القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد المحسن الكاظمي الكل
المجموع : 4
يا دَهر غادرتني وَأَحشائي
يا دَهر غادرتني وَأَحشائي / بَينَ خطوب وَبَينَ أَرزاءِ
في كُلِّ يَوم تهبّ عاصِفَة / ريحك من زعزع وَنَكباءِ
تحصد فينا وَلَم تَدَع أَبَداً / من نثرة تتقيك حصداءِ
أَراكَ ما إِن تَزال ترمقنا / عَن ضغن في الحَشا وَشحناءِ
هَل لك بالصلح أَو أذيقكها / مِن كفّ صعب المراس عدّاءِ
قِف حيث أَوقفت للجزاء وقع / في ظفر ليث للموتِ مشّاءِ
بِضربةٍ لِلوَريد حاسمة / وَطعنة في حشاك نَجلاءِ
مِن أَبيض لا يكلّ ذي شطبٍ / وَصعدة لا تحيد سَمراءِ
يجدع عرنين كلّ ذي حنق / حَليف لؤم غَدا وَبَغضاءِ
وَينثَني لاوياً برمّته / لحفرة في الصَعيد قَفراءِ
أَو يترك اليَوم في محلّته / تندب شلواً رهين بوغاءِ
نجيعهُ مورد بكلّ ثَرى / وَشلوه طعم كلّ شغواءِ
هَيهات يا دهر أَن تخادعني / تغضي وَلَكِن من غير إِغضاءِ
تلين لا عن هَوى لتنهشنا / كحيّة في الرِمال رَقطاءِ
فَاِذهَب فما أَنتَ لي بِذي شغَف / يصدق من ودّه بإبداءِ
كان عدوّي مَن كان ديدنه / حَرب حَبيبي وسلم أَعدائي
بُعداً لدنيا أَيّامها أَبَداً / أَسواء تأتي من بعد أَسواءِ
تنتج ساعاتها الهُموم وَلا / آن تُرى فيهِ غير عَشواءِ
تُدعى عَجوزاً وَالناس تعشقها / ربّ عَجوز ترى كَعَذراءِ
كَأَنَّما يَعشَقون ذات خِباً / تَجتَنِب الدهرَ كلّ فَحشاءِ
دَعها فَكَم من جَلابب حسنت / وَفي الجَلابيب غير حَسناءِ
فَمَن يَراها بِعَين فطنتهِ / يوصل آراءه بآرائي
يَرى كَأَيّامها لَياليها / أَدواء تَنساب خلف أَدواءِ
لَو لَم تَكُن تلبس الصَحيح ضنىً / ما لقّبت أَرضها بجرباءِ
أَثقل ظَهري عبء الهُموم وَما / أَحمل ظَهري لثقل أَعبائي
يا مالِكي من جَميع أَنحائي / غدرت بي من جميع أَنحائي
حَتّام يا دهرنا تطالعني / بغارة من عداك شَعواءِ
كَم مِن شَقيق لِلنَفس فيكَ غَدا / وَراحَ يَبكي نَوى الأَشقّاءِ
وَقولة من رَجائنا شرقت / بفعلة من ظباك شَنعاءِ
وَلَيلة قَد تركت ساعتها / كليلة لا تشيب ليلاءِ
وَكَم عَزيز سلبت عزّته / وسمته شيمة الأذلّاءِ
وَكَم ذَليل عارٍ وَلا برد / أَلبسته بردة الأَعزّاءِ
لا بَقى العزّ لي إِذا بقيت / أَحداثك الغلب غير أَشلاءِ
تَرَكتَني واحِداً وَلا أَحَد / بآخِذٍ من يديك أَشيائي
أَدعو أَحبّاي وَالفُؤاد شجٍ / وَالعَين مَكحولَة بأَقذاءِ
أَيا أَحبّاي كَم دعوتكمُ / وَلَم أَجِد بالحمى أَحبّائي
وَكَم دعوت الحمى فَلَم يرني / غير رسوم تخفى عَلى الرائي
