المجموع : 18
لا ندرك الله دائما أبدا
لا ندرك الله دائما أبدا / ولو جهدنا وكدنا التعبُ
وأنت يا عقلنا عجزت فقف / عليك في الله يفرض الأدب
فيه دع الفكر كم مكابرة / من أين هذا الإخاء والنسب
يا عقل كم منك قلة الأدبِ
يا عقل كم منك قلة الأدبِ / في الله فاسجد إليه واقتربِ
تجول في الكائنات تطلبه / كطالب جذوة من اللهب
في جوف ماء يدور فيه ولا / تراه يوما يفوز بالأرب
فجذوة النار يستحيل بأن / تكون في الماء رح بلا تعب
كذاك حق اليقين خالقنا / وجود حق محقق الرتب
وكل شيء به بدا عدمٌ / مقدر كالستور والحجب
فاعرف به نفسك الحقيرة لا / تغفل وكن قائماً به تصب
واعبد به مؤمناً بملته / ومخلصاً دينه عن الريب
واحذر من الفكر فيه إنك لا / تقدر تدري أَثِمْتَ فلتتب
ولا تغالط وكن على وجل / منه ودم به جاهلاً وغبي
فإنه الله في الغيوب متى / شهدته أنت ظاهراً يغب
يا من غفلتم وجوهكم سودُ
يا من غفلتم وجوهكم سودُ / وربكم في الخيال مولودُ
خيالكم ولَّد الإلهَ لكم / أنتم عبيد وذاك معبود
وتنكرون الوجود خالقكم / بأنه الله وهو موجود
إن لم يكن ربنا الوجود يكن / بالعدم المستحيل مقصود
يكن خيال الذين قد عبدوا / خيالهم والجهول مبعود
حاشا وكَلّا يكون خالقنا / غير الوجود الذي له الجود
وهو محيط بنا وبالأشيا / جميعها جاحد ومجحود
به السموات أشرقت وبه ال / أرض جميعا وأورق العود
ترضون أن الخيال منه لكم / رب وما بالوجود جلمود
ولا بهذا الوجود قائمة / أكوانكم والغلام والخود
وظلمة كله الخيال وما / بدا لكم منه فهو مردود
وربنا نحن وهو خالقنا / وجود حق سواه مفقود
وذاك معنى بأينما كنتمُ / وهو قريب لنا ومعهود
أقرب من حبلنا الوريد كما / قال وقالته سادة قود
ونحن لا شيء هالكون وفا / نون به وهو وهو مشهود
لأجل هذا لنا الوجوه غداً / بيض وأنتم وجوهكم سود
وجوهنا البيض حيث خالقنا / وجودنا النور وهو مسعود
وربكم في خيالكم وبه / وجوهكم بالسواد معقود
بدت بكم ظلمة الخيال وقد / أوقدها في السعير سفود
تنكبوا عن طريقنا وقفوا / وقفة قوم نذيرهم هود
فإن هذا الوجود عز وقد / جلّ وماذا الوجود محدود
وما له صورة وليس له / ثان وفيه التوحيد محمود
لا مثلَ كلا ولا شبيهَ له / والكم والكيف عنه مطرود
لكن تراه العيون جل ولا / تدركه باب ذاك مسدود
ملك سليمان كان منه كما / خليفة عنه كان داوود
لا ذاته تشبه الذوات ولا / صفاته كالصفات يا دود
كالدود أنتم ضعاف خلقتكم / عزم لكم في الرشاد مخمود
قوموا اشهدوا أنه الوجود لكم / فيومكم كالجميع معدود
وهو عيان لكل ذي بصر / لا يَحْجِبَنْكُمْ للنفس أخدود
من كان أعمى في هذه فغداً / هناك أعمى والزرع محصود
نص كتاب الإله حجتنا / والدر عقد الحديث منضود
بنغمة العود لاح لي أثرُ
بنغمة العود لاح لي أثرُ /
أفهمني أن كلنا صورُ /
فقلت لما تبدت العبرُ /
حدِّث عن الوتر أيها الوترُ / من فاته الخُبر سره الخبرُ
يا عود كم أنت أسر وسوسةٍ /
رقق لنا الصوت في مؤانسةٍ /
عن حالة في الهوى مؤسسةٍ /
وهات عن ليلة مقدسةٍ / طابت فعندي جميعا سحرُ
سري بك الآن قد غدا علناً /
ومن غرامي أثرت مكتمناً /
طب نغمة لي ومسمعاً حسناً /
وقل كما شئت أن لي أذناً / تتلى عليها بلحنك السورُ
منك ضلوعي قد ذاب أجمعها /
ومقلتي تستهل أدمعها /
