المجموع : 4
يا دَهر غادرتني وَأَحشائي
يا دَهر غادرتني وَأَحشائي / بَينَ خطوب وَبَينَ أَرزاءِ
في كُلِّ يَوم تهبّ عاصِفَة / ريحك من زعزع وَنَكباءِ
تحصد فينا وَلَم تَدَع أَبَداً / من نثرة تتقيك حصداءِ
أَراكَ ما إِن تَزال ترمقنا / عَن ضغن في الحَشا وَشحناءِ
هَل لك بالصلح أَو أذيقكها / مِن كفّ صعب المراس عدّاءِ
قِف حيث أَوقفت للجزاء وقع / في ظفر ليث للموتِ مشّاءِ
بِضربةٍ لِلوَريد حاسمة / وَطعنة في حشاك نَجلاءِ
مِن أَبيض لا يكلّ ذي شطبٍ / وَصعدة لا تحيد سَمراءِ
يجدع عرنين كلّ ذي حنق / حَليف لؤم غَدا وَبَغضاءِ
وَينثَني لاوياً برمّته / لحفرة في الصَعيد قَفراءِ
أَو يترك اليَوم في محلّته / تندب شلواً رهين بوغاءِ
نجيعهُ مورد بكلّ ثَرى / وَشلوه طعم كلّ شغواءِ
هَيهات يا دهر أَن تخادعني / تغضي وَلَكِن من غير إِغضاءِ
تلين لا عن هَوى لتنهشنا / كحيّة في الرِمال رَقطاءِ
فَاِذهَب فما أَنتَ لي بِذي شغَف / يصدق من ودّه بإبداءِ
كان عدوّي مَن كان ديدنه / حَرب حَبيبي وسلم أَعدائي
بُعداً لدنيا أَيّامها أَبَداً / أَسواء تأتي من بعد أَسواءِ
تنتج ساعاتها الهُموم وَلا / آن تُرى فيهِ غير عَشواءِ
تُدعى عَجوزاً وَالناس تعشقها / ربّ عَجوز ترى كَعَذراءِ
كَأَنَّما يَعشَقون ذات خِباً / تَجتَنِب الدهرَ كلّ فَحشاءِ
دَعها فَكَم من جَلابب حسنت / وَفي الجَلابيب غير حَسناءِ
فَمَن يَراها بِعَين فطنتهِ / يوصل آراءه بآرائي
يَرى كَأَيّامها لَياليها / أَدواء تَنساب خلف أَدواءِ
لَو لَم تَكُن تلبس الصَحيح ضنىً / ما لقّبت أَرضها بجرباءِ
أَثقل ظَهري عبء الهُموم وَما / أَحمل ظَهري لثقل أَعبائي
يا مالِكي من جَميع أَنحائي / غدرت بي من جميع أَنحائي
حَتّام يا دهرنا تطالعني / بغارة من عداك شَعواءِ
كَم مِن شَقيق لِلنَفس فيكَ غَدا / وَراحَ يَبكي نَوى الأَشقّاءِ
وَقولة من رَجائنا شرقت / بفعلة من ظباك شَنعاءِ
وَلَيلة قَد تركت ساعتها / كليلة لا تشيب ليلاءِ
وَكَم عَزيز سلبت عزّته / وسمته شيمة الأذلّاءِ
وَكَم ذَليل عارٍ وَلا برد / أَلبسته بردة الأَعزّاءِ
لا بَقى العزّ لي إِذا بقيت / أَحداثك الغلب غير أَشلاءِ
تَرَكتَني واحِداً وَلا أَحَد / بآخِذٍ من يديك أَشيائي
أَدعو أَحبّاي وَالفُؤاد شجٍ / وَالعَين مَكحولَة بأَقذاءِ
أَيا أَحبّاي كَم دعوتكمُ / وَلَم أَجِد بالحمى أَحبّائي
وَكَم دعوت الحمى فَلَم يرني / غير رسوم تخفى عَلى الرائي
إِذا تَداويت باِدّكاركم / أَهاج لي طيبُ ذكركم دائي
