقِلَتْ رَكائِبُها / فَخَيْلُهُمُ لَهَا رَصَدُ
أتاها أنّنِي وَصِبٌ / كَمَا شَاءَ الهَوى كَمِدُ
إِذا ما النّومُ نَعَّمها / يُعَذّبُني بِها السُّهُدُ
فَما عَبَأتْ بِما ألْقى / ولا رَقّت لِما أَجِدُ
ولَوْ عُنِيَتْ بِعانيها / لَعَادَتْه كما تَعِدُ
أَهيمُ بها ولا عَذَلٌ / يُنَهْنِهُني ولا فَنَدُ
هَواها جَل في خَلَدي / فَيَا ما أُودِعَ الخَلَدُ
وَصَبْري بَانَ مُذْ بَانَتْ / فَأنَّى الصّبْرُ والجَلَدُ
وَكُنْتُ أصيحُ واكبدِي / وكَيْفَ وَلَيْسَ لي كَبِدُ
وَقالوا قَلبُها حَجَر / فقلتُ وثَغرُها بَردُ
وَمِنْ عَجَبٍ قَسَاوَتُها / وَمِلء أديمِها الغَيَدُ
سَأعْتَمِد الأميرَ وَهَل / سِوى رُحْماهُ مُعْتَمَدُ
وأَقْصُد فيهِ إسْرَافَ ال / مَدائِحِ لَسْتُ أقْتَصِدُ
عَلى عُذْرٍ بِما أُولى / مَتَى خَصَمَتْنِيَ الرَفدُ
مُصِيبٌ كلَّ مَنْ هُوَ في الث / ثَناءِ عَلَيهِ مُجْتَهِدُ
لقَد نَهَجَ السّدَادَ فكُل / لُ مَا سَلَكَ الوَرى سَدَدُ
وَفَتَّحَ للنّدَى أَبْوَا / بَهُ إذْ سُدّتِ السُّدَدُ
كأَنَّ البَحْرَ طَفّاحاً / لِبَحْرِ نَوالِهِ زَبَدُ
إمَامُ هُدىً بِهِ انْتَظَمَ ال / هُدى واسْتَوْثَقَ الرَّشَدُ
وقامَ الحَقُّ مُعْتَدِلاً / فَلا وِزْرٌ ولا أَوَدُ
سَرِيعُ البَطْشِ مَتَّئِدٌ / جَمِيعُ الفَضْلِ مُتحِدُ
لِمَنْ عادَى وَمَن وَالى / بهِ الأصْفادُ والصّفَدُ
وَقَدْرٌ حَيثُ لا سَلْع / يَقَرُّ بهِ وَلا أُحُدُ
لَهُ الأمْلاك جُنْدٌ وال / مَلائِكُ حَوْلَهُ مَدَدُ
فَلمْ يُعْتَد مُطَّرِدُ الْ / قَنا والنّصْرُ مُطَّرِدُ
ولمْ يُتَقَلَّد الصَّمْصا / مُ أو يُتَقَمَّصُ الزَّرَدُ
بِيَحْيَى المُرْتَضَى أحيا ال / إِلَهُ الخَلْقَ إِذْ هَمَدوا
تَوَلَّى نَصْرهمْ والحَرْ / بُ قَدْ قَامَتْ لَهَا القَعَدُ
وصَيَّرَهُم جَميعاً حِي / نَ أبْصَرَهُم وهُمْ بدَدُ
إلَى الفَوْزِ العَظيم دُعُوا / ولِلسَّنَنِ القَويمِ هُدُوا
وفي سُلْطانِهِ عُتِقُوا / وَلولا أمْرُهُ اعْتُبِدُوا
لُبَابٌ في الأَئِمّةِ مُن / تَقىً لِلْمُلْكِ مُنْتَقَدُ
هُمْ حَسَدُوا تَطَاوُلَه / وَقَصْرُ القَاصِرِ الحَسَدُ
مَدَاهُ يُؤَمِّلُونَ وأيْ / نَ مِن أُسْدِ الشَّرَى النَّقَدُ
عَن الإِجْمَاع قَامَ فَلَنْ / يَقُومَ لِخَرْقِهِ أَحَدُ
وفِي الأبراجِ منزِلُه / إلى أنْ بَرَّزَ الأمَدُ
أَما آثارُهُ نُخَبٌ / أَما أَعْصارُهُ جُدُدُ
وحَسْبكَ منْ صَنَائعَ في / مَصَانِعَ نُورُهَا يَقِدُ
وَفيها اليُمْن مُسْتَنِدٌ / وَفيها الحُسْن مُحْتَشِدُ
تَنَاهَبْنَ العُقُولَ كأن / نَهُنَّ عَقَائِلٌ خُرُدُ
وَيَومٍ في أبِي فِهْرٍ / يُؤَرِّخُ فَخْرَهُ الأبَدُ
تُغَذّي الرّوْحَ والرّيْحَا / نَ مِنْهُ الروحُ والجَسَدُ