إِذا تَداويت باِدّكاركم / أَهاج لي طيبُ ذكركم دائي
أصغي إِلى ذكركم فيرجع بي / إِلى طَويل الغَليل إِصغائي
وَإِن أَقل إِنَّني سَأصبح لل / أنس لَوى بي للحزن إِمسائي
بتُّ وَبنت الأراك ترمقني / بمقلة في الظَلام حَمراءِ
أَي نواح يَبكي له أَسَفاً / أَنوحُ حِبّ أَم نوح وَرقاءِ
تَسجعُ ذات الأَطواق خاليَة / وَذو الهَوى فاقِد الأَخلاءِ
أَبكي فيذكو بين الحَشا لهب / وَأَيّ نارٍ تَذكو عَلى الماءِ
أَطاعَني إِن ذكرت إِلفتنا / كُلُّ ابن عين للدمع عصّاءِ
أَلم يَئن أَن أَبل حرّ حشاً / ما برحت تَلتَوي ببرحاءِ
دَعني أَبثّ الجَوى وَأَطرحه / عَن زفرةٍ في الضُلوع خَرساءِ
وَإِن في الحالَتَينِ متعبة / إِبداي ما حَلَّ بي وَإِخفائي
يَجِبّ ظهري إِن رحت أبطنه / أَو رحت أَفشيه حزّ أَحشائي
يا أيّها المُمتَطي سرى عجلاً / دَع المَطايا وَسر بأحشائي
عرّج عَلى يَثرِب وشقّ على / بطحائها قلب كلّ بَطحاءِ
وَاِستوقف العيس في ثَرى وقف ال / كون مشيراً له بإِيماءِ
نَفسي فَدا تربة أَقامَ بِها / خَير بَني آدم وَحَوّاءِ
صَلّى عَلَيهِ الإِلَه من قمر / يُنير للحشر كلّ ظلماءِ
بِضوئه البدر يَستَضيء وَلا / من مطلع غيره لأضواءِ
أَنّى تأمّلته وجدت به / كلّ سَنا للهدى وَلألاءِ
جز السَما وأبلغن ثَراه تجد / كَم من ثريّا بِها وَجَوزاءِ
تَفوق تلك الَّتي بزهوتها / تَفوق في الدهر كلّ زَهراءِ
أَرض تمنّى السَماء أَنّ بها / مِن بعضِ ذي الأَرض بعض سيماءِ
يا تربة المُصطَفى اِشمَخي شرفاً / فَأَنت عَلياء كلّ عَلياءِ
تملكي الأَرض وَالسَماء وَما / بَينَهُما من فَضا وَأَجواءِ
وكلّ ما كان في الوجود وَما / يَكون من ذاهب وَمن جائي
فإنّ فيك الَّذي له خُلق ال / مَخلوق في عودة وَإِبداءِ
تَدنو فَتَحنو عليك كلّ حَشا / مِن كلّ داني الديار أَو نائي
فَأَنتَ لِلقَلب سلوة وكرى / لجفن من لم يفز بإِغفاءِ
يا قَلب أَدعوك لِلهَوى فأجب / وَكُن قَريباً منّي لأهوائي
أسلك نهج الهُدى وَلست كمن / يخبط في الحب خبط عَشواءِ
أَصبو إِلى أَحمَد وعترته / كلّ لحيب الجَبين وضاءِ
كلّ إِمام يغنى بكلّ بلاً / عَن كلّ عضب الغرار مضّاءِ
أَعلو بهم يوم خفض كلّ علا / وَفي يديهم خفضي وَإِعلائي
هُم ملاذي في كُلِّ نازِلَة / وَهُم عمادي في كلّ لأواءِ
وَهم شِفا هَذه القُلوب إِذا / ما عَزَّ طبّ عَلى الأطباءِ
فَهم مواليَّ وَالرَقيق أَنا / إِن قبلوني من الأَرقّاءِ
كلّ أَغرّ يشق كلّ دجى / بطلعة في الزَمان غَرّاءِ
