القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَنْتَرة بن شَدّاد الكل
المجموع : 43
جَزى اللَهُ الأَغَرَّ جَزاءَ صِدقٍ
جَزى اللَهُ الأَغَرَّ جَزاءَ صِدقٍ / إِذا ما أوقِدَت نارُ الحُروبِ
يَقيني بِالجَبينِ وَمَنكِبَيهِ / وَأَنصُرُهُ بِمُطَّرَدِ الكُعوبِ
وَأُدفِئُهُ إِذا هَبَّت شَمالاً / بَليلاً حَرجَفاً بَعدَ الجَنوبِ
أَراهُ أَهلَ ذَلِكَ حينَ يَسعى / رُعاءُ الحَيِّ في طَلَبِ الحَلوبِ
فَيُخفِقُ تارَةً وَيُفيدُ أُخرى / وَيَفجَعُ ذا الضَغائِنِ بِالأَريبِ
إِذا سَمِنَ الأَغَرُّ دَنا لِقاءٌ / يُغِصُّ الشَيخَ بِاللَبَنِ الحَليبِ
شَديدُ مَجالِزِ الكَتِفَينِ نَهدٌ / بِهِ أَثَرُ الأَسِنَّةِ كَالعُلوبِ
وَأُكرِهُهُ عَلى الأَبطالِ حَتّى / يُرى كَالأُرجُوانِيِّ المَجوبِ
أَلَستَ بِصاحِبي يَومَ اِلتَقَينا / بِسَيفَ وَصاحِبي يَومَ الكَثيبِ
تَرَكتُ جُرَيَّةَ العَمرِيَّ فيهِ
تَرَكتُ جُرَيَّةَ العَمرِيَّ فيهِ / شَديدُ العَيرِ مُعتَدِلٌ سَديدُ
تَرَكتُ بَني الهُجَيمِ لَهُم دَوارٌ / إِذا تَمضي جَماعَتُهُم تَعودُ
إِذا يَقَعُ السِهامُ بِجانِبَيهِ / تَأَخَّرَ قابِعاً فيهِ صُدودُ
فَإِن يَبرَأ فَلَم أَنفِث عَلَيهِ / وَإِن يُفقَد فَحُقَّ لَهُ الفُقودُ
وَهَل يَدري جُرَيَّةُ أَنَّ نَبلي / يَكونُ جَفيرَها البَطَلُ النَجيدُ
كَأَنَّ رِماحَهُم أَشطانُ بِئرٍ / لَها في كُلِّ مَدلَجَةٍ خُدودُ
حَولي تَنفُضُ اِستُكَ مِذرَوَيها
حَولي تَنفُضُ اِستُكَ مِذرَوَيها / لِتَقتُلَني فَها أَنا ذا عُمارا
مَتى ما تَلقَني فَردَينِ تَرجُف / رَوانِفُ أَليَتَيكَ وَتُستَطارا
وَسَيفي صارِمٌ قَبَضَت عَلَيهِ / أَشاجِعُ لا تَرى فيها اِنتِشارا
وَسَيفي كَالعَقيقَةِ وَهوَ كِمعي / سِلاحي لا أَفَلَّ وَلا فُطارا
وَكَالوَرَقِ الخِفافِ وَذاتُ غَربٍ / تَرى فيها عَنِ الشِرَعِ اِزوِرارا
وَمُطَّرِدُ الكُعوبِ أَحَصُّ صَدقٌ / تَخالُ سِنانَهُ بِاللَيلِ نارا
سَتَعلَمُ أَيِّنا لِلمَوتِ أَدنى / إِذا دانَيتَ لي الأَسَلَ الحِرارا
وَلِلرُعيانِ في لُقُحٍ ثَمانٍ / تُحادِثُهُنَّ صَرّاً أَو غِرارا
أَقامَ عَلى حَسيسَتِهِنَّ حَتّى / لَقِحنَ وَنَتَّجَ الأُخَرَ العِشارا