أفَانِينٌ مِن النُّعْمى / إذَا مَا أصْدرَتْ تَرِدُ
وجَنّاتٌ مُزَخْرَفَةٌ / يَشُوقُ حَمَامُها الغَرِدُ
رَبيعٌ قَيْظُها الحامِي / فَلا صَخْدٌ ولا وَمَدُ
وَرَغْدٌ عَيشُها الراضي / فلا كَبَدٌ ولا نَكَدُ
جَرى العَذْبُ الفُراتُ بِها / فَما حِلُ تُربِها ثَمَدُ
وَجَرّتْ ذَيْلَهَا أرَجاً / صَبَاحاً وَهي تَتَّئِدُ
فخِلْتُ خِلالَ مَوْلانا / عَلَى أرْجَائِها تَفِدُ
بِدَوْلَتِه حَلا طَعْمُ الْ / حَياةِ فَشُرْبُها شَهدُ
ولَوْلا كَوْنُها ظهرَ ال / فَسادُ وعادَ يطَّردُ
ولا نَقْرضَ القَريضُ وآ / ضَت الآدابُ تُضْطَهدُ
وأصْبَحَ داثِراً مَغْنَا / هُ لا سَبَبٌ ولا وَتِدُ
فلا زالَتْ مُنَفّقَةً / بَنيهِ كُلّما كَسَدوا
فَما نَهَضَتْ بهِم نَهَضوا / وَما خَلَدَتْ لَهُم خَلَدوا
إلى أوْطَانِه حَنّ العَمِيدُ
إلى أوْطَانِه حَنّ العَمِيدُ / فَظَلّ كَأنّه غُصْنٌ يَمِيدُ
ومسقطَ رأسهِ ذَكَر اشْتِياقاً / فَذابَ فُؤادُهُ وهو الحَديدُ
ولَو رامَ السلُوّ أَبَتْ عَلَيه / مَعاهدُ عَهدها الماضي حَميدُ
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ / تَرَ الفَذَّ الوَحيدَ بِلا نَظيرِ
وما أَن لاحَ وَضَّاح المحيَّا / فقل إشراقُ بَدرٍ مُستَنيرِ
وَقَد برَقَت أسرَّتُه سُروراً / كَمثل وَميض برق مُستَطيرِ
كأنَّ نهارَه والليل صِيغَا / مِن الكافورِ والمِسكِ النَثيرِ
وَقد لبِسَ الأصيلُ هناكَ دِرعا / فَكأن علَيهِ رَدعاً في عَبيرِ
وَما متعَ الضُّحى إلا حَبانا / بِأَمتَعَ من مُحادَثة البَشيرِ
فمِنْ رِئي رَبيعيٍّ وَري / كإشراقِ الرياضِ عَلى الغَديرِ
تَبارَكَ مَن كَساه سَنىً وَحُسناً / وبارَكَ في الرواحِ وفي البكورِ
تَبَرّجَ أو تَبَلَّج فاشرَأَبَّتْ / لبَهجَتِهِ القُلوبُ مِن الصّديرِ
وَشَعشَعَ مِن سَنَاه فاستَتَبَّتْ / بَدائِع رُقْن من نَوْر ونُورِ
رأيتُ بِها العَذارَى طالِعاتٍ / شُموسا من سُموتٍ لِلخدورِ
مُضَمّخَةَ الذَوائِبِ بِالغَوالي / مُقَلّدَةَ الترائِب بالبخُورِ
أُعَاطي ذِكْرَها صَحبِي فَتَهفو / مَعاطِفُهم على حُكمِ السُرورِ
وَيَستَشرِي ارتِياحُهُم كأني / أصرّفُ بَينَهُم صَرْفَ الخُمورِ
فبُشرَى ثُم بُشرَى ثُمَّ بُشرَى / مُكرّرَةً عَلى كَرِّ العُصورِ
نطَقْتُ عَنِ المَكارِمِ والمَعالي / بِها وعَنِ المَنابِرِ والقُصورِ
وَعن دُنيا مُهنَّأةٍ ودينٍ / وَعن ذاتِ الصّليلِ وذي الصّريرِ
بِمَيْمُونِ المَطالِعِ والمَساعي / ومَأْمُون الستارِ أَو السُفُورِ
هِلالاً حَلَّ مَنْزِلَة الثريَّا / وَقَبَّل راحَة البَدْرِ المُنيرِ
وَشِبْلاً يَهْصُر الآسادَ بأساً / أَلَمَّ بغَابَة الأَسَد الهَصُورِ
ونَجْداً يَسْتَخِفُّ الشمّ حِلْماً / نَحا رضْوى وَحَطَّ عَلى ثَبيرِ