أَفدي بحوباي من يحبّهم / بل أَفتَديه بِكُلِّ حَوباءِ
ما لي سِواهم ذُخراً لآخرتي / وَلَيسَ إِلّا هُم لِدنيائي
لا نَفس صاعِد وَلا حسّ
لا نَفس صاعِد وَلا حسّ / اللَهُ ماذا ترين يا نَفسُ
ما لي أَرى الدار وَهيَ خاويَة / لَيسَ بِها من قطينها جرسُ
فَلا أَنيس كَأَنَّما اِنقلبت / وَحشا بِقَفراء هَذه الإِنسُ
قَد رمض الوعس حين قلت له / أَينَ مها الجزع أَيُّها الوعسُ
دَعها فَتِلكَ الآثار قَد طمست / فَما بِها من رسومها دعسُ
كَأَنَّ ما بي سرى بها فعفت / وَأَصبحت وَالبلى لها حلسُ
ضنيت حتّى لَو رام لي أَثرا / لامس وهم ضلّ به اللّمسُ
كانَت كؤوسي بالأَمس مترعةً / وَاليَوم لا خمرة وَلا كأسُ
عَدا عليّ الأَسى فَما نفع ال / قلب حُسامي ولا وقى الترسُ
فَلا أُبالي بعد الحمى أَبَداً / يخفّ طود الهُموم أَو يَرسو
وَلا أُبالي بعد الحمى أَبَداً / يورق عود الغَرام أَو يَعسو
مَضى زَمان والأنس يمرح بي / وربّ شجو يجرّهُ الأنسُ
ضاقَت عَليّ الدُنيا بما رحبت / فكلّ رحبٍ من أَرضها حبسُ
أَسوان لا أَهتَدي إِلى عمل / كأنّ عِلمي في نَظَري حدسُ
فأين أَلقيت ناظِريّ أَرى / يَرمقني مأتم وَلا عرسُ
يَرى لَديّ الراؤون كلّ غنى / وَلَيسَ عِندي مِمّا رأوا فلسُ
أُحاوِل السعد أَن يَلوح وير / تدّ زَماني وكلّه نحسُ
عليك منّي السَلام يا أَمَلي / ربّ رَجاء قرّ به اليأسُ
أتّهم النطق بالجُمود وَما / جفّ بأعلى يراعتي النقسُ
كَيفَ وَذو النطق كُلَّما هدرت / شقشقة منه قلت ما قُسُّ
اللَه ماذا جَرى به قلمي / وَما الَّذي قَد حَواه ذا الطرسُ
حَوى مِن القَول كلّ شارِدَة / أَلسنة القَوم دونَها خرسُ
تَصبو إِلى واحِد الرّجال نهى / يعزى إِلَيهِ السَخاء وَالبأسُ
ذاكَ هُوَ السَيّد الحلاحل وَال / نطس إِذا قيل في الوَرى نطسُ
أَحكم أسّ العلاءِ ثمّ بَنى / وَهَل بنا إِن وهن الأسُّ
تفرّقت عنه كلّ منقبة / وَاِجتمعَ البدرُ فيه والشمسُ
تَعنو إِلى نوره الوَرى أَبَداً / كَأَنَّما الخلق كلّهم فرسُ
إِذا رقى منبر الخِطابَة فال / أصوات مِن هيبةٍ له همسُ
أَو حلّ في الدستِ قال قائلُهم / شَهلان في بردتيهِ أم قدسُ
هَذي المَعالي هيَ الفُصول له / وَهوَ لَها دون غيره جنسُ
أخيّ جاءَتك وَالحَياء لها / خطى وبرح الجوى لها لبسُ
تذكرك الوعد كي يباكرها الط / طيب يَزهو وَيَذهب الرجسُ
أَربعة بعد خمسة قفلت / ووعد من أَصطفيه لي خمسُ
تَكسو ثَناء وَتكتَسي مدحاً / فَهاكها تَكتَسي كَما تَكسو
وَاِسلم لك المدح وَالثَناء معاً / وَالوَيل للشانئين والتعسُ