وَقِظنَ عَلى لَصافِ وَهُنَّ غُلبٌ / تَرِنُّ مُتونُها لَيلاً ظُؤارا
وَمَنجوبٌ لَهُ مِنهُنَّ صَرعٌ / يَميلُ إِذا عَدَلتَ بِهِ الشَوارا
أَقَلُّ عَلَيكَ ضَرّاً مِن قَريحٍ / إِذا أَصحابُهُ ذَمَروهُ سارا
وَخَيلٍ قَد دَلَفتُ لَها بِخَيلٍ / عَلَيها الأُسدُ تَهتَصِرُ اِهتِصارا
فَمَن يَكُ سائِلاً عَنّي فَإِنّي
فَمَن يَكُ سائِلاً عَنّي فَإِنّي / وَجِروَةَ لا تَرودُ وَلا تُعارُ
مُقَرَّبَةَ الشِتاءِ وَلا تَراها / وَراءَ الحَيِّ يَتبَعُها المِهارُ
لَها بِالصَيفِ أَصبِرَةٌ وَجِلٌّ / وَنيبٌ مِن كَرائِمِها غِزارُ
أَلا أَبلِغ بَني العُشَراءِ عَنّي / عَلانِيَةً فَقَد ذَهَبَ السِرارُ
قَتَلتُ سَراتَكُم وَخَسَلتُ مِنكُم / خَسيلاً مِثلَ ما خُسِلَ الوِبارُ
وَلَم نَقتُلكُمُ سِرّاً وَلَكِن / عَلانِيَةً وَقَد سَطَعَ الغُبارُ
فَلَم يَكُ حَقُّكُم أَن تَشتُمونا / بَني العُشَراءِ إِذ جَدَّ الفَخارُ
خُذوا ما أَسأَرَت مِنها قِداحي
خُذوا ما أَسأَرَت مِنها قِداحي / وَرِفدُ الضَيفِ وَالأَنَسُ الجَميعُ
فَلَو لاقَيتَني وَعَلَيَّ دِرعي / عَلِمتَ عَلامَ تُحتَمَلُ الدُروعُ
تَرَكتُ جُبَيلَةَ بنَ أَبي عَدِيٍّ / يُبَلُّ ثِيابَهُ عَلَقٌ نَجيعُ
وَآخَرَ مِنهُمُ أَجرَرتُ رُمحي / وَفي البَجَلِيِّ مِعبَلَةٌ وَقيعُ
نَأَتكَ رَقاشِ إِلّا عَن لِمامِ
نَأَتكَ رَقاشِ إِلّا عَن لِمامِ / وَأَمسى حَبلُها خَلَقَ الرِمامِ
وَما ذِكرى رَقاشِ إِذا اِستَقَرَّت / لَدى الطَرفاءِ عِندَ اِبنَي شَمامِ
وَمَسكِنُ أَهلَها مِن بَطنِ جَزعٍ / تَبيضُ بِهِ مَصايِيفُ الحَمامِ
وَقَفتُ وَصُحبَتي بِأُرَينَباتٍ / عَلى أَقتادِ عوجٍ كَالسَمامِ
فَقُلتُ تَبَيَّنوا ظُعُناً أَراها / تَحُلُّ شُواحِطاً جُنحَ الظَلامِ
لَقَد مَنَّتكَ نَفسُكَ يَومَ قَوٍّ / أَحاديثَ الفُؤادِ المُستَهامِ
وَقَد كَذَبَتكَ نَفسُكَ فَاِكذَبَنها / لِما مَنَّتكَ تَغريراً قَطامِ
وَمُرقِصَةٍ رَدَدتُ الخَيلَ عَنها / وَقَد هَمَّت بِإِلقاءِ الزَمامِ
فَقُلتُ لَها اِقصِري مِنهُ وَسيري / وَقَد عَلِقَ الرَجائِزُ بِالخِدامِ
وَخَيلٍ تَحمِلُ الأَبطالَ شُعثاً / غَداةَ الرَوعِ أَمثالَ السِهامِ