وَمُزْناً يَسْتَهِلُّ نَدىً وجُوداً / أَتى بَحراً يُطُمُّ عَلَى البُحورِ
أميرُ الدَّهْر يومٌ فيه وافَى / أبو يَحيَى الأمير ابنُ الأميرِ
لدارِ المُلك صَار وسار يُمْناً / فأسْعِدْ بالمَصيرِ وبالمَسيرِ
يؤُمُّ بها إمامَ العَدْلِ يَحْيَى / سرَاجاً كالسّريجِي الشّهيرِ
لِيُوسِعَها التِزاماً والتثاما / كَما ازْدَحم الحَجيجُ عَلى السُتورِ
وأَكرَمُ زائرٍ نجْلٌ أقرَّت / عُلاه عَيْن نَاجِلهِ المَزُورِ
تجلَّى يَمْلأ الدُّنيا جَلالاً / وأَكنافَ السهولَةِ والوُعورِ
فَكَم مِن أَنْفُس لِهُداهُ مِيلٌ / وَكَم مِن أعْينٍ لِسَناهُ صُورِ
وَجاشَتْ مِنْ حَوالَيْهِ جُيوشٌ / تَجُلُّ بِحارُهُنَّ عَن العُبورِ
وَراياتٌ كأَفْئِدَة الأَعادِي / إِذا خَفقت وأَجنحة الطيورِ
تُخَبِّر ألسُنُ العَيِيَاتِ عنْها / بِما يُعْيِي عَلَى اللسِنِ الخَبيرِ
فَإنْ تُصْبِحْ لَها الدُّنيا طُرُوساً / فَقَد صُفَّت عَلَيها كالسطورِ
هُمامٌ صِيغَ مِن كَرَم وَمجدٍ / وأُوتِيَ شيمتي خَيْرٍ وَخِيرِ
تَقَحّم غَمْرة الأخْطارِ لَمّا / سَما هِمَماً إِلى نَيْلِ الخَطيرِ
وأنْكَرُ ما لَديهِ غِرارُ سَيْفٍ / بِلا فَلٍّ ووَفرٌ في وُفورِ
وآنقُ ما يَكُرُّ اللحظَ فيهِ / نَجيعٌ حائِرٌ أثْناءَ مُورِ
يزور الحَرْب مُرْتاحاً إلَيها / ويَألفُ حِجْرَها دُونَ الحُجورِ
بِآيَةِ مَا غَذَتْهُ وأَرْضَعَتهُ / صَغيراً في حِجى الكَهلِ الكَبيرِ
وَسَلَّتْ مِنْه صدْق الضّربِ عَضْباً / مُبيراً كُلّ كَذّابٍ مُبيرِ
وَقوراً والجبالُ تخرُّ مِمَا / يُزَلزلُ جانِبَ الأرْضِ الوَقورِ
كأنَّ علَيهِ نَذْراً أنْ يُوَافي / رَجاها فَهوَ يُوفي بِالنذورِ
يَجُرُّ جُيوشَها حالاً فَحالا / ليَرتَفِعَ انتِصاباً لِلْهَجيرِ
ويختارُ السُّروج على الحَشايا / مِهاداً والحَديد عَلى الحَريرِ
غَدَتْ تهراق أنْصُلُه دِماءً / بِهامَةِ كلّ خَتَّارٍ فَخورِ
وتَقذفُها مُهَنّدَةً ذُكورا / وما قَذْفُ الرِّمَى شِيَمُ الذُّكورِ
وَإنْ فجَرتْ أعادِيه انْتِقاضاً / ولَجَّتْ في العُتوّ وفي النُّفورِ
فَماءُ حديدِهِ لهُمُ طَهُورٌ / يُصَبُّ عَلَيهِمُ بِيَد الطَّهورِ
ألَمْ ترَ كيفَ حاطَ الشّرْقَ رِدءاً / يَرى التّمكينَ مِنْ عَزْمِ الأمورِ
ومَلَّ الغرْبُ غرْبَ ظُباه عَوداً / ثَناهُ إِلى الغُروبِ عَن الغُبورِ
تَولّى الناصِرِيّةَ مِنهُ أَوْلى / وَلِيّ لِلإمارَةِ أوْ نَضيرِ
وَرَدَّ جَلالةً في كُلِّ جُلَّى / عَلى أدراجِها نُوَبَ الدّهورِ
فَكَم جَبرَتْ لُهاهُ من كَسيرٍ / وَكَم فكَّتْ ظُبَاهُ مِن أَسيرِ
وَكَم خَطبتْ على الأسوارِ هامٌ / رَماها الجِدُّ بالجَدِّ العثورِ
تُحَذِّر مِن مُواقَعَةِ المَعاصي / وَتَنْهَى عَن مُتابَعَة الغُرورِ
تَجَهَّمَتِ البَشيرَ فلَمْ يرُعْها / بِمُصْطَلَمَاتِها غَيرُ النّذيرِ
