المجموع : 18
فِي الأَسَى مِنْ تَفَتتِ الْكَبِد
فِي الأَسَى مِنْ تَفَتتِ الْكَبِد / مِثْلُ أَسَى وَالِدٍ عَلى وَلدِ
كَمْ بَطَلٍ عَاشَ وَهْوَ ذُو صَيَدٍ / فَرَدَّهُ الثُكْلُ غَيْرَ ذِي صَيَد
أَهْوَنُ مِنْ رَزْئه عَلَيْه أَذىً / كِفَاحُ جَيْشٍ أَوْ مُلْتَقَى أَسَد
سَابَا لَكَ اللهُ وَهْوَ أَلْطَفُ مَنْ / يَأْسُو جَرِيحاً وَأَنْتَ ذُو رَشَد
إِنَّ قُلُوباً مُحِيطَةً بِكَ مِنْ / كَرَامَةٍ شَارَكَتْكَ فِي الْكمَد
لَهْفِي عَلى ذلِكَ الْحَبِيبِ ذَوَى / مُنهَصِرَ الْغُصْنِ لَمْ يُنَلْ بِيَد
مَاتَ كَنُضْرِ الْفُرُوعِ يَلْزَمُهَا / بَعْدَ الرَّدَى حُسْنُهَا إِلى أَمَد
فِي جَاه أَوْرَاقهِ وَبَيْنَ حلَى / أَزْهَارِه مِن مُبَشِّرٍ وَندي
في عِزِّ مُلْكِ الصَّبَا وَحَاشِيَه / مِنْ غُرِّ آمَالهِ بِلاَ عَدَد
فِي مُنْتهَى مَجْده وَصَوْلَته / إِذْ يَقْتُلُ السَّعْدَ لاَهِياً وَيَدي
وَيَصْدمُ المَكْرَ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ / وَيَقْحَمُ الدَّهْرَ غَيْرَ مُرْتَعِد
وَيَتْرُكُ اللَّوْمَ حَائِراً وَجِلاً / مُنْعَقِداً فِي لِسَانِ مُنْتقد
يَا رَاحِلاً فِي الْغَدَاةٍ عَنْ نِعَمٍ / تَتْرَى وَعَنْ بَسْطَةٍ وَعَنْ رَغَد
وَتَارِكاً رَسْمَهُ لِفَاقِده / مُصَوَّراً بِالْجِرَاحِ فِي الْخَلَد
لاَ أَنْكَرَتْ رُوْحُكَ التَّي أَمِنَتْ / مَا فَارَقَتْ مِنْ مَخَاوِفِ الْجَسَد
ظَنَنْتُ أَنَّ النَّوَى تُخَفِّفُ مِنْ
ظَنَنْتُ أَنَّ النَّوَى تُخَفِّفُ مِنْ / وَجْدِي قَلِيلاً فَزَادَ مَا أَجِدُ
يَا رَاحَةَ الرُّوحِ مَنْ تُفَارِقُهُ / رَاحَتُهُ أَيَّ غُنْيَةٍ يَجِدُ
مَا حِيلَتِي فِي هَوىً يَصَفِّدُنِي / هَلْ مِنْ نَجَاةٍ وَقَلْبِيَ الصَّفَدُ
إِذَا عَصَى بِيَ يَوْمِي أَوَامِرَهُ / فَكَافِلٌ تَوْبَتِي إِلَيْهِ غَدُ
أَيْ سَاقِيَ الرَّاحِ أَجْرِهَا وَأَدِرْ / عَلَى الرِّفَاقِ الأَقْدَاحَ تَتَّقِدُ
وَيَا رِفَاقُ اشْرَبُوا نُخُوبَكمُ / شُرْباً دِرَاكاً لاَ يُحْصِهَا عَدَدُ
فَإِنَّنِي أَنْتَشِي بِنَشْوَتِكُمْ / أَظْمَأَ مَا بَاتَ مِنِّيَ الكَبِدُ
وَعَدْتُ مَنْ فِي يَدَيْهِ رُوْحِيَ لاَ / أَذُوقُهَا والْوَفَاءُ مَا أَعِدُ
وَعُدْتُ أَشْتَاقُ أَنْ أَرَى زُمَراً / تَعُبُّهَا كَالْعِطَاشِ إِنْ وَرَدُوا
قَالُوا جُنُونُ الصَّرْعَى بِشَهْوَتِهِمْ / عَقْلٌ لِمَنْ يَشْتَهِي وَيَبْتَعِدُ
ذَلِكَ عَقْلٌ لَكِنَّهُ سَفَهٌ / إِذَا وَهَى الجِسْمُ وَانْتَهَى الجَلَدُ
يَا صَحْبِيَ العُمْرُ كُلُّهُ أَسَفٌ / عَلَى فَوَاتٍ وَكُلُّهُ نَكَدُ
فَغَرِّقُوا فِي الطِّلاَ شَوَاغِلَكُمْ / لاَ يُنْجِهَا مِنْ ثُبُورِهَا مَدَدُ
يَا حَبَّذَا نَكْبَةُ الهُمُومِ وَقَدْ / حُفَّتْ بِمَوْجٍ فِي الكَأْسِ يَطَّرِدُ
كَأْسٌ هِيَ الْبَحْرُ بِالسُّرُورِ طَغَى / وَجَارِيَاتُ الأَسَى بِهِ قِدَدُ
بِأَيِّ لَفظٍ أَبُثُّ مَظْلَمَتِي / يَرَاعَتِي فِي البَنَانِ تَرْتَعِدُ
أَبْغِي بَيَاناً لِمَا يُخَامِرُنِي / مِنْهَا وَمَالِي فِي أَنْ أُبِينَ يَدُ