عَناجيجٍ تَخُبُّ عَلى رَحاها / تُثيرُ النَقعَ بِالمَوتِ الزُؤامِ
إِلى خَيلٍ مُسَوَّمَةٍ عَلَيها / حُماةُ الرَوعِ في رَهَجِ القَتامِ
عَلَيها كُلَّ جَبّارٍ عَنيدٍ / إِلى شُربِ الدِماءِ تَراهُ ظامي
بِأَيديهِم مُهَنَّدَةٌ وَسُمرٌ / كَأَنَّ ظُباتِها شُعَلُ الضِرامِ
فَجاؤوا عارِضاً بَرداً وَجِئنا / حَريقاً في غَريفٍ ذي ضِرامِ
وَأَسكِت كُلَّ صَوتٍ غَيرِ ضَربٍ / وَعَترَسَةٍ وَمَرمِيٍّ وَرامي
وَزَعتُ رَعيلَها بِالرُمحِ شَذراً / عَلى رَبِذٍ كَسِرحانِ الظَلامِ
أَكُرُّ عَلَيهِمُ مُهري كَليماً / قَلائِدُهُ سَبائِبُ كَالقِرامِ
إِذا شَكَّت بِنافِذَةٍ يَداهُ / تَعَرَّضَ مَوقِفاً ضَنكَ المُقامِ
كَأَنَّ دُفوفَ مَرجِعِ مِرفَقَيهِ / تَوارَثَها مَنازيعُ السِهامِ
تَقَدَّمَ وَهوَ مُضطَمِرٌ مُضِرٌّ / بِقارِحِهِ عَلى فَأسِ اللِجامِ
يُقَدِّمُهُ فَتىً مِن خَيرِ عَبسٍ / أَبوهُ وَأُمُّهُ مِن آلِ حامِ
عَجوزٌ مِن بَني حامِ بنِ نوحٍ / كَأَنَّ جَبينَها حَجَرُ المَقامِ
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني
أَرى لي كُلَّ يَومٍ مَع زَماني / عِتاباً في البِعادِ وَفي التَداني
يُريدُ مَذَلَّتي وَيَدورُ هَولي / بِجَيشِ النائِباتِ إِذا رَآني
كَأَنّي قَد كَبِرتُ وَشابَ رَأسي / وَقَلَّ تَجَلُّدي وَوَهى جَناني
أَلا يا دَهرُ يَومي مِثلُ أَمسي / وَأَعظَمُ هَيبَةً لِمَنِ اِلتَقاني
وَمَكروبٍ كَشَفتُ الكَربَ عَنهُ / بِضَربَةِ فَيصَلٍ لَمّا دَعاني
دَعاني دَعوَةً وَالخَيلُ تَردي / فَما أَدري أَبِاِسمي أَم كَناني
فَلَم أُمسِك بِسَمعي إِذ دَعاني / وَلَكِن قَد أَبانَ لَهُ لِساني
فَفَرَّقتُ المَواكِبَ عَنهُ قَهراً / بِطَعنٍ يَسبُقُ البَرقَ اليَماني
وَما لَبَّيتُهُ إِلّا وَسَيفي / وَرُمحي في الوَغى فَرَسا رِهانِ
وَكانَ إِجابَتي إِيّاهُ أَنّي / عَطَفتُ عَلَيهِ خَوّارَ العِنانِ
بِأَسمَرَ مِن رِماحِ الخَطِّ لَدنٍ / وَأَبيَضَ صارِمٍ ذَكَرٍ يَمانِ
وَقِرنٍ قَد تَرَكتُ لَدى مَكَرٍّ / عَلَيهِ سَبائِبا كَالأُرجُوانِ
تَرَكتُ الطَيرَ عاكِفَةً عَلَيهِ / كَما تَردي إِلى العُرسِ البَواني