وَإنْ غَرَّ الغُواةَ ذُرى جِبالٍ / يُرَوْنَ بِها نُسوراً في وُكورِ
فَلَيْسُوا في حُصون بَل سُجونٍ / وَلَيْسُوا في قُصور بَلْ قُبورِ
وَسُكّانُ الجَنوبِ وَجانِبَيْها / سَيُسحِتُهُم بِه عَصْفُ الدّبورِ
وَلَوْلا أنّها رَكدتْ رِياحٌ / لباءَتْ مِنهُ باليومِ العَسيرِ
وَزاغَتْ زُغبَةٌ ثُمَّ استَقَامتْ / فقَد عادَتْ بِعَفْوٍ مِنْ قَديرِ
وَشاد نَجاةَ شدَّادٍ خُضوعٌ / وَفي أَعمارِهِم حَتْمُ الدُّثورِ
وزَانَ زَناتَةً أنْ لم يَشُقْها / شِقاقٌ جامِعٌ وِزْراً لزورِ
وبَيْنَ الزاغِبينَ وبَينَ زُغْبٍ / تَحَوَّل عُرْفُها نحْوَ النّكيرِ
ورُبَّ مُسَوَّد لِبَني سُوَيْدٍ / مَقود بِالجَرائرِ فِي جَرِيرِ
وَجبْت مِن بَني الجَبارِ أودَى / عَلَى صُغْرٍ بِلَهْدَمِهِ الطّريرِ
وَضَحَّى بالعُصَاةِ بَنِي تَميم / ضُحى يَوْم عَبُوسٍ قَمْطَريرِ
أَدارَ عَلَيْهِمُ كَأسَ المَنَايا / فَما اسْطاعُوا بِها رَدَّ المُديرِ
تَجَرَّعَها لَهَاهُم وهي صَابٌ / بِمَا رَغِبَتْ عن الشهْدِ المَشُورِ
وَفي سَحقِ ابن إسحاق اعْتِبار / ومَا أفْضَى إِلَيهِ مِن الثبورِ
مَحاهُ وكانَ ذا دَهْي طَويلٍ / بِأبْتَرَ مِنْ صَوارمِهِ قَصيرِ
وَإِنْ هوَ لَمْ يُباشِره ضرَاباً / فخِيفَتُهُ طَوتْه إلى النشورِ
وَكَم غَشِيَ الوَغى ولَه زَئيرٌ / فبُدِّلَ بالزّفيرِ من الزَئيرِ
وَطارَ إِلى غِمار المَوْتِ صَقْراً / فَحُطَّ إِلى البُغاثِ عَن الصُّقورِ
سُيوفُ بَني أَبي حَفْصٍ نَفَتهُ / وَقادَتْهُ إِلى سُوءِ المَصيرِ
وَلَوْلاهَا لَسَعَّرَها حُرُوباً / كَما اضْطَرَمَتْ علَيْهِ لَظَى السَّعيرِ
عُداتك في يدَيك وَإن تَناءَتْ / فَلِمْ تسْتنَّ في طُرُقِ الغُرورِ
إليكَ تَفِرُّ مِنْكَ بِلا ارْتِيابٍ / كَأعجازٍ تُرَدُّ عَلى صُدورِ
وَلِيَّ العَهدِ دَعوةَ مُسْتَجيبٍ / لِدَعْوتِهم وَقَوْلةَ مُسْتَجيرِ
جَرَى بِكُمُ القَريضُ إِلى مَداهُ / وَجَرّرَ ذَيْلَ مُختالٍ فَخورِ
وآلَى الشعرُ لا يَألُو سُمُوّا / بِمَدْحِكُمُ عَلى الشِّعرى العبورِ
وَإِني كُلَّما غَفَلُوا ونَامُوا / أسَامِر في الثّناءِ ابْنَيْ سَميرِ
وَأسْنَى البَذْل من مَوْلَىً جَوادٍ / إصَاخَتُهُ إلى عَبْدٍ شكورِ
تملّ شَباب مُلكِكَ في سُرورٍ / وسرْوُك والعُلى مِلْءُ السّريرِ
وَدُمْ للدّين والدُّنيا أَميراً / وَما غَيْرُ المُهَنَّدِ مِنْ وَزيرِ
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار / تأوّبني اشْتِياقِي وَادِّكاري
وَحَنّ القَلب أعْشاراً إلَيها / حَنِينَ الوالِهات مِن العشارِ
فبِتُّ كأني تَوْقاً وشَوْقاً / عَلَى مِثْلِ الأسِنَّة والشفارِ
وَما حَشْوُ الضُّلُوعِ سِوى أُوارٍ / وَما نَوْمُ الجُفون سِوى غِرارِ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ / دَنَا بَعْدَ النزوحِ مِنَ القرارِ