ضنىً أَمضَّ الفُؤاد أَم ظَمأُ
ضنىً أَمضَّ الفُؤاد أَم ظَمأُ / يفرغ مِمّا كَوى وَيمتَلئُ
حجارة مسّها الجوى فذكت / بَينَ حواني الضلوع لا حمأُ
جاشَت بِقَلب المحبّ جائشة / تَلظى اِلتياعاً وَلَيسَ تَنطَفئُ
هَذا مَجال الروا فَلا عجب / إِن صحت يا أَيُّها العطاش شئوا
إِلَيكَ يا اِبن النَبيّ مألكة / كطَبعك الصقل ما بِها صَدأُ
جَميع أَجزائِها جَوى وَهَوى / لا جزء أَرقى بها فَيَجتَزئُ
كمثل عهد الصبا لمن كَتَبوا / وَمثل نور الضُحى لمن قَرأوا
فَما تَلاها من لوعة ملأ / إِلّا وَعاها من لوعة ملأُ
يَرفَعها بيتك الصَغير إِلى ال / كَبير حيث الجَلال يَتَّكئُ
كَأَنَّما أَمّ حوضها أَسد / كَأَنَّما راد روضه رشأُ
كَأَنَّما الطير جاءَ مِن سَبأ / أَو جاءَ يشأو جَناحه سبأُ
ينبئُ عَن وَجده المضيض بِما / يقصر عَن وصف خطبه النَبأُ
يَشكو لِرَغدان كربةً نزلت / وَغابَ عَن درئها الأُلى درأوا
هَل عِندَ رَغدان وَهوَ ملتطم / أنّ موالي رَغدان قَد ظَمئوا
عَزَّ عَلى المَجدِ أَن يَقول شج / أنّ بَني المجد بالحمى رزئوا
يا منبتاً للهدى لمن نَبَتوا / وَمنشأ للندى لمن نشؤوا
وَيا حمى اللاجئين أَيَّ حمى / يَلجا إِلَيهِ سِواك إن لجؤوا
راجوك في يومهم قَد اِضطَرَبوا / فَإِن تجب سؤلهم فَقَد هدؤوا
لا تدع الآملين يكنفهم / من عبثوا بالوَفاءِ أَو هزؤوا
يفديك من عاهَدوا وَما حفظوا / وَأَخلفوا وَعدهم وَما فتئوا
نفوسهم سلعة لمن بَذَلوا / وَهامهم تربة لمن وَطئوا
لا يحسنون المَقال إن نَطَقوا / أَو أَحسَنوا مرة فَقَد بذؤوا
وَلا يفي بالأقل ما اِكتَسَبوا / وَلا يقي المستظل ما رفؤوا
هَل مثل رَغدان في الوَرى علم / تأوي إِليه الدُنيا وَتَلتَجئُ
أَوّله للعلا وَآخره / وَمنتهى للنَدى وَمبتدأُ
لَو جرؤ المالِكون أَن يَصِلوا / إِلى أداني علاه ما جرؤوا
هَيهات لا يَرتَقي البُغاة إِلى / ما يَرتَقي في العلا وَقَد خسئوا
عداه داء سرى إِلى نفر / بِداء نكث العهود قَد وبئوا
كَيفَ يَعيش الرجاء في كنف / لا الورد مستعذب وَلا الكلأُ
يا جود رغدان من يجرّئني / سواك يوم النَدى فأجتَرئُ
عَهدي يُجاريك لَم يَكُن أَبَداً / المهل من طبعه وَلا البطأُ
بن بالأيادي جسامها وأجب / غرّك يوم السؤال يختَبئُ
وَلا تكل ريّنا إِلى عدنا / يا ريّنا قَد أمضّنا الظمأُ
يَعيش رَغدان ما سَعى وَرَمى / وَلَيسَ منه الإخفاق وَالخَطأُ
نَبقى عَلى عهده وَكَم نكث ال / عهد أناس عَمداً وَما عبثوا