بِي صَبْوَةٌ وَالعُقُوقُ شِيمَتُهَا / وَيْحَ قُلُوبٍ مِنْ شَرِّ مَا تَلِدُ
إِنْ هَمَّ قَلْبي بوَأْدِهَا حَنِقاً / نَهَاهُ أَنَّ الحَيَاةَ مَا يَئِدُ
أَهْوَى وَمَا الغَانِيَاتُ مِنْ وَطَرِي
أَهْوَى وَمَا الغَانِيَاتُ مِنْ وَطَرِي / السَّالِبَاتُ العُقُولِ وَالفِكَرِ
أَلصَّائِدَاتُ القُلُوبِ فِي شَرَكٍ / يَنْسُجْنَهُ مِن خَدَائِعِ الحَورِ
أَلمُشِقَياتُ الوَرَى لأَِيْسرِ مَا / يُسْدِينَ مِن نِعْمَةٍ إلى النَّظَرِ
أَلحَاكِمَاتُ المُحْكَمَاتُ فَمَا / يَبْرَحْنَ أَقْوَى وَسَائِلِ القَدَرِ
فإِنَّ لِي دُونَهُنَّ فَاتِنَةً / فِي الزُّهْرِ مَحْسُودَةً وَفِي الزَّهَرِ
ضَحُوكَةَ الوَجهِ لاَ يُغَيِّرُهَا / فِي كُلِّ حَالٍ شيءٌ مِنَ الغِيَرِ
صَادِقَةَ العَهْدِ فِي مَوَاعِدِهَا / تَبْدُو وَفِيهَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِي
شَبابُهَا دَائِمٌ وَرَوْنَقُهَا / أَكْثَرُ مَا يَزْدَهِي عَلَى السَّهَرِ
إِذَا التقَيْنَا فَلاَ يُنَغِّصُنَا / رَيْبُ رَقِيبٍ يَدْعُو إِلى حَذرِ
وَإِنْ تَوَارَتْ رَقَدْتُ مُغْتَبِطَاً / بِمُلْتَقَى لِلغَدَاةِ مُنْتَظَرِ
كأَنَّهَا دُرَّةٌ مُعَلَّقَةٌ / وَأَيْنَ مِنْهَا فَرِيْدَةُ الدُّرَرِ
نُطْفَةُ قَطْرٍ عَلَى شَفا أَفُقٍ / مُفَضَّضِ الجَانِبَيْنِ مُنْحَدِرِ
دَمْعَةُ سَعْدٍ أَقَرَّهَا مَلَكٌ / فِي فُلُكٍ لَمْ تَسِلْ وَلَمْ تَثُرِ
أَوْدَعَ فِيهَا ابْتِسَامَهُ فَذَكَتْ / مِنْ عُصُرٍ يَنْقَضِي إِلى عُصُرِ
نُقْطَةُ حَرْفٍ مِنِ اسْمِ خَالِقِهَا / أَبْيَنُ مِنْ نَقْطِ سَائِرِ الزُّهُرِ
وَعَتْ بَدِيعَ البَدِيعِ فَهيَ تَلِي / فِي سُورَةِ الكَوْنِ آيَةَ القمَرِ
غانِيَةٌ فِي جَمَالِ صُورَتِهَا / مَا تشْتَهِيهِ المُنى مِنَ الصوَرِ
لاَ تَعْرِفٌ الإِثْمَ فَهْيَ عَارِيَةٌ / تَبْدِي حِلاَهَا بِغيْرِ مُسْتَتَرِ
وَإِنَّمَا الإِثْمُ حَيْثُما خَبُثَتْ / ضَمَائِرٌ فهْوَ صَنْعَةٌ البَشَرِ
حَوَّاءُ كانتْ كَذَاكَ ثُمَّ غَدَتْ / تَحْجُبُ مِنْ وَزْرِهَا بِمُؤْتَزَرِ
للهِ صُبْحٌ رَأَيْتُهَا ابْتَرَدَتْ / بِمِثْلِ مَاءِ اللُّجَيْنِ مُنْهَمِرِ
يَجْرِي عَلَيْهَا الضِّيَاءُ غَيَّرَهُ / مِنْ عَنبَرِ اللَّيْلِ عَالِقُ الأَثَرِ
فَكُلَّمَا سَالَ عَن جَوَانِبِهَا / صَفَا بِهَا مِنْ شوَائِبِ الكَدَرِ
وَكُلمَا زادَ نورُهُ لَطُفَتْ / فِيهِ وَرَقَّتْ عَنْ ذَائِبٍ عَطِرِ
حَتَّى تَوَارَتْ فلاَ عَفافَ وَلاَ / حُسْنَ كغُسْلِ الزَّهْرَاءِ فِي السَّحَرِ
بَحَثْتُ عَنْ طَاقَةٍ أَقَدِّمُهَا
بَحَثْتُ عَنْ طَاقَةٍ أَقَدِّمُهَا / فَلَمْ أَجِدْ طَاقَةً مِنَ الزَّهْرِ
فَإِنْ تَفَضَّلْتِ فَاقْبَلِي بَدَلاً / تَهْنِئَةً صَغْتُهَا مِنَ الشِّعْرِ
تَمُرّ بيْنَ الْجُمُوعِ مُنْفَرِداً
تَمُرّ بيْنَ الْجُمُوعِ مُنْفَرِداً / مُسْتَغْرِقاً فِي خَيَالِكَ الشِّعْرِي
كَأَنَّ أَمْوَاجَهُمْ بِجُهْرَتِهَا / هَزِيزَ مهدٍ لِذلِكَ الْفِكْرِ
تُشْرِقُ بِالْعِلْمِ هَامَةٌ لَكَ قَدْ / مَالَتْ بِآيَاتِهَا مِنَ الْوقرِ