ضَميري واجدٌ بهَوى المصَلَّى / كوجد أخي قُشير بالضِّمارِ
لآصالٍ بهِ حسنت وَطَابَت / كَما حدّثْتَ عَنْ نوْر العَرارِ
وما جارَ الغَرامُ عليَّ حتَّى / تأكّد بَيْننا سَبَبُ الجِوارِ
وأبرَحُ ما يكون الشوق يَوْماً / إذا دَنَت الدّيار منَ الدّيارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ / بِها أغْنَى عَن القَدحِ المُدارِ
إذَا قَرُبتْ يَهيجُ لها اشتِياقي / وإنْ نزَحتْ يُمَثِّلها ادِّكارِي
وَدَعْ لَوْمي إِذا أبصَرْت ميلي / فَسُكرُ الشّوْق مِن سُكْرِ العُقارِ
فُطِرْتُ عَلى الحَنين إلى المَغاني / فقَلْبي في انصِداعٍ وانْفِطارِ
بَدَتْ أعلامُها فخَفِيتُ سُقماً / كأنيَ بعْضُ أقْمارِ السِّرارِ
ونازَعَني اصطبارِيَ بَرْحُ وَجدي / وأنَّى لِلْمُعنَّى بِاصْطِبارِ
قَبِلْتُمْ مَا تَقَوَّلَهُ العَذُولُ
قَبِلْتُمْ مَا تَقَوَّلَهُ العَذُولُ / وَرُدَّ بِما تَحَمّلَه الرَّسولُ
وشَقَّ علَيكُمُ شَوْقي إلَيكُمْ / فَحُلْتُمْ والمُتَيَّمُ لا يحولُ
وَما آثَرْتُم الإنصافَ حُكماً / لِقابِلِ ما أَدينُ بِه القَبُولُ
فَدَيْتُكُمُ عَلامَ قَطَعْتُمُوني / وقَلْبِي لِلهَوَى فِيكُم وصولُ
يَجُول بِحَيثُ شاءَ الحُبُّ مِنه / وَما لِقِداحِ سلوَتِه مُجِيلُ
وَلِمْ حَلأتُمُونِي حينَ لاحَتْ / لِوِرْد السَلْسبيلِ بِه السَّبيلُ
قَصَرْتُمْ ظالِمينَ مَدَى حَياتي / فَفِيمَ بَيْنَنا عَتبٌ يَطُولُ
وَأَزْمَعْتُمْ لِطِيَّتكُمْ رَحيلاً / فَيَا هَلْ بينَ أظهُركُم حُلُولُ
وكُنتُ أقُولُ هجْرُكُم تَمَادَى / فَماذا بَعد بيْنكُمُ أقُولُ
مُحال أنْ يُقيم لديَّ قَلبي / وَقَد حَمَلتْ قِبابَكُمُ الحُمولُ
خُذوا بِيَدي فَما بي مِن حراكٍ / وَكَيْفَ وقَد تَحيَّفَني النحولُ
وأَحْيَوها حُشَاشَةَ مُستهامٍ / تَغَلْغَلَ في جوانِحه الغَلِيلُ
إِذَا لَم تَمْنَحُوا المُشتاقَ عَطْفاً / فَمَنْ ذا أَسْتَنيلُ وَأَسْتَقيلُ
لَقَدْ قَعد الضَّنى بِي في هَواكُم / فَقامَ بِهِ عَلَى تَلفي الدّليلُ
تَمكّن من مسامعِهِ العَذول
تَمكّن من مسامعِهِ العَذول / فقالَ وأنتَ تَدري ما يَقُولُ
وَقَدّرَ أنّني أسْلو هَواها / وَهل يَسلو بُثيْنَتَهُ جَميلُ
مَعاذَ اللَّهِ مِنْ تَصْديق وَاشٍ / يُخَبِّرُ كاذِباً أَنِّي مَلُولُ
وكيفَ وأنتُم أملِي وسُؤْلي / وَحَسْبي مِنكُمُ أمَلٌ وَسُولُ
وما مَتَعَ الضُّحَى فَصَبا فُؤادي / لِغَيرِكُمُ ولا جَنَحَ الأصيلُ
تُعاطِيني الهَوى كَفٌّ خَضيبٌ / وَيُلْبِسُني الضَّنَى طرْفٌ كَحيلُ
فمِنْ قَلبٍ تَملَّكَه التصَابي / وَمن جَسَدٍ تَعَشَّقَهُ النحولُ
سَأَضْمَنُ للغليلِ الرِّي منها / فذاتُ الخالِ مَبْسِمُها مُخِيلُ