والأذن مني غناك يصدعها /
مصغية للحبيب يسمعها / آيات حق لم تسمع البشرُ
هاجت لشوقي صبا يمانيةٌ /
ومهجتي للهوى معانيةٌ /
قلت وأعوادنا مدانيةٌ /
يا وتراً حركته غانيةٌ / لا وأبي ليس ذاك ياوترُ
طنبورنا قد عشقت نغمتَهُ /
ولست أنسى الغداة رنتَهُ /
كم قلت لما شهدت بهجتَهُ /
قد أودع الوتر فيك حكمتَهُ / فمنه لا منك تطرب الفطرُ
إني أنا فرضه وتقديرُهُ
إني أنا فرضه وتقديرُهُ / إني أنا خلقه وتصويرُهُ
وجود حق أزيل باطلنا / به ولو ألقيت معاذيره
غيب من الغيب يستبين بنا / ونحن في روضه شحاريره
نفصح عنه به فنعجمه / تعريفه يستوي وتنكيره
نئنُّ حتى تسيل أدمعنا / كأننا في الهوى نواعيره
ونحن قوم لنا به لغةٌ / تفهم أسرارنا نحاريره
وكل من حاد عن طريقتنا / فحسبه عجزه وتقصيره
ولا تلوموه إنه رجل / عن الصفا قد ثناه تكديره
تبارك الله علمنا سجعت / بروض أزهارها عصافيره
وانتشرت في الورى روائحه / واشتهرت في الملا تباشيره
وكل هذا بما تضمنه / من كل ما لا يطاق تعبيره
حقيقة يظهر المجاز بها / ويختفي لا يدوم تقريره
نعرفه عند ما نراه ولا / نراه لكن يعم تزويره
وقد تجلى بنا فندرك ما / به تجلى وذاك تأثيره
وحدتنا نحن وهي ظاهرة / في الثنويات وهي تقديره
فواحد نحن وهو متحد / تدبيرنا في الأمور تدبيره
واثنان في الغيب نحن وهو ولا / يمكن تغييرنا وتغييره
هذا هو الحق عند عارفه / وعند من عنده مقاديره
وليس يدريه غير من سكنت / شئونه وانمحت تصاويره
وكان روحاً مجرداً وهدى / إشراقه زائد وتنويره
الكل فان إذا له نسبوا
الكل فان إذا له نسبوا / بالحث في كشفه وبالحضِّ
يقرضنا ربنا ونقرضه / ديناً بدين والسر في القرض
نقضي فيرضى بما قضاه بنا / ونحن نرضى بما به يقضي
ليلة ذا القدر ليلة الجمعِ
ليلة ذا القدر ليلة الجمعِ / في بصري شاهد وفي سمعي
من غير فرق لدى بصائرنا / بين جماد وبين ذي لمع
ذا القدر ذاك الذي الضمير له / ينزل من غيبه إلى الجمع
وكل من نفسه يشاهدها / فيه يرى صورة من الشمع
حقيقة أضحكت أحبتها / والغير أبكته زائد الهمع
فدمعة في السرور باردة / وفي الأسى الحر كان في الدمع
عبادة للغافلين تكليفُ
عبادة للغافلين تكليفُ / وعلمهم بالإله تكييفُ
كما عبودية الذين على / صراطه سالكون تعريف
وعارفو ربهم عبودتهم / بربهم رفعة وتشريف
عليك فالزم طريقنا لترى / ما قد رأينا إلامَ تسويف
واهرب إلينا ودع حواسدنا / ولا تُميلَنَّك الأراجيف
إن الذي نحن أهله حرم / أمن وما في ذراه تخويف
الله الله لا سواه فما / لغيره في الأنام تصريف
ونحن لا نحن فالوجود له / والحكم منه عليه توقيف
وكل شيء فالعلم ترتيب / له بأحكامه وتصفيف
وهو الذي قامت السماء به / والأرض للكل منه تأليف
واستغفر الله للجميع وإن / جاء من الجاهلين تعنيف
هذا مقام يجل عن رجل / له ادعاء به وتوصيف
يا صاحبي في الرخا وفي الضيقِ
يا صاحبي في الرخا وفي الضيقِ / دم حافظاً لي على المواثيقِ
هذي يدي قد مددتها لك خذ / عهدي سريعاً بغير تعويق
وجود مثلي وجود تقدير / وليس هذا وجود تحقيق
وهكذا الحادثات أجمعها / من حين تغريبها لتشريق
تصورت كلها لنا صوراً / في الحس والعقل للتزاويق
وكل هذا له وليس لنا / شيء من الأمر حكم تحليق
أما وجود الإله خالقنا / فهو الحقيقي لأهل توفيق