إِنْ يَزْدَرُوا قَدْركَ الرَّفِيعَ فَلاَ / تَنْظُرْهُمْ رَفْعَهُ وَلاَ تدْرِي
وَرُبَّمَا أَنْكَرُوا عَلاَك فَلاَ / تَخْفِضَ جَنَاحاً عنْ هامَةِ النَّسْرِ
وَاكْشِفْ لَهُمْ نَفْسَكَ السَّنِيَّةَ عَنْ / منَارَةٍ فِي الْغَيَاهِبِ الْكَدْرِ
قَرَأْتُ أَسْطَارَكِ الْحِسَانِ وَكمْ / آيَةُ لَطْفٍ فِي السَّطْرِ فَالسطْرِ
أَثْنَيْتِ فِيهَا بِمَا تَجَاوَزَنِي / إِلَى مِنْبَرٍ فِي عَالَمِ الزَّهْرِ
شَارَفْتُ مِنْهَا جَلاَءَ نَفْسِكِ عَنْ / مِنْجَمِ تِبْرٍ يَفِيضُ بِالتَّبْرِ
يُوِقدُ فِيهِ الذَّكَاءُ شِعْلَتَهُ / وَيَجْتَنِي مِنْ كنُوِزِه الْغُرِّ
فِي لَيْلَةٍ وَالنَّهَارُ يَخْرِجُهَا / أَبْكَارَ صَوْغٍ مِنَ صَدْرِكِ الْبِكْرِ
يَجْلِي الْفَتَى عَابِرُ السَّبِيلِ بِهَا / فَكَيْفَ إِنْ مَرَّ مِنْكِ فِي الْفِكْرِ
قد تُخْبِؤُ البِكْرُ فِي كُتَيِّبِهَا
قد تُخْبِؤُ البِكْرُ فِي كُتَيِّبِهَا / زَهْرَةَ رَوْضٍ كَالكَنزِ تَسْتتِرُ
تَذْبُلُ فِيه حَتى تمُوتَ وَمَا / تزُولُ لكِنْ يَبْقَى لَهَا أَثَرُ
تَخُطُّ رَمزاً وَعَلَّ مَا رَسَمَتْ / فِي لُغَة مَا هُوَ اسْمُهَا العَطِرُ
يَا حُسْنَها سَاعَةً مِنَ العُمْرِ
يَا حُسْنَها سَاعَةً مِنَ العُمْرِ / فَرِيدَةً فِي قِلاَدَةِ الدَّهْرِ
لَمْ يُزْه يَوْماً جَمَالُ مَالِكةٍ / بِمِثْلِهَا مِنْ نَفائِسِ الدرِّ
سَاعَةَ سَعْدٍ يَوْدَّ شَاهِدُهَا / لَوْ وَقَفَتْ زُهْرُهَا فَلاَ تَسْرِي
فَاقتْ شبِيهَاتِها الحِسَانَ بِمَا / خُصَّتْ بِهِ دُونَهَا مِنَ السِّرِّ
فِي يَوْمِ قَانَا الجَلِيلِ شَرَّفَهَا / فادِي البَرَايَا وَغَافِرُ الوِزْرِ
أَتَمَّ فِيهَا هَنَاءَ سَامِرِهَا / فَأَوْدَعَ المَاءَ نَشْوَةَ الخَمْرِ
لِحِكْمَةٍ شاءَهَا أَحَلَّ لَهُمُ / شُرْبَ الطَّلَى مِنْ نَهَى عَنْ السُّكْرِ
وَحَبَّذا هَذِهِ السُّلاَفَةُ مِنْ / عَرِيقَةِ الأَصْلِ حُرَّةِ النَّشْرِ
أُنْظُرْ إِلَيْهَا فِي كفِّ كَاهِنِهَا / كَأَنَّهَا ذَائِبٌ مِنَ التِّبْرِ
يُسْقى العَرُوسَانِ مِنْ مُحَلِّلِهَا / رَمْزَ امْتِزَاجِ العَفَافِ وَالبِرِّ
وَهَذِهِ فِي يَدِي مُشعْشَعَةً / بَعَثْتُهَا مِنْ غَيَابَةِ القبْرِ
مِنْ عَهْدِ قَانَا تَسَلْسَلَتْ قِدَماً / وَرُوِّقَتْ فِي مَخابِيءِ الدَّهْرِ
رُوحُ سُرُورٍ فِي شِبْهِ لُؤْلُؤَةٍ / وَدَمْعُ فَجْرٍ بِحُمْرَةِ الجَمْرِ
أَشْرَبُهَا فِي هَناءِ مَنْ شرِبَا / كَأْسَ الغَرَامِ المُنَزَّهِ الحُرِّ
كِلاَهُمَا كَان كُفْءَ صَاحِبِهِ / بِنَبْعَتَيْهِ وَرِفْعَةِ القَدْرِ
يَا دَارُ تِيهاً عَلَى الدِّيَارِ بِمَا / أَحْرَزْتِهِ مِنْ مَظَاهِرِ الفَخْرِ
كَمْ رَوْضَةٍ أَتْحَفَتْكِ تَكْرِمَةً / بِخَيْرِ مَا أَنْبَتَتْ مِنَ الزَّهْرِ
وَكَمْ كَسَاك البَهَاءُ ضَافِيَةً / مِنْ نُورِ شَمْسٍ لَهُ وَمِنْ بَدْرِ
دُومِي عَلَى الدَّهْرِ دَارَ مَكْرُمَةٍ / وَصَرْحَ مَجْدٍ وَمُلْتَقَى بِشْرِ
وَيَا عَرُوسَانِ إِنَّ أَثْبَتَ مَا / يُبْنَى بِنَاءَ بِناءَ الوَفَاءِ بِالطُّهْرِ