أصغي إِلى ذكركم فيرجع بي / إِلى طَويل الغَليل إِصغائي
وَإِن أَقل إِنَّني سَأصبح لل / أنس لَوى بي للحزن إِمسائي
بتُّ وَبنت الأراك ترمقني / بمقلة في الظَلام حَمراءِ
أَي نواح يَبكي له أَسَفاً / أَنوحُ حِبّ أَم نوح وَرقاءِ
تَسجعُ ذات الأَطواق خاليَة / وَذو الهَوى فاقِد الأَخلاءِ
أَبكي فيذكو بين الحَشا لهب / وَأَيّ نارٍ تَذكو عَلى الماءِ
أَطاعَني إِن ذكرت إِلفتنا / كُلُّ ابن عين للدمع عصّاءِ
أَلم يَئن أَن أَبل حرّ حشاً / ما برحت تَلتَوي ببرحاءِ
دَعني أَبثّ الجَوى وَأَطرحه / عَن زفرةٍ في الضُلوع خَرساءِ
وَإِن في الحالَتَينِ متعبة / إِبداي ما حَلَّ بي وَإِخفائي
يَجِبّ ظهري إِن رحت أبطنه / أَو رحت أَفشيه حزّ أَحشائي
يا أيّها المُمتَطي سرى عجلاً / دَع المَطايا وَسر بأحشائي
عرّج عَلى يَثرِب وشقّ على / بطحائها قلب كلّ بَطحاءِ
وَاِستوقف العيس في ثَرى وقف ال / كون مشيراً له بإِيماءِ
نَفسي فَدا تربة أَقامَ بِها / خَير بَني آدم وَحَوّاءِ
صَلّى عَلَيهِ الإِلَه من قمر / يُنير للحشر كلّ ظلماءِ
بِضوئه البدر يَستَضيء وَلا / من مطلع غيره لأضواءِ
أَنّى تأمّلته وجدت به / كلّ سَنا للهدى وَلألاءِ
جز السَما وأبلغن ثَراه تجد / كَم من ثريّا بِها وَجَوزاءِ
تَفوق تلك الَّتي بزهوتها / تَفوق في الدهر كلّ زَهراءِ
أَرض تمنّى السَماء أَنّ بها / مِن بعضِ ذي الأَرض بعض سيماءِ
يا تربة المُصطَفى اِشمَخي شرفاً / فَأَنت عَلياء كلّ عَلياءِ
تملكي الأَرض وَالسَماء وَما / بَينَهُما من فَضا وَأَجواءِ
وكلّ ما كان في الوجود وَما / يَكون من ذاهب وَمن جائي
فإنّ فيك الَّذي له خُلق ال / مَخلوق في عودة وَإِبداءِ
تَدنو فَتَحنو عليك كلّ حَشا / مِن كلّ داني الديار أَو نائي
فَأَنتَ لِلقَلب سلوة وكرى / لجفن من لم يفز بإِغفاءِ
يا قَلب أَدعوك لِلهَوى فأجب / وَكُن قَريباً منّي لأهوائي
أسلك نهج الهُدى وَلست كمن / يخبط في الحب خبط عَشواءِ
أَصبو إِلى أَحمَد وعترته / كلّ لحيب الجَبين وضاءِ
كلّ إِمام يغنى بكلّ بلاً / عَن كلّ عضب الغرار مضّاءِ
أَعلو بهم يوم خفض كلّ علا / وَفي يديهم خفضي وَإِعلائي
هُم ملاذي في كُلِّ نازِلَة / وَهُم عمادي في كلّ لأواءِ
وَهم شِفا هَذه القُلوب إِذا / ما عَزَّ طبّ عَلى الأطباءِ
فَهم مواليَّ وَالرَقيق أَنا / إِن قبلوني من الأَرقّاءِ
كلّ أَغرّ يشق كلّ دجى / بطلعة في الزَمان غَرّاءِ
أَفدي بحوباي من يحبّهم / بل أَفتَديه بِكُلِّ حَوباءِ