وجود حق محقَّقٍ أبداً / يعرف لكن بمحض تصديق
عن دركه العقل عاجز وكذا / عن وصفه في مقام تفريق
نراه لكن برؤيةٍ حدثت / لنا غداً لا بوهم تحديق
تغيب عنا وعن سواه إذا / نحن رأيناه حال تشويق
محبة منه والمحب بها / يكاد منها يغص بالريق
هذا اعتقاد الهداة سادتنا / لا عقد غاوٍ غَوَى وزنديق
كم أعرض السامريُّ عنه وكم / أباه في الدين كل بطريق
تعلقوا كلهم بما عبدوا / من خلقه فيه أي تعليق
وأعرضوا عن سنا عبادته / جل فنالوا ظلام تحريق
وأصبحوا مالهم لديه سوى / لعنتهم عنه ضمن تسحيق
يا أيها البارق الذي برقا
يا أيها البارق الذي برقا / إني أنا أنت حيث كان لقا
فإن قلب المحب قال له / هذا هو الخالق الذي خلقا
لا غيره من جميع ما وجدت / كما البرايا السوالك الطرقا
فاجمع من الحسن ما تراه وما / يدركه العقل كيفما اتفقا
وقل هو الله لا سواه ولا / تقل سواه لطارق طرقا
والكل فان وما له أبداً / عين مع الحق باطل زهقا
فإن هذا عقد الفتى وبه / يلقى غداً ربه إذا صدقا
انظر إلى الكون وهو في عدمٍ
انظر إلى الكون وهو في عدمٍ / واطلب له الخالق الذي خلقه
تجد هناك الوجود منفرداً / به تعالى مقال أهل ثقه
وتعرف الكل لا وجود لهم / إلا به والعقول متفقه
فإن معنى به الظهور له / بهم شئونٌ تلوح مفترقه
وكل يوم أي لمحة هو في / شأن عليه الشئون منطبقه
واحذر تراهم وذا الوجود لهم / وهم به والفهوم مستبقه
وبعد هذا تروم خالقهم / تطلبه إن تجده يا نبقه
تكن جهولاً به تُخَيِّلُهُ / كما تخيلتهم لتسترقه
هيهات هيهات أن تفوز به / وأنت واه ولم تزل علقه
تستأهل القرع بالعصيِّ على / تركك تعظيمه وبالفلقه
سنةْ نبيْ مختارْ
سنةْ نبيْ مختارْ / فيها قيام الليلْ
طالت بها الأعمارْ / تعطى القوى والحيلْ
حوزوا بها أنوارْ / واحووا المنى والنيلْ
صلوها يا أبرارْ / عنكم يزول الويلْ
قد صدَّقَ الصدّيقْ / فيها أبو بكرِ
واختص بالتحقيقْ / حقاً بلا نكرِ
عنه الرضى توفيقْ / من أفضل الذكرِ
فارضوا بقلب شيقْ / فيه إليه ميلْ
أحيى لها الفاروقْ / نجل الفتى الخطابْ
من قدره العيّوقْ / في زمرة الأصحابْ
عنه الرضى منطوقْ / للسادة الأحبابْ
فارضوا فعنه النوقْ / ترضى وتمشي سيلْ
ثم اعتنى عثمانْ / في هذه السنَّهْ
من عنده نورانْ / من أعظم المنَّهْ
خصوه بالرضوانْ / عنه تروا الجنَّهْ
والله بالإحسانْ / يوفى لكم في الكيلْ
وارضوا عن الكرارْ / والصهر وابن العمْ
من خصَّ بالأسرارْ / حاوي العطاء الجمْ
مع جملة الأطهارْ / آل وصحب ثمْ
والأوليا الأخيارْ / فيهم يطول الذيلْ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ
ظهرت يا نور والسوى عدمُ / فأشرقت من ظهورك الظلمُ
وبان سرُّ الحدوث في صور / بها عليها تلبَّس القدم
وموج بحر الوجود مختلف / وهو الكتاب المبين والكلم
لنا إلى الحق نسبة ظهرت / بها يكون النعيم والألم
يا أمة النور هذه رتب / تبدو بها الذات ثم تنكتم
نحن وأنتم وأنتما وهما / وهن وهو الجميع قل وهم
وليس إلا الوجود صادرة / شئونه عنه منه تنقسم
وجهٌ له باعتبارها ويدٌ / كذاك عينٌ وصورة وفم
وكل ما جاءت النصوص به / والحكْم منه اقتضاه والحكم
قف عندها يا حجاب حضرتها / مدادها عنه أنت مرتسم
وكن بها لا بغيرها ولها / لا لسواها يزول منبهم
واعلم بأن الوجود ها هو ذا / وما سواه فإنه عدم