فَشَيِّدا بَيْتَ رِفْعَةٍ وَعَلى / يَكون بَيْتَ القصِيدِ فِي العَصْرِ
وَاسْتَمْتِعَا بِالرفاءِ وَاغْتَدِيَا / رَأْساً لِسِبْطٍ أَعِزَّةٍ كُثْرِ
يَرْتَقِبُ العَصْرُ أَنْ يُقَلَّدَهُمْ / حَيْثُ تُنَاطُ الحِلَى مِنَ الصَّدْرِ
هَلْ لِلمُعَزِّي فِي القوْلِ تَعْزِيَةً
هَلْ لِلمُعَزِّي فِي القوْلِ تَعْزِيَةً / وَهَلْ يَقُولُ عَنْ ذَاهِبٍ عوَضُ
جِبْرِيلُ فِي الطِّبِّ كَانَ نَابِغَةً / لِمِثْلهِ التَّكْرُمَاتُ تُفْتَرَضُ
مَاتَ وَآثَارُهُ لَهُ خَلَفٌ / حَيٌّ عَلَى الدَّهْرِ لَيْسَ يَنْقَرِضُ
بِعِلْمه كَان فِي الطَّلِيعَة مِنْ / قَوْمٍ وَفِي الأَوَّلِينَ إِذْ نَهَضوا
لاَ عَجَبٌ إِنْ قَضى لِسَاعَتهِ / وَمَا بِه عِلَّةٌ وَلاَ مَرَضُ
تَجَنَّبَتْهُ الأَمْرَاضُ وَهْوَ بِهَا / أَفْتَكُ مِنْهَا فغَالَهُ عَرَضُ
نَوَازِلُ الرُّوْحِ لاَ دَوَاءَ لَها / تُفْسِدُ تدْبِيرَنَا فَيَنْتقِضُ
وَالأَمْرُ لِلّه وَالقَضَاءُ لَهُ / فِيمَا يُرَى مَا عَلَيْه مُعْتَرِض
نَدَاكَ صَافٍ خَالٍ مِنَ الرَّنَقِ
نَدَاكَ صَافٍ خَالٍ مِنَ الرَّنَقِ / وَالحمْدُ صَافٍ خَالٍ مِنَ المَلَقِ
يَاذَا الأَيادِي البَيْضَاءَ كَمْ لَكَ مِنْ / حَقٍّ عَزِيزِ الوَفَاءِ فِي عُنقِ
مِنْ لِي بِشُكْر كَفَاءٍ أَيسرِ مَا / أَهْدَيْتَ منْ فُسّتُقٍ وَمِنْ عَرَقِ
مِنْ ثَمَرٍ قَلّ مَا يُنَافِسُهُ / فِي نَوْعِهِ بِالمُذَاقِ وَالعَبَقِ
وَمِنْ رحِيقٍ شَافٍ أَمنْتُ بِهِ / هُمُومَ لَيْلَى وَصوْلَةَ الأَرقِ
إِذَا شَرِبنَا نُخْبَ الحَبِيبِ جَلاَ / لَنَا مُحيَّا الصَّبَاحِ فِي الغَسقِ
وَقَالَ فِي النَّقْلِ مَنْ يُنَادِمُنَا / مَنْ كَنِقُولاَ فِي الخَلقِ وَالخُلُقِ
حُبٌّ وَما كَانَ فِي الصِّبَا جَهْلاَ
حُبٌّ وَما كَانَ فِي الصِّبَا جَهْلاَ / بَكَّرَ يَدْعُو فلَمْ تَقُلْ مَهْلاَ
أَهْلُ الْهَوَى مَنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ / وَمَنْ عَصَى لَيْسَ لِلْهَوَى أَهْلاَ
هَلْ تُبْهِجُ المَرْءَ نِعْمَةٌ حَصَلَتْ / مَا لَمْ يَكُنْ مُبْهِجاً بِهَا أَهْلاً
هَلْ يَطْلُبُ المَجْدَ مِنْ مَآزِقِهِ / مَنْ لمْ تشجِّعْهُ مُقْلةٌ نَجْلاَ
يَا نَجْلَ يَعْقُوبَ حَقُّ هِمَّتِهِ / عَلَى الْعُلَى أَنْ تُرَى لَهُ نَجْلاَ
أَبُوكَ أَسْرَى الرِّجَالِ فِي بَلَدٍ / مَا زَالَ فِيهِ مَقَامُهُ الأَعْلَى
وَأَنْتَ ما أَنْتَ فِي الحِمَى حَسَباً / وَأَنْتَ مَنْ أَنْتَ بِالحِجَى فَضْلاَ
طبُّكَ بُرْءٌ وَفِيكَ مَعْرِفَةٌ / بِالنَّفْسِ تَشْفِي الضَّمِيرَ مُعتَلاَ
إِنْ تَبْدَإِ الأمْرَ تنْهِهِ وَإِذَا / وُلِّيْتَ أَمْراً كَفَيْتَ مَنْ وَلَّى
وَلاَ تَرَى الْخَوْفَ إِنْ تَظَنَّنَهُ / سِوَاكَ أَمْناً ولاَ تَرَى البُخْلا
تَبْذُلُ لاَ عَابِساً وَلاَ بَرِماً / بِطِيبِ نَفْسٍ يُضاعِفُ البَدَلاَ
مَا أَلْطَفَ النَّجْدَةَ الجَمِيلَةَ مِنْ / جَمِيلِ وَجْهٍ لَبَّى وَمَا اعْتَلاَّ
رَائِفُ زَيْنُ الشَّبَابِ حَسْبُكَ أَنْ / أَحْرزْتَ مَا لَمْ يُحْرِزْ فَتًى قَبلاَ