هَيهات أن نَرتَضي سواه حماً / إنّا لِقَوم بعزهم ربؤوا
نبرأ من حبّ معشر كلفوا / بحبّ غير العلا وَما برئوا
يا حَبّذا وَالقُلوب شاهدة / من ختَموا ودهم كَما بَدأوا
دارة لَهوٍ بالجزع أَعهدها
دارة لَهوٍ بالجزع أَعهدها / يَزهو بهيف الظباء معهدها
رعى مَهاها حبّ القُلوب وَلا / تقضم غير القُلوب خرّدها
كَم نظرة لي أَما وَقفت بِها / وَالعَين مطروفة أردّدها
تسعدني عندها بكلّ جَوى / حشاشَتي وَالدُموع تسعدها
وَمهجة ما برحت أَكلؤها / في كلّ طرف باللحظ يقصدها
ضيّعتها أَمس بين أَربعها / وَضَلّ عَنها من راح ينشدها
لَهفي عَلَيها لَو كانَ يَنفعَني / لَهفي وَوَجدي لَو كانَ يوجدها
ما خطر الرافدان في خلدي / إِلّا تَراني للعين مرفدها
من عبرات يمتدّ معبرها / عَلى خدود باد مخدّدها
أَو زَفَرات يسن زافِرها / قصد ضُلوع فشا تقصّدها
وَكَيفَ يَسلو الحمى ذوو كَمَدٍ / لَم يدر طعم السلو مكمدها
دَع اللديدين واِستعر كبداً / يطول نحو الحمى تلدّدها
الآن أَيقَنَت أنّ جيرَتنا / لا تسمع القول حين أنشدها
إِذ نزح الحي واِختَفى أَثر الد / دار وَفات العيون مشهدها
وَفتية كالنجوم حجّبها / نحس اللَيالي وَزال أَسعدها
عَهدي بها كالجِبال راسيَة / لا يَنثَني في الخطوب مفردها
كَيفَ ثنتها الأَحداث واِقتعدت / منها الرزايا ما كانَ يقعدها
بدّدها حادِث الفِراق وَقَد / كانَ جَميعاً لَنا مبدّدها
فارقتها وَالحَشا تساومني / تجلّداً لَو يفي تجلّدها
فاِنتَزَع البين أيّما مهج / يبرق فيها الأَسى فيرعدها
في حالَة لَو تعي الصخور لَها / رقّت لِحالي وَذاب جلمدها
الوجد من خاطِري يقرّ بها / وَالبين عَن ناظري يبعدها
ما اِبتدرت من حياً بوادره / وَلا طَغى من لظى توقّدها
مثل دموع رحنا نصوّبها / أَو زفرات بتنا نصعّدها
وَلست أَنس بالجزع دار هَوىً / أَصبح نهب البلى مجدّدها
وَقفت فيها أضفي السؤال وَلا / يطيق ردّ السؤال هُمّدها
أَزوّد الطرف من معالمها / وَيا لَها حسرة أزوّدها
يا دار لا تَطمئنّي إِلى مطر / تسقيك عين ثَراك إثمدها
وكلّ دار حاك الرَبيع لَها / وَشيا وَقام النَسيم يرصدها
اليَوم تَزهو بسربها وَغَدا / طارفها لِلبلى وَمتلدها
وَربّ أَرض يغصّ نفنفها / بصبوتي أَو يَضيق فدفدها
يظلّ عَن حرّها يظلّلني / في بردها ضالها وَغرقدها
شارفت منها اليفاع فاِنحدرت / نَفسي فيها وَعَزّ مصعدها
في رَوضة غضّة الشَذا أنف / يطرب أَسماعنا مغرّدها
وَكلّما شوشت خمائلها / صبىً أَتاها النَدى يلبّدها
نزلتها طارِحاً بها رسني / وَالوجد من جانبي يصعّدها