ما لي سِواهم ذُخراً لآخرتي / وَلَيسَ إِلّا هُم لِدنيائي
لا نَفس صاعِد وَلا حسّ
لا نَفس صاعِد وَلا حسّ / اللَهُ ماذا ترين يا نَفسُ
ما لي أَرى الدار وَهيَ خاويَة / لَيسَ بِها من قطينها جرسُ
فَلا أَنيس كَأَنَّما اِنقلبت / وَحشا بِقَفراء هَذه الإِنسُ
قَد رمض الوعس حين قلت له / أَينَ مها الجزع أَيُّها الوعسُ
دَعها فَتِلكَ الآثار قَد طمست / فَما بِها من رسومها دعسُ
كَأَنَّ ما بي سرى بها فعفت / وَأَصبحت وَالبلى لها حلسُ
ضنيت حتّى لَو رام لي أَثرا / لامس وهم ضلّ به اللّمسُ
كانَت كؤوسي بالأَمس مترعةً / وَاليَوم لا خمرة وَلا كأسُ
عَدا عليّ الأَسى فَما نفع ال / قلب حُسامي ولا وقى الترسُ
فَلا أُبالي بعد الحمى أَبَداً / يخفّ طود الهُموم أَو يَرسو
وَلا أُبالي بعد الحمى أَبَداً / يورق عود الغَرام أَو يَعسو
مَضى زَمان والأنس يمرح بي / وربّ شجو يجرّهُ الأنسُ
ضاقَت عَليّ الدُنيا بما رحبت / فكلّ رحبٍ من أَرضها حبسُ
أَسوان لا أَهتَدي إِلى عمل / كأنّ عِلمي في نَظَري حدسُ
فأين أَلقيت ناظِريّ أَرى / يَرمقني مأتم وَلا عرسُ
يَرى لَديّ الراؤون كلّ غنى / وَلَيسَ عِندي مِمّا رأوا فلسُ
أُحاوِل السعد أَن يَلوح وير / تدّ زَماني وكلّه نحسُ
عليك منّي السَلام يا أَمَلي / ربّ رَجاء قرّ به اليأسُ
أتّهم النطق بالجُمود وَما / جفّ بأعلى يراعتي النقسُ
كَيفَ وَذو النطق كُلَّما هدرت / شقشقة منه قلت ما قُسُّ
اللَه ماذا جَرى به قلمي / وَما الَّذي قَد حَواه ذا الطرسُ
حَوى مِن القَول كلّ شارِدَة / أَلسنة القَوم دونَها خرسُ
تَصبو إِلى واحِد الرّجال نهى / يعزى إِلَيهِ السَخاء وَالبأسُ
ذاكَ هُوَ السَيّد الحلاحل وَال / نطس إِذا قيل في الوَرى نطسُ
أَحكم أسّ العلاءِ ثمّ بَنى / وَهَل بنا إِن وهن الأسُّ
تفرّقت عنه كلّ منقبة / وَاِجتمعَ البدرُ فيه والشمسُ
تَعنو إِلى نوره الوَرى أَبَداً / كَأَنَّما الخلق كلّهم فرسُ
إِذا رقى منبر الخِطابَة فال / أصوات مِن هيبةٍ له همسُ
أَو حلّ في الدستِ قال قائلُهم / شَهلان في بردتيهِ أم قدسُ
هَذي المَعالي هيَ الفُصول له / وَهوَ لَها دون غيره جنسُ
أخيّ جاءَتك وَالحَياء لها / خطى وبرح الجوى لها لبسُ
تذكرك الوعد كي يباكرها الط / طيب يَزهو وَيَذهب الرجسُ
أَربعة بعد خمسة قفلت / ووعد من أَصطفيه لي خمسُ
تَكسو ثَناء وَتكتَسي مدحاً / فَهاكها تَكتَسي كَما تَكسو
وَاِسلم لك المدح وَالثَناء معاً / وَالوَيل للشانئين والتعسُ