وإنْ رَقَّقْتُ مِنهُ عَن صَبُوحٍ / فَريقَتُها مُعَتَّقَةٌ شَمولُ
ولِي عَزْمٌ على تَقْبِيل فِيها / سَأُمْضيهِ وإنْ أنِفَ القَبيلُ
وقالَت مَن قَتِيليَ خَبِّروني / فَدَيْتُكِ يا قتولُ أنا القَتيلُ
إِلى مَنْ أشْتَكِي بَثِّي ومَنْ ذا / يُلاطِفُكُم وقَد حُجِبَ الرَّسولُ
وَدونَ قِبابِكُم وَهْيَ الأماني / يُصَوِّلُ مِن جُفونِكُمُ نُصولُ
بِعينِ اللَّهِ ما لَقِيتْهُ عَيْني / غَداةَ تَحَمَّلَتْ تِلكَ الحُمولُ
هَجَرْتم ثمَّ أَزْمَعتم فِراقاً / فليْسَ إلى وِصالِكُمُ وُصولُ
وَلَم يَكُ في حِسابِي أَن تَجوروا / كَما جُرْتُم عَلَيّ وأن تَمِيلو
لَقَدْ هَوِيتم ظُلمي فَمَوْتي / بِكُم حتْمٌ وعَيشِي مُستَحيلُ
كأنَّ كَتائِبَ البَاغينَ حَزْن
كأنَّ كَتائِبَ البَاغينَ حَزْن / وبأسُ المُرتَضى ريح الشَّمالِ
أتَوْا جَهْلاً وَهُم نَقدٌ فأَلْفُوا / أسُوداً أعْدَمَتْهُم في الصّيالِ
فَيا شَرق الفَضاءِ بِهم شُروقاً / ويا لِزَوالِهِم عِنْدَ الزَّوالِ
أمَا وَحَياةِ يَحيَى مَا وَقَتْهُم / مِن المَوْتِ المَواضِي والعَوالِي
نَحا ظُلَمَ الضّلالَة مِنْهُ بَرْقٌ / أحَدَّتْهُ القَبَائِل مِن هلالِ
أمَاجِدُ بينَ أنْسابٍ قِصَارٍ / تَفَاخُرُهم وبَيْن قَناً طوالِ
وَنَتْ مِنْ دون غَايَتِكَ العُقولُ
وَنَتْ مِنْ دون غَايَتِكَ العُقولُ / وعَيَّ بِفِعْلِ راحَتِكَ المَقولُ
تَزيدُ عَلى الغَوادِي والعَوَادِي / عُلُوا إذْ تصوبُ وَإذ تَصولُ
فَمَا مَتَعَ الضُّحى إلا استَحَلتْ / دَماً وَندىً ولا جَنحَ الأصيلُ
وَلَولا حَمْلُها قَلَماً وسَيْفاً / لمَا شَرُفَ الصّريرُ ولا الصَّليلُ
بفَضْلِ هِباتِها انجَلتِ المُحولُ / وعَن هَبَّاتِها انْقَضَتِ الذُّحولُ
أَمَا الدُّنيا أَمانٌ أَوْ ثَراءٌ / لَهَا مِنْهُ عَلى العَلْيَا دَليلُ
فَمَا تَرِبَتْ بِما تُؤْتي يَمِينٌ / ولا خَافَتْ بِما تَأْتِي سَبيلُ
أَلا بِأَبِي يَدُ الملْك يَحْيَى / عَطَاياها الدِّياتُ إذا تُنيلُ
بُيُوتُ النّاسِ عامِرَةٌ ولكِن / بُيُوتُ المالِ خاوِيةٌ طُلُولُ
حُصونُ لُجينها أنحَتْ علَيهِ / بِما جَعَلَت ودائِلَة تُديلُ
وأكثَرُ ما يُضَارِبُها نُضارُ / عَريضٌ نَفعُهُ أبداً طَويلُ
عَلَى الحَيوانِ أجْمعه مُفاضٌ / حَبَا إفْضَالِها وهوَ الجَزيلُ
وَسَلْ مُسْتَحمِليها ما حَملْتُم / يَقولوا ما تَكِلُّ بهِ الحُمولُ
تؤودُ المُعقلِين بها الأَيادِي / وَيَضْبحُ تَحتَها حتَّى الخُيولُ
لئِنْ وَرَدُوا يُنَشِّطُهم قُدومٌ / لقَد صَدَرُوا يُنَشِّطهم قُفولُ
هِيَ البَركاتُ تسمِيَةً وَمَعْنىً / إذا طَلَعَتْ فَلِلْبُؤْسَى أفُولُ
وَما أَحْيَا النَّدى إلا إمامٌ / قَؤُولٌ كُلَّ صالِحَة فَعولُ
يُجيزُ إِذا يُجيرُ مِن الليالِي / ويُجْزِلُ ما يُنِيلُ إِذا يُقيلُ