فاِعترضتني غيداؤها وَلوىً / عَلى فخّ الشِراك أَغيدها
فَصحت أَهل الحِمى غَريرتكم / في الحسن قَد تامني تفرّدها
خذوا أَحاديث حسنها وَدَعوا / رواتها عَن هَوى تسنّدها
فرعاء ما أَسبلت غدائرها / يحمل منها الشَذا مقرمدها
يَنساب سبطا كالأيم مرسلها / وَيَنثَني شوشبا مجعّدها
فتّانة المُقلَتين خامصة ال / بطن محبب السَنا مقلّدها
تَرمي فتصمي بالنبل من قصدت / وَهَل تعدّى الفؤاد مقصدها
تعمّدت مقتلي فَقلت له / هناك يا مقتلي تعمّدها
رأيت منها تودّداً وَقلىً / فَما قَلاها وَما تودّدها
يسوّف الوصل يومها لِغَدٍ / لا يومها يَنقَضي وَلا غدها
توعّدني باللّقا وأحسبها / تنجز يوم الحِساب موعدها
ماذا عليها لَو واصلت دنفاً / قربه للبلى تبعدها
يا أخت ريم النقا بنا غلل / وَفي ثَناياك ما يبردها
تنهدت عَن مفلّج عطر / فَهاجَ برح الجَوى تنهدها
حَتّى إِذا اللَيل مدّ كلكله / عَلى الروابي وَنامَ حسدها
جرّدتها من ثيابها علناً / فراق ناظري مجرّدها
مفعمة الساق قد توسدني / عبل ذراع وَقَد أَوسّدها
وَكانَ جَنبي بجنبها لصقاً / إِذا تمشّت وَفي يَدي يدها
حَتّى إِذا ما اِنزَوى الكَرى وَغَدا / معاوداً مقلتي تسهّدها
قمت ولا ما شهدته وَإِذا / تلك خَيالات كنت أَشهدها
وَعدت أَستَعطِف الرقاد وَما / إِخال يَدنو إِليّ مرقدها
فَما لِذي النَفس وَهيَ آبية / يَنقاد طوع الغَرام مقودها
أَلَيسَ تعزى إِلى أَمين خير أَب / يصدرها حرّة وَيوردها
فلست منّي يا نَفس أَنت إِذا / راعك من ذي الخطوب مؤيدها
يا نَفس لا تَطمَحي إِلى بلد / يعقّني شيخها وأمردها
توردي العزّ واِتركي بلداً / تظما بجنب الحياض موردها
أنجدت أَم غرت في البلاد فَما / يُغنيك أَغوارها وأنجدها
عودي وَلاقي محمّداً فَهوَ ال / خير وَخير الوَرى محمّدها
يردّ عنك الخطوب ناصلة ال / أَنياب يحثي التُراب أَوردها
يحفظ ما ضيع الأَنام لَنا / عهود فضل في الدهر نعهدها
له أَياد عليّ ضافية / أَجحد نَفسي وَلست أَجحدها
تفقّدتني بالطول منه يد / يحيي رفات الثَرى تفقّدها
كانَ لَئيما من لَم يكن أَبَداً / يشكر معروفها وَيحمدها
حسب بني المجد سؤدداً وَعلا / منه علاها وَمنه سؤددها
نماه للعزّ والد عقمت / بطن المَعالي فجاء يولدها
وَأَولدته للمجد والدة / زكا بحجر الفخار مولدها
بخ بخ للعلا إِنَّه أَبا ال / قاسم في فضله مقلّدها
مصلحة للبلاد شيمته / إِذا عَثا في البِلاد مفسدها
أَقامَ في الهند برهة فَغَدا / إِلى شباه يعزى مهنّدها