وَتَمنَعُهُنَّ أَن يَأكُلنَ مِنهُ / حَياةُ يَدٍ وَرِجلٍ تَركُضانِ
فَما أَوهى مِراسُ الحَربِ رُكني / وَلَكِن ما تَقادَمَ مِن زَمانِ
وَما دانَيتُ شَخصَ المَوتِ إِلّا / كَما يَدنو الشُجاعُ مِنَ الجَبانِ
وَقَد عَلِمَت بَنو عَبسٍ بِأَنّي / أَهُشُّ إِذا دُعيتُ إِلى الطَعانِ
وَأَنَّ المَوتَ طَوعُ يَدي إِذا ما / وَصَلتُ بَنانَها بِالهِندُواني
وَنِعمَ فَوارِسُ الهَيجاءِ قَومي / إِذا عَلِقوا الأَعِنَّةَ بِالبَنانِ
هُمُ قَتَلوا لَقيطاً وَاِبنَ حُجرٍ / وَأَردَوا حاجِباً وَاِبني أَبانِ
وَإِن تَكُ حَربُكُم أَمسَت عَواناً
وَإِن تَكُ حَربُكُم أَمسَت عَواناً / فَإِنّي لَم أَكُن مِمَّن جَناها
وَلَكِن وُلدُ سَودَةَ أَرَّثوها / وَشَبّوا نارَها لِمَنِ اِصطَلاها
فَإِنّي لَستُ خاذِلَكُم وَلَكِن / سَأَسعى الآنَ إِذ بَلَغَت أَناها
أَلا يا دارَ عَبلَةَ بِالطَويِّ
أَلا يا دارَ عَبلَةَ بِالطَويِّ / كَرَجعِ الوَشمِ في كَفِّ الهَدِيِّ
كَوَحيِ صَحائِفٍ مِن عَهدِ كِسرى / فَأَهداها لِأَعجَمَ طِمطِمِيِّ
أَمِن زَوِّ الحَوادِثِ يَومَ تَسمو / بَنو جُرمٍ لِحَربِ بَني عَدِيِّ
إِذا اِضطَرَبوا سَمِعتَ الصَوتَ فيهِم / خَفيّاً غَيرَ صَوتِ المَشرَفِيِّ
وَغَيرَ نَوافِذٍ يَخرُجنَ مِنهُم / بِطَعنٍ مِثلَ أَشطانِ الرَكِيِّ
وَقَد خَذَلَتهُمُ ثُعَلُ بنُ عَمروٍ / سَلامانيَّهُم وَالجَروَلِيِّ
لَئِن أَكُ أَسوَداً فَالمِسكُ لَوني
لَئِن أَكُ أَسوَداً فَالمِسكُ لَوني / وَما لِسَوادِ جِلدي مِن دَواءِ
وَلَكِن تَبعُدُ الفَحشاءُ عَنّي / كَبُعدِ الأَرضِ عَن جَوِّ السَماءِ
أَلا يا عَبلَ قَد زادَ التَصابي
أَلا يا عَبلَ قَد زادَ التَصابي / وَلَجَّ اليَومَ قَومُكِ في عَذابي
وَظَلَّ هَواكِ يَنمو كُلَّ يَومٍ / كَما يَنمو مَشيبي في شَبابي
عَتَبتُ صُروفَ دَهري فيكِ حَتّى / فَني وَأَبيكِ عُمري في العِتابِ
وَلاقَيتُ العِدا وَحَفِظتُ قَوماً / أَضاعوني وَلَم يَرعَوا جَنابي
سَلي يا عَبلَ عَنّا يَومَ زُرنا / قَبائِلَ عامِرٍ وَبَني كِلابِ
وَكَم مِن فارِسٍ خَلَّيتُ مُلقىً / خَضيبَ الراحَتَينِ بِلا خِضابِ
يُحَرِّكُ رِجلَهُ رُعباً وَفيهِ / سِنانُ الرِمحِ يَلمَعُ كَالشِهابِ