كَساهُم ثُمَّ قلّدهم بِعَصْبٍ / وَشيجٍ فَوْقهُ عَضْبٌ صَقيلُ
وأَيْنَ مِن السماح البأسُ يَطمُو / بِيُمْناه كما طَمَتِ السُّيولُ
إِذا الأقتالُ هاجَهُم اغْتِزارٌ / فَقتْلُهُمُ لِصارِمِهِ قَتيلُ
تخَلّقَ جِدُّه ضَرْبَ الهَوَادِي / بِآيَة ما لَهُ حَدّ نَحيلُ
وَلِلأَحْبَارِ عَنهُ إِذا دَعاهُم / لِيبلُوَ صِدْقَ دَعْواهُم نَكولُ
يُنَاظِرُهُم عَلَى الإنظارِ حَوْلا / بِحُجَّتِهِم وَما لهُمُ حويلُ
خِلالٌ لِلْمَلائِكِ مُنْتَهاها / ثَنَاءُ العالَمِينَ بِها خَليلُ
عَن العُمَرَيْنِ أحْرَزَها فَمنْ ذَا / يُفاخِرُهُ وسُؤْدَدُهُ الأَثيلُ
تَفَرَّدَ بِالمَكارِمِ والْمَعالِي / فَما لِقِداحِها مَعَه مُجيلُ
وَلولا أَن تَوَاضَعَ في الترَقِّي / لأعْيَانَا لِسُدَّتِهِ وُصولُ
بِهِ ذلّ العزيزُ وتِلكَ سيما / جَلالَتِه كَما عَزَّ الذليلُ
صَميمُ المَجْدِ أمنَعُ ما يُلاقي / ذِماراً إِذْ يُلِمُّ بِهِ دَخِيلُ
مَساعِيهِ الكِرامُ هُدىً ونورٌ / ومِلْءُ بُرودِهِ جُودٌ وَجولُ
يعِزُّ بِذاتِهِ دَهْرٌ وهَدْيٌ / يُعَزِّزُ ذَا وَذَا رَأيٌ أَصيلُ
إلَى حِلْمٍ تَقَاصَرَ عَنه قَيسٌ / وعلم ضلَّ مدركَه الخَليلُ
ألَمْ تَرَهُ إذا هفَتِ الرَّواسي / يَهونُ على نُهاه ما يَهولُ
وَإِن هَدَرت فَصاحَتُهُ بِحَفْلٍ / أرَمَّتْ لا تُراجِعُهُ الفحولُ
أَجادَ مُؤَيَّداً في كُلِّ علياً / وَجادَ بِما الغَمام بهِ بَخيلُ
وَبَثّ العَدْلَ والعُدوانُ فاشٍ / فَلَيْسَ مِنَ المُلوكِ لَهُ عَديلُ
بَديلٌ في الخلائِق لِلْبَرايا / وَشَأْوُ عُلاهُ ما منْهُ بَديلُ
أَيَا بُشْرَايَ قَدْ وَضَحَ القَبولُ
أَيَا بُشْرَايَ قَدْ وَضَحَ القَبولُ / وَصَحَّ مِنَ الرِّضَى أمَلٌ وسُولُ
وَشَفَّعَ نَجْلَهُ الأزكَى إمَامٌ / لِمَنْ صُرِمَتْ وسائِلُهُ وَصُولُ
فَمَا لِسِوَاهُمَا للصَّفْحِ عَنِّي / يَدٌ عُلْيا ولا مَنٌّ جَزِيلُ
أقَالَنِيَ الخَلِيفَةُ مِنْ عِثَارِي / فَمَاذَا في إِقَالَتِهِ أقُولُ
وَقَدْ قَبُحَتْ مُمَالأَةُ الليَالي / عَلَيَّ وَرَأْيُهُ الْحَسَنُ الجَمِيلُ
أَنَا العَبْدُ الشَّكُورُ لِمَا حَبَتْنِي / بِهِ عَلْيَاهُ والمَجْدُ الأَثيلُ
وإِخْلاصِي بهِ المَوْلى عَليمٌ / وإنْ لَمْ يَأتِ إِجْرَامي جَهُولُ
أَذوبُ إِذا أُحَجَّبُ عَنْهُ شَوْقاً / فَكَيْفَ بِهِ إِذا أَزِفَ الرَّحيلُ
كَفَانِي الحَرُّ مُنْتَجَعُ الغَمَامِ
كَفَانِي الحَرُّ مُنْتَجَعُ الغَمَامِ / فَشُكْراً ثُمَّ شُكرْاً للإمَامِ
أيادٍ ما أعَمَّتْ في ازْدِيادٍ / كَما انْتَثَرَ الفَرِيدُ منَ النِّظامِ
كَأَنَّ أرِيجَهَا زَهْرُ الرَّوابِي / يُمَزِّقُ ضَاحِكاً جَيْبَ الكمَامِ
كأنَّ حَديثَهَا شَدْوُ الغَوانِي / مُطَارِحَةً أغارِيدَ الحَمَامِ