فَكُنْ وَنَجْلاَءَ فَرْقَدَيْ أُفُقٍ / يَهِلُّ فِيهِ الوَفَاءُ مَا هَلاَّ
وَطَاوِلاَ بِالزَّكَاءِ أَصْلَكُمَا / أَكْرِمْ بِفَرْعٍ يُطَاوِلُ الأَصلاَ
أَلْيَوْمَ تَسْتَقْبِلاَنِ سَعْدَكُمَا / وبَابُهُ النَّضْرُ عَاقِدٌ فَأْلاَ
بَابٌ مِنَ الزَّهْرِ فَادْخُلاَهُ إِلى / فِرْدَوْسِ هَذِي الْحَياةِ وَاحْتَلاَّ
أَهْدَتْ إِلَيْهِ الرِّيَاضُ زَنْبَقَهَا / وَالْوَرْدَ وَالْيَاسِمِينَ وَالْفُلاَّ
وَأَوْدَعَ الشِّعْرُ فِيهِ زِينَتَهُ / مِنْ كلِّ ضَرْبٍ بِحُسْنِهِ أَدْلَى
بِكُلِّ بَيْتٍ أَلْقَتْ فَوَاصِلُهُ / فِي كُلِّ عِقْدٍ مُخْضَوضِرٍ فَصلاَ
وَكُلِّ لَفْظٍ فِي طيِّ نَابِتَةٍ / كَالروحِ فِي جِسْمِ بَهْجةٍ حَلاَّ
بَابٌ عَلَى المالِكِينَ عَزَّ وَعَنْ / حَقِّكُمَا قَدْ إِخَالُهُ قَلاَّ
يَا حُسْنَ عُرْسٍ عُيُون شَاهِدِهِ / لَمْ تَرَ فِي غَابِرٍ لَهُ مِثْلاَ
عَاهدَ فِيهِ الصَّفَاءُ ذَا كَلَفٍ / جَارَى مُنَاهُ وَشَاوَرَ النُّبْلاَ
آثَرَ حَوْرَاءَ نَافَسَتْ أَدَباً / خَيْرَ الْعَذَارَى وَرَاجَحَتْ عَقْلاَ
تَنَابَهَتْ عَنْ لِدَاتِهَا خُلُقاً / وَشَابَهَتْ أَبْدَعَ الدُّمَى شَكْلاَ
تَوَافَقَ النَّعْتُ وَاسْمُهَا فَدَعَا / بِالسِّحْرِ فِي الْعَيْنِ مَنْ دَعَا نَجلاَ
وَرُبَّ عَيْنٍ لَوْلاَ تَعَفُّفُهَا / لامْتَلأَتْ حَوْمَةُ الهَوَى قَتْلَى
لِلهِ ذَاكَ الوَجْهَ المُوَرَّدُ مَا / أَصْبَى وَذَاكَ الوَقَارُ مَا أَحْلَى
قَدْ كَانَ فِي دَوْلَةِ الْبَلاَغَةِ مَنْ / يَصُولُ فَرْماً وَهَكَذَا ظَلاَّ
كَلاَمُهُ رقَّ مُبْتَغَاهُ سَمَا / نِظَامُهُ دَقَّ فِكْرُهُ جلاَّ
وَلاَ يُجَارَى فِي المُفْصِحِينَ إِذَا / قَالَ خِطابا أَوْ خَطَّ أَوْ أَعْلَى
مَا زَالَ يَأْتِي بِكُلِّ رَائِعَةٍ / وعَزْمُهُ فِي الْبَدِيعِ مَا كَلاَّ
إِذَا تَوَخَّى الثَّنَاءَ أَكْمَلَهُ / وَإِنْ تَوَخَّى الْهِجَاءَ ما خَلَّى
حَدِيثهُ لاَ يُمَلُّ مِن طرَبٍ / إِذَا حَدِيثٌ مِنْ غَيْرِهِ مُلاَّ
هُوَ الصْدِيقُ الأَصْفَى لِصَاحِبِهِ / وَهْوَ الصَّدوقُ الأَوْفَى لَدَى الجُلَّى
فَيَا عَرُوسَيْنِ بِاقْتِرانِهِمَا / يَجْتمِعُ الصَّونُ وَالندَى شَمْلاَ
وَيَا شَرِيكَيْ صَبَابَةٍ وَصِبىً / هُمَا هُمَا الْعُمْرُ أَوْ هُمَا أَغلَى
خَيْرُ دُعَائِي مُهَنِّئاً لَكُمَا / عِيشا سَعِيدَيْنِ وَازْكُوَا نَسْلاَ
فِي فِتْيَةِ الجِيلِ كَانَ خَيْرُهُمُ
فِي فِتْيَةِ الجِيلِ كَانَ خَيْرُهُمُ / كُفُؤاً لِخَيْرِ البَنَاتِ فِي الجِيلِ
فَيَا بَشِيراً بِيَوْمِ سَعْدِهِمَا / أَرِّخْ غَدَتْ رِينُ زَوَجَ جَبْرِيلِ
أَيَبْكِي أبْنَاءَكَ اليُتْمُ
أَيَبْكِي أبْنَاءَكَ اليُتْمُ / وَكَمْ سَرَرْتَ الأَيْتَامَ قَبْلَهُمُ
مَاتَ وَلِيُّ الضِّعَافِ تَحْسَبُهُمْ / مِنْ أَهْلِهِ رَحَمَةٌ وَلا رَحَمُ
يَا وَيْحَ لِلنُّبْلِ وَالشَّمَائِلِ وَالآدَابِ / إِنْ دُكَّ ذَلِكَ العَلَمُ
أَيْنَ الوَجَاهَاتُ فِي حَقَائِقِهَا / أَيْنَ الخِلالُ الحِسَانُ وَالشِّيَمُ
شَجَاعَةٌ تَغْلُبُ الخُطُوبَ وَمَا / تَغْلَبُهَا أَنْ تَوَالَتْ الأُزَمُ