قَتَلنا مِنهُمُ مائَتَينِ حُرّاً / وَأَلفاً في الشِعابِ وَفي الهِضابِ
إِذا قَنِعَ الفَتى بِذَميمِ عَيشٍ
إِذا قَنِعَ الفَتى بِذَميمِ عَيشٍ / وَكانَ وَراءَ سَجفٍ كَالبَناتِ
وَلَم يَهجِم عَلى أُسدِ المَنايا / وَلَم يَطعَن صُدورَ الصافِناتِ
وَلَم يَقرِ الضُيوفَ إِذا أَتَوهُ / وَلَم يُروِ السُيوفَ مِنَ الكُماةِ
وَلَم يَبلُغ بِضَربِ الهامِ مَجداً / وَلَم يَكُ صابِراً في النائِباتِ
فَقُل لِلناعِياتِ إِذا نَعَتهُ / أَلا فَاِقصِرنَ نَدبَ النادِباتِ
وَلا تَندُبنَ إِلّا لَيثَ غابٍ / شُجاعاً في الحُروبِ الثائِراتِ
دَعوني في القِتالِ أَمُت عَزيزاً / فَمَوتُ العِزِّ خَيرٌ مِن حَياةِ
لَعَمري ما الفَخارُ بِكَسبِ مالٍ / وَلا يُدعى الغَنِيُّ مِنَ السَراةِ
سَتَذكُرُني المَعامِعُ كُلَّ وَقتٍ / عَلى طولِ الحَياةِ إِلى المَماتِ
فَذاكَ الذِكرُ يَبقى لَيسَ يَفنى / مَدى الأَيّامِ في ماضٍ وَآتي
وَإِنّي اليَومَ أَحمي عِرضَ قَومي / وَأَنصُرُ آلَ عَبسَ عَلى العُداةِ
وَآخُذُ مالَنا مِنهُم بِحَربٍ / تَخِرُّ لَها مُتونُ الراسِياتِ
وَأَترُكُ كُلَّ نائِحَةٍ تُنادي / عَلَيهِم بِالتَفَرُّقِ وَالشَتاتِ
سَكَتُّ فَغَرَّ أَعدائي السُكوتُ
سَكَتُّ فَغَرَّ أَعدائي السُكوتُ / وَظَنّوني لِأَهلي قَد نَسيتُ
وَكَيفَ أَنامُ عَن ساداتِ قَومٍ / أَنا في فَضلِ نِعمَتِهِم رَبيتُ
وَإِن دارَت بِهِم خَيلُ الأَعادي / وَنادَوني أَجَبتُ مَتى دُعيتُ
بِسَيفٍ حَدُّهُ يُزجي المَنايا / وَرُمحٍ صَدرُهُ الحَتفُ المُميتُ
خُلِقتُ مِنَ الحَديدِ أَشَدَّ قَلباً / وَقَد بَلِيَ الحَديدُ وَما بَليتُ
وَإِنّي قَد شَرِبتُ دَمَ الأَعادي / بِأَقحافِ الرُؤوسِ وَما رَويتُ
وَفي الحَربِ العَوانِ وُلِدتُ طِفلاً / وَمِن لَبَنِ المَعامِعِ قَد سُقيتُ
فَما لِلرُمحِ في جِسمي نَصيبٌ / وَلا لِلسَيفِ في أَعضايَ قوتُ
وَلي بَيتٌ عَلا فَلَكَ الثُرَيّا / تَخِرُّ لِعُظمِ هَيبَتِهِ البُيوتُ
إِذا لاقَيتَ جَمعَ بَني أَبانٍ
إِذا لاقَيتَ جَمعَ بَني أَبانٍ / فَإِنّي لائِمٌ لِلجَعدِ لاحي
كَأَنَّ مُؤَشَّرَ العَضُدَينِ حَجلاً / هَدوجاً بَينَ أَقلَبَةٍ مِلاحِ