ضنىً أَمضَّ الفُؤاد أَم ظَمأُ
ضنىً أَمضَّ الفُؤاد أَم ظَمأُ / يفرغ مِمّا كَوى وَيمتَلئُ
حجارة مسّها الجوى فذكت / بَينَ حواني الضلوع لا حمأُ
جاشَت بِقَلب المحبّ جائشة / تَلظى اِلتياعاً وَلَيسَ تَنطَفئُ
هَذا مَجال الروا فَلا عجب / إِن صحت يا أَيُّها العطاش شئوا
إِلَيكَ يا اِبن النَبيّ مألكة / كطَبعك الصقل ما بِها صَدأُ
جَميع أَجزائِها جَوى وَهَوى / لا جزء أَرقى بها فَيَجتَزئُ
كمثل عهد الصبا لمن كَتَبوا / وَمثل نور الضُحى لمن قَرأوا
فَما تَلاها من لوعة ملأ / إِلّا وَعاها من لوعة ملأُ
يَرفَعها بيتك الصَغير إِلى ال / كَبير حيث الجَلال يَتَّكئُ
كَأَنَّما أَمّ حوضها أَسد / كَأَنَّما راد روضه رشأُ
كَأَنَّما الطير جاءَ مِن سَبأ / أَو جاءَ يشأو جَناحه سبأُ
ينبئُ عَن وَجده المضيض بِما / يقصر عَن وصف خطبه النَبأُ
يَشكو لِرَغدان كربةً نزلت / وَغابَ عَن درئها الأُلى درأوا
هَل عِندَ رَغدان وَهوَ ملتطم / أنّ موالي رَغدان قَد ظَمئوا
عَزَّ عَلى المَجدِ أَن يَقول شج / أنّ بَني المجد بالحمى رزئوا
يا منبتاً للهدى لمن نَبَتوا / وَمنشأ للندى لمن نشؤوا
وَيا حمى اللاجئين أَيَّ حمى / يَلجا إِلَيهِ سِواك إن لجؤوا
راجوك في يومهم قَد اِضطَرَبوا / فَإِن تجب سؤلهم فَقَد هدؤوا
لا تدع الآملين يكنفهم / من عبثوا بالوَفاءِ أَو هزؤوا
يفديك من عاهَدوا وَما حفظوا / وَأَخلفوا وَعدهم وَما فتئوا
نفوسهم سلعة لمن بَذَلوا / وَهامهم تربة لمن وَطئوا
لا يحسنون المَقال إن نَطَقوا / أَو أَحسَنوا مرة فَقَد بذؤوا
وَلا يفي بالأقل ما اِكتَسَبوا / وَلا يقي المستظل ما رفؤوا
هَل مثل رَغدان في الوَرى علم / تأوي إِليه الدُنيا وَتَلتَجئُ
أَوّله للعلا وَآخره / وَمنتهى للنَدى وَمبتدأُ
لَو جرؤ المالِكون أَن يَصِلوا / إِلى أداني علاه ما جرؤوا
هَيهات لا يَرتَقي البُغاة إِلى / ما يَرتَقي في العلا وَقَد خسئوا
عداه داء سرى إِلى نفر / بِداء نكث العهود قَد وبئوا
كَيفَ يَعيش الرجاء في كنف / لا الورد مستعذب وَلا الكلأُ
يا جود رغدان من يجرّئني / سواك يوم النَدى فأجتَرئُ
عَهدي يُجاريك لَم يَكُن أَبَداً / المهل من طبعه وَلا البطأُ
بن بالأيادي جسامها وأجب / غرّك يوم السؤال يختَبئُ
وَلا تكل ريّنا إِلى عدنا / يا ريّنا قَد أمضّنا الظمأُ
يَعيش رَغدان ما سَعى وَرَمى / وَلَيسَ منه الإخفاق وَالخَطأُ
نَبقى عَلى عهده وَكَم نكث ال / عهد أناس عَمداً وَما عبثوا