مَهْمَا يَصِبْ فِي النِّحُوسِ مِنْ نقَمٍ / مَا أَخْرَجَتْهُ عَنْ حَدِّهِ النَّقَمُ
إنَّ فَرَنْسَا وَهْيَ الَّتِي ضَرَبَتْ
إنَّ فَرَنْسَا وَهْيَ الَّتِي ضَرَبَتْ / فِي كُلِّ مَجْدٍ بِالسَّهْمِ فَالسَّهْمِ
أَهْدَتْ إِلَى مِصْرَ كُلَّ مَأَثَرَةٍ / تُصْبِي بِآيَاتِهَا أَخَا الحِلْمِ
كُلُّ حَدِيثٍ وَكُلُّ ذي قِدَمٍ / فِيها مُدينٌ بِفَضْلِهَا الجَمِّ
تَحْيَا فَرَنْسَا وَكُلُّ نَابِغَةٍ / أفَادَ مِصْرَ بِالغِنى وَالعِلْمِ
أَلصَّيْدُ لَهْوُ المُلُوكِ مِنْ قِدَمِ
أَلصَّيْدُ لَهْوُ المُلُوكِ مِنْ قِدَمِ / وَالنُّجُبُ النَّابِهِينَ فِي الأُمَمِ
رِيَاضَةٌ جَمَّةٌ مَنَافِعُهَا / سِلْماً وَحَرْباً لِلْحَاذِقِ الفَهِمِ
مُزِيلَةٌ لِلْهُمُومِ بَاعِثَةٌ / مِنَ الرُّكُودِ المُذِيلَ لِلْهِمَمِ
تُهَيءُ المَرْءَ فِي تَنَزُّهِهِ / لِيأْخُذَ العَيْشَ أَخْذَ مُغْتَنِمِ
هَلْ مِثْلُ وَجْهِ الصَّبَاحِ مُبْتَسِماً / يُرِيهِ لِلدَّهْرِ وَجْهُ مُبْتَسِمِ
أَيُّ انْشِرَاحٍ لِلصَّدْرِ فِي نَقْلٍ / بَيْنَ الرُّبَى وَالنُّجُوعِ وَالأَجَمِ
وَفِي اجْتِلاءِ الفَتَى مَحَاسِنَهَا / إِنْ يَنْطَلِقْ هَادِيّاً وَإِنْ يَهِمِ
وَفِي تَقَفِّيهِ مَا يُطَارِدُهُ / وَفِي تَوقِّيهِ زَلَّةِ القَدَمِ
وَفِي رَمْيَاتِهِ يُوَزِّعُهَا / مِنْ غَيْرِ ضَنٍّ بِهَا وَلا نَدَمِ
فُتْيَانَ مِصْرَ لقْتَدُوا بِسَيِّدِكُمْ / ذِي البَأْسِ فِي حِينِهِ وَذِي الكَرمِ
فِي عِزَّةِ المُلْكِ غَيرَ أَنَّ بِهِ / لِكُلِّ حَالٍ نَشَاطِ مُعْتَزِمِ
تَقْتَسِمُ الصَّالِحَاتُ يَقْظَتُهُ / لِلْخَيْرِ وَالرَّأْيِ غَيْرَ مُقْتَسِمِ
فَارُوقُ أَهْدَى لَكُمُ / فَلا تَظَلُّوا عَاشِينَ فِي الظُّلْمِ
تَشَدَّدُوا لا تَرَهَّلُوا وَخُذُوا / بِمَا تُحِب العُلَى مِنَ الشِّيمِ
لِلصَّيْدِ مَغْزَى جَدٍّ وَلَيْسَ سُدىً / مَا فِيهِ مَعْنَى الإِبَاءِ وَالشَّمَمِ
أَحَلَّهُ اللهُ فِي مَوَاسِمِهِ / وَلَيْسَ كُلُّ الشُّهُورِ بِالحُرُمِ
يَا ابنَ زَمَانٍ شَهَدْتَ عَنْ كَثَبٍ / فِيهِ أَشَدَّ الحُرُوبِ وَالأَزُمِ
رَخَاوَةُ العَيْشِ لَيْسَ يَعْقَبُهَا / فِي الجِسْمِ غَيْرُ الفُتورِ وَالسَّقَمِ
إِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْكَمَ الرِّمَايَةِ لا / تَنْجُ طَوِيلاً مِنْ بَغْيِ مُحْتَكِمِ
لَقَدْ بَدَا مَا تَخَافُ صَوْلَتَهُ / فَارْمِ وَإِلاَّ رُمِيتَ مِنْ أُمَمِ
عَلَّمْتَنَا بِالمِثَالِ وَالقَلَمِ
عَلَّمْتَنَا بِالمِثَالِ وَالقَلَمِ / وَبِالنِّضَالِ الشَّريفِ وَالكَرَمِ
مَا أَثَرُ المَرْأَةِ الجَدِيدَةِ فِي / شَتَّى نَوَاحِي الرُّقْيِ لِلأُمَمِ
رَأَمْتَ شَعْباً شَعْباً يَشْقَى فَكنْتَ لَهُ / أُمّاً وَقَتْهُ مَكَارِهَ اليَتَمِ
وَلَمْ يُجْنِّبْكَ مَا خُصِصْتَ بِهِ / مِنَ النَّعِيمِ الشَّعورَ بِالأَلَمِ
نَظَرْت فِي يَوْمِهِ وَفِي غَدِهِ / نَظْرَةَ بَانٍ بِالحَقِّ مُعْتَصِمِ
وَجُدْتَ جَوداً نَجَا السَّوَادُ بِهِ / مِنْ غَدَرَاتِ الزَّمَانِ وَالنَّقَمِ