تَضَمَّنَ نِعمَتي فَغَدا عَلَيها / بُكوراً أَو تَعَجَّلَ في الرَواحِ
أَلَم تَعلَم لَحاكَ اللَهُ أَنّي / أَجَمُّ إِذا لَقيتُ ذَوي الرِماحِ
كَسَوتُ الجَعدَ جَعدَ بَني أَبانٍ / سِلاحِيَ بَعدَ عُريٍ وَاِفتِضاحِ
إِذا جَحَدَ الجَميلَ بَنو قُرادٍ
إِذا جَحَدَ الجَميلَ بَنو قُرادٍ / وَجازى بِالقَبيحِ بَنو زِيادِ
فَهُم ساداتُ عَبسٍ أَينَ حَلّوا / كَما زَعَموا وَفُرسانُ البِلادِ
وَلا عَيبٌ عَلَيَّ وَلا مَلامٌ / إِذا أَصلَحتُ حالي بِالفَسادِ
فَإِنَّ النارَ تُضرَمُ في جَمادِ / إِذا ما الصَخرُ كَرَّ عَلى الزِنادِ
وَيُرجى الوَصلُ بَعدَ الهَجرِ حيناً / كَما يُرجى الدُنُوُّ مِنَ البِعادِ
حَلُمتُ فَما عَرَفتُم حَقَّ حِلمي / وَلا ذَكَرَت عَشيرَتُكُم وِدادي
سَأَجهَلُ بَعدَ هَذا الحِلمِ حَتّى / أُريقُ دَمَ الحَواضِرِ وَالبَوادي
وَيَشكو السَيفُ مِن كَفّي مَلالاً / وَيَسأَمُ عاتِقي حَملَ النِجادِ
وَقَد شاهَدتُمُ في يَومِ طَيٍّ / فِعالي بِالمُهَنَّدَةِ الحِدادِ
رَدَدتُ الخَيلَ خالِيَةً حَيارى / وَسُقتُ جِيادَها وَالسَيفُ حادي
وَلَو أَنَّ السِنانَ لَهُ لِسانٌ / حَكى كَم شَكَّ دِرعاً بِالفُؤادِ
وَكَم داعٍ دَعا في الحَربِ بِاِسمي / وَناداني فَخُضتُ حَشا المُنادي
لَقَد عادَيتَ يا اِبنَ العَمِّ لَيثاً / شُجاعاً لا يَمَلُّ مِنَ الطِرادِ
يَرُدُّ جَوابَهُ قَولاً وَفِعلاً / بِبيضِ الهِندِ وَالسُمرِ الصِعادِ
فَكُن يا عَمروُ مِنهُ عَلى حِذارٍ / وَلا تَملَأ جُفونَكَ بِالرُقادِ
وَلَولا سَيِّدٌ فينا مُطاعٌ / عَظيمُ القَدرِ مُرتَفِعُ العِمادِ
أَقَمتُ الحَقَّ بِالهِندِيِّ رَغماً / وَأَظهَرتُ الضَلالَ مِنَ الرَشادِ
أَلا مَن مُبلِغٌ أَهلَ الجُحودِ
أَلا مَن مُبلِغٌ أَهلَ الجُحودِ / مَقالَ فَتىً وَفِيٍّ بِالعُهودِ
سَأَخرُجُ لِلبِرازِ خَلِيَّ بالٍ / بِقَلبٍ قُدَّ مِن زُبَرِ الحَديدِ
وَأَطعَنُ بِالقَنا حَتّى يَراني / عَدوّي كَالشَرارَةِ مِن بَعيدِ
إِذا ما الحَربُ دارَت لي رَحاها / وَطابَ المَوتُ لِلرَجُلِ الشَديدِ
تَرى بيضاً تَشَعشَعُ في لَظاها / قَدِ اِلتَصَقَت بِأَعضادِ الزُنودِ