هَيهات أن نَرتَضي سواه حماً / إنّا لِقَوم بعزهم ربؤوا
نبرأ من حبّ معشر كلفوا / بحبّ غير العلا وَما برئوا
يا حَبّذا وَالقُلوب شاهدة / من ختَموا ودهم كَما بَدأوا
دارة لَهوٍ بالجزع أَعهدها
دارة لَهوٍ بالجزع أَعهدها / يَزهو بهيف الظباء معهدها
رعى مَهاها حبّ القُلوب وَلا / تقضم غير القُلوب خرّدها
كَم نظرة لي أَما وَقفت بِها / وَالعَين مطروفة أردّدها
تسعدني عندها بكلّ جَوى / حشاشَتي وَالدُموع تسعدها
وَمهجة ما برحت أَكلؤها / في كلّ طرف باللحظ يقصدها
ضيّعتها أَمس بين أَربعها / وَضَلّ عَنها من راح ينشدها
لَهفي عَلَيها لَو كانَ يَنفعَني / لَهفي وَوَجدي لَو كانَ يوجدها
ما خطر الرافدان في خلدي / إِلّا تَراني للعين مرفدها
من عبرات يمتدّ معبرها / عَلى خدود باد مخدّدها
أَو زَفَرات يسن زافِرها / قصد ضُلوع فشا تقصّدها
وَكَيفَ يَسلو الحمى ذوو كَمَدٍ / لَم يدر طعم السلو مكمدها
دَع اللديدين واِستعر كبداً / يطول نحو الحمى تلدّدها
الآن أَيقَنَت أنّ جيرَتنا / لا تسمع القول حين أنشدها
إِذ نزح الحي واِختَفى أَثر الد / دار وَفات العيون مشهدها
وَفتية كالنجوم حجّبها / نحس اللَيالي وَزال أَسعدها
عَهدي بها كالجِبال راسيَة / لا يَنثَني في الخطوب مفردها
كَيفَ ثنتها الأَحداث واِقتعدت / منها الرزايا ما كانَ يقعدها
بدّدها حادِث الفِراق وَقَد / كانَ جَميعاً لَنا مبدّدها
فارقتها وَالحَشا تساومني / تجلّداً لَو يفي تجلّدها
فاِنتَزَع البين أيّما مهج / يبرق فيها الأَسى فيرعدها
في حالَة لَو تعي الصخور لَها / رقّت لِحالي وَذاب جلمدها
الوجد من خاطِري يقرّ بها / وَالبين عَن ناظري يبعدها
ما اِبتدرت من حياً بوادره / وَلا طَغى من لظى توقّدها
مثل دموع رحنا نصوّبها / أَو زفرات بتنا نصعّدها
وَلست أَنس بالجزع دار هَوىً / أَصبح نهب البلى مجدّدها
وَقفت فيها أضفي السؤال وَلا / يطيق ردّ السؤال هُمّدها
أَزوّد الطرف من معالمها / وَيا لَها حسرة أزوّدها
يا دار لا تَطمئنّي إِلى مطر / تسقيك عين ثَراك إثمدها
وكلّ دار حاك الرَبيع لَها / وَشيا وَقام النَسيم يرصدها
اليَوم تَزهو بسربها وَغَدا / طارفها لِلبلى وَمتلدها
وَربّ أَرض يغصّ نفنفها / بصبوتي أَو يَضيق فدفدها
يظلّ عَن حرّها يظلّلني / في بردها ضالها وَغرقدها
شارفت منها اليفاع فاِنحدرت / نَفسي فيها وَعَزّ مصعدها
في رَوضة غضّة الشَذا أنف / يطرب أَسماعنا مغرّدها
وَكلّما شوشت خمائلها / صبىً أَتاها النَدى يلبّدها