مَنَاقِبٌ أَبْرَزَتْكَ مِنْ شَرَفٍ / عَالٍ وَأَذِكَتْ نُوراً عَلَى عَلَمِ
مَا أَجْدَرَ الشَّرَقَ أَنْ يَرَى قَبَساً / لاحَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الظُّلْمِ
وَأَوْضَحَ النَّهْجِ لِلتَّوَقُّلِ مِنْ / سُفُوحِ عَلْيَائِهِ إِلَى القِمَمِ
جَلَوْنَ لِلْمَرْأَةِ الحَدِيثَةِ مْرآ / ةً ترِيهَا الكَمَالَ مِنْ أُمَمِ
وَكُلُّ رَنانَةٍ مُجَلْجِلَةٍ / جَمَعْتَ فِيهَا رَوائِعَ الحِكَمِ
بِكُلِّ مَأْثُورَةٍ مُحَبَّبَةٍ / إِلَى النُّهَى مِنْ جَوَامِعِ الكَلِمِ
دَاعِيَةٍ توقِظُ النِّيَامَ فَقَدْ / طَالَ الكَرَى وَالحلُومُ فِي حُلُمِ
وَآن أَنْ تُطْلَقَ العَزَائِمُ مِنْ / ذَاكَ الجُمُودِ المُوْرُوثِ مِنْ قِدَمِ
حَاجَتُنَا أُسْرَةٌ تَقُومُ عَلَى / مَا يَقْتَضِي عَصْرُنَا مِنَ النظُمِ
صَالِحَةٌ لِلْبَقَاءِ سَالِمَةٌ / جُسُومُهَا وَالعُقُولُ مِنْ سَقَمِ
زَوْجٌ يَعِي لِلَّتِي تُشَاطِرُهُ / حَيَاتَهُ بِالعُهُودِ وَالذِّمَمِ
وَذَاتُ بَعْلٍ تَرْعَى لَهَا وَلَهُ / بِالعَقْلِ وَالعَدْلِ أَقْدَسَ الحِرَمِ
وَعَيْلَةٌ يُعْتَنَى بِنَشْأَتِهَا / لا فَرْقَ بَيْنَ الأَولادِ فِي القِسَمِ
إِنْ لَمْ تُرَبّ البَنينَ عَاقِلَةٌ / كَيفَ صَلاحُ الأَخْلاقِ وَالشِّيَمِ
أَوْ لَمْ تَصُنْ بَلَهَا مُهَذَّبَةٌ / لاذَ بِرُكْنٍ فِي البَيْتِ مُنْهَدِمِ
الأُسْرَةُ الأُمَّةُ الصَّغِيرَةُ إِنْ / تَنْهَضْ فَكِلْتَاهُمَا عَلَى قَدَمِ
مَا قِيمَة الحَيِّ نِصْفُهُ تَعِبٌ / وَنِصْفُهُ فِي الوُجُودِ كَالعَدَمِ
حَدِّثْ عَنِ المَرْأَةِ الجَدِيدَةِ مَا / شِئْتَ وَلا تَحْفَلْنَ بِالتُّهَمِ
وَلا تَخْفَ أَنْ تَعُوقَ عَثْرَةُ مَنْ / يَعْثُرُ تَيَّارَ حَادِثٍ عَمَمِ
أَمَا رَأَتْ مِصْرُ يَوْمَ هَبَّتِهَا / بَيْنَ حِرَابِ العَدَاةِ وَالخُذُمِ
مَا كَانَ لِلْحُرَّةِ الحَصينَةِ مِنْ / صَبْرٍ وَمِنْ جُرْأَةٍ وَمِنْ هِمَمِ
وَكَيْفَ لَمْ تَرْهَبِ الحِمَامَ وَلَمْ / تَكُنْ مِنَ الخَائِسَاتِ فِي القَحَمِ
وَكَيْفَ أَبْلَتْ وَالعِلمُ يُسْعِدُهَا / خَيْرَ بَلاءٍ فِي نُصْرَةِ العَلَمِ
تِلْكَ الَّتِي تَبْتَغِي لَهَا وَطَناً / حُرّاً أَتَرْضَى بِالضَّيْمِ إِنْ تُضَمِ
فَأَنْصِفُوهَا يَا قَوْمُ تَنْتَصِفُوا / وَأَخْلِصُوا رَأْيكُمْ مِنْ الوَهَمِ
مُحْمُودُ أَنْتَ العَزَاءُ بَعْدَهُمُ
مُحْمُودُ أَنْتَ العَزَاءُ بَعْدَهُمُ / حَفَظَتُ أَحْسَابَهُمْ وَعَهْدَهُمُ
جَارَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ وَاحَرَبَات / فَكَانَ ثُكْلٌ وَقَبْلَهُ يُتَمُ
أبٌ تَوَلَّى وَإِخْوَةٌ دَرَجُوا / لَوْ شَفَّعَ المَجْدُ فِيهِمْ سَلِّمُوا
وَمَاتَ شَبْلٌ رَزْئَتُهُ أَعْلَى / قَدْرِ الهِبَاتِ الجَّلائِلِ النِّقِمُ
عِشْنَا زَمَاناً وَكَانَ فِيهِ إِلَى / أَحْمَدَ تَيْمُورَ يَنْتَهِي العِظَمُ
عِلْمٌ وَفَضْلٌ وَسُؤْدَدٌ وَحِجَىً / أَكْبَرُهُا العَرَبُ فِيهِ وَالعَجَمُ
فَصَاحَةٌ تَمْلأُ النُّهَى طُرَفاً / فَكُلَّ سَمْعٍ مَا اسْطَاعَ يَغْتَنِمُ
