ما لَكَ وَالذكريات تذعرها
ما لَكَ وَالذكريات تذعرها / تَثير مَكنونها وَتَنشرها
موءدة في الشُجون أَدفنها / وَفي زَوايا السِنين أَذخرها
أَذهل عَنها وَرُبَما ذَهلت / عَني وَقَد جئت بي تَذكّرها
يا مسعرَ النار كَيفَ أَطفئها / سامَحَكَ اللَه حينَ تسعرها
أَما تَراني يَدي عَلى كَبدي / أَكاد مِن زَفرَة أُطيِّرها
يا رُبّ نَفس لِلّه مُسلمة / قامَ نَبيّ الهَوى يَنصّرها
أَعيا عَلى الدَهر غمزَ جانِبِها / ما بالُ غَمز العُيون يَقهرها
كَلّفتها السَير وَالسرى شَغفاً / أَلَذّ حال الغَرام أَخطرها
خلّفت بَيروت منعماً طَلَباً / للكَرمَليات حَيث عزورُها
بَلغتها وَالظَلام مُشتمل / عَلى البَرايا وَالنَوم يَسكرها
أَلتَمسُ البابَ لا أَفوز بِهِ / أَطوف بِالدار لَست أُبصرها
حَتّى هَداني وَمِيضُ سارية / أَعقبه قاصف يَفجّرها
سَعَيت لِلباب ثمّ أَطرقه / أَقفاله الصلب لَو أَكسّرها
ما تَنثَني نَفسُ طالب وَردت / ظَمأى وَمَرعى الحِمام مَصدرها
وَانفتح الباب عَن مصلّبة / خيفة شَرّ هُناك ينذرها
قُلت مَسا الخَير هَل لملتجئ / لديك نَعمى هَيهات يَكفرها
قالَت عَلى الرَحب قلت هَل نَزَلت / آنِسَةٌ دارَكُم تَعمّرها
قالَت أَخوها فَقُلت ذاكَ أَنا / قالَت أَنسعى لَها نَخبّرها
قَد أَخَذ النَوم جفنها مَللا / بَعد اِنتَظار تَرى أَنشعرها
قُلت دَعيها غَداً أُفاجئها / أَحلامَها الغرّ لا أُنفّرها
أَقضي رقادي في غَير مضجعها / أَخشى إِذا اِستيقَظت أَسهّرها
قالَت تَرى الضوء ذاكَ مضجَعَها / كُن جارَها وَالصَباحَ تبدرها
أَراك بَرّاً بِها وَربّ أَخٍ / مغرًى بِأَخت لَهُ يُكدّرها
قَرابة المَكر أَصبَحَت ثقة / أَعشقُ بعضِ القُلوب امكَرُها
يا لَك بَلهاء وَدّعت وَمَضَت / أَثني عَلى لطفها وَأَشكرها
زَجراً وَهَيهات لاتَ مُزدجِرٍ / أَيّة نَفس هَوجاء ازجرها
صَبرَك يا نَفس لات مصطبرٍ / ما لَم تَكُن جارَتي تصبّرها
لَم أَدرِ حينَ اِنسللت أَطلبها / خطى المُحبّين مَن يَسيّرها
حورية في السَرير راقِدَة / وَدّ رفائيل لَو يُصوّرها
يا مَعدَن الحُسن أَنت مَعدنها / يا جَوهَر الحُبّ أَنتَ جَوهَرَها
إِن أَنسَ لا أَنسَ وَجهها وَبِهِ / غبّ اِنتَظاري بادٍ تَحيّرها
عاطِفَةً جيدها موسّدة / ذِراعَها وَالدُموع تَغمرها
وَالوَجه وَالصَدر بادِيان سِوى / ما اِنثالَ مِن فرعها يَخمرها
وَالشَوق بَينَ الضُلوع أَعرفه / مِن زَفرة كَالسعير تَزفرها
يَصيبُني لَفحها عَلى كبد / في بُرَح الشَوق ذابَ أَكثَرُها
وَثمَ رمانة قَد اِضطَرَبَت / وَاِقتَرَبَت تربُها تَحذّرها
تَقول اُختاه تَحتَنا لَهب / يَصهرنا دائِباً وَيَصهرها
إِن أنس لا أنس وَجَهها وَبِهِ / غبّ اِنتَظاري بادٍ تَحيّرها
أَلمح بَين الجُفون لُؤلؤة / فازَ بِها النَوم وَهُوَ يَأسرها
أَطبق أَهدابَها فَقيَّدها / لَولا اِضطِرابٌ يَكاد يَنثرها
يا مَعدَن الحُسن أَنت مَعدنها / يا جَوهَر الحُبّ أَنتَ جَوهَرَها
قَيد ذِراعي غُصون بانتها / آوي إِلى ظلّها وَأَهصرها