نزلتها طارِحاً بها رسني / وَالوجد من جانبي يصعّدها
فاِعترضتني غيداؤها وَلوىً / عَلى فخّ الشِراك أَغيدها
فَصحت أَهل الحِمى غَريرتكم / في الحسن قَد تامني تفرّدها
خذوا أَحاديث حسنها وَدَعوا / رواتها عَن هَوى تسنّدها
فرعاء ما أَسبلت غدائرها / يحمل منها الشَذا مقرمدها
يَنساب سبطا كالأيم مرسلها / وَيَنثَني شوشبا مجعّدها
فتّانة المُقلَتين خامصة ال / بطن محبب السَنا مقلّدها
تَرمي فتصمي بالنبل من قصدت / وَهَل تعدّى الفؤاد مقصدها
تعمّدت مقتلي فَقلت له / هناك يا مقتلي تعمّدها
رأيت منها تودّداً وَقلىً / فَما قَلاها وَما تودّدها
يسوّف الوصل يومها لِغَدٍ / لا يومها يَنقَضي وَلا غدها
توعّدني باللّقا وأحسبها / تنجز يوم الحِساب موعدها
ماذا عليها لَو واصلت دنفاً / قربه للبلى تبعدها
يا أخت ريم النقا بنا غلل / وَفي ثَناياك ما يبردها
تنهدت عَن مفلّج عطر / فَهاجَ برح الجَوى تنهدها
حَتّى إِذا اللَيل مدّ كلكله / عَلى الروابي وَنامَ حسدها
جرّدتها من ثيابها علناً / فراق ناظري مجرّدها
مفعمة الساق قد توسدني / عبل ذراع وَقَد أَوسّدها
وَكانَ جَنبي بجنبها لصقاً / إِذا تمشّت وَفي يَدي يدها
حَتّى إِذا ما اِنزَوى الكَرى وَغَدا / معاوداً مقلتي تسهّدها
قمت ولا ما شهدته وَإِذا / تلك خَيالات كنت أَشهدها
وَعدت أَستَعطِف الرقاد وَما / إِخال يَدنو إِليّ مرقدها
فَما لِذي النَفس وَهيَ آبية / يَنقاد طوع الغَرام مقودها
أَلَيسَ تعزى إِلى أَمين خير أَب / يصدرها حرّة وَيوردها
فلست منّي يا نَفس أَنت إِذا / راعك من ذي الخطوب مؤيدها
يا نَفس لا تَطمَحي إِلى بلد / يعقّني شيخها وأمردها
توردي العزّ واِتركي بلداً / تظما بجنب الحياض موردها
أنجدت أَم غرت في البلاد فَما / يُغنيك أَغوارها وأنجدها
عودي وَلاقي محمّداً فَهوَ ال / خير وَخير الوَرى محمّدها
يردّ عنك الخطوب ناصلة ال / أَنياب يحثي التُراب أَوردها
يحفظ ما ضيع الأَنام لَنا / عهود فضل في الدهر نعهدها
له أَياد عليّ ضافية / أَجحد نَفسي وَلست أَجحدها
تفقّدتني بالطول منه يد / يحيي رفات الثَرى تفقّدها
كانَ لَئيما من لَم يكن أَبَداً / يشكر معروفها وَيحمدها
حسب بني المجد سؤدداً وَعلا / منه علاها وَمنه سؤددها
نماه للعزّ والد عقمت / بطن المَعالي فجاء يولدها
وَأَولدته للمجد والدة / زكا بحجر الفخار مولدها
بخ بخ للعلا إِنَّه أَبا ال / قاسم في فضله مقلّدها
مصلحة للبلاد شيمته / إِذا عَثا في البِلاد مفسدها
أَقامَ في الهند برهة فَغَدا / إِلى شباه يعزى مهنّدها