من لي به وَالديار شاسِعَة / لا يَتَدانى إِليّ أَبعدها
أَخي دع مهجَتي وَما لقيت / يطلقها الشجو أَو يقيّدها
سحاب جفني وَأَنتَ ممطره / وَنار وَجدي وَأَنتَ موقدها
لَو فتّشوا أَضلعي لما وَجَدوا / غير هموم هَواك موجدها
أَو قوّموها رأوا فضول حَشا / يقيمها الشوق ثمّ يقعدها
ذرِ اللَيالي أَقضها سهراً / وَنَم خليّا إِن بتّ ترقدها
نحن أُناس قضى الغَرام لَها / أَلا يَذوق الكرى مسهّدها
وَزع أَجسامها السفار كَما / توزّعت في الدِيار أَكبدها
كَم طرق للعلا وَكَم خطط / إِلى الأَماني كنّا نمهّدها
حَتّى إِذا أَينعت جَوانبها / قامَت بنات الأحداث تخضدها
لما يزل يخلق العزاء لَنا / مطارفاً وَالأَسى يجدّدها
تزاحمت حَولي الخطوب كَما / تَزاحمَت في الرياض روّدها
حملت منها ما لَو تحمّله / رواكد الهضب ساخ ركّدها
تَطول ذؤبانها عليّ وَلا / يقصر عَن جانِبي عمرّدها
وَإِنّ من أَعظم الخطوب عَلى الن / نَفس اللَواتي أَمسَت تكبّدها
أَسرة بغي أَضحى يطاوِل ذا ال / مجد لَدى المكرمات أَوغدها
لا فرعها طاهر الأروم وَلا / يَعرِف طيب النجار محتدها
يمسي وورد صاب إِلى صَدري / مصدرها سائِغاً وَموردها
بلوت من غيبها وَمشهدها / فساءَني غيبها وَمشهدها
تبدي لي النسك ثمّ تحسبني / يغرّني في الريا تهجّدها
كَيفَ ورجس الفَحشاء قبلتها / وَحانَة الخندَريس مسجدها
إِن لَم أُذقها حرّ الحَديد فَلا / يُقال لي في الأَنام أَوحدها
قم عاطني الراح راح أرؤسها / تلك كؤوس يطيب صرخدها
وروّني من دمائها بردى / أَو يتروّى الإِيمان ملحدها
تقاعد الهمّ بي وَلي همم / يأنف ذلّ المَقام مقعدها
لا بدعة نهضة يَثور بها / إِلى مراقي السماك ملبدها
ومن تكن أَرضه السَماء فَنع / لاهُ إِذاً نسرها وَفرقدها
أَلست إِما ركبت يفخر بي / طرف كَريم الآباء قعددها
بَينَ ظبىً لَو رأَيتنا وَقَنا / نسحب مِن ذي وَذي تجرّدها
وَفي حشا المارقين نركزها / وَفي طلى المشركين نغمدها
قلتَ جبال الدنيا تقلّع / وَالعيالم السبع عجّ مزبدها
هَيهات توهي لَنا العدا دعما / مثل أَبي قاسم موطدها
فاِسلم أَبا قاسم وَعش أَبَدا / في عيشة صالح مؤبّدها
تسلّ أَو تغمد السيوف لَنا / فَمنك مسلولها وَمغمدها
لِتَهتَدِ الناس في سناك وَهَل / ضلّت أُناس وَأَنتَ مرشدها
فُق البَرايا وَسد غطارفها / فَأَنتَ يا ذا الجَلال سيّدها
هذى القَوافي وَالوَيل من نفر / ينفر من طبعهم معقدها
أَصوغ منها قلائداً غررا / يقلّد الفخر من يقلّدها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025