هَزَزْتُ لَهَا مَعَاطِفِيَ ارْتِيَاحاً / كَمَا طَرِبَ النَّزيفُ مِنَ المُدامِ
وَبِتُّ لِدرِّها كَهْلاً رَضِيعاً / وَلَكِنْ آمِناً عُقْبَى الفِطَامِ
فَمَنْقُودٌ مِنَ الإعْطَاءِ هَامٍ / ومَوْعُودٌ مِنَ الإحْظَاء نَامِ
وكَائِن مِنْ يَدٍ بَيْضَاءَ فِيما / أُؤَمِّلُ مِن سَلامٍ واسْتِلامِ
جَدِيرٌ أنْ يَجُودَ بِكُلِّ حُسْنَى / وإِحْسانٍ مَقَامٌ كَالْمَقَامِ
يُرَاعُ الدّهْرُ مِن أيْدِي لأَنِّي / بِفَيْضِ لُهَاهُ في جَيْشٍ لُهَامِ
أَلَيْسَتْ شِكَّتِي لا شَكَّ مِنْها / مِجَنِّي أوْ سِنَاني أَوْ حُسَامِي
فَلَوْ رُمْتُ الكَواكِبَ ظَاهَرَتْنِي / سَعَادَتُهُ عَلى نَيْلِ المَرامِ
وَمَنْ خَدَمَ الخَلِيفَةَ فالليالي / خَوادِمُهُ إلى غَيْرِ انْصِرامِ
إمامُ هُدىً أَبَى غَيْرَ افْتِتاحٍ / بِإرْداءِ الضَّلالَةِ واخْتِتَامِ
بِمَطْلَعِهِ تَجَلَّتْ كُلُّ جُلَّى / كَنورِ الصُّبْحِ يَذْهَبُ بالظَّلامِ
وأَعظَمُ مَا تُشاهِدُهُ مَنَاباً / إذا ما قامَ بالنُّوَبِ العِظَامِ
تُسامُ بهِ الأَعادِي كُلَّ خَسْفٍ / ولَيْثُ الغِيلِ مُغْتَالُ السَّوامِ
كَأَنَّ بَنِي أَبي حَفْصٍ نُجُومٌ / وَيَحْيَى المُرْتَضَى بَدْرُ التَّمامِ
إذا عَقَدَ الحُبَى في مُنْتَداهُ / فَما الشّمّ الهَوادِجُ مِنْ شَآمِ
وإنْ وُكِلَ الحِبَاءُ إلى نَداهُ / فَما البَحْرانِ عَبّا في الْتِطامِ
تُقَصِّرُ عَنْهُ أمْلاكُ البَرَايا / وعُودُ النَّبْعِ لَيْسَ مِنَ الثِّمامِ
لأَنْفُسِهمْ بِغايته غرامٌ / وَآنُفُهُمْ لَوَاصِقُ بِالرَّغامِ
أَمَولانا أقِمْ عُذْرَ القَوَافِي / إلَيْكَ وإنْ جَلَتْ حُرَّ الكَلامِ
وَفَضَّتْ من ثَنَاكَ بِكُلِّ نَادٍ / كَعَرْف المِسْكِ مَفْضُوضَ الخِتامِ
أَتُحْصِي مَا لَدَيْكَ منَ المَعَالي / وقَدْ أرْبَتْ عَلَى قَطْرِ الغَمامِ
أمَولايَ ومَا أوْلَيْتَنِيهِ / فأتْمِمْهُ مِنَ النِّعَمِ الجِسَامِ
وَسَوِّغْنِي التَشَفُّعَ في الرِّضَى مِنْ / بَنِيكَ بكُلِّ جَحْجَاحٍ هُمامِ
بَرانِي طُولُ إقْصَاءٍ عَرَاني / وفي يُمْناكَ بُرْءٌ للْكلامِ
ولَوْ أَنِّي لَثَمْتُ الجودَ مِنْها / عَفَتْ بالرِّيِّ آثارُ الأوَامِ
مُحَيَّاكَ المُبَشِّرُ بالأمَاني / ومَحْيَاكَ المُبَصِّرُ للأَنَامِ
وأنْتَ ابْنُ المُلوكِ الصِّيدِ لَكِنْ / خِلالُكَ للْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً
ورُبَّ حَديقَةٍ بَرَزَتْ عَروساً / فَتَوَّجَها وطَوَّقها الغَمامُ
يُشَقُّ بِجَدْوَلٍ فيها غَديرٌ / كَما يُنْضَى عَلى دِرْعٍ حُسامُ
لئِنْ خَاضَ المَنَايَا لِلأَمانِي
لئِنْ خَاضَ المَنَايَا لِلأَمانِي / فَبِكْرُ الفَتْحِ للْحَرْبِ العَوانِ
وَإِن عَرَضَ العِدى لَيْلاً مَحاهُم / بِصُبْحٍ مِنْ صَقيلٍ هِنْدوانِي