مَا إِنْ سَمَاهُ فِي عَصْرِهِ عَلَمٌ / ثُمَّ انْقَضَى العَصْرُ وَانْطَوَى العَلَمُ
بَكَى بِهِ الحِلْمُ خَيْرَ فِتْيَتِهِ / وَافْتَقَدَتْهُ الأَحْكَامُ وَالحِكَمُ
طَوَتْهُ أَرْضٌ إِنْ تَعْلُ مِنْ ضعَةٍ / فَفِي ثُرَاهَا الإِبَاءُ وَالشَّمَمُ
ثَوَى وَفِي وُلدِهِ فَضَائِلُهُ / ذُخْرٌ مِنَ الصَّالِحَاتِ مُقْتَسِمُ
مَحَمَّدُ بِكْرُهُمْ نَمَا وَلَهُ / علماً وَفَناً مكانُه السَّنِمُ
فِي جِيلِهِ كَانَ زَيْنَ مَنْ عَمِلوا / بِمَا أَفَادُوا وَزَيْنَ مَنْ عَلِمُوا
جَمَالُ طَبْعٍ يُضِيءُ رَوْنَقُهُ / جَمَالَ وَجْهِ كَالصبْحِ يَبْتَسِمُ
سُرْعَانَ مَا هَدَّهُ الجِهَادُ وَمَا / نَاءَ بِتِلْكَ العَزائِمِ السَّقَمُ
فَلَمْ يُجَاوِزْ شَرْخَ الصِّبَا وَجَرَتْ / أَسىً عَلَيْهِ الدموعُ وَهيَ دَمُ
وَاليَوْمَ رَاعَ البِلادَ مُصْرَعُ / إِسْمَعِيلَ فَالحُزْنُ شَامِلُ عَمَمُ
مَاتَ كَرِيمُ الحَالَيْنِ يَعْرِفُهُ / فِي المَوْقِفَيْنِ الحَيَاءُ وَالكَرَمُ
لَبَّاقَةٌ فِي سُلُوكِ مُحْتَشِمِ / مَا كُلُّ عَالِي الجَنَابِ مُحْتَشِمُ
عِزَّةُ نَفْسٍ يُرَى لَهَا أَثَرٌ / فِي كُلِّ أَمْرٍ يَأْتِيهِ مُرْتَطَمُ
لَطَافةٌ مَا تَكَادُ تَشْبهُهَا / مِنْ رشقَّةٍ فِي الشَّمَائِلِ النُّسَمُ
شَجَاعَةٌ تَغْلُبُ الخُطُوبَ وَمَا / تَغْلبُهَا إِنْ تَوَالَتِ الأُزَمُ
مَهْمَا تَصِبْ فِي السُّعُودِ مِنْ نِعَمٍ / مَا رَفَّعَتْهُ عَنْ حَدِّهِ النِّعَمُ
مَاتَ مُحِبُّ البِلادِ خَادِمُهَا / بِالمَالِ وَالرُّوحِ حِينَ تُحتَدَمُ
فِي ذِمَّةِ اللهِ خَيْرِ مُعْتَزِمٍ / لِخَيْرِ مَا يَبْتَغِيهِ مُعْتَزِمُ
صَارَ إِلَى اللهِ وَهْوَ أَرْحَمُ مَنْ / يَأْوِي إِلَى فَضْلِهِ الأُلَى رَحَمُوا
ظَلَلْتُ وَالشَّوْقُ مُحْرِقٌ كَبِدِي
ظَلَلْتُ وَالشَّوْقُ مُحْرِقٌ كَبِدِي / حَتَّى قَضَى السَّعْدُ فِي الهَوَى وَطَرِي
فَكَانَ يَوْمٌ لا شَمْسَ فِيهِ سِوَى / شَمْسِ وَلا نَيِّرٌ سِوَى قَمَرِي
أَنْجَزَ وَعْداً فِيهِ الصَّفَاءُ فَلَمْ / يَشِبْهُ غَيْرُ الوَعِيدِ مِنْ عُمَرِ
حُسْنِي إِلَى جَانِبِي وَسَطْوَتُهُ / حُصْنِي فَمَا خَشْيَتِي وَمَا حَذَرِي
هَذِي عُكَاظٌ وَذَاكَ مَعْهَدُهَا
هَذِي عُكَاظٌ وَذَاكَ مَعْهَدُهَا / أَنْبَغُ فِتْيَانِهَا مُجَدِّدُهَا
بَاتَتْ إِلَيْهَا المُنَى تَتُوقُ وَقَدْ / طَالَ عَلَى الرَّاقِبِينَ مَوْعِدُهَا
فِي مِصْرَ قَامَتْ وَجَلَّ مَأْثَرَةً / لِلْعُرْبِ مَا قَدْ أَعَادَ مَشْهَدُهَا
سَاوَمَ فِيهَا عَلَى جَوَاهِرِهِ / مَنْ فِي مَرَائِي النُّفُوسِ يَنْضِدُهَا
وَأَطْرَبَ العَصْرَ مِنْ مَنَابِرِهَا / بَلْ كُلَّ عَصْرٍ يَجِيءُ مُنْشِدُهَا
وَنَافَرَ القِرْنَ فِي مَجَاوِلِهَا / أَرْصَنُهَا فِطْنَةً وَأَشْرَدُهَا
مِنَ النُّهَى سُمْرُهَا الَّتِي اشْتَبَكَتْ / وَالبِيضُ مَشْهُورُهَا وَمَغْمَدُهَا
شُبَّانَ مِصْر هَذِي مَقَاوِلُكُمْ / نَافَسَ أَغْلَى الكَلامِ جَيِّدُهَا
فَأَتْقِنُوا مِثْلَهَا الفِعَالَ يَعُدْ / لِمِصْرَ سُلْطَانُهَا وَسُؤْدُدُهَا