من لي به وَالديار شاسِعَة / لا يَتَدانى إِليّ أَبعدها
أَخي دع مهجَتي وَما لقيت / يطلقها الشجو أَو يقيّدها
سحاب جفني وَأَنتَ ممطره / وَنار وَجدي وَأَنتَ موقدها
لَو فتّشوا أَضلعي لما وَجَدوا / غير هموم هَواك موجدها
أَو قوّموها رأوا فضول حَشا / يقيمها الشوق ثمّ يقعدها
ذرِ اللَيالي أَقضها سهراً / وَنَم خليّا إِن بتّ ترقدها
نحن أُناس قضى الغَرام لَها / أَلا يَذوق الكرى مسهّدها
وَزع أَجسامها السفار كَما / توزّعت في الدِيار أَكبدها
كَم طرق للعلا وَكَم خطط / إِلى الأَماني كنّا نمهّدها
حَتّى إِذا أَينعت جَوانبها / قامَت بنات الأحداث تخضدها
لما يزل يخلق العزاء لَنا / مطارفاً وَالأَسى يجدّدها
تزاحمت حَولي الخطوب كَما / تَزاحمَت في الرياض روّدها
حملت منها ما لَو تحمّله / رواكد الهضب ساخ ركّدها
تَطول ذؤبانها عليّ وَلا / يقصر عَن جانِبي عمرّدها
وَإِنّ من أَعظم الخطوب عَلى الن / نَفس اللَواتي أَمسَت تكبّدها
أَسرة بغي أَضحى يطاوِل ذا ال / مجد لَدى المكرمات أَوغدها
لا فرعها طاهر الأروم وَلا / يَعرِف طيب النجار محتدها
يمسي وورد صاب إِلى صَدري / مصدرها سائِغاً وَموردها
بلوت من غيبها وَمشهدها / فساءَني غيبها وَمشهدها
تبدي لي النسك ثمّ تحسبني / يغرّني في الريا تهجّدها
كَيفَ ورجس الفَحشاء قبلتها / وَحانَة الخندَريس مسجدها
إِن لَم أُذقها حرّ الحَديد فَلا / يُقال لي في الأَنام أَوحدها
قم عاطني الراح راح أرؤسها / تلك كؤوس يطيب صرخدها
وروّني من دمائها بردى / أَو يتروّى الإِيمان ملحدها
تقاعد الهمّ بي وَلي همم / يأنف ذلّ المَقام مقعدها
لا بدعة نهضة يَثور بها / إِلى مراقي السماك ملبدها
ومن تكن أَرضه السَماء فَنع / لاهُ إِذاً نسرها وَفرقدها
أَلست إِما ركبت يفخر بي / طرف كَريم الآباء قعددها
بَينَ ظبىً لَو رأَيتنا وَقَنا / نسحب مِن ذي وَذي تجرّدها
وَفي حشا المارقين نركزها / وَفي طلى المشركين نغمدها
قلتَ جبال الدنيا تقلّع / وَالعيالم السبع عجّ مزبدها
هَيهات توهي لَنا العدا دعما / مثل أَبي قاسم موطدها
فاِسلم أَبا قاسم وَعش أَبَدا / في عيشة صالح مؤبّدها
تسلّ أَو تغمد السيوف لَنا / فَمنك مسلولها وَمغمدها
لِتَهتَدِ الناس في سناك وَهَل / ضلّت أُناس وَأَنتَ مرشدها
فُق البَرايا وَسد غطارفها / فَأَنتَ يا ذا الجَلال سيّدها
هذى القَوافي وَالوَيل من نفر / ينفر من طبعهم معقدها
أَصوغ منها قلائداً غررا / يقلّد الفخر من يقلّدها