يكشف عن ذاته ويظهرها / له ويعطيك غيره الوهم
وهو على نفسه به وله / يكتبنا فوق لوحه القلم
وليس فيما مضى وما هو في / مستقبل غيره هم التهم
الله الله يا موحده / فإنه محسن ومنتقم
وكن له خائفاً ومرتجياً / تمضي البلايا وتقبل النعم
ولا تجد غيره تجده به / فغيره الجهل منك واللمم
من ذل للغير فهو عابده / وذلك الغير عنده صنم
لنور عينِ الوجودِ أعيانُ
لنور عينِ الوجودِ أعيانُ / وفوق إنسان تلك إنسانُ
فإنها رتبةٌ مقيدةٌ / إطلاقها في القلوب إحسانُ
يقول من يشهد الرجال بها / تبارك الله فهو رحمان
وها هنا لا هناك منزلة / ينزلها في الرسول قرآن
بدا بدا كلما أقول بدا / بدا بدا فهو فهو إيمان
محا وقد أثبت اللطائف في / عوارف الأمر إذ هو الشان
وعندنا نحن فهي نافدة / وعندَهُ غيرُ نافدٍ آنُ
والآن في الآن واحد فإذا / ثنَّى تثنَّى وأشرق الحان
وإنها في العيون زخرفة / وإنها في الصماخ ألحان
به به عين ذاك ذاك له / وصوت طير الغناء عيدان
خزانة الحرف فتحها شرف / والقفل ربحٌ لها وخسران
هو العظيم الذي علا شانُهُ
هو العظيم الذي علا شانُهُ / وقام بالكفتين ميزانُهُ
وقد تثنت قدوده ورنت / عيونه واستمال إنسانُهُ
ولم يزل واحداً وكثرته / ذيول أثوابه وأردانُهُ
وكنت قرآنه بجمعي أنا / بل أنا مني بالفرق فرقانُهُ
جلت عيون رأته في صور / قام عليها بالحق برهانُهُ
وجل قلب درى بعزته / يقينه ملؤه وإيمانُهُ
ملأت منه يدي وليس بها / سواه إذ ما سواه ملآنُهُ
وماء حوض النبي راق لنا / ونحن أكوابه وكيزانُهُ
تبارك الله حين صورني / صورته في وهي إحسانُهُ
وانتظمت بالوجود سُبْحَتُنا / في سلكه المستطيل سبحانُهُ
جميع أفعال ربنا حسنَهْ
جميع أفعال ربنا حسنَهْ / سيئة منك كانت أو حسنَهْ
والنفس منها الأفعال سيئةٌ / وتلك أفعال ربنا الحسنهْ
وإنما الله عنه أغفلها / حتى ادعتها ولم تر مِننه
فإنها سيئات ما عملوا / بنية في القلوب مكتمنه
ومن يبع نفسه لخالقه / تكن له نفس ربِّه ثمنه
معرفة الله عند عارفه
معرفة الله عند عارفه / كيفية ليس تلك كميَّهْ
فإن كمية الذي هو في / عقد الجميع اقتضى لكيفيه
مجهولة تلك عند عاقلهم / من حيث ما عنه تكشف النيه
حتى يمن الإله خالقهم / بالفتح في مغلق الأنانيه
ويدرك العقل ما يقول إذا / قال ولا تعتريه نفسيه
حالة نفس بعكس ما نطقت / من جهلها الصرف بالإضافيه
فإن وفت بالعهود من قِدَمٍ / يومَ بَلَى ذاك للربوبيه
هنالك الصدق في المقال ولا / كذب وإلا فهي المجوسيه
وجدت كنزاً هنا هو البركهْ
وجدت كنزاً هنا هو البركهْ / أنفق منه في مدة الحركهْ
ينمو ويزداد ليس يحوجني / إلى اتجارٍ ولا إلى شركهْ
كان عليه من السوى رصد / فانفك عنه وزالت اللبكه
وهو بقلبي توكل ورضىً / عنه وفيه الأمور محتبكه
وإنه الكنز فهو لي أبداً / يحفظني عنده من الهلكه
وبحره كلما غطست به / أخرج منه وفي فمي سمكه
وصنعة الكيمياء أعرفها / شكر الذي قد أدار لي فلكه
يزيدني كلما شكرت له / والشكر نفسي بذاك منهمكه
فالشكر لي صنعة أعيش بها / وهو طريقي يا فوز من سلكه
كم نعمة لي سبيكة ظهرت / من شكر فيض الإله منسبكه
فالشكر بحر إذا مددت يدي / أصيد ما شئته بلا شبكه
والكيميا صنعتي وتلك هي ال / سكر وذو الحال حاله هتكه
وحاصل الأمر أنني رجل / وجدت كنزاً هنا هو البركه