فَأَقحَمُها وَلَكِن مَع رِجالٍ / كَأَنَّ قُلوبَها حَجَرُ الصَعيدِ
وَخَيلٍ عُوِّدَت خَوضَ المَنايا / تُشَيِّبُ مَفرِقَ الطِفلِ الوَليدِ
سَأَحمِلُ بِالأُسودِ عَلى أُسودٍ / وَأَخضِبُ ساعِدي بِدَمِ الأُسودِ
بِمَملَكَةٍ عَلَيها تاجُ عِزٍّ / وَقَومٍ مِن بَني عَبسٍ شُهودِ
فَأَمّا القائِلونَ هِزَبرُ قَومٍ / فَذاكَ الفَخرُ لا شَرَفُ الجُدودِ
وَأَمّا القائِلونَ قَتيلُ طَعنٍ / فَذَلِكَ مَصرَعُ البَطَلِ الجَليدِ
صَحا مِن بَعدِ سَكرَتِهِ فُؤادي
صَحا مِن بَعدِ سَكرَتِهِ فُؤادي / وَعاوَدَ مُقلَتي طيبُ الرُقادِ
وَأَصبَحَ مَن يُعانِدُني ذَليلاً / كَثيرَ الهَمِّ لا يَفديهِ فادي
يَرى في نَومِهِ فَتَكاتِ سَيفي / فَيَشكو ما يَراهُ إِلى الوِسادِ
أَلا يا عَبلَ قَد عايَنتِ فِعلي / وَبانَ لَكِ الضَلالُ مِنَ الرَشادِ
وَإِن أَبصَرتِ مِثلي فَاِهجُريني / وَلا يَلحَقكِ عارٌ مِن سَوادي
وَإِلّا فَاِذكُري طَعني وَضَربي / إِذا ما لَجَّ قَومُكِ في بِعادي
طَرَقتُ دِيارَ كِندَةَ وَهيَ تَدوي / دَوِيَّ الرَعدِ مِن رَكضِ الجِيادِ
وَبَدَّدتُ الفَوارِسَ في رُباها / بِطَعنٍ مِثلِ أَفواهِ المَزادِ
وَخَثعَمُ قَد صَبَحناها صَباحاً / بُكوراً قَبلَ ما نادى المُنادي
غَدَوا لَمّا رَأَوا مِن حَدِّ سَيفي / نَذيرَ المَوتِ في الأَرواحِ حادي
وَعُدنا بِالنِهابِ وَبِالسَبايا / وَبِالأَسرى تُكَبَّلُ بِالصِفادِ
أَلا يا عَبلَ ضَيَّعتِ العُهودا
أَلا يا عَبلَ ضَيَّعتِ العُهودا / وَأَمسى حَبلُكِ الماضي صُدودا
وَما زالَ الشَبابُ وَلا اِكتَهَلنا / وَلا أَبلى الزَمانُ لَنا جَديدا
وَما زالَت صَوارِمُنا حِداداً / تَقُدُّ بِها أَنامِلُنا الحَديدا
سَلي عَنّا الفَزارِيِّينَ لَمّا / شَفَينا مِن فَوارِسِها الكُبودا
وَخَلَّينا نِسائَهُمُ حَيارى / قُبَيلَ الصُبحِ يَلطِمنَ الخُدودا
مَلَأنا سائِرَ الأَقطارِ خَوفاً / فَأَضحى العالَمونَ لَنا عَبيدا
وَجاوَزنا الثُرَيّا في عُلاها / وَلَم نَترُك لِقاصِدِنا وُفودا
إِذا بَلَغَ الفِطامَ لَنا صَبِيٌّ / تَخِرُّ لَهُ أَعادينا سُجودا
فَمَن يَقصِد بِداهِيَةٍ إِلَينا / يَرى مِنّا جَبابِرَةً أُسودا
