بَلَغْنا ليلةَ الشِّعبِ
بَلَغْنا ليلةَ الشِّعبِ / عجالاً مُنيةَ الحبِّ
تَلاقَينا كَما شِئنا / بلا علمٍ من الرّكبِ
وَطَيفٍ طافَ في ظَمْيا / ءَ والإصباحُ في الحُجْبِ
جَفَتْ عيني وجاءتْ في / دُجى اللّيل إلى قلبي
وَزالتْ غبَّ ما زَارتْ / وما قلتُ لها حسبي
وولّتْ لم تُنِلْ شيئاً / من الغُنْمِ سوى حبّي
فَيا شِعباً تَعانقنا / بِهِ بوركتَ من شِعبِ
وَلا قُرّبتَ من جَدْبٍ / ولا بوعدتَ من خِصْبِ
فكمْ فيكَ لباغي نَفَ / لِ الأحبابِ من إِرْبِ
ومِنْ ظبيٍ غنيٍّ في / ك بالحسنِ عن القُلْبِ
كَفاه لُؤلؤا منه / لباسُ اللؤلؤ الرّطْبِ
وأطرافٌ خضابُ الل / هِ أغناهنّ عن خَضْبِ
ولمّا رأت الحسنا / ءُ في رأسِيَ كالشُّهبِ
وبيضاً كالظُّبا البيضِ / وَما يَصلحنَ للضّربِ
تُجُنِّيتُ بلا جُرمٍ / وَعوقِبتُ بِلا ذَنبِ
ولم يُصْبَوْا بشنعاءَ / وفي الشّنعاءِ ما يُصبي
ولم يُعْدَوا طِوال الدّه / ر من أنيابِهِ الجُربِ
ولا كانوا لكلِّ النّا / سِ إلّا موضعَ القُطبِ
بأعراضٍ نقيّاتٍ / من التّقريف والثّلبِ
يرون اليومَ ذا نحسٍ / إذا كان بلا شَغْبِ
ولا حَفْلَ لهمْ بالما / لِ لا يجنوه بالعضْبِ
لهمْ في كلِّ نكراءَ / حُلومٌ لَسْنَ للهضْبِ
وأيمانٌ خلقن الدّهْ / ر للطّعن وللضّربِ
وللنّفعِ وللضّرّ / وللدّفع وللذّبِّ
وَأَلبابٌ لدَى الرّوعِ / بلا شيءٍ من الرُّعْبِ
فيومُ السِّلمِ فيهنّ / كيومِ البأْسِ والحربِ
وَأَغنوا بالنّدى الغَمْرِ / عَنِ الأنواءِ والعُشبِ
وَجاؤوا ساعةَ الذُّعْرِ / على المُضْمَرَّةِ القُبِّ
وفي أيديهمُ كلُّ / طويلِ المُرتقى صُلبِ
تراه يدع الأورا / دَ في سَكْبٍ على سَكْبِ
ويرمي من دم الجوف ال / ثرى بِالأحمرِ العَصْبِ
إِذا ما لَحَفوا وجه ال / ثَرى أرديةَ العَصْبِ
وفاحوا عَبَقَ المسكِ / على بُعدٍ ومن قُربِ
ولم يَرْضَوْا سوى التّجري / ر للأذيالِ والسّحبِ
رأيتَ المجد محمولاً / على كلِّ فتىً نَدْبِ
مَضوا عنِّي فلا لذَّ / ةَ لي بالباردِ العذْبِ
ولا غمضَ ولا أرضَ / لِعَينَيَّ وللجنبِ
وقد كنتُ بهمْ دهراً / رَخيَّ البالِ والقَلبِ
بنفسي مَن نأى عنِّي / وما إنْ ملّ مِنْ قُربي
قضى من قبل أن أقض / يَ فيه وله نَحْبي
ولمّا أن نقلناهُ / على الرّغمِ إلى التُّربِ
وَأَضجعناهُ في غبرا / ءَ مَلساءَ على الجنبِ
بلا صوتٍ يناجيهِ / سوى زَعزعةٍ النُّكْبِ
دَفنّا العَضْب في الأرضِ / وكمْ في الأرض من عَضْبِ