وَيَومَ البَذلِ نُعطي ما مَلَكنا / وَنَملا الأَرضَ إِحساناً وَجودا
وَنُنعِلُ خَيلَنا في كُلِّ حَربٍ / عِظاماً دامِياتٍ أَو جُلودا
فَهَل مَن يُبلِغُ النُعمانَ عَنّا / مَقالاً سَوفَ يَبلُغُهُ رَشيدا
إِذا عادَت بَنو الأَعجامِ تَهوي / وَقَد وَلَّت وَنَكَّسَتِ البُنودا
أُعادي صَرفَ دَهرٍ لا يُعادى
أُعادي صَرفَ دَهرٍ لا يُعادى / وَأَحتَمِلُ القَطيعَةَ وَالبِعادا
وَأُظهِرُ نُصحَ قَومٍ ضَيَّعوني / وَإِن خانَت قُلوبُهُمُ الوِدادا
أُعَلِّلُ بِالمُنى قَلباً عَليلاً / وَبِالصَبرِ الجَميلِ وَإِن تَمادى
تُعَيِّرُني العِدا بِسَوادِ جِلدي / وَبيضُ خَصائِلي تَمحو السَوادا
سَلي يا عَبلَ قَومَكِ عَن فَعالي / وَمَن حَضَرَ الوَقيعَةَ وَالطِرادا
وَرَدتُ الحَربَ وَالأَبطالُ حَولي / تَهُزُّ أَكُفُّها السُمرَ الصِعادا
وَخُضتُ بِمُهجَتي بَحرَ المَنايا / وَنارُ الحَربِ تَتَّقِدُ اِتِّقادا
وَعُدتُ مُخَضَّباً بِدَمِ الأَعادي / وَكَربُ الرَكضِ قَد خَضَبَ الجَوادا
وَكَم خَلَّفتُ مِن بِكرٍ رَداحٍ / بِصَوتِ نُواحِها تُشجي الفُؤادا
وَسَيفي مُرهَفُ الحَدَّينِ ماضٍ / تَقُدُّ شِفارُهُ الصَخرَ الجَمادا
وَرُمحي ما طَعَنتُ بِهِ طَعيناً / فَعادَ بِعَينِهِ نَظَرَ الرَشادا
وَلَولا صارِمي وَسِنانُ رُمحي / لَما رَفَعَت بَنو عَبسٍ عِمادا
إِذا لَعِبَ الغَرامُ بِكُلِّ حُرٍّ
إِذا لَعِبَ الغَرامُ بِكُلِّ حُرٍّ / حَمِدتُ تَجَلُّدي وَشكَرتُ صَبري
وَفَضَّلتُ البِعادَ عَلى التَداني / وَأَخفَيتُ الهَوى وَكَتَمتُ سِرّي
وَلا أُبقي لِعُذّالي مَجالاً / وَلا أُشفي العَدُوَّ بِهَتكِ سِتري
عَرَكتُ نَوائِبَ الأَيّامِ حَتّى / عَرَفتُ خَيالَها مِن حَيثُ يَسري
وَذَلَّ الدَهرُ لَمّا أَن رَآني / أُلاقِي كُلَّ نائِبَةٍ بِصَدري
وَما عابَ الزَمانُ عَلَيَّ لَوني / وَلا حَطَّ السَوادُ رَفيعُ قَدري
إِذا ذُكِرَ الفَخارُ بِأَرضِ قَومٍ / فَضَربُ السَيفِ في الهَيجاءِ فَخري
سَمَوتُ إِلى العُلا وَعَلوتُ حَتّى / رَأَيتُ النَجمَ تَحتي وَهوَ يَجري
وَقوماً آخَرينَ سَعَوا وَعادوا / حَيارى ما رَأوا أَثَراً لِأَثري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025